عواطف محمّد يونس نواب
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة الملك فهد الوطنية
الطبعة: ٠
ISBN: 9960-00-071-0
الصفحات: ٥٠٤
ببيت صغير مربع جميل استخدم كمخزن لأدوات المسجد وبجواره بعض أشجار النخيل الصغيرة (١).
وقد سدت جميع أبواب المسجد النبوي. وأشار العبدري إلى وجود باب بقرب الروضة عبارة عن نفق في الأرض يصل إليه بواسطة درج يفضي إلى حجر في قبلة المسجد قيل : إنها حجر أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم ونبه على بطلان ذلك (٢).
ويبدو أن مآذن المسجد قد جددت حيث ذكر العبدري وجود ثلاث مآذن بشكل واحد الأولى في مؤخرة المسجد واثنتان في الركنين الجنوبيين.
وأشار العبدري أيضا إلى عدد سواري المسجد النبوي بأنها مائتان وست وسبعون بدون تحقيق منه فهو لم يقم بإحصائها لانشغاله بالنواحي العلمية وقصر مدة إقامته بالمدينة (٣).
وأوضح العبدري أن هناك ممرا ضيقا بين الروضة والجدار الشرقي محلّى بالرخام الأبيض من أسفله إلى أعلاه بإتقان ، وأشار أيضا إلى وجود صندوق مبني في جدار الروضة أمام رأس النبي صلىاللهعليهوسلم. كما يوجد علم أمام رأس أبي بكر وآخر أمام رأس عمر رضياللهعنهما (٤). كما لفت انتباهه جمال كسوة الروضة المجددة في كل عام مثل كسوة الكعبة المشرفة (٥).
__________________
(١) يبدو أن النخلات التي أشار إلى وجودها ابن جبير قد حرقت فزرع بدلا منها هذه النخلات الصغار ، وذكر السمهودي أن غرسها هناك بدعة. انظر السمهودي : وفاء الوفا ، ج ٢ ، ص ٦٨٢. انظر الرسم رقم ٢١.
(٢) نجد أن العبدري نبه في حينه على بطلان ذلك ونلاحظ مدى اختلاق العامة أمورا قد يصدقها الحجاج فمعروف أن حجرات النبي صلى قد دخلت في المسجد في الزيادة التي قام بها الوليد بن عبد الملك كما وأن اختلاق مثل هذه الأمور كانت متفشية بسبب استجلاب الأموال من الحجاج.
(٣) العبدري : الرحلة المغربية ص ٢٠٤ ـ ٢٠٥.
(٤) لا شك أن الصندوق جدد فقد تلف أثناء الحريق. كما نلاحظ وجود علم عند رأس كل من أبي بكر وعمر رضياللهعنهما وهو ما لم يذكره ابن جبير مما يعني وجود إضافات بالمسجد النبوي حدثت أثناء تجديده. انظر السمهودي : وفاء الوفا ، ج ٢ ، ص ٥٧٤ ـ ٥٧٥.
(٥) العبدري : الرحلة المغربية ، ص ٢٠٥.
المنبر :
أوضح العبدري أن الحريق أصاب المنبر ضمن النفائس المحترقة في المسجد النبوي ولم يبق منه إلا قطعة صغيرة فاستبدل بمنبر آخر شاهده وجعلت القطعة المتبقية في داخل المنبر الجديد الذي أحدث به ثقب يدخل الناس أيديهم فيه للمس القطعة المتبقية والتبرك بها (١).
أما ابن بطوطة والبلوي فلم يضيفا شيئا جديدا لما سبق ؛ بل ولعلهما اعتمدا في وصفهما على ابن جبير. إلا أن البلوي أورد نصا منقوشا يشير إلى أن الملك الظاهر قدم المدينة سنة ٦٦٨ ه / ١٢٦٩ م وقام بالخدمة في الروضة ونص النقش «بسم الله الرحمن الرحيم خدم بهذه الدار بزينة للحرم الشريف مولانا السلطان الملك الظاهر ركن الدنيا والدين أبي الفتح بيبر الصالحي قسيم أمير المؤمنين في سنة ثمان وستين وستمائة» (٢) ، وذكر ابن كثير وابن دقماق قدوم الملك الظاهر إلى الحجاز في سنة ٦٦٧ ه / ١٢٦٨ م وزيارته للمدينة المنورة وخروجه منها حاجا إلى مكة المكرمة ويضيف ابن كثير أنه عاد مرة أخرى إلى المدينة بعد أدائه فريضة الحج (٣).
ونلاحظ إن تاريخ النقش يزيد سنة عن السنة التي حج فيها الملك الظاهر ولعل هذا يرجع إلى أن القيام بالنقش إنما تم في سنة ٦٦٨ ه / ١٢٦٩ م خاصة وأن الملك الظاهر قد أرسل من مصر في رجب سنة ٦٦٨ ه / ١٢٦٩ م درابزينات
__________________
(١) هذه من الأمور المبتدعة التي لا يقرها الشرع حتى لو سلمنا أن هذه القطعة من المنبر ، خاصة وأن جميع أخشاب المسجد ومنه المنبر قد احترقت فكيف عرف أن هذه القطعة هي من المنبر فيكون تحايلهم للمسه في غير محله.
(٢) ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١١٤ ـ ١١٩ ؛ البلوي : تاج المفرق ، ج ١ ، ص ٢٨٥ ـ ٢٨٧.
(٣) ابن كثير : البداية والنهاية ، ج ١٣ ، ص ٢٥٤ ـ ٢٥٥ ؛ ابن دقماق : الجوهر الثمين ، ج ٢ ، ص ٧٥.
للحجرة النبوية وأمر أن تقام حول القبر صيانة له وعمل أبوابا لها تفتح وتقفل فركب ذلك عليها (١).
المساجد بالمدينة المنورة :
مسجد حمزة رضياللهعنه :
أشار إليه ابن جبير وحدد موقعه في قبلي جبل أحد وأغفل وصفه (٢) ، ووصفه ابن النجار بأنه قريب من مشهد حمزة بأحد وأشار باتفاق أهل المدينة في أن موضعه مكان استشهاد حمزة رضياللهعنه (٣) ، بينما ذكر السمهودي أن تاريخ بنائه عائد إلى المائة الثانية من الهجرة وسماه مسجد العسكر (٤).
مسجد قباء :
وصفه ابن جبير وابن بطوطة بأنه مسجد مربع الشكل له مئذنة طويلة بيضاء تظهر من بعد ، وهو حديث البناء ، وفي وسطه روضة صغيرة هي مكان مبرك الناقة بالنبي صلىاللهعليهوسلم. ويحرص الناس على الصلاة فيها. كما يوجد في صحنه من ناحية القبلة شبه محراب على مصطبة هو أول موضع ركع فيه النبي صلىاللهعليهوسلم. واحتوت القبلة على عدة محاريب وله باب واحد في الجهة الغربية والمسجد به سبع بلاطات في الطول ومثلها في العرض (٥).
__________________
(١) ابن كثير : البداية والنهاية ، ج ١٣ ، ص ٢٥٦ ـ ٢٥٧.
(٢) ابن جبير : الرحلة ، ص ١٧٣.
(٣) ابن النجار : أخبار مدينة الرسول ، ص ٥٨.
(٤) السمهودي : وفاء الوفا ، ج ٣ ، ص ٨٤٩ ، ٨٢٢.
(٥) ابن جبير : الرحلة ، ص ١٧٤ ؛ ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١٢٥.
وقد أشار ابن النجار أن الوزير الجواد قام بتجديده بعد تجديد وتوسيع عمر بن عبد العزيز له بعدة قرون (١) ، لذا فعند ما شاهده ابن جبير ذكر بأنه مجدد لقرب العهد بين تجديده ورحلته.
وأضاف البلوي أن بأعلى المحراب نقش به [«بسم الله الرحمن الرحيم لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين» (٢) هذا مقام النبي صلىاللهعليهوسلم جدد هذا المسجد في تاريخ سنة إحدى وسبعين وستمائة] وأكد البلوي أن للمسجد مئذنة مرتفعة بحيث يراها الناس من بعد (٣).
ويظهر من كلام السمهودي أن المسجد قد جدد مرتين إحداهما سنة ٥٥٥ ه / ١١٦٠ م والأخرى سنة ٦٧١ ه / ١٢٧٢ م ، وهي المرة التي أشار إليها البلوي ، إلى جانب ذكره لوجود المحاريب في قبلته ، أما مكان مبرك الناقة بالرسول صلىاللهعليهوسلم فلم يفصّل السمهودي فيه برأي قاطع (٤).
ولكننا نلاحظ اختلافا واضحا بين وصفه هنا وبين وصف صاحب الاستبصار حيث يقول إنه مسجد مربع به ثلاث بلاطات وله ثلاثة أبواب (٥).
__________________
(١) ابن جبير : الرحلة ، ص ١٧٤ ؛ ابن النجار : أخبار مدينة الرسول ، ص ١١٣ ؛ ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١٢٥.
(٢) القرآن الكريم : سورة التوبة ، ٩ / ١٠٨.
(٣) البلوي : تاج المفرق ، ج ١ ص ٢٨٧ ـ ٢٨٨. انظر الرسم رقم ٢٢.
(٤) السمهودي : وفاء الوفا ، ج ٣ ، ص ٨٠٧ ـ ٨١٠.
(٥) مؤلف مجهول : الاستبصار ، ص ٤٢ ـ ٤٣ ، وربما يكون وصفه قبل تجديده للمرة الأولى أي قبل سنة ٥٥٥ ه / ١١٦٠ م وعليه فيكون قدومه للحجاز قبل هذا التاريخ.
مسجد علي بن أبي طالب رضياللهعنه :
يقع في طريق أحد أشار إليه ابن جبير وابن بطوطة دون وصفه (١) ، وذكره ابن النجار دون نسبته لعلي بن أبي طالب رضياللهعنه حيث عده ضمن ثلاثة مساجد أشار إلى خرابها أمام مسجد الفتح (٢).
وأكد السمهودي إصابته بالتلف على عهده وتجديده فيما بعد وأضاف إنه منسوب لعلي ابن أبي طالب لانتشار ذلك بين الناس ، كما أشار إلى صلاة الرسول صلىاللهعليهوسلم به (٣).
وأوضح علي حافظ أن سبب نسبته لعلي بن أبي طالب رضياللهعنه أنه أمّ الناس فيه وقت صلاة العيد عند ما كان عثمان بن عفان رضياللهعنه محصورا بمنزله (٤).
مسجد سلمان الفارسي رضياللهعنه :
اكتفى كل من الرحالة ابن جبير وابن بطوطة والبلوي بذكره دون وصفه (٥) ، ولعل السبب في ذلك أنه كان خرابا في ذلك الوقت ، إلا أن آثار بنائه ما زالت باقية إضافة إلى ما تناقلته الشائعات على ألسنة الناس حول نسبته إلى سلمان الفارسي وذكره ابن النجّار ضمن الثلاثة مساجد الواقعة أمام مسجد الفتح ، واستمر على حاله في عهد السمهودي وفيما يبدو أنه قد امتدت إليه يد البناء والتعمير فيما بعد. وأكد السمهودي على شهرة نسبته لسلمان الفارسي
__________________
(١) ابن جبير : الرحلة ، ص ١٧٦ ؛ ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١٢٥ ؛ البلوي : تاج المفرق ، ج ١ ، ص ٢٨٨.
(٢) ابن النجار : أخبار مدينة الرسول ، ص ١١٤.
(٣) السمهودي : وفاء الوفا ، ج ٣ ، ص ٨٣٦ ـ ٨٣٧. انظر الرسم رقم ٢٣.
(٤) على حافظ : فصول من تاريخ المدينة المنورة ، ص ١٤٧ ـ ١٤٨.
(٥) ابن جبير : الرحلة ، ص ١٧٦ ؛ ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١٢٥ ؛ البلوي : تاج المفرق ، ج ١ ، ص ٢٨٨.
حسب معلومات الناس (١) ، وأضاف أن الرسول صلىاللهعليهوسلم قد أقام الصلاة فيه وفي المساجد الأخرى التي تنعت بمساجد الفتح (٢).
مسجد الفتح :
أغفل وصفه ابن جبير وابن بطوطة والبلوي ولكنهم أكدوا نزول سورة الفتح فيه على النبي صلىاللهعليهوسلم (٣). وذكر ابن النجار أن الرسول صلىاللهعليهوسلم دعا فيه يوم الخندق على الأحزاب ، وأشار إلى تشييده مع إغفاله ذكر السنة التي تمّ فيها ذلك (٤) ، وأضاف السمهودي أن الرسول صلىاللهعليهوسلم أقام الصلاة فيه وفي المساجد الموجودة حوله وهي المسجد المنسوب لعلي بن أبي طالب والمسجد المنسوب لسلمان الفارسي ومسجد منسوب لأبي بكر رضياللهعنهم والأخير لم يبق له أثر.
وقد جدد مسجد الفتح زمن عمر بن عبد العزيز عند بناء المسجد النبوي وجدد عقب ذلك سنة ٥٧٥ ه / ١١٧٩ م. كما تم تجديد المسجدين المنسوبين لعلي ولسلمان سنة ٥٧٧ ه / ١١٨١ م. وذكر السمهودي في سبب تسميته بمسجد الفتح روايتين لم يرجح أيّا منهما : الأولى قيل : إن ذلك راجع لإجابة دعاء الرسول صلىاللهعليهوسلم على الأحزاب فيه فكانت فتحا على الإسلام ، وقيل لنزول سورة الفتح به (٥).
__________________
(١) ابن النجار : أخبار مدينة الرسول ، ص ١١٤ ؛ السمهودي : وفاء الوفا ، ج ٣ ، ص ٨٣٦ ـ ٨٣٧ ؛ وقد حدد علي حافظ مكانه بأنه بعد مسجد الفتح من جهة الجنوب. انظر علي حافظ : فصول من تاريخ المدينة ، ص ١٤٣.
(٢) انظر الرسم رقم ٢٣.
(٣) ابن جبير : الرحلة ، ص ١٧٦ ؛ ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١٢٥ ؛ البلوي : تاج المفرق ، ج ١ ، ص ٢٨٨.
(٤) ابن النجار : أخبار مدينة الرسول ، ص ١١٤.
(٥) السمهودي : وفاء الوفا ، ج ٣ ، ص ٨٣٥ ـ ٨٣٧.
بينما ذكر القرطبي وابن كثير أن سورة الفتح نزلت في الحديبية (١) ، وعلى كل حال فقد أجمعت كتب التفاسير على أن سورة الفتح قد نزلت بالحديبية.
المساجد بجدة :
لم يذكر ابن جبير بجدة إلا مسجدين الأول نسبه إلى عمر بن الخطاب دون إيراد أوصافه المعمارية ، ونسب الآخر لهارون الرشيد إلى جانب تفاصيله المعمارية حيث أشار إلى وجود ساريتين كبيرتين من خشب الأبنوس فسمي مسجد الأبنوس.
وأكد التجيبي معلومات ابن جبير حول مسجد الأبنوس في سبب تسميته بذلك. وذكر روايتين الأولى حول نسبته إلى عمر بن الخطاب مع إشارته إلى ضعفها ، أما الرواية الثانية فتنسب إلى عمر بن عبد العزيز ولعلها الأرجح في ذلك (٢).
وعلى ضوء ما سبق يمكن قبول ما ذهب إليه التجيبي باعتبار أن جدة لم تصبح ذات شأن كبير وميناءا لمكة المكرمة إلا في عهد عثمان بن عفان رضياللهعنه (٣) ، وذكر ابن فرج أن أوّل مسجد شيد في جدة كان بأمر من عمر ابن الخطاب ويماثله في القدم مسجد آخر يسمى مسجد الأبنوس (٤) ، ويحمل قول ابن فرج عدم تأكيد بناء عمر بن الخطاب لهذا المسجد ، ويحمل مسجد الأبنوس الآن اسم مسجد عثمان بن عفان رضياللهعنه (٥) ، وتبدو نسبته إلى عثمان ابن
__________________
(١) انظر مثلا القرطبي : الجامع لأحكام القرآن ، ج ١٦ ، ص ٢٦٠ ـ ٢٦١ ؛ ابن كثير : تفسير القرآن العظيم ، ج ٤ ، ص ١٨٢.
(٢) ابن جبير : الرحلة ، ص ٥٣ ؛ التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٢١٨ ـ ٢١٩.
(٣) الفاسي : شفاء الغرام ، ج ١ ، ص ١٤١.
(٤) ابن فرج : السلاح والعدة في تاريخ بندر جدة ، ص ٥١.
(٥) المصدر السابق ، ص ١٠٩ ؛ عبد القدوس الأنصاري : موسوعة تاريخ جدة ، ص ٤٢٩.
عفان رضياللهعنه أرجح على اعتبار أنه أول من جعلها ساحلا ومرفأ لمكة المكرمة وبالتالي قيامه بإنشاء مسجد فيها ينسب إليه.
أما ما أورده التجيبي من نسبته إلى عمر بن عبد العزيز فربما يرجع ذلك إلى قيامه بإصلاحات فيه أدت إلى نسبة المسجد إليه ، وربما نسب لهارون الرشيد للسبب ذاته ، وقد ناقش عبد القدوس الأنصاري الأقوال في نسبة المسجد (١).
أما ابن بطوطة فأشار إلى وجود مسجد الأبنوس في جدة (٢).
ومما يلفت النظر أن الرحالة لم يتعرضوا لذكر المساجد في طريق الحجاز إلا مسجدا بينبع ينسب لعلي بن أبي طالب رضياللهعنه وهذا المسجد يقع خارجها وقد وصف بأنه ذو بناء محكم جميل (٣) ، ومسجد آخر ببدر وصف بالصغر والجمال ويقال إنه أقيم على موضع مبرك ناقة الرسول صلى عند نخيل القليب (٤) ، كما يوجد مسجد متهدم بالقرب من مبرك ناقة صالح عليهالسلام في حجر ثمود (٥) وبذي الحليفة مسجد آخر (٦) ، ويشير العبدري إلى المساجد الموجودة في الطريق ما بين مكة المكرمة والمدينة المنورة بأنها غير معمورة (٧).
__________________
(١) عبد القدوس الأنصاري : موسوعة تاريخ جدة ، ص ٤٢٩ ـ ٤٣٠.
(٢) ابن بطوطة : الرحلة ، ص ٢٤٣.
(٣) العبدري : الرحلة المغربية ، ص ١٦٣.
(٤) ابن جبير : الرحلة ، ص ١٦٥ ـ ١٦٦ ؛ العبدري : الرحلة المغربية ، ص ١٦٣ ـ ١٦٤.
(٥) ابن رشيد : ملء العيبة ، ج ٥ ، ص ١٤ ـ ١٥ ؛ ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١١٢ ـ ١١٣ ؛ البلوي : تاج المفرق ، ج ١ ، ص ٢٧٨.
(٦) ابن جبير : الرحلة ، ص ١٦٧ ؛ العبدري : الرحلة المغربية ، ص ٢٠١ ؛ ابن رشيد : ملء العيبة ، ج ٥ ، ص ٧١.
(٧) العبدري : الرحلة المغربية ، ص ١٩١.
ثالثا : العمارة المدنية :
المدارس :
سبق الإشارة لهذا الموضوع في الناحية العلمية وما يهمنا هنا هو إيراد التفاصيل المعمارية لتلك المدارس. والواقع أن معلوماتنا في هذا الصدد شبه معدومة ولا نعرف سببا واضحا لإغفال الرحالة إيراد تلك الأوصاف. وأما ما يتعلق بالمدرسة المظفرية في مكة المكرمة والمشيدة باسم الملك نور الدين عمر ابن رسول ملك اليمن والواقعة عند باب العمرة (١) ؛ حيث استأثرت باهتمام المؤرخين وأسبغوا عليها عبارات العظمة وعلو الشأن في ذلك الوقت (٢) ، فنستطيع القول إن مردّ ذلك الاهتمام عائد إلى دورها العلمي في خدمة القادمين إليها من مختلف بقاع الأرض. والأرجح أن عظم شأنها يرجع كما نرى إلى دورها العلمي الكبير. ولا ننسى أن بلاد الحجاز كانت محطا للكثير من العلماء في مختلف بقاع الأرض. أما في المدينة المنورة فتوجد مدرسة تقع مقابل باب الرحمة ولا يعرف اسمها في حين أطلق عليها ابن جابر اسم الشهابية (٣) ، وأيضا ليست لدينا أية تفاصيل عن أوصافها المعمارية.
الأربطة :
الأربطة في مكة المكرمة :
أورد الرحالة المغاربة والأندلسيون أسماء عدد من الأربطة بمكة المكرمة ولكن على اختصار شديد فمنها :
__________________
(١) العبدري : الرحلة المغربية ، ص ١٧٤ ؛ التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٢٤٦ ، ٢٦٢ ؛ ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١٣٩.
(٢) الخزرجي : العقود اللؤلؤية ، ج ١ ، ص ٨٢ ؛ ابن فهد : إتحاف الورى ، ج ٣ ، ص ٦٠. انظر ما سبق ، ص ٢٦٦.
(٣) ابن جابر الوادي آشي : البرنامج ، طبعة ١٤٠١ ه / ١٩٨١ م ، ص ٤٨ ـ ٤٩ ؛ البلوي : تاج المفرق ، ج ١ ، ص ٢٨٧.
رباط الصوفية :
يقع بجوار باب بني شيبة وله باب ينفذ منه إلى المسجد الحرام يسمى باب الرباط وهو باب صغير بجوار باب بني شيبة ، وأشار إليه التجيبي بينما سماه ابن بطوطة رباط السدرة وذكر أن بابه يفتح على المسجد الحرام بجانب باب بني شيبة وسماه باب الرباط أيضا (١).
وذكر الفاسي أن هذا الرباط واقع بالجانب الشرقي من المسجد الحرام على يسار الداخل إليه من باب بني شيبة وسماه رباط السدرة وأرخ لسنة وقفه بسنة ٤٠٠ ه / ١٠٠٩ م دون ذكر القائم بذلك (٢).
رباط بأعلى جبل أبي قبيس :
أغفل ذكره ابن جبير وذكره ابن بطوطة وأشار إلى عزم الملك الظاهر تعميره (٣). ويبدو أن ابن بطوطة انفرد بذكر هذا الرباط ، حيث لم نقع على خبر له ضمن المصادر التي تناولناها.
رباط مراغة :
أشار إليه ابن رشيد دون وصفه وتحديد موقعه (٤) ، في حين قام الفاسي بتحديد موقعه قائلا : إنه ملاصق لرباط السدرة بالجانب الشرقي من المسجد الحرام على يسار الداخل إليه من باب بني شيبة ونسبه إلى قاضي القضاة أبي بكر محمد بن عبد الله بن عبد الرحيم المراغي (٥).
__________________
(١) ابن جبير : الرحلة ، ص ٨٢ ؛ التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٢٤٥ ؛ ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١٣٩.
(٢) الفاسي : شفاء الغرام ، ج ١ ، ص ٥٢٧.
(٣) ابن جبير : الرحلة ، ص ٨٥ ؛ ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١٤٤.
(٤) ابن رشيد : ملء العيبة ، ج ٥ ، ص ١٤٤ ، ٢٣١.
(٥) الفاسي : شفاء الغرام ، ج ١ ، ص ٥٢٧.
وأصل الرباطين دار القوارير. وقد تداولت الأيدي هذه الدار حتى أصبحت رباطين متلاصقين أحدهما يعرف برباط المراغي والآخر برباط السدرة (١).
رباط الموفق :
أشار إليه التجيبي دون وصفه أو تحديده ، بينما ذكر ابن بطوطة أنه بالقرب من باب إبراهيم ، وأنه من أفضل الأربطة (٢). أما الفاسي فذكر أنه بأسفل مكة وقد أوقف سنة ٦٠٤ ه / ١٢٠٧ م ، وذلك من نقش على حجر وجد به (٣).
رباط العباسي :
انفرد بذكره ابن بطوطة الذي أوضح أنه خصص لسكنى المجاورين. وقد شيده الملك الناصر بين الصفا والمروة سنة ٧٢٨ ه / ١٣٢٧ م (٤). وأضاف الفاسي أن فيه العلم الأخضر وكان مطهرة عملها الملك المنصور رباطا ونقش اسمه عليه (٥).
رباط الشرابي :
يقع عند باب بني شيبة ذكر ابن بطوطة أن رميثه أمير مكة قد جعله دارا له (٦) ، ونسب الفاسي عمله إلى إقبال الشرابي المستنصري العباسي الذي قام بتشييده إلى جانب منارة باب بني شيبة على يمين الداخل من باب السلام إلى
__________________
(١) المصدر السابق والجزء والصفحة.
(٢) التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٤٥٦ ؛ ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١٤٠.
(٣) الفاسي : العقد الثمين ، ج ١ ، ص ١٢٢ ؛ الفاسي : شفاء الغرام ، ج ١ ، ص ٥٣٦.
(٤) ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١٤١.
(٥) الفاسي : العقد الثمين ، ج ١ ، ص ١٢٠ ؛ الفاسي : شفاء الغرام ، ج ١ ، ص ٥٣٢.
(٦) ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١٤٨.
المسجد الحرام وتاريخ عمارته سنة ٦٤١ ه / ١٢٤٣ م. وقد وهبت له الكثير من الكتب إلى جانب تزويده بالمياه (١). وأكد ابن فهد أن الكتب الموقوفة عليه ذات قيمة علمية كبيرة في مختلف أنواع العلوم (٢) ، وهذا يدلنا على ما للأربطة من دور في نشر العلم بسبب محتوياتها النفيسة من الكتب العلمية في تلك الفترة.
رباط ربيع :
يقع بأجياد (٣) وهو من أحسن الأربطة بمكة. وأشار ابن بطوطة إلى وجود بئر عذبة بداخله (٤). وحدد الفاسي سنة وقفه بسنة ٥٩٤ ه / ١١٩٧ م ، وأوقف على المسلمين الفقراء الغرباء وقام السلطان الأفضل نور الدين علي ابن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب بوقفه (٥).
رباط كلالة :
لم يفصل ابن بطوطة في حديثه عن هذا الرباط (٦) ، بينما حدد الفاسي وابن فهد موقعه بالمسعى وذكرا سنة وقفه بسنة ٦٤٤ ه / ١٢٤٦ م وواقفه أبو القاسم ابن كلالة الطبيبي (٧).
__________________
(١) الفاسي : شفاء الغرام ، ج ١ ، ص ٥٢٨ ؛ الفاسي : العقد الثمين ، ج ١ ، ص ١١٨.
(٢) ابن فهد : إتحاف الورى ، ج ٣ ، ص ٦٠.
(٣) ابن فهد : إتحاف الورى ، ج ٢ ، ص ٥٦٤.
(٤) ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١٥٤.
(٥) الفاسي : شفاء الغرام ، ج ١ ، ص ٥٣٤ ـ ٥٣٥ ؛ الفاسي : العقد الثمين ، ج ١ ، ص ١٢١ ـ ١٢٢ ؛ فواز على الدهاس : بحث لم ينشر الأربطة ودورها العلمي والاجتماعي بمكة المكرمة ؛ المدارس في مكة المكرمة في العهدين الأيوبي والمملوكي ، بحث لم ينشر.
(٦) ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١٥٤.
(٧) الفاسي : شفاء الغرام ، ج ١ ، ص ٥٣٢ ؛ الفاسي : العقد الثمين ، ج ١ ، ص ١٢٠ ؛ ابن فهد : إتحاف الورى ، ج ٣ ، ص ٦٤.
الأربطة بجدّة :
لم يرد ذكر الأربطة بجدة في كتب الرحالة المغاربة والأندلسيين سوى رباط واحد ينسب لأبي هريرة (١) ، أشار إليه التجيبي ؛ ومن العجيب أنه لم يقم بمشاهدته مع بقائه بجدّة عدة أيام ولعل نسبته لأبي هريرة على سبيل التقدير والذكرى (٢). كما لم يشر إلى هذا الرباط أحد من المؤرخين أو الجغرافيين المسلمين الذين اطلعنا على مؤلفاتهم سوى الحميري وذلك بقوله «وبجدّة رباط لأبي هريرة معروف» (٣).
ولم يرد ذكر للأربطة بالمدينة المنورة.
المباني :
المباني بمكة المكرمة :
انفرد ابن جبير وابن بطوطة بوصف مبانيها ، وخاصة القريبة من الحرم.
حيث تميزت بارتفاعها واتصال سطوحها بسطح المسجد الحرام. حيث كان أهلها يخرجون منها إلى المسجد الحرام ، كما يمكن الوصول إلى داخل المسجد الحرام عن طريق بعض أبوابها المفضية إليه (٤).
وقد حرص الرحالة المغاربة والأندلسيون على مشاهدة دور بمكة المكرمة وخاصة تلك المرتبطة ببداية الإسلام ، ولها علاقة بالرسول صلىاللهعليهوسلم والتي منها :
دار خديجة رضياللهعنها :
ذكر بداخلها أربعة مواضع هي :
__________________
(١) التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٢١٩.
(٢) عبد القدوس الأنصاري : موسوعة تاريخ جدة ، ص ٤٣٦.
(٣) الحميري : الروض المعطار ، ص ١٥٧.
(٤) ابن جبير : الرحلة ، ص ١٢٣ ، ٨١ ؛ ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١٦٦ ، ١٤٠ ، وهذه إشارة إلى أن الحرم ليس له بوابات تغلق وإنما عبارة عن ممرات الحارات التي بين الدور.
١ ـ قبة الوحي.
٢ ـ مولد الحسن والحسين رضياللهعنهما.
٣ ـ مختبأ النبي صلىاللهعليهوسلم.
٤ ـ قبة مولد السيدة فاطمة الزهراء رضياللهعنها.
سماها ابن جبير قبة الوحي وأطلق عليها التجيبي اسم دار خديجة وبداخلها قبة تسمى قبة الوحي ، أما ابن بطوطة فسماها قبة الوحي ودار خديجة (١) ، وبهذه الدار كان زواج النبي صلىاللهعليهوسلم بالسيدة خديجة رضياللهعنها ، كما وجد بها قبة أخرى هي علامة على مكان مولد السيدة فاطمة الزهراء ، وبهذه الدار مولد الحسن والحسين ابني فاطمة الزهراء رضياللهعنهم ، وهذا ولا شك وهم من ابن جبير فالحسن رضياللهعنه ولد بالمدينة في سنة ٣ ه / ٦٢٤ م وقيل بعد غزوة أحد بسنة أو سنتين ، وولد الحسين رضياللهعنه سنة ٦ ه / ٦٢٧ م بالمدينة أيضا (٢).
ويبدو أن هذه الدار قد طرأ عليها العديد من الإصلاحات ، وجعلت مسجدا ولم يستخدم للصلاة إلا في أوقات معينة ، ويتم فتحه عادة يوم مولد النبي صلىاللهعليهوسلم من كل سنة (٣). وأحيانا في أيام الموسم فالتجيبي دخلها في تلك الأيام. وبداخل الدار موضع صغير مشابه للصهريج مائل للطول وفي وسطه حجر أسود للدلالة على مكان مولد السيدة فاطمة رضياللهعنها.
وحدد ابن جبير مكان مولد الحسن والحسين رضياللهعنهما بأنهما موضعان متلاصقان عليهما حجران مائلان للسواد وضعا علامة على مكان
__________________
(١) ابن جبير : الرحلة ، ص ٩١ ؛ التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٢٣٤ ؛ ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١٤٠.
(٢) ابن الأثير : أسد الغابة ، ج ١ ، ص ٤٨٨ ، ٤٩٦.
(٣) ابن جبير : الرحلة ، ص ٩٢.
ولادتهما (١). ومع إشارة ابن جبير لهذا فقد قام التجيبي بنفيه (٢). والواقع أننا لا نعرف شيئا عن كيفية توصل أهل مكة المكرمة لتعيين مكان مولد السيدة فاطمة رضياللهعنها ولا الأساس الذي اعتمدوا عليه في ذلك. فالأزرقي في وصفه للدار لم يشر إلى مكان مولد السيدة فاطمة. ومالدينا من معلومات في هذا الصدد هو ولادة السيدة خديجة لجميع أولادها بها (٣).
وذكر ابن بطوطة أن مكان هذه الدار بمقربة من باب النبي صلىاللهعليهوسلم (٤). ولم يضف البلوي شيئا على ما سبق سوى نقش في قبة الوحي يدل على تاريخ عمارتها (٥). وقد أيد الفاسي قيام الملك المظفر ملك اليمن بتشييد القبة حسبما جاء في النقش (٦).
وعلل التجيبي السبب في تسمية قبة الوحي بذلك لنزول الوحي فيها على النبي صلىاللهعليهوسلم (٧) ، وفي داخل البناء يوجد مكان يشبه القبة تحته فتحة داخل الجدار عليها حجر يقال إنه مقعد الرسول صلىاللهعليهوسلم ، والحجر المبسوط فوقها هو الحجر الذي غطى النبي صلىاللهعليهوسلم عند اختبائه من مرمى الأحجار المقذوفة عليه (٨).
ويبدو أن الخبر قديم لإشارة عوام الناس إليه على حسب قول الأزرقي الذي استنتج من خلال حديثه مع كبار أهل العلم بمكة المكرمة عند سؤالهم عن
__________________
(١) المصدر السابق ، ص ٩١. انظر الصفحة السابقة.
(٢) التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٢٣٤.
(٣) الأزرقي : أخبار مكة ، ج ٢ ، ص ١٩٩.
(٤) ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١٤٠.
(٥) البلوي : تاج المفرق ، ج ١ ، ص ٣١١.
(٦) الفاسي : شفاء الغرام ، ج ١ ، ص ٤٣٨.
(٧) التجيبي : مستفاد الرحلة ٣٣٣ ـ ٣٣٤.
(٨) ابن جبير : الرحلة ، ص ٩١ ؛ البلوي : تاج المفرق ، ج ١ ، ص ٣١١. وهذا غير صحيح لأنه لو كان هذا المكان معرضا للحجارة لانتقل النبي صلى لمكان آخر يكون فيه بعيدا عن مرماها ولم يبق في مكانه معرضا نفسه لقذف الحجارة ومختبئا داخل الجدار.
هذا الخبر وإجابتهم بعدم علمهم بذلك ، وعلل الأزرقي وجود المكان قائلا : إن أهل مكة اعتادوا اتخاذ صفائح من الحجارة في منازلهم تستخدم كأرفف يوضع عليها المتاع والآنية من الصيني وغيره وقلّ أن يخلو بيت من تلك الأرفف (١).
وأضاف ابن جبير أن على كل موضع من مواضع الموالد الثلاثة قبة خشب متحركة يقوم الزائر بتنحيتها ولمس الموضع تبركا (٢) ، والجدير بالذكر عدم وجود معلومات مفصلة عن عمارة المسجد الموجود بالدار.
دار مولد النبي صلىاللهعليهوسلم :
تحدث كل من ابن جبير والبلوي عن التفاصيل المعمارية لموضع مولد النبي صلىاللهعليهوسلم بقولهم إنه مكان مجّوف يبلغ اتساعه ثلاثة أشبار وتوجد في وسطه رخامة خضراء محاطة بالفضة سعتها شبر وسعة الرخامة ثلثا شبر ، وبجانب الموضع محراب محلى بالذهب وتقع هذه الدار شرقي الكعبة (٣).
وأشار التجيبي إلى وجود أثر كوّة في حائط الدار يقال : إنها أثر عمامة النبي صلىاللهعليهوسلم لاستناده إلى الحائط تاركا أثرها بعد أن لان له.
وفي أحد الأركان موضع يصعد إليه بدرجات ، حفظ فيه الحجر الذي كلم النبي صلىاللهعليهوسلم وحمل إلى الدار من جبل أبي قبيس (٤).
__________________
(١) الأزرقي : أخبار مكة ، ج ٢ ، ص ٢٠٠. انظر الرسم رقم ٢٤ ، ٢٥.
(٢) ابن جبير : الرحلة ، ص ١٤٢. وهذا الأمر كان في فترة كثر فيها مثل هذه الأفعال. وتقع هذه الدار في الوقت الحاضر في الزقاق المعروف بزقاق الحجر أو زقاق العطارين بسوق الليل المعروف بسوق الصاغة. انظر فيصل عراقي : الأماكن المأثورة في مكة المكرمة ، مجلة المنهل ، العدد ٤٧٥ ، المجلد ٥١ ، الربيعان ١٤١٠ ه / اكتوبر ونوفمبر ١٩٨٩ م ، ص ٥٦.
(٣) ابن جبير : الرحلة ، ص ١٤١ ؛ البلوي : تاج المفرق ، ج ١ ، ص ٣١١ ـ ٣١٢ وتقع هذه الدار في زقاق الصوغ بالقشاشية بجوار البنك الأهلى وهذه الدار لا تزال موجودة إلى الآن وتعرف اليوم بمكتبه مكة المكرمة. انظر البلادي : معالم مكة التاريخية ، ص ٢٧١.
(٤) التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٣٣٣. ونلاحظ تعدد الروايات من قبل الرحالة أنفسهم حول هذا الحجر الذي كلم النبي صلىاللهعليهوسلم فنجد أن التجيبي يذكر أنه من جبل أبي قبيس ونقل إلى دار مولد النبي
ونقل البلوي نقشا من الدار يدل على عمارة الناصر الخليفة العباسي لها سنة ٥٧٦ ه / ١١٨٠ م (١) وقد ذكر الفاسي هذه الدار بسوق الليل وأيد خبر عمارة الناصر لها في هذا التاريخ (٢).
دار الخيزران :
وصفها ابن جبير بمنشأ الإسلام وتقع بجوار الصفا ملتصق بها منزل صغير كان مسكنا لبلال ، قام بتجديده جمال الدين الوزير الجواد بمبلغ قدره ألف دينار. وعلى يمين الداخل إلى الدار باب يفضي إلى موضع مقبب بديع البناء هو موضع جلوس النبي صلىاللهعليهوسلم بجوار صخرة يستند إليها تخترق الدار بهيئة المحراب ، وعن يمين موضع جلوس النبي صلىاللهعليهوسلم موضع جلوس أبي بكر وعلى رضياللهعنهما.
__________________
صلىاللهعليهوسلم وابن رشيد يذكر أنه موجود بجهة باب النبي أمام دار أبي بكر الصديق رضياللهعنه بارز عن الحائط قليلا وكذلك ابن جبير وابن بطوطة. بينما يذكر البلوي أن في هذا المكان مصطبة فيها متكأ يقصده الناس ويصلون فيه ويتمسحون بأركانه لأنه موضع جلوس النبي صلىاللهعليهوسلم. انظر ابن جبير : الرحلة ، ص ٩٢ ؛ ابن رشيد : ملء العيبة ، ج ٥ ، ص ١٣١ ؛ ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١٤٠ ؛ البلوي : تاج المفرق ، ص ٣١١. ومجمل القول إنه لا يوجد ما يشهد بصحة معرفة مكان الحجر في السنة علاوة على التمسح والتبرك به فهذه من الأمور التي غالى فيها أهل تلك الفترة ولم يثبت فعل شيء من هذا القبيل في الأحاديث وقد ورد في ذكر الحجر ما رواه جابر بن سمرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال «إنى لأعرف حجرا بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث إني لأعرفه الآن». انظر مسلم : صحيح مسلم بشرح النووي ، ج ١٥ ، ص ٢٦ فقول النبي صلىاللهعليهوسلم هنا واضح وصريح ولم يعين لأحد مكانة ولاشتهار هذا الأمر بين أهل مكة يردد بعضهم قول شاعر على لسان الحجر :
انا الحجر المسلم كل حين |
|
على خير الورى فلي البشارة |
وتلك مزية من فضل ريسي |
|
خصصت بها وإن من الحجارة |
ولم نستطع الحصول على مصدر قائل هذه الأبيات.
(١) البلوي : تاج المفرق ، ج ١ ، ص ٣١٢.
(٢) الفاسي : شفاء الغرام ، ج ١ ، ص ٤١٩ ، ٤٣١ ، ٤٣٣.
وقد أعلن عمر بن الخطاب إسلامه في هذه الدار وقام النبي صلىاللهعليهوسلم بتعليم المسلمين الأوائل مبادىء الإسلام بها سرا (١) وحدد التجيبي موقعها عند الصفا وكانت للأرقم ابن أبي الأرقم ثم صارت ملكا للخيزران من قبل المهدي وكانت لأبيه المنصور الذي قام بشرائها من أولاد الأرقم مقابل مبلغ كبير من المال (٢) ، وقد أيد الفاسي أقوال الرحالة في مكانها ومتولي عمارتها وتاريخه (٣).
دار أبي بكر الصديق رضياللهعنه :
وهي تقع بالقرب من دار الخيزران ووصفت بأنها دارسة الأثر (٤) ولم يأت الأزرقي على ذكرها في ذلك الموضع دلالة على أنها إحدى الشائعات التي تحاك حولها بعض الروايات التاريخية.
وذكر الفاسي أن هذه الدار شيدت زمن نور الدين عمر بن رسول سنة ٦٢٣ ه / ١٢٢٦ م (٥) ، في حين أشار إليها ابن رشيد ولكن دون تفاصيل (٦). وذكر البلوي أنها دار سكة الأمير (٧) مما يدل على أن نقودا خاصة بالأشراف كانت تسك بمكه في ذلك الوقت.
__________________
(١) ابن جبير : الرحلة ، ص ٩٢ ، ١٤٥.
(٢) التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٣٣٦.
(٣) الفاسي : شفاء الغرام ، ج ١ ، ص ٤٤٠ ؛ وكانت تقع على جانب جبل الصفا الأيمن فوق أنفاق الصفا المؤدية إلى جنوب العزيزية وقد هدمت ومكانها في ساحة موقف السيارات شرقي المسعي وأكثر الناس الآن لا يعرف موقعها. انظر البلادي : معالم مكة التاريخية ، ص ٢٧٢ ؛ حسين عرب : المساجد المأثورة في مكة المكرمة ، مجلة المنهل ، العدد ٤٧٥ ، المجلد ٥١ ، الربيعان ١٤١٠ ه / اكتوبر ونوفمبر ١٩٨٩ م ، ص ٥٣.
(٤) ابن جبير : الرحلة ، ص ٩٢ ؛ ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١٤٠ ؛ البلوي : تاج المفرق ، ج ١ ، ص ٣١.
(٥) الفاسي : شفاء الغرام ، ج ١ ، ص ٤٣٨ ـ ٤٣٩.
(٦) ابن رشيد : ملء العيبة ، ج ٥ ، ص ١٣١.
(٧) البلوي : تاج المفرق ، ج ١ ، ص ٣١٣.
قبة الصفا والمروة :
انفرد ابن جبير بذكر قبة بين الصفا والمروة تنسب لعمر بن الخطاب يجلس فيها للحكم. واستدرك قائلا في نسبتها إلى عمر بن عبد العزيز على اعتبار أنه أصح وهي قريبة من دار تنسب إليه (١). ثم أشار إلى وجود بئر قديمة لم تكن موجودة زمن رحلته (٢).
موضع صلب عبد الله بن الزبير :
حدد ابن جبير وابن بطوطة مكانه عند مقبرة المعلاة حيث شاهدا بقية أثر بناء مرتفع هدمه أهل الطائف بسبب لعن الناس للحجاج المنتسب إليهم (٣). في حين ذكر التجيبي وجود حائط في هذا المكان كتب عليه «هنا صلب الحجاج ابن يوسف عبد الله بن الزبير» (٤) ولا يحمل النص أيه معلومات عن القائم بتشييد الحائط. ويبدو أن هذا الحائط أقيم كعلم للمكان.
الدور بالمشاعر المقدسة :
عرفات :
وجد أسفل جبل الرحمة على يسار القبلة دار قديمة ذات غرف ونوافذ عديدة تنسب لآدم عليهالسلام (٥).
وأشار الفاسي إلى الدار المنسوبة إلى آدم عليهالسلام وذكر بأن من أمر
__________________
(١) وكأنه يلمح بوجود دار لعمر بن عبد العزيز في ذلك الموضع ولكنه لم يذكرها.
(٢) ابن جبير : الرحلة ، ص ٩٢ ـ ٩٣.
(٣) ابن جبير : الرحلة ، ص ٨٧ ـ ٨٨ ؛ ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١٤٢ ، وهنا تشابه تام في الوصف مما يشير إلى نقل ابن بطوطة عنه.
(٤) التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٣٣٩.
(٥) إن نسبة هذه الدار لأدم عليهالسلام وهم فالأزرقي لم يصف شيئا كهذا في عرفات وأغلب الظن أنها من المستحدثات التي بنيت بعد ذلك.
ببنائها أم المقتدر بالله العباسي لوجود النقوش الدالة على ذلك في حجر في حائطها القبلي (١).
الدور بالمدينة المنورة :
وجدت بالبقيع دار «نسبت لفاطمة بنت الرسول صلىاللهعليهوسلم قيل إنها اعتصمت بها حزنا بعد وفاة أبيها صلىاللهعليهوسلم» (٢).
الدور بجدّة :
استعمل سكان جدّة في بناء بيوتهم الأخصاص. كما وجدت بها فنادق بنيت بالحجارة والطين في أعلاها غرف من أخصاص إضافة إلى سطوحها.
فهذه الغرف والسطوح اتخذت كوسيلة لتفادي الحر. وقد ذكر ابن جبير أن بجدّة آثار قبة قديمة قيل أنها منزل حواء أم البشر.
وذكر ابن جبير أن الجباب والصهاريج مصدر الماء لأهل جدّة. كما أشار ابن جبير والتجيبي إلى تهدم أكثر دورها (٣).
الدور في قرى الحجاز :
أقام الشريف أبو نمي حول حصنه بالبرابر دورا جميلة محفوفة بالنخيل والماء الجاري مزروع بها الكثير من الخضر (٤).
رابعا : العمارة الحربية :
الأسوار :
أسوار مكة المكرمة :
بالرغم من وقوع مكة المكرمة بين جبال قام أهلها بتشييد أسوار على
__________________
(١) الفاسي : شفاء الغرام ، ج ١ ، ص ٤٨٢ ـ ٤٨٨.
(٢) ابن جبير : الرحلة ، ص ١٧٣ ـ ١٧٤.
(٣) ابن جبير : الرحلة ، ص ٥٤ ؛ التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٢١٨ ـ ٢١٩.
(٤) التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٢٢٢ ـ ٢٢٣.