الأمالي - المقدمة

الأمالي - المقدمة

المؤلف:


الموضوع : الحديث وعلومه
الطبعة: ١
الصفحات: ٨٨٨

التعريف بكتاب ( الأمالي )

للشيعة الإمامية كتب عدة في الأمالي ، وهي عبارة عن محاضرات يمليها الشيخ على تلاميذه في مجلس ، أو في مجالس ، وفي أيام معينة ، أو في مواسم خاصة عن ظهر قلبه أو عن كتابه ، أو الغالب عليها ترتيبه على مجالس السماع ، ولذا يطلق عليها المجالس أو عرض المجالس أيضا.

ويبدو أن للطلبة دورا على حفظ هذا النوع من الدروس وروايتها وتدوينها ، ويقول الدكتور معروف : « إن الأمالي أعلى مراتب التعليم ، وكيفيتها أن يملي العالم في مجلس أو عدة مجالس تعقد له في الجامع أو المدرسة على طلبة العلم ما توصل إليه في بحوثه وتحرياته فتكتب عنه ».

وكتاب ( الأمالي ) أو ( المجالس ) للشيخ الطوسي عبارة عن مجالس عقدت في مشهد الإمام علي بن أبي طالب ( عليه‌السلام ) في النجف الأشرف ، وهي تعطي دلالة على انتظام الوضع الدراسي ، وإعادة الحركة العلمية من جديد في النجف ، بعد النكسة التي أصابتها في حوادث بغداد عام ٤٤٨ هـ. ومما يبدو أن الشيخ الطوسي قد أملى على طلابه في النجف ، وكان من ضمنهم ولده أبو علي الذي قام هو بدوره في إملائها على تلاميذه فيما بعد ، فرويت عن مؤلفها بواسطته ، ولا يمنع ذلك أن يوجد من شارك أبا علي في السما ع من أبيه الشيخ الطوسي تلك الأمالي ، إلا أن الذي حدث بها

٢١

عن المؤلف هو ولده أبو علي فحسب ، مما جعل بعض الباحثين يعتقد نسبة هذه الأمالي للشيخ أبي علي الطوسي ، ويقول الأمين : « إن الأمالي المتداول هو للشيخ الطوسي لا لولده ، فإن كان يوجد أمال أخرى لولده كما يدعيه صاحب ( البحار ) فذاك ، وإلا فهذا المتداول لا علاقة للمترجم ـ يعني أبا علي الطوسي ـ به إلا أنه يرويه عن أبيه ،.

وقد ذكر الشيخ الطوسي كتابه هذا في الفهرست قائلا : « وله كتاب المجالس في الاخبار ».

إن أمالي الشيخ الطوسي على قسمين :

الأول منه يشتمل على ثمانية عثر مجلسا ، تبتدئ جميعها بالشيخ أبي علي الطوسي ، وهي مؤرخة بالشهر والسنة ، عدا المجلس الرابع ، والثالث عشر ، والثامن عشر ، والمجالس الثمانية عشر هذه لم يذكر فيها الشيخ الطوسي أيام الاملاء من الأسبوع ، دائما يكتفي بذكر الشهر والسنة ، عدا المجلس الخامس الذي أملاه في يوم الخميس السادس والعشرين من شهر رمضان سنة سبع وخمسين وأربع مائة. ومن الملاحظ في هذه المجالس ، أن المجلس السادس أملاه في ذي القعدة من سنة ٤٥٥ هـ ، في حين أن المجلس الخامس الذي سبقه قد أملاه سنة ٤٥٧ هـ ، ولعل هذا ناتج عن وقوع السهو في التاريخ من قبل النساخ ، بدليل أن المجلس السابع أملاه في المحرم من سنة ٤٥٦ هـ ، والمجالس التالية تأخذ بالتعاقب الزمني.

أما القسم الثاني من الأمالي ، فهو مرتب على المجالس ، وقد ابتدأ المجلس الأول في يوم الجمعة المصادف لليوم الرابع من المحرم من سنة ٤٥٧ هـ ، وهكذا تستمر بقية المجالس بالانعقاد في أيام الجمع ، وهو شئ يمكن ملاحظته في هذه الأمالي ، وهو طابع الاستمرارية في الاملاء وتعيين يوم الجمعة موعدا للاملاء ، ويختم الشيخ الطوسي أماليه بمجلس أطلق عليه مجلس يوم التروية من سنة ٤٥٨ هـ ، وتبلغ عدد مجالس القسم الثاني من « الأمالي » سبعة وعشرين مجلسا ، يؤرخ فيها اليوم والشهر والسنة. وقد استغرق إملاء كتاب « الأمالي » بقسميه « المجالس الثمانية عشر »

٢٢

و « المجالس الثمانية والعشرين » مدة ثلاث سنوات ، لأنه أملى المجلس الأول من القسم الأول في شهر ربيع الأول من سنة ٤٥٥ هـ ، وختم المجلس السابع والعشرين من القسم الثاني في يوم الجمعة السادس من صفر سنة ٤٥٨ هـ ، على أن النسخة المخطوطة تخلو من ذكر هذه التواريخ ، لأنها تبدأ بمشايخ أبي جعفر الطوسي ، وتبلغ مجموع أمالي القسمين ستة وأربعين مجلسا.

ويذكر الطهراني عن السيد ابن طاوس « بأن الشيخ الطوسي أملى تمام السبعة والعشرين (١) مجلسا على ولده الشيخ أبي على وكلها بخط الشيخ حسين بن رطبة وغيره ... إلا أن الثمانية عشر مجلسا منها ظهرت للناس أولا برواية الشيخ أبي علي لها عن والده ، وصدرت تلك المجالس باسم الشيخ أبي علي ، والبقية إلى تمام السبعة والعشرين مجلسا رواها أيضا الشيخ أبو علي للناس بعد الأولى بعين ما أملاه والده عليه في مجالس كل يوم ».

وقد أثبتنا أسانيد هذا الكتاب وفقا للنسخة المخطوطة سنة ٥٨٠ هـ ، وجميعها تبدأ بمشايخ المصنف ، ولم يرد ذكر لولد المصنف الشيخ أبي علي فيها ، وتبدأ النسخة من أول الكتاب إلى آخر المجلس الثامن عشر ، وجاء في آخر النسخة » تم كتاب الأمالي نسخا ، وهو ثمانية عشر جزءا ، أول يوم الجمعة لثلاث عشر مضين من شهر شوال من سنة ثمانين وخمس مائة ،.

أما المجالس المتبقية من الكتاب ، من المجلس التاسع عشر إلى المجلس السادس والأربعين ، فهي برواية ولد المصنف الشيخ أبي علي الحسن بن محمد الطوسي عن والده ، وفي بعض نسخ الكتاب المتأخرة روى الشيخ أبو علي الطوسي عن والده المجالس الثمانية عشر الأولى أيضا ، مثبتا فيها تاريخ الرواية عن أبيه على ما تقدم آنفا.

تضم « أمالي الشيخ الطوسي » طائفة من الأحاديث النبوية الشريفة ، وجانبا من

__________________

(١) كذا ، والصحيح (٢٨) كما تقدم آنفا.

٢٣

السيرة المحمدية ، وروايات عن الأئمة ( عليهم‌السلام ) ، وأدعية مأثورة ، وقد حظي التاريخ فيها مجالا واسعا ، حيث تناول الشيخ الطوسي بعض حوادثه بالتفصيل ، كهجرة المسلمين إلى الحبشة ، ويوم خيبر ، ويوم مؤتة ، والخلافة بعد الرسول ( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ، ومقتل الإمام الحسين ( عليه‌السلام ) ، كما وتناول بعض الحركات السياسية في التاريخ الاسلامي كثورة المختار بن أبي عبيدة الثقفي ، وغيرها. وكانت مصادره في ذلك بعض شيوخه ، كالشيخ المفيد ، وابن عبد ون ، وابن الصلت الأهوازي ، وهلال الحفار ، وأبي منصور السكري ، والحسن بن محمد الفحام ، وابن أبي الفوارس ، والحسين بن إبراهيم القزويني ، وابن خشيش ، وأبي الطيب الطبري ، وابن بشران ، وابن مخلد ، وابن مهد ي ، وابن الحمامي ، وابن شاذان ، وابن حمويه ، وابن شبل ، والجرجاني ، والصقال ، والغضائري.

٢٤

منهج التحقيق

يمكن إجمال عملنا في الكتاب بالنقاط التالية :

ا ـ معارضة المطبوع في النجف الأشرف بالنسخة المخطوطة وبالمطبوعة على الحجر.

٢ ـ معارضة المطبوع من المجلس التاسع عشر إلى آخر الكتاب بنقول العلامة المجلسي في بحار الأنوار من كتاب الأمالي ، وذلك لكثرة التصحيف والتحريف والسقط في هذه المجالس في المطبوعة والحجرية.

٣ ـ تقويم النص بتخليصه من التصحيف والسقط ، وشرح غريبه ، وضبط الآيات القرآنية وتخريجها ، وقد أثبتنا ما هو صحيح من مجموع النسخ ، ولم نشر إلى اختلاف النسخ إلا نادرا ، لان أغلب الاختلاف هو من قبيل التصحيف الذي لا تترتب عليه أدنى فائدة للقارئ.

٤ ـ ترقيم المجالس والأحاديث في كل مجلس.

٥ ـ الإحالة إلى الأحاديث المتحدة في اللفظ أو المتشابهة.

٦ ـ إلحاق فهارس للآيات القرآنية ، والحديث والأثر ، والقوافي الشعرية.

٢٥

النسخ المعتمدة

ا ـ النسخة المخطوطة سنة ٥٨٠ هـ ، وقد وقع الفراغ من نسخها أول يوم الجمعة لثلاثة عشر يوما مضت من شهر شوال من السنة المذكورة ، بخط السديد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن هلال الكاتب ، وهي نسخة قيمة ، تبدأ أسانيدها بشيوخ المصنف ، وتتضمن ثمانية عشر مجلسا ، حيث تبدأ من أول الكتاب إلى آخر المجلس الثامن عشر.

٢ ـ المطبوعة على الحجر في إيران سنة ٣١٣ هـ ، تبدأ من أول الكتاب إلى آخره ، وتبدأ أسانيدها بولد المصنف الشيخ أبي علي الحسن بن محمد الطوسي.

٣ ـ طبعة مطبعة النعمان في النجف الأشرف سنة ١٣٨١ هـ ـ ١٩٦٤ م ، وهي كثيرة التصحيف والسقط ، وتشترك في ذلك بالمطبوعة الحجرية المذكورة أعلاه ، وكأنها طبعت عليها.

شكر وتقدير

يتقدم قسم الدراسات الاسلامية بوافر الشكر ومزيد الامتنان للاخوة المساهمين في إنجاز تحقيق كتاب الأمالي لشيخ الطائفة ( رحمه‌الله ) ، وإخراجه بشكل يناسب مقام مؤلفه ( رحمه لله ) ، ويكون أكثر فائدة لمريدي هذا الكتاب ، ونخص بالذكر منهم : الأخ علي الكعبي ، والسيد إسماعيل الموسوي ، والأخ زهير جواد ، والسيد عبد الحميد الرضوي ، والأخ عبد الله الخزاعي ، والأخ عصام البدري.

وفق الله العاملين على إحياء تراث أهل البيت ( عليهم‌السلام ) وسدد خطاهم.

قسم الدراسات الاسلامية ـ مؤسسة البعثة

٢٦

٢٧

٢٨

٢٩

٣٠