السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-278-4
الصفحات: ٦١١
واعتضادها بغيرها أيضاً ، مع اعتضاد ما دلّ منها على الأول بإطلاقات الكتاب والسنّة بقطع كلّ سارق ، خرج منها ما لو سرق (١) أقلّ من الخمس بالإجماع ، فيبقى الباقي ـ :
أوّلاً : تعارض بعضها مع بعض ، مع موافقة ما دلّ منها على اعتبار الدينار على تقدير تسليم دلالته لرأي جماعة من العامّة ، رأيهم إلى الآن مشتهرة ، كالثوري وأصحاب الرأي وأبي حنيفة (٢).
وثانياً : بقصورها عن المقاومة لما مضى من الأدلّة جدّاً ، من حيث الاعتضاد بالشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعاً ، بل إجماع في الحقيقة ؛ لندرة المخالف وشذوذه مع معلوميّة نسبه والإجماعات المحكيّة ، والأوفقيّة بما دلّ على درء الحدود بالشبهة ؛ لحصولها (٣) باعتبار اختلاف الفتوى والرواية في اعتبار الربع أو الخمس ، وعدم القطع بالأخير أوفق بالاحتياط بلا شبهة.
لكن هذا المعاضد يدفع القول بالخمس دون كمال الدينار ، بل ينعكس فيه ، لكنّه في غاية من الضعف قليل الدليل ، بل عديمه ؛ لأن غاية ما دلّ عليه الصحيحة ثبوت القطع به لا نفيه فيما دونه ، فتأمّل .. ومع ذلك تواترت النصوص في ردّه ، وإن اختلفت في تعيين الربع أو الخمس كما في النصوص المتقدّمة ، أو الثلث كما في صريح الموثّق (٤)
__________________
(١) في « ب » : كان.
(٢) انظر أحكام القرآن للقرطبي ٦ : ١٦١ ، والمغني والشرح الكبير لابني قدامة ١٠ : ٢٣٩ و ٢٤٦.
(٣) في « ن » زيادة : لا أقل.
(٤) التهذيب ١٠ : ١٠١ / ٣٩١ ، الإستبصار ٤ : ٢٣٩ / ٩٠٣ ، الوسائل ٢٨ : ٢٤٦ أبواب حدّ السرقة ب ٢ ح ١١.
وظاهر آخر (١) ، أو الدرهمين كما في النصّ الآتي إليه الإشارة.
وبالجملة : لا ريب في صحّة القول الأول ، وضعف ما قابلة والنصوص الدالّة عليه ، ويمكن حملها على التقيّة كما ذكره شيخ الطائفة ، قال بعد حمل ما دلّ منها على الخمس عليها : لموافقتها لمذاهب كثير منهم (٢). ويظهر ذلك أيضاً من كلّ من ادّعى إجماعنا على الربع.
ويحكى في الروضة قول بالقطع في درهمين (٣) ، كما في بعض النصوص (٤). وهو يوافق القول بالخمس ؛ بناءً على البناء المتقدّم.
واعلم أنّه لا فرق فيه بين عين الذهب وغيره ، فلو بلغ العين ربع دينارٍ وزناً غير مضروب ، ولم تبلغ قيمته المضروب ، فلا قطع ؛ لأنّ الدينار حقيقةٌ في المسكوك منه ، فيحمل عليه إطلاقه الوارد في النصوص.
خلافاً للخلاف والمبسوط (٥) ، فقوّى (٦) عدم اشتراط السكّة. وهو شاذ.
ولو انعكس ، بأن كان سدس دينار مصوغاً قيمته ربع دينار مسكوكاً ، قطع على الأقوى.
وكذا لا فرق بين علمه بقيمته أو شخصه وعدمه ، فلو ظنّ المسروق فلساً فظهر ديناراً ، أو سرق ثوباً قيمته أقلّ من النصاب فظهر مشتملاً على ما يبلغه ولو معه ، قطع على الأقوى ؛ لتحقّق الشرط. ولا يقدح عدم
__________________
(١) التهذيب ١٠ : ١٠١ / ٣٩٢ ، الإستبصار ٤ : ٢٤٠ / ٩٠٤ ، الوسائل ٢٨ : ٢٤٦ أبواب حدّ السرقة ب ٢ ح ١٠.
(٢) الاستبصار ٤ : ٢٤٠.
(٣) الروضة ٩ : ٢٣١.
(٤) الفقيه ٤ : ٤٩ / ١٧٢ ، التهذيب ١٠ : ١٢٨ / ٥١٣ ، الوسائل ٢٨ : ٢٤٧ أبواب حدّ السرقة ب ٢ ح ١٤.
(٥) المبسوط ٨ : ١٩ ، الخلاف ٥ : ٤١٤.
(٦) في « ن » زيادة : فيهما.
القصد إليه ؛ لتحقّقه في السرقة إجمالاً ، مع عدم دليل على اعتبار قصد النصاب في القطع بسرقته أصلاً.
قيل : ولشهادة الحال بأنّه لو علمه لقصده (١). وفي إطلاقها نظرٌ لا يخفى.
( ولا بدّ ) فيه أيضاً ( من كونه محرزاً ) إجماعاً منّا ، فتوًى ونصّاً ، إلاّ نادراً (٢).
وحيث لا تحديد له شرعاً صريحاً ، وجب الرجوع فيه إلى العرف اتّفاقاً ، وضابطه ما كان ممنوعاً ( بقفلٍ ) من حديد ونحوه ( أو غلقٍ ) من خشب وما في معناه ( أو دفنٍ ) في العمران ؛ أو كان مراعى بالنظر ، على اختلاف في الأخير. فقيل بكونه حرزاً ، كما في القواعد والتنقيح وعن الخلاف والمبسوط (٣) ؛ لقضاء العادة بإحراز كثير من الأموال بذلك.
وقيل بالعدم ، كما هو ظاهر المتن والشرائع والسرائر وعن المراسم والوسيلة وظاهر المقنعة والمختلف والتحرير والإرشاد والتلخيص والتبصرة (٤) ؛ للشبهة في كونه حرزاً ، وكون الأخذ معه سرقةً أو اختلاساً.
وللقويّ بالسكوني وصاحبه : « لا يقطع إلاّ من نقب نقباً ، أو كسر قفلاً » (٥).
__________________
(١) الروضة ٩ : ٢٣٣.
(٢) حكاه في التنقيح ٤ : ٣٧٧ عن داود.
(٣) القواعد ٢ : ٢٦٨ ، التنقيح ٤ : ٣٧٧ ، الخلاف ٥ : ٤٢٠ ، المبسوط ٨ : ٢٣.
(٤) الشرائع ٤ : ١٧٥ ، السرائر ٣ : ٤٨٤ ، المراسم : ٢٥٨ ، الوسيلة : ٤١٨ ، المقنعة : ٨٠٤ ، المختلف : ٧٦٩ ، التحرير ٢ : ٢٢٨ ، الإرشاد ٢ : ١٨٣ ، تلخيص الخلاف ٣ : ٢٤١ ، التبصرة : ١٩٧.
(٥) التهذيب ١٠ : ١٠٩ / ٤٢٣ ، الإستبصار ٤ : ٢٤٣ / ٩١٨ ، الوسائل ٢٨ : ٢٧٧ أبواب حدّ السرقة ب ١٨ ح ٣ ؛ وفي الجميع : بيتاً ، بدل : نقباً.
قيل : ويمكن أن يقال : لا يتحقّق الحرز بالمراعاة إلاّ مع النظر إليه ، ومع ذلك لا يتحقّق السرقة ؛ لما تقرّر من أنّها لا تكون إلاّ سرّاً ، ومع غفلته عنه ولو نادراً لا يكون له مراعياً ، فلا يتحقّق إحرازه بها ، فظهر أنّ السرقة لا تتحقّق مع المراعاة وإن جعلناها حرزاً (١). انتهى.
ولا يخلو عن نظر.
( وقيل ) ( والقائل ) (٢) الشيخ في النهاية (٣) : إنّ ( كلّ موضع ليس لغير المالك ) والمتصرّف فيه ( دخوله إلاّ بإذنه فهو حرز ) ونسبه في المبسوط والتبيان وكذا في كنز العرفان (٤) إلى أصحابنا ، وفي الغنية إلى رواياتهم مدّعياً عليه إجماعهم (٥) ؛ وربما كان في النصوص إيماء إليه.
ومنها : الصحيح المتقدّم ، المعلّل عدم قطع الرجل بسرقة مال أبيه أو أُخته وأخيه بعدم حجبه عن الدخول إلى منزلهم (٦). وظاهرٌ أنّ المراد من عدم الحجب حصول الإذن له في الدخول (٧) ، فمفهوم التعليل حينئذ : أنّ مع عدم الإذن يقطع ، وهو عين هذا المذهب.
وأظهر منه القويّ بالسكوني وصاحبه : « كلّ مدخل يدخل فيه بغير إذن فسرق منه السارق فلا قطع فيه » قال الراوي : يعني الحمّام والأرحية (٨).
__________________
(١) الروضة ٩ : ٢٤٣.
(٢) في « س » و « ن » : كما عن.
(٣) النهاية : ٧١٤.
(٤) المبسوط ٨ : ٢٢ ، التبيان ٣ : ٥١٧ ، كنز العرفان ٢ : ٣٥٠.
(٥) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٢٣.
(٦) راجع ص ٩١.
(٧) في « ن » زيادة : عادةً.
(٨) الكافي ٧ : ٢٣١ / ٥ ، الفقيه ٤ : ٤٤ / ١٤٦ ، التهذيب ١٠ : ١٠٨ / ٤٢٢ ، الوسائل ٢٨ : ٢٧٦ أبواب حدّ السرقة ب ١٨ ح ٢.
وقريب منهما النصوص المتقدّمة بعدم قطع الضيف والأجير (١) ؛ معلّلة بالاستئمان ، وليس إلاّ من حيث الإذن في الدخول.
فهذا القول غير بعيد ، لو لا ما أورد عليه جماعة ومنهم الحلّي من النقض بالدور المفتّحة الأبواب في العمران وصاحبها ليس فيها ، فإنّ السارق منها لا قطع عليه بلا خلاف ، كما في السرائر (٢).
ولذا عن ابن حمزة : أنّه كلّ موضع لا يجوز لغير مالكه الدخول فيه أو التصرّف بغير إذنه ، وكان مغلقاً أو مقفلاً (٣).
وكأنّه حاول الجمع بين النصوص المزبورة وقويّة السكوني المتقدّمة (٤) ، المتضمّنة لـ : أنّه لا يقطع إلاّ من نقب نقباً أو كسر قفلاً ، ولا بأس به. ومرجعه إلى القول الأول ، كالقول بأنّ الحرز ما يكون سارقه على خطر خوفاً من الاطّلاع عليه.
وعليه (٥) يختلف الحرز باختلاف الأموال وفاقاً للأكثر.
فحرز الأثمان والجواهر : الصناديق المقفلة ، والأغلاق الوثيقة في العمران.
وحرز الثياب وما خفّ من المتاع وآلات النحاس : الدكاكين ، والبيوت المقفلة في العمران ، أو خزائنها المقفلة وإن كانت هي مفتوحة.
والإصطبل حرز للدواب مع الغلق.
وحرز الماشية في المرعى : عين الراعي ، على ما تقرّر ؛ ومثله متاع
__________________
(١) راجع ص ٩٥.
(٢) السرائر ٣ : ٤٨٤.
(٣) الوسيلة : ٤١٨.
(٤) في ص ١٠٢.
(٥) ليست في « ب ».
البائع في الأسواق والطرقات.
واحترزنا بالدفن في العمران عمّا لو دفن خارجه ، فإنّه لا يعدّ حرزاً وإن كان في داخل بيت مغلق ؛ لعدم قضاء العرف به ، مع عدم الخطر على سارقه.
وقال الشيخ في المبسوط والخلاف : كلّ موضع حرز لشيء من الأشياء فهو حرز لجميع الأشياء (١). ( واختاره الحلّي والفاضل في التحرير ) (٢) (٣) وهو (٤) كما ترى.
( و ) كيف كان ( لا يقطع من سرق من ) غير حرز ، كـ ( المواضع المأذون في غشيانها ) والدخول إليها ( كالحمّامات ، والمساجد ) والأرحية ، مع عدم مراعاة المالك للمسروق بالنظر ؛ للقويّ المتقدّم (٥).
ولا خلاف فيه ظاهراً ولا محكيّاً ، إلاّ عن العماني ، حيث قال : إنّ السارق يقطع من أيّ موضع سرق ، من بيت ، أو سوق ، أو مسجد ، أو غير ذلك ، مطلقاً (٦) ؛ لقطع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم سارق مئزر صفوان بن أُميّة في المسجد ، ففي الصحيح : أنّه خرج يهريق الماء فوجد رداءه قد سرق حين رجع إليه (٧).
__________________
(١) المبسوط ٨ : ٢٢ ، الخلاف ٥ : ٤١٩.
(٢) الحلّي في السرائر ٣ : ٤٨٣ ، التحرير ٢ : ٢٢٦.
(٣) ليست في « ن ».
(٤) في « ن » زيادة : مع شذوذه.
(٥) في ص ١٠٢.
(٦) حكاه عنه في المختلف : ٧٧٦.
(٧) الكافي ٧ : ٢٥١ / ٢ ، التهذيب ١٠ : ١٢٣ / ٤٩٤ ، الإستبصار ٤ : ٢٥١ / ٩٥٢ ، الوسائل ٢٨ : ٣٩ أبواب مقدّمات الحدود ب ١٧ ح ٢.
قيل : ويمكن حمله على التفسير الأخير ، فإنّ السارق في المسجد على خطر من أن يطّلع عليه (١).
وفي خبر آخر : أنّه نام فأُخذ من تحته (٢).
وقال الصدوق : لا قطع من المواضع التي يدخل إليها بغير إذن ، مثل : الحمّامات والأرحية والمساجد ؛ وإنّما قطعه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لأنّه سرق الرداء وأخفاه ، فلإخفائه قطعه ، ولو لم يخفه لعزّره (٣).
وهو راجع إلى التفسير الأخير.
والأولى في الجواب عنه ما ذكره بعض الأصحاب (٤) ، من عدم منافاته لما دلّ على عدم القطع بالسرقة من نحو المساجد عموماً وخصوصاً ، من حيث احتمال أن يكون حين خرج أو نام أحرز رداءه ، فينبغي حمله عليه ، جمعاً ( بينه وبين القوي المتقدّم الذي هو أرجح منه بوجوه شتّى ) (٥).
( و ) منه يظهر الجواب عن الاستدلال به لما ( قيل ) من أنّه ( إذا كان المالك مراعياً للمال ) بنظره ( كان محرزاً ) والقائل من تقدّم ، ومنهم : الشيخ في المبسوط (٦).
وربما يجاب عنه أيضاً بأنّ المفهوم من المراعاة وبه صرّح كثير (٧) أنّ المراد بها النظر إلى المال ، وأنّه لو نام أو غفل عنه أو غاب زال الحرز ،
__________________
(١) انظر المسالك ٢ : ٤٤٣.
(٢) عوالي اللئلئ ١ : ١٨٤ / ٢٥٥ ، مستدرك الوسائل ١٨ : ٢٢ أبواب مقدّمات الحدود ب ١٥ ح ٤ ، سنن البيهقي ٨ : ٢٦٥.
(٣) الفقيه ٣ : ١٩٣.
(٤) كشف اللثام ٢ : ٤٢٤.
(٥) ما بين القوسين ليس في « ن ».
(٦) المبسوط ٨ : ٢٣ ، ٢٤.
(٧) المبسوط ٨ : ٢٥ ، الروضة ٩ : ٢٤٣ ، مجمع الفائدة ١٣ : ٢٢٣.
فكيف يجتمع الحكم بالمراعاة مع فرض كون المالك غائباً عنه كما في الرواية الأُولى ، أو نائماً كما في الثانية؟! وهو حسن.
( ولا يقطع من سرق من جيب إنسان أو كمّه الظاهرين ، ويقطع لو كانا باطنين ) للخبرين :
أحدهما القويّ : « إنّ أمير المؤمنين عليهالسلام اتي بطرّار (١) قد طرّ من كمّ رجل ، فقال : إن كان طرّ من قميصه الأعلى لم أقطعه ، وإن طرّ من قميصه الداخل قطعته » (٢).
ونحوه الثاني (٣) ، وضعف سنده كالأول إن كان مجبور بالشهرة الظاهرة والمحكيّة في المختلف والمسالك (٤) وغيرهما (٥) ، بل لم أجد الخلاف فيه كما صرّح به بعض الأجلّة (٦) ، وفي الغنية وعن الخلاف (٧) : أنّ عليه إجماع الإماميّة.
وبه مضافاً إلى الخبرين يجمع بين ما دلّ على قطع الطرّار بقول مطلق ، كالخبر : « يقطع النبّاش والطرّار ولا يقطع المختلس » (٨).
وما دلّ على عدم قطعه كذلك ، كالصحيح : عن الطرّار والنبّاش
__________________
(١) الطرّ : الشقّ والقطع ، ومنه الطرّار الصحاح ٢ : ٧٢٥.
(٢) الكافي ٧ : ٢٢٦ / ٥ ، التهذيب ١٠ : ١١٥ / ٤٥٥ ، الإستبصار ٤ : ٢٤٤ / ٩٢٢ ، الوسائل ٢٨ : ٢٧٠ أبواب حدّ السرقة ب ١٣ ح ٢.
(٣) الكافي ٧ : ٢٢٦ / ٨ ، التهذيب ١٠ : ١١٥ / ٤٥٦ ، الإستبصار ٤ : ٢٤٤ / ٩٢٣ ، الوسائل ٢٨ : ٢٧٠ أبواب حدّ السرقة ب ١٣ ذيل. ح ٢ ؛ بتفاوت يسير.
(٤) المختلف : ٧٧٦ ، المسالك ٢ : ٤٤٤.
(٥) مجمع الفائدة والبرهان ١٣ : ٢٤١.
(٦) مجمع الفائدة ١٣ : ٢٤١.
(٧) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٢٣ ، الخلاف ٥ : ٤٥٢.
(٨) الكافي ٧ : ٢٢٩ / ٦ ، التهذيب ١٠ : ١١٦ / ٤٦٠ ، الإستبصار ٤ : ٢٤٥ / ٩٢٩ ، الوسائل ٢٨ : ٢٧١ أبواب حدّ السرقة ب ١٣ ح ٣.
والمختلس ، قال : « لا يقطع » (١) ونحوه المرسل كالموثّق (٢).
بحمل الأوّل على الطرّ من الأسفل ، والأخيرين على العكس.
مع احتمال الأول الحمل على التقيّة ؛ لكونه مذهب العامّة ، كما يستفاد من الخلاف ، حيث قال : وقال جميع الفقهاء : عليه القطع ، ولم يعتبروا قميصاً فوق قميص ، إلاّ أنّ أبا حنيفة قال : إذا شدّه (٣) فعليه القطع ، والشافعي لم يفصّل.
وظاهر الخبرين المفصّلين أنّ المراد بالظاهر : ما في الثوب الخارج ، سواء كان بابه في ظاهره أو باطنه ، وسواء كان الشدّ على تقديره من داخله أم خارجه ، كما صرّح به في المسالك (٤) ، وحكاه في الروضة عن الخلاف والمختلف (٥) ، وفيه : أنّه المشهور (٦).
( ولا يقطع في ) سرقة ( الثمر ) وهو ( على الشجر ، ويقطع سارقه بعد ) صرمه و ( إحرازه ).
بلا خلاف في الأخير على الظاهر ، المصرّح به في التنقيح (٧) ؛ للعمومات ، وخصوص ما يأتي من بعض النصوص.
وعلى الأشهر في الأول مطلقاً ؛ لإطلاق النصوص المستفيضة :
__________________
(١) التهذيب ١٠ : ١١٧ / ٤٦٧ ، الوسائل ٢٨ : ٢٧١ أبواب حدّ السرقة ب ١٣ ح ٤.
(٢) الكافي ٧ : ٢٢٦ / ٣ ، التهذيب ١٠ : ١١٤ / ٤٥١ ، الإستبصار ٤ : ٢٤٤ / ٩٢٤ ، الوسائل ٢٨ : ٢٧٠ أبواب حدّ السرقة ب ١٣ ح ١.
(٣) في الخلاف ٥ : ٤٥١ هنا زيادة : في كمّه ، فإن شدّة من داخل وتركه من خارج فلا قطع عليه ، وإن شدّه من خارج وتركه من داخل ..
(٤) المسالك ٢ : ٤٤٤.
(٥) الروضة ٩ : ٢٤٩.
(٦) المختلف : ٧٧٦.
(٧) التنقيح ٤ : ٣٧٩.
في اثنين منها وأحدهما القويّ ـ : « لا قطع في ثمر ولا كثر » والكثر : شحم النخل (١).
ومنها القويّ الآخر : « قضى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فيمن سرق الثمار في كمّه : فما أكل منه فلا شيء عليه ، وما حمل فيعزَّر ويغرم قيمته مرّتين » (٢).
ومنها : « لا يقطع من سرق من الفاكهة ، وإذا مرّ بها فليأكل ولا يفسد » (٣).
وإطلاقها وإن شمل صورة السرقة بعد الصرم والإحراز إلاّ أنّه مقيّد بما قبلهما ؛ بالإجماع ، والخبر : « إذا أخذ الرجل من النخل والزرع قبل أن يصرم فليس عليه قطع ، فإذا صرم النخل وحصد الزرع فأخذ قُطِع » (٤).
مع إمكان دعوى تبادر كون الثمرة على الشجرة من إطلاق الأخبار ، فيختصّ به ، ولا يحتاج إلى التقييد.
وقيّده الفاضل وولده (٥) بما إذا لم تكن الشجرة في موضع محرز كالدار ، وإلاّ فالأولى القطع ؛ عملاً بالقواعد ، وطعناً في سند النصوص ، وجمعاً بينها وبين ما دلّ على القطع على الإطلاق ، كالخبر : في رجل سرق من بستان عذقاً قيمته درهمان ، قال : « يقطع به » (٦).
__________________
(١) الكافي ٧ : ٢٣١ / ٧ ، الفقيه ٤ : ٤٤ / ١٤٩ ، التهذيب ١٠ : ١١٠ / ٤٣٠ ، الوسائل ٢٨ : ٢٨٦ أبواب حدّ السرقة ب ٢٣ ح ٣.
والآخر في : الفقيه ٤ : ٢٦٥ / ٨٢١ ، الوسائل ٢٨ : ٢٨٧ أبواب حدّ السرقة ب ٢٣ ح ٦.
(٢) الكافي ٧ : ٢٣٠ / ٣ ، التهذيب ١٠ : ١١٠ / ٤٣١ ، الوسائل ٢٨ : ٢٨٦ أبواب حدّ السرقة ب ٢٣ ح ٢.
(٣) التهذيب ١٠ : ١٣٠ / ٥٢١ ، الوسائل ٢٨ : ٢٨٧ أبواب حدّ السرقة ب ٢٣ ح ٥.
(٤) التهذيب ١٠ : ١٣٠ / ٥١٩ ، الوسائل ٢٨ : ٢٨٦ أبواب حدّ السرقة ب ٢٣ ح ٤.
(٥) الفاضل في القواعد ٢ : ٢٦٨ ، وولده في الإيضاح ٤ : ٥٣١.
(٦) الفقيه ٤ : ٤٩ / ١٧٢ ، التهذيب ١٠ : ١٢٨ / ٥١٣ ، الوسائل ٢٨ : ٢٨٧ أبواب حدّ السرقة ب ٢٣ ح ٧.
وهو حسن ، لولا الشهرة الجابرة لضعف النصوص ، وضعف الخبر الأخير ، وشذوذ ما دلّ عليه من القطع بالدرهمين ، مع عدم وضوح شاهد على الجمع غير مراعاة القاعدة ، وتخصيصها بها بعد ما عرفت من اعتبارها غير مستنكر ، كما خُصِّص بمثلها قاعدة حرمة التصرّف في الثمرة للغير بالأكل ولو بشرائطه المقرّرة. ولا بُعد في كون ما نحن فيه من ذلك القبيل ، إلاّ أن يتأمّل في دلالة النصوص بعدم صراحتها في عدم القطع في محلّ النزاع بقوّة احتمال اختصاصها بصورة عدم الإحراز ، كما هو الغالب ، وإليه أشار شيخنا في الروضة ، وبه استحسن التقييد (١).
( وكذا لا يقطع في سرقة مأكول عام ) سَنَة أي ( مجاعة ) سواء كان مأكولاً بالفعل أو بالقوّة ، بلا خلاف ظاهر ومحكيّ في بعض العبائر (٢) ، ونسب إلى روايات الأصحاب في الغنية والسرائر (٣).
فمنها القويّ : « لا يقطع السارق في عام سنة » يعني : مجاعة (٤). ونحوه آخر (٥).
وإطلاقهما وإن شمل سرقة المأكول وغيره إلاّ أنّه مقيّد بالأول بالاتّفاق على الظاهر وظاهر الخبر : « لا يقطع السارق في سنة المجاعة في شيء ممّا يؤكل ، مثل : الخبز واللحم وأشباه ذلك » (٦).
__________________
(١) الروضة ٩ : ٢٥٠.
(٢) المفاتيح ٢ : ٩٤.
(٣) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٢٤ ، السرائر ٣ : ٤٩٥.
(٤) الكافي ٧ : ٢٣١ / ٢ ، التهذيب ١٠ : ١١٢ / ٤٤٢ ، الوسائل ٢٨ : ٢٩١ أبواب حدّ السرقة ب ٢٥ ح ٢.
(٥) دعائم الإسلام ٢ : ٤٧٣ / ١٦٩٣ ، مستدرك الوسائل ١٨ : ١٤١ أبواب حدّ السرقة ب ٢٤ ح ١.
(٦) الكافي ٧ : ٢٣١ / ١ ، الفقيه ٤ : ٥٢ / ١٨٨ ، التهذيب ١٠ : ١١٢ / ٤٤٣ ، الوسائل ٢٨ : ٢٩٠ أبواب حدّ السرقة ب ٢٥ ح ١ ؛ بتفاوت يسير.
وأظهر منه آخر مرويّ في الفقيه : « لا يقطع السارق في عام سنة مجدبة » يعني : في المأكول دون غيره (١) ، فتأمّل.
ولا فرق في ظاهر إطلاق النصّ والفتوى بين كون السارق غنيّاً غير محتاج إلى المأكول ، أو فقيراً محتاجاً إليه ، وبه صرّح شيخنا في المسالك (٢).
ويحتمل الاختصاص بالثاني باحتمال اختصاص الإطلاق به بحكم التبادر ، ولكن درء الحدّ بالشبهة يقتضي المصير إلى الأول.
( ويقطع من سرق مملوكاً ) بلا خلاف منّا إذا كان صغيراً ، بل ظاهر بعض العبارات الإجماع عليه منّا (٣) ؛ لأنّه مالٌ فيلحقه حكمه وشروطه : من كونه محرزاً ، وبلوغ قيمته النصاب.
ولو كان كبيراً مميّزاً فلا قطع بسرقته ؛ لأنّه متحفّظ بنفسه. إلاّ أن يكون نائماً ، أو في حكمه ، أو لا يعرف سيّده عن غيره ، كذا ذكره جماعة (٤) ، بل لم أجد فيه خلافاً إلاّ من إطلاق العبارة.
( ولو كان ) المسروق ( حرّا ، فباعه ) السارق ( قطع ) وفاقاً للنهاية (٥) وجماعة (٦) ، بل ادّعى في التنقيح عليه الشهرة (٧) ؛ والنصوص به
__________________
(١) الفقيه ٤ : ٤٣ / ١٤١ ، الوسائل ٢٨ : ٢٩١ أبواب حدّ السرقة ب ٢٥ ح ٤.
(٢) المسالك ٢ : ٤٤٤.
(٣) كشف اللثام ٢ : ٤٢٠.
(٤) قواعد الأحكام ٢ : ٢٦٥ ، مسالك الأفهام ٢ : ٤٤٤ ، كشف اللثام ٢ : ٤٢٠.
(٥) النهاية : ٧٢٢.
(٦) المختلف : ٧٧٧ ، المسالك ٢ : ٤٤٤ ، مجمع الفائدة ١٣ : ٢٤٣ ، كشف اللثام ٢ : ٤٢٠.
(٧) التنقيح الرائع ٤ : ٣٨٠.
مستفيضة :
منها القويّ : « أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام اتي برجل قد باع حرّا ، فقطع يده » (١).
ومنها : عن الرجل يبيع الرجل وهما حرّان ، فيبيع هذا هذا ، وهذا هذا ، ويفرّان من بلد إلى بلد ، فيبيعان أنفسهما ويفرّان بأموال الناس ، قال : « يقطع أيديهما ؛ لأنّهما سارقا أنفسهما وأموال الناس » (٢).
ومنها : عن رجل باع امرأته ، قال : « على الرجل أن يُقطَعَ يده » (٣).
ومنها : عن رجل سرق حرّة فباعها ، فقال : « عليه أربعة حدود : أمّا أوّلها فسارق يُقطَعُ يده » الخبر (٤).
خلافاً للخلاف ، فلا قطع عليه ، قال : للإجماع على أنّه لا قطع إلاّ فيما قيمته ربع دينار فصاعداً ، والحرّ لا قيمة له ، وقال مالك : عليه القطع ، وقد روى ذلك أصحابنا (٥).
ويضعّف بأنّ قطعه إنّما هو ( لفساده ، لا حدّا ) بسرقته.
نعم ، ربما يشكل بأنّ اللازم عليه تخيير الحاكم بين قتله وقطع يده ورجله من خلاف ، إلى غير ذلك من أحكامه ، لا يتعيّن القطع بخصوصه ،
__________________
(١) الكافي ٧ : ٢٢٩ / ٢ ، التهذيب ١٠ : ١١٣ / ٤٤٥ ، الوسائل ٢٨ : ٢٨٣ أبواب حدّ السرقة ب ٢٠ ح ٢.
(٢) الكافي ٧ : ٢٢٩ / ٣ ، التهذيب ١٠ : ١١٣ / ٤٤٦ ، الوسائل ٢٨ : ٢٨٣ أبواب حدّ السرقة ب ٢٠ ح ٣.
(٣) التهذيب ١٠ : ٢٤ / ٧٢ ، الوسائل ٢٨ : ١٣٠ أبواب حدّ الزنا ب ٢٨ ح ١.
(٤) الكافي ٧ : ٢٢٩ / ١ ، الفقيه ٤ : ٤٨ / ١٧٠ ، التهذيب ١٠ : ١١٣ / ٤٤٧ ، الوسائل ٢٨ : ٢٨٣ أبواب حدّ السرقة ب ٢٠ ح ١ ؛ بتفاوت يسير.
(٥) الخلاف ٥ : ٤٢٨.
إلاّ أن يدّعى خصوصيّة فيما نحن فيه ، خارجة عن قاعدة حدّ المفسد ، تبعاً للنصوص المزبورة ، فتأمّل.
ووجّه الحكم في المختلف بأنّ وجوب القطع في سرقة المال إنّما جاء لحراسته وحراسة ، النفس أولى ، فوجوب القطع فيه أولى (١).
ويضعّف بأنّ الحكم معلّق على مال خاص يسرق على وجه خاص ، ومثله لا يتمّ في الحرّ ، ومطلق خيانة المال غير مقصود في هذا الباب ، كما يظهر من الشرائط ، وحمل النفس عليه مطلقاً لا يتمّ ، وبشرائطه لا ينتظم ؛ مع أنّ إلحاق النفس بالمال يقتضي القطع بسرقته على الإطلاق ولو تجرّد عن بيع ، ولم يقولوا به.
وربما يشكل ما في العبارة من التعليل بوجهٍ آخر ، وهو : أنّ العمدة في إثبات القطع هنا هو النصوص ، وقد علّله جملة منها بكونه سارقاً ، الظاهر في أنّه للسرقة لا غير ، فالاعتذار بها أولى.
إلاّ أن تردّ بقصور أسانيدها ، وعدم وضوح جابر لها عدا الشهرة المحكيّة. وفي حصوله بها نوع مناقشة ، سيّما مع رجوع الشيخ الذي هو أصلها عمّا في النهاية.
ولكن عليه لا يتوجّه الحكم بالقطع بالتعليل في العبارة ؛ لما يرد عليه ممّا عرفته. ودفعه بما قدّمناه من احتمال الخصوصيّة الخارجة بالنصوص بعد فرض ضعفها ، غير ممكن.
ولذا أنّ ظاهر جماعة التردّد في المسألة ، كالماتن في الشرائع ، والفاضل المقداد في التنقيح ، والشهيدين في المسالك واللمعتين. (٢) وبه
__________________
(١) المختلف : ٧٧٧.
(٢) الشرائع ٤ : ١٧٥ ، التنقيح ٤ : ٣٨١ ، المسالك ٢ : ٤٤٤ ، اللمعة والروضة ٩ : ٢٥١.
يتّجه ما في الخلاف من عدم القطع ؛ لحصول الشبهة الدارئة.
وإطلاق العبارة والنصوص المتقدّمة بل ظاهر جملة منها عدم الفرق في المسروق بين الصغير والكبير ، كما عن النهاية (١) وجماعة (٢).
ولكنّه قيّده في المبسوط والخلاف (٣) وكثير بل الأكثر ، كما في المسالك ـ (٤) بالأوّل ؛ نظراً إلى أنّ الكبير متحفّظ بنفسه ، فلا يتحقّق سرقته.
وهذا التعليل متوجّه على تقدير الاستناد في قطع سارق الحرّ إلى كونه سارقاً ، وهو ينافي ما مضى من التعليل بأنّه لفساده لا حدّاً. وأمّا عليه فلا فرق بين الصغير والكبير ، لوجوده في سرقتهما ، فتأمّل جدّاً.
( ويقطع سارق الكفن ) (٥) من الحرز ، ومنه القبر بالنسبة إليه خاصّة ، إجماعاً على ما يستفاد من الديلمي (٦) ، وصرّح به في الإيضاح والكنز والتنقيح (٧).
ولا ينافيه ما في المقنع والفقيه (٨) ، من عدم القطع على النبّاش إلاّ أن يؤخذ وقد نبش مراراً ؛ لاحتماله كمستنده الآتي (٩) الاختصاص بما إذا كان نبّاشاً لم يسرق الكفن ، لا مطلقاً ؛ مع أنّه معلوم النسب ، فلا يقدح
__________________
(١) حكاه عنه في المختلف : ٧٧٧ ، وهو في النهاية : ٧٢٢.
(٢) حكاه عنهم في المسالك ٢ : ٤٤٤ ، وهو في الإرشاد ٢ : ١٨٣ ، مجمع الفائدة ١٣ : ٢٤٣ ، الروضة ٩ : ٢٥١.
(٣) المبسوط ٨ : ٣١ ، الخلاف ٥ : ٤٢٨.
(٤) المسالك ٢ : ٤٤٤.
(٥) في المختصر المطبوع زيادة : لأنّ القبر حرز له.
(٦) المراسم : ٢٥٨.
(٧) الإيضاح ٤ : ٥٣٣ ، كنز الفوائد ٣ : ٦٤٤ ، التنقيح ٤ : ٣٨١.
(٨) المقنع : ١٥١ ، الفقيه ٤ : ٤٧.
(٩) في ص ١٧٧.
خروجه في انعقاد الإجماع على خلافه جدّاً.
والأصل في القطع بسرقته بعد الإجماع المحكيّ في السرائر والغنية (١) النصوص المستفيضة.
ففي الصحيح : « يقطع الطرّار والنبّاش ، ولا يقطع المختلس » (٢).
وفي آخر : « أنّ عليّاً عليهالسلام قطع نبّاشاً » (٣).
وفي ثالث : « حدّ النبّاش حدّ السارق » (٤).
وفي الخبر : « يقطع سارق الموتى كما يقطع سارق الأحياء » (٥).
وفي آخر : « أنّ عليّاً عليهالسلام قطع نبّاش القبر ، فقيل له : أتقطع في الموتى؟
قال : إنّا نقطع لأمواتنا كما نقطع لأحيائنا » (٦).
وفي ثالث : « أنّ حرمة الميّت كحرمة الحيّ ، حدّه أن يقطع يده لنبشه وسلبه الثياب » الخبر (٧).
__________________
(١) السرائر ٣ : ٥١٥ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٣٢.
(٢) الكافي ٧ : ٢٢٩ / ٦ ، التهذيب ١٠ : ١١٦ / ٤٦٠ ، الإستبصار ٤ : ٢٤٥ / ٩٢٩ ، الوسائل ٢٨ : ٢٧١ أبواب حدّ السرقة ب ١٣ ح ٣.
(٣) التهذيب ١٠ : ١١٦ / ٤٦٣ ، الإستبصار ٤ : ٢٤٦ / ٩٣٢ ، الوسائل ٢٨ : ٢٨١ أبواب حدّ السرقة ب ١٩ ح ٩.
(٤) الكافي ٧ : ٢٢٨ / ١ ، التهذيب ١٠ : ١١٥ / ٤٥٧ ، الإستبصار ٤ : ٢٤٥ / ٩٢٦ ، الوسائل ٢٨ : ٢٧٨ أبواب حدّ السرقة ب ١٩ ح ١.
(٥) الكافي ٧ : ٢٢٩ / ٤ ، التهذيب ١٠ : ١١٥ / ٤٥٨ ، الإستبصار ٤ : ٢٤٥ / ٩٢٧ ، الوسائل ٢٨ : ٢٧٩ أبواب حدّ السرقة ب ١٩ ح ٤.
(٦) التهذيب ١٠ : ١١٦ / ٤٦٤ ، الإستبصار ٤ : ٢٤٦ / ٩٣٣ ، الوسائل ٢٨ : ٢٨١ أبواب حدّ السرقة ب ١٩ ح ١٢.
(٧) الكافي ٧ : ٢٢٨ / ٢ ، التهذيب ١٠ : ١١٦ / ٤٦١ ، الإستبصار ٤ : ٢٤٦ / ٩٣٠ ، الوسائل ٢٨ : ٢٧٨ أبواب حدّ السرقة ب ١٩ ح ٢.
وفي رابع : « يقطع النبّاش » وقال : « هو سارق وهتّاك الموتى » (١).
والقطع على النبّاش في جملة منها وإن كان مطلقاً يشمل ما لو لم يكن للكفن سارقاً ، إلاّ أنّه مقيّد بالإجماع على أنّه لا يقطع بمجرّد النبش أولاً ، كما هو ظاهر إطلاقها ؛ مع أنّ بتتبّع أكثر النصوص بعد ضمّ بعضها إلى بعض يظهر أنّ المراد بالنبّاش حيث يطلق هو سارق الكفن.
( ويشترط ) في القطع به ( بلوغه النصاب ) مطلقاً ، وفاقاً لأكثر الأصحاب على الظاهر ، المصرّح به في كلام بعض (٢) ؛ للأصل ، وعموم ما دلّ على اعتباره في القطع بمطلق السرقة ، وخصوص تشبيه النبّاش بالسارق في جملة من النصوص المتقدّمة ، وفيها الصحيح وغيره ، الظاهر في مساواتهما في الشرائط ، بل ظاهر بعضها التعليل بكونه سارقاً.
( وقيل : لا يشترط ) مطلقاً ، كما عن الشيخ والقاضي والحلّي (٣) في آخر كلامه ، واختاره الفاضل في الإرشاد (٤) ؛ لإطلاق الأخبار بقطع النبّاش وسارق الكفن على الإطلاق.
وفيه : منع ثبوته في جميعها ؛ لما مضى من ظهور جملة منها في الاشتراط ، وبها يقيّد باقيها ؛ مع احتمال اختصاصها بحكم التبادر بسارق الكفن الذي يبلغ قيمته النصاب ، كما هو الغالب أيضاً.
وربما قيل بالتفصيل بين المرّة الأُولى فالأوّل ، والثانية والثالثة فالثاني ،
__________________
(١) الكافي ٧ : ٢٢٩ / ٥ ، التهذيب ١٠ : ١١٥ / ٤٥٩ ، الإستبصار ٤ : ٢٤٥ / ٩٢٨ ، الوسائل ٢٨ : ٢٧٩ أبواب حدّ السرقة ب ١٩ ح ٥.
(٢) المهذّب البارع ٥ : ١٠٣.
(٣) الشيخ في النهاية : ٧٢٢ ، القاضي في المهذّب ٢ : ٥٥٤ ، الحلّي في السرائر ٣ : ٥١٤ ، ٥١٥ ، والحاكي عنهم هو العلاّمة في المختلف : ٧٧٤.
(٤) الإرشاد ٢ : ١٨٢.
وعليه الحلّي في أوّل كلامه (١) ؛ مستنداً في الأوّل إلى ما قدّمناه من عموم الأدلّة وخصوص النصوص المشبّهة ، وفي الثاني إلى أنه مفسدٌ فيقطع للإفساد.
وفيه ما مضى سابقاً ، مع أنّه شاذّ ، وهو قد رجع عنه.
وما وقفت على من استدلّ للقول الثاني بما أشار إليه الماتن بقوله : ( لأنّه ) أي قطعه ـ ( ليس حدّ السرقة ، بل لحسم الجرأة ).
وفيه زيادة على ما عرفته من ورود الإشكال المتقدّم عليه مخالفة لظاهر النصوص المتقدّمة المشبّهة للنبّاش بالسارق ، الظاهرة من جهة التشبيه في كون السبب في الحدّ هو السرقة ، من غير اعتبار خصوصيّة للنبش وأخذ الكفن في حدّه.
( ولو نبش ولم يأخذ ) الكفن ( عُزِّر ) بما يراه الحاكم ؛ لفعله المحرّم فيعزَّر (٢) كما مرّ (٣).
وللقريب من الصحيح : عن النبّاش ، قال : « إذا لم يكن النبش له بعادة لم يقطع ، ويعزَّر » (٤).
ونحوه المرسل كالموثّق في النبّاش : « إذا أُخذ أول مرّة عُزِّر ، فإن عاد قطع » (٥).
__________________
(١) السرائر ٣ : ٥١٢.
(٢) ليست في « س ».
(٣) راجع ص ٦٠.
(٤) التهذيب ١٠ : ١١٧ / ٤٦٥ ، الإستبصار ٤ : ٢٤٦ / ٩٣٤ ، الوسائل ٢٨ : ٢٨١ أبواب حدّ السرقة ب ١٩ ح ١٣.
(٥) التهذيب ١٠ : ١١٧ / ٤٦٨ ، الإستبصار ٤ : ٢٤٦ / ٩٣٦ ، الوسائل ٢٨ : ٢٨٢ أبواب حدّ السرقة ب ١٩ ح ١٦.
وإطلاقهما بعدم قطع النبّاش إلاّ مع اعتياده النبش ، ظاهرٌ فيما قدّمناه عن الصدوق في الكتابين (١).
ونحوهما في ذلك القريب من الصحيح الآخر : عن رجل أُخذ وهو ينبش ، قال : « لا أرى عليه قطعاً ، إلاّ أن يؤخذ وقد نبش مراراً فاقطعه » (٢).
وقد حملها الأصحاب على مجرّد النبش الخالي عن أخذ الكفن ، جمعاً بينها وبين النصوص المتقدّمة ، بحملها على سرقة الكفن كما هو ظاهرها ، ولا سيّما الأخبار المشبّهة منها بالسرقة بناءً على ما سبق ، وحمل هذه على ما عرفته.
والجمع بينها وإن أمكن بما يوافق قوله ، إلاّ أنّ كثرة تلك الأخبار وشهرتها شهرة قريبة من الإجماع المحتمل الظهور ، المصرّح به فيما مرّ من الكتب (٣) ، ترجّح الجمع الأوّل ، فالقول به متعيّن.
( ولو تكرّر ) منه النبش المجرّد عن أخذ الكفن ، قطع بمقتضى هذه المعتبرة.
( و ) في هذه الصورة لو ( فات ) النبّاش ( السلطان ) أي هرب منه فلم يقدر عليه ( جاز ) له كما في كلام كثير (٤) ، ولغيره أيضاً كما في ظاهر إطلاق العبارة ( قتله ؛ ردعاً ) لغيره من أن ينال مثل فعله.
__________________
(١) راجع ص ١١٤.
(٢) التهذيب ١٠ : ١١٨ / ٤٦٩ ، الإستبصار ٤ : ٢٤٧ / ٩٣٧ ، الوسائل ٢٨ : ٢٨١ أبواب حدّ السرقة ب ١٩ ح ١١.
(٣) راجع ص ١١٤.
(٤) منهم الشيخ في النهاية : ٧٢٢ ، والقاضي في المهذّب ٢ : ٥٥٤ ، والعلاّمة في الإرشاد ٢ : ١٨٣.
ولم أجد الخلاف فيه إلاّ من الشيخ في كتابي الحديث ، فلم يفرّع القتل على الفوات من السلطان ، بل على إقامة الحدّ عليه ثلاث مرّات (١) ، وحكي عن الجامع (٢) ، ولم أقف على نصّ يقتضي شيئاً من ذلك.
نعم ، في المرسل بغير واحد القريب من الصحيح ( به و ) (٣) بابن أبي عمير المجمع على تصحيح ما يصحّ عنه : « اتي أمير المؤمنين عليهالسلام برجل نبّاش ، فأخذ عليهالسلام بشعره فضرب به الأرض ، ثم أمر الناس فوطئوه حتى مات » (٤) ونحوه مرسل آخر (٥).
وليس فيهما تكرار الفعل ولا الفوت من السلطان ، إلاّ أن يحملا عليهما جمعاً. وهو حسن ؛ للاحتياط في الدم.
وظاهر العبارة عدم وجوب القتل ، كما هو ظاهر الأكثر.
قيل : وأوجبه الشيخ (٦). وهو أحوط مع تكرّر النبش مرّات والحدّ خلالها ثلاثاً ، وإلاّ فلعلّ الترك أحوط.
( الثالث : يثبت الموجب ) للقطع ( بالإقرار ) به ( مرّتين ، أو بشهادة عدلين ) بلا خلاف ولا إشكال ؛ للعمومات ، وخصوص ما يأتي من بعض الروايات.
__________________
(١) التهذيب ١٠ : ١١٨ ، الإستبصار ٤ : ٢٤٨.
(٢) الجامع للشرائع : ٥٦٣.
(٣) ليست في « ب ».
(٤) الكافي ٧ : ٢٢٩ / ٣ ، التهذيب ١٠ : ١١٨ / ٤٧٠ ، الإستبصار ٤ : ٢٤٧ / ٩٣٩ ، الوسائل ٢٨ : ٢٧٩ أبواب حدّ السرقة ب ١٩ ح ٣ ؛ بتفاوت.
(٥) التهذيب ١٠ : ١١٨ / ٤٧١ ، الإستبصار ٤ : ٢٤٧ / ٩٤٠ ، الوسائل ٢٨ : ٢٨٢ أبواب حدّ السرقة ب ١٩ ح ١٧.
(٦) حكاه عنه في المهذّب البارع ٥ : ١٠٨ ، وهو في النهاية : ٧٢٢.