الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-008-0
الصفحات: ٥٠١
رواه العامّة من قوله عليهالسلام : « أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلاّ الله ، فإذا قالوها عصموا منّي دماءهم » (١) الحديث.
ومن طريق الخاصّة : قول زين العابدين عليهالسلام : « الأسير إذا أسلم فقد حقن دمه وصار قنّا (٢) » (٣).
وهل بسقوط القتل يصير رقّا أو يتخيّر الإمام في باقي الجهات؟ للشافعيّة قولان :
أحدهما : يسترقّ بنفس الإسلام ـ وبه قال أحمد (٤) ـ لأنّه أسير يحرم قتله ، فيجب استرقاقه ، كالمرأة.
والثاني : التخيير بين المنّ والفداء والاسترقاق ـ وهو قول الشيخ (٥) ـ لأن أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أسروا رجلا من بني عقيل فأوثقوه وطرحوه في الحرّة ، فمرّ به النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال : يا محمّد على م أخذت وأخذت سابقة (٦) الحاج؟ فقال : « أخذت بجريرة حلفائك من ثقيف » وكانت ثقيف قد أسرت رجلين من المسلمين ، ومضى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فناداه يا محمّد يا محمّد ، فقال له : « ما شأنك؟ » فقال : إنّي مسلم ، فقال : « لو قلتها وأنت تملك أمرك لأفلحت كلّ الفلاح » وفادى به النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الرجلين (٧) ، ولو صار رقيقا ، لم يفاد به (٨).
__________________
(١) صحيح البخاري ٩ : ١٣٨ ، صحيح مسلم ١ : ٥٣ ـ ٣٥ ، المستدرك ـ للحاكم ـ ٢ : ٥٢٢ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٢٩٥ ـ ٣٩٢٧ و ٣٩٢٨ ، سنن سعيد بن منصور ٢ : ٣٣٢ ـ ٣٣٣ ـ ٢٩٣٣.
(٢) في المصدر : « فيئا » بدل « قنّا ».
(٣) الكافي ٥ : ٣٥ ـ ١ ، التهذيب ٦ : ١٥٣ ـ ٢٦٧.
(٤) المغني ١٠ : ٣٩٦ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٣.
(٥) المبسوط ـ للطوسي ـ ٢ : ٢٠.
(٦) أراد بها العضباء ـ وهي ناقة كانت لرجل من بني عقيل ـ فإنّها كانت لا تسبق.
(٧) صحيح مسلم ٣ : ١٢٦٢ ـ ١٦٤١ ، سنن البيهقي ٦ : ٣٢٠ و ٩ : ٦٧.
(٨) المهذّب ـ للشيرازي ـ ٢ : ٢٣٧ ، الحاوي الكبير ١٤ : ١٧٩ ، حلية العلماء ٧ :
وعند الشافعي يسترقّ بنفس الإسلام ، ولا يمنّ عليه ولا يفادي به إلاّ بإذن الغانمين ، لأنّه صار مالا لهم (١).
وإذا فادى به مالا أو رجالا ، جاز ليخلص من الرقّ ، فإن فأداه بالرجال ، جاز بشرط أن تكون له عشيرة تحميه من المشركين حيث صار مسلما ، وإلاّ لم يجز له (٢) ردّه. والمال الذي يفادي به يكون غنيمة للغانمين.
مسألة ٩٧ : لو أسلم الأسير قبل الظفر به ووقوعه في الأسر ، لم يجز قتله إجماعا ، ولا استرقاقه ولا المفاداة به (٣) ، لأنّه أسلم قبل أن يقهر بالسبي ، فلا يثبت فيه التخيير.
ولا فرق بين أن يسلم وهو محصور في حصن أو مصبور أو رمى نفسه في بئر وقد قرب الفتح ، وبين أن يسلم في حال أمنه ـ وبه قال الشافعي (٤) ـ لأنّه لم يحصل في أيدي المسلمين بعد ، ويكون دمه محقونا لا سبيل لأحد عليه ، ويحقن ماله من الاستغنام وذريّته من الأسر ، ويحكم بإسلامهم تبعا له.
وقال أبو حنيفة : إسلامه بعد المحاصرة ودنوّ الفتح لا يعصم نفسه
__________________
٦٥٦ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٨٤ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٥١ ـ ٤٥٢ ، المغني ١٠ : ٣٩٦ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٣.
(١) المهذّب ـ للشيرازي ـ ٢ : ٢٣٧ ، الحاوي الكبير ١٤ : ١٧٩ ، حلية العلماء ٧ : ٦٥٦ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٨٤ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٥٢ ، المغني ١٠ : ٣٩٦ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٣.
(٢) كلمة « له » لم ترد في « ق ، ك ».
(٣) في الطبعة الحجريّة : « ولا مفاداته ».
(٤) الحاوي الكبير ١٤ : ١٧٨ ـ ١٧٩ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤١٢ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٥٢.
عن الاسترقاق ولا ماله عن الاغتنام (١).
ولا فرق بين مال ومال.
وقال أبو حنيفة : إسلامه يحرز ما في يده من الأموال دون العقارات. وهو الذي (٢) يذهب إليه ، لأنّها بقعة من دار الحرب ، فجاز اغتنامها ، كما لو كانت لحربي (٣).
ولا فرق بين أن يكون في دار الإسلام أو دار الحرب ، وبه قال الشافعي (٤).
وقال مالك : إذا أسلم في دار الإسلام ، عصم ماله الذي معه في دار الإسلام دون ما معه في دار الحرب (٥).
وليس بجيّد ، لعموم الخبر (٦).
وقال أبو حنيفة : الحربي إذا دخل دار الإسلام وله أولاد صغار في دار الحرب ، يجوز سبيهم (٧).
والحمل كالمنفصل ، وبه قال الشافعي (٨).
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤١٢.
(٢) أي : أنّ أبا حنيفة هو الذي يذهب إلى اغتنام العقارات.
(٣) المبسوط ـ للسرخسي ـ ١٠ : ٦٦. الهداية ـ للمرغيناني ـ ٢ : ١٤٤ ـ ١٤٥ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤١٢ ، المغني ١٠ : ٤٦٩ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤١٤.
(٤) الحاوي الكبير ١٤ : ٢٢٠ ، حلية العلماء ٧ : ٦٦١ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤١٢ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٥٢.
(٥) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤١٢.
(٦) تقدّم الخبر وكذا الإشارة إلى مصادره في ص ١٦١ ، الهامش (١).
(٧) بدائع الصنائع ٧ : ١٠٥ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤١٣ ، حلية العلماء ٧ : ٦٦٢ ، المغني ١٠ : ٤٦٨ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤١٣.
(٨) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤١٣ ، الحاوي الكبير ١٤ : ٢٢٠ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٥٢ ، المغني ١٠ : ٤٦٩ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤١٣.
وجوّز أبو حنيفة استرقاق الحمل تبعا للأم (١).
وليس بجيّد ، لأنّه مسلم بإسلام أبيه ، فأشبه المنفصل.
ولو سبيت الزوجة وهي حامل وقد أسلم أبوه ، حكم بإسلام الحمل وحرّيّته ـ وبه قال الشافعي وأحمد (٢) ـ كالمولود.
وقال أبو حنيفة : يحكم برقّه مع امّه ، لأنّ الأم سرى إليها الرقّ بالسبي فيسري إلى الحمل ، لأنّ ما سرى إليه العتق سرى إليه الرقّ ، كسائر أعضائها (٣).
والفرق : عدم انفراد الأعضاء بحكم عن الأصل ، بخلاف الحمل.
وهل يحرز ولد ابنه الصغير؟ إشكال ينشأ من مشابهة الجدّ للأب ، ومن مفارقته إيّاه ، كالميراث. وللشافعيّة وجهان (٤).
ولهم ثالث : أنّ الوجهين فيما إذا كان الأب ميّتا ، فأمّا إذا كان الأب حيّا ، لم يحرز الجدّ (٥).
وقيل : الوجهان في الصغير الذي أبوه حيّ ، فإن كان ميّتا ، أحرز الجدّ ، وجها واحدا (٦).
والمجانين من الأولاد كالصغار. ولو بلغ عاقلا ثمّ جنّ ، فالأقرب أنّه
__________________
(١) بدائع الصنائع ٧ : ١٠٥ ، الحاوي الكبير ١٤ : ٢٢٠ ـ ٢٢١ ، حلية العلماء ٧ : ٦٦٢ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤١٣ ، المغني ١٠ : ٤٦٩ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤١٣.
(٢) الحاوي الكبير ١٤ : ٢٢٠ ، حلية العلماء ٧ : ٦٦٢ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ٢ : ٢٤٠ ، المغني ١٠ : ٤٦٩ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤١٣.
(٣) بدائع الصنائع ٧ : ١٠٥ ، الحاوي الكبير ١٤ : ٢٢٠ ـ ٢٢١ ، المغني ١٠ : ٤٦٩ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤١٣.
(٤ و ٥) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤١٣ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٥٢.
(٦) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤١٣.
يحرز.
وللشافعيّة وجهان (١).
ولو أسلمت المرأة قبل الظفر ، أحرزت نفسها ومالها وأولادها الصغار ، وهو أحد قولي الشافعي. وفي الثاني : لا تحرزهم ، وبه قال مالك (٢).
وأمّا الأولاد البالغون العاقلون فلا يحرزهم إسلام أحد من الأبوين ، لاستقلالهم بالإسلام.
مسألة ٩٨ : لو استأجر مسلم من حربيّ أرضه في دار الحرب ، صحّت الإجارة ،
فلو غنمها المسلمون ، كانت غنيمة ، وكانت المنافع للمستأجر ، لأنّه ملكها بالعقد ، فلا يبطل بتجديد الملك بالاستغنام ، كالبيع.
ولو أسلم وزوجته حامل ، عصم الحمل على ما تقدّم. ويجوز استرقاق الزوجة ـ وهو أحد وجهي الشافعي (٣) ـ كما لو لم تكن زوجة مسلم. والثاني : لا تسترقّ ، لما فيه من إبطال حقّه (٤).
ولو أعتق المسلم عبده الذمّي مطلقا إن جوّزنا بغير نذر فلحق بدار الحرب ثمّ أسر ، احتمل جواز استرقاقه ، لإطلاق إذن الاسترقاق ، وعدمه ، لأنّ للمسلم عليه ولاء ، واسترقاقه يقتضي إبطاله عنه ، فلا يجوز استرقاقه ، كما لو أبق وهو مملوك.
ولو كان لذمي في دار الإسلام عبد ذمّي فأعتقه ، صحّ عتقه ، فإن لحق بدار الحرب فأسر ، جاز استرقاقه عندنا إجماعا ، وهو أحد وجهي
__________________
(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤١٣ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٥٢.
(٣ و ٤) الحاوي الكبير ١٤ : ٢٢١ ، حلية العلماء ٧ : ٦٦٢ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ٢ : ٢٤٠ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤١٣ ـ ٤١٤ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٥٢.
الشافعي (١).
والثاني : المنع ، لتعلّق ولاء الذمّي به (٢).
وليس بجيّد ، لأنّ سيّده لو لحق بدار الحرب ، جاز استرقاقه فهو أولى ، وسقط حقّه بلحوق معتقه.
مسألة ٩٩ : لو أسلم عبد الذمّي أو أمته في دار الحرب ثمّ أسلم مولاه ، فإن خرج إلينا قبل مولاه ، فهو حرّ ، وإن خرج بعده ، فهو على الرقّيّة ، لما رواه العامّة عن أبي سعيد الأعسم ، قال : قضى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في العبد وسيّده قضيّتين : قضى أن العبد إذا خرج من دار الحرب قبل سيّده أنّه حرّ ، فإن خرج سيّده بعد ، لم يردّ عليه ، وقضى أنّ السيّد إذا خرج قبل العبد ثمّ خرج العبد ، ردّ على سيّده (٣).
ومن طريق الخاصّة : قول الباقر عليهالسلام : « إنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حيث حاصر أهل الطائف قال : أيّما عبد خرج إلينا قبل مولاه فهو حرّ ، وأيّما عبد خرج إلينا بعد مولاه فهو عبد » (٤).
ولأنّه بخروجه إلينا قبل مولاه يكون قد قهره على نفسه فيكون قد ملكها ، لأنّ القهر يقتضي التملّك ، فكان حرّا ، أمّا لو خرج مولاه أوّلا ، فإنّ العبد يكون قد رضي ببقائه في العبوديّة حيث لم يقهره على نفسه بالخروج ، فكان باقيا على الرقّيّة.
__________________
(١ و ٢) الحاوي الكبير ١٤ : ٢٢٢ ، حلية العلماء ٧ : ٦٦٣ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤١٥ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٥٣.
(٣) سنن سعيد بن منصور ٢ : ٢٩٠ ـ ٢٨٠٦ ، المغني ١٠ : ٤٧٠ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤١٥.
(٤) التهذيب ٦ : ١٥٢ ـ ٢٦٤.
قال الشيخ : وإن قلنا : إنّه يصير حرّا على كلّ حال ، كان قويّا (١).
ولو خرج إلينا قبل مولاه مسلما ، ملك نفسه ، لما قلناه.
ولو كان سيّده صبيّا أو امرأة ولم يسلم حتى غنمت وقد حارب معنا ، جاز أن يملك مولاه. وكذا لو أسر سيّده وأولاده وأخذ ماله وخرج إلينا ، فهو حرّ ، والمال له والسبي رقيقه.
ولو لم يخرج قبل مولاه ، فإن أسلم مولاه ، كان باقيا على الرقّيّة له ، وإن لم يسلم حتى غنم المسلمون العبد ، كان غنيمة للمسلمين كافّة.
ولو أسلمت أمّ ولد الحربيّ وخرجت إلينا ، عتقت ، لأنّها بالقهر ملكت نفسها ، وتستبرئ نفسها ، وهو قول أكثر العلماء (٢).
وقال أبو حنيفة : تتزوج إن شاءت من غير استبراء (٣).
وليس بجيّد ، لأنّها أمّ ولد منكوحة للمولى عتقت ، فلا يجوز لها أن تتزوّج من غير استبراء ، كما لو كانت لذمّي.
ولو أسلم العبد ولم يخرج إلينا ، فإن بقي مولاه على الكفر حتى غنم ، انتقل إلى المسلمين ، وزال ملك مولاه عنه ، وإن أسلم مولاه ، كان باقيا على ملكيّته.
ولو عقد لنفسه أمانا ، لم يقرّ المسلم على ملكه ، لقوله تعالى ( وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً ) (٤).
وكذا حكم المدبّر والمكاتب المشروط والمطلق وأمّ الولد في ذلك كلّه على السواء.
__________________
(١) المبسوط ـ للطوسي ـ ٢ : ٢٧.
(٢ و ٣) المغني ١٠ : ٤٧٠ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤١٥.
(٤) النساء : ١٤١.
مسألة ١٠٠ : لا يجوز لغير الإمام قتل الأسير بغير قول الإمام قبل أن يرى الإمام رأيه فيه ، فإن قتله مسلم أو ذميّ ، فلا قصاص ولا دية ولا كفّارة ، لأنّه لا أمان له ، وهو حرّ إلاّ أن يسترقّ ، وبه قال الشافعي (١).
وقال الأوزاعي ، تجب عليه الدية (٢) ، لتعلّق حقّ الغانمين به ، ولهذا يجوز للإمام أن يفاديه بالمال ويكون لهم.
وليس بجيّد ، لأنّ الحق إنّما يتعلّق بالبدل لا به ، فإنّه حرّ لا ملك لهم فيه ، نعم ، يعزّر قاتله.
ويجب أن يطعم الأسير ويسقى وإن أريد قتله بعد بلحظة ، لقول الصادق عليهالسلام : « الأسير يطعم وإن كان يقدّم للقتل » (٣).
ولو عجز الأسير عن المشي ولم يكن مع المسلم ما يركبه ، لم يجب قتله ، لأنّه لا يدري ما حكم الإمام فيه ، لقول زين العابدين عليهالسلام : « إذا أخذت أسيرا فعجز عن المشي ولم يكن معك محمل فأرسله ولا تقتله فإنك لا تدري ما حكم الإمام فيه » (٤).
ويكره قتل من يجب قتله صبرا من الاسراء (٥) وغيرهم ، ومعناه أنّه يحبس للقتل ، فإن أريد قتله ، قتل على غير ذلك الوجه ، لقول الصادق عليهالسلام ـ في الصحيح ـ : « لم يقتل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم رجلا صبرا قطّ غير رجل واحد
__________________
(١) الحاوي الكبير ١٤ : ١٧٨ ، حلية العلماء ٧ : ٦٥٥ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤١١ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٥١ ، المغني ١٠ : ٤٠٠ ، الشرح الكبير ١٠ : ٣٩٧.
(٢) حلية العلماء ٧ : ٦٥٥ ، الحاوي الكبير ١٤ : ١٧٨.
(٣) التهذيب ٦ : ١٥٣ ـ ٢٦٨.
(٤) التهذيب ٦ : ١٥٣ ـ ٢٦٧.
(٥) في الطبعة الحجريّة : « الأسرى » بدل « الاسراء ».
عقبة بن أبي معيط » (١).
ولو وقع في الأسر (٢) امرأة أو صبي فقتل ، وجبت قيمته على القاتل ، لأنّه صار مالا بنفس الأسر.
مسألة ١٠١ : الحميل هو الذي يجلب من بلاد الشرك ، فإن جلب منهم قوم تعارفوا بينهم بما يوجب التوارث ، قبل قولهم بذلك ، سواء كان ذلك قبل العتق أو بعده ، ويورثون على ذلك ، لتعذّر إقامة البيّنة عليه من المسلمين ، وقوله عليهالسلام : « إقرار العقلاء على أنفسهم جائز » (٣).
وسواء كان النسب نسب الوالدين والولد أو من يتقرّب بهما إلاّ أنّه لا يتعدّى ذلك إلى غيرهم ، ولا يقبل إقرارهم به.
فإذا أخذ الطفل من بلاد الشرك ، كان رقيقا ، فإذا أعتقه السابي ، نفذ عتقه ، قاله الشافعي. [ قال ] (٤) : وثبت (٥) له الولاء عليه. فإن أقرّ هذا المعتق بنسب ، نظرت فإن اعترف بنسب أب أو جدّ أو أخ أو ابن عمّ ، لم يقبل منه إلاّ ببيّنة ، لأنّه يبطل حقّ المولى من الولاء (٦). وهو حسن.
قال : ولو أقرّ بولد ، ففيه ثلاثة أوجه : أحدها : لا يقبل إقراره ، لما تقدّم. والثاني : يقبل ، لأنّه يملك أن يستولد فملك الإقرار بالولد. والثالث : إن أمكن أن يكون ولد له بعد عتقه ، قبل ، لأنّه يملك الاستيلاد بعد عتقه ولا يملكه قبل ذلك (٧).
__________________
(١) التهذيب ٦ : ١٧٣ ـ ٣٤٠.
(٢) في الطبعة الحجريّة : « الأسرى » بدل « الأسر ».
(٣) لم نعثر عليه في المصادر الحديثيّة المتوفّرة لدينا.
(٤) إضافة يقتضيها السياق.
(٥) في الطبعة الحجريّة : « يثبت » بدل « ثبت ».
(٦) الحاوي الكبير ١٤ : ٢٤٧ ـ ٢٤٨.
(٧) الحاوي الكبير ١٤ : ٢٤٨.
مسألة ١٠٢ : إذا سبي من لم يبلغ ، صار رقيقا في الحال ، فإن سبي مع أبويه الكافرين ، كان على دينهما ـ وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي (١) ـ لقوله عليهالسلام : « كلّ مولود يولد على الفطرة وإنّما أبواه يهوّدانه وينصّرانه ويمجسانه » (٢) وهما معه.
وقال الأوزاعي : يكون مسلما ، لأنّ السابي يكون أحقّ به ، فإنّه يملكه بالسبي ، وتزول ولاية أبويه عنه ، وينقطع ميراثه منهما وميراثهما منه ، فيكون تابعا له في الإسلام ، كما لو انفرد السابي به (٣).
ونمنع من الأصل ، وملك السابي لا يمنعه اتّباعه لأبويه ، فإنّه لو كان لمسلم عبد وأمة كافران ، فزوّجه منها ، فإنّ الولد يكون كافرا وإن كان المالك مسلما.
وإن سبي منفردا عن أبويه ، قال الشيخ : يتبع السابي في الإسلام (٤). وهو قول العامّة (٥) كافّة ، لأنّ الكفر إنّما يثبت له تبعا لأبويه وقد انقطعت تبعيّته لهما ، لانقطاعه عنهما وإخراجه عن دارهما ومصيره إلى دار الإسلام تبعا لسابيه المسلم ، فكان تابعا له في دينه.
قال الشيخ : وحينئذ لا يباع إلاّ من مسلم ، فإن بيع من كافر ، بطل البيع (٦).
__________________
(١) مختصر اختلاف العلماء ٣ : ٤٨٢ ، المغني ١٠ : ٤٦٥ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٥ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ٢٠٩ ، الحاوي الكبير ١٤ : ٢٤٦ ، حلية العلماء ٧ : ٦٦٣ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ٢ : ٢٤٠.
(٢) صحيح البخاري ٢ : ١٢٥ ، مسند أحمد ٢ : ٤٦٤ ـ ٧١٤١ و ٥٣٧ ـ ٧٦٥٥.
(٣) مختصر اختلاف العلماء ٣ : ٤٨٣ ، المحلّى ٧ : ٣٢٤ ، الحاوي الكبير ١٤ : ٢٤٦ ، المغني ١٠ : ٤٦٥ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٥.
(٤) المبسوط ـ للطوسي ـ ٢ : ٢٣.
(٥) المغني ١٠ : ٤٦٣ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٣ ، الحاوي الكبير ١٤ : ٢٤٦ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٤ : ١٣٢ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٥١.
(٦) المبسوط ـ للطوسي ـ ٢ : ٢٣.
وإن سبي مع أحد أبويه ، قال الشيخ : يتبع أحد أبويه في الكفر (١). وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وأحمد في رواية ، لأنّه لم ينفرد عن أحد أبويه ، فلم يحكم بإسلامه ، كما لو سبي معهما (٢).
وقال الأوزاعي وأحمد في الرواية الأخرى : يحكم بإسلامه ، لقوله عليهالسلام : « كلّ مولود يولد على الفطرة » (٣) الحديث ، وهو يدلّ من حيث المفهوم على أنّه لا يتبع أحدهما ، لأنّ الحكم متى علّق على شيئين لا يثبت بأحدهما ، والتهويد قد ثبت بهما ، فإذا كان معه أحدهما ، لم يهوّده. ولأنّه يتبع سابيه منفردا فيتبعه مع أحد أبويه ، كما لو أسلم أحد الأبوين (٤).
ودلالة المفهوم ضعيفة ، ونمنع قوله : إنّه يتبع السابي.
قال الشيخ : لو مات أبو الطفل المسبيّ معهما ، لم يحكم بإسلامه ، وجاز بيعه على المسلمين ، ويكره بيعه على الكافر ، لأنّه بحكم الكافر فجاز بيعه على الكافر (٥).
وقال أحمد : لو مات أبواه أو أحدهما ، حكم بإسلامه ، لقوله عليهالسلام : « كلّ مولود » (٦) الحديث ، وهو يدلّ على أنّه إذا ماتا أو مات أحدهما ، حكم بإسلامه ، لأنّ العلّة إذا عدمت عدم المعلول (٧).
__________________
(١) المبسوط ـ للطوسي ـ ٢ : ٢٢.
(٢) مختصر اختلاف العلماء ٣ : ٤٨٢ ، المغني ١٠ : ٤٦٤ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٤ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٤ : ١٣٢ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ٢ : ٢٤٠ ، الحاوي الكبير ١٤ : ٢٤٦.
(٣) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في ص ١٧٠ ، الهامش (٢).
(٤) المحلّى ٧ : ٣٢٤ ، المغني ١٠ : ٤٦٤ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٤ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٤ : ١٣٢.
(٥) المبسوط ـ للطوسي ـ ٢ : ٢٢ ـ ٢٣.
(٦) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في ص ١٧٠ ، الهامش (٢).
(٧) الكافي في فقه الإمام أحمد ٤ : ١٣١.
احتجّ الشيخ : بأنّه مولود بين كافرين ، فإذا ماتا أو مات أحدهما ، لم يحكم بإسلامه ، كما لو كانا في دار الحرب ، ولأنّه كافر أصلي ، فلم يحكم بإسلامه بموت أبويه ، كالبالغ.
مسألة ١٠٣ : إذا سبيت المرأة وولدها الصغير ، كره التفرقة بينهما ، بل ينبغي للإمام أن يدفعهما إلى واحد ، فإن لم يبلغ سهمه قيمتهما ، دفعهما إليه واستعاد الفاضل ، أو يجعلهما في الخمس ، فإن لم يفعل ، باعهما وردّ قيمتهما في المغنم.
وقال بعض علمائنا : لا تجوز التفرقة (١).
وأطبق العامّة على المنع من التفرقة (٢) ، لقول النبي عليهالسلام : « من فرّق بين والدة وولدها فرّق الله بينه وبين أحبّته يوم القيامة » (٣).
ولو رضيت الأمّ بالتفرقة ، كره ذلك أيضا ، لما فيه من الإضرار بالولد. وحكم البيع كذلك.
وتجوز التفرقة بين الولد والوالد ، قاله الشيخ (٤) ـ وبه قال بعض
__________________
(١) كالشيخ الطوسي في المبسوط ٢ : ٢١ ، والقاضي ابن البرّاج في المهذّب ١ : ٣١٨.
(٢) مختصر المزني : ٢٧٤ ، الحاوي الكبير ١٤ : ٢٤٣ ، الوجيز ٢ : ١٩١ ، الوسيط في المذهب ٧ : ٣٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٢ و ١١ : ٤٢٠ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٧٥ ، المجموع ٩ : ٣٦٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٨٢ و ٧ : ٤٥٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٢٢ و ٧ : ٦٦٥ ، المغني ١٠ : ٤٥٩ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٨ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٤ : ١٣٢ ، المبسوط ـ للسرخسي ـ ١٣ : ١٣٩ ، الهداية ـ للمرغيناني ـ ٣ : ٥٤ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٤١.
(٣) سنن الترمذي ٣ : ٥٨٠ ـ ١٢٨٣ و ٤ : ١٣٤ ـ ١٥٦٦ ، سنن الدارمي ٢ : ٢٢٧ ـ ٢٢٨ ، سنن البيهقي ٩ : ١٢٦ ، مسند أحمد ٦ : ٥٧٣ ـ ٢٢٩٨٨ ، المستدرك ـ للحاكم ـ ٢ : ٥٥.
(٤) المبسوط ـ للطوسي ـ ٢ : ٢١.
الشافعيّة (١) ـ لأنّه ليس من أهل الحضانة بنفسه ، ولأصالة الجواز ، ولم يرد فيه نصّ بالمنع ولا معنى النصّ ، لأنّ الأمّ أشفق من الأب وأقلّ صبرا ، ولهذا قدّمت في الحضانة ، فافترقا.
ومنع أبو حنيفة والشافعي منه ، لأنّه أحد الأبوين ، فأشبه الأمّ (٢).
والفرق ما تقدّم.
وإنّما تكره التفرقة بين الامّ والولد الصغير ، فإذا بلغ سبع سنين ، جازت التفرقة ، قاله الشيخ (٣) ـ وبه قال مالك والشافعي في قول (٤) ـ لأنّه في تلك الحال يستغني عن الامّ.
وقال بعض علمائنا : إذا استغنى الولد عن الامّ ، جازت التفرقة (٥). وبه قال الأوزاعي والليث بن سعد (٦).
وقال أبو ثور : إذا كان يلبس ثيابه وحده ويتوضّأ وحده ، لأنّه حينئذ يستغني عن الامّ (٧).
__________________
(١) الوجيز ٢ : ١٩١ ، الوسيط ٧ : ٣٠ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٢٠ ـ ٤٢١ ، حلية العلماء ٧ : ٦٦٥ ، الحاوي الكبير ١٤ : ٢٤٣ ، المغني ١٠ : ٤٦٠ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٩.
(٢) المغني ١٠ : ٤٦٠ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٩.
(٣) الخلاف ٥ : ٥٣١ ، المسألة ١٨.
(٤) المغني ١٠ : ٤٦٠ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٩ ، الوسيط ٣ : ٦٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٣ و ١١ : ٤٢١ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٧٥ ، المجموع ٩ : ٣٦١ ، روضة الطالبين ٣ : ٨٣ و ٧ : ٤٥٦ ، الحاوي الكبير ١٤ : ٢٤٣ ، حلية العلماء ٤ : ١٢٢ ـ ١٢٣ ، مختصر اختلاف العلماء ٣ : ١٦٣ ، تحفة الفقهاء ٢ : ١١٥.
(٥) انظر : شرائع الإسلام ٢ : ٥٩.
(٦) المغني ١٠ : ٤٦٠ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٩ ، مختصر اختلاف العلماء ٣ : ١٦٣.
(٧) المغني ١٠ : ٤٦٠ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٩.
وقال الشافعي في القول الآخر : لا يجوز التفريق بينهما إلى أن يبلغ ـ وبه قال أحمد وأصحاب الرأي ـ لقول النبي عليهالسلام : « لا يفرّق بين الوالدة وولدها » فقيل : إلى متى؟ قال : « حتى يبلغ الغلام وتحيض الجارية » (١).
ولأنّ ما دون البلوغ مولّى عليه ، فأشبه الطفل (٢).
وتجوز التفرقة بين البالغ وامّه إجماعا.
وعن أحمد روايتان ، إحداهما : المنع (٣).
ولو فرّق بينهما بالبيع ، قال الشيخ : إنّه محرّم ويصحّ البيع (٤). وبه قال أبو حنيفة (٥) ، لقوله تعالى ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (٦) وأصالة الصحّة ، وعدم اقتضاء النهي الفساد في المعاملات ، ولأنّ النهي في هذا العقد لا لمعنى في المعقود عليه ، فأشبه البيع وقت النداء.
وقال الشافعي : لا ينعقد البيع. وبه قال أحمد (٧).
__________________
(١) المستدرك ـ للحاكم ـ ٢ : ٥٥.
(٢) المغني ١٠ : ٤٦٠ ـ ٤٦١ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٩ ـ ٤١٠ ، الوسيط ٣ : ٦٩ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٧٥ ، المجموع ٩ : ٣٦١ ، روضة الطالبين ٣ : ٨٣ و ٧ : ٤٥٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٣ ، و ١١ : ٤٢١ ، الحاوي الكبير ١٤ : ٢٤٣ ، حلية العلماء ٤ : ١٢٢ ـ ١٢٣ ، تحفة الفقهاء ٢ : ١١٥ ، المبسوط ـ للسرخسي ـ ١٣ : ١٣٩.
(٣) المغني ١٠ : ٤٦٠ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٩ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ١٣ و ٤ : ١٣٢.
(٤) الخلاف ٥ : ٥٣١ و ٥٣٢ ، المسألتان ١٨ و ١٩.
(٥) المبسوط ـ للسرخسي ـ ١٣ : ١٤٠ ، الهداية ـ للمرغيناني ـ ٣ : ٥٤ ، تحفة الفقهاء ٢ : ١١٥ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٤١ ، الحاوي الكبير ١٤ : ٢٤٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٣ ، حلية العلماء ٤ : ١٢٣ ، المجموع ٩ : ٣٦١ ، المغني ١٠ : ٤٦١ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤١٠.
(٦) المائدة : ١.
(٧) حلية العلماء ٤ : ١٢٣ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٧٥ ، تحفة الفقهاء ٢ :
مسألة ١٠٤ : قال الشيخ : لا يفرّق بين الولد والجدّة أمّ الأمّ ، لأنّها بمنزلة الأمّ في الحضانة (١).
وقال أكثر العامّة : لا يفرّق بين الولد والجدّ للأب أيضا ، وكذا الجدّة له أو الجدّ للأمّ ، لأنّهما بمنزلة الأبوين ، فإنّ الجدّ أب والجدّة أمّ ، ولهذا يقومان مقامهما في استحقاق الحضانة والميراث فقاما مقامهما في تحريم التفريق (٢).
قال الشيخ : تجوز التفرقة بين الأخوين والأختين (٣). وبه قال مالك والليث بن سعد والشافعي وابن المنذر ، للأصل ، ولأنّها قرابة لا تمنع الشهادة ، فلم يحرم التفريق ، كقرابة ابن العمّ (٤).
وقال أحمد : لا تجوز ـ وبه قال أصحاب الرأي ـ لأنّه ذو رحم محرم ، فلم يجز التفريق بينهما ، كالولد والوالد (٥).
والفرق : قوّة الشفقة وضعفها.
__________________
١١٥ ، المغني ١٠ : ٤٦١ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤١٠. وفي الوجيز ١ : ١٣٩ ، والعزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٣ ، والوسيط ٣ : ٦٩ ، وروضة الطالبين ٣ : ٨٣ ، والحاوي الكبير ١٤ : ٢٤٤ ـ ٢٤٥ ، وحلية العلماء ٧ : ٦٦٦ قولان أو وجهان.
(١) المبسوط ـ للطوسي ـ ٢ : ٢١.
(٢) المغني ١٠ : ٤٦١ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤١٠.
(٣) لم نعثر عليه في مظانّه من كتب الشيخ الطوسي. وانظر : المبسوط ـ للطوسي ـ ٢ : ٢١ ، والخلاف ٥ : ٥٣٣ ، المسألة ٢٠.
(٤) المغني ١٠ : ٤٦١ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤١٠ ، الحاوي الكبير ١٤ : ٢٤٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٢٤ ، الوسيط ٣ : ٦٨ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٢١ ، المجموع ٩ : ٣٦١ و ٣٦٢ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٥٦.
(٥) المبسوط ـ للسرخسي ـ ١٣ : ١٣٩ ، حلية العلماء ٤ : ١٢٤ ، المغني ١٠ : ٤٦١ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤١٠.
قال الشيخ : تجوز التفرقة بين من خرج من عمود الوالدين من فوق وأسفل ، كالإخوة وأولادهم ، والأعمام وأولادهم وسائر الأقارب (١). وهو قول أكثر العلماء (٢) ، للأصل.
وقال أبو حنيفة : لا تجوز التفرقة بينه وبين كلّ ذي رحم محرم ، كالعمّة ( مع ) ابن أخيها والخالة مع ابن أختها بالقياس على الأبوين (٣). وهو باطل.
وتجوز التفرقة بين الرحم غير المحرم إجماعا ، وكذا بين الامّ وولدها من الرضاع أو أخته منه ، لأنّ القرابة به لا توجب نفقة ولا ميراثا ، فلا تمنع التفريق ، كالصداقة.
وتجوز التفرقة بينهما في العتق ، فتعتق الامّ دون الولد ، وبالعكس.
وكذا تجوز التفرقة في الفداء إجماعا ، لأنّ العتق لا تفرقة فيه في المكان ، والفداء تخليص ، كالعتق.
ولو اشترى من المغنم اثنين أو أكثر وحسبوا عليه بنصيبه بناء على أنّهم أقارب تحرم التفرقة بينهم فظهر عدم النسب بينهم ، وجب عليه ردّ الفضل الذي فيهم على المغنم ، لأنّ قيمتهم تزيد بذلك ، فإنّ من اشترى اثنين على أنّ أحدهما أمّ ، يحرم الجمع في الوطء والتفرقة بينهما ، فتقلّ قيمتها لذلك ، فإذا ظهر أنّ إحداهما أجنبيّة ، أبيح له وطؤها والتفريق ، فتكثر القيمة ، فيردّ الفضل ، كما لو اشتراهما فوجد معهما حليّا.
__________________
(١) المبسوط ـ للطوسي ـ ٢ : ٢١.
(٢) المغني ١٠ : ٤٦٢ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤١١ ، الحاوي الكبير ١٤ : ٢٤٥.
(٣) المبسوط ـ للسرخسي ـ ١٣ : ١٣٩ ، الهداية ـ للمرغيناني ـ ٣ : ٥٤ ، الحاوي الكبير ١٤ : ٢٤٥.
ولو جنت جارية وتعلّق الأرش برقبتها ولها ولد صغير لم يتعلّق به أرش ، فإن فداها السيّد ، فلا كلام ، وإن امتنع ، قال الشيخ : لم يجز بيعها دون ولدها ، لاشتماله على التفرقة ، لكن يباعان معا ، ويعطى المجنيّ عليه ما يقابل قيمة جارية ذات ولد ، والباقي للسيّد ، فلو كانت قيمة الجارية ـ ولها ولد ـ دون ولدها مائة وقيمة ولدها خمسون ، خصّ الجارية ثلثا الثمن ، فإن وفي بالأرش ، وإلاّ فلا شيء غيره ، وإن زاد ، ردّ الفضل على السيّد (١).
قال : ولو كانت الجارية حاملا بحرّ وامتنع سيّدها من الفداء ، لم يجز بيعها ، وتصبر حتى تضع ، ويكون الحكم كما لو كان منفصلا ، وإن كانت حاملا بمملوك ، جاز بيعهما معا ، كالمنفصل (٢).
قال : لو باع جارية حاملا إلى أجل ففلس المشتري وقد وضعت ولدا مملوكا من زنا أو زوج ، فهل له الرجوع فيها دون ولدها؟ وجهان :
أحدهما : ليس له : لأنّه تفريق بينها وبين ولدها ، ويتخيّر بين أن يعطي قيمة ولدها ويأخذهما ، وبين أن يدع ويضرب مع الغرماء بالثمن.
والثاني : له الرجوع فيها ، لأنّه ليس تفرقة ، فإنّهما يباعان معا وينفرد هو بحصّتها (٣).
قال : ولو ابتاع جارية فأتت بولد مملوك في يد المشتري وعلم بعيبها ، لم يكن له ردّها بالعيب ، لأنّه تفريق ، ولا يلزمه ردّ الولد ، لأنّه ملكه وسقط الردّ ، ويكون له الأرش ، فإن علم بالعيب وهي حامل ، تخيّر بين الردّ والأرش (٤).
مسألة ١٠٥ : لو سبيت امرأة وولدها ، لم يفرّق بينهما ، فإن وفي
__________________
(١ ـ ٤) المبسوط ـ للطوسي ـ ٢ : ٢٢.
نصيب أحد بهما ، دفعا إليه ، وإلاّ اشترك مع الإمام فيهما ، أو باعهما وجعل ثمنهما في المغنم.
فإن فرّق بينهما في القسمة ، لم يصح.
وللشافعي قولان كما في البيع (١).
وعلى القول بصحّته قال بعض أصحابه : لا يقرّان على التفريق ولكن يقال لهما : إن رضيتما ببيع الآخر ليجتمعا في الملك فذاك ، وإلاّ فسخنا البيع (٢).
وقال بعضهم : يقال للبائع : إمّا أن تتطوّع بتسليم الآخر ، أو فسخ البيع ، فإن تطوّع بالتسليم فامتنع المشتري من القبول ، فسخ البيع (٣).
ولو كان له أمّ وجدة فبيع مع الامّ ، اندفع المحذور ، وإن بيع مع الجدّة وقطع عن الامّ ، فللشافعي قولان (٤).
وله قولان في تعدّي التحريم إلى سائر المحارم ، كالأخ والعمّ (٥).
ولو ألجأت الضرورة إلى التفرقة ، جاز ، كما لو كانت الأمّ حرّة ، جاز بيع الولد. ولو كانت الامّ لواحد والولد لآخر ، فله أن ينفرد ببيع ما يملكه.
مسألة ١٠٦ : إذا أسر المشرك وله زوجة لم تؤسر ، فالزوجيّة باقية ،
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٢٠ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٥٥.
(٢) الحاوي الكبير ١٤ : ٢٤٥ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٢٠ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٥٥ ـ ٤٥٦ ، المجموع ٩ : ٣٦١.
(٣) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٢٠ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٥٦ ، المجموع ٩ : ٣٦١.
(٤) الوسيط ٧ : ٣٠ ، الوجيز ٢ : ١٩١ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٢٠ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٥٦ ، المجموع ٩ : ٣٦١.
(٥) الوسيط ٧ : ٣٠ ، الوجيز ٢ : ١٩١ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٢٠ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٥٦ ، المجموع ٩ : ٣٦١ ، و ٣٦٢.
للاستصحاب. ولأنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم سبى يوم بدر سبعين رجلا من الكفّار ، فمنّ على بعضهم وفادى بعضا (١) ، فلم يحكم عليهم بفسخ أنكحتهم ، وبه قال أكثر العلماء.
وقال أبو حنيفة : ينفسخ النكاح ، لافتراق الزوجين في الدار ، وطروّ الملك على أحدهما ، فانفسخ النكاح ، كما لو سبيت المرأة وحدها (٢).
وليس بجيّد ، لأنّ الملك لا يحصل بنفس الأسر بل باختيار الإمام له.
إذا ثبت هذا ، فإن منّ الإمام عليه أو فأداه ، فالزوجيّة باقية ، وإن استرقّه ، انفسخت.
ولو أسر الزوجان معا ، انفسخ النكاح عندنا ـ وبه قال مالك والثوري والليث والشافعي وأبو ثور (٣) ـ لقوله تعالى ( وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلاّ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ) (٤) ( وَالْمُحْصَناتُ ) : المزوّجات( إِلاّ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ) بالسبي.
قال أبو سعيد الخدري : نزلت هذه الآية في سبي أو طاس (٥).
وقال ابن عباس : إلاّ ذوات الأزواج من المسبيّات (٦).
ولأنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال في سبي أو طاس : « لا توطأ حامل حتى تضع ،
__________________
(١) المغني ١٠ : ٤٦٧ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٦.
(٢) حلية العلماء ٧ : ٦٦٦ ، المغني ١٠ : ٤٦٧ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٧ ، وانظر : العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤١٦.
(٣) الكافي في فقه أهل المدينة : ٢٠٩ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٥ ، الوجيز ٢ : ١٩١ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤١٦ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ٢ : ٢٤١ ، حلية العلماء ٧ : ٦٦٦ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٥٣.
(٤) النساء : ٢٤.
(٥) المغني ١٠ : ٤٦٥ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٥ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤١٦.
(٦) المغني ١٠ : ٤٦٥ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٥.
ولا حائل حتى تحيض » (١) وأباح الوطء بعد وضع الحامل واستبراء الحائل ، ولو كان النكاح باقيا ، حرم الوطء.
وقال أبو حنيفة والأوزاعي وأحمد : لا ينفسخ ، لأنّ الرقّ لا يمنع ابتداء النكاح فلا يقطع استدامته ، كالعتق (٢).
والجواب : البحث في استجداد الملك ، وهو عندنا موجب لفسخ النكاح ، والفرق واقع بين الابتداء والاستدامة.
ولو أسرت الزوجة وحدها ، انفسخ النكاح إجماعا ، ولا فرق بين أن يسبى الزوج بعدها بيوم أو أزيد أو أنقص.
وقال أبو حنيفة : إن سبي بعدها بيوم ، لم ينفسخ النكاح (٣).
وليس بجيّد ، لأنّ المقتضي للفسخ موجود وهو السبي ، فانفسخ النكاح ، كما لو حصل السبي بعد شهر.
ولا فرق بين أن يسبيهما واحد أو اثنان.
والوجه : أنّه إذا سباهما واحد وملكهما معا ، لا ينفسخ النكاح إلاّ بفسخه ، وكذا لو بيعا من واحد.
ولو كان الأسير طفلا ، انفسخ النكاح في الحال ، كالمرأة ، لتجدّد الملك بالأسر ، بخلاف البالغ.
__________________
(١) ورد نصّه في سنن البيهقي ٩ : ١٢٤ نقلا عن الشافعي ، وكذا في العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤١٦ ، والمهذّب ـ للشيرازي ـ ٢ : ٢٤١. وبتفاوت في سنن أبي داود ٢ : ٢٤٨ ـ ٢١٧ ، وسنن الدارمي ٢ : ١٧١ ، ومسند أحمد ٣ : ٥٠٩ ـ ١١٤١٤ ، والمستدرك ـ للحاكم ـ ٢ : ١٩٥.
(٢) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤١٦ ، المغني ١٠ : ٤٦٥ ـ ٤٦٦ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٥ ـ ٤٠٦.
(٣) المغني ١٠ : ٤٦٦ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٦.