الشيخ أبو عبد الله محمّد بن جعفر المشهدي
المحقق: جواد القيّومي الاصفهاني
الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: نشر القيوم
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-92002-0-7
الصفحات: ٧٠٤
ثم تقول :
اللهم انك قلت : ( ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما ) (١).
اللهم انا قد سمعنا قولك ، وأطعنا امرك ، وقصدنا نبيك مستشفعين به إليك من ذنوبنا ، وما أثقل ظهورنا من أوزارنا ، تائبين من زللنا ، معترفين بخطايانا ، مستغفرين من كل ذنب اكتسبناه بأعيننا ونسألك التوبة ، ونستغفرك من كل ذنب اكتسبناه بأسماعنا ونسألك التوبة ، ونستغفرك من كل ذنب اكتسبناه بألسنتنا ونسألك التوبة ، ونستغفرك من كل ذنب اكتسبناه بأيدينا ونسألك التوبة ، ونستغفرك من كل ذنب اكتسبناه ببطوننا ونسألك التوبة ، ونستغفرك من كل ذنب اكتسبناه بفروجنا ونسألك التوبة ، ونستغفرك من كل ذنب اكتسبناه بأرجلنا ونسألك التوبة ، ونستغفرك من كل ذنب اكتسبناه بقلوبنا ونسألك التوبة.
اللهم فاغفر لنا ذنوبنا ، قديمها وحديثها ، صغيرها وكبيرها ، عمدها وخطاها ، سرها وعلانيتها ، أولها واخرها ، ما علمت منها وما لم اعلم ، فتب علينا واغفر لنا وارحمنا ، وشفع نبيك فينا ، وارفعنا بمنزلته عندك وحقه علينا ، فاغفر لنا ما تقدم من الزلل قبل انقضاء الأجل
ثم ادع بما بدا لك ، وأكثر من الصلاة عنده صلىاللهعليهوآله ، فان الصلاة الواحدة
__________________
(١) النساء : ٦٤.
تعدل عشرة الف صلاة ، والدرهم هناك بعشرة ألف درهم (١).
٣ ـ زيارة أخرى له صلىاللهعليهوآله :
إذا وقفت عليه صلىاللهعليهوآله تقول :
السلام عليك يا رسول الله ، السلام عليك يا حبيب الله ، السلام عليك يا امين الله ، السلام عليك يا نبي الله ، السلام عليك يا سيد المرسلين وخاتم النبيين ، السلام عليك يا نبي الرحمة وقائد الخير والبركة ، وداعي الخلق إلى طريق النجاة والمغفرة.
السلام عليك يا نبي الهدى وسيد الورى ، ومنقذ العباد من الضلالة والردى ، السلام عليك يا صاحب الخلق العظيم والشرف العميم والآيات والذكر الحكيم ، السلام عليك يا صاحب المقام المحمود والحوض المورود واللواء المشهود.
السلام عليك يا منهج دين الاسلام والايمان وصاحب القبلة والفرقان وعلم الصدق والحق والاحسان ، السلام عليك يا صفوة الأنبياء وعلم الأتقياء ومشهور الذكر في الأرض والسماء ، السلام عليك يا أبا القاسم ورحمة الله وبركاته.
اشهد انك رسول الله العزيز على الله ، والنبي المصطفى ،
__________________
(١) عنه البحار ١٠٠ : ١٧٣.
والحبيب (١) المجتبى والأمين المرتضى ، والشفيع المرتجى ، المبعوث حين الفترة ودروس الدين والملة ، بالنور الباهر ، والكتاب الزاهر ، والأمر المرضي ، والبيان الجلي ، والمنهاج البدئ.
أكرم العالمين حسبا ، وأفضلهم نسبا ، وأجملهم منظرا ، وأسخاهم كفا ، وأشجعهم قلبا ، وأكملهم حلما ، وأكثرهم علما ، وأثبتهم أصلا ، وأعلاهم ذكرا ، وأسناهم ذخرا ، وأبذخهم شرفا ، وأحمدهم وصفا ، و أوفاهم بالعهد ، وأنجزهم للوعد ، من شجرة أصلها راسخ في الثرى ، و فرعها شامخ في العلى.
قد بشرت بك قبل مبعثك الأنبياء ، وهتفت بصفاتك الأوصياء ، وصرخت بنعوتك العلماء ، وكتب الله المنزلة على رسله من الأمم الماضية والقرون الخالية تنطق بتعظيم ناموسك وشرعك ، وتفخيم آياتك وأعلامك ، وفضل أوانك وزمانك ، وكان مستقرك خير مستقر ، ومستودعك خير مستودع.
وأنك سليل الأعلام السادة ، والقروم الذادة ، تنشأ في معادن الكرامة ومماهد السلامة ، وتكن بين العلامة ، بين الوسامة ، بين كتفيك شامة يعرفك بها المستودعون للعلم ، أنك الموفق الرشيد ، والمبارك السعيد ، والميمون السديد ، وأن رأيتك منصورة ، وأعلامك رضية
__________________
(١) الحبيب : المحبوب ، وقد يطلق على المحب.
المشهورة ، وفرائضك مهذبة (١) ، وسننك نقية ، وانك أحسن العالمين خلقا وخلقا ، وأشرفهم أصلا ، وأكرمهم فعلا ، وأسناهم خطرا ، وأوفاهم عهدا ، وأوثقهم عقدا.
أشهد أن الله أخرجك من أكرم المحامل ، وأفضل المنابت ، ومن أمنعها ذروة ، وأعزها أرومة (٢) ، وأعظمها جرثومة ، وأفضلها مكرمة ، وأشرفها منقبة ، وأشهرها جلالة ، وأرفعها علوا ، وأعلاها سموا ، من دوحة باسقة (٣) الفرع ، مثمرة الحق ، مورقة الصدق ، طيبة العود ، مسعدة الجدود ، مغروسة في الحلم ، عالية في ذروة العلم.
اشهد أن الله بعثك رحمة للخلق ، ورأفة بالعباد ، وغيثا للبلاد ، وتفضلا على من فوق الأرض ، لينيلهم بك خيره ، ويمنحهم بك فضله ، ويكرمهم بدعوتك ، ويهديهم بنبوتك ، ويبصرهم من العمى بك ، ويستنقذهم من الردى باتباعك ، وجعل سيرتك القصد ، وكلامك الفصل ، وحكمك العدل.
اشهد أن الله أكرمك بالروح الأمين ، والنور المبين ، والكتاب المستبين ، وختم بك النبيين ، وتتم بك عدة المرسلين ، وأحيا بك البلاد ، ونعش بك العباد ، وطوى بك الأسباب ، وأزجى (٤) بك السحاب ،
__________________
(١) مهدية ( خ ل ).
(٢) الأرومة ـ بالفتح ـ أصل الشجرة.
(٣) الدوحة : الشجرة العظيمة ، الباسقة : الطويلة.
(٤) أزجى ازجاء : ساقه.
وسخر لك البراق ، وأسرى بك إلى السماء ، وأرقى بك في علو العلاء ، وأصعدك إلى الملأ الأعلى ، وأحظاك بالزلفة الأدنى ، وأراك الآية الكبرى ، عند سدرة المنتهى ، عندها جنة المأوى ، ما زاغ بصرك وما طغى ، وما كذب فؤادك ما رأى.
اشهد أنك أتيت بالأعلام القاهرة ، والآيات الباهرة ، والمفاخر الظاهرة ، وبلغت الرسالة ، وأديت الأمانة ، ونصحت الأمة ، وأوضحت المحجة ، وتلوت عليها الكتاب والحكمة ، وبينت لها الشريعة ، وخلفت فيها الكتاب والعترة ، وأكدت عليها بها الحجة.
اشهد أنك المبعوث على حين فترة من الرسل ، وحيرة من الأمم ، وتمكن من الجهل ، وارتفاع من الحق ، وغلبة من العمى ، وشدة من الردى ، واعتساف من الجور ، وامتحاء من الدين ، وتسعر من الحروب والبأس ، والدنيا متنكرة لأهلها ، منقلبة على أبنائها ، ثمرها الفتن ، وطعام أهلها الجيف ، وشعارها الخوف ، ودثارها السيف.
قد مزقت أهلها كل ممزق ، وطردتهم كل مطرد ، وأعمت عيونهم ، وأشجت قلوبهم ، وشغلتهم بقطع الأرحام ، وعبادة الأصنام ، وخدمة النيران ، واستأصلت الكفر ، وهدمت الشرك ، ومحقت الضلالة ، ونفيت الجهالة ، وكشف الله عنهم بك البلاء ، ورد عن ديارهم بك الأعداء ، ورفع من بينهم العداوة والبغضاء ، وألف بين قلوبهم ، وأعاد الرحمة إلى صدورهم ، وفتح الله عليهم أبواب النعم ، وألبسهم حلل العز والكرم.
ثم تصلي على النبي صلىاللهعليهوآله وتقول :
اللهم إنك ندبت المؤمنين إلى الصلاة على رسولك محمد صلى الله عليه وآله ، فقلت : ( ان الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) (١).
اللهم صل على عبدك المنتجب ، ونبيك المقرب ، ورسولك المكرم ، وشاهدك المعظم ، سيد الأنبياء ، وقدوة الأصفياء ، وعلم الأتقياء ، واجعله أفضل النبيين عندك عطاء ، وأفضلهم لديك حباء ، وأعظمهم عندك منزلة ، وأرفعهم لديك درجة.
اللهم صل على محمد عبدك ورسولك ، صلاة تشاكل جلالته في النبيين ، وتضارع فضله في الصالحين ، وتوازي شرفه في المتقين ، وتعلي علوه في الصالحين ، ونموه في المهتدين ، وارتفاعه في النبيين.
اللهم صل على محمد عبدك المصطفى ، وحبيبك المجتبى ، نبي الرحمة ، وخازن المغفرة ، وقائد الخير والبركة ، ومنقذ العباد من الهلكة ، وداعيهم إلى دينك ، القيم بأمرك ، أول النبيين ميثاقا ، وآخرهم مبعثا ، الذي غمست نوره في بحر الفضيلة ، والمنزلة الجليلة ، والدرجة الرفيعة ، وأودعته الأصلاب الطاهرة ، ونقلته بها إلى الأرحام المطهرة ، لطفا منك وتحننا لك عليه.
__________________
(١) الأحزاب : ٥٦.
اللهم صل على محمد كما وفي بعهدك ، وبلغ رسالتك ، وقاتل المشركين على توحيدك ، وجاهد في سبيلك ، ودعا إليك ، وقطع رسم الكفر في أعوان دينك ، ولبس ثوب البلوى في مجاهدة أعدائك.
اللهم صل على محمد عبدك ورسولك ، وأمينك على وحيك ، وخيرتك من خلقك ، وصفوتك من بريتك ، البشير النذير ، السراج المنير ، الداعي إليك ، والدليل عليك ، والصادع بأمرك ، والناصح لعبادك ، أفضل ما صليت على أنبيائك ورسلك وحججك.
اللهم صل على محمد سيد المرسلين ، وخاتم النبيين ، وإمام المتقين ، وأفضل الخلق أجمعين من الأولين والآخرين.
اللهم صل على محمد وآل محمد ، واخصص محمدا من عطاياك بأفضلها ، ومن مواهبك بأسناها وأجزلها ، كما نصب لأمرك نفسه ، وعرض للمكروه فيك بدنه ، وكاشف في الدعاء إليك أسرته ، وأدأب نفسه في تبليغ رسالتك ، وأتعبها في الدعاء إلى ملتك.
اللهم صل على محمد عبدك ورسولك ، ونبيك ونجيك ، وصفيك وحبيبك ، ونجيبك وخليلك ، وخيرتك من خلقك ، أفضل ما صليت على أحد من أنبيائك ورسلك ، وأهل الكرامة عليك.
اللهم صل على محمد وآل محمد ، وأعط محمدا درجة الوسيلة ، وشرف الفضيلة ، وابعثه مقاما محمودا يغبطه به الأولون والآخرون.
اللهم صل على محمد وآل محمد ، وأعط محمدا من كل كرامة
أفضل تلك الكرامة ، ومن كل نعيم أوفر ذلك النعيم ، ومن كل يسر أنضر ذلك اليسر ، ومن كل عطاء أفضل ذلك العطاء ، ومن كل قسم اجزل ذلك القسم ، حتى لا يكون أحد من خلقك أقرب منه عندك منزلة ، ولا أوجب لديك كرامة ، ولا أعظم عليك حقا منه.
اللهم صل على محمد عبدك ورسولك ، العظيم حرمته ، القريب منزلته ، الرفيع درجته ، والشريف ملته ، والجليل قبلته ، والمختار دينه وشرعه ، والزاكي أصله وفرعه ، صلاة تستفرغ وسع المصلين عليه ، وتعيي مجهود المتقربين بحب عترته إليه.
اللهم اجعل صلواتك وصلوات ملائكتك المقربين ، وأنبيائك المرسلين ، وعبادك الصالحين ، وأهل السماوات وأهل الأرضين ، و من سبح لك أو يسبح لك يا رب العالمين ، من الأولين والآخرين ، على محمد عبدك ورسولك ، ونجيك وحبيبك وصفيك وخاصتك وصفوتك وخيرتك من خلقك.
اللهم كرم مقامه ، وعظم برهانه ، وشرف بنيانه ، وبيض وجهه ، وأعل كعبه ، وارفع درجته ، وتقبل شفاعته في أمته.
اللهم صل على محمد وآل محمد ، وارحم محمدا وآل محمد ، وسلم على محمد وآل محمد ، كأفضل ما صليت وباركت وترحمت وسلمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد.
اللهم إنك قلت لنبيك في كتابك : ( ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم
جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لو جدوا الله توابا رحيما ) (١) وإني أتيتك وأتيت نبيك نبي الرحمة تائبا من ذنوبي فأعتقني من النار ، وارحمني بتوجهي إليك به.
اللهم صل على محمد وال محمد ، واخصص محمدا بأفضل صلواتك ، ونوامي بركاتك ، وفواتح خيراتك ، وبلغ محمدا منا السلام ، والسلام عليه ورحمة الله وبركاته (٢).
ذكر صلاة الزيارة :
تصلي صلاة الزيارة ، وصفتها أن تنوي بقلبك : أصلي صلاة الزيارة مندوبا قربة إلى الله تعالى ، وتقرأ فيها بعد الحمد ما تيسر لك من السور ، و إن قدرت على سورة الرحمن ويس فافعل ، فالفضل فيهما.
فإذا فرغت منها فادع لنفسك ولأهلك ولإخوانك المؤمنين وتدعوا بما أحببت.
٤ ـ فإذا فرغت من الدعاء والصلاة فقم وزر أيضا بهذه الزيارة ، تقول وأنت مسند ظهرك إلى القبر :
اللهم إليك ألجأت أمري ، وبقبر نبيك أسندت ظهري ، وقبلتك التي رضيت لمحمد صلىاللهعليهوآله استقبلت بوجهي.
__________________
(١) النساء : ٦٤.
(٢) عنه البحار ١٠٠ : ١٧٥.
اللهم لا تبدل اسمي ، ولا تغير جسمي ، ولا تستبدل بي غيري ، أصبحت وأمسيت لا أملك لنفسي خير ما أرجو ، ولا أصرف عنها شيئا مما أحذر عليها إلا بك ، وحدك لا شريك لك.
اللهم أردني منك بخير إنه لا راد لفضلك ، اللهم ثبتني بالتقوى ، وجملني بالعافية ، وارزقني شكر العافية ، إنك على كل شئ قدير (١).
٥ ـ زيارة أخرى له صلىاللهعليهوآله :
تقف عليه صلىاللهعليهوآله في المكان المذكور وتقول :
اشهد ان لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله ، واشهد انك رسول الله ، وانك محمد بن عبد الله ، واشهد انك قد بلغت رسالات ربك ، ونصحت لامتك ، وجاهدت في سبيل الله حق جهاده ، داعيا إلى طاعته وزاجرا عن معصيته ، وانك لم تزل بالمؤمنين رؤوفا رحيما وعلى الكافرين غليظا حتى اتاك اليقين ، فبلغ الله بك أشرف محل المكرمين ، الحمد لله الذي استنقذنا بك من الشرك والضلال.
اللهم فاجعل صلواتك وصلوات ملائكتك المقربين ، وعبادك الصالحين ، وأنبيائك المرسلين وأهل السماوات والأرضين ، ومن سبح لك يا رب العالمين من الأولين والآخرين ، على محمد عبدك و
__________________
(١) رواه في الكامل : ٥١ ، الكافي ٤ : ٥٥١ ، عنه البحار ١٠٠ : ١٥٤ ، الوسائل ١٤ : ٣٤٣.
رسولك ونبيك ، وأمينك ونجيك ، وحبيبك وخاصتك وصفوتك ، و خيرتك من خلقك ، اللهم ابعثه مقاما محمودا يغبطه به الأولون و الآخرون.
اللهم امنحه أشرف مرتبة ، وارفعه إلى أسنى درجة ومنزلة ، واعطه الوسيلة والرتبة العالية الجليلة ، كما بلغ ناصحا ، وجاهد في سبيلك ، وصبر على الأذى في جنبك ، وأوضح دينك ، وأقام حججك ، وهدى إلى طاعتك ، وارشد إلى مرضاتك ، اللهم صل عليه وعلى الأئمة الأبرار من ذريته الأخيار من عترته وسلم عليهم أجمعين تسليما.
اللهم إني لا أجد سبيلا إليك سواهم ، ولا أرى شفيعا مقبول الشفاعة عندك غيرهم ، بهم أتقرب إلى رحمتك ، وبولايتهم أرجو جنتك ، وبالبراءة من أعدائهم أمل الخلاص من عذابك ، اللهم فاجعلني بهم وجيها في الدنيا والآخرة ، وارحمني يا ارحم الراحمين.
ثم يستقبل وجه النبي صلىاللهعليهوآله ويجعل القبلة خلف ظهره والقبر امامه و يقول :
السلام عليك يا نبي الله ورسوله ، السلام عليك يا صفوة الله وخيرته من خلقه ، السلام عليك يا أمين الله وحجته ، السلام عليك يا خاتم النبيين وسيد المرسلين ، السلام عليك أيها البشير النذير ، السلام عليك أيها الداعي إلى الله والسراج المنير ، السلام عليك وعلى أهل بيتك الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
اشهد أنك يا رسول الله أتيت بالحق وقلت بالصدق ، الحمد لله الذي وفقني للايمان والتصديق ، ومن علي بطاعتك واتباع سبيك وجعلني من أمتك والمجيبين لدعوتك ، وهداني إلى معرفتك ومعرفة الأئمة من ذريتك ، أتقرب إلى الله بما يرضيك ، وأبرأ إلى الله مما يسخطك ، مواليا لأوليائك ، معاديا لأعدائك.
جئتك يا رسول الله زائرا ، وقصدتك راغبا ، متوسلا إلى الله سبحانه ، وأنت صاحب الوسيلة ، والمنزلة الجليلة ، والشفاعة المقبولة ، والدعوة المسموعة ، فاشفع لي إلى الله تعالى في الغفران والرحمة ، والتوفيق والعصمة ، فقد غمرت الذنوب ، وشملت العيوب ، وأثقل الظهر ، وتضاعف الوزر.
وقد أخبرتنا وخبرك الصدق أنه تعالى قال وقوله الحق : ( ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما ) (١).
وقد جئتك يا رسول الله مستغفرا من ذنوبي ، تائبا من معاصي وسيئاتي ، وإني أتوجه إلى الله ربي وربك ليغفر لي ذنوبي ، فاشفع لي يا شفيع الأمة ، وأجرني يا نبي الرحمة ، صلى الله عليك وعلى آلك الطاهرين.
ويجتهد في المسألة ، ثم يستقبل القبلة بعد ذلك بوجهه ، وهو في
__________________
(١) النساء : ٦٤.
موضعه ، ويجعل القبر من خلفه ويقول :
اللهم إليك ألجأت أمري ، والى قبر نبيك ورسولك أسندت ظهري ، وإلى القبلة التي ارتضيتها استقبلت بوجهي.
اللهم إني لا أملك لنفسي خير ما أرجو ، ولا أدفع عنها شر ما أحذر ، والأمور كلها بيدك ، فأسألك بحق محمد وعترته ، وقبره الطيب المبارك وحرمه ، أن تصلي على محمد وآله ، وأن تغفر لي ما سلف من جرمي ، وتعصمني من المعاصي في مستقبل عمري ، وتثبت على الايمان قلبي ، وتوسع علي رزقي ، وتسبغ علي النعم ، وتجعل قسمي من العافية أوفر قسم ، وتحفظني في أهلي ومالي وولدي ، وتكلأني من الأعداء ، و تحسن لي العاقبة (١) في الدنيا ، ومنقلبي في الآخرة.
اللهم اغفر لي ولوالدي ولجميع المؤمنين والمؤمنات ، الأحياء منهم والأموات ، إنك على كل شئ قدير.
وتقرأ سورة : ( انا أنزلناه في ليلة القدر ) إحدى عشرة مرة ، ثم تصير إلى مقام النبي صلىاللهعليهوآله ، وهو بين القبر والمنبر ، فقف عند الأسطوانة المخلقة التي تلي المنبر ، واجعله ما بين يديك ، وصل أربع ركعات ، فإن لم تتمكن فركعتين للزيارة.
فإذا سلمت منهما وسبحت فقل :
اللهم هذا مقام نبيك وخيرتك من خلقك ، جعلته روضة من
__________________
(١) العافية ( خ ل ).
رياض جنتك ، وشرفته على بقاع أرضك برسولك ، وفضلته به ، وعظمت حرمته ، وأظهرت جلالته ، وأوجبت على عبادك التبرك به بالصلاة والدعاء فيه ، وقد أقمتني فيه بلا حول ولا قوة كان مني في ذلك إلا برحمتك.
اللهم وكما أن حبيبك لا يتقدمه في الفضل خليلك ، فاجعل استجابة الدعاء في مقام حبيبك.
اللهم إني أسألك في هذا المقام الطاهر أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تعيذني من النار ، وتمن علي بالجنة ، وترحم موقفي ، وتغفر زلتي ، وتزكي عملي ، وتوسع لي في رزقي ، وتديم عافيتي ورشدي ، وتسبغ نعمتك علي ، وتحفظني في أهلي ومالي ، وتحرسني من كل متعد لي وظالم لي ، وتطيل في طاعتك عمري ، وتوفقني لما يرضيك عني ، وتعصمني عما يسخطك علي.
اللهم إني أتوسل إليك بنبيك وأهل بيته ، حججك على خلقك ، وآياتك في أرضك ، أن تستجيب لي دعائي ، وتبلغني في الدين والدنيا أملي ورجائي.
يا سيدي ومولاي قد سألتك فلا تخيبني ، ورجوت فضلك فلا تحرمني ، فأنا الفقير إلى رحمتك الذي ليس لي غير احسانك وتفضلك ، فأسألك أن تحرم شعري وبشري على النار ، وتؤتيني من الخير ما علمت منه وما لم أعلم ، وادفع عني وعن ولدي وإخواني
وأخواتي من الشر ، ما علمت منه وما لم أعلم.
اللهم اغفر لي ولوالدي ولجميع المؤمنين والمؤمنات انك على كل شئ قدير ، وبكل شئ عليم.
ذكر العمل عند المنبر والدعاء عنده :
ثم ائت المنبر وامسحه بيديك ، وخذ برمانتيه ، وهما السفلاوان ، وامسح بهما عينيك ووجهك ، وقل عنده كلمات الفرج ، وتقول بعدها :
اشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، واشهد أن محمدا رسول الله صلىاللهعليهوآله ، الحمد لله الذي عقد بك عز الاسلام ، وجعلك مرتقى خير الأنام ، ومصعد الداعي إلى دار السلام ، الحمد لله الذي خفض بانتصابك علو الكفر ، وسمو الشرك ، ونكس بك علم الباطل ، وراية الضلال.
اشهد أنك لم تنصب إلا لتوحيد الله سبحانه وتمجيده ، وتعظيم الله وتحميده ، ولمواعظ عباد الله ، والدعاء إلى عفوه وغفرانه.
اشهد أنك قد استوفيت من رسول الله صلىاللهعليهوآله ، بارتقائه في مراقيك ، واستوائه عليك حظ شرفك وفضلك ، ونصيب عزك وذخرك ، ونلت كمال ذكرك ، وعظم الله حرمتك ، وأوجب التمسح بك ، فكم قد وضع المصطفى صلىاللهعليهوآله قدمه عليك ، وقام للناس خطيبا فوقك ، ووحد الله وحمده ، وأثنى عليه ومجده ،
وكم بلغ عليك من الرسالة ، وأدى من الأمانة ، وتلا من القرآن ، وقرأ من الفرقان ، وأخبر من الوحي ، وبين الأمر والنهي ، وفصل بين الحلال والحرام ، وأمر بالصلاة والصيام ، وحث العباد على الجهاد ، وأنبأ عن ثوابه في المعاد (١).
ذكر ما يفعل في الروضة :
وتقف بعد ذلك في الروضة ، وهي ما بين القبر والمنبر وتدعو بما تحب.
فقد روي عن النبي صلىاللهعليهوآله قال : ( ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة ، وان منبري لعلى ترعة من ترع الجنة ، والترعة هي الباب الصغير ) (٢).
فإذا وقفت هناك فقل :
اللهم إن هذه روضة من رياض جنتك ، وشعبة من شعب رحمتك التي ذكرها رسولك ، وأبان عن فضلها ، وشرف التعبد لك فيها ، وقد بلغتنيها في سلامة نفسي.
__________________
(١) روى صدره في الكامل : ٥٣ ، عنه البحار ١٠٠ : ١٥٤ ، وفي الفقيه ٢ : ٣٣٨ ، الكافي ٤ : ٥٥٠ ، مصباح المتهجد : ٦٥١ ، التهذيب ٦ : ٥ ، عنه الوسائل ١٤ : ٣٤٢ ، ذكر ذيله في البحار ١٠٠ : ١٦٩ عن نسخة قديمة من مؤلفات الأصحاب.
(٢) رواه في الكامل : ٥١ ، عنه البحار ١٠٠ : ١٥٢.
الظاهر أن التفسير من الرواة ويحتمل أن يكون من الإمام عليهالسلام
فلك الحمد يا سيدي على عظيم نعمتك علي في ذلك ، وعلى ما رزقتنيه من طاعتك وطلب مرضاتك وتعظيم حرمة نبيك صلى الله عليه وآله ، بزيارة قبره والتسليم عليه ، والتردد في مشاهده ومواقفه.
فلك الحمد يا مولاي حمدا ينتظم به محامد حملة عرشك وسكان سماواتك لك ، ويقصر عنه حمد من مضى ، ويفضل حمد من بقي من خلقك ، ولك الحمد يا مولاي حمد من عرف الحمد لك ، والتوفيق للحمد منك ، حمدا يملا ما خلقت ، ويبلغ حيث ما أردت ، ولا يحجب عنك ، ولا ينقضي دونك ، ويبلغ أقصى رضاك ، ولا يبلغ آخره أوائل محامد خلقك لك ، ولك الحمد ما عرف الحمد ، واعتقد الحمد ، وجعل ابتداء الكلام الحمد.
يا باقي العز والعظمة ، ودائم السلطان والقدرة ، وشديد البطش والقوة ، ونافذ الأمر والإرادة ، وواسع الرحمة والمغفرة ، ورب الدنيا والآخرة ، كم من نعمة لك علي يقصر عن أيسرها حمدي ، ولا يبلغ أدناها شكري ، وكم من صنايع منك إلي لا يحيط بكثرتها وهمي ، ولا يقيدها فكري.
اللهم صل علي نبيك المصطفى ، عين البرية (١) طفلا ، وخيرها شابا وكهلا ، أطهر المطهرين شيمة ، وأجود المستمطرين ديمة (٢) ، وأعظم
__________________
(١) عين الشئ : خياره.
(٢) الشيمة ـ بالكسر ـ الطبيعة ، الديمة ـ بالكسر ـ مطر يدوم في سكون بلا رعد وبرق.
الخلق جرثومة (١) ، الذي أوضحت به الدلالات ، وأقمت به الرسالات ، وختمت به النبوات ، وفتحت به باب الخيرات ، وأظهرته مظهرا (٢) وابتعثته نبيا وهاديا ، أمينا مهديا ، داعيا إليك ، ودالا عليك ، وحجة بين يديك.
اللهم صل على المعصومين من عترته ، والطيبين من أسرته ، وشرف لديك به منازلهم ، وعظم عندك مراتبهم ، واجعل في الرفيق الأعلى مجالسهم ، وارفع إلى قرب رسولك درجاتهم ، وتمم بلقائه سرورهم ، ووفر بمكانه انسهم (٣).
الباب (٣)
زيارة الزهراء فاطمة عليهاالسلام
١ ـ السلام على البتولة (٤) الطاهرة ، الصديقة المعصومة ، البرة التقية ، سليلة (٥) المصطفى وحليلة المرتضى وأم الأئمة النجباء.
__________________
(١) جرثومة الشئ ـ بالضم ـ أصله.
(٢) مطهرا ( خ ل ) ، المظهر ـ بالفتح ـ المصعد ، اي بنيته ورفعته على مصعد عظيم من العلو والشرف ، و يمكن أن يكون بضم الميم ، اي أظهرته حال كونه مظهرا لمعارفك وأحكامك.
(٣) روي في معاني الأخبار : ٢٦٧ ، عنه البحار ١٠٠ : ١٩٢ ، الوسائل ١٤ : ٣٦٩.
(٤) قال الجزري : سميت فاطمة عليهاالسلام البتول لانقطاعها عن نساء زمانها فضلا ودينا وحسنا ، وقيل : لانقطاعها عن الدنيا إلى الله تعالى ( النهاية ١ : ٧١ ).
(٥) السليل : الولد.
اللهم انها خرجت من دنياها مظلومة مغشومة (١) ، قد ملئت داء وحسرة وكمدا (٢) وغصة ، تشكو إليك والى أبيها ما فعل بها ، اللهم انتقم لها وخذ لها بحقها.
اللهم صل على الزهراء (٣) الزكية المباركة الميمونة (٤) ، صلاة تزيد في شرف محلها عندك وجلالة منزلتها لديك ، وبلغها مني السلام ، والسلام عليها ورحمة الله وبركاته.
وتقول أيضا :
اللهم إني يوهمني غالب ظني ان هذه الروضة مواراة سيدة نساء العالمين ومثواها ، وموضع قبرها ومغزاها ، فصل عليها وأبلغها عني السلام حيث حلت وكانت (٥).
٢ ـ زيارة أخرى لها عليهاالسلام :
السلام عليك يا ممتحنة ، امتحنك الله الذي خلقك قبل ان يخلقك ، فوجدك لما امتحنك صابرة ، ونحن لك أولياء ومصدقون وصابرون لكل ما اتانا به أبوك صلىاللهعليهوآله وأتانا به وصيه ، فانا نسألك ان
__________________
(١) الغشم : الظلم.
(٢) الكمد بالفتح : الحزن الشديد ومرض القلب.
(٣) الزهراء : البيضاء المنيرة.
(٤) الميمونة : المباركة.
(٥) رواه السيد في مصباح الزائر : ٢٥ ، عنه البحار ١٠٠ : ١٩٧.
كنا صدقناك الا ألحقتنا بتصديقنا لهما ، لنبشر أنفسنا انا قد طهرنا بولايتك.
ثم تقول :
السلام عليك يا بنت رسول الله ، السلام عليك يا بنت نبي الله السلام عليك يا بنت حبيب الله ، السلام عليك يا بنت صفي الله ، السلام عليك يا بنت امين الله ، السلام عليك يا بنت خير خلق الله ، السلام عليك يا بنت أفضل أنبياء الله ورسله وملائكته.
السلام عليك يا بنت خير البرية ، السلام عليك يا سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين ، السلام عليك يا زوجة ولي الله وخير الخلق بعد رسول الله ، السلام عليك يا أم الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة.
السلام عليك أيتها الشهيدة الصديقة ، السلام عليك أيتها الرضية المرضية ، السلام عليك أيتها الفاضلة الزكية ، السلام عليك أيتها الحورية الانسية ، السلام عليك أيتها التقية النقية ، السلام عليك أيتها المحدثة (١) العليمة ، السلام عليك أيتها المضطهدة (٢) المقهورة.
السلام عليك يا فاطمة بنت رسول الله ، السلام عليك أيتها المغصوبة المظلومة ، السلام عليك وعلى أبيك ، السلام عليك وعلى بعلك وبنيك ورحمة الله وبركاته.
__________________
(١) المحدثة بفتح الدال ، لأنه كانت تحدثها عليهاالسلام الملائكة.
(٢) المضطهدة بفتح الهاء المقهورة.