السيّد محمّد الوحيدي
المحقق: الشيخ هاشم الصالحي
المترجم: الشيخ هاشم الصالحي
الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: انتشارات محمّد الوفائي
المطبعة: سپهر
الطبعة: ١
ISBN: 964-6013-03-1
الصفحات: ٣٠٠
قال زرارة : ولا أعلم إلّا أنّه قال : ولعنه (١).
أمّا العامّة فهكذا نقلوا الحديث : «الوزغ ابن الوزغ والملعون بن الملعون» (٢).
(بِأبِي أنْتُم وَأمِي وَنَفْسِي وَأهْلِي وَمَالِي)
أي أفديكم بأبي وأمّي ونفسي وأهلي ومالي ، وهم رهط الانسان وأعزّ ما لديه.
(ذِكْرُكُم فِي الذّاكِرِين وأسْمَاءُكُم فِي الأسْمَاءِ وأجْسَادُكُم فِي الأجْسَادِ وَأرْوَاحُكُم فِي الأرْوَاحِ وَأنْفُسُكُم فِي النُّفُوسِ وآثَارُكُم فِي الآثَارِ وَقُبُورُكُم فِي القُبُورِ)
هذه الفقرات تحتمل معانٍ.
الاوّل : أن يكون المعنى أنّ ذكركم وإن كان في الظّاهر مذكوراً بين الذّاكرين أو يذكروكم بالسنتهم ويذكروا غيركم ، وتذكر أسماؤكم في أسمائهم بأن يقولوا ، محمّد وعلي وكذا البواقي إلّا أنّه لا نسبة بين ذكركم وذكر غيركم ، ولا بين أسمائكم واسماء غيركم ، وكذا البواقي بقرينة الفقرة الآتية في قوله بعد ذلك.
(فَمَا أحْلَى أسْمَاءُكُم وَأكْرَمُ أنْفُسَكُم وَأعْظَمُ شَأنَكُم وَأجَلُ خَطَرَكُم)
أي وإن كانت أسماؤكم وأنفسكم وأرواحكم تذكر ضمن سائر الاسماء
__________________
(١) بحار الانوار : للعلّامة المجلسي رحمه الله ، ج ٣١ ، ص ٥٣٣ ، روضة الكافي : للشّيخ الكليني رحمه الله ، ج ٨ ، ص ٢٣٨.
(٢) وقد ورد عن عبد الرحمن بن عوف ، قال : كان لا يولد لأحد مولود ، إلّا أتي به إلى النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فدعا له ، فاُدخل عليه مروان بن الحكم ، فقال : «هو الوزغ ابن الوزغ ، الملعون ابن الملعون» أخرجه الحاكم في المستدرك : ج ٤ ، ص ٤٧٩. وتأمل في الروايات الواردة في هذا الباب في الإصابة : لابن حجر ، ج ١ ، ص ٣٤٥ ، وتاج العروس : للزبيدي ، ج ٦ ، ص ٣٥ ، والسيرة الحلبية : ج ١ ، ص ٣٣٧ ، الانساب : للبلاذري ، ج ٥ ، ص ٢٧ ، والفائق : للزمخشري ، ج ٢ ، ص ٣٠٥.
والنّفوس والارواح ، إلّا أنّه ما أحلى أسماءكم من بين الاسماء وأعظم وأكرم نفوسكم وأرواحكم.
وعلى أي حال ، فحاصل المعنى أن ما يذكر ويسمى ويتكلم به تدور حوله الألسن فهو غير خارج من هذين الشّقين : إمّا خالق أو مخلوق ، وأسماؤكم وأنفسكم وأخلاقكم وأجسادكم وسائر أفعالكم وأحوالكم وأطواركم وإن كانت في ضمن المخلوقات وداخلة في جملتها ، إلّا أن لها كمال الامتياز والسّمو والعلو والرّفعة والقدر والمنزلة بحيث لا نسبة بينها وبين سائر الاسماء والنفوس والأرواح ، فهي مصداق المثل المعروف : اين الثرى من الثريا ، فهناك جملة من الاُمور المنسوبة إليهم وإلى غيرهم ، وهذا لا يقضي مساواتها ولا انطباقها كما قال من قال.
فإنْ تَفِقِ الأنام وأنْتَ مِنْهُم |
|
فإنَّ المِسكَ بَعْضُ دَمُ الغَزَالِ |
وهذا المعنى أحسن المعاني واوضحها.
الثّاني : أن يكون المعنى : إذا ذكر الله الذّاكرون بمدح أو ثناء فأنتم داخلون فيهم ، لأنكم سادات الذاكرين ، وكذا إذا ذكرت الاسماء الشريفة والأوصاف المنيعة والارواح الطّيبة والأجساد الطّاهرين والأنفس السّليمة والعقول المستقيمة ونحو ذلك ، فأسماؤكم وأرواحكم وأجسادكم ونفوسكم داخلة في هذا التّعريف ، لأنّكم سادة السّادة وقادة الهداة وأشرف الشّرفاء ، ويدل على هذا المعنى الاحاديث الواردة ومدلولها ، أن كلّ آية مدح وثناء تشتمل على فضيلة وكمال فإنّ المراد منها الائمَّة المعصومين عليهمالسلام ، وكلّ آية قدح وعذاب تشتمل على الذّم والتّفريع فالمراد منها أعداء أهل البيت عليهمالسلام (١).
المأثور عن الإمام موسى الكاظم عليهالسلام في تفسير الآية الشّريفة : (وَلَا تَسْتَوِي
__________________
(١) راجع بحار الانوار : للعلّامة المجلسي رحمه الله ، ج ٣٤ ، ص ٤١ الى ٤٨ و ٣٨٦ الى ٣٠٤.
الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ) (١) فقال الإمام عليهالسلام : «نحن الحسنة ، وبنو اُميّة السيئة» (٢).
الثّالث : أن يكون المعنى أنّه ينبغي أن يكون ذكركم مذكوراً في ألسنة الذّاكرين وكذا أسماؤكم ، والباقي بمعنى أن من أراد أن يذكر أحداً بمدح فينبغي أن لا يذكر سواكم ، ومن أراد الثناء على الأسماء والأرواح والأجساد والنّفوس فليس له أن يتجاوزكم إلى غيركم قال من قال :
إلَيْكُمْ وَإلّا لا تُشَدُّ الرَّكائب |
|
وَمِنْكُمْ وَإلّا لا تَصُحُّ المَواهِبُ |
وَفِيْكُمْ وَإلّا فَالحَدِيثُ مُزَخْرَفٌ |
|
وَعَنْكُمْ وَإلّا فَالمُحَدِّثُ كاذِبُ |
الرّابع : أن يكون المعنى أن ذكركم واسماؤكم وأرواحكم وسائر ما ذكر بمنزلة المظروف ، وجميع ذلك من غيركم بمنزلة الظّرف ، فشرافة هذه الاشياء منكم كشرافة المظروف على الظرف وامتيازه ، ولا يخلو هذا المعنى من بعد.
الخامس : يحتمل أن يكون المعنى أن هذه المذكورات من غيركم بمنزله القشر ومنكم بمنزلة اللب ، لأنّ الله سحبانه اشتق أسماءكم من أسمائه القدّسة ، وأمَّا أسماء غيركم فهي من صنع أنفسهم أو يُنسبون الى عبّاد الاصنام والمشركين ، ولأن أسماءكم محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين ، واسماء غيركم بهرام وعبد العزّى وآذر ميدخت وغيرها أخذت من اسماء عبّاد الاصنام أو عبّاد النّار.
وذكركم بتمام الجوارح والاعضاء ، والذّكر على ألسنتكم ممزوج بالذكر في قلوبكم ، وذكر غيركم في الظّاهر واللّسان فقط ، وأن أرواحكم وأبدانكم من العليين وما فوق ذلك ، وأبدان شيعتكم دون ارواحكم من العليين وما دون ذلك ،
__________________
(١) فصلت : ٣٤.
(٢) بحار الانوار : للعلّامة المجلسي رحمه الله ، ج ٣٤ ، ص ٤٧ ، عن كنز الفوائد : ص ٢٨٢.
وكما ورد عن الامام علي عليهالسلام في حديث الى أن قال : «الحسنة حبّنا والسيئة بغضنا» رواه الحموني في فرائد السمطين : ج ٢ ، ص ٢٢٩ ، القندوزي في ينابيع المودة : ص ٩٨ ، والثعلبي الشافعي في تفسيره ، كما في الاحقاق : ج ٩ ، ص ١٣٥ ، البدخشي في مفتاح النجا : ص ٦ ـ مخطوط ، وغيرهم.
وأبدان وأرواح أعدائكم من السّجين وما دون ذلك.
وآثاركم تحوى على المطالب العالية والمعارف الالهية الجليلة ، وآثار غيركم إمّا سالبة بأنتفاء الموضوع أو عندما تحتوي على فائدة فهي مقتبسة من آثاركم. وهكذا قبوركم وبيتكم التي عظمها الله سبحانه وجللها وجعل استجابة الدّعاء فيها وجعلها ملجاءً ومأمناً لاهل الدّنيا وأمّا قبور غيركم فهي خالية من هذه الخصائص ، واذا وجد فهي من بركات قبوركم.
السّادس : أن يقرأ فقرات أسمائكم وأرواحكم الى آخره ... مجروراً ، معطوفاً على ضمير الخطاب المجرور في ذكركم ، فيكون المعنى هكذا : يذكركم الله في جنب الذّاكرين ، فيكون من قبيل الاضافة الى المفعول ، بمعنى : اذا ذكر النّاس الذّاكرين بالمدح والثّناء وجرت أسماؤهم على السنتهم وكذا أرواحهم واجسادهم ، ذكركم الله سبحانه وتعالى في جنبهم وذكر أسماءكم ومدحها وكذا أرواحكم وأجسادكم في جنب ذكرهم لها بعلو المرتبة والدّرجة عند الملأ الاعلى وأهل السّماء والأرض كما ورد في تفسير قوله تعالى : (وَلَذِكْرُ اللَّـهِ أَكْبَرُ) (١).
أي ذكر الله عبده أكبر من ذكر العبد ربّه وهو العبد (٢).
والدّليل على ما ذكرنا الآيات والروايات الكثيرة المستفيضة الواردة في مباهات الله سبحانه وتعالى بملائكته في علو مقامهم وعبادتهم وأعمالهم وسائر شؤونهم ، لأنّهم من أخصّ المقرّبين الى الحضرة القدسية الالهية ، ويمكن ان تكون لها معاني اُخرى ، فان الله عزّ وجلّ أعرف وأعلم بحقائق كلام أوليائه واصفيائه عليهمالسلام.
__________________
(١) العنكبوت : ٤٥.
(٢) راجع تفسير مجمع البيان : للشّيخ الطبرسي رحمه الله ، ج ٤ ، ص ٢٨٧ ، وتفسير التبيان : للشّيخ الطّائفة الطوسي رحمه الله ج ٨ ، ص ٢١٢ و ٢١٣ ، وتفسير الصافي للفيض الكاشاني رحمه الله : ج ٤ ، ص ١١٨ ، نقلاً عن تفسير القمي ، عن الامام الباقر عليهالسلام يقول : «ذكر الله لأهل الصّلاة أكبر من ذكرهم إيّاه ألا ترى أنّه يقول : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ).
(وَأوْفَى عَهْدَكُمْ وَأصْدَقَ وَعْدَكُمْ)
هذه الفقرة المباركة عطفاً على ما سبقها ، فيكون المعنى : كم أنتم أوفياء في عهدكم وميثاقكم ، وكم أنتم صادقون في كلامكم ، الفقرة الاولى : «وأوفى عهدكم» إشارى الى قوله تعالى :
(رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّـهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) (١).
ورد عن مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام قال : «فِينا نزلت رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ... فأنا والله المنتظر ما بدلت تبديلاً» (٢).
وورد في كتب تفاسير الشّيعة والسّنة عن النّبي الاكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم والائمّة الاطهار عليهمالسلام أن المراد من الذين و «منهم من قضى ...» ، عمّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حمزة بن عبد المطلب ومن استشهد معه في غزوة احد (٣).
والفقرة الثانية «وأصدَقَ وَعدُكُم» أشارة الى الآية الشريفة في قوله تعالى : (كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) (٤).
وورد في تفسير هذه الآية أن الصّادقين هم الأئمّة عليهمالسلام (٥).
وكذلك ورد عن الإمام الرّضا عليهالسلام قال : «إنّا أهل بيت نرى ما وعدنا علينا ديناً كما صنع رسول الله» (٦).
__________________
(١) الاحزاب : ٢٣.
(٢) تفسير مجمع البيان : للعلّامة الطّبرسي رحمه الله ، ج ٤ ، ص ٣٤٩ ، وتفسير نور الثقلين : للحويزي رحمه الله ، ج ٤ ، ص ٢٥٩.
(٣) انظر الى مجمع البيان : للشيخ الطبرسي رحمه الله ، ج ٤ ، ص ٣٤٩ ، وتفسير الكشاف : للزمخشري : ج ٣ ، ص ٥٣٢ ، وتفسير الجامع لاحكام القرآن : ج ١٤ ، ص ١٦٠ ، بحار الانوار : للعلّامة المجلسي رحمه الله ، ج ٢٤ ، ص ٣٠.
(٤) التوبة : ١١٩.
(٥) راجع بحار الانوار : للعلّامة المجلسي رحمه الله ، ج ٢٤ ، ص ٣٠ ، باب ٣٦ ، نقلاً عن جابر بن أبي عبد الله عليهالسلام في قوله : (كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ...) قال : مع آل محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم وتفسير مجمع البيان : ج ٥ ، ص ٨٠ ، وتفسير نور الثقلين : ج ٤ ، ص ٢٥٩ ، وتفاسير الشّيعة والسّنة.
(٦) بحار الانوار : للعلّامة المجلسي رحمه الله ، ج ٧٥ ، ص ٩٧.
(كَلامُكُمْ نُورٌ)
أي علم وهداية من الله ، أو المراد منها أن لكلامكم امتياز على غيره كامتياز النّور على الظلمة ، فان كلامكم دون كلام الخالق وفوق كلام المخلوق.
أو المراد منها كلامكم نور وهداية لمن أراد الهداية ، لأن النّور هو الدّليل والبرهان الذي به تثبت حقائق الاشياء ، كما قيل أنّ القرآن الكريم نو لاثبات الحقائق التي جاء به النّبي الاكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فكذلك من اقتدى بكلامهم اهتدى الى الله عزّ وجلّ وسلك طريقاً الى الجنّة ، ومن خالفهم ضلّ سعيه في الحياة الدنيا وسلك طريقاً الى النّار ، كما ورد أن الامام الحجّة مولانا صاحب الزّمان «عجل الله تعالى فرجه الشريف» نهى علي بن محمد بن علان عن الحج فخالف ومضى الى الحج فقتل (١).
وقال العلّامة شبر رحمه الله في كتابه الشّريف «الانوار اللامعة» : وما ترى في كثير من الرّوايات من عدم سلاسة الألفاظ وجزالة المعاني والتّكرار ونحو ذلك ، فإمّا لأنّه نقل بالمعنى أو لأنّهم يكلّمون النّاس على قدر عقولهم وأفهامهم (٢).
(وَأمْرُكُم رُشْدٌ)
المراد من أمركم رشد إمّا أن ولايتكم وامامتكم واضحة للجميع ، والمنكرون مع علمهم بدرجتكم ومقامكم أنكروكم ، أو أن المعنى هو أن عملكم هداية النّاس الى الصواب والحقيقة ، وعمل اعدائكم الدعوة الى الباطل فهو كالسراب قال الله تعالى :
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً) (٣).
__________________
(١) شرح الجامعة الكبيرة : للشيخ الاحساني رحمه الله ، ص ٣٨٥.
(٢) الانوار اللامعة : للعلّامة السيد شبر رحمه الله ، ص ١٩٠.
(٣) النور : ٣٩.
(وَوَصَيّتُكُمُ التَّقْوى)
كانت وصية الائمّة الهداة عليهمالسلام في مواعظهم وخطبهم وكلماتهم للنّاس ومن يلوذ بهم التقوى ، وكذا كانت وصيّة كل واحد منهم الى حين الوفاة لأهل بيته وذرّيته أن تقوا الله سبحانه كما نلاحظ الاخبار الواردة (١).
(وَفِعْلُكُمُ الخَيْرُ)
أي فعل الخير منحصر بكم فلا يصدر منكم الشّر أبداً (٢).
(وَعادَتُكُمُ الإحْسَانُ)
أي عادتكم الإحسان أي الى البر والفاجر والصديق والعدو (٣).
(وَسَجِتَّتُكُمُ الكَرَمُ)
أي طبيعتكم الكرم والاحسان لأنّهم عليهمالسلام أكرم الخلائق ، وقد أصبح الكرم لهم طبيعة وسجيّة ، يقول الفرزدق الشّاعر في مدح الامام السّجاد عليهالسلام.
__________________
(١) لاحظوا وصاياهم في كتاب بحار الانوار : للعلّامة المجلسي رحمه الله ، ج ١٥ الى ج ٥٣ ، وعلى سبيل المثال وصية أمير المؤمنين عليهالسلام لابنائه وخصّ منه الامام الحسن والامام الحسين عليهماالسلام : «اُوصيكما وجميع ولدي ... بتقوى الله ونظم امركم» نهج البلاغة ، رسائله عليهالسلام ٤٧.
(٢) وفعل الشرّ من أعداءكم ولا يصدر منه الخير أبداً ، فهم وأعدائهم من أبرز مصاديق الحديث القدسي الوارد في قوله تعالى : «وأنا الله لا إله إلّا أنا خليقت الخير فطوبى لمن أجريته على يديه ، وأنا الله لا إله إلّا أنا خلقت الشّر فويل لمن أجريته على يديه» فأجرى الله تعالى الخير على يد الائمّة الهداة من آل محمّد عليهمالسلام وأجرى الشّر على يد أعدائهم من بني اُمية والشّجرة الملعونة في القرآن الكريم ومعاوية وأبيه وإبنه يزيد ومروان وآل مروان وزياد وآل زياد ، ومن لعنهم النّبي الاكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم وطردهم من المدينة ومن آواهم وسلطهم على رقاب المسلمين.
(٣) إذا نظرت الى سيرتهم : لوجدت كم لهم من إحسان الى من أساء اليهم وآذاهم هذا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يعفو عن أبي سفيان وأهل مكة مع إساءتهم إليه ومؤامرتتهم على قتله ، مع كل ذلك قال لهم اذهبوا أنتم الطلقاء ، وهذا أمير المؤمنين عليهالسلام يوصي بقاته أن يطعم من طعامه وأن يحسنوا معاملته ، وهكذا الامام الحسن والامام الحسين عليهماالسلام وبقيت الائمّة عليهمالسلام ، لأنّهم تخلقوا جميعاً بصفات الله عزّ وجلّ. راجع في ذلك كتب التّاريخية من العامّة والخاصّة.
يعني لو لم يكن قول «لا» واجباً في التشهد كان دائماً وأبداً يتفوه بنعم ، وهذه الجملة كناية عن كثرة عطاياه عليهالسلام وكناية عن عدم خيبة السّائل من باب داره. (وَشَأنُكُمُ الحّقّ والصّدْقُ والرّفْقُ) أي الحقّ في المعارف والأحوال ، والصّدق في الأقوال والرّفق في المعاشرات والأفعال (٢). (وَقَولُكُمُ حُكْمُ) أي كلامكم قاطع ، أو يراد منها أن كلامكم حكمة لأنكم أهل الحكمة ، ومنكم تصدر الحكمة ، وأنّكم لم تتقولوا على الله عزّ وجلّ بعض الاقاويل ، وإنّما قولكم عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن الله تعالى وعن الملك المحدِّث لكم ، لانّه يجري لهم ما يجري لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ومعهم روح القدس يسدّدهم (٣). __________________ (١) بحار الانوار : للعلّامة المجلسي رحمه الله ، ج ٤٦ ، ص ١٢٤ ، عن المناقب : ج ٣ ، ص ٣٠٦ ، حلية الاولياء : ج ٣ ، ص ١٣٩ ، الاغاني : ج ١٤ ، ص ٧٥ وج ١٩ ، ص ٤٠ ، وورد في عشرات الكتب الشيعية والسنية. (٢) وشأنهم الحقّ والصّدق والرّفق باعتبار ولايتهم وعبوديتهم وأحوالهم وأقوالهم وكلّ صفة ربانيّة وخلق إلهية آثارها ومظاهرها وشئونها ومصاديقها هم وحدهم لا يشاركهم فيها أحد من الناس ، لأنّهم سرّ الله عزّ وجلّ كما قالوا : أمرنا هذا سر مستور بالميثاق من هتكه أذله الله ... راجع بحار الانوار : للعلّامة المجلسي رحمه الله ، ج ٢ ، ص ٧١. (٣) اُنظر الى اصول الكافي : للشّيخ الكليني رحمه الله ، ج ١ ، ص ٢٧٣ ، باب «الرّوح التي تسدد الله بها الائمّة عليهمالسلام» |
رأيت ولائي آل طه فريضة |
|
على رغم أهل البعد يورثني القربى |
وما طلب المبعوث أجراً على الهدي |
|
بتبليغه إلّا المودّة في القربى |
(٥) الشورى : ٢٣. عندما نتفحص تفاسير العامّة والخاصّة في تفسير هذه الآية نجدها قد أجمعت أنّ هذه الآية نزلت في شأن الامام علي وفاطمة والحسن والحسين عليهمالسلام وكذا الكتب الرّوائية والتّاريخية ولقد روى صاحب تفسير الكشاف الزمخشري وقال : نزلت هذه الآية على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فسُئل من القربى يا رسول الله قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «علي وفاطمة والحسن والحسين» ج ٤ ، ص ١٧٢.
وإليكم بعض المصادر العامّة التي ذكرت هذا المعنى ، الطبري في الذخائر : ص ٢٥ ، والزمخشري في تفسيره الكشّاف : ج ٢ ، ص ٣٣٩ ، والحموني في السمطين : ج ٢ ، ص ١٣ ، والتفتازاني في شرح المقاصد : ج ٢ ، ص ٢١٩ ، والسيوطي في الدّر المنثور : ج ٦ ، ص ٧ ، وابن حجر في الصواعق : ص ١٠١ ، والطبراني في المعجم الكبير : ص ١٣١ ، وغيرهم.
(٦) وروى الثّعلبي عن ابن عباس أنّه قال : لمّا نزلت : (قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ ...) قالوا : يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودّتهم؟ قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «علي وفاطمة والحسن والحسين» رواه الطبراني في المعجم الكبير : ص ١٣١ ، والزمخشري في تفسيره : ج ٣ ، ص ٤٠٣ ط القاهرة ، والطبري في ذخائر العقبى : ص ٢٥ ط مصر ، والتفتازاني الشافعي في شرح المقاصد : ج ٧ ، ص ٢ ، وغيره.
وجاء عن ابن عبد الله أنا |
|
به كنّا نميز مؤمنينا |
فنعرفهم بحبّهم عليّاً |
|
وإنّ ذوي النفاق ليعرفونا |
ببغضهم علي ألا فبعداً |
|
لهم ماذا عليه ينقمونا |
وممّا قالت الأنصار كانت |
|
مقالة عارفين مجرّبينا |
ببغضهم علي الهادي عرفنا |
|
وحقّقنا نفاق منافقينا |
مناقب آل أبي طالب : ج ٣ ، ص ١٠ ط نجف وج ٣ ، ص ٢٠٧ ط ايران.
(٥) بحار الانوار : للعلّامة المجلسي رحمه الله ، ج ٢٧ ، ص ٧٥ ، الاختصاص : للشّيخ المفيد رحمه الله ، ص ٨٥.