السيد جعفر مرتضى العاملي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-190-4
ISBN الدورة:
الصفحات: ٣٥٩
والأروع : الذي يعجبك حسنه.
والهصور : الأسد ، والهيصم : الأسد ، والقوي من الرجال.
وبزل البعير : انشق نابه ، ولحاك الله أي لعنك الله ، ويقال : جمل فيه عجرفة ، أي قلة مبالاة لسرعته ، وفلان يتعجرف عليّ : إذا كان يركبه بما يكره ولا يهاب شيئا ، وعجارف الدهر : حوادثه.
وقال الجوهري : الخضرم بالكسر : الكثير العطية ، مشبه بالبحر الخضرم وهو الكثير الماء ، وكل شيء كثير واسع خضرم.
والمعصم : موضع السوار من الساعد. والحجر المكرم : الحجر الأسود.
ومنه فيها مخاطبا لليهود :
هذا لكم من الغلام الهاشمي |
|
من ضرب صدق في ذرى الكمائم |
ضرب يقود شعر الجماجم |
|
بصارم أبيض أي صارم |
أحمي به كتائب القماقم |
|
عند مجال الخيل بالأقادم (١) |
الكمة : القلنسوة المدورة.
ويقال : سيد قماقم بالضم لكثرة خيره وبالفتح جمع القمقام وهو السيد.
ومنه عند قتل الخيبري :
أنا علي ولدتني هاشم |
|
ليث حروب للرجال قاصم |
معصوصب في نقعها مقادم |
|
من يلقني يلقاه موت هاجم (٢) |
قصمت الشيء قصما : كسرته ، واعصوصب القوم : اجتمعوا ، والنقع :
__________________
(١) البحار ج ٢١ ص ٣٩ وديوان أمير المؤمنين ص ١٢٧.
(٢) البحار ج ٢١ ص ٣٩ وديوان أمير المؤمنين ص ١٢٧ و ١٢٨.
الغبار ، والمقادم : جمع مقدام كمفاتح ومفتاح.
بعض ما قيل من الشعر في غزوة خيبر :
ومن الشعر في غزوة خيبر ما قاله كعب بن مالك :
ونحن وردنا خيبرا وفروضه |
|
بكل فتى عاري الأشاجع مذود |
جواد لدى الغايات لا واهن القوى |
|
جريء على الأعداء في كل مشهد |
عظيم رماد القدر في كل شتوة |
|
ضروب بنصل المشرفي المهند |
يرى القتل مدحا إن أصاب شهادة |
|
من الله يرجوها وفوزا بأحمد |
يذود ويحمي عن ذمار محمد |
|
ويدفع عنه باللسان وباليد |
وينصره من كل أمر يريبه |
|
يجود بنفس دون نفس محمد |
يصدق بالإنباء بالغيب مخلصا |
|
يريد بذاك العز والفوز في غد (١) |
وقال حسان :
بئس ما قاتلت خيابر عما |
|
جمعوا من مزارع ونخيل |
كرهوا الموت فاستبيح حماهم |
|
وأقروا فعل اللئيم الذليل |
أمن الموت تهربون فإن ال |
|
موت موت الهزال غير جميل (٢) |
__________________
(١) عن البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٤٧ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤١٢ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٥١ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٨١٠.
(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٥١ وعن البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٤٧ وعن السيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٨٠٨ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤١١.
الباب الثامن
فتح .. وصلح
الفصل الأول : مقاسم خيبر .. بين الصلح والفتح
الفصل الثاني : النبي صلىاللهعليهوآله يقرهم .. وعمر يجليهم
الفصل الثالث : فدك وغصبها .. أحداث .. وتفاصيل
الفصل الرابع : فدك .. دليل الإمامة
الفصل الأول :
مقاسم خيبر .. بين الصلح والفتح
كتاب إسقاط الجزية عن يهود خيبر :
وأظهر اليهود في العصور التالية لعصر الرسول الكريم «صلىاللهعليهوآله» كتابا نسبوه إليه «صلىاللهعليهوآله» جاء فيه : أنه «صلىاللهعليهوآله» قد أسقط الجزية عن أهل خيبر .. وفي الكتاب شهادة سعد بن معاذ ، ومعاوية بن أبي سفيان ، وفيه إسقاط الكلف ، والسخرة والجزية (١).
وقد اغتر بعض علماء الشافعية بهذا الكتاب ، فحكم بإسقاط الجزية عنهم ، ومنهم أبو علي بن خيرون (٢).
وقد جاؤوا بالكتاب في سنة ٤٤٧ هجرية إلى وزير القائم أبي القاسم علي بن الحسن ، فعرضه على الخطيب البغدادي ، فحكم بأنه مزور.
__________________
(١) راجع : المنتظم ج ٨ ص ٢٦٥ و ٣١٢ وتذكرة الحفّاظ ج ٣ ص ٣١٧ والبداية والنهاية ج ٥ ص ٣١٥ و ٣١٧ وراجع : ج ١٢ ص ١٠١ و ١٠٢ وأحكام أهل الذمة لابن القيم ص ٧ و ٨ وطبقات الشافعية للسبكي ج ٣ ص ١٢ ـ ١٤ والإعلان بالتوبيخ للسخاوي ص ٧٥ والخطيب البغدادي ليوسف العش ص ٣٢.
(٢) البداية والنهاية (ط دار إحياء التراث) ج ٤ ص ٢٥٠ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤١٥ ومكاتيب الرسول ج ١ ص ٢٥٩ وج ٣ ص ٧٤٠.
وقد حكم بتزوير هذا الكتاب العلامة الحلي «رحمهالله» (١).
وألف ابن كثير كتابا في إبطاله (٢) ، وقال : إن جماعة حكموا عليه بالبطلان ، مثل :
ابن الصباغ المالكي في مسائله.
وابن حامد في تعليقته.
وابن المسلمة الذي صنف جزءا مفردا للرد عليه أيضا (٣).
واستدلوا على تزويره بما يلي :
١ ـ إنه لم ينقله أحد من المسلمين (٤).
٢ ـ إن فيه شهادة سعد بن معاذ ، وهو إنما استشهد قبل ذلك بزمان ، في وقعة بني قريظة ، بعد أن حكم فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة.
وذكر ابن كثير : أنه وقف عليه فرأى فيه شهادة سعد بن معاذ عام
__________________
(١) مختلف الشيعة ج ١ ص ٣٩١ وراجع : مكاتيب الرسول ج ١ ص ٢٥٩ وج ٣ ص ٧٤٠ والبداية والنهاية (ط دار إحياء التراث) ج ٤ ص ٢٥٠ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤١٥.
(٢) راجع : السيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ٦٩٧ وعن البداية والنهاية ج ٥ ص ٣٧١ وج ١٤ ص ٢٢ وراجع : مكاتيب الرسول ج ١ ص ٢٥٩ وج ٣ ص ٧٤٠.
(٣) مكاتيب الرسول ج ٣ ص ٧٤٠ والبداية والنهاية (ط دار إحياء التراث) ج ٤ ص ٢٥٠ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤١٥.
(٤) مختلف الشيعة ج ١ ص ٣٩١ والبداية والنهاية (ط دار إحياء التراث) ج ٤ ص ٢٥٠ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤١٥ وراجع : مكاتيب الرسول ج ١ ص ٢٥٩ وج ٣ ص ٧٤٠.
خيبر ، وقد توفي سعد قبل ذلك بسنتين ، وفيه : كتب علي بن أبي طالب وهذا لحن وخطأ (١) لا يصدر عن أمير المؤمنين علي ، لأن علم النحو إنما أسند إليه من طريق أبي الأسود الدؤلي عنه.
ويجاب عن هذا : بأن من الجائز أن يكون «صلىاللهعليهوآله» قد أعطاهم هذا الكتاب في أوائل الهجرة ، أو على الأقل قبل واقعة بني قريظة .. ثم لما نكثوا عهدهم حاربهم ..
٣ ـ غير أننا نقول :
إن هذا الجواب أيضا باطل : لأن شهادة معاوية بن أبي سفيان على الكتاب لا يمكن أن تجتمع مع شهادة سعد بن معاذ ، لأنه قد أسلم عام فتح مكة ، أي بعد موت سعد بن معاذ بعدة سنوات ، فكيف يشهد معه على كتاب إسقاط الجزية عنهم؟؟
٤ ـ يقول ابن قيم الجوزية : إن إثبات الجزية إنما كان في سنة تسع من الهجرة ، فكيف يسقط النبي «صلىاللهعليهوآله» عن اليهود أمرا لم يثبت؟.
ولنا أن نقول في جوابه :
إنه إذا ثبت إسقاط الجزية بهذا الكتاب كان ذلك دليلا على ثبوتها قبل سنة تسع.
٥ ـ يضاف إلى ذلك : أنه لم يكن في زمن النبي «صلىاللهعليهوآله» كلف ولا سخرة على اليهود ، فما معنى إسقاطها عنهم أيضا؟ ..
__________________
(١) البداية والنهاية (ط دار إحياء التراث) ج ٤ ص ٢٥٠ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤١٥ و ٤١٦ ومكاتيب الرسول ج ٣ ص ٧٤٠ و ٧٤١.
وبذلك يظهر : أنه لا قيمة لهذا الكتاب المزعوم ، بعد أن كانت كل الدلائل تشير إلى بطلانه ..
الوطيح وسلالم فتحا صلحا :
قال ابن إسحاق : وتدنّى رسول الله «صلىاللهعليهوآله» بالأموال ، يأخذها مالا مالا ، ويفتحها حصنا حصنا ، حتى انتهوا إلى ذينك الحصنين ـ أعني الوطيح وسلالم الذي هو حصن بني الحقيق ، وهو آخر حصون خيبر ـ وجعلوا لا يطلعون من حصنهم ، حتى همّ رسول الله «صلىاللهعليهوآله» أن ينصب عليهم المنجنيق ، لما رأى من تغليقهم ، وأنه لا يبرز منهم أحد.
فلما أيقنوا بالهلكة ـ وقد حصرهم رسول الله «صلىاللهعليهوآله» أربعة عشر يوما ـ سألوا رسول الله «صلىاللهعليهوآله» الصلح ، فأرسل كنانة بن أبي الحقيق إلى رسول الله «صلىاللهعليهوآله» رجلا من اليهود يقال له : شماخ ، يقول : «أنزل فأكلمك»؟
فقال رسول الله «صلىاللهعليهوآله» : «نعم».
فنزل كنانة بن أبي الحقيق ، فصالح رسول الله «صلىاللهعليهوآله» على حقن دماء من في حصونهم من المقاتلة ، وترك الذرية لهم ، ويخرجون من خيبر وأرضها بذراريهم ، ويخلون بين رسول الله «صلىاللهعليهوآله» وبين ما كان لهم من مال وأرض ، وعلى الصفراء والبيضاء ، والكراع ، والحلقة ، وعلى البز إلا ثوبا على ظهر إنسان.
فقال رسول الله «صلىاللهعليهوآله» : «وبرئت منكم ذمة الله وذمة رسوله إن كتمتموني شيئا».
فصالحوه على ذلك ، فأرسل رسول الله «صلىاللهعليهوآله» إلى الأموال فقبضها ، الأول ، فالأول.
ووجد في ذينك الحصنين مائة درع ، وأربعمائة سيف ، وألف رمح ، وخمسمائة قوس عربية بجعابها (١).
ووجدوا صحائف متعددة من التوراة ، فجاءت يهود تطلبها ، فأمر «صلىاللهعليهوآله» بدفعها إليهم (٢).
وبذلك يكون الوطيح وسلالم فيئا لرسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، إذ لم يحصل قتال في هذين الحصنين ، وما جرى حين نزول المسلمين هناك ، فإنما هو مناوشات مع أفراد.
ونقل الحلبي عن فتح الباري ، عن ابن عبد البر : جزمه بأن حصون خيبر فتحت عنوة ، وإنما دخلت الشبهة على من قال فتحت صلحا بالحصنين اللذين سلمهما أهلهما لحقن دمائهم ، وهو ضرب من الصلح ، لكن لم يقع ذلك إلا بحصار وقتال.
هذا كلامه ، فليتأمل ، فإن بالقتال يخرج عن كونه فيئا (٣).
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٣١ ودلائل النبوة للبيهقي ج ٤ ص ٢٠٤ وراجع : السيرة الحلبية ج ٣ ص ٤١ و ٤٢. وراجع : البحار ج ٢١ ص ٦ و ٣٢ عن الكازروني في المنتقى في مولد المصطفى ، والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٦٧١ وتفسير مجمع البيان ج ٩ ص ٢٠٣ وتفسير الميزان ج ١٨ ص ٢٩٧.
(٢) تاريخ الخميس ج ٢ ص ٥٥ والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٦٨٠ و ٦٨١.
(٣) راجع : السيرة الحلبية ج ٣ ص ٤١ وعن فتح الباري ج ٧ ص ٣٦٦.
ونقول :
لعله يقصد المناوشات الفردية ، التي لا يصح اعتبار الفتح مستندا إليها.
هل فتحت خيبر صلحا؟؟ :
إن ظاهر كلام بعضهم : أن خيبر قد فتحت صلحا (١).
وقد نقل في بعض المصادر عن الزهري : الكتيبة أكثرها عنوة (٢).
وبعضهم عرض الخلاف في هذا الأمر (٣).
ويظهر من بعض التعابير لبعض المؤرخين : أن خيبر قد فتحت كلها عنوة (٤).
__________________
(١) راجع : معجم البلدان ج ٢ ص ٤١٠ والبحار ج ٢١ ص ٦ و ٢٥ وفتوح البلدان ص ٣٤١. وراجع : سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٥٤ و ١٥٥ والجوهر النقي للمارديني ج ٨ ص ١٢١ وشرح مسلم للنووي ج ١٠ ص ٢٠٩ وعن فتح الباري ج ٥ ص ١٠ وج ٧ ص ٣٦٦ وتحفة الأحوذي ج ٤ ص ٥٣٠ وعون المعبود ج ٨ ص ١٧٦.
(٢) النهاية في اللغة (مادة : كتب) ، ولسان العرب ج ١ ص ٧٠١ وتاج العروس ج ١ ص ٤٤٥ ومكاتيب الرسول ج ٣ هامش ص ٦٢٤ ومعجم ما استعجم هامش ج ٤ ص ١١١٥ والنهاية في غريب الحديث لابن الأثير ج ٤ ص ١٤٩.
(٣) البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٠١ وشرح مسلم للنووي ج ١ ص ٢٠٩ وعن فتح الباري ج ٧ ص ٣٦٦ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٥٤.
(٤) راجع : تاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٥٦ وراجع : فتوح البلدان ص ٣٤١ عن الزهري وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٥٤ و ١٥٥ ومكاتيب الرسول ج ٣ هامش ص ٦٢٤ ونصب الراية للزيعلي ج ٦ ص ٤٧٣ وسبل السلام ج ٣ ص ٧٨ ونيل ـ
قال اليعقوبي : «ثم كانت وقعة خيبر في أول سنة سبع ، ففتح حصونهم ، وهي ستة حصون : السلالم ، والقموص ، والنطاة ، والقصارة ، والشق ، والمربطة. وفيها عشرون ألف مقاتل. ففتحها حصنا حصنا ، فقتل المقاتلة ، وسبى الذرية ، وكان القموص من أشدها وأمنعها الخ ..» (١).
ويظهر هذا من بعض التعابير في البحار أيضا ، حيث قال : «وقد ظهر رسول الله «صلىاللهعليهوآله» على أهل خيبر ، وفيها اليهود».
وفي نص آخر : «وقد كان رسول الله «صلىاللهعليهوآله» حين ظهر على أهل خيبر ، وفيها اليهود» (٢).
__________________
الأوطار ج ٦ ص ١٠ وشرح مسلم للنووي ج ١٠ ص ٢٠٩ و ٢١٢ وج ١١ ص ٨٦ وعن فتح الباري ج ٥ ص ٣٠٣ وعن عون المعبود ج ٨ ص ١٦٨ و ١٧١ ونصب الراية ج ٦ ص ٤٧٣ ومعجم البلدان ج ١ ص ٤٢.
(١) تاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٥٦.
(٢) تهذيب الأحكام للطوسي ج ٤ ص ١٤٦ عن محمد بن مسلم وج ٧ ص ١٤٨ عن أبي بصير. وراجع : جامع أحاديث الشيعة ج ١٣ ص ٢٣٦ و ٢٣٧ وج ١٨ ص ٤٦٤ وبلوغ الأماني ج ٢١ ص ٢١٦ ومكاتيب الرسول ج ٣ ص ٦٢٤ وعن البخاري ج ٤ ص ٦١ وج ٣ ص ٧١ وكفاية الأحكام للسبزواري ص ٨٠ وجواهر الكلام ج ٣٨ ص ١٣ وجامع المدارك ج ٥ ص ٢٢٩ والمجموع ج ١٤ ص ٣٦٦ و ٣٩٩ وج ١٩ ص ٤٣١ ونيل الأوطار ج ٦ ص ٧ وج ٨ ص ١٦١ والإستبصار ج ٣ ص ١١٠ والوسائل (ط دار الإسلامية) ج ١٧ ص ٣٣٠ وعن مسند أحمد ج ٢ ص ١٤٩ وج ٤ ص ٣٧ وعن صحيح مسلم ج ٥ ص ٢٧ وعن سنن أبي داود ج ٢ ص ٣٦ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٦ ص ١١٤ و ٣١٧ وج ٩ ص ١٣٨ و ٢٠٧ و ٢٢٤ وج ١٠ ص ١٣٢ وشرح مسلم للنووي ج ١٠ ص ٢٠٩ وعون المعبود ج ٨ ص ١٧٣
فإن ظاهر كلمة : «ظهر عليهم» أنه انتصر عليهم.
توجيهات لما سبق :
وقال أبو عمر : إن السبب في هذا الخلاف ، هو الحصنان اللذان أسلمهما أهلهما ، حقنا لدمائهم. وهو ضرب من الصلح ، ولكنه لم يقع إلا بحصار وقتال (١).
وقال آخر : إن الشبهة نشأت من قول ابن عمر : إن النبي «صلىاللهعليهوآله» قاتل أهل خيبر ، فغلب على النخل ، فصالحوه على أن يجلوا منها ، وله الصفراء ، والبيضاء ، والحلقة ، ولهم ما حملت ركابهم ، على ألا يكتموا ، ولا يغيبوا ..
إلى أن قال : فسبى نساءهم وذراريهم ، وقسم أموالهم للنكث الذي نكثوا ، وأراد أن يجليهم ، فقالوا : دعنا في هذه الأرض نصلحها الخ ..
فعلى هذا كان وقع الصلح ، ثم حصل النقض منهم ، فزال أمر الصلح ، ثم منّ عليهم بترك القتل وإبقائهم عمالا بالأرض ، ليس لهم ملك. ولذلك
__________________
والمصنف لعبد الرزاق ج ٦ ص ٥٥ وج ١٠ ص ٣٥٩ والمصنف لابن أبي شيبة ج ٧ ص ٦٣٣ والمنتقى من السنن المسندة ص ١٦٦ ونصب الراية ج ٤ ص ٢٥٠ وج ٦ ص ٢١ وأسد الغابة ج ٥ ص ٣٦٥ وتاريخ المدينة ج ١ ص ١٨١ وعن البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٢٩ وعن عيون الأثر ج ٢ ص ١٤٦ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٣٨٢ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٣١ و ١٤٢ وج ٩ ص ١٣.
(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٥٤ و ١٥٥ ونصب الراية ج ٤ ص ٢٥٢ وفتح الباب ج ٩ ص ٣٦٦.
أجلاهم عمر ، فلو كانوا صولحوا على أرضهم لم يجلوا منها (١).
وذكر الحلبي : أن هذين الحصنين ـ الوطيح وسلالم ـ هما المرادان بالكتيبة في قول بعضهم : كان «صلىاللهعليهوآله» يطعم من الكتيبة أهله الخ .. (٢).
ونقول :
أولا : إن هذا التفسير للمراد بالكتيبة غير صحيح ، حيث سيأتي التصريح منهم بخلاف ذلك ، وأن الكتيبة فتحت عنوة ، والوطيح وسلالم فتحا صلحا.
ثانيا : إن ما ذكره أبو عمر لا يصح ، إذ يمكن أن يجاب عنه : بأن النبي «صلىاللهعليهوآله» قال لهم : إنه يصالحهم على النصف ما شاء ، أي إنه يخرجهم من خيبر متى شاء.
وهذا معناه : أنه لو كان نصف الأرض لهم ، لم يجز أن يعلق إخراجهم
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٥٤ وراجع : المجموع ج ١٥ ص ٢٠٩ والمبسوط ج ٢٣ ص ٤ والمحلى ج ٨ ص ٢١٤ وسبل السلام ج ٣ ص ٧٨ ونيل الأوطار ج ٨ ص ٢٢٢ ومكاتيب الرسول ج ٣ ص ١٦٧ وعن مسند أحمد ج ٢ ص ١٤٩ وعن صحيح البخاري ج ٣ ص ٥٥ و ٧١ وج ٤ ص ٦١ وعن صحيح مسلم ج ٥ ص ٢٧ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٦ ص ١١٤ وج ٩ ص ٢٢٤ وعن فتح الباري ج ٤ ص ٣٨٠ وج ٦ ص ١٩٤ وج ٧ ص ٣٦٦ وج ١٢ ص ٢٨٣ وتحفة الأحوذي ج ٤ ص ٥٣٠ وعون المعبود ج ٨ ص ١٦٣ و ١٧٧ وج ٩ ص ١٩٨ والمصنف للصنعاني ج ٦ ص ٥٥ وج ٨ ص ٩٨ وج ١٠ ص ٣٥٩ ونصب الراية ج ٥ ص ٣٠٦ والمنتقى من السنن المسندة ص ١٦٧ والجامع لأحكام القرآن ج ٨ ص ١٤٥ والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج ٢ ق ١ ص ٢٩٣.
(٢) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٤٨.
على مشيئته «صلىاللهعليهوآله» ، لأن المفروض : أن نصف الأرض لهم ، فلا يصح له أن يخرجهم من الأرض متى شاء ، وذلك يدل على أن الفتح كان عنوة ..
إلا أن يكون المقصود بقوله متى شئنا : هو تعليق بقائهم على مشيئته في خصوص النصف الذي هو له ، وأما النصف الذي لهم فليس له أي دخل فيه .. وتكون فائدة هذا الاشتراط هي : أن عملهم في الأرض المملوكة لرسول الله «صلىاللهعليهوآله» ليس له وقت يجب الالتزام به.
ولكن هذا التوجيه خلاف الظاهر ، حيث إن ظاهره أنه «صلىاللهعليهوآله» يقرهم في جميع بلادهم ولا يجليهم عنها كما أجلى بني النضير وقينقاع ، وهذا هو ما فهمه عمر بن الخطاب ، حيث برّر بهذه الكلمة إخراجهم من جميع أرض خيبر إلى مناطق أخرى انتقاما لولده عبد الله.
هذا بعض ما قالوه في هذا المقام ، ونحن نذكر شطرا آخر من أقوالهم ، ورواياتهم ، لتتضح الصورة ويتحدد لنا ما يريدون أن يصلوا إليه ، ثم نعقب ذلك بالقول الفصل ، وبيان ما هو المروي والثابت عن أهل البيت «عليهمالسلام» ، وهم أدرى بما فيه ، فنقول :
كتاب مقاسم خيبر :
ذكر الواقدي نص كتاب مقاسم خيبر ، كما يلي :
«بسم الله الرحمن الرحيم :
هذا ما أعطى محمد رسول الله لأبي بكر بن أبي قحافة مائة وسق ، ولعقيل بن أبي طالب مائة وأربعين ، ولبني جعفر بن أبي طالب خمسين
وسقا ، ولربيعة بن الحارث مائة وسق ، ولأبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب مائة وسق ، وللصلت بن مخرمة بن المطلب ثلاثين وسقا ، ولأبي نبقة خمسين وسقا ، ولركانة بن عبد يزيد خمسين وسقا ، وللقاسم بن مخرمة بن المطلب خمسين وسقا ، ولمسطح بن أثاثة بن عباد وأخته هند ثلاثين وسقا ، ولصفية بنت عبد المطلب أربعين وسقا ، ولبحينة بنت الحارث بن المطلب ثلاثين وسقا ، ولضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب أربعين وسقا ، وللحصين وخديجة وهند بنت عبيدة بن الحارث مائة وسق ، ولأم الحكم بنت الزبير بن عبد المطلب ثلاثين وسقا ، ولأم هاني بنت أبي طالب أربعين وسقا ، ولجمانة بنت أبي طالب ثلاثين وسقا ، ولأم طالب بنت أبي طالب ثلاثين وسقا ، ولقيس بن مخرمة بن المطلب خمسين وسقا ، ولأبي أرقم خمسين وسقا ، ولعبد الرحمن بن أبي بكر أربعين وسقا ، ولأبي بصرة أربعين وسقا ، ولابن أبي حبيش ثلاثين وسقا ، ولعبد الله بن وهب وابنيه خمسين وسقا ، لابنيه أربعين وسقا ، ولنميلة الكلبي من بني ليث خمسين وسقا ، ولأم حبيبة بنت جحش ثلاثين وسقا ، ولملكان بن عبدة ثلاثين وسقا ، ولمحيصة بن مسعود ثلاثين وسقا ، وأوصى رسول الله «صلىاللهعليهوآله» للرهاويين بطعمة من خمس خيبر بجاد مائة وسق ، وللداريين بجاد مائة وسق» (١).
__________________
(١) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٦٩٤ وراجع : مجموعة الوثائق السياسية ٩٤ / ١٧ عنه والطبقات الكبرى ج ١ ق ٢ ص ٧٥ و ٧٦ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٨١٢ ومكاتيب الرسول ج ٣ ص ٦٢٢ والروض الأنف للسهيلي ج ٤.
كتاب آخر :
«بسم الله الرحمن الرحيم :
ذكر ما أعطى محمد رسول الله النبي «صلىاللهعليهوآله» نساءه من قمح خيبر ، قسم لهن مائة وسق وثمانين وسقا ، ولفاطمة بنت رسول الله «صلىاللهعليهوآله» خمسة وثمانين وسقا ، ولأسامة بن زيد أربعين وسقا ، وللمقداد بن الأسود خمسة عشر وسقا ، ولأم رميثة خمسة أوسق. شهد عثمان ، وعباس ، وكتب» (١).
والوسق : حمل بعير ، وهو ستون صاعا.
والصاع : أربعة أمداد.
واختلفوا : في معنى المد فراجع اختلافهم هذا في المصادر المختلفة (٢).
__________________
(١) السيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٤٠٧ وفي (ط أخرى) ص ٣٦٧ ومجموعة الوثائق السياسية : ٩٥ / ١٨ عن ابن هشام.
(٢) راجع : الجواهر ج ١٥ ص ٢٠٨ والطبقات لابن سعد (ط دار صادر) ج ٣ ص ٤٠٧ ومجموعة الوثائق السياسية ٩٥ / ١٨ عنها وتذكرة الفقهاء ج ١ ص ٢١٨ والمبسوط للطوسي ج ١ ص ٢١٤ والمهذب البارع ج ١ ص ١٦٦ والدروس ج ١ ص ٢٣٦ و ٢٥١ والجامع للشرائع ص ١٣١ و ١٣٩ والهداية ص ٤١ والسرائر ج ١ ص ٤٤٨ و ٤٦٩ وإرشاد الأذهان ج ١ ص ٢٨٣ والمؤتلف ج ١ ص ٢٨٠ والخلاف ج ٢ ص ٥٨ والمقنعة ص ٢٣٦ وجامع المقاصد ج ٢ ص ٤١ والمعتبر ج ٢ ص ٥٣٣ وجامع الخلاف والوفاق ص ١٣٦ ومجمع الفائدة ج ٤ ص ١٠٤ و ١٠٥ والحبل المتين ص ٢٦ وكشف اللثام (ط قديم) ج ١ ص ٨٢ والحدائق الناضرة ج ١٢ ص ١١٢ و ١١٤ و ١١٥ وغنائم الأيام ج ١ ص ١٩١ وج ٤ ص ٩٦ والإستبصار ج ١ ص ١٢١ وتهذيب الأحكام ج ١ ـ
مقاسم أرض خيبر في مصادر غير الشيعة :
وقد ذكروا أن عمر بن الخطاب قال :
«كانت لرسول الله «صلىاللهعليهوآله» ثلاث صفايا : مال بني النضير ، وخيبر ، وفدك.
فأما أموال بني النضير فكانت حبسا لنوائبه.
وأما فدك فكانت لأبناء السبيل.
وأما خيبر فجزأها ثلاثة أجزاء : فقسم جزأين منها بين المسلمين ، وحبس جزءا لنفسه ونفقة أهله ، فما فضل من نفقتهم ردّه إلى فقراء المسلمين» (١).
وقالوا أيضا : إن النبي «صلىاللهعليهوآله» ملك من حصون خيبر : الكتيبة ، أخذها من خمس الغنيمة (٢) ، والوطيح ، والسلالم ، وهما مما أفاء الله عليه ، فهذه الثلاثة صارت خالصة لرسول الله «صلىاللهعليهوآله».
__________________
ص ١٣٦ والوسائل (ط دار الإسلامية) ج ١ ص ٣٣٩ وعن البحار ج ٧٧ ص ٣٥٠ و ٣٥١ و ٣٥٤ وتحفة الأحوذي ج ١ ص ١٥٣ والجامع لأحكام القرآن وج ٣ ص ٣٤٩ وغريب الحديث ج ١ ص ١٢ وج ٣ ص ١١٣٥.
(١) فتوح البلدان ص ٣٠ ـ ٤٠ والدر المنثور ج ٦ ص ١٩٢ و ١٩٣ ومكاتيب الرسول ج ٣ ص ٦٢٣ وسنن أبي داود ج ٢ ص ٢٣ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٧ ص ٥٩ وعن فتح الباري ج ٦ ص ١٤٣ وشرح معاني الآثار ج ٣ ص ٣٠٢ وكنز العمال ج ٤ ص ٥٢٣ والسير الكبير ج ٢ ص ٦١٠ والطبقات الكبرى ج ١ ص ٥٠٣ وعن عيون الأثر ج ٢ ص ١٤٦ وعن السيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج ٢ ص ٢٦٩ عن الإمتاع ، وعن المغازي للواقدي ج ١ ص ٣٧٨.
(٢) تاريخ الخميس ج ٢ ص ٤٨ وراجع : ج ٣ ص ٦٢٥ ومعجم البلدان ج ٤ ص ٤٢٧.
وزعم الواقدي : أن بعضهم يقول : إن الكتيبة أيضا كانت فيئا لرسول الله «صلىاللهعليهوآله» (١).
وذكر البلاذري : أن النبي «صلىاللهعليهوآله» قسم نصف خيبر بين المسلمين ، فكان سهمه «صلىاللهعليهوآله» فيما قسم الشق والنطاة ، وما حيز معهما. وكان فيما وقف الكتيبة والسلالم.
فلما صارت الأموال في يد رسول الله «صلىاللهعليهوآله» لم يكن له من العمال من يكفيه عمل الأرض ، فدفعها إلى اليهود يعملونها على نصف ما خرج منها (٢).
أما الزهري فزعم : أن سهم الخمس هو الكتيبة. أما الشق ، والنطاة ، وسلالم ، والوطيح فللمسلمين. فأقرها في يد اليهود (٣).
وعن أبي هريرة ، قال : خرجنا مع رسول الله «صلىاللهعليهوآله» عام خيبر ، فلم يغنم ذهبا ولا فضة إلا الإبل ، والبقر ، والمتاع ، والحوائط.
وفي رواية : إلا الأموال والثياب والمتاع. رواه مالك ، والشيخان ، وأبو
__________________
(١) راجع : الكامل في التاريخ ج ٢ ص ٢٢١ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٣٥١ ووفاء الوفاء ج ٤ ص ١٢٠٩ وعمدة الأخبار ص ٣١٥ والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٦٧٠ و ٦٧١ و ٦٩١ و ٦٩٢ والأحكام السلطانية ج ١ ص ٢٠٠ وغير ذلك.
(٢) الطبقات الكبرى لابن سعد ج ٢ ص ١١٢ ومعجم ما استعجم ج ٤ ص ١٣١٣ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٤٢ عن أبي داود (٣٠١٢) ومكاتيب الرسول ج ٣ ص ٦٢٤ ومعجم البلدان ج ٢ ص ٤١٠ وفتوح البلدان ج ١ ص ٢٨.
(٣) راجع : فتوح البلدان ج ١ ص ٢٨ ومعجم البلدان ج ٢ ص ٤١٠ ومكاتيب الرسول ج ٣ ص ٦٢٥ وصحيح ابن حبان ج ١١ ص ١٨٨.