الفرقان في تفسير القرآن بالقرآن والسنّة - ج ٣

الشيخ محمد الصادقي

الفرقان في تفسير القرآن بالقرآن والسنّة - ج ٣

المؤلف:

الشيخ محمد الصادقي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: انتشارات فرهنگ اسلامى
المطبعة: اسماعيليان
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٥٢

وبين افراط القداسة المتكلّفة : «ورؤوسنا تقطر» وكأنه أحوط على شرعة الله من الله ومن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فلا يسمح إذا لمتعة سمح لها الله في النساء وفي الحج تسهيلا على العباد!.

هذا! ولقد رويت عنه كلمات لاذعة بحق الله ورسوله في هذا المجال وسواه ، منها قوله : «ان رسول الله هذا الرسول وان القرآن هذا القرآن وانهما كانتا متعتان على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأنا أنهى عنهما وأعاتب عليهما .. والأخرى متعة الحج» (١) إذا فليعاتب الله على سنّها برجاحتها على سائر الحج ، وليعاتب رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)

__________________

ـ الناس على امر جاهليتهم إلّا ما غيره الإسلام وكانوا لا يرون العمرة في أشهر الحج فشق على أصحابه حين قال: اجعلوها عمرة ، لأنهم كانوا لا يعرفون العمرة في أشهر الحج وهذا الكلام من رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إنما كان في الوقت الذي أمرهم فيه بفسخ الحج فقال : دخلت العمرة في الحج الى يوم القيامة وشبك بين أصابعه يعني في أشهر الحج ، قلت : فيعتد بشيء من أمر الجاهلية؟ فقال : ان اهل الجاهلية ضيعوا كل شيء من دين ابراهيم إلّا الختان والتزويج والحج فإنهم تمسكوا بها ولم يضيعوها.

وفي الدر المنثور ١ : ٢١٦ ـ اخرج البخاري ومسلم عن ابن عمر قال : تمتع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج وأهدى فساق معه الهدي من ذي الحليفة وبدأ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج فتمتع الناس مع النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بالعمرة إلى الحج فكان من الناس من أهدى فساق الهدي ومنهم من لم يهد فلما قدم النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مكة قال للناس من كان منكم اهدى فانه لا يحل لشيء حرم منه حتى يقضي حجه ومن لم يكن أهدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليعقر وليحلل ثم يهل بالحج فمن لم يجد هديا فليصم ثلاثة ايام في الحج وسبعة إذا رجع الى أهله.

(١) سنن البيهقي ٧ : ٢٠٦ قائلا : أخرجه مسلم في الصحيح من وجه آخر عن همام.

الدر المنثور أخرج الحاكم وصححه من طريق مجاهد وعطاء عن جابر قال : كثرت القالة من الناس فخرجنا حجاجا حتى إذا لم يكن بيننا وبين ان نحل إلّا ليال قلائل أمر بالإجلال قلنا : أيروح ... فمن لم يكن معه هدي فليصم ...

١٤١

على تطبيقها كما عاتب ، وقال أضرابه قالتهم الغائلة القالة : أيروح أحدنا الى عرفة وفرجه يقطر منيا؟ فبلغ ذلك رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقام خطيبا فقال : أبالله تعلمون أيها الناس؟! فأنا والله أعلمكم بالله وأتقاكم له ولو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت هديا ولحللت كما أحلوا ... وقال «إن الله عز وجل كان يحل لنبيه ما شاء وان القرآن قد نزل منازله فافصلوا حجكم من عمرتكم واتبعوا نكاح هذه النساء فلا أوتى برجل تزوج امرأة الى أجل إلا رجمته» (١).

ولقد ورد زهاء أربعين نصّا تجاوب كتاب الله في عدم نسخ المتعتين ، وان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) توفي عنهما ولم ينه عنهما إلّا الخليفة عمر لما استحسنه (٢) مستقبحا أمر الله وسنة رسوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم). ومن مقاله : قد علمت ان النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قد فعله وأصحابه ولكني كرهت ان يظلوا معرّسين بهن في الأراك ثم يروحون في الحج

__________________

(١) مسند أبي داود الطيالسي ٢٤٧.

(٢) عن أبي رجاء قال قال عمران بن حصين : نزلت آية المتعة في كتاب الله وأمرنا بها رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ثم لم تنزل آية تنسخ آية متعة الحج ولم ينه عنها رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حتى مات قال رجل برأيه بعد ما شاء(أخرجه مسلم في صحيحه ١ : ٤٧٤ والقرطبي في تفسير ٣٥ : ٣٦٥ وصححه قال البخاري كما في تفسير ابن كثير ١ : ٢٣٣ وقال القسطلاني في الإرشاد ٤ : ١٦٩ والنووي في شرح مسلم : ان عمر كان ينهى الناس عن التمتع ، وآخر ما في معناه في السنن الكبرى ٥ : ٢٠ و ٤ : ٣٤٤ والنسائي في سننه ٥ : ١٥٥ واحمد في مسنده ٤ : ٤٣٤ و ٤٣٦ وفتح الباري ٣ : ٣٣٨ والدارمي في سننه ٣ : ٣٥ والمالك في الموطأ ١ : ١٤٨ والشافعي في الأم ٧ : ١٩٩ والنسائي في السنن ٥ : ٥٢ والترمذي في صحيحه ١ : ١٥٧ وصححه والجصاص في أحكام القرآن ١ : ٣٣٥ وابن القيم في زاد المعاد ١ : ٨٤ والزرقاني في شرح المواهب ٨ : ١٥٣).

١٤٢

تقطر رؤوسهم (١) وهنا يستكره ما يستحبه الله لعباده!. ولقد نهاه فيمن نهاه عن بدعته هذه أبي بن كعب إذ هم ان ينهى عن متعة الحج فقام اليه فقال : «ليس ذلك لك قد نزل بها كتاب الله واعتمرناها مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فنزل عمر» (٢).

وندد به فيمن ندد ابنه إذ جاءه رجل من أهل الشام فسأله عن التمتع بالعمرة إلى الحج فقال ابن عمر : حسن جميل ، قال : فإن أباك كان ينهى عنها فقال : «ويلك فان كان أبي نهى عنها وقد فعله رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمر به أفبقول أبي آخذ ام بقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قم عني» (٣).

__________________

(١) أخرجه مسلم في صحيحه ١ : ٤٧٢ وابن ماجة في سننه ٣ : ٢٢٩ واحمد في مسنده ١ : ٥٠ والبيهقي في سننه ٥ : ١٧ و ٢٠ والنسائي في سننه ٥ : ١٥٣ وتيسر الوصول ١ : ٢٨٨ وشرح الموطأ للزرقاني ، واخرج أحمد في مسنده ١ : ٤٩ عن أبي موسى ان عمر قال : هي سنة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ـ يعني المتعة ـ ولكني أخشى ان يعرّسوا بهن تحت الأراك ثم يروحوا بهن حجاجا ، وعن الأسود بن يزيد قال : بينما انا واقف مع عمر بن الخطاب بعرفة عشية عرفة فإذا هو برجل مرجّل شعره يفوح منه ريح الطيب فقال له عمر : أمحرم أنت؟ قال : نعم ، فقال عمر : ما هيأتك بهيئة محرم إنما المحرم الأشعث الأغبر الأذفر ، قال : إني قدمت متمتعا وكان معي اهلي وانما أحرمت اليوم فقال عمر عند ذلك : لا تتمتعوا في هذه الأيام فإني لو رخصت في المتعة لهم تعرّسوا بهن في الأراك ثم راحوا بهن حجاجا.(أخرجه ابو حنيفة كما في زاد المعاد ١ : ٢٢٠ ، فقال : قال ابن حزم : وكان ما ذا؟ وحبذا ذلك وقد طاف النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) على نساءه ثم أصبح محرما ولا خلاف ان الوطء مباح قبل الإحرام بطرفة عين والله اعلم.

(٢) أخرجه احمد ٥ : ١٤٣ والهيثمي ٣ : ٢٤٣ وقال رجاله الصحيح ، والسيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه ٣ : ٣٣ والدر المنثور نقلا عن مسند ابن راهويه واحمد.

(٣) تفسير القرطبي ٣ : ٣٦٥ عن الدار قطني وأخرج ما في معناه الترمذي ١ : ١٥٧ وزاد المعاد ١ : ١٩٤ والزرقاني في شرح المواهب ٣ : ٢٥٢ والسنن الكبرى ٥ : ٢١ ومجمع الزوائد ١ : ١٨٥.

١٤٣

وابن عباس ـ لما قال له عروة : «نهى أبو بكر وعمر عن المتعة ـ قال : ما يقول عرية؟ قال : يقول نهى أبو بكر وعمر عن المتعة ، فقال ابن عباس أراهم سيهلكون ، أقول : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ويقولون : قال أبو بكر وعمر» (١).

فالخليفة عمر يستنكر ويستقبح ما أباحه الله ـ وفرضه على النائي ـ وسنه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قائلا مثل ما قال ومنه «والله إني لأنهاكم عن المتعة وإنها لفي كتاب الله وقد فعلها رسول الله ـ يعني العمرة في الحج ـ» (٢) وقال : «افصلوا بين حجكم وعمرتكم فان ذلك أتم لحج أحدكم وأتم لعمرته ان يعتمر في غير أشهر الحج» (٣).

ومن أشهر ما يروى عنه قوله «متعتان كانتا على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وانا أنهى عنهما وأعاقب عليهما متعة الحج ومتعة النساء» (٤).

__________________

(١) مسند احمد ١ : ٣٣٧ كتاب مختصر العلم لابن عمر ٢٦ ـ تذكرة الحفاظ للذهبي ٣ : ٥٣ ـ زاد المعاد ١ : ٢١٩. وعن محمد بن عبد الله بن نوفل قال سمعت عام حج معاوية يسأل سعد بن مالك كيف تقول بالتمتع بالعمرة إلى الحج؟ قال : حسنة جميلة ، فقال : قد كان عمر ينهى عنها فأنت خير من عمر؟ قال : «عمر خير مني وقد فعل ذلك النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو خير من عمر» (سنن الدارمي ٣ : ٣٥).

وعن ابن عباس انه قال لمن كان يعارضه في متعة الحج بابي بكر وعمر : يوشك ان ينزل عليكم حجارة من السماء ، أقول قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وتقولون قال ابو بكر وعمر(زاد المعاد ١ : ٢١٥ وهامش شرح المواهب ٣ : ٣٢٨).

(٢) أخرجه النسائي في سننه ٥ : ١٥٣.

(٣) موطأ مالك ١ : ٢٥٢ ـ سنن البيهقي ٥ : ٥ تيسير الوصول ١ : ٢٧٩ ، وأخرجه ابن أبي شيبة كما في الدر المنثور ١ : ٢١٨ ولفظه : قال عمر : افصلوا بين حجكم وعمرتكم اجعلوا الحج في أشهر الحج واجعلوا العمرة في غير أشهر الحج أتم لحجكم وعمرتكم.

(٤) قال في خطبته كما في البيان والتبين للجاحظ ٣ : ٢٢٣ ـ احكام القرآن للجصاص ١ : ٣٤٢ و ٣٤٥ ـ

١٤٤

وفي الحق لو اننا اقتدينا بعمر لكنا محللين لهما ـ ككل ـ تقبلا لشهادته ورفضا لبدعته (١).

فالله تعالى يقول : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) ثم يذكر أتمهما : (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ) والخليفة عمر يراها ناقصة ، ثم من أتباعه من يعتبرها بدعة حسنة! وهو يقول فيما يقول : «فعلتها مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأنا أنهى عنها ...» (٢) وقد حاول جمع من أتباعه ان يجعل (فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) جبرا للنقص في تلك المتعة ، ويكأن الله كان مجبرا على استحسانه لمتعة الحج حتى يحبر نقصها بما استيسر من الهدي ، ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور!.

ثم التمتع بالعمرة الى الحج ، قد يعني فيما يعنيه متعة الرياحة بالإحلال

__________________

ـ وج ٣ ١٨٤ ـ تفسير القرطبي ٣ : ٣٧٠ ـ المبسوط للسرخسي الحنفي في باب القرآن من كتاب الحج وصححه ـ زاد المعاد لأبن القيم ١ : ٤٤٤ قائلا : ثبت عن عمر ـ تفسير الفخر الرازي ٣ : ١٦٧ و ٣ : ٢٠١ و ٢٠٢ ـ كنز العمال ٨ : ٢٩٣ نقله عن كتاب أبي صالح والطحاوي وص ٢٩٤ عن ابن جرير الطبري وابن عساكر ـ ضوء الشمس ٣ : ٩٤.

(١) قال الراغب في المحاضرات ٢ : ٩٤ قال يحيى بن أكثم لشيخ بالبصرة بمن اقتديت في جواز المتعة؟ قال : بعمر بن الخطاب ، قال : كيف وعمر كان أشد الناس فيها؟ قال : لأن الخبر الصحيح انه صعد المنبر فقال : ان الله ورسوله قد أحلا لكم متعتين وإني محرمهما عليكم وأعاقب عليهما ، فقبلنا شهادته ولم نقبل تحريمه.

(٢)عن سعيد بن المسيب ان عمر بن الخطاب نهي عن المتعة في أشهر الحج وقال : فعلتها ... وذلك أن أحدكم يأتي من أفق من الآفاق شعثا نصبا مقمرا في أشهر الحج وانما شعثه ونصبه وتلبيته في عمرته ثم يقدم فيطوف بالبيت ويحل ويلبس ويتطيب ويقع على أهله إن كانوا معه حتى إذا كان يوم التروية أهلّ بالحج وخرج إلى منى يلبي بحجه لا شعث فيها ولا نصب ولا تلبية إلّا يوما والحج أفضل من العمرة ، لو خلينا بينهم وبين هذا لعانقوهن تحت الأراك ...(ذكره السيوطي في جميع الجوامع كما في ترتيبه الكنز ٣ : ٣٢ نقلا عن حل حم خ م ن ق.

١٤٥

عن العمرة ثم الإهلال بالحج ، وكذلك متعة الجنس مع النساء ، ولتكون على أهبة أكثر لعب الحج ، فتلك إذا رحمة للحجاج عن زحمة المواصلة بين الحج والعمرة بإحرام موصول دونما انقطاع ، وليس يعني الهدي للمتمتع جبرانا عن تمتعه ، فان الله هو الذي فرضه على النائين ، وانما هو هدي الهدية من هؤلاء الآتين من كل فج عميق ، هدية للفقراء من الحجاج وسواهم في مملكة الحج ، وشعارا للتضحية والفداء لزوار الله ، احياء كسنة دائبة لما ابتلي به الخليل بأمر الجليل ، والله يهدي من يشاء الى سواء السبيل.

ثم (فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) على المتمتع مبيّن ما استيسر في آيات الحج فلا نعيد ، وإنما نعيد أن هدي الأضحية غير مستيسر لمن لا يجد مناه في منى أن يأكله : من بائس فقير او قانع ومعتر ، فليبدّل بها بديلا عنها من ثمنها ، أم تتخذ وسيلة جماهيرية لصرفها في الفقراء أيا كانوا وأيّان.

(فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ ..)

«لم يجد» من ماله ، فان هو واجده ولا يجد الهدي فهو واجد ليس عليه صيام ، فإنما يضع المال عند من يذبح الى آخر ذيحجة الحرام من سنته او العام القابل ، ام يهدي ثمنه الى اهله ، فانما بديل الصوم على من لم يجد.

فعدم وجدان الهدي الأضحية لعدم وجدان ثمنه هو الذي يحوله الى عشرة كاملة ، فسواء له أكان هناك هدي أم لم يكن ، فعدم وجدان ثمنه هو موضوع الحكم هنا ، فانه المصداق ل (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ) يعني (فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) إذ لم يستيسر له ثمنه فضلا عنه ، واما المستيسر له ثمنه دونه فليس عليه الّا «ما استيسر» ، وليس من مستيسر الهدي ملابس الزينة التي لا ضرورة فيها ، فانها مندوحة المؤمن ، فليس بيعها مستيسرا لأصل هكذا بيع لغضاضته ، ثم تعريه عما تعوده من ملابس الزينة. ثم وجد ان «ما استيسر» له مراحل ، قد لا يجده

١٤٦

بالفعل في حجه وهو واجده في وطنه ، فان تمكن دون منّ من الاستدانة فهو واجد ، وإلّا فهل ينتقل إلى الصيام أم عليه ردّ ثمن هديه المستيسر حين وصوله إلى وطنه (١).

وهل المشروط وجدان «ما (اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) فقط في يوم الأضحى؟ وقد يصح في ايام التشريق وما بعدها الى آخر ذي حجة الحرام! ظاهر الإطلاق هو الأخير ، فمن لم يجد ، او يعرف من حاله انه لا يجد طول هذه الأيام منذ الأضحى الى الآخر (فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ ..) (٢) وإلّا «يصبر الى يوم النحر فان لم يصب فهو ممن لم يجده» (٣).

__________________

(١) ويدل عليه الأخبار منها حسن حريز كالصحيح عن الصادق (عليه السّلام) في متمتع يجدا الثمن ولا يجد الغنم؟ قال : «يخلف الثمن عند بعض أهل مكة ويأمر من يشتري له ويذبح عنه وهو يجزي عنه فان مضى ذو الحجة أخر ذلك إلى قابل من ذي الحجة» (الكافي ٤ : ٥٠٨ والتهذيب ١ : ٤٥٧) حيث المستفاد منه ان طول ذي الحجة الحرام هو مجال الأضحية لمن لم يجد يوم الأضحى. فمن يجد الهدي او ثمنه طولها فليس ممن لم يجد حتى ينتقل فرضه إلى الصيام.

ومثله خبر النضر بن قرواش قال : سألت أبا عبد الله (عليه السّلام) عن رجل تمتع بالعمرة إلى الحج فوجب عليه النسك فطلبه فلم يصبه وهو موسر حسن الحال وهو يضعف عن الصيام فما ينبغي له ان يصنع؟ فقال : يدفع ثمن النسك إلى من يذبحه بمكة إن كان يريد المضي إلى أهله وليذبح عنه في ذي الحجة ، فقلت : فانه دفعه إلى من يذبحه عنه فلم يصبه في ذي الحجة نسكا وأصابه بعد ذلك؟ قال : لا يذبح عنه ألّا في ذي الحجة ولو اخره الى قابل.

(٢) نور الثقلين ١ : ١٨٩ عن التهذيب احمد بن محمد عن ابن أبي نصر قال : سألت أبا الحسن (عليه السّلام) عن المتمتع يكون له فضول من الكسوة بعد الذي يحتاج اليه فتسوى تلك الفضول مائة درهم يكون ممن يجب عليه الهدي؟ فقال : له بدّ من كرى ونفقة ، قلت : له كراء وما يحتاج اليه بعد هذا الفضل من الكسوة ، قال : وأي شيء كسوة بمائة درهم؟ هذا ممن قال الله : (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ...).

(٣) المصدر عن الكافي بعض أصحابنا عن محمد بن الحسين عن محمد بن عبد الله الكرخي قال : قلت للرضا (عليه السّلام) المتمتع يقدم وليس معه هدي أيصوم ما لم يجب عليه؟ قال : يصبر ...

١٤٧

(فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ) وبطبيعة الحال هي البادئة من اليوم التاسع إلى الثاني عشر او الثالث عشر ، او الى آخر ذي حجة الحرام حيث يبقى مجال تكملة الحج مهما كانت طواف النساء ، فما يصدق «في الحج» فهو ظرف للثلاثة ، مهما تفاضلت هذه الأيام حسب السنة الناطقة به ، اللهم إلا يوم الأضحى حيث الصيام فيه محرّم كيوم الفطر.

وقد يعني «في الحج» ذي حجة الحرام بكل أيامها ، أم وأشهر الحج كلّها حيث (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ) فان الحج تشمل العمرة الداخلة فيه في أشهره ، إلّا ان في التعبير عن أشهر الحج بالحج قصورا ، و (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ) يعني انها ظرف زمني للحج بعمرته الداخلة فيه ، فقد يعني «في الحج» الثالث من أشهره وهو ذي حجة الحرام ، ولا سيما منذ اليوم التاسع حتى آخر ايام التشريق ، إلّا الأضحى ، ام والى آخر الشهر لمن لم يكمّل بعد حجه ام ومن كمّل.

وقد تلمح (وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ) مقابلة ل (ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ) أن الحج يعني أعماله دون كل زمنه ، إذ قد يرجع الحاج في نفس الشهر ويصل الى بلده فيه.

والسنة المستفيضة تقرر ان اليوم الأول هو قبل التروية وهي الثانية والثالث عرفة ثم التروية وعرفة هما الأوّلان ومن ثم اليوم الحادي عشر من التشريق ، ثم عرفة ويومين من التشريق ، ومن ثم التشريق إلّا الأضحى (١) وهي الأخرى ان

__________________

(١) يدل عليه ما في الدر المنثور ١ : ٢١٥ ـ اخرج الدار قطني عن عائشة سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول : من لم يكن معه هدي فليصم ثلاثة ايام قبل يوم النحر ومن لم يكن صام تلك الثلاثة الأيام فليصم ايام التشريق ايام منى ، وفيه اخرج الدار قطني من طريق الزهري عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن حذافة ان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أمره في رهط ان ـ

١٤٨

لم يستطع على صيام غيرها فانها حسب متواتر الرواية عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأئمة أهل بيته هي أيام أكل وشرب ، فصومها محظور إلّا عند المحظور.

وهذا الترتيب يساعد أولا «في الحج» فانه الأيام المتعوّدة لحالة الحج ، وثانيا حرمة الصيام يوم الأضحى ، وانه مرجوح ايام التشريق ، لذلك فهي كبديلة عن الأصيلة وهي الثلاثة قبل الأضحى ، أم ومقسمة بينه وبين قسم منها.

ويجوز تقديم الثلاثة او بعضها لمن تلبس بالحج من اوّل ذي الحجة فانه حينئذ «في الحج» فالمحرم بالحج اوّل ذي حجة الحرام هو في الحج ، فحائز صيامه الثلاثة منذ إحرامه إذا يعرف من حاله أنه غير مستيسر هديا.

__________________

ـ يطوفوا في منى في حجة الوداع فينادوا ان هذه ايام أكل وشرب وذكر الله فلا صوم فيهن إلّا صوما في هدي ، وفيه اخرج ابن جرير والدار قطني والبيهقي عن ابن عمر قال : رخص النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) للمتمتع إذا لم يجد الهدي ولم يصم حتى فاتته ايام العشر ان يصوم ايام التشريق مكانها ، وفيه اخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي عن علي بن أبي طالب (عليه السّلام) (فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ) قال : قبل التروية يوم ويوم التروية ويوم عرفة فان فاتته صامهن ايام التشريق.

ويدل عليه ممارواه أصحابنا صحيح معاوية بن عمار عن الصادق (عليه السّلام) سألته عن متمتع لم يجد هديا؟ قال : يصوم ثلاثة ايام في الحج يوما قبل التروية ويوم التروية ويوم عرفة ، قال قلت : فإن فاته ذلك؟ قال : يتسحر ليلة الحصبة ويصوم ذلك اليوم ويومين بعده ، قلت : فان لم يقم عليه جماله أيصومها في الطريق؟ قال : «إن شاء صامها في الطريق وان شاء إذا رجع الى اهله» (الكافي ٤ : ٥٠٧ والتهذيب ١ : ٤٥٧) وروى مثله في الفقيه مرسلا قال : روى عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) والائمة (عليهم السّلام) ...

أقول : يوم الحصبة هو يوم النفر ، وذلك للحفاظ على ايام التشريق ألّا يصام فيها لأنها حسب النصوص ايام أكل وشرب فمرجوح صيامها.

١٤٩

وهل يجوز تقديمها على ذي حجة الحرام حالة العمرة المحسوبة بحساب الحج؟ اطلاق «في الحج» قد يشمله ، ولكن السنة المتواترة لا تساعده ، فهي مقيّدة ـ إذا ـ «في الحج» بخصوص الحج إضافة الى لمحة البدلية عن الأضحية التي ليست لتقدّم على ذي الحجة.

فعلى الجملة لا تعني «في الحج» مكانه ـ فقط ـ او زمانه ، بل الأصل المعني منها هو مناسك الحج وهي تشمل مكانها وزمانها إذ لا يؤتى بها إلّا فيهما ، وأوسع أزمنتها طول ذي الحجة ، ثم ما قدم من الترتيب الثلاثي.

(وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ) طبعا الى بلادكم التي كنتم فيها او التي تعزمون إقامتها ، فترى الذي لا يرجع وهو عازم على المقام في مملكة الحج دون رجوع ، ام يرجع بعد ردح بعيد من الزمن ، فهلّا عليه السبعة؟ النص يختص بما إذا رجعتم ، والخبر الصحيح يقول «ترك الصيام بقدر مسيره الى أهله او شهرا ثم صام» (١) وقد يشكل الأخذ به وهو خبر واحد لا يقاوم ظاهر الآية المختصة بالسبعة بما إذا رجعتم ، ولكن الاحتياط حسن أم لا يترك ، حيث السبعة إذا رجعتم قد تكون تخفيفا عنه لأنه في حالة السفر ، واما المقيم بمكة شهرا او أكثر فلا يعدّ مسافرا ، ثم الظاهر من «ثلاثة ـ و ـ سبعة» هو التتابع إلّا لعذر ، كما

__________________

(١) صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): من كان متمتعا فلم يجدها هديا فليصم ثلاثة ايام في الحج وسبعة إذا رجع الى اهله فان فاته ذلك وكان له مقام بعد الصدر صام ثلاثة ايام بمكة وإن لم يكن له مقام صام في الطريق او في أهله وان كان له مقام بمكة فأراد ان يصوم السبعة ترك الصيام بقدر مسيره الى أهله او شهرا ثم صام.

وفي الدر المنثور ١ : ٢١٦ ـ اخرج البخاري ومسلم عن ابن عمر قال تمتع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ـ الى ان قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ـ فمن لم يجد هديا فليصم ثلاثة ايام في الحج وسبعة إذا رجع إلى اهله ، وفيه اخرج الحاكم وصححه من طريق مجاهد وعطاء عن جابر عنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مثله.

١٥٠

تدل عليه المعتبرة (١) مهما كانت معارضة بغيرها ، حيث المرجع إذا ظاهر إطلاق الآية ، ثم التتابع أحوط فلا يترك ، لا سيما وان المعتبرة المحدّدة لصيام الثلاثة صريحة في التتابع إلّا لعذر ، فإما ثلاثة قبل الأضحى أم ثلاثة التشريق ، ام ثلاثة منذ النفر ، وهل تجب النيابة عنه بماله إذا مات مقصرا عما عليه من صيام ، طبعا نعم ، لعموم النصوص وخصوص صحيح معاوية بن عمار (٢).

(تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ) وترى القرآن كتاب حساب ولا سيما ذلك البسيط أن مجموع الثلاثة والسبعة عشرة ، وهل هناك عشرة ناقصة عن كونها عشرة حتى توصف هنا بكاملة؟!.

__________________

(١) خبر علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليهما السّلام) سألته عن صوم ثلاثة ايام في الحج أنصومها متوالية او نفرق بينها؟ قال : «تصوم الثلاثة لا تفرق بينها والسبعة لا تفرق فيها» (التهذيب ١ : ٤٤١ والاستبصار ٣ : ٢٨٠).

وأما خبر إسحاق بن عمار انه سأل أبا الحسن (عليهما السّلام) انه قدم الكوفة ولم يصم السبعة حتى نزع في حاجة الى بغداد فقال (عليه السّلام) صمها ببغداد ، فقلت : أفرّقها؟ قال : نعم ، ز (التهذيب ١ : ٥١٢ والاستبصار ٣ : ٢٨٠) فهي أولا تختص بالسبعة ولا ملازمة بينها وبين الثلاثة ، ثم هي سبعة مفرقة بعد التأخير وفي غير بلده ، ثم هنا النظر في : كيف يجوز صيام السبعة في السفر اللهم الا ما نص عليه القرآن وهو الثلاثة في الحج ، واما حسن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السّلام) كل صوم يفرق إلّا ثلاثة ايام في كفارة اليمين» (الكافي ٤ : ١٤٠) فالحصر فيه غير حاصر لاستثناء صيام رمضان وكفارته في اوّل الشهرين المتتابعين ، وصوم النذر المتواصل او العهد والصوم المستأجر فيه كذلك ، مما يوهن ذلك الحصر او يوهن اصل الحديث.

(٢) عن أبي عبد الله (عليه السّلام) من مات ولم يكن له هدي لمتعة فليصم عنه وليه (الكافي ٤ : ٥٠٩ والتهذيب ١ : ٤٥٧) أقول : وهذا لا يشمل القاصر او المعذور الذي مات معذورا عن صيامه. كما وفي حسن الحلبي عن الصادق (صلّى الله عليه وآله وسلّم) سأله عن رجل تمتع بالعمرة إلى الحج فلم يكن له هدي فصام ثلاثة أيام في ذي الحجة ثم مات بعد ان رجع الى اهله قبل ان يصوم السبعة الأيام أعلى وليه أن يقضي عنه؟ قال : ما أرى عليه قضاء(الكافي ٤ : ٥٠٩).

١٥١

علّها تعني كاملة كبديلة عن الهدى حيث توفّي ما يوفيه من المصلحة في حساب الله ، حيث الهدي تضحية مالية ، ومن ثم روحية كرمز للتضحية في سبيل مرضات الله ، والصيام في هذه العشرة الكاملة تضحية نفسية في صعوبة سفر الحج وفي تلك الرمضاء الحارقة ، فهي كاملة كبديلة عن الهدي ، «كمالها كمال الأضحية» (١) كما وأن عدد العشرة كاملة ـ على أية حال ـ بين الأعداد لخلوها عن الكسر والتركيب ، ثم و «كاملة» هي إخبار عن الكمال المعني ، كذلك هي هنا إنشاء يعني وجوب تكميل الصيام عشرة حتى تكون كاملة كبديلة عن الهدي ، وعلّ «كاملة» دون «تامة» للإشارة إلى ان كلّا منهما تام في نفسه مستقل بحكمه ، ثم (عَشَرَةٌ كامِلَةٌ) هي كمالها بديلة عن الهدي.

وترى إذا صام ثلاثة أيام زعما منه أنه لا يجد الهدي ثم وجده يوم الأضحى ام قبل ان يرجع خلال ذي الحجة ، فهل يهدي ام يكفيه صيامه؟.

هنا عليه الهدي إذ تبين انه يجد ولا سيما في الأضحى وايام التشريق «ويكون صيامه الذي صامه نافلة له» (٢) والرواية القائلة بالإجزاء (٣) غير

__________________

(١) نور الثقلين ١ : ١٨٩ في تهذيب الأحكام موسى بن القاسم عن محمد بن زكريا المؤمن عن عبد الرحمن بن عتبة عن عبد الله بن سليمان الصيرفي قال قال عبد الله (عليه السّلام) لسفيان الثوري ما تقول في قول الله تعالى (... تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ) أي شيء يعني بكاملة؟ قال : سبعة وثلاثة ، قال : ويختل ذا على ذي حجى ان سبعة وثلاثة عشرة؟! قال : فأي شيء هو أصلحك الله؟ قال : انظر ، قال : لا علم لي فأي شيء هو أصلحك الله؟ قال : الكاملة كمالها كمال الأضحية سواء أتيت بها او لم تأت بها فالأضحية تمامها كمال الأضحية.

(٢) نور الثقلين ١ : ١٩١ عن عقبة بن خالد قال سألت أبا عبد الله (عليه السّلام) عن رجل تمتع وليس معه ما يشترى به هديا فلما ان صام ثلاثة ايام في الحج أيسر أيشتري هديا فينحره أو يدع ذلك ويصوم سبعة ايام إذا رجع إلى أهله؟ قال : يشتري هديا فينحره ويكون صيامه الذي صامه نافلة له.

١٥٢

صالحة لمعارضة القائلة بعدمه عرضا على الآية القائلة بأن الصيام فرض غير الواجد وهو واجد مهما لم يكن يعلم ، وهل الذي لا يجد الهدي ، وهو عارف من ذي قبل انه لا يجد ، إذ لم يكن عنده استطاعة إلّا ما يوصله راجعا ، هل انه يضر باستطاعته؟ كلّا! فان (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ) تعم عدم وجدانه حال الحج ام وقبله ، و (مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) يستثنى عنها استطاعة الهدي.

(ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ...).

«ذلك» دون ريب اشارة الى البعيد مما ذكر ، فلا تشير الى (فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) وهو أقرب شيء قبله ، فان «فمن لم يجد ـ الى ـ كاملة» هي من لواحقه.

فتراه راجعا إلى (وَأَتِمُّوا ..)؟ وهي تعم الحاضرين والنائين! ام (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ)؟ فكذلك الأمر ، إضافة إلى أن الحصر لا يخص النائين بل والحاضرين ، وما اختصاص حكم الحصر بالنائين إلّا اجحافا بالحاضرين ، فلم يبق هنا مشار إليه ل «ذلك» إلّا (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ) وهم فرقة من كل الحجاج والمعتمرين ، محصرين وسواهم ، (فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) هو

__________________

(٣) وهي رواية حماد بن عثمان قال سألت أبا عبد الله (عليه السّلام) عن متمتع صام ثلاثة أيام في الحج ثم أصاب هديا يوم خرج من منى؟ قال : اجزأه صيامه (التهذيب ٥ : ٣٨ والاستبصار ٢ : ٢٦ والكافي ١ : ٣٠٤) وما رواه ابو بصير عن أحدهما (عليهما السّلام) قال سألته عن رجل تمتع فلم يجد ما يهدي حتى إذا كان يوم النفر وجد ثمن شاة أيذبح أو يصوم ، قال : بل يصوم فان ايام الذبح قد مضت.(التهذيب ٥ : ٣٧) هذا تعليله عليل فإن ايام الحج باقية الى آخر ذي الحجة الحرام.

وأقول : اضافة إلى عدم ملاءمتها للآية هي خاصة بمن وجد الهدي يوم النفر ، وقد يساعده «في الحج» فان قدره المعلوم الى يوم النفر ولكن لا يترك الاحتياط في الجمع بين الهدي وصيام السبعة الباقية من العشرة ، والأشبه عدم وجوبها.

١٥٣

واجب التمتع ، و «لمن» دون «على من» للدلالة على اختصاص حج التمتع بالنائين ، مهما جاز لهم الإفراد أحيانا بشروطها ، واما من كان اهله حاضري المسجد الحرام فليس لهم حج التمتع ، وقد يستدل الإمام بالآية لذلك الحصر قائلا «لا يصلح لأهل مكة ان يتمتعوا لقول الله عز وجل : ذلك ..» (١) إذا ف «لمن» لها بعدان ، اختصاص التمتع بهؤلاء فلا يصلح لغيرهم ، وأن الواجب الأصيل عليهم هو التمتع اللهم إلّا لضرورة تقتضي النقلة منه الى الإفراد كما تدل عليه النصوص المستفيضة ، وقد يجوز تبديل التمتع الى الإفراد حين لا يتمكن من تكميل التمتع لمانع من مرض او حيض اما شابه ويكفيه عن التمتع ، إلّا إذا كان امتناعا بالاختيار كمن يعلم ان الوقت لا يساعد على التمتع بصورة كاملة ، فعليه ان يفرد إذا أحرم للتمتع ثم يقضيه من قابل ، واما المضطر دون اختيار فقد يكفيه الإفراد ، وتفصيل مختلف حالات الاضطرار باحكامها راجع الى مفصلات المناسك.

ثم كضابطة «لا يجوز القرآن والإفراد إلا لمن كان أهله حاضري المسجد الحرام» (٢) فمن لم يكن فعليه التمتع ومن كان فعليه غيره ، كما يستفاد من الآية سلبا وإيجابا.

وترى ما هو حدود (الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) هنا حتى نعرف حاضريه عمن

__________________

(١) صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليهما السّلام) قال : ... (التهذيب ٥ : ٣٢ والاستبصار ٣ : ١٥٧) ومثلها أحاديث مستفيضة أخرى تذكر قسما منها للتعريف بمن لم يكن اهله حاضري المسجد الحرام وحاضريه ، مثل صحيحة عبد الله الحلبي وسليمان بن خالد وأبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال : ليس لأهل مكة ولا لأهل مرو ولا لأهل سرف متعة وذلك لقول الله عزّ وجلّ : (ذلِكَ ...).

(٢) نور الثقلين ١ : ١٩٣ في كتاب الخصال عن الأعمش عن جعفر بن محمد (عليهما السّلام) قال : هذه شرايع الدين ـ إلى ان قال : ـ لا يجوز ...

١٥٤

سواهم؟ قد يقال (الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) ويعنى هو كما هو ك (شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) (٣ : ١٤٩) ـ (أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) (٩ : ١٩).

وأخرى يعني منطقة المسجد الحرام ، المحسوبة بحسابه ، المتمحورة إيّاه لقدسية المكان ، كما يقال للبلد الذي فيه البيت المقدس «القدس» ومن ذلك (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) (١٧ : ١) على احتمال أن مبدء المعراج بيت من بيوته (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ولكننا لا نجد بين الخمسة عشر موضعا ذكر فيها المسجد الحرام ، يعنى منها إلا نفسه اللهم إلّا احتمالا في آية الأسرى ، ثم اللهم إلّا (هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ) (٥ : ٩٥) و (ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ) (٢٢ : ٣٣) حيث الهدي لا يبلغ الكعبة المباركة ولا المسجد الحرام ، اللهم إلّا مكة او الحرم ككل.

إذا فمن هم (حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ)؟ هل هم الذين كان أهلوهم حاضري المسجد الحرام نفسه؟ وليس المسجد الحرام بيتا يسكن ولا سيما للأهلين!.

أم هم أهل مكة ككلّ ، فحين لا يعنى من المسجد الحرام نفسه فليعن بلده ، فان حرمته من حرمته كما (لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ) (٩٠ : ١) (رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً) (١٤ : ٣٥).

أم هم أهل الحرم كله ، فانه حرم المسجد الحرام والكعبة المباركة ، وهو اربع فراسخ مربعا ، والمجموع ستة عشر فرسخا.

أم إن الحاضر هنا يقابل المسافر ، ولان السفر مسيرة يوم بأغلب السير والغالب على المسير ، فلا يصدق حاليا بالوسائل الحاضرة إلّا للنائي عن المسجد الحرام الف كيلومترا ام زاد ، ام وإذا تحجرنا على ثمانية فراسخ فحاضروا المسجد الحرام هم البعيدون عنه أكثر منها.

١٥٥

قد يبدو الأخير كأنه هو المقصود : (حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) مقابل «المسافرين إلى المسجد الحرام»؟ ولكن الحاضر لا يقابل ـ فقط ـ المسافر ، بل والغائب والبادي ، إذا فليست الآية لتؤيد الأخبار المحدّدة ل (حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) بما دون حد السفر الأربعة فراسخ المرجّعة ، فحد السفر في الأصل ثمانية فراسخ كمسيرة يوم في زمنه.

ولا الأخبار التي تقول انه ستة عشر فرسخا (١) بتأويل انها تعني من الجوانب الأربعة ، حيث الكلام فيها نفس الكلام ، ثم الستة عشر نفسها ليست حدّ السفر ، بل ضعفه.

اجل قد يؤيّد رواية «من كان منزله دون الميقات» اعتبارا بان الميقات محسوب بحساب المسجد الحرام حيث يحرم منه ، واقرب المواقيت الخمسة هي قرن المنازل ـ يلملم ـ والعقيق ، وهي قرابة ستة عشر فرسخا ، فهما ـ إذا ـ متجاوبان.

وقد تقرب أخبار الأربعة فراسخ لا كحد السفر ، بل هي حد الحرم ، ولكنها ليست اربعة فراسخ من كل جوانب المسجد الحرام ، اللهم إلّا ان يعنى كل المسافة المسطحة وهي ستة عشر فرسخا فتجاوب أخبار الستة عشر فرسخا ،

__________________

(١) منها صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليهما السّلام) قلت له : قول الله في كتابه (ذلِكَ لِمَنْ ...) فقال: «يعني أهل مكة ليس عليهم متعة ، كل من كان أهله دون ثمانية وأربعين ميلا ذات عرق وعسفان كما يدور حول مكة فهو ممن دخل في هذه الآية ، وكل من كان اهله وراء ذلك فعليه المتعة» أقول : وذات عرق قرابة ستة عشر فرسخا ولا تهم زيادة او نقصان مّا.

والصحيح عن عبد الله الحلبي وسليمان بن خالد وأبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال : ليس لأهل مكة ولا لأهل مرو ولا لأهل سرف متعة وذلك لقول الله عزّ وجلّ «ذلك ...»

أقول : مرو وسرف اكثر من اربعة فراسخ بكثير.

١٥٦

مهما عارض الأربعة حديث «دون الميقات» .. فالقدر المتيقن من (حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) هم أهل الحرم ، ولكن الأشبه هو من دون الميقات ، وأقرب المواقيت الخمسة ستة عشر فرسخا.

ثم هناك من كان أهله حاضري المسجد الحرام وليس هو من الحاضرين ، ومن كان هو من حاضري المسجد الحرام وليس أهله حاضرين ، ام هما حاضران ، ام غير حاضرين ، والنص يخص «من (لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) سواء أكان هو نفسه من حاضريه ام كما هم من الغيّب عن المسجد الحرام.

«أهله» لا تخص أهل الرجل ، إذ ليس الحاج هو فقط الرجل ، بل يعم المرأة الى جانب الرجل ، ثم الأهل أعم من الزوجين ، فقد تكون «أهله» تعبيرا أدبيا عن موطن المسلم أنه الذي فيه أهله حيث يعيش معهم ، ولا سيما كلّ من الزوجين ، ف «أهله» إذا يعنيه هو زوجا ام زوجة او أعزبا وعزباء.

وقد تشير «أهله» إلى واجب العشرة مع الأهلين كأصل فيها ، مهما سافر الإنسان لحاجيات طارئة ام قاصدة ، فليكن ـ كأصل ـ هو مع اهله واهله معه ، دون انعزال عنهم ، وهذا هو المقصود هنا من «أهله» دون «نفسه» ضمن ما قصد منها ، فمن كان أهله حاضري المسجد الحرام وهو نفسه ليس من حاضريه يعتبر آفاقيا ، ومن كان هو نفسه من حاضريه دون أهله يعتبر من حاضريه ، مهما كان متخلفا عن واجب العشرة الأصيلة مع أهله ، ولا سيما الزوجان ، فان واجب العشرة بينهما يمنع عن الانعزالية في الموطن.

ولكن الذي يتردد إلى أهله قدر الواجب وحسب المكنة يعتبر من مواطني أهله ، وهذه توسعه في المواطنية ، انها لا تخص المواطن على طول ، بل الذي أهله مواطنون مهما لم يكن معهم على طول ، ما دام يتردد إليهم حسب الواجب

١٥٧

والمستطاع ، فان سئل عن وطنه يقال وطن أهله ، إذ لا يقيم كمواطن عند غير أهله مهما طال مكوثه فيه.

وقد يكفي في صدق (حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) انهم من القاطنين في تلك المساحة ، او مجاورين ، كما يعني أصالة الآهلين فيها الذين هم من أهلها ، ثم لا يشرط وراء (حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) شرط آخر كأن يكون له فيه ملك بيتا وسواه ، بل ولا بيت مستأجر ، فقد يسكن في أماكن عامة وسواها من غير ملك له ولا مستأجر.

وترى الذي كان أهله حاضري المسجد الحرام قبل الحج بأشهر ، مجاورا او مقيما لفترة طائلة ، او متوطنا ، هل يصدق عليه (لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ؟) طبعا لا ، فان واقع الحضور لأشهر من الزمن يخرجه عمن لم يكن ، سواء كانوا بقصد التوطن او المجاورة ، وهنا أحاديث فرقت بينهما ان شرط المجاورة مقام سنة لأقل تقدير ، ولكن المتوطن له حكمه منذ يقيم متوطنا ، وترى الذي أهله حاضروا المسجد الحرام قبل الحج بقدر يصدق ، ولكنه هو نفسه لم يكن حاضرا مثلهم ، فانما يتردد عندهم لضرورة الشغل ام سواها ، فهل هو آفاقي ام حاضر؟ ظاهر الآية حضوره ، حيث المدار حضور أهله ، لا هو مع أهله ، مهما كان حضوره هو فقط يكفيه ، حيث المدار رياحته بحضور أهله ، شرط ان يتردد إليهم قدر المكنة الواجبة.

وعلى أية حال فالقدر المعلوم ممن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام هو غير المتوطن ولا المجاور ، ثم في غيرهما ممن حضر أهله قبل الحج بأشهر تردد أشبهه انه لم يكن ، فانه ليس من الحاضرين في ايّ من الأعراف مهما طال سفره كما و «كان» تلمح لسابق المكوث الطائل ، ثم و «أهله» تؤيد شريطة طول المكوث توطنا ام جوارا ، حيث الحجاج لا يسافرون باهليهم ـ حسب العادة ـ

١٥٨

فقط للحج ، وانما للتوطن او الجوار ، ف «أهله» هنا دون نفسه تشير إشارة صارحة صارخة ان النائي هو فقط غير أهله ولا المتوطن ولا المجاور ، فالخارجون عن هذا المثلث هم النائون الذين فرضهم التمتع.

(وَاتَّقُوا اللهَ) في الحج زيادة على غيره لأنه موقفها العظيم (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) هؤلاء المتهتكين حرمات الله في حرم الله وحج بيته الحرام.

(الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ) ١٩٧.

«الحج» تعم القران والإفراد إلى التمتع ، دون العمرة المفردة فإنها في كل أشهر السنة ، وأما عمرة التمتع فهي مع حجها «في أشهر معلومات» لا تصح إلّا فيها ، حيث دخلت فيه إلى يوم القيامة ، وتلك الأشهر هي شوال وذو العقدة وذو الحجة.

وترى ذو الحجة هو بتمامة داخل في (أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ)؟ ذلك ظاهر الجمع ، فلو كان شهرين وعشرة كما في رواية (١) لكان النص «شهرين وعشرة» ثم مستفيض الرواية عن الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) (٢)

__________________

(١) في مجمع البيان وأشهر الحج عندنا شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة على ما روي عن أبي جعفر (عليه السّلام).

(٢) في الدر المنثور ١ : ٣١٨ ـ أخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه عن أبي أمامة قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في قوله (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ ...) شوال وذو القعدة وذو الحجة» واخرج مثله الطبراني عن ابن عمر عنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) والخطيب عن ابن عباس عنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم).

١٥٩

وأئمة أهل بيته (عليهم السّلام) (١) ـ كما الآية ـ تدل على التمام ، ثم وكيف تكون ـ فقط ـ عشرة؟ وايام التشريق لها مناسكها في منى ، ثم وطواف الزيارة وسعيها وطواف النساء ، ليست لتختص بيوم الأضحى ، ثم (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ) هو تعجّل في النفر ولا يصدق إلّا إذا كانا هما والثالث من الحج ، فتلك الرواية اليتيمة ساقطة بمخالفة الكتاب والسنة.

ثم الأشهر المعلومات ككلّ ليست ظرفا إلّا لمجموعة التمتع ، فعمرته بادئة من اوّل شوال الى ذي الحجة ، اليوم الذي يتمكن من الشروع في حجه ، بحيث يقف بعرفات منذ الزوال ام بعد ساعة منه ، ثم يجوز البدء بحجه بعد عمرته مطلقا ، فان أتى بعمرته في غرة شوال ، يجوز له عقد الإحرام لحجه بعدها دون فصل ، مهما لم يجز له الوقوف بعرفات ـ وهو ثاني اعماله ـ إلّا تاسع ذي الحجة.

واما القران والإفراد فجائز عقد الإحرام لهما منذ غرة شوال ، حيث يجوز تقديم العمرة المفردة على أشهر الحج وتأخيرها عنها.

فهذه الأشهر الثلاثة هي ظرف لمجموعة الحج إفرادا أو قرانا ، ومع العمرة تمتعا ، لا أنه يجوز الإتيان بكل اعمال الحج في كل يوم أو أيام من هذه الأشهر الثلاثة.

فقد يحرم الحاج لعمرة التمتع او حج الإفراد والقران غرة شوال ، ثم يأتي بطواف الزيارة لحجه في آخر ذي حجة الحرام ، فقد شملت الأشهر ككل «الحج» مهما جاز له ان يختص أياما منها قلائل لأداء كل الأعمال.

__________________

(١) ومثله في نور الثقلين ١ : ١٩٣ في الكافي عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال : الحج أشهر معلومات شوال وذو القعدة وذو الحجة ليس لأحد ان يحج فيما سواهن ، ومثله الا في ذيله فيه عن أبي عبد الله (عليه السّلام) رواه عنه سماعة ومعاوية بن عمار.

١٦٠