ويُصِيخُ أحياناً كما اسْ |
تَمَعَ المُضِلُّ لصوْتِ ناشِد |
صخى : قال الليثُ : صَخِيَ الثَّوْبُ يَصْخَى صَخًى ـ إذا اتَّسَخ ودَرِنَ.
وهو صَخٍ .. والاسمُ : الصَّخاوَةُ.
وربما جُعِلَتْ الواوُ ياءً ، لأنه بُنِيَ عَلَى «فَعِلَ يَفْعَل».
قُلتُ : لمْ أَسْمَعْه إلّا لِلَّيْثِ.
باب الخَاء والسين
خ س (وايء)
خاس ، خسأ ، خسى ، سخا ، ساخ ، وسخ : مستعملة.
خوس ـ خيس : أبو العباس ـ عن ابن الأعرابيِّ ـ : الخَوْسُ : الطِّعانُ بالرِّمَاحِ وِلَاءً وِلَاءً.
وقد خَاسَهُ يَخُوسُه خَوْساً ـ إذَا طعَنَهُ.
وقال الليْثُ : يقال للشَّيْء ـ يَبْقَى في مَوْضِعٍ فيَفْسُد ويتغيَّر كالْجَوْزِ والتَّمْرِ ـ : خَائِسٌ.
وقد خَاسَ يَخِيسُ.
فإذا أَنْتَنَ فهو مُصِلٌّ.
قال : والزَّايُ ـ في اللَّحْم والْجَوْزِ ـ : أَحْسَنُ من السِّين.
وقال غيرُه : يقال للشَّيْء ـ إذا كَسَدَ ـ : خَاسَ.
كأَنَّه لمَا كَسَدَ سُوقُهُ فَسَد .. حتَّى خَاسَ.
وقال اللّيْثُ : الإبلُ المُخَيَّسَةُ : التي لم تُسَرَّحْ ، ولكنَّها خُيِّسَتْ للنَّحْرِ أو القَسْمِ وأنشد قولَ النَّابِغَةِ :
والأُدْمُ قَدْ خُيِّسَتْ فُتْلاً مَرَافِقُهَا |
مَشْدُودَةً بِرِحَالِ الْحِيرَةِ الْجُدُدِ |
رَفَعَ «الْمَرافِقَ» ب «الْفُتْلِ» ـ لأنَّ «الفُتْلَ» في المعنَى : ابتداءٌ.
وإنمَا نُصِبَتْ لاتِّصالها بالْفِعْل.
وهذا كقولك : مررتُ برجُلٍ كَرِيمٍ جَدُّه.
ف «كريمٌ» متصل بالأول.
وهو نَعْتٌ لِلجَدِّ.
وهو مِثْلُ قولِ الله ـ عزوجل ـ (أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها) [النِّساء : ٧٥].
وقال اللَّيْثُ : الإنسانُ يُخَيَّسُ في «الْمُخَيِّسِ» حتَّى يبلغ منه شِدَّةَ الغَمِّ والأَذَى.
يقال : قد خَاسَ فيه.
وبَنَى أَمير المؤْمِنين عليُّ بنُ أبي طَالبِ عليهالسلام سِجْناً فَسَمَّاهُ «نَافِعاً» فنُقِبُ ، وأَفْلَتَ منه الْمُحَبَّسَونَ. ثم بَنَى سِجْناً آخرَ حصيناً فسمَّاه : «مُخَيِّساً» ، وقال :
بَنَيْتُ بَعْدَ «نافعٍ» «مُخَيِّساً» |
بَاباً حَصِيناً وَأَمِيناً كَيِّسَا |
أَلَا تَرَانِي كَيِّساً مُكَيِّسَا؟
وقال غيرُه : يقال : خَيَّسْتُ الرَّجلَ وغَيْرَه ـ إذا ذَلَّلْتَهُ .. والأصلُ واحد.
وقال اللَّيثُ : يقال : قَلَّ خَيْسُهُ!! ما أَظرفه!! ـ أي : قَلَّ غَمُّه.
وليسَتْ بالْعَالِيَة.
قلتُ : ورَوَى عَمْرٌو ـ عن أَبيه ـ في قَوْل العرب : «أَقَلَّ الله خِيسَهُ» ـ بكسر الخاء ـ
أي : أَقَلَّ الله لَبَنه .. و «كَثُرَ خِيسُهُ» ـ أي : دَرُّهُ ولَبَنُهُ.
وأَخْبَرني المنْذريُّ ـ عن الصَّيْدَاوِيِّ ـ قال : سأَلْتُ الرِّيَاشيَّ عن «الْخِيْسَةِ»؟ فقال : الأجَمَةُ.
وَأَنشد :
لِحَاهُمُ كَأَنَّهَا أَخْيَاسُ
قال : وعَرَضْتُ على الرِّياشيِّ دُعاءً للعَرَب ـ بَعْضِهم على بَعْض ـ فيقولُ : «أَقَلَّ الله خِيسَكَ» ـ أي : لَبَنَك؟
فقال : نَعَمْ : العَرَبُ تقولُ هذا ، إلَّا أَنَّ الأصمعيَّ لم يَعْرفْه.
وقال أبو سَعِيد الضَّرِيرُ : يقالُ : قَلَّ خِيسُ فُلَانٍ ـ أَي : قَلَّ خَطَؤُه.
ويقال : أَقلِلُ مِنْ خِيسِكَ ـ أَي : مِن كَذِبِكَ.
ويقال : فلانٌ في عِيصٍ أَخْيَسَ ، وعَدَدٍ أَخْيسَ ـ أي : كَثِيرُ الْعَدَد. وقال جَنْدَلٌ :
وَإِنَّ عِيصِى عيصُ عِزٍّ أَخْيَسُ |
أَلَفُّ تَحْمِيهِ صَفَاةٌ عِرْمِسُ |
وقال أبو عُبَيْدٍ : الْخِيسُ : الأَجمَةُ.
وقال اللَّيثُ : يقال : خَاسَ فلانٌ بوَعْدِهِ ـ يَخِيسُ ـ إذا أخلفَ.
وخَاسَ بعَهْدِه ـ إذا غدر وَنَكَثَ.
ويقال : إنْ فَعَلَ فلانٌ كذا وكذا فإنَّهُ يُخَاسُ أَنْفُه ـ أي : يُذَلُّ أَنْفُهُ.
خسأ : بالهمز.
قال اللَّيْثُ وغَيرُهُ : تقول : خَسَأْتُ الْكَلْبَ ـ إذا زَجَرْتَهُ فقلتَ : اخْسَأْ.
والْخَاسِىءُ ـ من الكلابِ والخنازير ـ : الْمُبَاعَدُ.
وقد خَسَأ الْكَلْبُ .. يَخْسَأُ خُسُوءاً.
قال الله جلّ وعزّ لليَهُود لَعنهم الله ـ : (كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ) [البَقَرَة : ٦٥] ـ أَيْ : مَدْحُورِينَ.
ويقالُ : اخْسَأْ إلَيْكَ واخْسَأْ عَنِّي. وخَسَأَ البَصَرُ ـ إذا كلَّ وأَعْيَا ـ يَخْسَأُ خُسُوءاً.
ومنه قول الله جلّ وعزّ : (يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ) [المُلك : ٤].
قلتُ : ويقالُ : خَسَأْتُهُ فَخَسَأَ ـ أَيْ : أَبْعَدْتُهُ فَبَعُدَ.
خسا : غَيْرَ مَهْمُوز.
قال الليث : «خَسَا زَكَا» .. فَخَسَا : كلمةٌ .. مِحْنَتُها : أَفْرَادُ الشيء.
يُلْعَبُ بالْجَوْزِ فيقال : «خَسَا زكَا» فَ «خَسَا» ، فَرْدٌ ، و «زَكَا» : زوجٌ.
كما تقولُ : شَفْعٌ ووَتْرٌ.
وقال رُؤْبَةُ :
لَمْ يَدْرِ مَا الزَّاكِي مِنَ الْمُخَاسِي
وقال رُؤبَةٌ ـ أيضاً :
يَمْشِي عَلَى قَوَائِمٍ خَسَا زَكَا
وقال ابن السِّكِّيتِ :
يُجْمَعُ «خَسَا» : «أَخَاسِيَ».
وأنشد لِلْعَجَّاجِ :
حَيْرَانُ لَا يَشْعُرُ مِنْ حَيْثُ أَتَى |
عَنْ قِبْصِ مَنْ لَاقَى أَخَاسٍ أَمْ زَكَا؟؟ |
يقولُ : «لَا يَشْعُرُ» أَفَرْدٌ هُوْ أَمْ زَوْجُ؟ قال : والأَخَاسِي : جَمْعُ «خَساً».
سَلَمَةُ ـ عن الفرَّاء ـ : العَرَبُ تقولُ للزَّوْجِ : زَكَا» ، وللفردِ : «خَسَا».
قال : ومنهم من يُلحقُهُمَا بِبابِ «فَتًى» فَيَصْرِفُ.
ومِنْهُمْ مَنْ يُلْحقُهُمَا بِبَابِ «زُفَرَ». وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْحِقُهُمَا بِبَابِ «سَكَر».
قال : وأنشدتني الدُّبَيْرِيّةُ :
كَانُوا خَساً أَوْ زَكاً مِنْ دُونِ أَرْبَعةٍ |
لم يَخْلَقُوا وَجُدُودُ النَّاسِ تَعْتَلِجُ |
ويقال : هو يُخَسِّي ويُزَكِّي ـ أَيْ : يَلْعَبُ فيقولُ : أَزْوَجٌ أَمْ فَرْدٌ؟
وقال غيرُه : خَاسَيْتُ فُلاناً ـ إذا لَاعَبْتُهُ بالْجَوْزِ ـ فَرْداً أَو زَوْجاً.
وأنشد ابنُ الأعرابيِّ ـ في صِفةِ فَرَس :
يَعْدُو عَلَى خَمْسٍ قَوَائِمُهُ زَكَا
أراد : أنَّ هذا الفَرَسَ يَعْدُو عَلَى خَمْسٍ من الأُتُنِ .. فيَطْرُدُها ، وقَوَائمُهُ «زَكَا» ـ أيْ : هي أَرْبَعُ.
والتَّخَاسِي : هو التَّرَامِي بالْحَصى.
يقال : تخَاسَتْ قَوَائِمُ النَّاقَةِ بالْحَصَى ـ أي ترامَتْ به.
وقال الْمُمَزَّقُ الْعَبْدِيُّ :
تَخَاسَى يَدَاهَا بِالْحَصَى وَتَرُضُّهُ |
بِأَسْمَرَ صَرَّافٍ إذا حَمَّ مُطْرِقٍ |
أَرادَ ب (الأَسْمَرِ الصَّرَّافِ) : مَنْسِمَهَا.
و «حَمَّ» ـ أَيْ : قَصَدَ.
سخا ـ (ساخت) : قال الليث : السَّخَا : بَقْلَةٌ من بُقولِ الرَّبيعِ تَرْتَفِعُ عَلَى سَاقِها كهيئةِ سُنْبُلَةٍ فيها حَبَّاتٌ كَحَبِّ الْيَنْبُوتِ ولُبُّ حَبِّهَا : دَوَاءٌ لِلْجُرْحِ.
قال : والْوَاحِدَة سَخَاةٌ.
وبَعْضٌ يقولُ : صَخَاةٌ. ويقالُ : سَخَّيْتُ نَفْسي وبِنَفْسي من هذا الشيء ـ إذا تَرَكْتَهُ ، ولم تُنَازعْكَ نَفْسُكَ إليه.
أبو عبيد ـ عن الْعَدَبَّسِ الْكِنَانيِّ ـ قال : السَّخَا : مَقْصُورٌ وهو ظَلْعٌ يكونُ من أَن يَثِبَ البعير بالْحِمْل الثقيل ، فَتَعْتَرِضَ الرِّيحُ بين الْجِلْدِ والْكَتفِ.
يقال منه : بَعِيرٌ سَخٍ ـ مقصورٌ ـ مِثْلُ : عَمٍ.
الْحرَّانيُّ ـ عن ابن السكِّيتِ عن أبي عمرو ـ : سَخَوْتُ النّارَ أَسْخُوهَا سَخْواً.
وسَخيتُها أَسْخَاهَا سَخْياً.
وذلك إذا أَوْقَدْتُ ، فاجْتَمَع الْجَمْرُ والرَّمادُ ففرَّجْتُه.
يقال : اسْخَ نَارَكَ ـ أي : اجْعَلْ لها مكاناً تَقِدُ عليه. وأنشد :
ويُرْزِمُ أَنْ يَرَى الْمَعْجُونَ يُلْقَى |
بِسَخيِ النّار إِرْزَامَ الْفَصِيلِ |
وقال أبو تُرَابٍ : قال الْغَنَوِيُّ : سَخَا النّارَ وصَخَاهَا ـ إذا فَتَحَ عَيْنَها.
وقال ابنُ السكِّيت : يقال سَخَا فلانٌ يَسْخُو ، وسَخِيَ يَسْخَى ، وسَخُوَ يَسْخُو ـ إذا كان سَخِيًّا.
ويقال : إن السَّخَا : مَأخُوذٌ مِن السَّخْوِ ، وهُو الْمَوْضعُ الذي يُوَسَّعُ تحتَ الْقِدْرِ ليتمكَّنَ الوَقُودُ.
لأنَّ الصَّدْرَ أيضاً يتَّسِعُ لِلعَطِيّة.
قال ذلك أبو عَمْرٍو الشَّيْبَانيُّ. والعرب تقول : رجلٌ سَخِيٌ ، وقوم أَسْخِيَاءُ.
أبو عبيد ـ عن الأصمعيِّ ـ السَّخَاخُ : الأرض الْحَرَّةُ اللَّيِّنَةُ والسَّخَاويُ : الأرْضُ اللَّيِّنَة التُّرْبةِ مع بُعْدٍ.
وقال النَّابِغَةُ الذُّبيَانيُّ :
أَتَاني وَعِيدٌ والتنَائِفُ بَيْنَنَا |
سَخَاوِيُّهَا وَالْغَائِطُ الْمُتَصوِّبُ |
شَمِرُ ـ عن أبي عمرو ـ : السَّخَاوِيُ ـ من الأرض : التي لا شيء فيها وهي سَخَاوِيّةٌ.
وقال الْجَعْدِيُّ :
سَخَاوِيُ يَطْفُو آلُهَا ثُمَّ يَرْسُبُ
ساخ : قال شمرٌ : قال أبو مُجِيبٍ : بَطْحَاءُ سُوَّاخَى .. وهي التي تَسُوخُ فيها الأقْدَامُ.
ووصف بعيراً يُرَاضُ ـ : قال : فأخذ صاحِبُه بذَنَبِهِ في بَطْحَاء سُوَّاخَى.
وإنما يُضْطَرُّ إليها الصَّعْب لِيَسُوخَ فيها.
وقال الليث : سَاخَتِ الأرضُ : فهي تَسُوخُ سَوْخاً وسُؤُوخاً ـ إذا انْخَسَفَتْ.
وكذلك الأقْدَام تَسُوخُ في الأرض ـ وكذلك سَاخَتْ بهم الأرضُ ، وهي تَسُوخُ بهم.
قال : والسُّوَّاخَى : طِينٌ كثُرَ ماؤه من رِدَاغِ المَطَرِ
يقال : إنَّ فيه لَسُوَّاخِيَةً شديدةً والتَّصْغير سُوَيْوِخَةٌ ، كما يقال : كُمَيْثِرَةٌ.
ويقال : مُطِرْنا حتى صارَتِ الأرْضُ سُوَّاخَى ـ بوزنِ «فُعَّالَى» وَفَعَالَى بفتح الفاء واللام.
وفي «النوادر» : تَسَوَّخْنَا في الطين.
وترَوَّخْنَا ـ أي : وقَعْنا فيه.
وسخ : قال الليث : الْوَسَخُ : ما عَلَا الْجِلْدَ والثَّوْبَ من الدَّرَنِ .. لِقلَّةِ التَّعَهُّدِ بالماء.
يقال : وَسِخَ الْجِلْدُ يَوْسَخُ وَسَخاً وتَوسَّخَ واتَّسَخَ واسْتَوْسَخَ. وكذلك الثَّوْبُ.
وقد أوْسَخْتُهُ ، ووَسَّخْتُهُ أنا.
باب الخاء والزاي
خ ز (وايء)
خزى ، خزا ، خاز ، وخز : مستعملة.
خزي : قال الليث : الْخِزْيُ : السُّوءُ.
يقال : خَزِي الرجلُ يَخْزَى خِزْياً .. والله أَخزَاهُ وأقامه على خِزْيَةٍ ، وعَلَى مَخْزَاةٍ.
وفي حديث يزيدَ بنِ شجَرَة : أنه خطَب الناسَ في بعض مَغَازِيهِ : وحَضَّهم على الْجِهَاد ـ فقال في آخر خُطبته : «انْهَكُوا وُجُوهَ الْقَوْمِ ، وَلَا تُخْزُوا الْحُورَ الْعِينَ».
قال أبو عُبَيْدٍ : قوْلُه : «ولا تُخْزُوا الْحُورَ الْعِينَ» ليس من (الْخِزْي) ـ لأنه لا مَوْضِعَ لِلْخِزْي هاهنا ـ ولكنَّه من الخَزَايَةِ وهي الاسْتِحْيَاءُ.
يقال ـ من الهَلَاكِ ـ : خَزِيَ الرجلُ يخْزَى خِزْياً.
ومن الحياء مَمْدُودٌ : خَزِيَ يَخْزَى خَزَايَةً.
ويقال : خَزِيتُ فُلَاناً ـ إذا استحيَيْتَ منه.
وقال ذو الرُّمَّة ـ يصف الثوْرَ والكلَاب :
خَزَايَةً أَدْرَكَتْهُ بَعْدَ جَوْلَتِهِ |
مِنْ جَانِبِ الْحَبْلِ مَخْلُوطاً بهَا الْغَضَبُ |
وقال القُطَامِيُّ ـ يذكر ثَوْراً وحشيّاً كَرَّ بعد فِرَاره :
حَرِجاً وَكَرَّ كُرُورَ صَاحِب نَجْدَةٍ |
خَزِيَ الحَرَائرُ أَنْ يَكونَ جَبانَا |
قال : والذي أراد ابنُ شَجَرَةَ بقوله : «ولا تُخْزُوا الْحُورَ الْعِينَ» ـ أي : لا تجعَلوهُنَّ يَسْتَحْيينَ من فِعْلكُم وتقصيركم في الجهاد ولا تَعَرَّضُوا لذَاكَ منهنَّ وانْهَكُوا وُجُوهَ القَوْم ولا تُوَلُّوا عنهم مُدْبرِينَ.
وقال الليث : رجلٌ خَزْيانٌ ، وامْرَأَةٌ خَزْيَا.
وهو الذي عَمِلَ أَمراً قبيحاً ، فاشتدَّ لذلك حَياؤه وخَزَايَتُهُ. والجميع : الخَزَايَا.
وفي الدُّعاء : اللهُمّ احْشُرْنَا غيرَ خَزَايَا ولا نَادِمِينَ
ـ أي : غير مُسْتَحْيِين من أعمالنا. وقال غيرُه : الْخِزْيُ : الهَوَانُ ، وقد أخْزَاهُ الله ـ أي : أهانه الله.
وقال شَمِرْ : قال بعضهُم : أخزيته ـ أي : فضَحْتُه.
ومنه قولُ الله جلّ وعزّ حكايةً عن لُوطٍ .. أنه قال لقومه : (فَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي) [هُود : ٧٨].
يقول : لا تفضحُوني.
قال : وخَزي يَخْزَى خِزْياً ـ إذا وقع في بَليَّةٍ وشَرٍّ.
ونحْوَ ذلك قال ابنُ السِّكِّيتِ.
خزا : أبو عبيد ـ عن الأصمعيِّ ـ خَزَوْتُ الرجل .. أخْزُوهُ خَزْواً ـ إذا سُسْتُه.
وأنشد قولَ لَبِيدٍ :
وَاخْزُها بِالْبِرِّ لله الأجَلْ
وقال الليث :
الْخَزوُ : كَفُّ النَّفْس عن هِمَّتِها ، وصَبْرُها على مُرِّ الْحَقِّ.
يقال : اخْزُ في طَاعَةِ الله نَفْسَك.
وقال غيرُه : خزَوْتُ الْفَصِيل .. أَخْزُوهُ خَزْواً ـ إذا أَجْرَرْتُ لِسَانَهُ فشَقَقْتَهُ.
خوز : أبو العباس ـ عن ابن الأعرابيِّ ـ : يقالُ : خَزَاهُ خزْواً ، وخَازَهُ خوْزاً ـ إذا سَاسَه.
قال : والْخَوْزُ : الْمُعَادَاةُ ـ أيضاً.
وخز : قال الليث : الْوَخزُ : طَعْنٌ غيرُ نَافِذِ. وَخزَهُ يخِزُه وَخْزاً.
ويقال : وخزَهُ الْقَتِيرُ ـ إذا شَمِطَ مَوَاضِعَ من لِحْيَتِه .. فهو مَوْخُوزٌ.
قال : وإذا دُعِيَ القوْمُ إلى طعام فجاءُوا أربعةً أربعةً .. قالوا : جاءُوا وَخْزاً وَخْزاً.
وإذا جاءُوا عُصَباً .. قيلَ : جاءُوا أفائِجَ ـ أي : فَوْجاً فَوْجاً.
قال : والْوَخْزُ : الشيءُ القلِيلُ.
وأنشد :
سِوَى أَنّ وَخْزاً مِنْ كِلَابِ بْنِ مُرَّةٍ |
تَنَزَّوْا إلَيْنا مِنْ بُقَيْعَةِ جَابِر |
وقال أبُو الْحَسَنِ اللِّحْيانيُّ : الْوَخْزُ : الْخَطِيئَةُ بعدَ الْخَطِيئَةِ.
وأنشد قولَه :
لَهَا أَشَارِيرُ مِنْ لَحْمٍ مُتَمَّرَةٌ |
مِنَ الثَّعالِي وَوَخْزٌ مِنْ أَرَانِيها |
أي : القليلُ من الأرانِبِ.
وقال : هذه أَرْضُ بَني تَميمٍ وفيها وَخْزٌ مِنْ بَني عامر.
قلتُ : ومعنى «الخَطِيئةِ» : القليلُ بيْنَ ظَهْراني الكثيرِ .. من غير جِنسِ القليل.
وقال أبو عُبَيدٍ : يقال : وَخَزَهُ القَتِيرُ وَخْزاً ، ولَهَزَهُ لَهْزاً ـ بمعنًى واحد.
قلت «الْوَخْزُ» : الشَّعْرَةُ بَعْدَ الشعرة ، تَشِيبُ وسائرُ شَعْرِ الرأس أَسْوَدُ.
وقال سُلَيْمَانُ بن المُغِيرَة : قلت : للحَسَن : أَرَأَيتَ التَّمرَ والبُسْرَ ..
انْجَمَعَ بينَهُما؟ قال : لا.
قلتُ : البُسْرُ يَكونُ فيه الوَخْزُ؟ قال : اقطَعْ ذلك! قال شَمِرٌ : الوَخْزُ : القَليلُ.
يقال : بها وَخْزٌ مِن بَني فلان.
فشَبَّهَ ما أَرْطَبَ من البُسْرِ ـ في قِلَّتِهِ ـ بالوخْز.
قال : وقال أبو عَدْنَانَ : الوَخْزُ : التَّبْزِيغُ.
وقال : خالدُ بنُ جنْبَةَ : يقال : وَخَزَ في سَنَامِها بِمِبْضَعِه.
قال : والوخزُ كالنَّخْسِ ، ويَكونُ من الطَّعْن الخفيف الضَّعيف.
باب الخاء والطّاء
خ ط
(وايء) خطا ، خطئ ، وخط ، خاط (خيط) ، طاخ ، طخا : مستعملة.
خطا : قال الليثُ : خَطَوْتُ خَطْوَةً واحدةً ، والاسْمُ الخُطْوَةُ ، والجميعُ : الْخُطَا.
قال الله جلّ وعزّ : (وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ) [البَقَرَة : ١٦٨].
وأخبرني المُنْذِرِيُّ ـ عن الحرّانِيِّ عن ابن السِّكِّيت ـ قال : الْخُطْوَةُ ما بين القدمَيْن ـ والْخَطْوَةُ الفِعْلُ.
قال المنذريُّ : وسمعتُ أبا العبَّاس يقول في قوله تعالى : (وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ) : أي : في الشَّرِّ يُثَقَّلُ.
قال : واختارُوا التَّثْقِيلَ لما فيه منَ الإشْبَاعِ وخَفّفَ بعضُهم.
قال : وإنما تَرَكَ التثْقِيلُ مَنْ تَرَكه اسْتِثْقالاً للضمَّة مع الواو.
يَذهبون إلَى أَنّ الوَاوَ أَجْزَتْهُمْ من الضَّمَّة.
وقال الفرّاءُ : العربُ تَجْمَعُ «فُعْلَةً» من الأسماءِ على «فُعُلَاتٍ» ـ مِثلُ «حُجْرَةٍ وحُجُراتٍ» ـ فَرْقاً بَيْنَ الاسم والنّعت.
النَّعْتُ : يُخَفَّفُ ، مِثلُ «حُلْوَةٍ وحُلْوَاتٍ» فلذلك صار التَّثقِيلُ الاختيارَ.
وربما خُفِّفَ الاسمُ ، وربَّما فُتح ثانِيه فقيل : «حُجَرَاتٌ».
وقال الزّجَّاجُ : مَعْنَى (خُطُواتِ الشَّيْطانِ) : طُرُقُه وآثارُه.
وقال الفرّاءُ : معناه : لا تَتَّبِعُوا آثارُه فإنّ اتِّباعه مَعْصِيَةٌ (إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) [البَقَرَة : ١٦٨].
وقال الليثُ : معناه : لا تَقْتَدُوا به.
قال : وقرأ بعضهُم : «خُطُؤَاتِ الشَّيطانِ» من الْخَطِيئَةِ : الْمَأْثَم.
قلتُ : ما عَلِمْتُ أَحداً من قُرَّاءِ الأمْصار قرَأَ بالهمْزِ .. ولا مَعنى له.
أبو زَيدٍ ـ يقال : ناقتُكَ هذه من المتَخَطِّيَات الجِيَفَ ـ أيْ : ناقةٌ قويَّة جَلْدَةٌ ، تمضِي وتُخَلِّفُ التي قد سَقَطَتْ.
خطأ : قال الليثُ : خَطِىءَ الرجُلُ خِطْئاً فهو خاطىءٌ وأَخطأَ ـ إذا لمْ يُصِبِ الصوابَ.
الحرّانِيُّ ـ عن ابن السِّكيت ـ : يقول الرجلُ لصاحبه : إنْ أَخْطأْتُ فَخَطِّئْنِي ، وإنْ أَصَبتُ فَصَوِّبْنِي ، وإِنْ أَسَأْتُ فَسَوِّىء عَلَيَّ ـ أيْ : قُلْ لِي : قد أَسَأتَ.
قال : وتقُولُ : لأَنْ تُخْطِىءَ في العلْم أيسَرُ مِن أَنْ تُخطىءَ في الدِّين.
ويقال : قد خَطِئْتُ ـ إذا أَثِمْتُ فأَنَا أَخْطَأُ خِطْئَا ... وأنا خاطِىءٌ.
قال الله جلّ وعزّ : (إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً) [الإسراء : ٣١].
وقال ـ أيضاً ـ : (إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ) [يُوسُف : ٩٧] ، أيْ : آثِمينَ. قال : وقال أبو عُبَيدة : يقال : أَخْطَأَ ، وخَطِىءَ لُغتان.
وقال امْرُؤُ القَيْسِ :
يا لَهْفَ هِنْدٍ إذْ خَطِئْنَ كاهِلا |
القَاتِلِينَ الملكَ الْحُلَاحِلَا |
أرادَ أَخطأْنَ «كاهِلاً».
وهم حَيٌّ مِن بَني أَسَدٍ.
ويقال في مَثَلٍ : «مَعَ الخَواطىءِ سَهْمٌ صائبٌ».
يُضْرَبُ للَّذِي يُكثِرُ الخطأَ ويأتي الأحيانَ بالصَّوَاب.
وسمعتُ المُنْذِرِيَّ يقولُ : سمعتُ أَبا الهيثم يقول : «خَطِئْتُ» : لما صنعه عمْداً وهو الذَّنْبُ ..
و «أخطأتُ» : لمَا صنَعه خَطأ غير عَمْدٍ.
قال : والْخَطَأُ ـ مَهْمُوزٌ مَقْصُورٌ ـ : اسمٌ مِن «أَخْطَأْتُ خَطَأً وإخْطَاءً».
قال : وخَطِئْتُ خِطْئاً ـ بكسر الخَاء .. مقصورٌ ـ إذا أَثِمْتُ. وأنشَد :
عِبَادُكَ يَخْطَأُونَ وَأنتَ رَبٌ |
كَرِيمٌ لا تَلِيقُ بكَ الذُّمُومُ |
قال : وَالخَطِيئَةُ : الذَّنْبُ عَلَى عَمْدٍ.
قال : وأمَّا قولُه :
... إذْ خَطِئْنَ كاهِلاً
فإنَّ وَجْهَ الكلامِ فيه كان «أَخْطَأْنَ» بالألِفِ ، فردّه إلى الثُّلاثِيِّ ، لأنّهُ الأصْل.
فجعَل «خَطِئْنَ» بمعنى «أَخْطَأْنَ».
وقال الليثُ : الخَطِيئةُ : «فَعِيلةٌ» وجمعُها : كان ينبغي أن يَكُونَ «خَطَائِىءُ» ـ بهمزتين ـ فاسْتَثقَلوا الْتِقاءَ همزتين .. فخفَّفُوا الآخرةَ منهما ، كما يُخَفَّفُ «جائِىءٌ» ـ عَلَى هذا القياس ـ فكَرِهُوا أن تكونَ عِلّتُه مِثلَ عِلّةِ
«جَائِىء» ، لأنّ تلك الهمزة زائدةٌ ، وهي أصليَّةٌ فَفَرُّوا «بخطَايا» إلى يَتَامَى ، ووجدوا له في الأسماءِ الصحيحة نَظِيراً.
وذلك مِثْلُ «طاهرٍ ، وطاهرةٍ وطهَارَى».
وقال أَبُو إسْحَاقَ النحْوِيُّ ـ في قول الله جلّ وعزّ : (نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ) [البَقَرَة : ٥٨].
قال : الأصْلُ في «خَطَايَا» كان «خَطَاييءُ» فاعْلَمْ.
فيجب أن تُبْدَلَ من هذه اليَاءِ همْزَةٌ فتَصِيرُ «خَطَائِىء» مِثْلُ «خَطَاعِعَ» فتجتمعُ همزتَان ؛ فقُلِبَتِ الثانية ياءً ، فتصيرُ «خَطَائِيَ» مِثلُ «خَطاعِيَ».
فَيَجِبُ أن تبْدَلَ الهمزَةُ ياءً .. لوُقوعها بين أَلِفَيْنِ فتصيرُ «خَطَايَا».
وإنما أُبْدِلَتِ الهمْزَةُ ـ حين وقَعَتْ بين أَلِفَيْنِ» ـ لأَنَّ الهمزَةَ مُجَانِسَةٌ للأَلِفَاتِ فاجتَمَعَتْ ثلاثة أَحْرُفٍ من جِنْسٍ وَاحِدٍ.
قال : وهذا الذي ذَكَرْنَا : مَذْهَبُ سِيبَوَيْه.
وقال ابن السِّكِّيت : يُقالُ : «خُطِّىءَ عَنْك السُّوءُ» ـ إذا دَعَوْا له أَنْ يُدْفَعَ عَنْهُ السُّوءُ.
خوط ، خيط : ثعلب ـ عن ابن الأعرابيِّ ـ يقال : «خُط خُطْ» ـ إذا أَمَرْتَهُ أن يَخْتِلَ إنساناً بِرُمحِهِ.
وقال الليثُ وغيره : الْخُوطُ : الغُصْنُ النّاعِمُ. وأنشد :
سَرَعْرَعاً خُوطَا كغُصْنٍ نَابِتِ
وفي «النَّوَادِرِ» «تَخَوَّطْتُ فلاناً وتَخَوَّتُّهُ : تَخَوُّطاً ، وتَخَوُّتاً» ـ إذا أَتَيتُهُ الفَيْنَةَ بعد الفَيْنَةِ ـ أي : الحينَ بعد الحينِ.
وأما «خَاطَ .. يَخيطُ» فإنه يقال : خِطْتُ الثَّوْبَ أَخِيطُهُ ، خَيْطاً .. فهو مَخِيطٌ.
والخِيَاطُ : الإبْرَةُ ، ونَحْوُها .. ممَّا يُخَاطُ به ـ وهو المِخْيَطُ.
ومنه قول الله جلّ وعزّ : (حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ) [الأعراف : ٤٠] ـ أي : في خُرْتِ المِخْيَطِ.
ومثلُ «خِياطٍ ومِخْيَطٍ» : «لِحَافٌ ومِلْحَفٌ» و «سِرَادٌ ومِسْرَدٌ» و «إزَارٌ ومِئْزَرٌ» ، «وقِرَامٌ ومِقْرَمٌ.
والخِياطَةُ : حِرْفَةُ الخَيَّاطِ. وثوبٌ مَخِيطٌ.
وكان حَدُّهُ : «مَخْيُوطٌ» .. فَلَيَّنُوا الياءَ ـ كما ليَّنُوها في «خَاطَ» فالتَقَى ساكنانِ : سكونُ الياءِ وسكونُ الواو.
فقالوا : «مَخِيطٌ» لالتقاء السَّاكنِين أَلْقَوْا أَحَدَهُما.
وكذلك بُرٌّ مَكِيلٌ : الأصْلُ : «مَكْيُولٌ».
وقال ابنُ السِّكيت : إذا قالوا : «مَخِيطٌ» بَنَوْهُ عَلَى النُّقْصانِ .. لنُقْصَانِ الياءِ في «خِطْتُ».
والياءُ في «مَخِيطٍ» هي واو «مَفْعُولٍ» انقلبتْ ياءً لِسكُونها وانكسار ما قبلها ليُعلم أن الساقط ياءٌ.
قال. ومن قال : «مَخْيُوطٌ» أَخْرَجه على التَّمام.
قلت : وأَحْسَبُهُ حَكَى هذه العِلَّةَ عن الفرَّاء.
وقال : أبو إسحاق في قول الله جلّ وعزّ : (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ) [البَقَرَة : ١٨٧] : هُما فجرَانِ.
أحدهما : يَبْدُو أَسْوَدَ مُعْترضاً ـ وهو الخَيْطُ الأسود.
والآخرُ يبدو طالعاً مستطيلاً يملأُ الأفُقَ .. فهو الخَيْطُ الأبيضُ.
قال : وحَقِيقَتُهُ : حتَّى يَتَبَيَّنَ لكُم الليلُ والنَّهارُ.
وقال الفرَّاءُ في قوله جلّ وعزّ : (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ) : قال رجلٌ للنّبي صلىاللهعليهوسلم : أَهُوَ الخَيْطُ الأبيضُ والخَيْطُ الأسودُ؟ فقال صلىاللهعليهوسلم : «إِنَّكَ لَعَرِيضُ القَفَا!! هُوَ اللَّيلُ مِنَ النَّهارِ».
والرجل إذَا عَرُضَ قَفَاهُ قلَّ فهمُهُ.
وأخبرني المنذري ـ عن أبي طالب ـ أنه قال : الخَيْطُ اللَّوْنُ ، واحتجَّ بقول الله عزوجل.
وقال أَبو دُوَادٍ الإيَادِيُّ :
فَلَمَّا أضاءَتْ لَنا سُدْفَةٌ |
وَلَاحَ مِنَ الصُّبْحِ خَيْطٌ أنارَا |
وقَوْلُهُ : أَضاءتْ لَنا سُدْفَةٌ هي ـ ههنا ـ الظُّلْمَةُ.
وَلَاحَ مِنَ الصُّبْحِ ـ أَيْ : بَدَا وَظَهَرَ.
وقال غيرُه : الْخَيْطُ : الْقَطِيعُ من النَّعَامِ ، واحِدُها : خَيْطَى.
وقال لَبِيدٌ :
وَخَيْطاً مِنْ قوَاضِبَ مُؤْلَفَاتٍ |
كَأَنَّ رِئَالَها وَرَقُ الإفَالِ |
وقال الليث : نَعَامَهٌ خَيْطَى .. وَخَيْطُهَا : طُولُ قَصَبِهَا وَعُنُقِهَا.
ويقال : هو ما فيها .. من اخْتِلَاطِ سَوَادٍ في بَيَاضٍ لَازِمٍ لها.
كالْعَيَسِ في الإبلِ الْعِرَابِ.
وقال غيرُه : يقالُ لِلْقَطِيع من النَّعَامِ : خِيطٌ وَخَيْطٌ وخَيْطَى.
وإنما خَيَّطَهَا أَنَّها تَتَقَاطَرُ ، وتَتَابَعُ كالْخَيْطِ الْمَمْدُودِ.
وقال اللَّيْثُ : يقال : خَاطَ فُلانٌ خَيْطَةً واحدةً ـ إذا سَارَ سَيْرَةً ، ولم يَقْطَعِ السَّيْرَ.
وَخَاطَ الحَيَّةُ ـ إذا انْسَابَ عَلَى الأرْضِ.
وأَنشدَ :
وَبَيْنَهُمَا مُلْقَى زِمَامٍ كَأَنَّهُ |
مَخِيطُ شُجَاعٍ آخِرَ اللَّيْلِ ثَائِرِ |
ومخِيطُ الحَيَّةِ : مَزْحَفُها.
وقال غَيْرُهُ : خَاط فلانٌ إلى فُلَانٍ ـ أَيْ : مَرَّ إليْهِ.
ويُقَالُ : خَاطَ فلانٌ بعِيراً بِبَعِيرٍ ـ إذا قَرَنَ بَيْنَهُمَا.
وفي «نوادر الأعْرَاب» : خَاطَ فلانٌ خَيْطاً ـ إذا مَضَى سَرِيعاً.
وتَخَوَّطَ تَخَوُّطاً .. مِثْلُهُ.
وكذلك : مَخَطَ في الأرض مَخْطاً.
أبو عبيد ـ عن الأصمعيِّ ـ خَيَّطَ الشَّيْبُ رَأْسَهُ وفي رأسهِ ولِحْيَتِهِ : صَارَ كَالْخُيُوطِ ، أَوْ ظهَرَ كالْخُيُوطِ ـ مِثْلُ وَخَطَ.
وتَخَيَّطَ رَأْسُه : كذلك.
وقال أَبُو كَبِيرٍ :
حَتَّى يُخَيَّطَ بِالْبَيَاضِ قُرُونِي
وقال غَيْرُهُ : الْخَيْطَةُ : الْوتِدُ : قال أَبُو ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيُّ :
تَدَلَّى عَلَيْهَا بَيْنَ سِبٍّ وَخَيْطَةٍ |
شَدِيدُ الْوَصَاةِ نَابِلٌ وابْنُ نَابِلِ |
قال الأصمعي : السِّبُّ : الْحَبْلُ ، والْخَيْطَةُ الْوَتِدُ.
وفي الحديث : «أَدُّوا الْخِيَاطَ والْمِخْيَطَ».
أراد بالْخِيَاطِ ـ ههنا ـ : الْخَيْطَ ، وبالْمِخْيَطِ : الإبْرَةَ.
وقال أبو زيْدٍ : يقالُ : هَبْ لي خَيْطاً وخِيَاطاً ونِصَاحاً.
كُلُّهُ : الْخَيْطُ الَّذِي يُخَاطُ بهِ.
والْخِيَاطُ : الْمِخْيَطُ ـ في قولِ الله جلّ وعزّ ـ : (حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ) [الأعرَاف : ٤٠].
وقال ابن شُمَيْلٍ : في الْبَطْنِ مَقَاطُّهُ ومخِيطُهُ.
قال : ومَخِيطُهُ : مُجْتَمعُ الصِّفَاقِ ـ وهو ظَاهِرُ الْبَطْنِ.
وخط : قال الليثُ : يقال : وَخَطَهُ بالسَّيْفِ ـ أَيْ : تَنَاوَلهُ من بَعِيدٍ.
وقد وُخِطَ فلانٌ يُوخَطُ وَخْطاً.
وتقولُ : وخَطنِي الشَّيْبُ .. ووُخِطَ فُلَانٌ ـ إذا شاب رأسُه ـ فهوَ مَوْخُوطٌ.
ويقالُ : وَخَط في السَّيْرِ يَخِطُ ـ إذا أَسْرَعَ.
وكذلكَ وَخط الظلِيمُ ونحْوُهُ.
أبو عبيدٍ ـ عن الأصمعيِّ ـ : إذا خَالَطَتِ الطَّعْنَةُ الْجوْفَ ولم تَنْفُذْ .. فَذَلِكَ الْوَخْضُ .. وَالْوَخْطُ.
ووَخَطَهُ بالرُّمْحِ .. ووَخَضَهُ.
وأنشد :
وَخْطاً بِمَاضٍ في الْكُلَى وَخَّاطِ
قلتُ : ولم أَسْمَعْ لغير اللَّيْث ـ في تَفْسِيرِ «الْوَخْطُ» ـ أَنَّهُ الضَّرْبُ بالسَّيْفِ.
وأُرَاهُ أراد أَنَّهُ يَتَنَاوَلُهُ بِذُبَابِ السَّيْفِ طَعْناً ـ لا ضَرْباً.
وأَمَّا «الْوَخْط» في السَّيْرِ ـ بِمَعْنى السُّرْعَةِ ـ : فقد ذكَرَهُ أبو عبيدٍ عن أَصْحَابِهِ وهو صَحِيحٌ.
وكذلك «وَخْطُ الشَّيْبِ» : مِثْلُ «الْوَخْزِ» سَوَاءٌ.
وقال أبو عمرٍو : «وَخَطَهُ» بالرُّمْحِ ووَخَضَهُ.
قال : والْمِيخَطُ : الدَّاخِلُ ، ووَخَطَ ـ أيْ : دَخَلَ.
وقال أَبُو تُرَابٍ : سَمِعْتُ الْبَاهِلِيَّ يقولُ : وَخَطَهُ الشَّيْبُ ، ووَخَضَهُ بمعنى واحدٍ.
طخا : أبو عبيد ـ عن الأصمعِيِّ ـ : الطَّخَاءُ والطَّهَاءُ والطَّخَافُ .. كلُّهُ : السَّحَابُ الْمُرْتَفِعُ.
وقال اللّيْثُ : الطَّخْيَاءُ ظُلْمَةُ الْغَيمِ.
قال : والطَّخَاءةُ والطّهَاءةُ ـ من الْغَيْمِ ـ : كلُّ قِطْعَةٍ مُسْتَدِيرَةٍ تَسُدُّ ضوْءَ الْقَمَر.
ويقال لها : الطَّخْيَةُ ، وهي ما رَقَّ وانْفَرَدَ.
ويُجْمَعُ .. على الطِّخَاءِ والطِّهاءِ.
قال : ويقال للأحمَقِ : الطَّخْيَةُ.
والجميعُ : الطَّخْيُونَ.
وفي الحديث : «إنَّ لِلْقَلبِ طَخْأَةً كَطَخْأَةِ الْقَمَرِ».
ـ أي : شيئاً يَغْشاه كما يُغْشَى القمرُ.
وروى أبو عُبَيد في حديثٍ رفَعَه : «إذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ طَخاءً عَلَى قَلبِهِ فَلْيَأْكُلِ السَّفَرْجَلَ».
قال أبو عبيد : والطَّخَاءُ ثِقَلٌ وغِشَاءٌ وغَشْيٌ.
يقال : ما في السماء طَخَاءٌ ـ أي : سَحَاب وظُلْمَة.
قال : والطَّخْيَة : الظُّلْمَةُ الشديدة. وقال النابغَةُ :
فَلَا تَذْهَبْ بِعَقْلِكَ طَاخِيَاتٌ |
مِنَ الْخُيَلَاءِ لَيْسَ لَهُنّ بَابُ |
طيخ : أبو زيد : رجلٌ طَيْخَةٌ .. من رجالٍ طَيْخَاتٍ .. ولَطْخَةٌ ـ من رجالٍ لَطْخَاتٍ.
وهما معاً : الأحْمَقُ الذي لا خير فيه.
أبو عبيدٍ ـ عن أبي عبيدةَ ـ : الطَّيْخُ : الْكِبْرُ.
ثعلبٌ ـ عن ابن الأعرابيِّ ـ : المُطَيَّخُ الفَاسِدُ.
وأتانا فلانٌ زَمَنَ الطَّيْخَةِ ـ أي : زمنَ الْفِتْنَةِ والْحَرْب.
وقال اللِّحْيانيُّ : طَاخَ فلانٌ فلاناً يَطُوخُهُ ، ويَطِيخُهُ وطيَّخَهُ ـ إذا رَمَاهُ بِقَبِيحٍ .. من قوْلٍ أو فِعْل. ورجلٌ طَيَّاخَةٌ ـ وهو الذي يَتَطَيَّخُ في المجلِسِ بالخطإ.
أبو عُبَيدٍ ـ عن الكسائيِّ ـ : طَاخَ فلانٌ يَطِيخُ طَيْخاً ـ إذا تَلَطَّخَ بقَبِيحٍ.
وطِخْتُهُ أنا ، ويقال : طَيَّخْتُهُ.
وقال أبو زَيْدٍ : طَيَّخَهُ العذابُ ـ أي : أَلَحَّ عليه فأهلَكهُ.
وطيَّخَهُ السِّمَنُ ـ إذا امْتَلأ سِمَناً.
وقال أبو مَالِكٍ : يقال : طَيَّخَ أصحابَهُ ـ إذا شَتَمَهم فأَلَحَّ عليهم.
وقال الليث : الطَّيخُ : حِكَايَةُ الضّحِك.
تقول : قال الناسُ : طِيخِ طِيخِ ـ أي : قَهْقَهُوا.
أبواب الخاء والدال
خ د
(وايء) خاد (خود) ، داخ ، دوَّخ ، أخد : مستعملة.
خود ـ خيد : وقال الليثُ : الْخَوْدُ : الفتاةُ الشّابَّةُ ما لم تَصِرْ نَصَفاً .. وجَمْعُه : خَوْدَاتٌ.
أبو عبيد ـ عن الأصمعيِّ ـ :الْخَوْدُ ـ من النساء ـ : الحَسنَةُ الْخَلْق.
وقال أبو زيد : جَمْعُ خَوْدٍ : خُودٌ ـ بضم الخاء.
وقال الليثُ : يقال : خَوَّدْتُ الفَحْلَ تخْوِيداً ـ إذا أرسلْتَهُ في الإبل. وأَنشدَ :
وَخَوَّدَ فَحْلَهَا مِنْ غَيْرِ شَلٍ |
بِدَار الرِّيحِ تخْوِيدَ الظَّلِيم |
قلتُ : غَلِطَ الليثُ في تفسير التَّخْوِيد ..
أنه بمعنى إرسال الفَحْل.
وغَلِط في تفسير البيت جُمْلَةً.
والبيتُ لِلَبيدِ في قصيدة له قرأتُها : يقال : خَوَّدَ البعيرُ تخْوِيداً ـ إذا أسرع ، والرِّوَايةُ :
وَخَوّدَ فَحْلُها مِنْ غَيرِ شَلٍ
وَصَفَ بَرْدَ الزَّمانِ ، وإسراعَ الفَحْل إلى مَرَاحِه مُبَادِراً هُبُوبَ الرِّيح الباردةِ أَصِيلاً ـ كما يُخَوِّدُ الظلِيمُ ـ إذا رَاحَ إلى بَيْضِه وأُدْحِيِّهِ.
وقال أبو عُبَيدٍ ـ عن أصحابه ـ : التَّخْوِيدُ سُرْعَةُ سير البعير فهذا هو الصحيحُ.
وأما قول الليث : خَوّدْتُ الفَحْلَ ـ إذا أرسلتُهُ في الإبل ، فهُو باطلٌ .. ما قاله أحدٌ.
وقال الليث : الْخِيدُ : فارِسيَّةٌ ـ حَوّلُوا الذّالَ دالاً فأَعْرَبُوهُ.
قلتُ : يُعْنَى به الرَّطْبَةُ.
خدي ... وخد : يقال : خَدَى البعيرُ .. يَخْدى خَدْياً ـ فهو خَادٍ ـ إذا أَسْرَع المشيَ.
ومثله : وَخَدَ يَخِدُ ، وخَوَّد يُخَوِّدُ.
كُلُّهُ بمعنًى واحد.
وقال الليثُ : الْوَخْدُ : سَعَةُ الْخَطْوِ في المشي.
ومثُلُهُ : الْخَدْيُ ـ لغتان.
يقال : وخَدَتِ الناقةُ. تخِدُ وَخْداً ووُخُوداً.
وخَدتْ تخْدِي خَدْياً.
وبَعِيرٌ وَخَّادٌ. وقال النَّابِغَةُ :
فمَا وَخَدَتْ بمِثْلِكَ ذاتُ غَرْبٍ |
حَطُوطٌ في الزِّمامِ وَلَا لَجُونُ |
وأنشد أبو عُبَيدٍ ـ في الناقة الوخُودِ :
وَخُودٌ مِنَ اللَّائِي تَسَمَّعْنَ بالضُّحَى |
قَرِيضَ الرُّدَافَى بالْغِنَاءِ المُهَوِّدِ |
داخ ـ ودوَّخ : قال الليث : يقال : دَاخَ لنا فلان يَدُوخُ ـ إذا ذلّ وخضع.
وقد دَوَّخْنَاهُمْ تَدْوِيخاً .. ودُخْناهُمْ دَوْخاً.
قلتُ : ويقال : دَاخ يَدِيخُ إذا ذَلَّ.
وقد ديَّخْتُه وذَيَّخْتُهُ ـ بالدال والذال ـ إذا ذَلَّلْتُهُ .. فهو مدَيَّخٌ ومُذَيَّخٌ ـ أي : مُذَلَّلٌ.
قال ذلك ابن الأعرابي وحكاه أبو عبيد عن الأحْمَرِ ـ بالذال ـ أي : ذَيَّخْتُهُ.
فأنكرهُ شمِرٌ بالذّالِ ، وزَعَم أنه بالدال وهو صَحِيحٌ لا شكّ فيه ـ بالذال والدال.
وأنشد شمر :
قاعَ وَإنْ يَتْرُكْ فَشَوْلٌ دُوَّخُ
ودَوَّخَ فلانٌ البلادَ ـ إذا سار فيها حتى عَرَفَها ، ولم يَخْفَ عليه طُرُقُها.
وروى اللَّيث ـ في هذا الباب ـ حَرْفاً صَحّفَه فقال : أخد : قال : والْمُستَأْخِدُ : الْمُستَكينُ. قال : ومَرِيضٌ مُستأخِدٌ ـ أي : مُستكينٌ لمرضه.
قلتُ : هذا حَرفٌ مُصَحَّفٌ ، قُلبَت الذّال دَالاً فيه.
والصّوَابُ : «الْمُستأخِذُ» ـ بالذَّال .. وهو الذي يَسيل الدّم من أَنفِه.
ويقال .. للذي بعَينهِ رَمَدٌ : مُستأخِذٌ ـ أيضاً.
وأقرَأَني الإياديُّ ـ عن شمرٍ ـ لأبي عُبَيدٍ ـ عن الأصمعيِّ ـ : «الْمُسْتَأْخِذُ» : الْمُطَأطِىءُ رأْسَه من وَجَعٍ.
وهذا كلُّهُ بالذّال. ومَوضِعها في «باب الخاء والذال».
باب الخَاء والتاء
خ ت
(وايء) ختا (اخْتتا) ، خات ، تاخ ، وتخ : مستعملة.
ختا و (اختتأ) : قال الليث : خَتَا الرَّجلُ .. يَخْتُو خُتُوّاً وهو أَنْ تَرَاهُ منكسراً ـ من حُزْنٍ أو مَرَضٍ ـ مُتَخَشِّعاً.
ويقال : أَرَاكَ اخْتَتَأْتَ من فلان فَرَقاً.
وقال العَجَّاجُ :
مُخْتَتِئاً لِشَيِّئَانِ مِرْجَمِ
شَيِّئَانٌ بوزْنِ شَيِّعَانٍ.
ومَفازةٌ مُخْتَتِئَةٌ : لا يُسْمَعُ فيها صوتٌ ولا يُهْتَدَى فيها السَّبيلَ.
أبو عُبيد ـ عن الكسائيِّ ـ : اخْتَتَأْتُ له اخْتِتَاءً ـ إذا خَتْلَته.
وقال أبو زيدٍ ـ في كِتاب «الهمْزِ» : اخْتَتَأْتُ من الرَّجُلِ اخْتِتَاءً ـ أي : اخْتَبَأتُ منه.
قال : واخْتَتَأْتُ أيضاً اختِتَاءً إذا مَا خِفْتَ أن يَلحقَكَ من المَسَبَّةِ شيءٌ ، أو .. من السلطان.
وقال أبو الهيثم : قال أَعْرابيٌّ : رأيتُ نَمِراً .. فاخْتَتَأَ .. لي.
وقال الأصمعيُّ : «فَاخْتَتَأ» : ذَلَّ. وقال مرَّةً : اختبأَ.
وأنشَد :
كُنَّا ـ ومَنْ عَزَّ بَزَّ ـ نَخْتبِسُ النا |
سَ وَلا نَخْتَتِي لِمُخْتَبِسِ |
ـ أيْ : لا نَذِلُّ.
وقال أبو عمرٍو : الْمُخْتَتى : الذَّليلُ.
ورَوَى أبو ترابٍ ـ للكسائيِّ ـ : هو خاتلٌ له .. وَخَاتٍ لهُ : بمعنًى واحدٍ.
وقال أَوْسُ بنُ حَجَرٍ :
يَدِبُّ إليه خاتِياً يَدَّرِي له |
لِيَعقِرَهُ في رَمْيهِ حينَ يُرْسِلُ |
وقال الليث أيضاً : المُخْتَتِي : الذَّلِيلُ.
وإذا تَغَيَّرَ لونُ الرجُل ـ من مَخافة شيء نحوِ السُّلطانِ وغيرِه ـ فقد اختَتَأَ.
ثعلبٌ ـ عن ابن الأعرابيِّ ـ : قال : الْخَتَى : الطَّعْنُ الْوِلَاءُ.
خيت ، خوت : أبو عُبَيد : الخائتةُ من العِقْبَانِ : التي تَخْتَاتُ.
وهو صَوْت جَناحَيْها ـ إذا انقَضَّتْ فسمعْتَ صوتَ انقضاضِها.
يقال : خاتَتْ تَخُوتُ. وقال ابنُ رِبْعٍ الهُذَلِيُّ :
تَخُوتُ قُلُوبَ القومِ مِن كلِّ جانبٍ |
كَمَا خَاتَ طَيْرَ الماءِ وَرْدٌ مُلَمَّعُ |
وقال آخرُ :
يَخُوتُونَ أُخْرَى القوْمِ خَوْتَ الأجادِلِ
وقال الليثُ : يقال : عُقَابٌ خائِتةٌ : تُصَوِّتُ بجناحَيْهَا .. ولهما حَفِيفٌ.
وسمِعْتُ خَوَاتَها ـ أيْ : حَفِيفَها وصَوْتَها.
أبو عُبيد ـ عن أبي زيد ـ : الْخَوَاتُ والحَرَاةُ والوَحَاةُ : الصَّوْتُ.
وقال أَبُو نُخَيْلَةَ :
أو كَاخْتِيَاتِ الأَسَدِ الشَّوِيَّا
الشَّوِيّا : جَمْعُ شَاةٍ.
ويقال : اخْتَاتَ الذِّئْبُ شاةً من الغَنم اخْتِيَاتاً ـ إذا اختَطَفَها.
وكذلك : اختَاتَ الصَّقْرُ الطيْرَ.
وكلُّ اختِطَافٍ : اخْتِيَاتٌ وَخَوْتٌ.
وفي حديث أبي جَنْدَلِ بن عمرِو بن سُهَيْلٍ أَنَّهُ اخْتَاتَ للضَّرْبِ .. حتى خِيفَ عَلَى عَقْلِهِ.
قال شَمِرٌ : هكذا رُوِي.
والمعروف : أَخَتَّ الرجُلُ ، فهو مُخِتٌّ ـ إذا انكَسَر واسْتَحْيا. والمُخِتُّ : المنكَسِرُ.
قال : والمُختَتِي : نحوُ الْمُخِتِّ .. وهو المُتَصَاغِرُ .. المُنْكَسِرُ.
توخ ـ وتخ : قال الليثُ : تاخَتِ الإصبُعُ في الشيء الْوَارمِ الرِّخْوِ.
وأنشد بيتَ أبي ذُؤَيبٍ :
بِالِّنِّي فَهْيَ تَتُوخُ فيهِ الإصْبَعُ
قال : ويُرْوَى : فَهِيَ تَثُوخُ. بالثَّاءِ.
قلتُ : ثَاخَ وسَاخَ : معروفان بهذا المعنَى.
وأمَّا «تاخَ» ـ بمعناهما ـ : فلا أَحْفظُه لغير اللَّيْثِ.
وفي الحديث : «أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم : أُتِيَ بِسَكْرَانَ فأَمَرَ به حتَّى ضُرِبَ بِالْمِتِّيخَةِ».
ورَوَى عثمانُ بنُ سَعيدٍ ـ عن أحمدَ بن صالحٍ ـ أنه قال ـ في قولِه : «ضُرِبَ بالْمِتِّيخَةَ» ـ : هي الجَرائدُ الرَّطْبَةُ.
ورَوَى أبو العبَّاس ـ عن ابن نَجْدَةَ عن أبي زَيْدٍ ـ أَنَّهُ قال : يقال للعَصا : الْمِتْيَخَةُ ـ بِسُكُون التاء وفتح الياء.
قال : وهِيَ الْمِيتَخَةُ أيضاً ـ الياءُ قبْلَ التاء والمِيمُ مكسورةٌ ـ.
قال : وهِيَ الْمِتِّيخَة ـ التَّاءُ مُشَدَّدةٌ قبْلَ الياءِ السَّاكنةِ والميمُ مَكسورةٌ. ثلاثُ لُغاتٍ.
فمن قال : «مِيتَخَةٌ» فهي مَأخوذةٌ مِنْ وَتَخَ يَتِخُ.
ومن قال : «مِتْيَخَةٌ» فهي مِنْ تَاخَ يَتِيخُ.
ومَنْ قال. «مِتِّيخَةٌ» فهي «فِعِّيلةٌ» مِنْ مَتَخَ الجرادُ ـ إذا رَزَّ ذَنَبَهُ في الأرض.
وقال الليثُ : تاءُ «الأخْتِ» : أَصْلُها هاءُ التأنيث.
باب الخاء والظاء
خ ظ
(وايء) قلتُ : أُهْمِلَتْ وُجُوهُها غيرَ : خظا.
خظا : قال اللّيثُ : يقال : خَظَا يَخْظُو وَخَظِيَ يَخْظَى .. فَهُوَ خَاظٍ وَخَظٍ ـ وهو المكْتَنِزُ اللَّحْمِ.
والْخَظَاةُ ـ من كلِّ شيءٍ ـ : المُكْتَنِزَةُ.
وأنشد :
لها مَتْنَتانِ خَظَاتَا كَمَا |
أَكَبَّ عَلَى سَاعِدَيْهِ النَّمِرْ |
قال بعضُ النَّحْوِيِّينَ : كُفَّ نُونُ «خَظَاتَانِ» ـ كما قالوا : «اللَّذَا» ، وهُمْ يُرِيدون «اللَّذَانِ».
وقال الأَخْطَلُ :
أَبَنِي كُلَيْبٍ إنَّ عَمَّيَّ اللَّذَا |
قَتَلَا المُلُوكَ وَفَكَّكَا الأَغْلَالا |
وقيل : بل أُخْرِجَتْ على أصل التصريف.
كما يقال ـ للذكر ـ «خَظَا» .. قالوا : للمرأتين : «خَظَاتَا» .. لأن الواحدة يقال لها : «خَظَتْ ، وغَزَتْ» ـ فَتُسْقِطُ الألِفَ التَّاءُ فلما تحركَتِ التَّاءُ في قولكَ : «خَظَتَا وَغَزَتَا» كان في القياس : أن تُتْرَكَ الألِفُ مكانها «خَظَاتَا وَغَزَاتَا» ولكنهم بَنَوُا التثنيةَ على عَقِب فِعْلِ الْوَاحِدِ .. فَأَلْزَمُوا طَرْحَ الألِف ، وكان في «خَظَاتَا» رِوَايةٌ على هذا الْقِياس ـ فافهم.
فإذا جَمَعْتَ «الْخَظَاةَ» بالتاء. قلتَ : خَظَوَاتٌ لأنَّ أَصْلَها الواوُ.
أبو عبيد ـ عن الفراء ـ : «خَظَا» و «بَظَا» و «كَظَا» ـ بغير هَمْزٍ ـ يعني اكتنزَ. ومِثْلُه : «يَخْظُو ، ويَبْظُو ، ويَكْظُو».
وقال شمر : يقال «خَظَا يَخْظُو خَظْواً» و «بظا يبظو بَظْواً».
وأنشد :
بِأَيْدِيهِمْ صَوارِمُ مُرْهَفَاتٌ |
وكُلُّ مُجَرَّبٍ خَاظِي الْكُعُوبِ |
قال : والْخَاظِي : الْغَلِيظُ الصُّلْبُ.
وقال الهُذَلِيُّ يصفُ حِماراً :
خَاظٍ كَعِرْقِ السِّدْرِ يَسْ |
بِقُ غَارَةَ الْخُوصِ النّجَائِبِ |
وأخبرني المنذريُّ ـ عن ثعلب عن ابن الأعرابيِّ ـ أنه قال ـ في قول امرىء القيس :
لَهَا مَتْنَتَانِ خظاتَا
أراد : «خَظَاتانِ» .. فأسقط النون. وقال أبو الهيثم : يقال فرس خَظٍ بَظٍ.
ثم يقال : خَظَا بَظَا ـ وكذلك خَظِيَةٌ بَظِيَةٌ.
ثم يقال : خَظَاةٌ بَظَاةٌ ـ تُقْلَبُ الياءُ أَلفاً ساكنة .. على لغة طَيِّيءٍ. وأنشد :
وَمَتْنَانِ خَظاتَان |
كَزُحْلُوفٍ مِنَ الهَضْبِ |
أراد «خَظِيَتَانِ». وأنشد :
أَمْسَيْنَا أَمْسَيْنَا |
وَلَمْ تَنامِ الْعَيْنَا |
كان أصله : «ولَمْ تَنَم الْعَيْنَانِ».
فلما حَرَّك المِيمَ لاستقبالها اللامَ : رَدَّ الأَلِفَ وأنشد :
مهْلاً ـ فِداءٌ لَكَ يا فَضَالهْ |
أَجِرَّهُ الرُّمْحُ ولَا تُهَالَهْ |
أراد : «ولا تُهَلْهُ».
وقال آخَرُ :
حَتَّى تَحَاجَزْنَ عَنِ الذُّوَّادِ |
تَحاجُزَ الرِّيِّ وَلَمْ تَكادِ |
أراد : ولم تَكَد
فلما حَرَّكَتِ القافيةُ الدالَ : ردَّ الألف.
قلت : وأما قولهم : حَظِيَتِ المرأةُ وبَظِيَتْ ـ من الْحُظْوَةِ ـ فهو بالحاء .. ولم أسمع فيه الخاء.
باب الخاء والذال
خ ذ
(واىء) خذي ، خذأ ، أخذ ، ذوخ ، خاذ ، ذيخ : مستعملة.
خذي : قال الليث : خَذِيَ الحمارُ يَخْذَى خَذاً .. فهو أَخْذَى الأُذُنِ ـ إذا انكسرتْ أُذُنُهُ.
وأُذُنٌ خَذْوَاءُ ، وَأَتَانٌ خَذْوَاءُ.
والجميع : الخُذْيُ.
وهو الرِّخْوُ رَانِفِ الأُذُنِ.
وكذلك : فَرَسٌ أَخْذَى .. والأُنْثَى خذْوَاءُ.
قلتُ : جَمْعُ الأَخْذَى : خُذْوٌ ـ بالواو ـ لأنه من بنات الواو.
كما قيل في جمع «الأعشى : عُشْوٌ».
وقال أبو عبيد : أُذُنٌ خُذَاوِيَّةٌ .. من آذان الخيل. وأنشد :
لَهُ أُذُنَانِ خذَاوِيَّتَانِ |
وَبالْعَيْنِ يُبْصِرُ ما في الظلَمْ |
قال : وهي الخفيفة.
وأما الأُذُنُ الْخَذْوَاءُ فهي التي استرخَتْ من أصلها على الخدَّيْنِ.
الليث : رجلٌ خِنْذِيَانٌ كَثِيرُ الشَّرِّ.
قلتُ : ليس من هذا الباب.
خذأ : قال الليث : خَذِىءَ الإنسانُ يَخْذَأُ خَذَءاً ـ مَهْمُوزٌ ـ وخَذِئْتُ لِفُلانٍ ، واسْتَخْذَأْتُ له ـ إذا انقدتُ له.
أبو زيدٍ ـ في الْهمْزِ ـ : خَذِئْتُ له خَذَءاً ـ إذا اسْتَخْذَأْتُ له.
أخذ : قال الليث : أَخَذَ يَأْخُذُ أَخْذاً ـ وهو خلاف العطاء .. وهو التناول.
والأُخْذَةُ : رُقْيَةٌ تَأْخُذُ العينَ .. ونَحْوُها.
قال : والإخَاذَةُ : الضَّيْعَةُ .. يَتَّخِذُها الإنسانُ لنفسه.
وفي حديثِ مَسْرُوقٍ أَنَّه قال : ما شَبَّهْتُ بأصحاب مُحَمَّدٍ صلىاللهعليهوسلم إلَّا الإخَاذَ.
تَكْفي الإِخَاذَةُ الراكبِ.
وتَكفي الإِخَاذَةُ الراكَبين.
وتَكفي الإِخَاذَةُ الْفِئَامَ من الناس.
وقال أبو عُبَيْدٍ : هو «الإِخَاذُ» ـ بغير هاءٍ ـ وهو مُجْتَمَعُ الماءِ .. شَبِيهٌ بالغَدِيرِ.
وقال عَدِيُّ بْن زَيْدٍ .. يصف مطراً :
فَاضَ فِيه مِثْلُ الْعُهُونِ مِنَ الرَّوْ |
ضِ ، وَمَا ضَنَ بالإخَاذِ غُدُرْ |
قال : وجمع «الإخاذ» : «أُخُذٌ» ، وقال الأخْطَلُ :
فَظَلَّ مُرْتَبِياً والأُخْذُ قَدْ حَمِيَتْ |
وَظَنَّ أَنَّ سَبِيلَ الأُخْذِ مَثْمُودُ |
قال ذلك كلَّهُ أَبو عُبيدَةَ.
وقاله أبو عَمْرٍو .. وزاد فقال : وأمَّا «الإخَاذَةُ» بالهاء فإنها : الأرضُ .. يَأَخُذُهَا الرجلُ فيحُوزُها لنفسِه ويتَّخِذُها ، ويُحْيِيهَا.
شَمِرٌ ـ عن أبي عَدْنَانَ ـ قال : «إِخَاذٌ» : جَمْعُ «إِخَاذَةٍ» ، و «أُخُذٌ» : جمعُ «إِخَاذٍ».
قال : وقال أبو عبيْدَةَ : الإخَاذَةُ والإخَاذُ ـ بالهاء وغير الهاءِ ـ : جمْعُ إِخْذٍ والإخْذُ : صِنْعُ الماء .. يجتمعُ فيه.
وفي «النَّوادِر» : إخَاذَةُ الْحَجَنَةِ : مَقْبِضُها وهي ثِقَافُهَا.
وجاءَتِ امرأَةٌ إلى عائِشَة رضياللهعنها فقالَتْ لها : «أُقَيِّدُ جَمَلِي؟».
وفي حديثٍ آخَرَ : «أُؤَخِّذُ جَمَلي؟» فلم تَفْطُنْ لها عائِشة حتى فُطِّنَتْ فأَمَرَتْ بإخْرَاجهَا.
والتَّأْخِيذُ : أن تحتالَ المرأَةُ بِحِيَلٍ من السِّحْرِ تمْنَعُ بها زوجها من جِمَاعِ غَيرها.
يقال : إنَّ لِفُلَانةَ أُخْذَةً تُؤَخِّذُ بها الرِّجَالَ عن النِّساء.
وقد أَخَّذَتْهُ السَّاحِرَةُ تُؤخِّذُهُ تَأْخِيذاً.
ومن هُنا قيل للأسير : أَخِيذٌ.
وقد أُخِذَ فلانٌ ـ إذا أُسِرَ.
ومنه قولُ الله جلّ وعزّ : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ) [التّوبَة : ٥].
معنَاهُ ـ والله أعلم ـ : ائْسِرُوهُمْ.
أبو عبيد ـ عنْ أبي زيد ـ : مِنْ أَمْثَالِهمْ : «إِنَّهُ لأَكْذَبُ مِنَ الأَخِيذِ الصَّبْحَانِ».
قال : وقال الفرَّاءُ : فلانٌ أَكْذَبُ من أَخِيذِ الْجَيْشِ وهو الذي يَأْخُذُه الْعَدُوُّ فَيَستَدِلُّونَهُ على قومه فهو يَكْذِبُهُمْ بِجُهْدِهِ.
وأخبرني المنذريُّ ـ عن الْمُفَضَّل بنِ سَلَمَة عن أَبيه ، عن الفرَّاء ـ أنه قال : إنَّه لأَكْذَبُ من الأَخِذِ الصَّبْحَانِ» بلا ياء.
قال : وهو الفَصِيلُ الذي اتَّخَمَ من اللَّبَنِ.
يقال منه : قد أَخَذَ يَأْخُذُ أَخْذاً.
أبو عبيد ـ عن الفرَّاءِ ـ : يُقالُ : بِعَيْنِه أُخُذٌ ، وهو الرَّمَدُ.
وقال أَبُو ذُؤَيْبٍ :
يَرْمِي الْغُيُوبَ بعَيْنَيهِ ومَطْرِفهُ |
مُغْضٍ كمَا كَسَفَ الْمُسْتأْخِذُ الرَّمِدُ |
وَالْمُسْتأْخِذُ : الذي بِهِ أُخُذٌ ـ وهو الرَّمَدُ.
عمرو ـ عن أبيه ـ يُقال : أَصْبح فلانٌ مُؤتَخِذاً .. لمرضِه ، ومُسْتَأْخِذاً ـ إذا أَصْبَح مُسْتكِيناً.
والعرب تقول : لو كنتَ مِنَّا لأَخَذْتَ بإخْذِنَا ـ بكسر الألِفِ ـ أي : أَخَذْتَ بشكلِنَا وَهَدْينَا.
وقال ابن السِّكِّيت : يُقال : ذهبَ بَنُو فلانٍ ومَنْ أَخَذَ إِخْذُهُمْ .. وَأَخْذُهمْ.
يَكسِرُون الألِفَ ، ويَضُمُّون الذَّالَ.
وإِنْ شئتَ فَتَحْتَ الألفَ ، وضمَمْتَ الذال أيْ : ومن سَارَ سَيْرَهُمْ.
قال : وقومٌ يَفْتَحُون الألفَ ويَنْصِبُون الذَّالَ.
هكذا رَوَاهُ لنا المنْذِرِيُّ ـ عن الحرَّانِيِّ عنِ ابْنِ السِّكِّيتِ.
وقال غيرُه : اسْتُعْمِلَ فلانٌ على الشَّأم وما أَخَذَ إِخْذَهُ بالْكمْرِ ـ أيْ : وَما وَالاه.
ونجومُ الأَخْذِ : هي نُجُومُ منازِلِ الْقَمر سُمِّيَتْ نُجُومُ الأخْذِ .. لأخْذِ القمر في منَازِلها.
وقال أَبو عُبَيد : أنشدنا الْفَرَّاءُ :
وَأَخْوَتْ نُجومُ الأخْذِ إلَّا أَنِضَّةً |
أَنِضَّةَ مَحْلٍ لَيْسَ قاطِرُهَا يُثْرِي |
قال : الأخْذُ : أن تَأْخُذَ كلّ يَوْم في نَوْء.
وقال الْقُتَيبيُّ : نُجُوم الأخْذِ : مَنَازِلُ القَمَر : سُمِّيَتْ «نُجُومَ الأَخْذِ لأخْذِ الْقَمَر كلّ لَيْلةٍ في مَنْزِل منها.
قال : وقيل : نُجُومُ الأَخْذِ : التي يُرمى بها مُسْتَرِقُ السمع من الشَّياطين والأوَّل أَصحُّ.
وقال الليثُ : أَخِذَ البعيرُ يَأْخَذُ أَخَذاً وهو كهَيْئة الْجُنون.
وكذلِك الشَّاةُ تَأْخَذُ أَخَذاً كَهَيْئَةِ الْجُنون.
وقال غيرُه : الأَخَذُ : مصدرُ «أَخِذَ» الْفَصِيلُ «يَأْخَذُ أَخَذاً».
وهو أَن يَتَّخِمَ من شُرْب اللَّبَنِ.
ويقال : ائْتَخَذَ القومُ .. يَأْتَخِذُون ائتِخَاذاً.
وذلك : إذا تَصَارَعوا .. فَأَخَذَ كلُّ واحِدٍ منهم عَلَى مُصارِعِهِ «أُخْذَةً» يَعْتقلُهُ بها.
وجمعُها .. أُخَذٌ.
ومنه قَوْلُ الرّاجزِ :
أَهَكَذَا ولمْ يَكُنْ كَرٌّ وَكَرْ |
وَأُخَذٌ وَشَغْزَبِيَّاتٌ أُخَرْ |
وقال اللَّيْثُ : يُقال : اتَّخَذَ فلانٌ مالَ الله دُوَلاً يَتَّخِذُه اتِّخَاذاً.
وتَخِذَ يَتْخَذُ تَخَذاً : بمَعْناه.
وتَخِذْتُ مالاً ـ أَي : كَسَبْتُه.
أُلْزمَتِ التاءُ الحرفَ ـ كأَنها أصليَّةٌ .. كما قال الله جلّ وعزّ : (لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً) [الكهف : ٧٧].
وقال الفراء : قرأ مُجَاهِدُ : «لَتَخِذْتَ» قال : وأنشدني القَنَانِيُّ :
تَخِذَهَا سُرِّيَّةً تُقَعِّدُه
أَيْ : تَخدُمُهُ. قال : وأَصْلُهَا : «افْتَعَلْتَ».
قلتُ : وقد صحَّت هذه القراءةُ عن ابن عبَّاس .. وبها قرأ أبو عَمْرِو بْن الْعَلَاءِ.
وأَفادني المنذريُّ ـ عن ابن اليَزِيدِيِّ عن أَبي زيدٍ ـ : أَنَّه قرأَ «لَوْ شِئْتَ لَتَخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً».
قال : وكذلك هو مَكْتُوبٌ في «الإمَامِ» ، وبه يَقْرَأ القُرَّاءُ.
ومن قَرَأَ «لَاتَخَذْتَ» ـ بفتح الخاءِ وبالألفِ ـ فإنهُ يخالفُ الكِتَابَ.
وقال اللَّيْثُ : مَن قرأَ «لَاتَّخَذْتَ» فقد أَدْغَمَ التَّاء في الياءِ ـ فاجتمع هَمْزَتانِ فصُيِّرَتْ إحدَاهُما «يَاءً» وأُدْغِمَتْ كرَاهةَ التِقائهمَا.
قال : والإخذُ ما حَفَرْتَ ـ كهيئةِ الْحَوْضِ ـ لِنَفْسِكَ.
والْجَمِيعُ : الأُخْذَانُ ـ تُمْسِكُ الْمَاء أَيَّاماً.
والأمْرُ مِنْ «أَخَذَ يَأْخُذُ» : «خُذْ» وللاثنين : «خُذَا» ، وللجميع : «خُذُوا».
ذوخ : (ذوذخ وخواخ) : أبو العبَّاسِ ـ عن ابن الأعرابيِّ ـ قال : الذَّوْذَخُ ، والْوَخْوَاخُ : الْعِذْيَوْطُ.
خوذ : أبو عبيد ـ عن الأُمَوِيِّ ـ : خَاوَذْتُهُ مُخَاوَذَةً ـ إذا فَعَلْتُ مثلَ فعلهِ.
قلت : وأَنْكَرَ شَمِرٌ «خَاوَذْتُ» بهذا المعنى ، وذكرَ أنَ الْمُخاوَذَةَ والْخِوَاذَ : الفِرَاقُ.
وأَنشد :
إذِ النَّوى تَدْنُو عَنِ الْخِوَاذِ
وأخبرني المنذريُّ ـ عن أبي طَالِبٍ .. عن أبيه .. عن الفَرَّاءِ ـ أنَّه قال : الْحُمَّى تُخَاوِذُهُ ـ إذا حُمَّ في الأيام ..
وفلان يُخَاوِذُنا بالزِّيارةِ ـ أَيْ : يتعَهَّدُنا بالزَّيارة.
قلتُ : والذي حَفِظْتُهُ وسمعْتُه ـ من العرب ـ في «الْخِوَاذِ» : أنَّ حِلَّتَيْنِ منهم نَزَلَتَا على ماءٍ عَضُوضٍ لا يُرْوِي نَعَمَهُمَا في يوم واحد .. فسمعتُ بَعْضَهم يقول لبعضٍ : خَاوِذُوا وِرْدَكُمْ تُرْوُوا نَعَمَكُمْ.
ومعناه : أَنْ تُورِدَ إحدَى الحِلَّتَيْنِ نَعَمَها يوماً ، ونَعَمُ الأخرى في المَرْعَى .. فإذا كان اليومُ الثاني أَوْرَدَتِ الأُخرى نَعَمَها وإذا فعلوا ذلك كان وِرْدُهُمْ غِبّاً.
وذلك أنهم إذا جَمَعوا نَعَمَهم في يومٍ واحدٍ عَلَى الماء .. نَزَحُوهُ ، وصدَرَتْ النَّعَمُ غَيْرَ رِوَاءٍ.
فهذا معنى «الْخِوَاذِ» عندهم.
ويقال : ذهب فلانٌ في خَوْذَانِ الْخَامِلِ ـ إذا أُخِّرَ عن أهل الفَضْلِ.
ومنه قول عَمْرو بْنِ أَحْمَرَ :
إذَا سَبَّنَا مِنْهُم دَعِيٌّ لأُمِّهِ |
خَلِيلَانِ مِنْ خَوْذَانِ قِنٍّ مُوَلَّدِ |
أبو العبَّاس ـ عن ابن الأعرابيِّ ـ قال : هو من «خَوْذَانِ» النَّاس ، وهَلَاثِيِّهِمْ ، وقَزَمِهِمْ وخَدَمِهِمْ.
وفي «النَّوَادر» : يقال : أَمْرٌ خَائِذٌ لَائِذٌ ، وأَمْرٌ مُخَاوِذٌ مُلَاوِذٌ ـ إذا كان مُعْوِراً.
ذيخ : أبو عبيد ـ عن أَبي عَمْرٍو ـ قال : الذِّيخُ : الضِّبْعَانُ الذكَرُ.
وقال غيرُه : في فلان ذِيخٌ ـ أَيْ كِبْرٌ.
أبو عبيد ـ عن العَدَبَّسِ الكِنَانيِّ ـ قال : الذِّيخُ : الْقِنْوُ من أَقْنَاءِ النَّخْلِ وجَمْعُه : ذِيخَةٌ.
قال أبو عبيدٍ : وقال الأحْمَرُ : ذَيَّخْتُهُ تَذْيِيخاً ـ إذا ذلَّلْتُهُ.
قلتُ : وقد رُوِيَ ـ عن ابن الأعرابي أنَّهُ قال : ذَيَّخْتُهُ ودَيَّخْتُهُ ، بالذَّالِ والدَّالِ ـ إذا ذَلَّلْتُهُ. وهُمَا لُغتانِ.
باب الخاء والثاء
خ ث
(وايء) خوث ، ثاخ ، خثي ، وثخ ، خيث : مستعملة.
خوث : قال الليثُ : خَوِثَتِ المرأةُ تَخْوَثُ خَوَثاً.
قال : وخَوَثُهَا عِظَمُ بطنها في اسْتِرْخاءٍ.
قال : ويقال : بَلِ الْخَوْثَاءُ : الْحَدَثَةُ الناعمة ... ذاتُ صُدْرَةٍ.
والْجَوْثَاءُ ـ بالجيمِ ـ الْعَظِيمةُ البطن عند السُّرَّةِ. ويقال : بل هو كَبطْنِ الْحُبْلَى.
وأنشد لأميَّةَ بْنِ حُرْثَانَ :
عَلِقَ الْقَلْبُ حُبَّهَا وهَوَاهَا |
وَهْيَ بِكْرٌ غَرِيرَةٌ خَوْثَاءُ |
قال : ويقالُ : الْخَوَثُ : امْتِلَاءُ الصَّدْرِ.
ورُوِيَ ـ لابن السِّكِّيت أو غيرهِ عن أبي زَيْد ـ أنَّهُ قال : الْخَوْثَاءُ : الْحِفضَاجَةُ مِنَ النِّسَاءِ.
وقال ابن شميلٍ ـ في باب الخاء ـ : الْخَوْثَاءُ : النَّاعمةُ التَّارَّةُ.
قال : وقال أُمَيَّةُ بْنُ حُرْثَانَ :
وَهْيَ خَوْدٌ عَمِيمَةٌ خَوْثَاءُ
وقال ذُو الرُّمَّةِ :
بهَا كُلُ خَوْثَاءِ الْحَشَا مَرَئِيَّةٍ |
رَوَادٍ يَزِيدُ الْقُرْطَ سُوءاً قَذَالُهَا |
قالوا : «الْخَوْثَاء» : الْمُسْتَرْخِيةُ الْحَشَا و «الرَّوَادُ» : التي لا تستقِرُّ في مكانٍ .. إنَّما تَجِيءُ وتَذْهَبُ.
قال أبو مَنْصُورٍ : الْخَوْثَاءُ ـ في بيت ابْن حُرْثَانَ ـ : صِفةٌ مَحْمُودةٌ وفي بيت ذِي الرُّمَّةِ : صِفَةٌ مَذْمُومَةٌ.
خثى : أبو عبيد ـ عن الفرَّاء والأصمعيِّ ـ خَثَى الثَّوْرُ يَخْثِي خَثْياً. قال : وواحدُ الأخْثَاءِ : خِثْيٌ.
وقال ابن الأعرابي : الْخِثْيُ : للثّوْر.
ثوخ : قال الليث : ثَاخَتِ الإصْبَع في الشيء الوَارِم.
وقال غيرُه : ثَاخَ وَساخَ : بهذا المعنى.
وأنشد قوله :
بِالنِّيِّ فَهْيَ تَثُوخُ فِيهِ الإصْبَعُ
وقال ابن السِّكِّيت : ثَاخَ وَساخَ في الأرض السهلة ـ إذا ذَهَبَ فيها سُفْلاً.
خيث : أبو العبَّاس ـ عن عمرٍو .. عن أبيه ـ قال : التَّخَيُّثُ : عِظَمُ البطن ، واسترخاؤه.
والتَّقَيُّثُ : الْجَمْعُ والمَنْعُ. والتَّهَيُّثُ : الإعْطَاء.
وثخ : في النوادر» : يقال لِمَا اختلط مِنْ أجنَاس العُشْبِ الْغَضِّ ـ : وَثِيخَةٌ ووَسِيغَةٌ ـ بالغَيْن والخاء.
وقال ابنُ الأعرابيِّ : يقال : في الْحَوْضِ بِلَّةٌ وَهِلَّةٌ ووَثَخَةٌ .. مِنْ ماءٍ.
باب الخاء والراء
خ ر
(وايء) خير ، خرأ ، خور ، ريخ ، رخى (رخوا) ، رخو ، ورخ ، أخر ، أرخ : مستعملة.
ريخ : قال الليث : التَّرْيِيخُ : ضَعْفُ الشيء ووَهْنُه.
قال : ويُسَمَّى العُظَيْمُ الهَشُّ الوَالِجُ في جَوْف القَرْن ـ : «مُرَيَّخَ الْقَرْنِ».
قال : ويقال : ضَرَبوا فلاناً حتى رَيَّخُوهُ ـ أي : أَوْهَنُوهُ. وأنشد :
بِوَقْعِهَا يُرَيَّخُ الْمُرَيَّخُ |
وَالْحَسَبُ الأوْفَى وَعِزٌّ جُنْبُخُ |
قال : والْمُرَيَّخُ : الْمُرْدَاسَنْجُ.
قلتُ : أما العُظَيْمُ الهَشُّ الْوَالِجُ في جَوْفِ الْقَرْنِ ، فإِنّ أَبَا خَيْرَةَ قال : هُوَ المَرِيخُ والمَرِيجُ.
ويجْمَعان : «أَمْرِخَةً» و «أَمْرِجَةً».
رواه أبو تُرَابٍ لَهُ ـ في كتابِ «الاعْتِقَاب».
قال : وسأَلْتُ عنهما أَبَا سَعيدٍ ..؟ فلم يَعْرِفْهما.
قال : وعَرَفَ غيرُه «المَرِيخَ» : الْقَرْنَ الأبيَضَ .. الذي يكُونُ في جَوْفِ الْقَرْنِ.