إبراهيم إبراهيم بركات
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار النشر للجامعات
الطبعة: ١
ISBN: 977-316-204-4
الصفحات: ٤٩٥
ـ عذيرك.
أى : الزم عذيرك ، أو : أحضر عذيرك.
ومنه قول عمرو بن معد يكرب :
أريد حياته ويريد قتلى |
|
عذيرك من خليلك من مراد (١) |
بنصب (عذير).
ـ ديار الأحباب.
بنصب (ديار) على المفعولية بفعل محذوف ، تقديره : اذكر. وهذا الحذف جائز.
ـ شأنك والحجّ.
بنصب كلّ من (شأن) و (الحج) على المفعولية لفعل مضمر ، والتقدير : الزم شأنك إذا صاحبت الحج.
ـ أهلك والليل.
بنصب كلّ من (أهل) و (الليل) على المفعولية بفعل محذوف ، والتقدير : الحق أهلك وبادر الليل ، أى : قبل الليل. وقد يكون التقدير : بادر أهلك واسبق الليل.
ومما يجب فيه إضمار الفعل قولك : من أنت؟ فلانا؟
أى : أتذكر فلانا. ففلان منصوب على المفعولية بفعل واجب الإضمار.
__________________
(١) شرح ابن يعيش ٢ ـ ٢٦ / المساعد ٢ ـ ٥٧٨ / الدرر ١ ـ ١٤٥.
الاختصاص (١)
الاختصاص مصدر (اختص) ، أى : خصّ ، أو : خصصته.
ويقصد به نحويا : تخصيص حكم مسند إلى ضمير باسم ظاهر غير نكرة ولا مبهم متأخر عنه ، منصوب بفعل واجب الحذف ، وتقديره (أخص).
أو : أنه قصر حكم مسند إلى ضمير على اسمه الظاهر المعرفة المذكور بعده المعمول لفعل محذوف وجوبا تقديره : (أخص) ، وهو يفيد تأكيد الاختصاص بالحكم.
فإذا قلت : نحن ـ المسلمين ـ نعتصم بحبل الله ؛ فإن حكم الاعتصام المعلق بضمير المتكلمين تقصره على المسلمين من المتكلمين ، أو تخصه بهم.
وهذا ما يسمى بأسلوب الاختصاص ، فهو طريقة من طرق التخصيص أو التقييد ، كما أنه يعطى معنى التوضيح والتبيين.
وأسلوب الاختصاص خبرىّ ، وهو جملة اعتراضية ، لا محلّ لها من الإعراب ـ على الأرجح.
دلالاته :
يستخدم أسلوب الاختصاص فى الكلام العربى لأداء إحدى ثلاث دلالات :
أولاها : دلالة الفخر ، نحو : أنا ـ المصرىّ ـ لى تاريخ عريق. (المصرى) مفعول به منصوب بفعل محذوف تقديره : أخص ، وعلامة نصبه الفتحة.
__________________
(١) الكتاب ٢ ـ ١٣١ وما بعدها / المقتضب ٣ ـ ٢٩٨ وما بعدها / المفصل ٤٥ / شرح ابن يعيش ٢ ـ ١٧ / الإيضاح فى شرح المفصل ١ ـ ٢٩١ / التسهيل ١٩١ / شرح ابن الناظم ٦٠٥ / شرح ألفية ابن معطى ٢ ـ ١٠٨٤ / شرح ابن عقيل ٣ ـ ٢٩٧ / المساعد على تسهيل الفوائد ٢ ـ ٥٦٥ / شفاء العليل ٢ ـ ٨٣٥ / الجامع الصغير ١٠٤ / الصبان على الأشمونى ٣ ـ ١٨٥ / ارتشاف الضرب ٣ ـ ١٦٦ / شرح التصريح ٢ ـ ١٩٠ / ـ الهمع ١ ـ ١٧٠.
ومنه أن تقول : نحن ـ العمال ـ نسعى لزيادة الإنتاج. (العمال) مفعول به منصوب على الاختصاص ، وعلامة نصبه الفتحة.
نحن ـ العرب ـ أقرى الناس للضيف ، نحن ـ المصريّين ـ نعتز بوطننا.
ومنه على الوجه الأرجح بالنصب على الاختصاص :
نحن بنات طارق |
|
نمشى على النمارق |
حيث نصب (بنات) بالكسرة على الاختصاص بعد ضمير المتكلمين المنفصل ؛ دلالة على الفخر والاختصاص.
ثانيتها : دلالة التواضع ، نحو : إننا ـ الأبناء ـ نخفض جناح الذلّ من الرحمة للوالدين. (الأبناء) مفعول به منصوب على الاختصاص ، وعلامة نصبه الفتحة ، لفعل محذوف تقديره : أخص ، والجملة الفعلية اعتراضية ، لا محلّ لها من الإعراب.
كنّا ـ الكبار ـ نعطف على الصغار ؛ كى يحترمونا ، (الكبار) مفعول به منصوب على ـ الاختصاص ، وعلامة نصبه الفتحة.
ثالثتها : قد يؤتى به لزيادة البيان والتوضيح وبيان المقصود ، نحو : إننا ـ الشباب ـ نلتزم ببناء الوطن ، (الشباب) مفعول به لفعل محذوف ، تقديره : أخص ، منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
ومنه : كنا ـ الشيوخ ـ حريصين على الانتماء الوطنى ، نحن ـ أيّها العمال ـ علينا واجبات متعددة للوطن.
السمات التركيبية لأسلوب الاختصاص
ذكرنا أن أسلوب الاختصاص عبارة عن جملة اعتراضية تبين أو تحدد ضميرا سابقا أسند إليه حكم ما مذكور بعد المختص ، ومنه نعرف أن أسلوب الاختصاص يتكون من :
ما يحتاج إلى تخصيص :
هو الضمير الذى تبتدئ به جملة منشأة ابتداء حقيقيا ، أو ابتداء تقديريّا ، وهذا الضمير الذى يحتاج إلى تخصيص يكون ضمير المتكلم فى المقام الأول ، كما ذكر فى الأمثلة السابقة ، ومنه أن تقول : أنا ـ الطالب ـ أبنى مستقبل وطنى ، نحن ـ الكتّاب ـ نكون موضوعيين فى آرائنا ، نحن ـ المعلمين ـ نؤمن برسالتنا فى تربية أبناء الوطن.
ومما هو مبتدأ به ابتداء تقديريا أن تقول : إننا ـ الفتيات ـ نحافظ على كرامتنا ، إنّى ـ القاضى ـ أخشى الله فى أحكامى ، كنّا ـ المصريين ـ ذوى تاريخ عريق.
وقد يكون ضمير الخطاب قليلا ، ومنه : بك ـ الله ـ نرجو الفضل ، سبحانك الله العظيم. لفظ الجلالة ـ تعالى ـ (الله) فى الموضعين مفعول به منصوب على الاختصاص ، وعلامة نصبه الفتحة ، ولا يكون الضمير الذى يحتاج إلى تخصيص ضمير غيبة ، كما لا يكون اسما ظاهرا.
ما يختص به :
هو الاسم المخصوص ، أو المختص ، وهو ما يقصر عليه الحكم المسند إلى الضمير السابق عليه ، ويأتى المختصّ فى الجملة العربية على الصور الآتية :
ـ يكون اسما ظاهرا معرفا بالأداة :
كما ذكر فى الأمثلة السابقة ، ومنه قولك : نحن ـ المسلمين ـ نعمل لصالح الإنسانية.
ـ يكون معرفا بالإضافة :
كأن تقول : نحن ـ رجال الجيش ـ نسهر للذود عن حمى الوطن ، نحن ـ أبناء الشرطة ـ نعمل للأمن والأمان ، أنا ـ طالب العلم ـ أبذل كلّ جهد لتحصيله ، أنا ـ ابن مصر ـ أسترخص الغالى فى سبيل رفعة شأنها ، ومنه قوله صلّى الله عليه وسلّم : «نحن ـ معاشر الأنبياء ـ لا نورث».
كلّ من : رجال ، أبناء ، طالب ، ابن ، معاشر مفعول به منصوب على الاختصاص ، وما بعده مضاف إليه مجرور.
أما الجمل الفعلية : نسهر ، نعمل ، أبذل ، أسترخص ، لا نورث ، فكل منها فى محل رفع ، خبر المبتدأ الضمير الذى تصدّر الكلام.
ومنه قول الشاعر :
نحن ـ بنى ضبّة ـ أصحاب الجمل |
|
الموت عندنا أحلى من العسل (١) |
وقوله :
إنا ـ بنى منقر ـ قوم ذوو حسب |
|
فينا سراة بنى سعد وناديها (٢) |
حيث (بنى) منصوب على الاختصاص بفعل محذوف وجوبا ، وعلامة نصبه الياء ، وحذفت النون للإضافة.
__________________
(١) شرح ابن الناظم ٥٦٧ / الصبان على الأشمونى ٣ ـ ١٨٧ / الهمع ١ ـ ١٧١.
(نحن) ضمير مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. (بنى) مفعول به منصوب على الاختصاص بفعل محذوف تقديره أخص. (ضبة) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة ؛ لأنه ممنوع من الصرف. (أصحاب) خبر المبتدإ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (الجمل) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (الموت). مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (عندنا) ظرف منصوب مضاف ، وضمير المتكلم مبنى فى محل جر بالإضافة. وشبه الجملة متعلقة بالحلاوة. (أحلى) خبر المبتدإ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة. (من العسل) جار ومجرور ، وشبه الجملة متعلقة بالحلاوة. والجملة الاسمية فى محل رفع ، خبر ثان.
(٢) الكتاب ٢ ـ ٢٢٣ / شرح ابن يعيش ٢ ـ ١٨ / ارتشاف الضرب ٣ ـ ١٦٧ / الهمع ١ ـ ١٧١.
(إنا) حرف توكيد ونصب مبنى ، لا محل له من الإعراب. وضمير المتكلمين مبنى فى محل نصب ، اسم إن. (بنى) مفعول به منصوب على الاختصاص ، وعلامة نصبه الياء. (منقر) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (قوم) خبر إن مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (ذوو) نعت لقوم مرفوع ، وعلامة رفعه الواو ؛ لأنه جمع مذكر سالم. (حسب) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (فينا) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة فى محل رفع ، خبر مقدم. (سراة) مبتدأ مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، والجملة الاسمية فى محل رفع ، نعت ثان لقوم. (بنى) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الياء ؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم ، وحذفت النون للإضافة. (سعد) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (وناديها) عاطف ومعطوف على سراة مرفوع مقدرا ، وضمير الغائبة مبنى ، فى محل جر بالإضافة.
وقول الشاعرة :
نحن ـ بنات طارق ـ |
|
نمشى على النمارق (١) |
(بنات) منصوب على الاختصاص ، وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة.
وقول الآخر :
لنا ـ معشر الأنصار ـ مجد مؤثّل |
|
بإرضائنا خير البرية أحمدا (٢) |
(معشر) مفعول به لفعل محذوف تقديره (أخص) محذوف وجوبا ، وعلامة نصبه الفتحة.
وقوله :
أبى الله إلا أننا آل خندف |
|
بنا يسم الصوت الأنام ويبصر (٣) |
(آل) منصوب على الاختصاص ، وعلامة نصبه الفتحة. وهو مضاف ، و (خندف) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة.
__________________
(١) ارتشاف فى الضرب ٣ ـ ١٦٨ / الهمع ١ ـ ١٧١. جملة (نمشى) فى محل رفع ، خبر المبتدإ نحن.
(٢) شرح شذور الذهب ٢١٧ / ارتشاف الضرب ٣ ـ ١٦٨ / الهمع ١ ـ ١٧١ / الدرر ١ ـ ١٤٧.
(لنا) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة خبر مقدم. (معشر) مفعول به منصوب على الاختصاص ، وعلامة نصبه الفتحة. (الأنصار) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (مجد) مبتدأ مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (مؤثل) نعت لمجد مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (بإرضائنا) جار ومجرور ، ومضاف إليه ، وشبه الجملة متعلقة بما فى شبه الجملة من محذوف. (خير) مفعول به لإرضاء منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (البرية) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (أحمدا) بدل من خير ، أو عطف بيان له منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، والألف للإطلاق.
(٣) شرح ابن يعيش ٢ ـ ١٨.
(أبى) فعل ماض مبنى على الفتح المقدر. (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (إلا) حرف استثناء مبنى لا محل له من الإعراب. (أننا) حرف توكيد ونصب مبنى ، لا محل له من الإعراب ، وضمير المتكلمين مبنى فى محل نصب ، اسم إن. (آل) مفعول به منصوب على الاختصاص. (خندف) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (بنا) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة متعلقة بيسمع. (الصوت) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (الأنام) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. والجملة الفعلية فى محل رفع ، خبر (أن). والمصدر المؤول (أننا يسمع) فى محل نصب ، مفعول به. (ويبصر) حرف عطف وجملة فعلية فى محل رفع بالعطف على جملة يسمع.
ـ يكون (أى):
قد يكون المختصّ صفة لـ (أى) على طريقة النداء ، وليس بنداء ، وذلك من حيث :
ـ تكون (أى) فى الاختصاص كونها فى النداء مبنية على الضمّ فى محلّ نصب.
ـ تكون موصوفة باسم ظاهر مرفوع على اللفظ ، وهو المقصود بالاختصاص.
ـ لا يجوز ذكر حرف النداء أو دخوله عليها.
ـ وجه الضمّ فى (أى) وموصوفها استصحاب حالهما فى النداء ، حيث نقلا بحالهما البنائى منه.
أو أنهما بنيا على الضمّ لمشابهتهما فى اللفظ (أيها وأيتها) فى النداء.
ـ يلحق بها (ها) صلة لها ، أو وصلة بينها وبين موصوفها.
ـ تكون أيها فى التذكير إفرادا وتثنية وجمعا ، أمّا أيّتها فتكون فى التأنيث إفرادا وتثنية وجمعا. ذلك نحو :
أنا ـ أيّها المواطن ـ أحرص على حقوق الوطن.
نحن ـ أيّها المواطنان ـ نحرص على حقوق الوطن.
نحن ـ أيّها المواطنون ـ نحرص على حقوق الوطن.
أنا ـ أيتها المسلمة ـ أحرص على حقوق الوطن.
نحن ـ أيتها المسلمتان ـ نحرص على حقوق الوطن.
نحن ـ أيتها المواطنات ـ نحرص على حقوق الوطن.
تلحظ أن : (أيا) فى التذكير و (أية) فى التأنيث مبنيتان على الضم ، وبعدها (ها) ، وهما موصوفتان باسم معرف بالأداة مرفوع ـ على الوجه الأرجح ـ أما من
يرون البدلية فإنه يردّ عليهم بأن البدل فى نية تكرير العامل ، ولا ينادى المعرف بالأداة إلا فى موضعين : لفظ الجلالة (الله) ، والجملة المسمى بها.
وبناء (أى) على الضمّ فى محلّ نصب ـ ككونها فى النداء ـ هو مذهب جمهور النحاة.
ويذهب الأخفش إلى أن (أيّا) فى هذا التركيب منادى ، ولا ينكر أن ينادى الإنسان نفسه متمثلا فى ذلك بقول عمر ـ رضى الله عنه ـ : «كلّ الناس أفقه منك يا عمر».
لكن السيرافى قد ذهب إلى أن (أيّا) فى الاختصاص معربة من أحد وجهين :
أولهما : أن تكون خبرا لمبتدإ محذوف ، ويكون التقدير فى القول «أنا ـ أيها الرجل ـ أحافظ على البيئة» : هو أيها الرجل ، أى : المخصوص به ، أو : من أريد الرجل المذكور. وفى كل التقديرات تكون (أى) خبرا للمبتدإ المقدر المحذوف.
والآخر : أن تكون مبتدأ خبره محذوف ، ويكون التقدير : أيها الرجل المخصوص أنا المذكور ، أو : أيها الرجل المخصوص من أريد.
وعلى هذا لا يكون المختصّ فى موضع نصب بعامل مضمر ، وإنما يكون ركنا من ركنى جملة اسمية.
ـ وقد يكون علما :
وهذا قليل ، حيث يكون المختص علما ، ومنه قول رؤبة :
بنا ـ تميما ـ يكشف الضباب
حيث العلم (تميم) منصوب على الاختصاص ، وهو علم لقبيلة.
يلاحظ :
أ ـ لا يكون المختص نكرة ولا اسم إشارة ؛ لأن المختصّ إنما يحدد ضميرا سابقا عليه ، ولذلك فإنه يجب أن يكون معلوما ، أو اسما معروفا ، ليس بمجهول ولا بمنكر ، ومن ذلك : بنو فلان ، ومعشر كذا ، وأهل البيت ، وآل فلان ، وما قد
يكون منسوبا إلى أسماء القبائل ، أو العائلات ، أو البلاد ، أو الأقطار ، أو غير ذلك مما هو معلوم.
ولذلك فإن المنصوب على الاختصاص يجب أن يذكر بعد الضمير لا سابقا عليه ، فهو لا يتقدم على الضمير المراد توضيحه بالمختص.
ب ـ فى قوله تعالى : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) [الأحزاب : ٣٣](١) ؛ (أهل) منصوب لأنه منادى ، وهو مضاف ، و (البيت) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة ، وحرف النداء محذوف.
موقع جملة الاختصاص من الإعراب :
يختلف النحاة فيما بينهم فى موقع جملة الاختصاص من الإعراب على النحو الآتى :
ـ منهم من يرى أنها تكون فى محلّ نصب على الحالية ، حيث يقدرون لذلك : «... مخصوصا من بين الرجال» أو : «... مخصوصين من بين الأقوام». وذلك إذا كان الاختصاص بأى ، أو أية.
أما إذا كان المخصوص غير ذلك فإنهم يجعلونها اعتراضية ، لا محلّ لها من الإعراب.
ـ أما جمهور النحاة فإنهم يرون أن جملة الاختصاص فى كلّ صورها اعتراضية ، لا محلّ لها من الإعراب.
بين الاختصاص والمدح والذم :
المدح والذم فى بعض صورهما التركيبية ينصبان نصب الأسماء المختصة ، وذلك
__________________
(١) (إنما) إن : حرف توكيد ونصب مبنى ، لا محل له من الإعراب. ما : حرف كافّ لإن عن عملها مبنى ، لا محل له من الإعراب. (ليذهب) اللام حرف تعليل مبنى ، لا محل له من الإعراب. يذهب : فعل مضارع منصوب بعد لام التعليل ، أو بأن المضمرة بعد لام التعليل ، وعلامة نصبه الفتحة. والفاعل ضمير مستتر تقديره : هو. (عنكم) شبه جملة متعلقة بالذهاب. (ويطهركم) عاطف ومعطوف على المضارع المنصوب. (تطهيرا) مفعول مطلق منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.
بإضمار فعل ، تقديره : أعنى ، أو : أريد ، أو : أخص. لكن بين كلّ من التركيبين فروقا ، نوجزها فيما يأتى (١) :
ـ الاختصاص أخصّ من المدح والذم ، وإن كان يدخل فى دائرتهما المعنوية.
ـ الاختصاص يكون للحاضر (المتكلم والمخاطب) ، لكن المدح والذمّ يكونان للحاضر والغائب ، فتقول : أعطف على جارى المسكين ، أنا محمد الشاعر ، وكل من : المسكين والشاعر يجوز أن ينصبا بتقدير فعل محذوف ، تقديره : أعنى ، أو : أريد.
ـ الاختصاص يراد به تخليص الاسم المخصوص من غيره المماثل له لاختصاصه بالمعنى المذكور بعده ، أما المدح والذمّ فلا يراد بهما التخليص والتخصيص ، وإنما يراد بهما معنى المدح ، أو معنى الذمّ ، فإذا قلت : الحمد لله أهل الحمد ، فأهل منصوب على المدح ، دون إرادة الفصل.
وتلحظ ذلك فى القول : الحمد لله الحميد ، الملك لله أهل الملك ، أتانى فلان الخبيث الفاسق ، (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) [المسد : ٤].
كلّ من : (الحميد ، وأهل ، والخبيث ، وحمالة) منصوب على المدح أو الذم بفعل محذوف تقديره أمدح ، أو أذم.
لكن إرادة الفصل والتخصيص تبدو فيما إذا قلت : أنا ـ المسلم ـ أحرص على تلاوة القرآن الكريم ، أى : أنا أخص المسلم من بين سائر المتحدثين أو المتكلمين بالحرص على تلاوة القرآن.
بين الاختصاص والنداء (٢) :
يشارك الاختصاص النداء باستخدام (أيها وأيتها) فى جوانب ، ويفترق عنه فى جوانب أخرى أكثر.
__________________
(١) ينظر : شرح المفصل لابن يعيش ٢ ـ ١٩.
(٢) يرجع إلى : شرح ابن يعيش ٢ ـ ١٩ / شرح التصريح ٢ ـ ١٩١ / الصبان على الأشمونى ٣ ـ ١٨٥.
ـ جوانب الالتقاء بين الاختصاص والنداء :
أ ـ إفادة الاختصاص : فكل منهما يخصص ، الاختصاص للمتكلم ، والمنادى للمخاطب.
ب ـ يكونان للحاضر : حيث يكون المخصوص بعد ضمير المتكلم أو المخاطب ، والمنادى يكون للمخاطب ، ولا يكون أىّ منهما للغائب ـ على الأرجح.
ج ـ قد يشتركان فى إفادة الحصر : حيث يكون المخصوص مفيدا للحصر والتقييد والتوكيد ، وقد يفيد المنادى هذا المعنى ، كأن تقول لمن هو مصغ إليك : كان الأمر كذا يا فلان.
د ـ كلّ منهما منصوب أو فى محل نصب بفعل لا يجوز إظهاره ، إلا أنه معوض عنه فى النداء دون الاختصاص.
ـ جوانب الخلاف بين الاختصاص والنداء :
١ ـ الاختصاص خبر ، أما النداء فإنشاء.
٢ ـ لا يكون مع المخصوص حرف نداء ، لا لفظا ولا تقديرا.
٣ ـ لا يكون المخصوص نكرة.
٤ ـ ولا يكون اسم إشارة.
٥ ـ ولا يكون اسما موصولا.
٦ ـ ولا يكون ضميرا. لكن المنادى قد يكون واحدا من الأربعة السابقة.
٧ ـ يقلّ كون المخصوص علما.
٨ ـ يقع النداء فى أول الكلام ، لكن المخصوص لا يقع إلا فى وسط الكلام ، وقد يقع بعد تمام الجملة إذا كان المخصوص (أيّها وأيتها).
٩ ـ يشترط فى الاختصاص أن يتقدم على المخصوص ضمير متكلم ، ويقل كونه ضمير مخاطب ، بنصه أو بمعناه.
١٠ ـ العامل فى المخصوص تقديره : (أخص) ، أما فى النداء فإن تقديره (أدعو).
١١ ـ العامل فى المخصوص (أخص أو أعنى) لا يعوض عنه بشىء ، وهو واجب الحذف ، أما فى النداء فإنه يعوض عنه بحرف النداء.
١٢ ـ ينصب المخصوص مع كونه مفردا معرفة ، كما فى القول : بك ـ الله ـ نرجو الفضل ، لكن العلم يبنى على الضم فى النداء.
١٣ ـ يكون المخصوص معرفا بالأداة (الألف واللام) ، لكن المنادى لا يكون معرفا بالأداة ، إلا إذا كان لفظ الجلالة (الله) ، أو جملة مسمّى بها ، نحو : يا المنطلق ، ويا الرامى الكرة.
١٤ ـ (أى) فى الاختصاص لا توصف باسم الإشارة ، ولكنها توصف به فى النداء ، فيقال : يا أيهذا ...
١٥ ـ ضمة (أى) فى الاختصاص اختلف فيها النحاة بين الإعراب والبناء ، لكنهم يتفقون على أنها للبناء فى المنادى.
١٦ ـ صفة (أى) فى الاختصاص مرفوعة بلا خلاف ، ولكن المازنى أجاز نصبها فى النداء.
١٧ ـ لا يجوز فى المخصوص الترخيم.
١٨ ـ لا يستغاث بالمخصوص.
١٩ ـ لا يندب المخصوص.
لكن المنادى يرخم ويستغاث ويندب.
٢٠ ـ الأغراض التى يكون لها الاختصاص. وهى الفخر أو التواضع أو زيادة البيان غير الأغراض التى يكون لها المنادى.
* * *
المدح والذم (١)
يأتى معنى المدح أو الذم إنشاء لا إخبارا فى اللغة العربية فى ثلاثة تراكيب :
أولها :
استخدام (نعم) فى المدح ، و (بئس) فى الذم.
ثانيها :
استعمال (حبذا) فى المدح ، ونفيه بالسلب (لا حبذا) فى الذم.
ثالثها :
ضم عين الماضى من الأفعال ، واستخدامه معنويا بدلالة جذره ، إن مدحا وإن ذمّا.
نعم وبئس كلمتان تستخدمان لإنشاء المدح العام والذمّ العام ، حيث لا يكون المدح أو الذمّ موجودا فى أحد الأزمنة قبل النطق بهما ، وهما يعبران عما يكمن فى النفس من مشاعر المدح أو الذمّ ، فهما ليسا بإخبار يحتاج إلى التحاور بسبب التصديق والتكذيب.
__________________
(١) الكتاب ١ ـ ٧٣ ، ٢ ـ ١٧٥ ، ٣ ـ ٢٦٦ ، المقتضب ٢ ـ ١٤٠ ، ٤ ـ ١١٥ ، ١١٦ /. الواضح ٩٦ / اللمع فى العربية ٢٢١ / التبصرة والتذكرة ١ ـ ٢٧٤ / المقتصد فى شرح الإيضاح ١ ـ ٣٦٣ / المفصل ٢٧٢ / المرتجل ١٦٠ أسرار العربية ٩٦ / المقدمة الجزولية فى النحو ١٥٩ / شرح ابن يعيش ٧ ـ ١٢٧ / شرح الرضى على الكافية ٢ ـ ٣١١ / المقرب ١ ـ ٦٥ / التسهيل ١٢٦ / الإرشاد إلى علم الإعراب ١٣٦ / شرح ابن الناظم ٤٦٧ / شرح ألفية ابن معطى ٢ ـ ٩٦٧ / شرح ابن عقيل ٣ ـ ١٦٠ / المساعد على تسهيل الفوائد ٢ ـ ١٢٠ / شفاء العليل ٢ ـ ٥٩٥ / الجامع الصغير ٧٧ / شرح جمل الزجاجى لابن هشام ١٨٩ / الصبان على الأشمونى ٣ ـ ٢٦ / الفوائد الضيائية ٢ ـ ٣١٢ / ارتشاف الضرب ٣ ـ ١٥ / كشف الوافية فى شرح الكافية ٣٨٧ / شرح التصريح ٢ ـ ٩٤.
نوعهما البنيوى
اختلف النحويون فيما بينهم فى النوع البنيوى لـ (نعم وبئس) بين الاسمية والفعلية على النحو الآتى (١) :
أولا : هما فعلان :
ذهب البصريون والكسائى من الكوفيين إلى أنهما فعلان ماضيان ، واستدلّوا لذلك بما يأتى :
أ ـ إلحاق تاء التأنيث الساكنة بهما ، فتقول : نعمت المرأة ، وبئست المرأة.
وتاء التأنيث الساكنة تختص بإلحاقها بالفعل الماضى ، فهى من علاماته ، كما تلحق بالأحرف : لات ، وربت ، وثمت ، ولعلت ، وإلحاق تاء التأنيث الساكنة بنعم وبئس إنما هو حالة جواز لا وجوب.
ب ـ إسنادهما إلى ضمير الرفع المتصل ، كما يسند الفعل إليه ، فقالوا : نعما رجلين ، ونعموا رجالا .. ، كما قالوا : قاما ، وقاموا. حيث الإسناد إلى ألف الاثنين وواو الجماعة.
كما يضمر فيهما إذا قلت : نعم رجلا ، حيث فاعل (نعم) ضمير مستتر تقديره : هو ، ولا يضمر الضمير إلا فى الفعل (٢).
ج ـ بناؤهما على الفتح كالأفعال الماضية.
د ـ دخول لام القسم عليهما ، وهى لا تدخل إلا على الأفعال ، وقد ورد ذلك فى قول زهير :
يمينا لنعم السيدان وجدتما |
|
على كلّ حال من سحيل ومبرم (٣) |
__________________
(١) ينظر : أسرار العربية ٩٦ ، ٩٧ / شرح الموصلى لألفية ابن معطى ٢ ـ ٩٦٧ ، ٩٦٨.
(٢) ينظر : التبصرة والتذكرة ١ ـ ٢٧٥.
(٣) ديوانه ١٥ / شفاء العليل ٢ ـ ٥٩٠ / شرح الموصلى الألفية ابن معطى ٢ ـ ٩٦٧.
سحيل : الخيط الذى لم يحكم فتله ، وهو كناية عن الأمر السهل ، مبرم : الخيط الذى أحكم فتله ، وهو كناية عن الأمر الشديد.
وفى رواية : لعمرى ، وكلتا الروايتين مصدرة بقسم ، فاللام فى (لنعم) فى جواب القسم ، فهى لامه.
وفى قوله تعالى : (وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ) [النحل : ٣٠]. والتقدير : والله لنعم ، حيث اللام واقعة فى جواب قسم محذوف.
ه ـ ورود (نعم) معطوفا على الماضى فى قوله تعالى : (وَلَقَدْ نادانا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ) [الصافات : ٧٥]. حيث عطف (نعم) على الماضى (نادى) ، كما أن اللام فى (لنعم) لام القسم ، والتقدير : فو الله لنعم ...
ثانيا : هما اسمان :
ذهب الفراء وسائر الكوفيين إلى أنهما اسمان ، واستدلوا على ذلك بما يأتى (١) :
أ ـ دخول حرف الجر عليهما : من علامات الاسم دخول حرف الجرّ عليه ، ويستشهد أصحاب هذا الرأى بقول الأعرابى الذى بشّر بمولودة : «والله ما هى بنعم الولد ، نصرها بكاء ، وبرّها سرقة». حيث دخل حرف الجر (الباء) على (نعم) بما يدلل على أنه اسم.
ومنه قول أعرابى آخر ، وقد توجّه إلى محبوبته على حمار بطىء السير : «نعم السير على بئس العير» ، فأدخل حرف الجر (على) على الكلمة (بئس).
ومنه قول حسان بن ثابت :
ألست بنعم الجار يؤلف بيته |
|
أخا قلّة أو معدوم المال مصرما |
حيث دخل حرف الجرّ (الباء) على (نعم).
ومنه كذلك قول الشاعر :
صبّحك الله بخير باكر |
|
بنعم طير وشباب فاخر (٢) |
__________________
(١) يرجع إلى : أسرار العربية ٩٦.
(٢) شرح ابن الناظم ٤٦٧ / الهمع ٢ ـ ٨٤ / العينى ٤ ـ ٥٢ / الأشمونى ٣ ـ ٢٧ / الدر ٢ ـ ١٠٨ / الدر المصون ١ ـ ٢٩٩.
لكن غيرهم يقدر موصوفا محذوفا مع صفته بعد حرف الجر ، وما هو بعد حرف الجرّ من (نعم) أو (بئس) يكون معمولا للصفة ، والتقدير : ما هى بولد مقول فيه نعم الولد ، على عير مقول فيه بئس العير.
وعليه يقدر فى قول حسان محذوف تقديره : ألست بجار مقول فيه نعم الجار.
ب ـ كما يستشهدون على اسميتهما بأنهما لا يتصرفان ، والتصرف من خصائص الأفعال.
ويرد على ذلك بأن وضعهما لإنشاء المدح والذم يكون للآن أو الحاضر ، وليس للماضى ولا للمستقبل ، فلم يحتاجا إلى تصرف.
ج ـ وكذلك لا يحسن اقتران الزمان بهما كسائر الأفعال ، ويرد على ذلك بما رد عليه فى السابق.
د ـ يستشهد أصحاب هذا الاتجاه كذلك بما حكاه قطرب من صيغة فى (نعم) على مثال : شديد وكريم (نعيم) ، وهى كالصفة المشبهة ، فتكون اسما ، ويرد عليه بأن هذا شذوذ ، ونشأت الياء عن إشباع الحركة ، فلا دليل فيه.
ه ـ جواز دخول لام الابتداء عليهما ، وهى لا تدخل على الفعل الماضى إلا إذا كان مقرونا بـ (قد). فيقال : إن المهمل لبئس المواطن.
و ـ دخول أداة النداء عليهما ، فقد حكوا : يا نعم المولى ، نعم النصير.
ويرد عليه بأن فيه منادى محذوفا ، والتقدير : يا من هو نعم المولى.
ما يختص بالفعلين (نعم وبئس)
أولا : غير متصرفين :
نعم وبئس فعلان غير متصرفين ، فهما من الأفعال الجامدة ، ويعلل لعدم تصرفهما بما يأتى (١) :
__________________
(١) ينظر : شرح ألفية ابن معطى للموصلى ٢ ـ ٩٦٧.
أ ـ لمّا وضعا لإنشاء المدح والذمّ العامّين خرجا عن أصلهما إلى شبه الحرف ، فنقلا عما وضعا له من الدلالة على المضى وصارا للإنشاء.
ب ـ التصرف مناف للإنشاء ؛ لأن الإنشاء يتلاءم مع بناء الكلمة على شكل واحد ، لكن معنى الخبر يتلاءم مع التصرف ، ومعنى المدح والذم إنشاء ؛ كما ذكرنا فى أكثر من موضع ؛ لذا فـ (نعم وبئس) جامدان غير متصرّفين.
فتقول : الأمين نعم مواطنا ، الأمينان نعم مواطنين ، الأمناء نعم مواطنين.
الوفية نعم امرأة ، الوفيتان نعم امرأتين ، الوفيات نعم نساء.
ثانيا : بناؤهما :
فى (نعم وبئس) أربع لغات (١) :
١ ـ (نعم وبئس) مثل : علم : (بفتح فكسر).
٢ ـ (نعم وبئس) بكسر فكسر (وتكسر النون والباء لكسرة العين والهمزة ؛ لأن العين والهمزة حلقيان ، وهما عين الكلمة مكسوران ، فتكسر فاؤهما إتباعا لعينهما فى لغات. وقيل : بفتح ففتح ، أى : بفتحهما معا (٢).
٣ ـ (نعم وبأس) بفتح فسكون ، حيث النون والباء مفتوحتان على الأصل ، وتسكن العين والهمزة للتخفيف.
٤ ـ (نعم وبئس) بكسر فسكون ، حيث تسكن العين للتخفيف ، أو بنقل كسرة العين والهمزة إلى النون والباء ، فتكسر النون والباء وتسكن العين والهمزة. وهذه أكثر اللغات انتشارا.
ثالثا : جواز إلحاق تاء التأنيث بهما :
يجوز أن تلحق بفعلى المدح والذمّ تاء التأنيث إذا أسندا إلى مؤنث ، فتقول : نعمت المرأة التى ترعى حقوق الله ، وبئست المرأة التى تهمل تربية أبنائها.
__________________
(١) التسهيل ١٢٦ / شفاء العليل ٢ ـ ٥٨٥ / وهى اللغات التى تكون فى كل فعل أو اسم حلقىّ العين.
(٢) ينظر : المقرب ١ ـ ٦٦.
مع التنبيه إلى أنه يجوز أن تسقط تاء التأنيث من الفعلين ؛ لأن فاعلهما المؤنث الظاهر إنما هو اسم جنس ، والجنس مذكر ، فتقول : نعمت المرأة سعاد ، ونعم المرأة سعاد ، وبئست المرأة المنافقة ، وبئس (المرأة ... ، فالمرأة فاعل نعم وبئس) اسم جنس ، فتسقط التاء نظرا لمعنى اسم الجنس وهو التذكير ، وتثبتها نظرا للّفظ وهو المؤنث.
فاعلهما
يكون فاعل (نعم وبئس) واحدا من : المعرف بالأداة ، والمضاف إلى المعرف بالأداة ، والضمير المستتر المميز بالنكرة ، و (ما) وندرس كلا على حدة.
١ ـ المعرف بالأداة :
قد يكون فاعل (نعم وبئس) معرفا بالألف واللام ، كقولك : نعم المسلم المتمسك بشعب الإيمان ، بئس المواطن الذى يعيش لنفسه.
كلّ (من المسلم والمواطن) فاعل لنعم وبئس مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وهما معرفان بالألف واللام.
من ذلك قوله تعالى : (فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ) [الأنفال : ٤٠ ، الحج ٧٨] (وَلَبِئْسَ الْمِهادُ) [البقرة : ٢٠٦].
٢ ـ أن يكون مضافا إلى المعرف بالأداة :
وذلك بأن يكون فاعل (نعم وبئس) مضافا إلى المعرف بالأداة فى أى مرتبة من مراتب الإضافة إلى المعرفة ، نحو : نعم رئيس الحىّ رئيس حيّنا يجعل حيّه كبيته ، بئس موظف الحكومة جارنا ، فهو لا يؤدى عمله بأمانة. كلّ من (رئيس ، وموظف) فاعل لـ (نعم وبئس) مرفوع ، وهو مضاف إلى معرف بالأداة.
ومنه قوله تعالى : (فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) [الزمر : ٧٢] ، (وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ) [النحل : ٣٠].