علي بن موسى بن محمّد بن عبد الملك بن سعيد الغرناطي الأندلسي
المحقق: خليل المنصور
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٩٧
آه منجفن قريح بعدكم |
|
يشتكي خدّاي منه الغرقا |
وحشا غير قرير كلّما |
|
رمت أن يهدأ عنكم خفقا |
وفؤاد لم أضع قطّ يدي |
|
فوقه خيفة أن تحترقا |
ما لنجم عكفت عيني على |
|
رعيه ليس يريم الأفقا |
ولعين خلعت فيك الكرى |
|
كيف لم تخلع عليك الأرقا |
أيها اللّوّام ما أهدأكم |
|
عن قلوب أسهرتنا قلقا |
ما الذي تبغون من تعذيبها |
|
بعد ما ذابت عليكم حرقا |
قومنا فوزوا بسلوانكم |
|
ودعوا بالله من تشوّقا |
وارحموا في غسق الظلماء من |
|
بات بالدمع يبلّ الغسقا |
علّلونا بالمنى منكم ولو |
|
بخيال منكم أن يطرقا |
وعدونا بلقاء منكم |
|
فكثير منكم ذكر اللّقا |
لو خشينا الجور من جيرتنا |
|
لانتصفنا قبل أن نفترقا |
واصطبحنا الآن من فضله ما |
|
قد شربنا ذلك المغتبقا |
فسقى الله عشيّات الحمى |
|
والحمى أكرم هطّال سقى |
قد رزقناها وكانت عشية |
|
قلّما فاز بها من رزقا |
لا وسهم جاء من نحوكم |
|
إنّه أقتل سهم فوّقا |
وحلى نجد سنجري ذكرها |
|
أو سعتنا في الهوى مرتفقا |
ما حلا بعدكم العيش لنا |
|
مذ تباعدتم ولا طاب البقا |
فمن المنبي إلينا خبرا |
|
وعلى مخبرنا أن يصدقا |
هل درت بابل أنّا فئة |
|
تجعل السّحر من السحر رقى |
ننقش الآية في أضلاعنا |
|
فتقينا كلّ شيء يتّقى |
من بنان الوزر الأعلى الذي |
|
يخجل السّحر إذا ما نطقا |
وقوله (١) : [الكامل]
ما مثل موضعك ابن رزق موضع |
|
روض يرفّ وجدول يتدفّع |
وكأنما هو من بنانك صفحة (٢) |
|
فالحسن ينبت في ثراه ويبدع |
__________________
(١) الأبيات في المعجب (ص ١٥٤).
(٢) في المعجب : فكأنما هو من محاجر غادة.
وعشيّة لبست رداء شحوبها |
|
والجو بالغيم الرقيق (١) مقنّع |
بلغت بنا أمد السرور تألّفا |
|
والليل نحو فراقنا يتطلّع |
فابلل بها زمن الغبوق فقد أتى |
|
من دون قرص الشمس ما يتوقّع |
سقطت ولم تملك يمينك ردّها |
|
فوددت يا موسى بأنّك (٢) يوشع |
وقوله :
يا راكبا واللّوى شمال |
|
عن قصده والعصا يمين |
نجدا على أنّه طريق |
|
تقطعه للصّبا عيون |
وحيّ عنّي إن جزت حيّا |
|
أمضى مواضيهم الجفون |
وقل على أيكة بواد |
|
للورق في قضبها حنين |
يا أيك لا يدّعي حمام |
|
ما يجد الشّيّق الحزين |
لو أنّ بالورق ما بقلبي |
|
لاحترقت تحتها الغصون |
وقوله (٣) :
وذي حنين يكاد شجوا (٤) |
|
يختلس الأنفس اختلاسا |
إذا (٥) غدا للرياض جارا |
|
قال لها المحل لا مساسا |
تبسّم الزّهر حين يبكي |
|
بأدمع ما رأين باسا |
من كلّ جفن يسلّ سيفا |
|
صار له غمده رئاسا |
وقوله : [مجزوء الكامل]
ذات الجناح تقلّبي |
|
بجوانح القلب الخفوق |
وتساقطي بالسّرحتي |
|
ن تساقط الدّمع الطّليق |
وسليهما بأرقّ من |
|
عطفي قضيبهما الوريق |
هل بعدنا ممتّع |
|
في مثل ظلّهما العتيق |
وإذا صدرت مبينة |
|
لتبلّغي النّبأ المشوق |
__________________
(١) في المعجب : الدقيق.
(٢) في المعجب : لو أنك.
(٣) الأبيات في المعجب للمراكشي (ص ١٥٨).
(٤) في المعجب : شوقا.
(٥) في المعجب : لما.
أخت الهواء فعالجي |
|
بأخي الهوى حتى يفيق |
ولتعلمي إن ضفت يا |
|
ورقاء ذا جفن أريق |
أن القرى عبراته |
|
فتعلّمي لقط العقيق |
وقوله :
وروض جلا صدأ العين به |
|
نسيم تجارى على مشربه |
صنوبرة ركبت ساقها |
|
عليه فخاضت حشا مذنبه |
فشبّهتها وأنابيبها |
|
بها الماء قد جدّ في مسكبه |
بأرقم كعّك من شخصه |
|
وأفرخه يتعلّقن به |
وقوله في غلام حائك (١) : [البسيط]
قالوا وقد أكثروا في حبّه عذلي |
|
لو لم تهم بمذال القدر مبتذل |
فقلت لو أن (٢) أمري في الصّبابة لي |
|
لاخترت ذاك ولكن ليس ذلك لي |
علّقته حبيبيّ الثّغر عاطره |
|
ألمي المقبّل أحوى ساحر المقل (٣) |
إذا تأمّلته أعطاك ملتفتا |
|
ما شئت من لحظات الشادن الغزل |
غزيّل لم تزل في الغزل جائلة |
|
بنانه جولان الفكر في الغزل |
جذلان يلعب (٤) بالمحراك أنمله |
|
على السّدى لعب الأيام بالأمل |
ما إن يني تعب الأطراف مشتغلا |
|
أفديه من تعب الأطراف مشتغل |
جذبا (٥) بكفّيه أو فحصا بأخمصه |
|
تخبّط الظبي في أشراك محتبل |
وقوله في نجار :
تعلّم نجارا فقلت لعلّه |
|
تعلّمها من نجر مقلته القلبا |
شقاوة أعواد تصدّى لجهدها |
|
فآونة قطعا وآونة ضربا |
غدت خشبا تجني ثمار جناية |
|
بما استرقته من معاطفه قضبا |
وقوله في حمّام :
__________________
(١) الأبيات في ديوان الرصافي (ص ١٢١ ـ ١٢٢) ونفح الطيب (ج ٤ / ص ١٧٩). ببعض الاختلاف عمّا هنا.
(٢) في النفح : لو كان.
(٣) في النفح : الشطر في النفح : حلو اللّمى ساحر الأجفان والمقل.
(٤) في النفح : تلعب.
(٥) في النفح : ضمّا.
انظر إلى نقشي البديع |
|
يسليك عن زهرة الرّبيع |
لو جني البحر من رياض |
|
كان حبى روضي المريع |
سقاني الله دمع عيني |
|
ولا وقاني جوى ضلوعي |
فما أبالي شقاء بعضي |
|
إذا تشقّيت في جميعي |
كيف تراني وقيت ما بي |
|
ألست من أعجب الرّبوع؟ |
بسم الله الرحمن الرحيم
صلى الله على سيدنا محمد
أما بعد حمد الله والصلاة على سيدنا محمد وآله وصحبه ، فهذا :
الكتاب الثالث
من الكتب التي يشتمل عليها :
كتاب المملكة البلنسية
وهو
كتاب الخصر الأهيف ، في حلى قرية المنصف
من قرى بلنسية ؛ منها :
٥٧٠ ـ أبو الحجاج يوسف المنصفيّ (١)
زاهد مشهور سكن مدينة سبتة ، وأدركه والدي ، ومن مشهور شعره قوله (٢) : [السريع]
قالت لي النفس أتاك الرّدى |
|
وأنت في بحر الخطايا مقيم |
فما ادّخرت الزّاد قلت اقصري |
|
هل يحمل الزاد لدار الكريم |
وقوله في زورق (٣) :
__________________
(١) انظر ترجمته في نفح الطيب (ج ١ / ص ١٧٧) و (ج ٥ / ص ١٣٤) والرايات (ص ٩٩).
(٢) البيتان في نفح الطيب (ج ١ / ص ١٧٧) و (ج ٥ / ص ١٣٤) دون تغيير عمّا هنا.
(٣) البيتان في الرايات (ص ٩٩).
وسابح بات (١) لا يثني قوائمه |
|
كالصّقر ينحطّ مذعورا لعقبان |
كأنّه مقلة للجوّ شاخصة |
|
ومن مجاذيفه أهداب أجفان |
__________________
(١) في الرايات : بان.
بسم الله الرحمن الرحيم
صلى الله على سيدنا محمد
أما بعد حمد الله والصلاة على سيدنا محمد وآله وصحبه ، فهذا :
الكتاب الرابع
من الكتب التي يشتمل عليها :
كتاب المملكة البلنسية
وهو
كتاب الورق المرنّه ، في حلى قرية بطرنه
من قرى بلنسية ؛ منها :
٥٧١ ـ أبو جعفر أحمد بن الجزّار (١)
من المسهب : هو الذي شجر بينه وبين ابن غرسية مولى إقبال الدولة بن مجاهد ملك دانية ما أوجب أن صنع ابن غرسية الرسالة الشعوبية في تفضيل العجم على العرب ، وعارضها جماعة من الفضلاء ، وأبو جعفر ممن عارضها برسالة ، وفيه يقول ابن غرسية هاجيا له :
بطرنة تعلم أصلا له |
|
عزبت فسلها فما تنكر |
ومثّل بها وضما ماثلا |
|
وشفرة جزر ولا أكثر |
تجرّ ذيول العلا تائها |
|
وجدّكم الجازر الأكبر |
__________________
(١) ترجمته في نفح الطيب (ج ٤ / ص ٣٧٠) والصلة (ص ٩) والمسالك (ج ١١ / ص ٢٧٦).
فهذي العلا لا علا حاجب |
|
ومثلك يا سيدي يفخر |
وفضّله صاحب المسهب ، وأطنب في تقديمه بقوله (١) : [الطويل]
وما زلت أجني منك والدهر ممحل |
|
ولا ثمر يجنى ولا زرع (٢) يحصد |
ثمار أياد دانيات قطوفها |
|
لأغصانها ظلّ عليّ ممدّد |
يرى جاريا ماء المكارم تحته (٣) |
|
وأطيار شكري فوقهنّ تغرّد |
ومن شعره قوله : [الوافر]
إليك أبا عليّ جبت بيدا |
|
مهامه مثل صدرك في انفساح |
وغربان الدّجى قد نفّرتها |
|
إلى أو كارها رخم الصّباح |
وأنشد هذه الأبيات عمه في الحديقة.
__________________
(١) الأبيات في نفح الطيب (ج ٤ / ص ٣٧٠).
(٢) في النفح : الزرع.
(٣) في النفح : تحتها.
بسم الله الرحمن الرحيم
صلى الله على سيدنا محمد
أما بعد حمد الله والصلاة على سيدنا محمد وآله وصحبه ، فهذا :
الكتاب الخامس
من الكتب التي يشتمل عليها :
كتاب المملكة البلنسية
وهو
كتاب المنّة ، في حلى قرية بنّه
من قرى بلنسية ، منها :
٥٧٢ ـ أبو جعفر أحمد بن عبد الوليّ البنّي (١)
من المسهب : من سوابق حلبة عصره ، وغرر دهره ، خلع عذاره في الصّبا ، وهبّ مع غرامه جنوبا وصبا. وذكره الفتح في المطمح ثم ذكره في ضمن القلائد وقال : وهو مطبوع النظم نبيله ، واضح نهجه في الإجادة وسبيله ، يضرب في علم الطّبّ بنصيب ، وسهم يخطى أكثر مما يصيب ، وكان أليف غلمان ، وحليف كفر لا إيمان ، ما نطق متشرّعا ، ولا نظر متورّعا ، ولا اعتقد حشرا ولا صدّق بعثا ولا نشرا ، وربما تنسّك مجونا وفتكا ، وتمسّك باسم التّقى وهو يهتكه هتكا ، لا
__________________
(١) انظر ترجمته في قلائد العقيان (ج ٥ / ص ٣٦) ونفح الطيب (ج ٥ / ص ٣٦) (ج ٦ / ص ٦) ومطمح الأنفس (ص ٩١). والمعجب (ص ١٢٢) والرايات (ص ٩٤).
يبالي كيف ذهب ، ولا بما تمذهب ، وكانت له أهاج جرع بها صابا ، وادّرع منها أوصابا. الغرض من نظمه قوله (١) : [الكامل]
من لي بغرّة فاتن (٢) يختال في |
|
حلل الجمال إذا مشى (٣) وحليّه |
لو شبّ في وضح النهار شعاعها |
|
ما عاد جنح الليل بعد مضيّه |
شرقت بماء (٤) الحسن حتى خلّصت |
|
ذهبيّة في الخدّ من فضّيّه |
في صفحتيه من الحياء (٥) أزاهر |
|
غذيت بوسميّ الصّبا (٦) ووليّه |
سلّت محاسنه لقتل محبّه |
|
من سحر عينيه ، حسام سميّه |
وقوله (٧) : [مجزوء الكامل]
كيف لا يزداد قلبي |
|
من جوى الشّوق خبالا |
وإذا قلت عليّ |
|
بهر الناس جمالا |
هو كالغصن وكالبد |
|
ر بهاء (٨) واعتدالا |
أشرق البدر سرورا (٩) |
|
وانثنى الغصن اختيالا |
إنّ من رام سلوّي |
|
عنه قد رام محالا |
لست أسلو عن هواه |
|
كان رشدا أو ضلالا |
قل لمن قصّر فيه |
|
عذل نفسي أو أطالا |
دون أن تدرك هذا |
|
يسلب (١٠) الأفق الهلالا |
وقوله (١١) : [الوافر]
__________________
(١) الأبيات في نفح الطيب (ج ٦ / ص ٦) والقلائد (ص ٢٩٥).
(٢) في القلائد : بغرة فاتر.
(٣) في النفح : مشى.
(٤) في النفح : لآلي.
(٥) في النفح : من الجمال.
(٦) في النفح : الحيا.
(٧) الأبيات في قلائد العقيان (ص ٢٩٦) ونفح الطيب (ج ٦ / ص ٦).
(٨) في النفح : بهاء.
(٩) في النفح : كمالا.
(١٠) في النفح : تسلب.
(١١) الأبيات في قلائد العقيان (ص ٢٩٦) ونفح الطيب (ج ٦ / ص ٧).
تنفّس بالحمى مطلول روض (١) |
|
فأودع نشره ريحا (٢) شمالا |
فصبّحت العقيق إليّ كبلا |
|
تجرّر فيه أردانا خضالا (٣) |
أقول وقد شممت التّرب مسكا |
|
بنفحتها يمينا أو شمالا |
نسيم بات يجلب منك طيبا (٤) |
|
ويشكو من محبّتك اعتلالا |
ينمّ إليّ من زهرات روض |
|
حشوت جوانحي منها ذبالا |
وذكر نفي ناصر الدولة له من ميورقة في قوله وقد ردّته الريح (٥) : [الوافر]
أحبتنا الألى عتبوا (٦) علينا |
|
فأقصونا (٧) وقد أزف الوداع |
لقد كنتم لنا جذلا وأنسا |
|
فما في (٨) العيش بعدكم انتفاع |
أقول وقد صدرنا بعد يوم |
|
أشوق بالسفينة أم نزاع |
إذا طارت بنا حامت عليكم |
|
كأن قلوبنا فيها شراع |
ومن شعره قوله (٩) : [البسيط]
قالوا تصيب طيور الجوّ أسهمه |
|
إذا رماها فقلنا عندنا (١٠) الخبر |
تعلّمت قوسه من قوس حاجبه |
|
وأيّد السهم من ألحاظه (١١) الحور |
يلوح في بردة كالنّقس حالكة |
|
كما يلوح (١٢) بجنح الليلة القمر |
وربما راق في خضراء مورقة (١٣) |
|
كما تفتّح في أوراقه الزّهر |
وقوله : [البسيط]
تروق حسنا وفيك الموت أجمعه |
|
كالصّقل في السيف أو كالنّور في النار |
__________________
(١) في النفح : أرض.
(٢) في النفح : نشرا.
(٣) في النفح : فصبحت العيون إليّ كسلي. وفي القلائد : خصالا.
(٤) في النفح : جاء يبعث منك طيبا.
(٥) الأبيات في قلائد العقيان (ص ٢٩٧) ونفح الطيب (ج ٥ / ص ٣٦).
(٦) في النفح : عنتوا.
(٧) في النفح : وأقصونا.
(٨) في النفح : بالعيش.
(٩) الأبيات في قلائد العقيان (ص ٢٩٧ ، ٢٩٨) ونفح الطيب (ج ٥ / ص ٣٧) و (ج ٦ / ص ٨).
(١٠) في النفح : عندها.
(١١) في النفح : من أجفانه.
(١٢) في النفح : كما أضاء.
(١٣) في النفح : مؤنقة.
بسم الله الرحمن الرحيم
صلى الله على سيدنا محمد
أما بعد حمد الله والصلاة على سيدنا محمد وآله وصحبه ، فهذا :
الكتاب السادس
من الكتب التي يشتمل عليها :
كتاب المملكة البلنسية
وهو
كتاب الحال المغبوطة ، في حلى حصن متّيطه
من حصون بلنسية ، منه :
٥٧٣ ـ أبو جعفر أحمد بن جعفر المتّيطيّ
سكن سبتة. ولهذا البيت فيها مجد شامخ ، وتصرّف في ولايات ، وكان أبو جعفر مشهورا بالتوشيح. ومن شعره قوله من قصيدة في أبي سعيد ابن جامع وزير أئمة بني عبد المؤمن : [البسيط]
سموت حتى علوت النّجم مرتفعا |
|
هذا صعود لمن في الدهر قد مجدا |
وخافك الناس طرّا في مياههم |
|
لو أن بأسك في ماء لما وردا |
زيّنت ملك أمير المؤمنين بما |
|
أظهرت من غزوات نظّمت عددا |
٥٧٤ ـ أبو عبد الله محمد بن أحمد المتّيطيّ
ذكر أبو سهل المحدّث أنه اجتمع به ، وأنشده قوله :
سير بمن أهواه في زورق |
|
واشتعل الوجد اشتعال القبس |
كأنما الزورق قلبي بدا |
|
في لجج الدمع بريح النّفس |
٥٧٥ ـ أبو جعفر أحمد بن محمد المتّيطيّ
أخبرني والدي : أنه كان شاعرا مكثرا ، وأنه لقيه بسبتة في مدة المستنصر ، وله أمداح كثيرة في أبي يحيى بن يحيى بن أبي أبراهيم ملك سبتة ، ومن شعره قوله : [البسيط]
يا سائلي عن شهاب ظلّ مرتميا |
|
من النجوم لمدحور ومسترق |
كفارس حلّ إحضارا عمامته |
|
وضمّها مسرعا في آخر الطّلق |
وقوله : [البسيط]
انظر إلى الشمس قد وافت لمغربها |
|
مصفرّة الوجه لكن ما بها خجل |
كأنها عندي رأي العين إذا سقطت |
|
وخلّفت جمرة تذكى وتشتعل |
خريدة غطست في اليمّ وانتزعت |
|
خلديّة ريثما تروى وتغتسل |
بسم الله الرحمن الرحيم
صلى الله على سيدنا محمد
أما بعد حمد الله والصلاة على سيدنا محمد وآله وصحبه ، فهذا :
الكتاب السابع
من الكتب التي يشتمل عليها :
كتاب مملكة بلنسية
وهو
كتاب النجوم الزّهر ، في حلى جزيرة شقر
من المسهب : عروس الأندلس المقلّدة من نهرها بسلك ، المتلفّعة من جنانها بسندس ، روض بسّام ، ونهر كالحسام ، وبلبل وحمام ، ومنظر يحثّ على حسو المدام ، كما قال حسنتها أبو إسحاق بن خفاجة :
سقيا لها من بطاح أنس |
|
ودوح حسن بها مطلّ |
فما ترى غير وجه نهر |
|
أطلّ فيه عذار ظلّ |
٥٧٦ ـ الكاتب أبو المطرّف أحمد بن عميرة (١)
هو الآن عظيم الأندلس في الكتابة وفي فنون من العلوم ، وقد كتب عن زيان بن مرذنيش
__________________
(١) انظر ترجمته في الذيل والتكملة (ج ١ / ص ١٥٠) والمقتضب من كتاب تحفة القادم (ص ١٩٧) وفي نفح الطيب (ج ١ / ص ٢٩٣ ، ٣٠٠) والروض المعطار (ص ٩٧).
ملك بلنسية ، وأخبرني أبو عبد الله بن الأبار البلنسي : زيان بن مرذيش أحضر يوما حجّاما ، ثم أخرج له جائزة ، ودفع إليه أبو المطرّف شعرا ، فلم يجزه ، فكتب إليه (١) : [الوافر]
أرى من جاء بالموسى مواسى |
|
وراحة من أراح المدح صفرا (٢) |
فأنجح سعي ذا إذا قصّ شعرا |
|
وأخفق سعي ذا إذ قصّ شعرا (٣) |
فأمر له بإحسان.
٥٧٧ ـ الكاتب أبو جعفر أحمد بن طلحة (٤)
لقيته بإشبيلية وهو يكتب عن سلطان الأندلس المتوكل بن هود ، ويكون نائبا عن الوزير إذا غاب ، وآل أمره إلى أن فسد ما بينه وبين ابن هود ، وفر إلى سبتة ، فأحسن له ملكها الموفق الينشتي ، ثم بلغه أنه يكثر الوقوع فيه ، فرصده في شهر رمضان وهو يشرب الخمر وعنده عواهر ، فكبسه وضرب عنقه ، وله شعر في الطبقة العالية ، منه قوله (٥) : [السريع]
يا هل ترى أظرف من يومنا |
|
قلّد جيد الأفق طوق العقيق |
وأنطق الورق بعيدانها |
|
مرقصة (٦) كلّ قضيب وريق |
والشمس لا تشرب خمر النّدى |
|
في الروض (٧) إلا بكؤوس الشّقيق |
وقوله (٨) : [الوافر]
أدرها فالسّماء بدت عروسا |
|
مضمّخة الملابس بالغوالي |
وخدّ الروض خفّره (٩) أصيل |
|
وجفن (١٠) النّهر كحّل بالظّلال |
__________________
(١) البيتان في نفح الطيب (ج ١ / ص ٣٠٤ ، ٣٠٥).
(٢) في النفح : وراحة ذي القريض تعود صفرا.
(٣) في النفح :
فهذا مخفق إن قصّ شعرا |
|
وهذا منجح إن قصّ شعرا |
(٤) انظر ترجمته في اختصار القدح (ص ١١٤) ونفح الطيب (ج ٢ / ص ٢٧٤) والمقتضب من كتاب تحفة القادم (ص ٢٠٩).
(٥) الأبيات في اختصار القدح (ص ١١٤) ونفح الطيب (ج ٤ / ص ٢٧٤ / ٢٧٥).
(٦) في اختصار القدح : من فضّة.
(٧) في النفح : في الأرض.
(٨) الأبيات في اختصار القدح (ص ١١٤) ونفح الطيب (ج ٤ / ص ٢٧٥).
(٩) في النفح : حمّره.
(١٠) في اختصار القدح : حقو.
وجيد الغصن يشرف في لآل |
|
تضيء بهنّ أكناف الليالي |
وقوله (١) : [السريع]
لله نهر عندما زرته |
|
عاين طرفي منه سحرا حلال |
إذا أصبح الطّلّ به ليلة |
|
وحال فيها (٢) الغصن شبه الخيال |
وقوله (٣) : [الوافر]
ولما ماج بحر الليل بيني |
|
وبينكم وقد جدّدت ذكرا |
أراد لقاءكم إنسان عيني |
|
فمدّ له المنام عليه جسرا |
وقوله (٤) : [الوافر]
ولما أن رأى إنسان عيني |
|
بصحن الخدّ منه غريق ماء |
أقام له العذار عليه جسرا |
|
كما مدّ الظلام على الضياء |
البيوت
٥٧٨ ـ أبو القاسم بن خرشوش (٥)
من أعيان الجزيرة في مدة الملثّمين ، ومن شعره قوله :
دعني إذا الطير نادى |
|
على الغصون : الصّبوح |
هناك أتلف مالي |
|
وإن نهاني النّصيح |
الحكّام
٥٧٩ ـ أبو يوسف يعقوب بن طلحة (٦)
__________________
(١) الأبيات في اختصار القدح (ص ١١٥ ـ ١١٧) ونفح الطيب (ج ٤ / ص ٢٧٥).
(٢) في النفح : وجال فيه ، وفي اختصار القدح : وجال منها.
(٣) الأبيات في نفح الطيب (ج ٤ / ص ٢٧٥).
(٤) الأبيات في نفح الطيب (ج ٤ / ص ٢٧٥) دون تغيير عمّا هنا.
(٥) انظر ترجمته في الرايات (ص ٨٨).
(٦) انظر ترجمته في التكملة (ص ٧٤٢).
من المسهب : أنه ولي قضاء جزيرة شقر ، وكان ظريف المذاكرة ، حسن المحاضرة ، شاهدت منه أيام مقامي بجزيرة شقر محاسن لو بثّت على الرض ما ذوي ، ولو حمي بها النجم ما هوى ، أدب كما سجع الحمام ، وكرم مثل ما هطل الغمام؟ ومما أنشدنيه من شعره قوله من قصيدة : [الطويل]
ألا فسل البيداء عنّي هل رأت |
|
سراي بها ما بين رمح ومنصل |
بقلب لو أنّ السيف منه لما نبا |
|
وسهد إذا ما نام ليل المهبّل |
على كل طرف يسبق الطّرف شدّه |
|
تراه إلى العلياء مثلي يعتلي |
فطورا على برق وطورا على ضحى |
|
وطورا على ليل بصحيح محجّل |
العلماء
٥٨٠ ـ الأديب الفاضل أبو إسحاق إبراهيم بن أبي الفتح بن خفاجة (١)
من الذخيرة : الناظم المطبوع ، الذي شهد بتقديمه الجميع ، المتصرف بين أشتات البديع.
ومن القلائد : مالك أعنّة المحاسن وناهج طريقها ، العارف بترصيعها وتنميقها ، الناظم لعقودها ، الرّاقم لبرودها.
ومن المسهب : هو اليوم شاعر هذه الجزيرة ، لا أعرف فيها شرقا ولا غربا نظيره.
الغرض من محاسنه قوله (٢) : [الطويل]
أما والتفات الرّوض عن أزرق (٣) النّهر |
|
وإشراق (٤) جيد الغصن في حلّة (٥) الزّهر |
ومنها : [الطويل]
ولم (٦) ألق إلا صعدة فوق لأمة |
|
فقلت قضيب قد أطلّ على نهر |
__________________
(١) ترجمته في قلائد العقيان (ص ٢٣٠) والمطرب (ص ١١١) والذخيرة (ق ٣ / ص ٥٤١) ووفيات الأعيان (ج ١ / ص ٥٦) ونفح الطيب (ج ١ / ص ١٩٦) والخريدة (ج ٢ / ص ١٤٧) و (ج ٣ / ص ٥٤٨) والمسالك (ج ١١ / ص ٢٥٥) والمطمح (ص ٨٦) وبغية الملتمس (ص ٢٠٢) ، ومعجم أصحاب الصدفي (ص ٥٩).
(٢) الأبيات في الذخيرة (ق ٣ / ص ٤٦١).
(٣) في الذخيرة : عن زرق.
(٤) في الذخيرة : وإشراق.
(٥) في الذخيرة : في حلية.
(٦) في الذخيرة : فلم.
ومنها : [الطويل]
ولم أر (١) إلا غرّة فوق شقرة |
|
فقلت حباب يستدير على خمر |
ومنها (٢) : [الطويل]
غزاليّة الألحاظ ريميّة الطّلى |
|
مداميّة الألمى حبابيّة الثّغر |
ترنّح في موشيّة ذهبيّة |
|
كما اشتبكت زهر النجوم على البدر |
وقد خلعت ليلا علينا يد الهوى |
|
رداء عناق مزّقته يد الفجر |
وقوله : [الكامل]
وعشيّ أنس أضجعتنا نشوة |
|
فيها يمهّد مضجعي ويدمّث |
خلعت عليّ بها الأراكة ظلّها |
|
والغصن والحمام يحدّث |
والشمس تجنح للغروب مريضة |
|
والبرق يرقي والغمامة تنفث |
وقوله (٣) : [مجزوء الكامل]
ومهفهف طاوي الحشا |
|
خنث المعاطف والنّظر |
بهر (٤) العيون بصورة |
|
تليت محاسنها سور |
فإذا رنا وإذا شدا |
|
وإذا سعى وإذا سفر |
فضح المدامة والحما |
|
مة والأراكة (٥) والقمر |
وقوله (٦) : [مخلع البسيط]
كأنّما اللّحظ كيمياء |
|
يذهب (٧) من خدّه (٨)؟لجينا |
وما تيقّنت أنّ عينا (٩) |
|
تقلب عين اللّجين عينا |
__________________
(١) في الذخيرة : ولا شمت.
(٢) الأبيات في الذخيرة (ج ٢ / ق ٣ / ص ٦٤٢).
(٣) الأبيات في الذخيرة (ج ٢ / ق ٣ / ص ٦٠٥).
(٤) في الذخيرة : ملأ.
(٥) في الذخيرة : والغمامة.
(٦) البيتان في الذخيرة (ج ٢ / ق ٣ / ص ٥٧٦).
(٧) في الذخيرة : تذهب.
(٨) في الذخيرة : من وجهه.
(٩) الشطر في الذخيرة : وما توهّمت أنّ طرفا يقلب.
وقوله : [السريع]
وأسود يسبح في لجّة |
|
لا تكتم الحصباء عدرانها |
كأنها في شكلها مقلة |
|
زرقاء والأسود إنسانها |
وقوله : [البسيط]
كتابنا ولدينا البدر ندمان |
|
وعندنا بكؤوس الراح شهبان |
والقضب مائسة والطير ساجعة |
|
والأرض كاسية والجوّ عريان |
وقوله : [الطويل]
كتبت وقلبي في يديك أسير |
|
يقيم كما شاء الهوى ويسير |
ولي كلّ حين من نسيبي وأدمعي |
|
بكل مكان روضة وغدير |
وقوله (١) : [مخلع البسيط]
يا نزهة النّفس يا مناها |
|
يا قرّة العين يا كراها |
أما ترى لي رضاك أهلا |
|
وهذه حالتي تراها |
فاستدرك الفضل يا أباه |
|
في رمق النّفس يا أخاها |
قسوت قلبا ولنت عطفا |
|
وعفت من تمرة نواها |
وقوله :
قل للقبيح الفعال يا حسنا |
|
ملأت عينيّ ظلمة وسنا |
قاسمني طرفك الضّنى أفلا |
|
قاسم جفنيّ ذلك الوسنا |
إني وإن كنت جلدا |
|
أهتزّ للحسن لوعة غصنا |
قسوت قلبا ولنت مكرمة |
|
لم ألتزم حالة ولا سننا |
لست أحب الجمود في رجل |
|
تحسبه من جموده وثنا |
لم يكحل السّهد جفنه كلفا |
|
ولا طوى جسمه الغرام ضنى |
فإنني والعفاف من شيمي |
|
آبى الرزايا وأعشق الحسنا |
طورا منيب وتارة غزل |
|
أبكي الخطايا وأندب الدّمنا |
إذا اعترت خشية بكى وشكى |
|
أو انتحت راحة دنا فجنى |
كأنني غصن بانة خضل |
|
تثنيه ريح الصّبا هنا وهنا |
__________________
(١) الأبيات في الذخيرة (ج ٢ / ق ٣ / ص ٦٥١ / ٦٥٢) دون تغيير عمّا هنا.
وقوله (١) : [الكامل]
حدر القناع عن الصّباح المسفر |
|
ولوى القضيب على الكثيب الأعفر |
وتملّكته هزّة في عزّة |
|
فارتجّ في ورق الشباب الأخضر |
متنفّسا عن مثل نفحة مسكه |
|
متبسّما عن مثل سمطي جوهر |
سلّت عليّ سيوفها أجفانه |
|
فلقيتهنّ من الشّباب (٢) بمغفر |
متجلّدا آبى (٣) بنفسي أن أرى |
|
هذا الهزبر قتيل ذاك الجؤذر |
فحشا بطعنته حشا متنفّس |
|
تحت الدّجى من مارج متسعّر |
يغشى رماح الخطّ أوّل مقبل |
|
ويكرّ يوم الحرب آخر مدبر |
فتراه بين جراحتين للحظة |
|
مكسورة ولعامل متكسّر |
بيني وبينك ذمّة مرعيّة |
|
فإذا تنوسيت الأزمّة (٤) فاذكر |
والمح صحيفة صفحتي فاقرأ بها |
|
سطرين من دمع بها متحدّرا |
كتبتهما تحت الظلام يد الضّنى |
|
خوف الوشاة بأحمر في أصفر |
ومنها : [الكامل]
يثني معاطفه وأذري عبرة (٥) |
|
فإخاله غصنا بشطّي (٦) جعفر |
وقوله (٧) : [الطويل]
سقاني (٨) وقد لاح الهلال عشيّة |
|
كما اعوجّ في درع (٩) الكميّ سنان |
ونمّت بأسرار الرياض خميلة |
|
لها الزّهر (١٠) ثغر والنسيم لسان |
وكتب على ظهر رقعة هاج (١١) : [الكامل]
__________________
(١) الأبيات في الذخيرة (ج ٢ / ق ٣ / ص ٥٩٨ ، ٥٩٩).
(٢) في الذخيرة : من المشيب.
(٣) في الذخيرة : أبأي.
(٤) في الذخيرة : المودة.
(٥) في الذخيرة : وأذرف عبرتي.
(٦) في الذخيرة : بشاطىء.
(٧) البيتان في الذخيرة (ج ٢ / ق ٣ / ص ٦٣٣).
(٨) في الذخيرة : سقانا.
(٩) في الذخيرة : في نحر.
(١٠) في الذخيرة : لها النور.
(١١) البيتان في الذخيرة (ج ٢ / ق ٣ / ص ٦٠٤) دون تغيير عمّا هنا.