علي بن موسى بن محمّد بن عبد الملك بن سعيد الغرناطي الأندلسي
المحقق: خليل المنصور
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٩٧
بسم الله الرحمن الرحيم
صلى الله على سيدنا محمد
أما بعد حمد الله والصلاة على سيدنا محمد وآله وصحبه ، فهذا :
الكتاب الثاني
من الكتب التي يشتمل عليها :
كتاب عمل وادي آش
وهو
كتاب الجمانة ، في حلى حصن جليانة (١)
خصّه الله بالتفّاح الذي يضرب به المثل في الأندلس ؛ ومنه :
٤٥٢ ـ أبو محمد عبد الله بن عذره (٢)
أخبرني والدي : أن هذا البيت له حسب شهير ، ومال غزير ونجب منه أبو محمد بالكرم والأدب. وجرى عليه أن أسره النصارى. وطالبوه بجملة عظيمة ، فكتب في ذلك لناصر بني عبد المؤمن فأمر ألا يسمع منه في إعطاء هذا المال العظيم ، فإن فيه تقوية للعدوّ ، فبات في طليطلة أسيرا ، وكتب من موضع أسره إلى بلده (٣) : [مجزوء الكامل]
لو كنت حيث تجيبني |
|
لأذاب قلبك ما أقول |
__________________
(١) حصن جليانة في أعمال وادي آش. نفح الطيب (ج ١ / ص ١٤٩).
(٢) ترجمته في نفح الطيب (ج ٥ / ص ٥٤).
(٣) الأبيات في نفح الطيب (ج ٥ / ص ٥٤).
يكفيك منّي أنّني |
|
ما (١) أستقلّ من الكبول |
وتجاه لحظي ألف لح |
|
ظ كي أقرّ ولا أزول |
وإذا أردت رسالة |
|
لكم فما ألفي رسول |
هذا وكم بتنا وفي |
|
أيماننا كأس الشّمول |
والعود يخفق والدخا |
|
ن الغنبريّ به يجول |
حال الزّمان ولم أزل (٢) |
|
مذ كنت أعهده يحول |
ومن شعره : [الطويل]
يعضّ برجليّ الحديد وليس لي |
|
حراك لما أبغي ولا أتنقّل |
وقد منع السلطان ما لي لفدية |
|
فماذا الذي يغنى الغنى والتحوّل |
٤٥٣ ـ أبو عمرو محمد بن علي بن البرّاق (٣)
أخبرني والدي : أن بني البرّاق أعيان جليانة ، فإن أبا عمرو وهذا من سراتهم ، خصّه الله بالأدب.
وأنشد له الملاحي في تاريخه قوله (٤) : [مخلع البسيط]
يا سرحة الحي يا مطول |
|
شرح الذي بيننا يطول |
ولي ديون عليك حلّت |
|
لو أنّه ينفع الحلول |
وأنشدني والدي قوله ، وقد قعد مع أحد الأعيان على نهر لراحة (٥) : [الكامل]
انظر إلى الوادي الذي مذ غرّدت (٦) |
|
أطياره شقّ النسيم ثيابه |
أتراه أطربه الهديل وزاده |
|
طربا ـ وحقّك ـ أن حللت جنابه |
__________________
(١) في النفح : لا.
(٢) في النفح : ولم يزل.
(٣) انظر ترجمته في التكملة (ص ٢٧١) وفي زاد المسافر (ص ١٠٩) والمطرب (ص ٢٤١) ونفح الطيب (ج ٥ / ص ٥٢ / ٥٣). وبغية الملتمس (ص ١١٤) والمقتضب من كتاب تحفة القادم (ص ١٣٣) والوافي بالوفيات (ج ٤ / ص ١٥٦) وقد توفي سنة ٥٩٦ ه.
(٤) البيتان في نفح الطيب (ج ٥ / ص ٥٣).
(٥) الأبيات في نفح الطيب (ج ٥ / ص ٥٣).
(٦) في النفح : إذا ما غرّدت.
٤٥٤ ـ أبو الحسن علي بن مهلهل الجليانيّ (١)
أخبرني والدي : أنه وجد له قصيدة يمدح بها أبا بكر بن سعيد صاحب أعمال غرناطة في مدة الملثّمين.
ومنها (٢) : [الكامل]
لو لا النّهود لما براك (٣) تنهّد |
|
وعلى الخدود القلب منك يخدّد |
يا نافذا قلبي بسهم جفونه |
|
ما لي على سهم رميت تجلّد (٤) |
ومنها في المدح : [الكامل]
وإذا بلغت إلى السماء فزد غلا |
|
كيما يغاظ بك العلا والحسّد |
أجروا حديثك في قلوب تلتظي |
|
ورنوا إليك بأعين لا ترقد |
كم أوقدوا لك من لظى بسعاية |
|
والله يطفىء كلّ نار توقد |
وأراك تبلغ ما يريد برغمهم |
|
ونفوسهم من حسرة تتصعّد |
وكفاهم ذمّ يناط بذكرهم |
|
وكفاك أنّك في المحافل تحمد |
فتراهم مع كدّهم في وهدة |
|
وتراك دون الكدّ دهرك تصعد |
ومنها : [الكامل]
قال العداة وقد لهجت بحمده |
|
من ذا الذي تعني فقلت محمّد |
الأهداب
من موشّحة لابن مهلهل
النهر سلّ حساما |
|
على قدود الغصون |
وللنسيم |
|
مجال |
والروض فيه اختيال
مدّت عليه ظلال
__________________
(١) انظر في ترجمته نفح الطيب (ج ٥ / ص ٥٤) و (ج ٨ / ص ٤٠٦).
(٢) البيتان في النفح (ج ٥ / ص ٥٤).
(٣) في النفح : لما عراك.
(٤) في النفح : به يد.
والزهر شقّ كماما |
|
وجدا بتلك اللحون |
أما ترى الطير صاحا
والصبح في الأفق لاحا
والزهر في الروض فاحا
والبرقع ساق الغماما |
|
تبكي بدمع هتون |
بسم الله الرحمن الرحيم
صلى الله على سيدنا محمد
أما بعد حمد الله والصلاة على سيدنا محمد وآله وصحبه ، فهذا :
الكتاب الثالث
من الكتب التي يشتمل عليها :
كتاب وادي آش
وهو
كتاب انعطاف الخمصانة ، في حلى حصن منتانة
منه :
٤٥٥ ـ أبو الوفاء زياد بن خلف
من فضلاء عصرنا ، رأس في بلده ، وهو موصوف بالكرم والجود والأدب. ومن شعره قوله : [الطويل]
دعوني إذا ما الخيل جالت فإنّ لي |
|
هناك بسيفي جيئة وذهاب |
إذا المرء لم يسمح لدي الحرب ساعة |
|
بعيشته فليصغ حين يعاب |
لي الله لم أوردت طرفي مواردا |
|
يصيب لديها المرء حين يصاب |
أقلّوا علينا فالحياة خسيسة |
|
وعمر الفتى دون العلاء خراب |
سيبلغ ذكري الخافقين بسالة |
|
وجودا والا فالثناء كذاب |
بسم الله الرحمن الرحيم
صلى الله على سيدنا محمد
أما بعد حمد الله والصلاة على سيدنا محمد وآله وصحبه ، فهذا :
الكتاب الربع
من الكتب التي يشتمل عليها :
كتاب عمل وادي آش
وهو
كتاب مطمح الهمّة ، في حلى قرية جمّة
في نهاية من الحسن ، منها :
٤٥٦ ـ أبو الوليد إسماعيل بن عبد الدائم
أخبرني والدي : أنه كان شاعرا حسن النادرة ، مدّاحا لأبي سعيد بن عبد المؤمن ملك غرناطة ومن شعره قوله : [الكامل]
السعد يدني كلّ شيء رمته |
|
وبناؤه هيهات أن يتهدّما |
والجود يجذب كلّ من أبصرته |
|
لا تنكرن حول الموارد حوّما |
لو تستجيز صلاتنا وصيامنا |
|
صلّى إذن كلّ الأنام وسلّما |
بسم الله الرحمن الرحيم
صلى الله على سيدنا محمد
أما بعد حمد الله والصلاة على سيدنا محمد وآله وصحبه ، فهذا :
الكتاب العاشر
من الكتب التي يشتمل عليها :
كتاب المملكة الإلبيرية
وهو
كتاب حلى الصياغة ، في حلى باغه
البساط
ذكر الرزايّ : أنها طيبة الزرع ، كثيرة الثمار ، غزيرة المياه ، منبجسة بالعيون ، ولمائها خاصية ينعقد حجرا في حافات جداوله ، التي يتمادى فيها جريه ، ويجود فيها الزعفران. قال ابن شهيد : هي كثيرة الأعناب ، وخمرها مشهورة.
العصابة
ذكر الحجاريّ : أنه ثار فيها على عبد الله بن بلقين صاحب المملكة الغرناطية أيوب بن مطروح ولما أن أخذها منه يوسف بن تاشفين أدخل رأسه تحته ، وحرّك ، فوجد قد مات كمدا.
السلك
من كتاب ذوي البيوت
٤٥٧ ـ أبو زكريا يحيى بن مطروح (١)
من المسهب : من بيت إمارة ، إنحاز إلى مالقة ، ولم يزل حيث حلّ في رتبة عالية ، وهن ممن اجتمع به عمي ، وكان يثني عليه ، ومن شعره قوله (٢) : [البسيط]
يا حسنه كاتبا قد خطّ عارضه |
|
في خدّه حاكيا ما خطّ بالقلم |
لام العذول عليه حين أبصره |
|
فقلت دعني فزين البرد بالعلم |
وانظر إلى عجب مما تلوم به |
|
بدرا (٣) له هالة قدّت من الظّلم |
قولوا عن السحر (٤) ما شئتم ولا عجب |
|
من عنبر الشّحر أو من دنّ (٥) مبتسم |
ومن شعره : [الطويل]
تعال إلى روض تقلّد بالندى |
|
عقودا ومن أزهاره ظلّ كاسيا |
ولم أصطحب فيه بخلق سوى العلا |
|
وبدر تمام يترك البدر داجيا |
الكتّاب
٤٥٨ ـ أبو بكر محمد بن أبي عامر بن نصر الأوسي (٦)
كتب عن ملوك بني عبد المؤمن ، وكان مختصا بالوزير أبي جعفر ابن عطية وفيه يقول (٧) : [الطويل]
أبا جعفر نلت الذي نال جعفر |
|
ولا زلت بالعيا تسرّ وتحبر |
وإن نلت أسباب السّماء ترقّيا |
|
فإنك مما نلت أعلى وأكبر |
__________________
(١) انظر ترجمته في نفح الطيب (ج ٥ / ص ٥٤).
(٢) الأبيات في النفح (ج ٥ / ص ٥٤).
(٣) في النفح : بدر.
(٤) في النفح : عن البحر.
(٥) في النفح : من درّ.
(٦) انظر ترجمته في نفح الطيب (ج ٥ / ص ٥٥).
(٧) البيتان الأول والثالث في نفح الطيب (ج ٥ / ص ٥٥).
عليك لنا فضل ومنّ (١) وأنعم |
|
ونحن علينا كلّ مدح يحبّر |
وتطيّر أبو جعفر من مطلع هذا الشعر ، وآل أمره إلى أن قتل.
__________________
(١) في النفح : وبرّ.
بسم الله الرحمن الرحيم
صلى الله على سيدنا محمد
أما بعد حمد الله والصلاة على سيدنا محمد وآله وصحبه ، فهذا :
الكتاب الحادي عشر
من الكتب التي يشتمل عليها :
كتاب المملكة الإلبيرية
وهو
كتاب في حلى مدينة لوشة (١)
العصابة
بينها وبين غرناطة مرحلة من أحسن المراحل ، بين أنهار ، وظلال أشجار ، في بساط ممتدّ ، تبارك الله الذي أبداه بديعا في حسنه.
قال الحجاريّ : فلو كان للدنيا عروس من أرضها لكان ذلك الموضع. وهي على نهر شنّيل.
__________________
(١) لوشة أو لوخا : بلدة في إسبانيا جنوب غربي غرناطة اشتهرت في العهد العربي. مسقط رأس لسان الدين ابن الخطيب. المنجد في اللغة والأعلام (ج ٢ / ص ٦١٦).
السلك
٤٥٩ ـ قاضيها الفقيه العالم أبو عبد الله محمد بن عبد المولى (١)
من المسهب : يكفي لوشة من الفخر أن كان منها هذا السيد الفاضل ، فهو في كل مكرمة وفضيلة كامل ؛ نشأ على درس علوم الشريعة ، فورد منها في أعذب شريعة ؛ وترقّى إلى خطّة القضاء ببلده ، فأقام عزّه بين أهله وولده. وذكر أنه اجتمع به ، وبخل عليه بشيء من شعره ، فكتب له : [البسيط]
يا مانعا شعره من سمع ذي أدب |
|
نائي المحلّ فريد الشّخص مغترب |
يسير عنك به في كلّ متّجه |
|
كما يسير نسيم الريح في العذب |
إني وحقّك أهل أن أفوز به |
|
واسأل فديتك عن ذاتي وعن نسبي |
قال فكان جوابه : [البسيط]
يا طالبا شعر من لم يسم في الأدب |
|
ماذا تريد بنظم غير منتخب |
إنّي وحقّك لم أبخل به صلفا |
|
ومن يضنّ على جيد بمخشلب |
لكنني صنت قدري عن روايته |
|
فمثله قلّ عن سام إلى الرّتب |
خذه إليك كما أكرهت مضطربا |
|
مخلّدا ذمّ مولاه إلى الحقب |
ثم كتب له من نظمه (٢) : [الخفيف]
بي إليكم شوق شديد ولكن |
|
ليس يبقى مع الجفاء اشتياق |
إن يغيّركم الفراق فودّي |
|
ـ لو جزيتم (٣) ـ يزيد فيه الفراق |
__________________
(١) انظر ترجمته في نفح الطيب (ج ٥ / ص ٥٥).
(٢) البيتان في نفح الطيب (ج ٥ / ص ٥٦).
(٣) في النفح : لو خبرتم.
بسم الله الرحمن الرحيم
صلى الله على سيدنا محمد
أما بعد حمد الله والصلاة على سيدنا محمد وآله وصحبه ، فهذا :
الكتاب الثاني عشر
من الكتب التي يشتمل عليها :
كتاب المملكة الإلبيرية
وهو
كتاب الطالع السعيد ، في حلى عمل قلعة بني سعيد
وينقسم هذا الكتاب إلى :
كتاب الصّبيحة العيديّة ، في حلى القلعة السعيدية
كتاب الإشراق ، في حلى حصن القبذاق
كتاب الصبح المبين ، في حلى حصن العقبين
بسم الله الرحمن الرحيم
صلى الله على سيدنا محمد
أما بعد حمد الله والصلاة على سيدنا محمد وآله وصحبه ، فهذا :
الكتاب الأول
من الكتب التي يشتمل عليها :
كتاب الطالع السعيد ، في حلى أعمال قلعة بني سعيد
وهو
كتاب الصبيحة العيديّة ، في حلى القلعة السعيدية
البساط
فيها ألّف الحجاريّ كتاب المسهب لصاحبها عبد الملك بن سعيد ، وقال في وصفها : عقاب الأندلس الآخذ بأزرار السماء ، عن غرر المجد والسّناء ، وهي رباط جهاد ، وحصن أعيان وأمجاد ؛ وفيها يقول أبو جعفر بن سعيد : [الطويل]
إلى القلعة الغرّاء يهفو بي الجوى |
|
كأنّ فؤادي طائر زمّ عن وكر |
هي الدار لا أرض سواها وإن نأت |
|
وحجّبها عني صروف من الدّهر |
أليست بأعلى ما رأيت منصّة |
|
تحلّت بحلي كالعروس على الخدر |
لها البدر تاج والثريا شنوفها |
|
وما وشحها إلا من الأنجم الزّهر |
أطلّت على الفحص النّضير فكلّ من |
|
رأى وجهة منها تسلّى عن الفكر |
العصابة
من المسهب : أن أول من حلّ بهذه القلعة من ولد عمار بن ياسر عبد الله بن سعد بن عمار ، وقد ذكره ابن حيان في المقتبس ، وأخبر : أن يوسف بن عبد الرحمن الفهريّ سلطان الأندلس ، كتب له أن يدافع عبد الرحمن المرواني الداخل ، وكان حينئذ أميرا على اليمانية من جند دمشق ، وآل أمره إلى أن ضرب عنقه عبد الرحمن ، ولما كانت الفتنة وثار ملوك الطوائف كان أول من ظهر منهم بالقلعة واستبد :
٤٦٠ ـ خلف بن سعيد
ابن محمد بن عبد الله بن سعيد بن الحسن بن عثمان بن محمد بن عبد الله ابن سعد بن عمار بن ياسر العبسيّ ؛ ولما مات خلفه ابنه سعيد ، ثم ابنه أبو مروان :
٤٦١ ـ عبد الملك بن سعيد (١)
وصادق الفتنة على الملثّمين ، فامتنع فيها إلى أن تولى لعبد المؤمن ، وخطب له فيها ، وسجنه عبد المؤمن في مرّاكش ، ثم سرّحه وجلّ قدره عنده.
وفي مدة الملثّمين وفد عليه أبو محمد عبد الله الحجاريّ بقصيدته التي أولها : [الوافر]
عليك أحالني الذكر الجميل |
|
فجئت ومن ثنائك لي دليل |
وصنف له كتاب المسهب في غرائب المغرب ، وهذبه عبد الملك وزاد عليه ، ثم عقبه بعده ، فكان منه هذا الكتاب على ما تقدم ذكره ، وكان وليّ عهده والمقدّم على جنده :
٤٦٢ ـ أبو عبد الله محمد بن عبد الملك (٢)
وكان مقدّما عند يحيى بن غانية في مدة الملثّمين ، ثم ولاه بنو عبد المؤمن أعمال إشبيلية وأعمال غرناطة وأعمال سلا وعلى يديه بني الجامع الأعظم بإشبيلية وقد مدحه الرصافي شاعر الأندلس في عصره بقصيدته التي منها : [الكامل]
إن الكرام بني سعيد كلّما |
|
ورثوا العلا والمجد أوحد أوحدا |
__________________
(١) ذكره المقري في نفح الطيب (ج ٥ / ص ٣١٧ / ٣٣٩).
(٢) انظر ترجمته في نفح الطيب (ج ٣ / ص ٩٦).
قسموا المعالي بالسّواء وفضّلوا |
|
فيها عمادهم الكبير محمدا |
ولم يسمع من نظمه إلا قوله (١) : [الطويل]
فلا تظهرن ما كان في الصّدر كامنا |
|
ولا تركبن بالغيظ في مركب وعر |
ولا تبحثن في عذر من جاء تائبا |
|
فليس كريما من يباحث في العذر |
وكان مولده سنة أربع عشرة وخمسمائة ، وتوفّي في غرناطة سنة تسع وثمانين وخمسمائة.
وإلى الآن القلعة بيد بني سعيد ، منهم فيها عبد الملك بن سعيد.
السلك
سائر بني سعيد
٤٦٣ ـ أبو بكر محمد بن سعيد (٢)
صاحب أعمال غرناطة في مدة الملثمين.
من المسهب : حسب القلعة كون هذا الفاضل منها فقد رقم برد مجده بالأدب ، ونال منه بالاجتهاد والسجيّة القابلة أعلى سبب ، وله من النظم ما تقف عليه ، فتعلم أن زمام الإحسان ملقى في يديه. أنشدني لنفسه قوله :
يا هذه لا ترومي |
|
خداع من ضاق ذرعه |
تبكي وقد قتلتني |
|
كالسّيف يقطر دمعه |
وقوله :
فحزنا بالحديث بعد القديم |
|
من معال تواترت كالنجوم |
نحن في الحرب أجبل راسيات |
|
ولنا في النّديّ لطف النّسيم |
وقوله : [الطويل]
لقد صدعت قلبي حمامة بانة |
|
أثارت غراما ما أجلّ وأكرما |
ورقّ نسيم الريح من نحو أرضكم |
|
ولطّف حتى كاد أن يتكلّما |
__________________
(١) البيتان في نفح الطيب (ج ٣ ص ٩٧) دون تغيير عمّا هنا.
(٢) انظر ترجمته في نفح الطيب (ج ١ / ص ١٨٥) و (ج ٥ / ص ٥٤) و (ج ٦ / ص ٦٩).
٤٦٤ ـ أبو جعفر أحمد بن عبد الملك بن سعيد (١)
هو عمّ والدي ، وأحد مصنفي هذا الكتاب ، وكان والدي كثير الإعجاب بشعره ، مقدّما له على سائر أقاربه ، واستوزره عثمان بن عبد المؤمن ملك غرناطة ، فقال شعرا منه (٢) : [الطويل]
فقل لحريص أن يراني مقيّدا |
|
بخدمته : لا يجعل الباز في القفص |
وانضاف إلى ذلك اشتراكهما في هوى حفصة الشاعرة ، وكان عثمان أسود اللون ، فبلغه أن أبا جعفر قال لها : ما تحبين في ذلك الأسود وأنا أقدر أشتري لك من السوق بعشرين دينارا خيرا منه؟ ثم إن أخاه عبد الرحمن فرّ إلى ملك شرق الأندلس ابن مرذنيش ، فوجد عثمان سببا إلى الإيقاع بأبي جعفر ، فضرب عنقه.
وأوّل حضور أبي جعفر عند عبد المؤمن أنشده (٣) [الوافر]
عليك أحالني داعي النجاح |
|
ونحوك حثّني هادي (٤) الفلاح |
وكنت كساهر ليلا طويلا |
|
ترنّح حين بشر بالصباح |
وذي جهد (٥) تغلغل في قفار |
|
شكا ظمأ فدلّ على القراح |
دعانا نحو وجهك طيب ذكر |
|
ويدعو (٦) للرياض شذا الرياح |
وأنشده هو بقصره في رباط الفتح أمام سلا على البحر المحيط ، قصيدة منها : [الطويل]
تكلّم فقد أصغى إلى قولك الدهر |
|
وما لسواك الآن نهي ولا أمر |
ومنها : [الطويل]
ألا إنّ قصرا قد بدا لي بأفقه |
|
محيّاك أهل أن يخرّ له البدر |
أطلّ على البحر المحيط مرفّعا |
|
فختّمه الشّعرى وتوّجه النّسر |
ووافت جيوش البحر تلثم عطفه |
|
مرادفة لما تناهى به الكبر |
وما صوتها إلا سلام مردّد |
|
وفي كل قلب من تصعّدها ذعر |
ألا قل له يعلو الثريا فإنه |
|
أطلّ على بحر وحلّ به بحر |
__________________
(١) انظر ترجمته في نفح الطيب (ج ٥ / ص ٦٢ ، ٣١٧).
(٢) البيت في النفح (ج ٥ / ص ٣١٨).
(٣) الأبيات في نفح الطيب (ج ٥ / ص ٣١٨ ، ٣١٩).
(٤) في النفح : حادي.
(٥) في النفح : جهل.
(٦) في النفح : ويذكر.
محيطان بالدنيا فليس لفخره |
|
إذا لم يكن طلق اللسان به عذر |
ومن شعره قوله : [الطويل]
أتاني كتاب منك يحسده الدهر |
|
أما حبره ليل ، أما طرسه فجر |
وقوله :
يقوم على الآداب حقّ قيامها |
|
ويكبر عما يظهرون من الكبر |
كصوب الحيا إن ظلّ يسمع وهو إن |
|
غدا سامعا مثل المصيخ إلى الشّكر |
وقوله (١) : [الطويل]
ولما رأيت السّعد لاح بوجهه |
|
منيرا دعاني ما رأيت إلى الذكر (٢) |
فأقبل يبدي لي غرائب نطقه |
|
وما كنت أدري قبلها منزع السحر |
فأصغيت إصغاء الجديب إلى الحيا |
|
وكان ثنائي كالرياض على القطر |
وكتبت له حفصة الشاعرة (٣) [الوافر]
أزورك أم تزور؟ فإنّ قلبي |
|
إلى ما ملتم (٤) أبدا يميل |
وقد أمّنت (٥) أن تظمى وتضحى |
|
إذا وافى إليّ بك القبول (٦) |
فثغري مورد عذب زلال |
|
وفرع ذوائبي (٧) ظلّ ظليل |
فعجّل بالجواب فما جميل |
|
أناتك (٨) عن بثينة يا جميل |
وقال في جوابها : [السريع]
أجلّكم ما دام بي نهضة |
|
عن أن تزوروا إن وجدت السّبيل |
ما الروض زوّارا ولكنما |
|
يزوره هبّ النسيم العليل |
وقال : [الخفيف]
__________________
(١) الأبيات في نفح الطيب (ج ٥ / ص ٣٢٠).
(٢) في النفح : الشكر.
(٣) الأبيات في نفح الطيب (ج ٥ / ص ٣١٥).
(٤) في النفح : ما تشتهي.
(٥) في النفح : أمّلت.
(٦) في النفح : إذا وافى إليك بي المقيل.
(٧) في النفح : ذؤابتي.
(٨) في النفح : إباؤك.
زارها من غدا سقيم هواها |
|
وبراه شوقا إليها النحول |
وكذا الروض لا يزور ويأتي |
|
أبدا نحوه النسيم العليل |
وكتبت له حفصة : [الرمل]
سار شعري لك عنّي زائرا |
|
فأعر سمع المعالي شنفه |
وكذاك الروض إذ لم يستطع |
|
زورة أرسل عنه عرفه |
فكتب إليها : [الرمل]
قد أتانا منك شعر مثلما |
|
أطلع الأفق لنا أنجمه |
وفم فاه به قد أقسمت |
|
شفتي بالله أن تلثمه |
وقال في يوم اجتمع فيه مع الرّصافيّ والكتندي على راحة ، ومسمع بجنك (١) : [مجزوء الكامل]
لله يوم مسرّة |
|
أضوى وأقصر من ذباله |
لما نصبنا للمنى |
|
فيه بأوتار حباله |
طار النهار به كمر |
|
تاع وأجفلت (٢) الغزاله |
وقوله (٣) : [الطويل]
بدا ذنب السّرحان ينبىء أنّه |
|
تقدّم سبقا والغزالة خلفه |
ولم تر عيني قبلها (٤) من متابع |
|
لمن لا يزال الدهر يطلب حتفه |
وقوله (٥) : [الكامل]
في الروض منك مشابه من أجلها |
|
يهفو لها (٦) طرفي وقلبي المغرم |
الغصن قدّ والأزاهر حلية |
|
والورد خدّ ، والأقاحي مبسم |
وقوله في والده وقد شدّ عليه درعا ، وخرج بجنده غازيا (٧) : [الطويل]
__________________
(١) الأبيات في نفح الطيب (ج ٥ / ص ٦٢).
(٢) في النفح : فأجفلت.
(٣) البيتان في نفح الطيب (ج ٥ / ص ٦٢ ، ٣٢٨).
(٤) في النفح : مثله.
(٥) البيتان في نفح الطيب (ج ٥ / ص ٦٣).
(٦) في النفح : له.
(٧) الأبيات في نفح الطيب (ج ٥ / ص ٣٢٦).
أيا قائد الأبطال في كلّ وجهة |
|
تطير قلوب الأسد فيها من الذّعر |
لقد قلت لما أن رأيتك دراعا |
|
أيا حسن ما لاح الحباب على النّحر (١) |
وأنشدت والأبطال حولك هالة |
|
أيا حسن ما دار النجوم على البدر |
فسر مثلما سار الصباح إلى الدّجى |
|
وأب مثلما آب النسيم عن الزّهر |
وقال وقد جاز على قصر من قصور الخلافة (٢) : [البسيط]
قصر الخلافة (٣) لا أخليت من كرم |
|
وإن خلوت من الأعداد والعدد |
جزنا عليه (٤) فلم تنقص مهابته |
|
والغيل يخلو وتبقى هيبة الأسد |
وقوله (٥) : [الكامل]
يا حسن يوم المهرجان وطيبه |
|
يوم كما تهوى أغرّ محجّل |
سرّح لحاظك حيث شئت فإنه |
|
في كل موقع لخطة متأمّل |
وقوله (٦) : [الخفيف]
لا تعيّن لنا مكانا ولكن |
|
حيثما مالت اللواحظ ملنا |
٤٦٥ ـ حاتم بن سعيد بن حاتم بن سعيد (٧)
من أبطال بني سعيد وفضلائهم ، صحب أبا عبد الله بن مغنيش ملك شرق الأندلس ، وكان فيه لطافة وتدبير ، ومن شعره قوله (٨) : [الكامل]
يا دانيا منّي وما هو (٩) زائر |
|
لا أنت معذور ولا أنا عاذر |
ماذا يضرّك إذا ظللت بظلمة |
|
ألا يطالع منك نور (١٠) زاهر |
__________________
(١) في النفح : البحر.
(٢) البيتان في نفح الطيب (ج ٥ / ص ٦٣).
(٣) في النفح : الخليفة.
(٤) في النفح : عليك.
(٥) البيت الثاني في النفح (ج ٥ / ص ٦٣).
(٦) البيت في النفح (ج ٥ / ص ٦٣).
(٧) ذكره المقري في نفح الطيب (ج ٥ / ص ٤٧) ولسان الدين في الإحاطة (ج ١ / ص ٣١٠).
(٨) البيتان في نفح الطيب (ج ٥ / ص ٤٧).
(٩) في النفح : وما أنا.
(١٠) في النفح : بدر.
٤٦٦ ـ أبو عبد الله محمد بن الحسين بن سعيد ابن الحسن بن سعيد (١)
اجتماعنا معه في سعيد بن خلف ، وهو الآن بإفريقية وزير الفضل سلطانها ، مع ما أضاف إليه من قود الكتائب ، وغير ذلك من المراتب ، وهو في نهاية من الكرم والسماحة والفروسية والخط والنظم والنثر ومن نثره : تدرّ عليه أخلاف السحائب ، وترقّ أنفاس الصبا والجنائب. قد غنوا عن ظلال الأفنية بظلال الخوافق ، وعن النّطف العذاب بموارد هي الريحان تحت الشقائق. والشقيّ يتوقف لهم ويتطارد تطارد الخاتل ، ويحار بين الورد والصّدر ولم يحزر أن الحسام بيد القاتل.
ومن نظمه قوله ، وقد نزل بشخص قدّم له في الضيافة شرابا أسود خاثرا وخرّوبا ، وقدّمت عجوز زبيبا أسود صغيرا فيه غضون (٢) : [المتقارب]
ويوم نزلنا بعبد العزيز |
|
فلا قدّس الله عبد العزيز |
سقانا شرابا كلون الهناء |
|
وأنقلنا (٣) بقرون العنوز |
وجاءت عجوز فأهدت لنا |
|
زبيبا كخيلان خدّ العجوز |
وقوله في دولاب (٤) : [الطويل]
ومحنيّة الأصلاب (٥) تحنو على الثّرى |
|
وتسقي بنات التّرب دمع الترائب (٦) |
تظنّ (٧) من الأفلاك أن مياهها |
|
نجوم لرجم المحل ذات ذوانب |
وأطربها (٨) رقص الغصون ذوابلا |
|
فدارت بأمثال السيوف القواضب |
وما خلتها تشكو بتحنانها الصّدى |
|
وما بين (٩) متنيها اطّراد المذانب |
فخذ من مجاريها ودهمة لونها |
|
«بياض العطايا في سواد المطالب» |
__________________
(١) انظر ترجمته في نفح الطيب (ج ٣ / ص ٤١) وفي الروايات (ص ٦٤).
(٢) الأبيات في نفح الطيب (ج ٣ / ص ٨٤).
(٣) في النفح : ونقّلنا.
(٤) الأبيات في نفح الطيب (ج ٣ / ص ٥٤).
(٥) في النفح : الأضلاع.
(٦) في النفح : درّ الترائب.
(٧) في النفح : تعدّ.
(٨) في النفح : وأعجبها.
(٩) في النفح : ومن فوق.