نهج الحقّ وكشف الصدق

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

نهج الحقّ وكشف الصدق

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار الكتاب اللبناني
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٩٠

وذهبت الإمامية ومن تابعهم إلى أن حكم الخاص إذا وافق حكم العام لم يكن مخصصا كما إذا قال في النعم زكاة ثم قال في الغنم زكاة لأن ثبوت الحكم في الأفراد المعلومة يستلزم ثبوته في هذا الفرد المعين فإذا نص على ثبوته فيه لم يكن منافيا له بالضرورة.

وخالف أبو ثور هاهنا وقال إنه يكون مخصصا (١) وهو خطأ لما بيناه.

البحث السادس في البيان

ذهبت الإمامية إلى أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة كما إذا قال اعتدي بالقرء بعد الطلاق لا يعرفها ما أراد بالقرء ثم يطلق ولا يعرف المراد لأنه يلزم منه تكليف ما لا يطاق.

وخالفت الأشاعرة فيه (٢) بناء منهم على جواز التكليف بالمحال بل كل التكاليف عندهم كذلك وقد سلف.

ذهبت الإمامية أيضا ومن تبعهم إلى أنه لا يجوز تأخيره إلى وقت الحاجة إذا كان ظاهره يدل على خلاف المراد منه وإلا لزم الإغراء بالجهل والإغراء بالجهل قبيح وخالفت الأشاعرة فيه (٣) بناء على نفي الحسن والقبح العقليين وقد سبق البحث فيه.

البحث السابع في النسخ

ذهبت الإمامية ومن تابعهم من المعتزلة إلى أنه لا يجوز نسخ الشيء قبل وقته لأن الفعل في ذلك الوقت إن كان مصلحة استحال نسخه وإن كان مفسدة استحال الأمر به أولا ولأنه يلزم البداء.

__________________

(١) أشار إلى ذلك في المستصفى ج ٢ ص ٢٨

(٢) و (٣) المستصفى ج ١ ص ١٥٤ وراجع أيضا الهوامش على ما ذكره مؤلفنا في المسألة الثالثة. في بحث إثبات الحسن والقبح العقليين.

٤٠١

وذهبت الأشاعرة إلى جوازه (١).

والعجب أنهم ينسبون البداء (٢) إلى طائفة من أهل الحديث وهم القائلون به في الحقيقة لأنه لا معنى للبداء إلا الأمر بالشيء الواحد في الوقت الواحد على الوجه الواحد والنهي عنه في ذلك الوقت على ذلك الوجه.

وذهبت الإمامية ومن وافقهم من المعتزلة إلى أنه يمتنع أن ينسخ الإخبار عن الشيء بالإخبار بنقيضه إذا كان مدلول الخبر لا يتغير لأنه يكون كذبا والكذب قبيح ويمتنع أن يكلف الله تعالى بالقبيح.

وخالفت الأشاعرة في ذلك (٣) بناء على أصلهم الفاسد من عدم القول بالحسن والقبح العقليين.

ذهبت الإمامية إلى امتناع نسخ وجوب معرفته تعالى وامتناع نسخ تحريم الكفر والظلم وغيره من الواجبات والقبائح العقليين.

وخالفت الأشاعرة في ذلك (٤) بناء على أصلهم الفاسد من نفي الحسن والقبح العقليين.

البحث الثامن في القياس

ذهبت الإمامية وجماعة تابعوهم عليه إلى أنه يمتنع العمل بالقياس لدلالة العقل والسمع :

أما العقل فإنه ارتكاب لطريق لا يؤمن معه الخطأ فيكون قبيحا.

ولأن مبنى شرعنا على الفرق بين المتماثلات كإيجاب الغسل بالمني دون

__________________

(١) جمع الجوامع ج ٢ ص ٧٧ ، والمستصفى ج ١ ص ٧٢

(٢) كما قال الغزالي في المستصفى ج ١ ص ٧٧

(٣) جمع الجوامع ، وشرحه ج ٢ ص ٨٥

(٤) المستصفى ج ١ ص ٧٩

٤٠٢

البول وكلاهما من أحد السبيلين وغسل بول الصبية ونضح بول الصبي وقطع سارق القليل دون غاصب الكثير وحد القذف بالزناء دون الكفر وتحريم صوم أول شوال وإيجاب صوم آخر رمضان وعلى الجمع بين المختلفات كإيجاب الوضوء من الأحداث المختلفة وإيجاب الكفارة في الظهار والإفطار وتساوي العمدي والخطأ في وجوبهما ووجوب القتل بالزناء والردة.

وإذا كان كذلك امتنع العمل بالقياس الذي ينبئ عن اشتراك الشيئين في الحكم لاشتراكهما في الوصف.

ولأنه يؤدي إلى الاختلاف فإن كل واحد من المجتهدين قد يستنبط علمه غير علم الآخر فتختلف أحكام الله تعالى وتضطرب ولا يبقى لها ضابط وقد قال الله تعالى (وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً). (١)

وأما السمع فقوله تعالى (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ) (٢) (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) (٣) (وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ) (٤) (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) (٥) (وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ). (٦)

وقد أجمع أهل البيت ع على المنع من العمل بالقياس وذم العامل به.

وذكره جماعة من الصحابة قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع لَوْ كَانَ الدِّينُ بِالْقِيَاسِ لَكَانَ الْمَسْحُ عَلَى بَاطِنِ الْخُفِّ أَوْلَى مِنْ ظَاهِرِهِ (٧).

__________________

(١) النساء : ٦٤

(٢) و (٣) النجم : ٢٣ ، ٢٨

(٤) فصلت : ٢٣

(٥) الإسراء : ٣٦

(٦) الأعراف : ٣٣

(٧) المستصفى ج ٢ ص ٦٠ ورواه عن عثمان في التاج الجامع للأصول ج ١ ص ١٠٦ وأعلام الموقعين ج ١ ص ٥٨

٤٠٣

وقال أبو بكر أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا قلت برأي (١).

وقال عمر بن الخطاب إياكم وأصحاب الرأي فإنهم أعداء السنن أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها فقالوا بالرأي فضلوا وأضلوا (٢).

وقال ابن عباس إن الله تعالى قال لنبيه ص (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ) (٣) ولم يقل بما رأيت ولو جعل لأحدكم أن يحكم برأيه لجعل ذلك لرسول الله ص

وَقَالَ وَإِيَّاكُمْ وَالْمَقَايِيسَ فَمَا عُبِدَتِ الشَّمْسُ إِلَّا بِالْمَقَايِيسِ (٤).

وَرَوَى الْخَطِيبُ فِي تَارِيخِهِ وَابْنُ شِيرَوَيْهِ الدَّيْلَمِيُّ قَالا إِنَّ النَّبِيَّ ص قَالَ سَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى بِضْعٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً أَعْظَمُهَا فِتْنَةً عَلَى أُمَّتِي قَوْمٌ يَقِيسُونَ الْأُمُورَ فَيُحَرِّمُونَ الْحَلَالَ وَيُحَلِّلُونَ الْحَرَامَ (٥).

وكتب عمر إلى شريح القاضي وهو نائبه احكم بما في كتاب الله فإن لم تجد فاحكم بما أجمع عليه أهل العلم وإن لم تجد فلا عليك لا تقض (٦).

ونهى عن العمل بالقياس عبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن عمر ومسروق بن سيرين وأبو سلمة بن عبد الله وابن مسعود ومسروق بن الأجدع (٧).

__________________

(١) أعلام الموقعين ج ١ ص ٥٣

(٢) المستصفى ج ٢ ص ٦٠ وروي عنه أيضا روايات أخر ، في ذم أهل الرأي والقياس ، كما في منتخب كنز العمال ، في هامش مسند أحمد ج ١ ص ١٠٥

(٣) المائدة : ٤٩

(٤) المستصفى ج ٢ ص ٦١ وثمة روايات في أعلام الموقعين ج ١ ص ٥٩ عن ابن عباس ، في ذم العمل بالقياس.

(٥) ورواه الحاكم في المستدرك ، وابن قيم الجوزية في أعلام الموقعين ج ١ ص ٥٣

(٦) الدر المنثور ج ٦ ص ٣١٧ وتفسير الخازن ج ٤ ص ٣٨٠ ، وتفسير ابن كثير ج ١ ص ٥ و ٦ ، وصححه.

(٧) المستصفى ج ٢ ص ٦١ وأعلام الموقعين ج ١ ص ٥٩ إلى ٦٦

٤٠٤

ولو كان القياس مشروعا لما خفي على هؤلاء لأنه من الأحوال العظيمة وما يعم به البلوى.

البحث التاسع في الاستحسان :

ذهبت الإمامية وجماعة تابعوهم إلى المنع من العمل بالاستحسان وخالف فيه الحنفية (١).

وهو خطأ لأن الأحكام خفية على العقلاء والمصالح التي هي عللها خفية أيضا وربما كان الشيء مصلحة عند الله ويخفى عنا وجه المصلحة فيه كعدد الركعات ومقادير الحدود وغير ذلك.

مع أن القول بذلك تقديم بين يدي الله ورسوله وقد قال الله تعالى (لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ) (٢).

وحكم بغير ما أنزل الله وقد قال الله تعالى (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) (٣) وأكد ذلك في آية أخرى بقوله (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (٤) وأكدهما بآية ثالثة فقال (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) (٥) كل ذلك لعلمه تعالى بخروج عباده عن طاعته وعدم امتثال أمره (٢)

البحث العاشر في الاجتهاد

ذهبت الإمامية وجماعة تابعوهم إلى أن النبي ص لم يكن متعبدا بالاجتهاد في شيء من الأحكام خلافا للجمهور (٦) لقوله

__________________

(١) الملل والنحل للشهرستاني ج ١ ص ٢٠٧ وجمع الجوامع ج ٢ ص ٣٥٣

(٢) الحجرات : ١

(٣) و (٤) و (٥) المائدة : ٤٤ ، ٤٥ ، ٤٧

(٦) المستصفى ج ٢ ص ١٠٤ وقرره الفضل في المقام.

٤٠٥

تعالى (فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ) (١) (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) (٢) (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) (٣) (قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَ). (٤)

ولأنه لو كان مجتهدا في الأحكام لجاز لنا مخالفته للإجماع على أن حكم الاجتهاد لا يفيد علما قطعيا ومخالفته حرام بالإجماع.

وإن الاجتهاد قد يخطئ والخطأ من النبي ص عندنا محال على ما تقدم من العصمة خلافا لهم.

ولأنه لو كان متعبدا بالاجتهاد لما أخر الأجوبة عن المسائل الواردة عليه حتى يأتيه الوحي لأنه تأخير البيان عن وقت الحاجة وهو محال.

ولأنه لو كان متعبدا بالاجتهاد لزم أن يكون مرتكبا للحرام والتالي باطل فالمقدم مثله.

وبيان الملازمة أن الاجتهاد يفيد الظن والوحي يفيد القطع والقادر على الدليل القطعي يحرم عليه الرجوع إلى الظن بالإجماع.

ولأنه لو كان متعبدا بالاجتهاد لنقل لأنه من أحكام الشريعة ومن الأدلة العامة.

ولأنه لو كان متعبدا بالاجتهاد ينقل اجتهاده في كثير من المسائل والتالي باطل فالمقدم مثله.

وذهبت الإمامية إلى كون المصيب في الفروع واحدا وأن لله تعالى

__________________

(١) و (٢) المائدة : ٤٨ ، ٤٤

(٣) النجم : ٣ ، ٤

(٤) يونس : ١٥

٤٠٦

في كل مسألة حكما معينا وله عليه دليل إما قطعي أو ظني وأن المقصر في اجتهاده عن تحصيل ذلك الدليل آثم.

وخالف فيه جماعة.

واضطرب كلام الفقهاء الأربعة أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد فتارة قالوا بالتصويب لكل مجتهد وتارة قالوا كقولنا إن الأحكام تابعة للمصالح (١) والوجوه التي تقع عليها وذلك لا يكون إلا واحدا.

ولأنه لو كان كل مجتهد مصيبا لزم اجتماع النقيضين لأن المجتهد إذا غلب على ظنه أن الحكم هو الحل فلو قطع بأنه مصيب لزم منه القطع بالمظنون.

وللإجماع من الصحابة على إطلاق لفظ الخطإ في الاجتهاد.

وقال أبو بكر في الكلالة إني سأقول فيها برأي فإن يك صوابا فمن الله وإن يك خطأ فمني ومن الشيطان والله ورسوله بريئان منه (٢).

وقال عمر لكاتبه اكتب هذا ما رأى عمر فإن كان خطأ فمنه وإن كان صوابا فمن الله (٣).

وردت عليه امرأة في المغالاة بالمهور إذ قال لا تغالوا في مهور نسائكم فقالت امرأة أنتبع قولك أم قول الله (وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً) (٤) فقال امرأة أصابت وأمير أخطأ (٥).

__________________

(١) العقائد للنسفي ، وشرحه للتفتازاني ص ١٨٨ ، والمستصفى ج ٢ ص ١٠٨ وأحكام القرآن للجصاص ج ٣ ص ٢٠٣ وذكره في شرح العضدي.

(٢) تفسير الخازن ج ١ ص ٣٥٥ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٦ ص ٢٢٣ وسنن الدارمي ج ٢ ص ٣٦٥

(٣) أعلام الموقعين لابن قيم الجوزية ج ١ ص ٥٤ وفيه روايات عن عمر في ذم القياس والعمل بالرأي ، وقال : أسانيد هذه الآثار عن عمر في غاية الصحة.

(٤) النساء : ٢٠

(٥) تفسير الخازن وفي هامشه النسفي ج ١ ص ٣٦١ والدر المنثور ج ٢ ص ١٣٣

٤٠٧

وتخطئة ابن عباس جماعة في قولهم بالعول وقال من باهلني باهلته إن الله لم يجعل في مال واحد نصفا ونصفا وثلثا هذان نصفان بالمال وأين موضع الثلث (١).

وأيضا الدليلان إن تساويا تساقطا وإلا وجب الراجح.

والإجماع على شرعية المناظرة فلو لم يكن تبيين الصواب مطلوبا للشارع لم يكن كذلك.

ولأن المجتهد طالب فلا بد من مطلوب.

ولأنه يلزم اجتماع النقيضين لأن الشافعي إذا اجتهد وقال لزوجته الحنفية المجتهدة أنت بائن ثم لو راجعها فإنها تكون حراما بالنظر إليها وحلالا بالنظر إلى الزوج فإنها حرام بالنظر إلى اجتهادها وحلال بالنظر إلى اجتهاده (٢) وكذا لو تزوجها بغير ولي ثم تزوجها آخر بولي (٣)

__________________

(١) أحكام القرآن للجصاص ج ٢ ص ٩١ والدر المنثور ج ٢ ص ١٢٧ وبداية المجتهد ج ٢ ص ٢٩٢

(٢) أقول : من فروع هذه المسألة : إذا أعتقت الأمة وهي في عدة الطلاق ، فهل تنتقل إلى عدة الحرة أم لا؟ قال أبو حنيفة : تنتقل في الطلاق الرجعي ، دون البائن ، وقال الشافعي : تنتقل في الوجهين معا. (راجع : بداية المجتهد ج ١ ص ٧٨) فعلى الزوج الشافعي الرجوع ، وعلى الزوجة الحنفية حرام.

(٣) سيأتي في فصل النكاح.

٤٠٨

المسألة الثامنة

فيما يتعلق بالفقه

وفيه فصول :

للفصل الأول : في الطهارة

١ ـ ذهبت الإمامية إلى أنه لا يجوز الوضوء بنبيذ التمر.

وقال أبو حنيفة إنه يجوز إذا كان مطبوخا (١).

وهو يخالف ما دل عليه القرآن حيث قال الله تعالى (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ) (٢) (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً) (٣).

٢ ـ ذهبت الإمامية إلى أنه يجوز التطهير بماء مطلق طاهر وإن تغير شيء من أوصافه بالأجسام الطاهرة كقليل الزعفران ويسير العود.

وقال الشافعي إنه لا يجوز (٤).

وهو مخالف لعموم القرآن.

وللحرج العظيم إذ لا ينفك الماء عن الخلط اليسير بواسطة التراب أو الطحلب وأي فارق بين اللازم وغيره.

__________________

(١) بداية المجتهد ج ١ ص ٢٥ وأحكام القرآن للجصاص ج ٢ ص ٣٨٦

(٢) الأنفال : ١١

(٣) الفرقان : ٤٨

(٤) بداية المجتهد ج ١ ص ٢٠ قال : غير مطهر عند مالك ، والشافعي.

٤٠٩

٣ ـ ذهبت الإمامية إلى أن جلد الميتة لا يطهر بالدبغ سواء كان مأكول اللحم أو لا وسواء كان طاهر العين أو لا.

وقال الشافعي يطهر ما كان طاهرا في حياته وهو ما عدا الكلب والخنزير (١).

وقال أبو حنيفة يطهر الجميع إلا جلد الخنزير (٢).

وقال داود يطهر الجميع (٣).

والكل مخالف لعموم قوله تعالى (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) (٤) وتحريم العين يستلزم تحريم وجوه الانتفاعات بأسرها منها الجلد.

وإذا ثبت فلا يجوز بيعها عند الإمامية.

وعند الشافعي يجوز بيعها بعد الدباغ (٥).

وقال أبو حنيفة والليث بن سعد يجوز قبل الدباغ وبعده (٦).

وكلاهما مخالف لنص القرآن على ما تقدم.

٤ ـ ذهبت الإمامية إلى أن الكلب لا يقع عليه الذكاة وأن جلده لا يطهر بالدباغ سواء ذكّي أو مات.

وقال أبو حنيفة إنه يقع عليه الذكاة ويطهر جلده بالدباغ مذكّى وميتا (٧).

٥ ـ ذهبت الإمامية إلى وجوب النية في جميع الطهارات من الحدث.

وقال أبو حنيفة لا يجب في المائية.

__________________

(١) و (٢) و (٣) الفقه على المذاهب الأربعة ج ١ ص ٢٦ و ٢٧ وبداية المجتهد ج ١ ص ٦٢

(٤) المائدة : ٩٦

(٥) و (٦) أحكام القرآن للجصاص ج ١ ص ١١٥ والفقه على المذاهب الأربعة ج ص ٢٣١

(٧) الفقه على المذاهب الأربعة ج ١ ص ٢٦ وأحكام القرآن ج ١ ص ١١٥ وبداية المجتهد ج ١ ص ٦٢.

٤١٠

وقال الأوزاعي لا يجب مطلقا (١).

وقد خالفا القرآن العزيز حيث قال (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا) (٢) أي لأجل الصلاة وقال تعالى (وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) (٣).

وخالفا السنة المتواترة وهو قَوْلُهُ ص إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى (٤).

ويلزمهما أن يكون الجنب النائم والمغمى عليه والغافل إذا رمي في الماء والمحدث كذلك إلا أن يكونا طاهرين وأن يدخلا في الصلاة بمثل هذه الطهارة وهو غير معقول.

٦ ـ ذهبت الإمامية إلى استحباب غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء من النوم مرة.

وأوجبه داود مطلقا.

وأوجبه أحمد بن حنبل في نوم الليل دون النهار (٥).

وخالفا في ذلك قوله تعالى (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ).

وقد قال المفسرون إذا قمتم من النوم (٦) فلو كان غسل اليدين واجبا لذكره الله تعالى.

٧ ـ ذهبت الإمامية إلى وجوب مسح الرأس وعدم إجزاء الغسل عنه وقال الفقهاء الأربعة يجزي الغسل (٧).

__________________

(١) أحكام القرآن ج ٢ ص ٣٣٤ وبداية المجتهد ج ١ ص ٦

(٢) المائدة : ٦

(٣) البينة : ٥

(٤) التاج الجامع للأصول ج ١ ص ٥٠ وأحكام القرآن ج ٢ ص ٣٣٧ وبداية المجتهد ج ١ ص ٦

(٥) بداية المجتهد ج ١ ص ٧

(٦) ذكر ذلك الخازن ، والنسفي في تفسيرهما ج ١ ص ٤٦٩ والآلوسي في تفسيره ج ٦ ص ٦٢

(٧) الفقه على المذاهب ج ١ ص ٦١ و ٦٢

٤١١

وقد خالفوا في ذلك كتاب الله تعالى حيث فرق بين الأعضاء وجعل الرأس ممسوحا فالتسوية بينهما مخالف لنص القرآن.

٨ ـ ذهبت الإمامية إلى أنه لا يجوز المسح على العمامة.

وقال الثوري والأوزاعي وأحمد وإسحاق بأنه يجوز (١).

وخالفوا في ذلك نص القرآن حيث قال (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) أوجب الله تعالى إلصاق المسح بالرأس.

٩ ـ ذهبت الإمامية إلى وجوب مسح الرجلين وأنه لا يجزي الغسل فيهما وبه قال جماعة من الصحابة والتابعين كابن عباس وعكرمة وأنس وأبي العالية والشعبي (٢).

وقال الفقهاء الأربعة الغرض هو الغسل (٣).

وقد خالفوا في ذلك نص القرآن حيث قال (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ).

١٠ ـ ذهبت الإمامية إلى وجوب الترتيب بين أعضاء الوضوء وبه قال علي أمير المؤمنين ع وابن عباس وقتادة وأبو عبيدة وأحمد بن حنبل وإسحاق.

وقال أبو حنيفة إنه غير واجب وبه قال مالك (٤).

وقد خالفا في ذلك نص القرآن حيث ابتدأ بالغسل وجعل نهايته اليدين وثم عطف بالمسح وجعل نهايته الكعبين (٥).

__________________

(١) بداية المجتهد ج ١ ص ١٠

(٢) و (٣) بداية المجتهد ج ١ ص ١١ و ١٢ وأحكام القرآن للجصاص ج ٢ ص ٣٤٥ و ٣٤٧ والفقه على المذاهب ج ١ ص ٥٤ والدر المنثور ج ٢ ص ٢٦٢ والتفسير الكبير ج ١١ ص ٦١

(٤) الفقه على المذاهب ج ١ ص ٦١ و ٦٣ وبداية المجتهد ج ١ ص ١٣

(٥) قال تعالى : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ ، فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ ، وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) المائدة : ٦

٤١٢

١١ ـ ذهبت الإمامية إلى أنه لا يجوز المسح على الخفين إلا في حال الضرورة.

وخالف في ذلك الفقهاء الأربعة وجوزوه (١).

وهو مخالف لنص الكتاب العزيز حيث قال (وَأَرْجُلَكُمْ) عطفا على الرءوس فأوجب الله تعالى إلصاق المسح بالرجلين والماسح على الخفين ليس ماسحا على الرجلين.

١٢ ـ ذهبت الإمامية إلى وجوب الاستنجاء من البول والغائط.

وقال أبو حنيفة إنه ليس بواجب (٢).

وقد خالف المتواتر من الأخبار الدالة على أن النبي ص فعله وداوم عليه ولم ينقل بتركه البتة ولا أنه ص صلى قبله ولا أحد من الصحابة قبل أن يغسل مخرج حدث البول أو الغائط مع فعلهما.

١٣ ـ ذهبت الإمامية إلى أن النوم ناقض للوضوء مطلقا.

وقال الشافعي إذا نام مضطجعا أو مستلقيا أو مستندا انتقض وضوؤه.

وقال مالك وأوزاعي وأحمد وإسحاق إنه إن كثر نقض الوضوء وإن قل لم ينقض.

وقال أبو حنيفة لا وضوء من النوم إلا على من نام مضطجعا أو متوركا فأما من نام قائما أو راكعا أو ساجدا أو قاعدا سواء كان في الصلاة أو غيرها فلا وضوء عليه (٣).

وقد خالفوا في ذلك نص الكتاب العزيز حيث قال (إِذا قُمْتُمْ إِلَى

__________________

(١) بداية المجتهد ج ١ ص ١٤ وأحكام القرآن ج ٢ ص ٢٤٨ والفقه على المذاهب الأربعة ج ١ ص ١٣٥

(٢) الفقه على المذاهب الأربعة ج ١ ص ٩٠ وفي بداية ج ١ ص ٥٨ رواه عن مالك أيضا.

(٣) الفقه على المذاهب الأربعة ج ١ ص ٨٠ و ٨١

٤١٣

الصَّلاةِ) قال المفسرون من النوم (١) وأطلقوا.

١٤ ـ ذهبت الإمامية إلى أن الرجل إذا أنزل بعد الغسل وجب عليه الغسل سواء كان قبل البول أو بعده.

وقال مالك لا غسل عليه.

وقال أبو حنيفة إن كان قبل البول فعليه الغسل وإن كان بعده فلا غسل عليه (٢).

وقد خالفا في ذلك نص القرآن حيث قال (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا). (٣).

وخالفا المتواتر من قَوْلِهِ ص : إِنَّمَا الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ (٤).

١٥ ـ ذهبت الإمامية إلى أنه إذا أنزل من غير شهوة وجب عليه الغسل.

وقال أبو حنيفة لا يجب (٥).

وقد خالف في ذلك عموم الكتاب والسنة.

١٦ ـ ذهبت الإمامية إلى أنه لا عبرة بوضوء الكافر ولا غسله حالة الكفر.

وقال أبو حنيفة إنهما معتبران (٦).

__________________

(١) راجع تفسير الخازن ، وفي هامشه النسفي ج ١ ص ٤٦٩ وروح المعاني ج ٦ ص ٦٢ والدر المنثور ج ٢ ص ٢٦٢ وقال الشيخ منصور علي ناصف في التاج الجامع للأصول ج ١ ص ٩٧ : روى أبو داود ، وابن ماجة ، عن علي ، عن النبي (ص) قال : «وكاء السهو العينان ، فمن نام فليتوضأ».

(٢) الفقه على المذاهب ج ١ ص ١٠٨

(٣) المائدة : ٦

(٤) التفسير الكبير ج ٦ ص ١٦٤ وبداية المجتهد ج ١ ص ٣٧ وصحيح مسلم ج ١ ص ١٣١

(٥) الفقه على المذاهب ج ١ ص ١٠٨ وفي ١٠٩ روى ذلك عن المالكية أيضا ، كما في بداية المجتهد ج ١ ص ٣٧

(٦) الفقه على المذاهب الأربعة ج ١ ص ٥٢

٤١٤

وقد خالف بذلك نص الكتاب والسنة حيث قال تعالى (وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) (١) وهو لا يتحقق في حق الكافر. وَقَالَ ص إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ (٢) وهو لا يتحقق في طرف الكافر.

١٧ ـ ذهبت الإمامية إلى أن التيمم إنما يصح بالتراب ولا يجوز بالمعادن ولا بالكحل ولا الملح والثلج والشجر.

وقال أبو حنيفة يجوز بجميع ذلك وبه قال مالك (٣).

وقد خالفا في ذلك القرآن حيث قال (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) (٤) ، والصعيد التراب الصاعد على وجه الأرض.

١٨ ـ ذهبت الإمامية إلى أنه إذا أخل بشيء مما يجب مسحه في التيمم بطل تيممه عمدا كان أو سهوا.

وقال أبو حنيفة إن ترك أقل من الدرهم لم يجب شيء (٥).

وخالف في ذلك الكتاب حيث قال (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ).

١٩ ـ ذهبت الإمامية إلى أن طلب الماء واجب.

وقال أبو حنيفة لا يجب (٦).

وقد خالف في ذلك نص الكتاب حيث قال الله تعالى (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا) ثم قال (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا) فشرط فيه عدم وجدان الماء وإنما يصح مع الطلب والفقد.

__________________

(١) البينة : ٦

(٢) أنظر إلى ما تقدم في الهامش ص ٤١١.

(٣) بداية المجتهد ج ١ ص ٥٥ وأحكام القرآن ج ١ ص ٣٨٩

(٤) المائدة : ٦

(٥) الفقه على المذاهب ج ١ ص ١٦٢ وأحكام القرآن ج ٢ ص ٣٩١

(٦) بداية المجتهد ج ١ ص ٥٢ والفقه على المذاهب ج ١ ص ١٥٥

٤١٥

٢٠ ـ ذهبت الإمامية إلى أن المتيمم إذا حيل بينه وبين الماء بأن يكون في بئر ولا آلة معه أو حيل بينه وبينه فإن يصلي بالتيمم ولا إعادة عليه.

وقال الشافعي يعيد.

وهو أحد الروايتين عن أبي حنيفة والآخر إنه يصبر ولا يتيمم ولا يصلي (١).

وقد خالف في ذلك نص القرآن حيث قال (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا) وإذا فعل المأمور به خرج عن العهدة.

٢١ ـ ذهبت الإمامية إلى أن عادم الماء إذا وجد ثوبا أو لبد سرج وعليهما تراب ينفضه ويتيمم به ولو لم يجد إلا الوحل يضع يديه فيه ثم يفركه ويتيمم به.

وقال أبو حنيفة تحرم عليه الصلاة (٢).

وقد خالف القرآن العزيز حيث قال (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) وهذا واجد للصعيد.

٢٢ ـ ذهبت الإمامية إلى أن الكلب نجس العين والسؤر واللعاب وقال مالك الجميع طاهر (٣).

__________________

(١) أحكام القرآن ج ٢ ص ٢٨٠ و ٢٨١ وقال في الفقه على المذاهب ج ١ ص ١٦٧ : قالوا المالكية : أن فاقد الطهورين إن الصلاة تسقط عنه تماما ، كما على المعتمد فلا يصلي ، ولا يقضي. اقول : هذا مخالف لما ورد متواترا في قضاء ما فات من الصلاة.

(٢) كما اعترف به الفضل في المقام ، مع إعراضه عن جوابه إلى فتوى الشافعي في هذه المسألة.

(٣) الفقه على المذاهب ج ١ ص ١١ والعجب مما فيه من ظهور التضاد بين ما ذهب إليه مالك ، من القول بطهارة الكلب ، وأبو حنيفة ما دام حيا ، وبين ما رواه عن صحيح مسلم ، عن النبي (ص) : «إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه ، ثم ليغسله سبع مرات. أقول : رواه غيره من الصحاح والسنن.

٤١٦

وخالف في ذلك السنة المتواترة أَنَّهُ ص امْتَنَعَ مِنْ دُخُولِ بَيْتٍ فِيهِ كَلْبٌ (١).

٢٣ ـ ذهبت الإمامية إلى أن الماء الكثير لا ينجس إلا بالتغيير وعنوا بالكثير ما بلغ كرا وهو ألف ومائتا رطل بالعراقي.

وقال أبو حنيفة حد الكثير ما لا يتحرك أحد طرفيه بحركة الآخر (٢).

وقد خالف في ذلك مقتضى الشرع وهو كون الأحكام منوطة مضبوطة معروفة متعاهدة.

والحركة قابلة للشدة والضعف فلا يجوز استناد الأحكام في الطهارة والنجاسة إليها لعدم انطباقها.

ويلزم منه التكليف بما لا يطاق إذ معرفة ما ينجس مما لم ينجس غير ممكن بالنظر إلى الحركة المختلفة.

ويلزم على ذلك أن يكون الماء الواحد ينجس ولا يقبل التغيير باختلاف وضعه وهو معلوم البطلان.

٢٤ ـ ذهبت الإمامية إلى امتناع التحري في الإناءين إذا كان أحدهما نجسا واشتبه بصاحبه بل أوجبوا اجتنابهما معا وكذا في الثوبين إذا كان أحدهما نجسا بل يصلي في أحدهما على الانفراد سواء كان عدد الطاهر من الأواني أكثر أو لا وكذا في الثوب.

وقال أبو حنيفة يجوز التحري في الثوبين مطلقا وفي الأواني إذا كان عدد الطاهر أكثر.

__________________

(١) صحيح مسلم ج ٢ ص ٣٣١ وصحيح البخاري ج ٣ ص ٢١

(٢) بداية المجتهد ج ١ ص ١٨

٤١٧

وجوز الشافعي التحري في الأواني مطلقا وفي الثياب.

وخالفوا المعقول في ذلك لأن العقل قاض بامتناع ترجيح أحد المتساويين بغير مرجح والضرورة شاهدة بذلك وعلى هذه القاعدة تبني أكثر القواعد الإسلامية والتحري ترجيح أحد المتساويين من غير مرجح فيكون باطلا.

ومن العجب أن الشافعية أطبقوا إلا من شد على التخيير بين استعمال الطاهر بيقين لو كان معه وبين التحري في الإناءين المشتبهين ولم يوجبوا استعمال كل واحد منهما (١).

٢٥ ـ ذهبت الإمامية إلى أنه إذا أصاب الأرض بول وجف بالشمس طهرت وجاز التيمم منها والصلاة عليها.

وقال أبو حنيفة إنها تطهر ويجوز الصلاة لا التيمم (٢).

وقد خالف في ذلك القرآن فهو قوله تعالى (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) والصعيد التراب والطيب الطاهر وقد وافق على الطهارة.

٢٦ ـ ذهبت الإمامية إلى أن مباشرة الحائض بما بين السرة إلى الركبة مباح عدا الفرج.

وقال الشافعي وأبو حنيفة إنه محرم (٣).

وقد خالفا في ذلك كتاب الله تعالى حيث قال (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ

__________________

(١) الفروق ج ص ١٠٢ والأم ج ١ ص ٧٧ وفي هامشه مختصر المزني ج ١ ص ٩٢ وإحياء العلوم للغزالي ج ٢ ص ١٠٠ وذكره الفضل في المقام ، والنووي في الروضة.

(٢) الهداية ج ١ ص ٢١ والفقه على المذاهب ج ١ ص ١٥٢ والقدوري ص ١١

(٣) الفقه على المذاهب ج ١ ص ١٣٤

٤١٨

أَنَّى شِئْتُمْ) (١) وخصص التحريم بالفرج فقال (فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ) (٢) أي موضع الحيض.

٢٧ ـ ذهبت الإمامية إلى أنه يجب في الصلاة طهارة البدن والثوب إلا من الدم غير الدماء الثلاثة الحيض والاستحاضة والنفاس فإنه يجوز أن يصلي وعليه أقل من الدرهم البغلي وأما غيره من النجاسات فإنه غير معفو عنه.

وقال أبو حنيفة سواء في اعتبار الدرهم (٣).

وقد خالف عموم قوله تعالى (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) (٤).

٢٨ ـ ذهبت الإمامية إلى نجاسة المني وأنه لا يجزي فيه الفرك يابسا.

وقال أبو حنيفة يجزي فيه الفرك.

وقال الشافعي إنه طاهر. (٥).

وخالف في ذلك أمر النبي ص بغسله وإيجاب غسل جميع البدن.

٢٩ ـ ذهبت الإمامية إلى أنه إذا صلى على بساط أحد طرفيه نجس والآخر طاهر وصلاته على الطاهر تصح صلاته.

وقال أبو حنيفة إذا كان البساط على سرير يتحرك البساط بحركة

__________________

(١) و (٢) البقرة : ٢٢٣

(٣) بداية المجتهد ج ١ ص ٦٤ والفقه على المذاهب ج ١ ص ١٨

(٤) المدثر : ٤٢

(٥) بداية المجتهد ج ١ ص ٦٤ والفقه على المذاهب ج ١ ص ١٣

٤١٩

المصلي لم تصح صلاته. (١).

وقد خالف في ذلك مقتضى العقل والنقل.

أما النقل فلأنه مأمور بأن يصلي في ثوب طاهر على موضع طاهر وقد امتثل فيخرج عن العهدة.

وأما العقل فلأنه أي تعلق للصلاة بذلك المكان الذي لا يحل فيه النجاسة وأي فرق في الفعل بين أن يتحرك بحركته أو لا.

وكذا إذا صلى وعلى رأسه طرف عمامة طاهر والطرف الآخر نجس وهو موضوع على الأرض فإن صلاته صحيحة.

وقال أبو حنيفة إن تحرك بحركته بطلت.

وقال الشافعي تبطل بكل حال (٢).

وكذا إذا شد كلبا بحبل وطرف الحبل معه صحت صلاته.

وكذا إذا شد الحبل في سفينة فيها نجاسة.

وقال الشافعي في الكلب إن كان واقفا على الحبل صحت صلاته وإن كان حاملا بطرفه بطلت صلاته.

ومنهم من فرق بين أن يكون الكلب صغيرا أو كبيرا فقال إن كان كبيرا صحت صلاته وإن كان صغيرا بطلت (٣).

وكل هذه أدل على أنه لا دليل عليها من عقل ولا نقل.

الثاني : في الصلاة وفيه مسائل

١ ـ ذهبت الإمامية إلى أن الإغماء إذا استوعب الوقت سقطت الصلاة أداء وقضاء.

__________________

(١) و (٢) و (٣) قد أقر بهذه المسائل الفضل في المقام ، ورواه القاضي السيد نور الله عن الينابيع ، وشرحه للأنصاري ، والروضة للنووي ، وعن الفاضل الاسفرائيني ، في حاشية شرح الوقاية.

٤٢٠