أبي عبد الله محمّد بن عبد الله بن سعيد بن أحمد السلماني [ لسان الدين بن الخطيب ]
المحقق: الدكتور محمّد كمال شبانة
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة الثقافة الدينية
الطبعة: ٠
ISBN: 977-341-066-8
الصفحات: ١٩٨
أرغم أهلها أنف الصليب ، لما عجم منها بالعود الصليب ، وألف (١٢٢) لامها وألفها حكم التغليب ، فانقلب منها آيسا (١٢٣) عند التغليب :
يسأل عن أهل المرية سائل |
|
وكيف ثبات القوم والروع باسر |
(١٠٧ : أ)
قطا دارج فى الرمل فى يوم لذة |
|
ولهو ، ويوم الروع فتخ كواسر (١٢٤) |
بحرها مرفأ السفن الكبار ، وكرسيها هو العزيز عند الاعتبار ، وقصبتها سلوة الحزين ، ومودع الخزين ، وفلك المنتزين. وهى محل الغلل (١٢٥) المجدية ، والاندية (١٢٦) المشفوعة الاردية ، ولواديها المزية على الاودية. حجة الناظر المفتون ، المكسو الغصون (١٢٧) والمتون ، بالاعناب والزيتون.
__________________
(١٢٣) ينبغى أن نشير هنا الى هذه المؤامرة السرية الخطيرة التى تمت بين قشتالة وأراجون على غزو مملكة غرناطة فى آن واحد عام ١٣٠٩ م (٧٠٩ ه). وتتلخص هذه المؤامرة فى أن تهاجم الجيوش القشتالية مدينة الجزيرة الخضراءAlgociras بالجنوب ، بينما تهاجم الاساطيل الارجونية ثغور المرية من الشرق ، ويتابع الطرفان هجومهما حتى يتقابلا فى غرناطة نفسها ، وقد تعرضت مدن أندلسية كثيرة لشر هذا الاتفاق ، وكانت المرية أكثر المدن ابتلاء بهذا الهجوم ، وقد فشل المشروع الهجومى بصمود هذه المدن.
أنظر : ابن القاضى فى «درة الحجال فى غرة اسماء الرجال» ج ١ ص : ٧١ وما بعدها ، نشر علوش. الرباط ١٩٣٤ م ، وقد ترجم النص الى عدة لغات ، منها ترجمة اسبانية لسانشث البرانث فى : Sachez, Alborenez, La Espana Musulmana, P.
٣٩٢ ـ ٣٨٦.
(١٢٤) فتخ : الاسد ذوات الكف العريض.
(١٢٥) فى نسختى (س ، ط) «والحلل».
(١٢٦) فى نسخة (ط) «والاردية».
(١٢٧) فى نسخة (ط) «الخصور».
بلد الخام (١٢٨) ، والرخام ، والذمم الضخام ، وحمتها (١٢٩) بديعة الوصف ، محكمة الوصف ، مقصودة للعلاج والقصف. حرها شديد ، ودكرها طويل مديد ، وأثرها على البلى (١٣٠) جديد. الا أن مغارمها ثقيلة ، وصفحة جوها ـ فى المحول ـ صقيلة ، وسماؤها بخيلة ، وبروقها لا تصدق منها مخيلة ، وبلالة النطية منزورة العطية ، وسعرها من الاسعار غير الوطية. ومعشوق البر بها قليل الوصال ، وحمل البحر صعب الفصال (١٣١) ، وهى متوقعة الا أن يقى الله طلوع النضال ، وعادة المصال (١٣٢).
١٣ ـ «طبرنش» (١٣٣)
قلت : فطبرنش ، من شرقيها؟
قال : حاضرة البلاد الشرقية (١٣٤) ، وثنية البارقة الافقية. ما شئت من تنجيد بيت ، وعصير زيت (١٣٥) ، (١٠٧ : ب) واحياء أنس
__________________
(١٢٨) فى نسختى (ط ، ر) «الكتان» ففى نسختنا أعم.
(١٢٩) حمتها : لا يقصد بلدة الحامة «Alhama» التى سيفرد ابن الخطيب لها وصفا خاصا بها بعد قليل. وانما يقصد العين الحارة الخاصة بالمرية ، وذلك خلافا لما ذكر د. العبادى فى «المشاهدات».
(١٣٠) فى نسخة (ر ، س) «البلاد» ، وقد أوردها «سيمونيت» كذلك ، ولعلها فى نسختنا أصوب.
(١٣١) فى نسختى (ر ، ط) «العضال» وقد أوردها «سيمونيت» كذلك ، ولعل الصواب فى نسختنا ، فهو يعنى أن حمل السفن من قمح وخلافه صعب الفصال ، وهو كناية عن قلة البر وغلاؤه.
(١٣٢) المصال : الكفاح.
(١٣٣) طبرنش : هى «Tabernas» وتعنى باللاتينية : حوانيت وأكواخ.
أنظر : سيمونيت فى تحقيقه.Simonet.O.P.Cit.P. ١٠٣.
(١٣٤) فى نسخة أخرى «البلاد المشرقية».
(١٣٥) فى نسخة (س) «وعصر الزيت».
ميت ، وحمام طيب ، وشعب تنثر فيه دنانير أبى الطيب (١٣٦). الا أنها محيلة الغيوث ، عادية الليوث ، متحزبة الاحزاب (١٣٧) شرهة الاعزاب. ولو شكر ـ الغيث ـ شعيرها ، أخصبت ـ البلاد ـ عيرها.
١٤ ـ «بيرة» (١٣٨)
قلت : فبيرة؟
قال : بلدة صافية الجو ، رحيبة الدو (١٣٩) ، يسرح بها البعير ، ويجم بها الشعير ، ويقصدها ـ من مرسية وأحوازها ـ العير ، فساكنها بين تجر وابتغاء أجر ، وواديها نيلى الفيوض والمدود ، مصرى التخوم والحدود ، ان بلغ الى الحد المحدود ، فليس رزقه بالمحصور ولا بالمعدود. الا أنها قليلة المطر ، مقيمة على الخطر ، مثلومة الاعراض والاسوار ، مهطعة لداعى البوار ، حليفة حسن مغلوب ، معللة بالماء المجلوب ، آخذة بأكظام القلوب ، خاملة الدور ، قليلة الوجوه والصدور ، كثيرة المشاجرة والشرور ، برها أنذر من برها فى المعتمر والبور ، وزهد أهلها فى الصلاة
__________________
(١٣٦) يرمى بذلك الى وصف المتنبى (٣٠٣ ـ ٣٥٤ ه / ٩١٥ ـ ٩٦٥ م) لشعب بوان ، فى تساقط أشعة الشمس من خلال الاوراق على الارض ، وكأنها الدنانير ، وشعب بوان هو مكان بفارس قرب شيراز ، يوصف بكثرة المياه والاشجار.
قال المتنبى فى وصفه :
فدونا تنفض الاغصان فيه |
|
على أعرافها مثل الجمان |
فسرت وقد حجبن الشمس عنى |
|
وجئن من الضياء بما كفانى |
وألقى الشرق منها فى ثيابى |
|
دنانير تفر من البنان |
راجع : العرف الطيب ـ لليازجى ج ٧ ص ٦٠٣ ـ ٦١٢.
(١٣٧) فى نسختى (ر ، س) «شريفة» فلعل الصواب فى نسختنا.
(١٣٨) بيرة : هى بالاسبانية «Vera» تقع شمال شرق مملكة غرناطة ، وهى بلدة مرتفعة ، على ساحل البحر الابيض المتوسط ، مما أكسبها أهميتها الحربية.
(١٣٩) الدو : الفضاء خارج المدينة.
شائع فى الجمهور ، وسوء ملكة الاسرى من الذائع (بها) (١٤٠) والمشهور.
(ما قام خيرك يا زمان بشره |
|
أولى لنا ما قل منك وما كفى) (١٤١) |
١٥ ـ «مجاقر» (١٤٢)
قلت : فمجاقر؟
قال : حصن جديد ، وخير مديد ، وبحر ما على افادته مزيد ، (وخصب ثابت ويزيد) (١٤٣). ساكنه قد قضى ـ الحج ـ أكثره ، وظهر (١٠٨ : أ) عين الخير فيه وأثره ، الا أنه لا تلفى ـ به للماء ـ بلالة ، ولا تستشف للجود علالة.
١٦ ـ «قنتورية» (١٤٤)
قلت : فقنتورية؟
قال يسار يمينها ، وغبار كمينها ، ومعمول يمينها ، يجود بها الجبن والعسل ، ومن دونها الاسل (١٤٥) ، وأما عن الخبز فلا تسل. وان كانت أحسن شكلا ، فأقل شربا وأكلا ، وأجفا أهلا ، وأشد جهلا ، وأعدم علا
__________________
(١٤٠) زيادة فى «س».
(١٤١) هذا البيت ورد فى النسخ الاخرى ، وأثبته «سيمونيت».
.١١٢ Simonet OP. Cit. P
(١٤٢) مجاقر : هى بالاسبانية «Mojacar» احدى قرى الاندلس الصغيرة ، ما زالت حتى اليوم ، وما زال نساؤها حتى الآن يرتدين الحجاب.
(١٤٣) زيادة فى «س ، ط».
(١٤٤) قنتورية : هى «Cantoria» تقع جنوب «برشانة» على نهر المنصورة.
(١٤٥) كناية عن بخل أهلها ، بدليل ما ذكره بعدئذ.
ونهلا ، وأهلها شرار ، أضلعهم بالظماء (١٤٦) حرار. لا تلفى بها نغبة (١٤٧) ماء ، ولا تعدم (١٤٨) مشقة ظماء ، ولا تتوج أفقها الا فى الندرة قزعة سماء.
١٧ ـ «برشانة» (١٤٩)
قلت : فبرشانة؟
قال : حصن مانع ، وجناب يانع ، أهلها أولو عداوة لاخلاق البداوة ، وعلى وجوههم نضرة وفى أيديهم نداوة ، يداوون بالسلافة (١٥٠) علل الجلافة ، (ويؤثرون علل التخلف على لذة الخلافة) (١٥١) ، فأصبح ربعهم ظرفا ، قد ملئ ظرفا ، فللمجون به بسوق ، وللفسوق ألف سوق ، تشمر به الاذيال عن سوق. وهى تبين بعض بيان عن أعيان ، وعلى وجوه نسوانها طلاقة ، وفى ألسنتهم ذلاقة ، ولهن بالسفارة (١٥٢) فى الفقراء علاقة. (١٥٣) الا أن جفنها ليس بذى سور يقيه مما يتقيه ، ووغدها يتكلم بملئ فيه ، وحليمها يشقى بالسفيه ، ومحياها تكمن حية الجور فيه.
__________________
(١٤٦) فى نسختى (س ، ر) «بالظمإ» وهكذا أوردها «سيمونيت» ، ولعل الصواب فى نسختنا.
(١٤٧) النغبة : بالتشديد مع الفتح أو الضم ، بمعنى الجرعة من الماء.
(١٤٨) فى نسخة (س) «ولا يعدم».
(١٤٩) هى «Purchena وتقع على نهر المنصورة ، تتبع ولاية «المرية» ، ويوجد مكان آخر بهذا الاسم بولاية «جيان».
انظر «الروض المعطار» للحميرى ص ٥٢ حاشية ١.
(١٥٠) السلافة : أفضل أنواع الخمر ، اذ هى السائل قبل العصير.
(١٥١) هذه العبارة زائدة فى النسخ الاخرى ، والعلل هو الشرب للخمر المرة تلو المرة ، فأهل المدينة يؤثرون ذلك على لذة الملك.
(١٥٢) فى نسختى (س ، ر) «عن» ، وهو أصوب وأنسب.
(١٥٣) كناية عن اشتغال بعض نسائها بالقوادة.
١٨ ـ «أورية» (١٥٣)
قلت : فأورية؟ (١٠٨ : ب).
قال : بلد الجبن والعسل (١٥٤) ، والهواء الذي يذهب بالكسل ، وأما عن الماء البرود فلا تسل. ادامه الصيد الذي لا يتعذر ، وقوته الشعير الذي يبذر. الا أنه بادى الوحشة والانقطاع ، والاجابة لداعى المخالفة (١٥٥) والاهطاع (١٥٦). وحش الجناب (١٥٧) ، عرى من ثمرات النخيل والاعناب ، حقيق لمعرة العدو والاجتناب.
١٩ ـ «بليش الشقراء» (١٥٨)
قلت : فبليش؟
قال : ثغر قصى ، وقياد (١٥٩) ـ على الامن ـ عصى ، ويتيم ليس عليه ـ غير العدو ـ وصى. ماؤه معين ، وحوره عين ، وخلوته ـ على النسك وسواه ـ تعين. وبه الحمام ، والنطف الجمام (١٦٠) ، ولاهله بالصيادة اهتمام ، وعسله ـ اذا اصطفت العسول ـ امام. الا أنها
__________________
(١٥٣) هى المعروفة اليوم باسم «Oria» بولاية المرية.
(١٥٤) فى النسخ الاخرى «بلدة».
(١٥٥) فى نسخة أخرى «المخالفة».
(١٥٦) الاهطاع : الاسراع فى خوف.
(١٥٧) فى نسختى (س ، ر) «وحسن» هكذا أوردها «سيمونيت» ، وهو ما يتناسب مع السياق العام للوصف.
(١٥٨) هى «Velez Rubio» تقع قرب مدينة «لورقة» ، علاوة على «بليش البيضاء» Y en sun proximidales Velez Blancc
كما توجد بليش أخرى تدعى «Velez Malaga» وهى قرب «مالقة».
(١٥٩) فى النسخ الاخرى بحذف «وقياد».
(١٦٠) النطف الجمام : الماء الكثير.
بلدة منقطعة بائنة ، وبأحواز العدو كائنة ، ولحدود لورقة (١٦١) ـ فتحها الله ـ مشاهدة معاينة. وبرها الزهيد القليل يتحف به العليل ، وسبيل الامن اليها غير سبيل ، ومرعاها ـ لسوء الجوار ـ وبيل.
٢٠ ـ «بسطة» (١٦٢)
قلت : فمدينة بسطة؟
قال : وما بسطة! بلد خصيب ، ومدينة لها من اسمها نصيب ، دوحها متهدل ، (١٦٣) وطيب هوائها غير متبدل ، وناهيك من بلد اختص أهله فى معالجة الزعفران ، وامتازوا به عن غيرهم من الجيران. عمت ـ أرضها ـ السقيا فلا تخلف ، وشملتها البركة يختص الله (١٦٤) ١٠٩ : أ) من يشاء ويزلف ، يتخلل ـ مدينتها ـ الجدول المتدافع ، والناقع للغلل (١٦٥) النافع. ثياب أهلها بالعبير تتأرج ، وحورها تتجلى وتتبرج وولدانها ـ فى شط انهارها المتعددة ـ تتفرج. ولها الفحص الذي يسافر فيه الطرف سعيا ، ولا تعدم السائمة به ريا ولا رعيا ، ولله در القائل :
ألجأنى الدهر الى عالم |
|
يؤخذ منه العلم والدين (١٦٦) |
فى بلدة عوذت نفسى بها |
|
اذ فى اسمها طه وياسين |
__________________
(١٦١) لورقة : مدينة تبعد عن مرسية بنحو ٦٠ كم على مرتفع جبلى ، فهى قلعة مرسية فى الحروب الاسلامية النصرانية ، وقد سقطت لورقة هذه فى يد الاسبان عام ١٢٤٨ م (٦٤٥ ه).
راجع : الروض المعطار ص ١٧١.
(١٦٢) بسطة : تعرف الآن فى الاسبانية باسم «Baza» تقع شمال شرق غرناطة بنحو ٢٥ كم.
(١٦٣) فى نسختى (س ، ر) «متدل».
(١٦٤) فى نسختى (ط ، ر) «تختص».
(١٦٥) فى نسخة (ط) «للعلل».
(١٦٦) فى نسخة (ط) يتأخر البيت الاول عن الثانى ، وهو ما لا يتناسب والسياق العام ، وهكذا أوردها سيمونيت دون اشارة الى نسختنا.
الا أن ترتبها تفضح البناء ، وان صحبة الاعتناء ، فأسوارها تسجد عند الاقامة ، وخندقها ـ لاكسارها ـ تلقامة ، فهى ـ لذلك ـ غير دار (١٦٧) مقامة ، ورياحها عاصفة ، ورعودها قاصفة ، وحاميتها تنظر الى الهياج ، من خلف سياج ، فالعدو فيها شديد الفتكات ، معمل الحركات ، وساكنها دائم الشكات ، وحدها فليل ، وأعيانها قليل (١٦٨) ، وعزيزها ـ لتوقع المكروه ـ ذليل.
٢١ ـ «أشكر» (١٦٩)
قلت : فأشكر؟
قال : نعم البسيط المديد ، والرزق الجديد ، والتقى (١٧٠) العديد ، والصيد والقديد (١٧١) ، تركب الجداول فحصها ، ويأبى الكمال نقصها ، ويلازم ظل الخصب شخصها. مسرح البهائم ، ومعدن الرعى الدائم. الا أن معقلها لا يمنع ، ومكانها يحوم عليه (١٠٩ : ب) الحادث الاشنع ونفوس أهلها مستسلمة لما الله يصنع.
__________________
(١٦٧) فى نسخة (ط) «خير» ، وهو ما لا يتناسب والسياق العام لوصف طبيعة البلد ، وقد أوردها سيمونيت كذلك مخالفة لنسختنا.
(١٦٨) هذه الجملة زائدة فى نسختنا ، دون النسخ الاخرى.
(١٦٩) أشكر : هى «Huescat» تتبع ولاية غرناطة ، موقعها شمال بسطة ، ويشير «سيمونيت» عند ذكر هذه المدينة الى المنازعات التى كانت بين المسلمين والنصارى أيام ابن الخطيب.
راجع : Simonet.OP.Cit.p. ٦٣.
(١٧٠) فى نسخة (ط) «والسعى».
(١٧١) فى نسختى (ر ، س) «القديد» بدون الواو.
٢٢ ـ «أندرش» (١٧٢)
قلت : فأندرش؟
قال : عنصر جباية ، ووطن بهم (١٧٣) أولو اباية ، حريرها ذهب ، وتربها تبر منتهب (١٧٤) ، وماؤها سلسل ، وهواؤها لا يلفى معه كسل. الا أنها ضيقة الاحواز والجهات ، كثيرة المعابر والفوهات. أعرابها أولو استطالة ، وابناء مترفيها كثير والبطالة ، فلا يعدم ذو الزرع عدوانا ، ولا يفقد عير الشر نزوانا ، وطريقها غير سوى ، وساكنها ضعيف يشكو من قوى.
٢٣ ـ «شبالش» (١٧٥)
قلت : فشبالش؟
قال : معدن حرير خلصت سبائكه ، وأثرى بزازه وحائكه ، وتهدلت حجاله وتمهدت آرائكه ، وجباية سهل اقتضاؤها ، وجمت بيضاؤها. الا
__________________
(١٧٢) أندرش : هى «Andorax» تتبع المرية ، مدينة صغيرة ، توجد الآن قرب ولايتها ، واسمها يطلق على نهر هناك ينبع من جبل الثلج Sierra Nevada ويصب فى البحر الابيض المتوسط.
(١٧٣) فى نسخة (ر) «به» بدل «بهم» ، والبهم بضم ففتح ج بهمة ، وهو الشجاع ، يقول البوصيرى :
طارت قلوب العدا من بأسهم فرقا |
|
فما تفرق بين البهم والبهم |
(١٧٤) فى نسختى (س ، ر) «ملتهب» هكذا أوردها «سيمونيت» ، ولعل الصواب فى نسختنا.
(١٧٥) فى نسخة (ط ، ر) «الفرج» ، هكذا أوردها سيمونيت ، وهو ما لا يتناسب والسياق ، فلعل الصواب فى نسختنا.
(١٧٥) تسمى بالاسبانية «Jubles» موقعها بأطراف جبل الثلج «Sierra Nevada» وكانت عبارة عن حصن فى العصور الاسلامية ، وقد تحدث «سيمونيت» عن هذا الحصن وأهميته فى الحروب الاهلية ، التى كانت تنشب فى غرناطة على مر عصورها الاسلامية المختلفة.
راجع فى هذا : «سيمونيت» ص ١٠٢.
أنه وطن عدم ادامه ، وبيت ظهر اهتدامه ، وفقدت به حيل التعيش وأسبابه ، ومحل لا يقيم به الا أربابه.
٢٤ ـ «وادى آش» (١٧٦)
قلت : فمدينة وادى آش؟
قال : مدينة الوطن ، ومناخ من عبر أو قطن ، للناس ما بدا (١٧٧) ولله ما بطن. وضع سديد ، وبأس شديد ، ومعدن حديد ، ومحل عدة وعديد ، وبلد لا يعتل فيه الا النسيم ، ومرأى يخجل منه الصباح الوسيم. كثيرة الجداول والمذانب ، مخضرة الجوانب. الى (١١٠ : أ) الفواكه الكثيرة ، والكروم الاثيرة ، والسقى الذي يسد الخلة ، ويضاعف الغلة. وسندها معدن الحديد والحرير ، ومعقلها أهل للتاج والسرير. وهى دار أحساب ، وارث واكتساب ، وأدب وحساب. وماؤها مجاج الجليد ، وهواؤها يذكى طبع البليد. الا أن ضعيفها يضيق عليه المعاش ، وناقهها يتعذر عليه الانتعاش ، وشيخها يسطو على عصبة الارتعاش (١٧٨). فهى ذات برد ، وعكس وطرد ، ما شئت من لحى راعد ، ومقرور على الجمر قاعد ، ونفس صاعد ، وفتنة يعد بها واعد ، وشرور تسل الخناجر ، وفاجر يسطو بفاجر ، وكلف بهاجر (١٧٩) ، واغتمام تبلغ به القلوب الحناجر ، وزمهرير تجمد له المياه فى ناجر شهر (١٨٠). وعلى ذلك فدرتها
__________________
(١٧٦) وادى آش : هى «Guadix» تقع شمال شرق غرناطة ، على نهر «فردس» وتبعد عن غرناطة بنحو ٥٥ كم.
راجع : الحميرى فى : «الروض المعطار» ص ١٩٢ ـ ١٩٣ نشر ليفى بروفنسال.
(١٧٧) فى نسخة (ط) «ما ظهر».
(١٧٨) فى نسختى (ط ، س) «وشيخها يخطو على قصبة الارتعاش».
(١٧٩) الهاجر : الفحش والبذىء من القول.
(١٨٠) شهر ناجر : كل شهر من شهور الصيف ، لان الابل تنجر فيه أى تعطش.
أسمح (١٨١) للحالب ، ونشيدتها أقرب للطالب ، ومحاسنها أغلب والحكم للغالب.
٢٥ ـ «فنيانة» (١٨٢)
قلت : ففنيانة؟
قال : مدينة ، وللخير خدينة ، ما شئت من ظبى غرير ، وعضب طرير (١٨٣) ، وغلة وحرير ، وماء نمير ، ودوام للخزين (١٨٤) وتعمير. الا أن بردها كثير ، وودقها نثير ، ووشرارها لهم فى الخيار تأثير.
٢٦ ـ «مدينة غرناطة» (١٨٥)
قلت : فمدينة غرناطة؟
قال : حضرة سنية ، والشمس (بها) عن مدح المادح غنية ،
__________________
(١٨١) فى نسختى (س ، ر) «اسمع» وهكذا أوردها «سيمونيت» ، ولكنها فى نسختنا أصوب.
(١٨٢) هى «Finana» تقع ضمن مقاطعة المرية على مسافة ٣٠ كم. جنوب شرق وادى آش.
راجع : الحميرى فى «الروض المعطار» ، ص ١٧٢ حاشية ٢.
(١٨٣) عضب طرير : سيف ذى حد مرهف.
(١٨٤) فى نسختى (س ، ر) «للتخزين».
(١٨٥) هى Granada ومعناها «الرمانة» ، وهى شعارها التاريخى ، تقع فى واد عميق ، يمتد من المنحدر الشمالى الغربى لجبال «سيير انيفادا» ويحدها من الجنوب نهر شنيل فرع الوادى الكبير ، ويخترق فرعه «حدره» المدينة من الوسط ، والى يمينه يقع حى البيازين ، ومعظم المدينة الحديثة ، وتقع قصبة الحمراء فى الناحية الاخرى. وقد سقطت غرناطة بالتسليم فى يد الملكين الكاثوليكيين «فرناندو وايزابيلا» فى ٢ يناير ١٤٩٢ م (٢ ربيع الاول ٨٩٧ ه).
وهى خاتمة الفتوح التى توجت حروب الاستردادla Reconquista لذلك تحظى
كبرت عن قيل وقال ، وجلت عن (١١٠ : ب) وامق (١٨٦) وقال (١٨٧) ، وقيدت العقل بعقال ، وأمنت حال حسنها من انتقال. لو خيرت فى حسن الوضع لما زادت وصفا ، ولا أحكمت رصفا ، ولا أخرجت
__________________
غرناطة بمنزلة خاصة فى نفوس الاسبان ، وفى التاريخ الاسبانى كذلك ، فهى المرقد الابدى لفاتيحها الكاثوليكيين ، كما حباها ملوك اسبانيا بعنايتهم ، وفى مقدمتهم الامبراطور «شارلكان» الذي أسس جامعتها الشهيرة. وغرناطة اليوم ولاية ومدينة ، فكونها ولاية تشمل مساحة قدرها ٠٠٠. ٥ ميل مربع يحدها البحر من الجنوب ، ومن الشمال ولايات قرطبة وجيان ، ومن المشرق ولايتا المرية ومرسية ، ومن الغرب ولاية مالقة ، وتخترقها وتظللها جبال الثلج «سيير انيفادا» ويرويها كل من نهر الوادى الكبير وفرعه نهر شنيل ، وجوها حار ، ولا سيما فى الوديان المنخفضة ، وباردة فى التلال ، وتربتها خصبة جدا ، ولا سيما فى المغرب والجنوب ، ويبلغ سكان الولاية ٠٠٠. ٥٠٠. ١ نسمة تقريبا ، ويتبعها من المدن : وادى آش ، واشكر ، ومترايل ، والحامة ، وسنتافى ، ولوشه ، وحصن اللوز ، ومونتى فريو ، وأجيجر ، وبسطة ، والمنكب ، وأرجية ، وشلوبانية. وغرناطة العاصمة حاليا ثلاثة أقسام ، هى : أنتكيرويلا ، وغرناطة ، والبيازين. وهى مدينة زراعية صناعية ، ويبلغ عدد سكانها اليوم حوالى ٠٠٠. ١٧٠ نسمة ، وتمتاز بكثرة منشآتها العلمية والفنية ، وقد تأسست جامعتها عام ١٥٣١ م فى عصر الامبراطور شارلكان ، وقد بارك المشروع «البابا كليمنت السابع» وأصدر مرسوما بانشاء الجامعة التى تشتمل على كليات ، هى : الفلسفة والآداب ، والعلوم ، والحقوق ، والطب ، والصيدلة. ويلحق بكلية الآداب ـ معهدان هما : معهد تاريخ الملكين الكاثوليكيين ، وقد أنشئ عام ١٩٤٣ م ، والثانى مدرسة الابحاث العربية بغرناطة ، والتى تعمل بالتعاون مع مدرسة «بيجيل آنسن» للدراسات العربية بمدريد ، ويصدران معا «مجلة الاندلس» ، وبغرناطة عدة متاحف ، منها متحف الحمراء ، والمتحف الاثرى ، ومتحف البلدية. أما المعالم والآثار الاندلسية الباقية فهى : الحمراء ، وحى البيازين ، وميدان باب الرملة ، والقيسرية ، والمدرسة ، والخان ، والابواب والاسوار ، وقصر شنيل.
راجع : رحلة ابن بطوطة لهذه المدينة ، ج ٢ ص ١١٨٧ ، ٦٨ ـ ٢٧ ، وكذا : Simonet, OP. Cit.
(١٨٦) الوامق : المحب.
(١٨٧) القال : الكاره.
أرضها ريحانا ولا عصفا (١٨٨) ، ولا أخذت بأشتات المذاهب ، وأصناف المواهب جدا و (لا) قصفا. كرسيها ظاهر الاشراف ، مطل على الاطراف ، وديوانها مكتوب بآيات الانفال والاعراف ، وهواؤها صاف ، وللانفاس مصاف. حجبت ـ الجنوب عنها ـ الجبال ، فأمن (١٨٩) الوباء والوبال ، وأصبح ساكنها عير مبال ، وفى جنه من النبال ، وانفسحت للشمال (١٩٠) ، واستوفت الشروط على الكمال ، وانحدر منها مجاج الجليد على الرمال. وانبسط ـ بين يديها ـ المرج الذي نضرة النعيم لا تفارقه ، ومدارى النسيم تفلى بها مفارقه. ريع من واديه بثعبان مبين ، ان لدغ تلول شطه تلها للجبين ، وولدت حيات المذانب عن الشمال واليمين (١٩١) ، وقلد منها اللبات سلوكا تأتى (١٩٢) من الحصباء بكل در ثمين ، وترك الارض مخضرة ، تغير من خضراء السماء ضرة ، والازهار مفترة ، والحياة الدنيا ـ بزخرفها ـ مغترة.
أى واد أفاض من عرفات |
|
فوق حمرائها أتم أفاضة |
(١١١ : أ) ثم لما استقر بالسهل يجرى |
|
شق منها بحلة فضفاضة |
كلما انساب كان عضبا صقلا |
|
واذا ما استدار كان مفاضة (١٩٣) |
__________________
(١٨٨) العصف : ورق الزرع.
(١٨٩) فى نسخة (س) «فأمنت».
(١٩٠) الشمال : رياح الشمال.
(١٩١) فى نسخة (س) «وولد حيات المذانب تأتى عن الشمال واليمين».
(١٩٢) فى نسختى (ر ، س) «تأثر» ، وهكذا أوردها سيمونيت ، والصواب فى نسختنا.
(١٩٣) مفاضة : درع.
فتعددت القرى والجنات ، وحفت ـ بالامهات منها ـ البنات ، ورف النبات ، وتدبجت الجنبات ، وتقلدت اللبات ، وطابت بالنواسم المهبات ، ودارت بالاسوار دور السوار المنى والمستخلصات ، ونصبت ـ لعرائس الروض ـ المنصات ، وقعد سلطان الربيع لعرض القصات ، وخطب بلبل الدوح فوجب الانصات ، وتموجت الاعناب ، واستبحر ـ بكل عذب الجنا ـ منها الجناب ، وزينت السماء الدنيا من الابراج العديدة بأبراج ، ذات دقائق وأدراج ، وتنفست الرياح عن أراج ، أذكرت الجنة كل امل ما عند الله وراج.
وتبرجت بحمرائها القصور مبتسمة عن بيض الشرفات ، سافرة عن صفحات القبات المزخرفات. تقذف ـ بالانهار من بعد المرتقى ـ فيوض بحورها الزرق ، وتناغى ـ أذكار المآذن بأسمارها ـ نغمات الورق. وكم أطلعت من أقمار وأهلة ، وربت من ملوك جلة ، الى بحر التمدن (١٩٤) المحيط الاستدارة ، الصادر عن الاحكام والادارة ، ذى المحاسن غير المعارة ، المعجزة لسان (١١١ : ب) الكناية والاستعارة ، حيث المساجد العتيقة القديمة ، والميازب الحافظة للرى المديمة ، والجسور العريضة ، والعوائد المقدرة (تقدير الفريضة ، والاسواق المرقومة الاطواق) (١٩٥) بنفائس الاذواق ، والوجوه الزهر ، والبشرات الرقاق ، والزى الذي فاق زى الآفاق ، وملأ قلوب المؤمنين بالاشفاق :
بلد جللها الله حسنا وسنى |
|
وأجر السعد من حل لديها رسنا |
__________________
(١٩٤) وردت هذه العبارة فى نسختى (ط ، ر) هكذا : «الى التمدين المحيط الاستدارة» كما أوردها بهذا سيمونيت ، ولعلها فى نسختنا أوفى.
(١٩٥) هذه الزيادة بين القوسين وجدتها فى نسختنا فقط.