٦ ـ : الظرفية ، ومثلوا بما فى البيتين.
فلا تتركنّى بالوعيد كانّنى |
|
٦٢٩ الى الناس مطلىّ به القار اجرب |
وان يلتق الحىّ الجميع تلاقنى |
|
٦٣٠ الى ذروة البيت الكريم المصمّد |
وقال ابن مالك : ويمكن ان يكون منه قوله تعالى : (لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ) ـ ٤ / ٨٧ ، اى فى يوم القيامة ، اقول : التقدير : ليجمعنكم فى البرزخ الى يوم القيامة ، ونظيرها قوله تعالى : (قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ) ـ ٥٦ / ٥٠ ، وصرح باليومين فى هذه الآية : (يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ) ـ ٦٤ / ٩.
٧ ـ : الزيادة للتوكيد ، وياتى ذكرها فى خاتمة الكتاب.
الفصل الرابع
فى معنى حتى ، وهى للغاية ، اى تفيد ان ما بعدها غاية لما قبلها ، وفى هذا الفصل امور.
الامر الاول
ان الغاية ما يتعاقب الشئ ، ويقال لها النهاية ايضا ، وهى على انحاء كثيرة ، وان كانت مرادة للفاعل تسمى بالعلة الغائية باعتبار تصور الفاعل لها ، ويذكر بعض انحائها فيما ياتى ، والغاية اما فى الواقع واما حسب جعل المتكلم لا الواقع.
الامر الثانى
تدخل حتى على الاسم الصريح ، وهو اما جزء مما قبلها ، او فرد منه او متصل به ، وكل منها اما داخل من جهة الحكم فيما قبلها او خارج عنه ، فهذه ستة اقسام ، هاك تفصيلها.
١ ـ : ما يكون جزءا مما قبلها داخلا فى حكمه ، نحو اكلت السمكة حتى راسها وقرآت القرآن حتى السور القصار ، وكقول الشاعر :
سقى الحيا الارض حتّى امكن عزيت |
|
٦٣١ لهم فلا زال عنها الخير مجذوذا |
٢ ـ : ما يكون فردا مما قبلها داخلا فى حكمه ، نحو قدم الحاج حتى المشاة ، ومات الناس حتى الانبياء ، ويصعق الخلانق عند الساعة حتى الملائكة المقربين ، وما فى هذه الابيات.
قهرناكم حتّى الكماة فانتم |
|
٦٣٢ تهابوننا حتّى بنينا الاصاغر |
جود يمناك فاض فى الخلق حتّى |
|
٦٣٣ بائس دان بالاسائة دينا |
عمّمتهم بالندى حتّى غواتهم |
|
٦٣٤ فكنت مالك ذى غىّ وذى رشد |
القى الصحيفة كى يخفّف رحله |
|
٦٣٥ والزاد حتّى نعله القاها |
٣ ـ : ما يكون متصلا بما قبلها داخلا فى حكمه ، نحو اعجبتنى الجارية حتى حديثها ، وزيد نظيف حتى حذائه ، واتيان حتى فى هذه الصور الثلاث لافادة تعميم الحكم ودفع توهم خروج مدخولها عن الحكم ، مثلا اذا قلت : اكلت السمكة امكن ان يتوهم السامع انك لم تاكل راسها ، ولا سيما اذا لم تكن من اهل الشمال ، فتقول : حتى راسها لدفع ذلك التوهم.
٤ ـ : ما يكون جزءا مما قبلها خارجا عن حكمه : نحو قوله تعالى : (ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ) ـ ١٢ / ٣٥ ، ثم يحكمون عليه فى ذلك الحين بحكم آخر غير السجن ، وذلك الحين جزء ما قبله من الزمان المطلق.
٥ ـ : ما يكون فردا مما قبلها خارجا عن حكمه ، نحو انفقت دراهمى حتى واحد ابقيته لصديقى.
٦ ـ : ما يكون متصلا بما قبلها خارجا عن حكمه ، نحو قوله تعالى : (سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) ـ ٩٧ / ٥ ، فان مطلع الفجر متصل بليلة القدر ، وليس له حكمها الخاص ، وكقول الشاعر.
عيّنت ليلة فما زلت حتّى |
|
٦٣٦ نصفها راجيا فعدت يؤوسا |
الامر الثالث
تدخل حتى على المضارع فتنصبه ، والجملة باسرها مجرورة المحل بحتى ، فعند الكوفية هى الناصبة ، وعند البصرية نصبه بان المقدرة ، وقول البصرية اقوى ، اذ يفوت معنى حتى بتاويلها مع الفعل بالمصدر ، نحو قوله تعالى : (فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ) ـ ٧٠ / ٤٢ ، وفى الحديث : كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون ابواه هما اللذان يهودانه او ينصرانه ، اى يكون على مقتضى فطرة التوحيد حتى يكون ابواه الخ.
ثم القاعدة نصب المضارع بعد حتى ، وتخلف عنها بعض الموارد كقراءة بعضهم فى قوله تعالى : (وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللهِ) ـ ٢ / ٢١٤ ، وهذا التخلف جائز ، ولكن النصب اولى وما بعد حتى حينئذ جملة ، وياتى ذكره فى الامر الرابع ، ومنه قول الشاعر.
يغشون حتّى ما تهرّ كلابهم |
|
٦٣٧ لا يسالون عن السواد المقبل |
ثم ان ابن هشام ذكر فى المغنى لرفع المضارع بعد حتى شروطا ، وهو اسهاب بلا استهاب ، والاستراحة ان يقال ان ذلك من تخلف القاعدة جوازا وياتى بعض الكلام فى هذا الامر فى المبحث الحادى عشر من المقصد الثالث.
الامر الرابع
تدخل حتى على الجملة الاسمية والماضوية ، نحو قوله تعالى : (أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ) ـ ١٠٢ / ١ ـ ٢ ، (حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ) ـ ٢٣ / ٩٩ ، وكما فى هذه الابيات.
فواعجبا حتّى كليب يسبّنى |
|
٦٣٨ كانّ اباها نهشل او مجاشع |
فما زالت القتلى تمجّ دماءها |
|
٦٣٩ بدجلة حتّى ماء دجلة اشكل |
سريت بهم حتّى تكّل مطيّهم |
|
٦٤٠ وحتّى الجياد ما يقدن بارسان |
واختلفوا ، فقال فريق : ان الجملة مجرورة بحتى محلا ، وقال آخرون : انها مستانفة لا محل لها من الاعراب ، والاصح هو الاول لان ما بعد حتى مربوط بما قبلها معنى ، فالاولى ان يكون مربوطا به لفظا ايضا ، اللهم الا ان يكون ظاهرا فى الانقطاع ، وياتى فى المبحث الاول من المقصد الثالث ان حتى من حروف العطف ، ولا باس بان يقال ان الجملة بعدها معطوفة ان لم يمنع مانع منه.
الامر الخامس
قد يكون ما بعد حتى علة غائية لما قبلها ، نحو قوله تعالى : (وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطاعُوا) ـ ٢ / ٢١٧ ، (هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا) ـ ٦٣ / ٧ ، فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ ـ ٤٩ / ٩ ، (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُ) ـ ٤١ / ٥٣ ، (وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ) ـ ٦٠ / ٤ ، اى ليس عداوتنا الا لانكم مشركون ، ونحو قولهم : اسلم حتى تدخل الجنة ، والغاية التعليلية نوع من الغاية المبحوث عنها فى باب حتى ، وجعل ابن هشام التعليل احد معانى حتى فقال : ولحتى الداخلة على المضارع المنصوب ثلاثة معان : مرادفة الى الغائية ومرادفة كى التعليلية ومرادفة الا الاستثنائية.
اقول : ان حتى بمعنى الغاية على انحائها حيث وقعت كالى ، غير ان بينهما فروقا نذكرها عن قريب ، والتعليل او غيره يفهم من القرائن ، ومعنى الاستثناء ان فهم فهو كالتعليل ، وانفهام معنى التعليل لا يختص بالمضارع المنصوب ، بل يفهم من غير المضارع ، نحو قوله تعالى : (ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا) ـ ٧ / ٩٥ ، (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالاً
سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ) ـ ٧ / ٥٧ ، ونحو قولك : اكلت حتى شبعت.
ثم ان العلة الغائية اما اصلية او غير اصلية ، وكل منهما اما تمام الغرض او جزئه ، فلا تغفل فتحسب فى كل مورد انها تمام الغرض وقد شرحنا اقسام العلل فى تعليقتنا على شرح التجريد للعلامة الحلى رضوان الله عليه.
الامر السادس
قيل : ان حتى جاءت بمعنى الا فى موارد.
١ ـ : قوله تعالى : (وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ) ـ ٢ / ١٠٢ ، لان قولهما ذلك مقدم على التعليم ، والمقدم لا يكون غاية للمؤخر ، فالمعنى : وما يعلمان من احد الا ان يقول الخ ، وهذا خطا لان ما بعد حتى غاية لعدم التعليم لا للتعليم.
٢ ـ : قوله صلوات الله عليه وآله : كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون ابواه هما اللذان يهودانه او ينصرانه ، لان ما بعد حتى اى زمن تهويد الابوين او تنصيرهم للولد مفصول عن زمن الولادة بكثير ، فلا يكون التهويد او التنصير غاية لها لوجود الفصل ، فحتى بمعنى الا ، وهذا خطا ، لان المعنى : كل مولود يولد على الفطرة ويبقى على مقتضاها حتى يكون ابواه الخ ، مع ان معنى الاستثناء لا يستقيم الا مع هذا التقدير ، اذ ولادة كل مولود على الفطرة لا تقبل الاستثناء ، بل البقاء على مقتضى الفطرة يقبله ، فلابد ان يقال على فرض الاستثناء : كل مولود يولد على الفطرة ويبقى على مقتضاها الا ان يكون ابواه الخ ثم ان ابن هشام رد كون حتى بمعنى الا فى الآية والحديث ، وقال : نعم انه ظاهر فى هذين البيتين.
ليس العطاء من الفضول سماحة |
|
٦٤١ حتّى تجود وما لديك قليل |
والله لا يذهب شيخى باطلا |
|
٦٤٢ حتّى ابير مالكا وكاهلا |
الامر السابع
ان حتى كالى لبيان الغاية ، غير ان بينهما فروقا :
١ ـ : ان الى تدخل على الضمائر بخلاف حتى ، وما جاء فى هذين البيتين شاذ.
اتت حتّاك تقصد كلّ فجّ |
|
٦٤٣ ترجّى منك انها لا تخيب |
فلا والله لا يلفى اناس |
|
٦٤٤ فتى حتّاك يا بن ابى زياد |
٢ ـ : ان الاكثر فى حتى دخول ما بعدها فى الحكم ، والاكثر فى الى خروج ما بعدها عنه ، ومع ذلك يتبع فى كل منهما القرينة ، ومع عدم القرينة فالكلام مجمل ، وقال ابن هشام فى المغنى تبعا لغيره : يحمل حينئذ على الاكثر ، وفيه نظر.
٣ ـ : ان حتى يؤتى بها لدفع توهم خروج مجرورها عن الحكم لكونه اشرف الافراد او الاجزاء او اخسها ، كما مر بيانه ، بخلاف الى ، فانها لا يعتبر فيها ذلك.
٤ ـ : ان حتى لا يقابلها من الابتدائية ، بخلاف الى.
٥ ـ : ان حتى تدخل على الجمل ، بخلاف الى.
٦ ـ : ان حتى تدخل على المضارع المنصوب بان المقدرة كما مر بيانه ، بخلاف الى فانها ان دخلت فلابد من لفظ ان.
٧ ـ : ان كلا منهما قد ينفرد بمحل لا يصلح للاخر ، كما تقول : كتبت الى زيد ، ولا يصح ان يقال : كتبت حتى زيد ، وتقول : قدم الحاج حتى المشاة ، ولا يصح ان يقال : قدم الحاج الى المشاة ، والمائز هو الذوق العربى.
٨ ـ : ان حتى قد تكون عاطفة كما ياتى فى المبحث الاول من المقصد الثالث بخلاف الى فان ما بعدها لا يكون الا مجرورا.
٩ ـ : قال ابن هشام فى المغنى : حتى موضوعة لافادة تقضّى الفعل قبلها شيئا فشيئا الى الغاية ، والى ليست كذلك.
اقول : هذا خطا ، لان الى تكون كثيرا لتقضى الفعل شيئا فشيئا ، نحو قولك : سرت من البيت الى السوق ، فان السير يتقضى شيئا فشيئا الى الغاية ، وكذا حتى
قد يكون الفعل الذى قبلها دفعة واحدة ، كما تقول : اكلت السمكة حتى راسها اذا بلعت سمكة صغيرة.
١٠ ـ : قال ابن هشام نقلا عن المغاربة وغيرهم : ان مجرور حتى ان كان جزءا من ذى الاجزاء يشترط ان يكون جزءا آخرا ، فلا يجوز سرت البارحة حتى ثلثها او نصفها ، بخلاف الى.
اقول : هذا خطا ، اذ نقول : سافرت شهر رمضان حتى ايام القدر ، واحترق باب البيت حتى ساكفه واسكفته وعضادتيه ، واكلت البطيخ حتى قشره ، واكلت التمر حتى نواه ، وتصفحت الدار حتى سطحها وآبارها فلم اجد فيها شيئا. اعلم ان بعضا من اصحاب الفنون ياخذون الاستقراء الناقص مكان التام ويحكمون حكما كليا ، فصن على نفسك من ذلك ، لئلا تقع فيما وقعوا فيه.
الفصل الخامس
فى معانى اللام الجارة ، وهى ثمانية.
المعنى الاول : الاختصاص ، وهو تعلق شىء بشئ من دون استحقاق ولا ملك ، وهذا بالمعنى الاخص المقابل لهما ، واما الاختصاص بالمعنى الاعم فيشمل الاستحقاق والملك ايضا ، نحو قوله تعالى : (إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنا مَلِكاً) ـ ٢ / ٢٤٦ ، والشاهد فى غير الاولى ، (ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ) ـ ٤٠ / ١٨ ، (إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً) ـ ١٢ / ٧٨ ، (فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ) ـ ٤ / ١١ ، والشاهد فى له ، (وَالْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ) ـ ٥٥ / ١٠ ، (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً) ـ ١٦ / ٧٢ ، ونحو قولهم : ادوم لك ما تدوم لى ، والحصير للمسجد ، والثوب للعبد ، والسرج للدابة ، والمفتاح للبيت.
المعنى الثانى : الاستحقاق بالمعنى الاخص لا الاعم الشامل للملك ايضا ، نحو قوله تعالى : (لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ) ـ ٢ / ١١٤ ، (إِنَّ الَّذِينَ
آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) ـ ٤١ / ٨ ، (وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) ـ ٤٠ / ٧٨ ، (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ) ـ ١٠٧ / ٥ ، واذا ثبت الاستحقاق ثبت الاختصاص ايضا بماله من حقه.
المعنى الثالث : الملك ، نحو قوله تعالى : (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) ـ ٢ / ٢٥٥ ، (وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ) ـ ٦٣ / ٧ ، والملك يكون لذاته كما لله تعالى ، ويكون بتمليك الغير ، كما لغيره ، وحيث ثبت الملك ثبت الاستحقاق والاختصاص.
المعنى الرابع : التعليل ، وياتى بيانه فى مبحث حروف التعليل فى المقصد الثالث.
المعنى الخامس : التبليغ وهى اللام الداخله على المقول له ، سواء اكان غائبا ام حاضرا ، بقول لفظى او غير لفظى.
مثال الحاضر بقول لفظى قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ) ـ ٢ / ٥٤ ، (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ) ـ ٢ / ١١.
مثال الغائب بقول لفظى قوله تعالى : (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتٌ) ـ ٢ / ١٥٤ ، (وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللهُ خَيْراً) ـ ١١ / ٣١ ، (قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا) ـ ٧ / ٣٨ ، (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ) ـ ٤٦ / ١١ ، (قالُوا سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ) ـ ٢١ / ٦٠.
مثال الخاضر بقول غير لفظى قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) ـ ٢ / ٣٠ ، (إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ) ـ ٢ / ١٣١ ، فان قوله تعالى وحى والهام ، (كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ) ـ ٥٩ / ١٦ ، ، فان قول الشيطان وسوسة فى القلب وليس باللفظ وكذا القول التكوينى من
الله تعالى : نحو (فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ) ـ ٢ / ٢٤٣ ، (خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) ـ ٣ / ٥٩ ، (قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ) ـ ٧ / ١٦٦.
مثال الغائب بقول غير لفظى : وَقُلْنا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ ـ ١٧ / ١٠٤ ، فان قوله تعالى لبنى اسرائيل لم يكن خطابا لهم ، بل ان كان خطابا فلموسى.
ثم لا يلزم فى اتيان هذه اللام ان يكون المقول له من ذوى السمع والشعور ، نحو قوله تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) ـ ٣٤ / ٤٣ ، والمراد من الحق القرآن المتلو عليهم ، (فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً) ـ ٤١ / ١١ ، (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) ـ ١٨ / ٢٤ ، (وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ) ـ ١٦ / ١١٦ ، (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) ـ ١٦ / ٤٠ ، وقول الشاعر :
كضرائر الحسناء قلن لوجهها |
|
٦٤٥ حسدا وبغضا انّه لدميم |
ثم ان قوما التزموا لصحة اتيان هذه اللام ان يكون المقول له مخاطبا للقائل سامعا للمقول ، وجاؤوا فيما ليس كذلك بتاويلات تمجه الاسماع ، وانت ترى فى الآيات المذكورة وغيرها ان المقول له ليس سامعا مخاطبا ، بل ولا موجودا ولا ذا شعور امكن فيه السمع والخطاب ، بل ولا القول لفظا وكلاما ، فهذا التزام لغو ابداه احد من قبل وتبعه آخرون.
والعجب من ابن هشام حيث نفى فى المغنى فى السادس عشر من معانى اللام ان يكون غير السامع للقول مقولا له ، فقال وحيث دخلت اللام على غير المقول له فالتاويل على بعض ما ذكرناه ، ثم اتى شاهدا لما قال بهذه الآية : (قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا) ـ ٧ / ٣٨ ، اقول : هذا مقال اهل النار خطابا الى الله ، فان لم يكن قولهم لجماعة دخلت النار اولا فلمن كان هذا القول؟
واعلم ان هذه اللام تدخل على الاسم المتعلق بما فيه معنى القول ايضا ،
نحو قوله تعالى : (عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ) ـ ٩ / ٤٣ ، فان الاذن يقع بالقول ، (قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً) ـ ١٢ / ١٨ ، فان التسويل هو الوسوسة ، وهى القول وان كان من دون لفظ ، (كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) ـ ٢ / ٢٤٢ ، فان البيان بالقول ، (فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ) ـ ٢٩ / ٢٦ ، فان الايمان اذا تعدى باللام فهو بمعنى التصديق ، وهو بالقول ، وان تعدى بالباء فهو بمعنى الاعتقاد القلبى ، وغير ذلك من الافعال التى يتضمن معنى القول.
المعنى السادس : التعدية ، ونذكر منها مواضع.
١ ـ : ان المعنى الخامس الذى سموه بالتبليغ لا يخلو من معنى التعدية ، بل الاولى عندى انه التعدية لان القول له اثر على المقول له ، ومعنى التبليغ ينتزع من ايصال المقول الذى هو خبر او انشاء الى المقول له ، كما ان تعدية اعطيت الى مفعولين باعتبار ايصال شىء الى شىء ، نحو اعطيتك دينارا ، فالمقول مفعول اول للقول والمقول له مفعول ثان له بواسطة اللام ، كما تقول : وهبت لزيد دينارا ، فانهما مفعولان لوهبت بالواسطة وبلا واسطة.
٢ ـ : مادة غفر ، فانها تتعدى الى المفعولين الذنب والمذنب ، الى احدهما باللام والى الآخر بلا واسطة ، فان الغفران له اثر فى المذنب واثر فى الذنب.
مثاله قوله تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ،) ـ ٣ / ٣١ ، (يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ) ـ ٤٦ / ٣١ ، ومن للتبعيض وفى باب الاستفعال يزيد عليهما مفعول ثالث هو فاعل المغفرة ، نحو قوله تعالى : (قالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي) ـ ١٩ / ٤٧ ، اى ساستغفر لك ربى ذنبك ، بدليل قوله : (يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا) ـ ١٢ / ٩٧ ، اى استغفر ربنا لنا ذنوبنا ، وقد تدخل اللام على الذنب ، نحو قوله تعالى : (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) ـ ٤٧ / ١٩.
٣ ـ : اللام الداخلة على المفعول بعد صيغتى التفضيل والتعجب من مادة الحب
والبغض وما بمعناهما ، نحو زيد احب لى من عمرو ، اى زيد يحبنى حبا اشد من حب عمرو ، وكذا فلان ابغض لى من فلان ، ومثال فعل التعجب نحو ما احبه لبكر ، وما اولع خالدا للمال ، وما ابغض هذا العبد للذنب ، وان جئت بالى مكان اللام يكون مدخولها فاعلا وليست للتعدية ، نحو نبينا احب الىّ من كل خلق ، اى انى احبه اكثر من كل احد ، وهذا يختص بالحب والبغض وما بمعناهما ، واما غيرها فمثلها فى اللام لا فى الى ، نحو ما اضرب زيدا لعمرو ، وابى انصر لى من اخى ، فما بعد اللام مفعول ، واتيان هذه اللام واجب على المفعول فى اسم التفضيل وفعل التعجب وان كان مادتهما متعدية بنفسها.
المعنى السابع : الاستغاثة والندبة ، وياتى ذكرهما فى مبحث حروف النداء فى المقصد الثالث.
المعنى الثامن : التعجب ، ومر ذكرها فى المبحث الثامن عشر من المقصد الاول.
فصل
ذكروا للام معانى حروف اخرى كما فى المغنى وغيره ، نذكرها ونتكلم عليها.
الاول ، قالوا : ياتى اللام بمعنى الى ، نحو قوله تعالى : (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها) ـ ٩٩ / ٤ ـ ٥ ، لان الايحاء يتعدى بالى كما فى آيات اخرى ، اقول : هذا بتضمين معنى الاذن ، اى اوحى اليها واذن لها بالاخبار ، وقوله تعالى : (كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى) ـ ١٣ / ٢ ، اى الى اجل مسمى ، بدليل قوله تعالى : فى آية اخرى : (كُلٌّ يَجْرِي إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) ـ ٣١ / ٢٩ ، اقول : ان الجرى وما بمعناه من الحركات ان لوحظ منتهاه غاية للحركة يتعدى بالى ، وان لوحظ غاية للمتحرك يتعدى باللام ، فهى للتعليل ، وقوله تعالى : (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) ـ ٦ / ٢٨ ، اى الى ما نهوا عنه ، اقول : هذه اللام للتعليل ، اى لو رجعناهم الى الدنيا لكان عودهم بحسب ارادتهم للاتيان بما نهوا عنه ، وانهم لكاذبون فى قولهم :
يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) ـ ٦ / ٢٧.
الثانى قالوا : ياتى اللام بمعنى على ، نحو قوله تعالى : (وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً) ـ ١٧ / ١٠٩ ، اى على الاذقان ، اقول : لا معنى لعلى ههنا ، لان خرّ خرورا بمعنى سقط ، والاذقان ليست مخرورا عليها فاللام هنا للتعدية ، اى يخرون لاذقانهم على الارض ، ومثلها قول الشاعر.
ضممت اليه بالسنان قميصه |
|
٦٤٦ فخرّ صريعا لليدين وللفم |
وقوله تعالى : (وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً) ـ ١٠ / ١٢ ، اى على جنبه بدليل قوله تعالى : (فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِكُمْ) ـ ٤ / ١٠٣ ، اقول : اللام للتعليل ، والتقدير : دعانا لما مسه من الضر على جنبه او قاعدا او قائما ، ففى الكلام تضمين ، وهذا من اشارات القرآن ، اى ليس دعاؤه ايانا لمحبته وايمانه بنا ، بل للضر الذى مسه ، بدليل قوله تعالى فى ذيل الآية : (فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ.)
وقوله تعالى : (فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ) ـ ٣٧ / ١٠٣ ، اى على الجبين ، اقول فى هذا ما قلت فى يخرون للاذقان ، فان اللام للتعدية ، وقوله تعالى (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها) ـ ١٧ / ٧ ، اى وان اساتم فعليها ، اقول : ان لها خبر قدر مبتداه ، اى فلها رب يغفر لها على ما جاء فى الخبر ، وهذا من لطائف القرآن ، ولا ينافى قوله تعالى : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها) ـ ٤٥ / ١٥ ، لان كلا منهما لقوم.
الثالث ، قالوا : ياتى اللام بمعنى فى ، نحو قوله تعالى : (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ) ـ ٢١ / ٤٧ ، اى فى يوم القيامة ، اقول : اللام للاختصاص ، اى الموازين الخاصة ليوم القيامة ، لا كموازين الدنيا ، وقوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ) ـ ٧ / ١٨٧ ، قالوا : اى فى
وقتها ، اقول : اللام للاختصاص كما فى الآية السابقة ، اى لا يجليها تجلية تخص وقتها الا هو ، وتلك تجلية حقيقتها ، اى ولا يوقعها الا هو ، واما تجليتها بالاخبار عنها وعن بعض اشراطها فغيره ايضا يفعلها ، مع ان كون اللام بمعنى فى يفهم ان غيره يجليها فى غير وقتها ، فيصير القيد مخلا بالمراد ، وقوله تعالى : (يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي) ـ ٨٩ / ٢٤ ، اى يا ليتنى قدمت شيئا فى حياتى الدنيا ، اقول : اللام للاختصاص ، اى يا ليتنى قدمت شيئا فى حياتى الدنيا لحياتى الآخرة ، وقولهم : مضى لسبيله ، قالوا : اى مضى فى سبيله ، اقول : اللام للتعليل ، اى مضى لينهى سبيله.
الرابع ، قالوا : ياتى اللام بمعنى من ، نحو قوله تعالى : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) ـ ١٧ / ٧٨ ، اى من دلوك الشمس ، اقول : اللام للاختصاص ، اى اقم الصلاة الخاصة لهذا الوقت ، والامر للتاكيد لا لتعيين الوقت ، لانه صلوات الله عليه وآله كان يقيم صلاة الظهر والعصر قبل نزول هذه الآية بكثير.
وكذا الكلام فى الحديث : صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته ، وقال ابن هشام : ان اللام فى الآية والحديث بمعنى بعد ، وقوله ابعد من القول بانها بمعنى من لانه امر بتاخير الصلاة عن اول وقتها ، وكذا اللام فى قولهم : سمعت له صراخا ، فانها للاختصاص لا بمعنى من ، ولكن الظاهر فى البيتين بمعنى مع ومن ، وذلك للضرورة.
فلمّا تفرّقنا كانّى ومالكا |
|
٦٤٧ لطول اجتماع لم نبت ليلة معا |
لنا الفضل فى الدنيا وانفك راغم |
|
٦٤٨ ونحن لكم يوم القيامة افضل |
الخامس ، قالوا : ياتى اللام بمعنى عند ، نحو كتبته لخمس ليال خلون من الشهر ، اى عند خمس ليال ، اقول : هى للاختصاص ، اى كانت كتابتى لهذا الزمان لا لغيره ، مع ان استعمال عند للزمان قليل ، وان استعمل يستوعب زمان مدخولها ، والكتابة لم تكن فى جميع ذلك الزمان.
قال ابن هشام : وجعل منه ابن جنى قراءة الجحدرىّ : (بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا
جاءَهُمْ) ـ ٥٠ / ٥ ، بكسر اللام وتخفيف الميم ، اقول : انها للتعليل ، اى تكذيبهم للحق لانه جاءهم ، فلو لم يجئهم كانوا ساكتين ، وما مصدرية.
تنبيهات
١ ـ : دار فى السنة الباحثين ان اللام تاتى للنفع كما ان على تاتى للضرر ، نحو قوله تعالى : (وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ) ـ ٣١ / ١٢ ، اقول : اللام فى امثال الآية للاختصاص ، والنفع لازمه ، والكلام فى على ياتى.
٢ ـ ان ابن هشام نقل فى آخر حرف الباء ، وفى الثالث عشر من سادس المغنى ان مذهب البصريين ان احرف الجر لا ينوب بعضها عن بعض بقياس ، كما ان احرف الجزم واحرف النصب كذلك ، وما اوهم ذلك فهو عندهم اما مؤول تاويلا يقبله اللفظ ، واما على تضمين الفعل معنى فعل يتعدى بذلك الحرف ، واما على شذوذ انابة كلمة عن اخرى.
اقول : ان مذهب البصريين اصح ، بل هو الصحيح ، وقد شاهدت التاويل والتضمين وشذوذ الانابة فى هذا المبحث وفى مبحث تعدى الفعل ولزومه فى المقصد الاول.
٣ ـ : قد يحذف اللام كما فى قوله تعالى : (قالَ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِيكُمْ إِلهاً وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ) ـ ٧ / ١٤٠ ، اى اغير الله ابغى لكم الاها ، وقوله تعالى : (وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ) ـ ٨٣ / ٣ ، اى كالوا لهم ووزنوا لهم ، (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَها عِوَجاً) ـ ٣ / ٩٩ ، اى تبغون لها عوجا ، (وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) ـ ٣٦ / ٣٩ ، اى قدرنا له منازل ، وفى هذه الايات وجوه اخرى مذكورة فى التفاسير ، ومن ذلك ما فى هذه الابيات.
اذا قالت حذام فانصتوها |
|
٦٤٩ فانّ القول ما قالت حذام |
فتولّى غلامهم ثمّ نادى |
|
٦٥٠ اظليما اصيدكم ام حمارا |
ولقد جنيتك اكمؤا وعساقلا |
|
٦٥١ ولقد نهيتك عن بنات الاوبر |
٤ ـ : من اقسام اللام ، الزائدة للتاكيد جارة وغير جارة ، والزائدة للضرورة ، وياتى ذكرها فى خاتمة الكتاب ، واللاحقة باسماء الاشارة ، وياتى ذكرها فى مبحث المعارف ، ولام الامر العاملة للجزم ، ومرت فى كتاب الصرف وفى المبحث الواحد والعشرين من المقصد الاول.
٥ ـ : ان اللام الجارة تدخل على المضارع فى ثلاثة مواضع ، وينتصب بان المقدرة ، وياتى ذكرها فى المبحث الحادى عشر من المقصد الثالث.
ثم ان اللام الجارة مكسورة على الفعل وعلى الاسم الظاهر وعلى ضمير المتكلم وحده ، ومفتوحة على سائر الضمائر وعلى المستغاث منه ، وياتى ذكر المستغاث منه فى مبحث حروف النداء من المقصد الثالث.
الفصل السادس
فى معنى على : وهو الاستعلاء ، وهو اما حسى او معنوى ، والحسى اما حقيقى واما مجازى ، فهذه ثلاثة اقسام.
القسم الاول : الاستعلاء الحسى الحقيقى ، نحو قوله تعالى : (وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ) ـ ٢٣ / ٢٢ ، (إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ) ـ ٨٣ / ٢٢ ـ ٢٣ ، (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ) ـ ٨٠ / ٤٠ ، (وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها) ـ ٧٦ / ١٤ ، ونحو زيد على السطح ، والفلك على الماء ، والسماء علينا.
القسم الثانى : الاستعلاء الحسى المجازى ، نحو قوله تعالى : (قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ) ـ ٨٥ / ٤ ـ ٦ ، فان اصحاب الاخدود ما كانوا قاعدين على النار ، بل على مكان قريب منها ، (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ) ـ ٧٦ / ١٩ ، فان الطوف كان على اطرافهم ، (لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ
هُدىً) ـ ٢٠ / ١٠ ، اى اجد على قرب النار هاديا ، (فَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ) ـ ١٢ / ٩٩ ، اى على مكان قريب من يوسف ، (وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّما مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ) ـ ١١ / ٣٨.
القسم الثالث : الاستعلاء المعنوى ، وهو على وجوه :
١ ـ : ان يكون مدخولها سندا وعمادا لشئ فى اموره او بعض اموره ، نحو قوله تعالى : (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَإِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) ـ ٨ / ٤٩ ، ومنه الحديث : بنى الاسلام على خمس : الصلاة والزكاة وحج البيت وصوم شهر رمضان والولاية لاهل البيت ، فجعل فى اربع منها رخصة ولم يجعل فى الولاية رخصة ، ومنه قولهم : اركب على اسم الله ، وامش على بركة الله ، وقول الشاعر :
انّ الكريم وابيك يعتمل |
|
٦٥٢ ان لم يجد يوما على من يتّكل |
٢ ـ : ان يكون لشئ اعتلاء على مدخولها فى معنى ، نحو قوله تعالى : (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) ـ ٢ / ٢٥٣ ، وكقول الشاعر :
ابى الله الّا انّ سرحة مالك |
|
٦٥٣ على كلّ افنان العضاة تروق |
٣ ـ : ان يكون مدخولها صفة شىء او فعل شىء ، لان للفاعل والموصوف اعتلاء على فعله وصفته وان لم يكونا بالاختيار ، نحو قوله تعالى : (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ـ ٦٨ / ٤ ، (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً) ـ ٧٦ / ٨ ، (أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ) ـ ٢ / ٥ ، (وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ) ـ ٧٣ / ١٠ ، اى على ما سنح فى خلدك من ايذاء المخالفين بقولهم ، (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ) ـ ١٣ / ٦ ، (وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ) ـ ٨١ / ٢٤ ، اى على تبليغه ، (وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً) ـ ٧٢ / ١٦ ، اى على الايمان والعمل الصالح ، ويجتمع مع هذا الوجه من الاستعلاء معنى المعية ، فزعم بعضهم ان على فى بعض هذه الامثلة بمعنى مع.
٤ ـ : ان يكون مدخولها موقع اثر من ادراك او فعل ، ولا يخفى ان فى اكثر
موارد هذا الوجه والوجوه الآتية يتراءى معنى التعدية ، وذلك من اجتماع المعانى فى حرف واحد.
مثال الادراك قوله تعالى : (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) ـ ٥٨ / ٦ ، (فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ) ـ ٧٢ / ٢٦ ، (بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ) ـ ٧٥ / ١٤ ، (وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ) ـ ٨٥ / ٧.
مثال الفعل قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ـ ٢ / ١٤٨ ، اى على ايجاده واعدامه وكل تصرف فيه ، (كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) ـ ٨٣ / ١٤ ، (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ) ـ ٢ / ٧.
وفى هذا الوجه من الاستعلاء قد ينتزع من الكلام معنى الضرر ، واما على فهى على معناها من الاستعلاء ، نحو قولهم : اقررت على نفسى بذلك.
٥ ـ : ان يكون مدخولها محكوما عليه تشريعا او تكوينا.
مثال التشريعى قوله تعالى : (وَقالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ) ـ ٤ / ٧٧ ، (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ) ـ ٥ / ٣ ، (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) ـ ٣ / ٩٧ ، (قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ فِي أَزْواجِهِمْ) ـ ٣٣ / ٥٠ ،
مثال التكوينى قوله تعالى : (فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ) ـ ٣٣ / ٤٢ ، (وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِما ظَلَمُوا فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ) ـ ٢٧ / ٨٥ ، اى الحكم بنزول العذاب ، ومن ذلك ما يؤدى بكلمة حق ، نحو قوله تعالى : (أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ) ـ ٣٩ / ١٩ ، (فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ) ـ ٧ / ٣٠.
٦ ـ : ان يكون مدخولها ضامنا متعهدا بنفسه او من غيره ، نحو قوله تعالى : (إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى) ـ ٩٢ / ١٢ ، (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُها) ـ ١١ / ٦ ، (كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) ـ ٦ / ١٢ ، (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) ـ ٢ / ٢٣٣.
٧ ـ : ان يكون مدخولها مختارا عليه ، نحو قوله تعالى : (يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ
اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ) ـ ٣ / ٤٢ ، (قالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً) ـ ١٨ / ٧٧ ، فان اخذ الاجرة اختيار لها على ما قابلها من العمل ، وليس لعلى معنى الا الاستعلاء ، ولكن ذكروا لها معانى اخرى ، نذكرها ونتكلم عليها.
١ ـ المصاحبة ، نحو قوله تعالى : (وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ) ـ ٢ / ١٧٧ ، قالوا : اى مع حبه ، (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ) ـ ١٣ / ٦ ، قالوا : اى مع ظلمهم ، اقول : هذان من الوجه الثالث ، ومعنى المعية منتزع من الموصوف وصفته والفاعل وفعله لا انه معنى على.
٢ ـ المجاوزة ، كما فى هذين البيتين.
اذا رضيت علىّ بنو قشير |
|
٦٥٤ لعمر الله اعجبنى رضاها |
فى ليلة لا نرى بها احدا |
|
٦٥٥ يحكى علينا الّا كواكبها |
٣ ـ التعليل ، نحو قوله تعالى : (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ) ـ ٢ / ١٨٥ ، قالوا : اى لهدايته اياكم ، اقول : هذا من الوجه الثالث ايضا ، وعلى ما هديكم حال من فاعل لتكبروا ، اى لتكبروا الله ثابتين على هدايته وكقول الشاعر.
علام تقول الرمح يثقل عاتقى |
|
٦٥٦ اذا انا لم اطعن اذا الخيل كرّت |
٤ ـ الظرفية ، نحو قوله تعالى : (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها) ـ ٢٨ / ١٥ ، قالوا : اى فى حين غفلة ، اقول : فيه تضمين ، اى دخلها واقفا على ذلك ، وقوله تعالى : (وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ) ـ ٢ / ١٠٢ ، اى فى ملك سليمان ، اقول : فيه تضمين ايضا ، اى تتلو الشياطين متقولة على ملكه بالاباطيل ، نظير قوله تعالى : (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ) ـ ٦٩ / ٤٤.
٥ ـ الابتداء نحو قوله تعالى : (إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ) ـ ٨٣ / ٢ ، قالوا : اى من الناس ، اقول : فيه تضمين معنى الحكم ، اى اكتالوا حاكمين على صاحب المال بان مالك كذا مقدار.
٦ ـ معنى الباء ، نحو قوله تعالى : (حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ ،)
قالوا : اى حقيق بان لا اقول الخ ، اقول : حقيق معناه ثابت ، اى انا ثابت على هذا الشان ، وقولهم : اركب على اسم الله ، اى باسم الله ، اقول : اى اركب معتمدا على اسم الله ، كما مر فى الوجه الاول.
٧ ـ ان تكون للاستدراك والاضراب ، اى بمعنى لكن ، واتى بهذا المثال : فلان لا يدخل الجنة لسوء صنيعه على انه لا يياس من رحمة الله تعالى ، اى لكن انه الخ ، اقول : على فى هذا التركيب وغيره بمعناها ، اى كائنا على هذه الحال والوصف ، وكما فى الابيات.
فو الله لا انسى قتيلا رزئته |
|
٦٥٧ بجانب قوسى ما بقيت على الارض |
على انّها تعفو الكلوم وانّما |
|
٦٥٨ نوكّل بالادنى وان جلّ ما يمضى |
بكلّ تداوينا فلم يشف ما بنا |
|
٦٥٩ على انّ قرب الدار خير من البعد |
على انّ قرب الدار ليس بنافع |
|
٦٦٠ اذا كان من تهواه ليس بذى ودّ |
٨ ـ ان تكون زائدة ، وياتى ذكرها فى خاتمة الكتاب.
تنبيه
زعم قوم ان على اسم فى كل مورد ، وهو خطا اذ ليس فيها علائم الاسم ولا معناه ، نعم قد تستعمل بمعنى فوق ، وياتى ذكرها فى مبحث الظروف.
الفصل السابع
فى معنى فى : وهو الظرفية ، اى ظرفية مدخولها ، وهى اما حسية او معنوية والحسية اما مكانية او زمانية ، فهى ثلاثة اقسام :
القسم الاول
الظرفية المكانية ، نحو قوله تعالى : (وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ) ـ ١١٣ / ٤ ، (إِنَ
الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ) ـ ٨٢ / ١٣ ، (ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ) ـ ٧٤ / ٤٢ ، (وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) ـ ٥٠ / ٧ ، (لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً) ـ ٧٨ / ٢٣ ، (فَعَقَرُوها فَقالَ تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ) ـ ١١ / ٦٥.
القسم الثانى
الظرفية الزمانية ، نحو قوله تعالى : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) ـ ٥٠ / ٣٨ ، (أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ) ـ ٩٠ / ١٤ ، (غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ) ـ ٣٠ / ١ ، (تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) ـ ٧٠ / ٤ ، (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ) ـ ٦٩ / ٢٤.
القسم الثالث
الظرفية المعنوية ، وهى على ضروب :
الاول : ان يكون مدخولها فعلا اى حدثا ، واتيان الكلام بهذا الاسلوب لافادة ان الفاعل فى نهاية فعله نحو قوله تعالى : (وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) ـ ٢٠ / ٣٢ ، (قُلِ اللهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ) ـ ٦ / ٩١ ، (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ) ـ ٨٥ / ١٩ ، (أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ) ـ ١٠٥ / ٢ ، (وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْواجاً) ـ ١١٠ / ٢ ، (فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ) ـ ٦٩ / ٢١ ، وكقول على عليهالسلام : طوبى لمن لزم بيته واكل قوته واشتغل بطاعة ربه وبكى على خطيئته فكان من نفسه فى شغل والناس منه فى راحة.
الثانى : ان يكون مدخولها صفة ، واتيان الكلام بهذا الاسلوب لافادة ان الموصوف مغمور فى صفته ، نحو قوله تعالى : (بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ) ـ ٥٠ / ١٥ ، (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا) ـ ٥٠ / ٢٢ ، (إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ) ـ ٦٧ / ٢٠ ،