تفسير الصّافي - ج ٣

محمّد بن المرتضى [ الفيض الكاشاني ]

تفسير الصّافي - ج ٣

المؤلف:

محمّد بن المرتضى [ الفيض الكاشاني ]


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: منشورات مكتبة الصدر
المطبعة: خورشيد
الطبعة: ٣
ISBN الدورة:
964-6847-51-X

الصفحات: ٤٥٢

وآله لمّا أخرجته قريش من مكّة وانّما هو القائم إذا خرج يطلب دم الحسين عليهما السلام وهو يقول نحن أولياء الدّم وطلّاب التّرة وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ وعد لهم بالنّصر كما وعد بدفع أذى الكفّار عنهم.

(٤٠) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ يعني انّهم لم يخرجوا الّا لقولهم رَبُّنَا اللهُ.

في الكافي عن الباقر عليه السلام : نزلت في رسول الله صلّى الله عليه وآله وعليّ عليه السلام وحمزة وجعفر وجرت في الحسين عليه السلام.

والقمّيّ : قال الحُسين عليه السلام حين طلبه يزيد لحمله إلى الشام فهرب الى الكوفة وقتل بالطّف.

وفي المجمع عن الباقر عليه السلام : نزلت في المهاجرين وجرت في آل محمّد عليهم السلام الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وأخيفوا وفي المناقب عنه عليه السلام : نحن نزلت فينا.

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام في حديث الزبيري : ذلك لقوم لا يحلّ الّا لهم ولا يقوم بذلك الّا من كان منهم ثمّ ذكر الشرائط مفصّلاً في حديث أورده في كتاب الجهاد من اراده فليطلب منه وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ بتسليط المؤمنين على الكافرين وقرء دفاع لَهُدِّمَتْ وقرء بالتّخفيف لخربت باستيلاء المشركين على أهل الملل صَوامِعُ صوامع الرهبانية وَبِيَعٌ وبيع النّصارى وَصَلَواتٌ وكنائس اليهود قيل سمّيت بها لأنّها تصلّي فيها وقيل أصلها ثلوثا بالثّاء المثلّثة بالعبرية بمعنى المصلّى فعرّبت.

وفي المجمع عن الصادق عليه السلام : انه قرء صلوات بضمّ الصاد واللام وَمَساجِدُ ومساجد المسلمين يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ لا يمانعه شيء

(٤١) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا

٣٨١

بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ

القمّيّ عن الباقر عليه السلام : فهذه لآل محمّد صلوات الله عليهم إلى آخر الآية والمهديّ عليه السلام وأصحابه يملكهم الله مشارق الأرض ومغاربها ويظهر الدّين ويميت الله به وبأصحابه البدَع والباطل كما أمات الشقاة الحقّ حتّى لا يرى أين الظّلم ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.

وفي المجمع عنه عليه السلام : نحن هم.

وفي المناقب عن الكاظم وجدّه سيّد الشهداء عليهما السلام : هذه فينا اهل البيت.

(٤٢) وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَثَمُودُ

(٤٣) وَقَوْمُ إِبْراهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ

(٤٤) وَأَصْحابُ مَدْيَنَ تسلية للنبي صلّى الله عليه وآله وَكُذِّبَ مُوسى قيل غيّر فيه النّظم لأنّ قومه لم يكذّبوه وانّما كذّبه القبط ولأنّ تكذيبه كان اشنع وآياته كانت أعظم واشيع فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ فأمهلتهم حتّى انصرمت آجالهم المقدّرة ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ إنكاري عليهم بتغيّر النعمة محنة والحياة هلاكاً والعمارة خراباً.

(٤٥) فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها باهلاك أهلها وقرء أهلكتها وَهِيَ ظالِمَةٌ أي أهلها فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها ساقطة حيطانها على سقوفها وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ لا يستقي منها لهلاك أهلها وَقَصْرٍ مَشِيدٍ مرتفع أخليناه عن ساكنيه.

في المجمع وفي تفسير أهل البيت عليهم السلام في قوله : وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ أي وكم من عالم لا يرجع إليه ولا ينتفع بعلمه.

وفي الإكمال والمعاني وفي الكافي عن الكاظم عليه السلام : البئر المعطّلة الإمام الصّامت والقصر المشيد الامام الناطق.

٣٨٢

اقولُ : انّما كنّى عن الإِمام الصامت بالبئر لأنّه منبع العلم الذي هو سبب حياة الأرواح مع خفائه الّا على من أتاه كما انّ البئر منبع الماء الّذي هو سبب حياة الأبدان مع خفائها الّا على من أتاها وكنّى عن صمته بالتعطيل لعدم الانتفاع بعلمه وكنّى عن الامام الناطق بالقصر المشيد لظهوره وعلوّ منصبه واشادة ذكره.

وفي المعاني مقطوعاً : أمير المؤمنين هو القصر المشيد والبئر المعطّلة فاطمة وولدها معطّلين من الملك.

والقمّيّ قال هو مثل لآل محمّد صلوات الله عليهم وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ هو الذي لا يستقي منها وهو الامام الّذي قد غاب فلا يقتبس منه العلم إلى وقت ظهوره والقصر المشيد هو المرتفع وهو مثل لأمير المؤمنين والأئمّة عليهم السلام وفضائلهم المنتشرة في العالمين المشرقة على الدّنيا وهو قوله لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ* وقال الشّاعر.

بئر معطّلة وقصر مشرف

مثل لآل محمّد مستظرف

فالقصر مجدهم الّذي لا يرتقي

والبئر علمهم الذي لا ينزف

(٤٦) أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ قيل حث لهم على أن يسافروا ليروا مصارع المهلكين فيعتبروا.

وفي الخصال عن الصّادق عليه السلام : معناه أولَم ينظروا في القرآن فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها ما يجب أن يعقل أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها ما يجب ان يسمع فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ عن الاعتبار اي ليس الخلل في مشاعرهم وانّما أنفت عقولهم باتّباع الهوى والانهماك في التقليد.

في التوحيد والخصال عن السجّاد عليه السلام : انّ للعبد أربع اعين عينان يبصر بهما امر دينه ودنياه وعينان يبصر بهما امر آخرته فإذا أراد الله بعبد خيراً فتح له العينين اللّتين في قلبه فأبصر بهما الغيب وامر آخرته وإذا أراد الله به غير ذلك ترك القلب بما فيه.

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام : انّما شيعتنا اصحاب الأربعة الأعين عينان

٣٨٣

في الرّأس وعينان في القلب ألا وإنّ الخلائق كلّهم كذلك الّا انّ الله عزّ وجلّ فتح أبصاركم وأعمى أبصارهم.

وفي الفقيه عن الباقر عليه السلام : انّما العمى عمى القلب ثمّ تلا الآية.

(٤٧) وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ المتوعّد به.

القمّيّ : وذلك أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله أخبرهم انّ العَذاب اتاهم فقالوا فأين العذاب فاستعجلوه وَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ وقرء بالياء.

في إرشاد المفيد عن الباقر عليه السلام : إذا قام القائم عليه السلام سار الى الكوفة فهدم فيها أربعة مساجد ولم يبق مسجد على وجه الأرض له شرف الّا هدمها وجعلها جّما ووسّع الطريق الأعظم وكسر كلّ جناح خارج في الطريق وأبطل الكنف والميازيب الى الطّرقات ولا ترك بدعة الّا أزالها ولا سنّة الّا أقامها ويفتح قسطنطينة والصين وجبال الدّيلم فيمكث على ذلك سَبع سنين مقدار كلّ سنة عشر سنين من سنينكم هذه ثمّ يفعل الله ما يشاء قيل فكيف تطول السّنون قال يأمر الله الفلك باللّبوث وقلّة الحركة فتطول الأيّام لذلك والسّنون قيل انّهم يقولون إنّ الفلك ان تغيّر فسد قال ذلك قول الزّنادقة فامّا المسلمون فلا سبيل لهم إلى ذلك وقد شقّ الله القمر لنبيّه صلّى الله عليه وآله وردّ الشمس من قبله ليوشع بن نون واخبر بطول يوم القيامة وانّه كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ.

وفي الكافي عنهم عليهم السلام قال : فيما وعظ الله به عيسى (ع) واعبدني ليوم كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ فيه اجزى بالحسنة أضعافها.

(٤٨) وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ وكم من اهل قرية أَمْلَيْتُ لَها كما أمهلتكم وَهِيَ ظالِمَةٌ مثلكم ثُمَّ أَخَذْتُها بالعذاب وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ والى حكمي مرجع الجميع.

(٤٩) قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ أوضح لكم ما أنذركم به.

(٥٠) فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ الكريم من كلّ

٣٨٤

نوع ما يجمع فضائله.

(٥١) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا بالرّد والإِبطال مُعاجِزِينَ مسابقين مشتاقين للسّاعين فيها بالقبول والتحقيق من عاجزه فأعجزه إذا سابقه فسبقه لأنّ كلّا من المتسابقين يطلب اعجاز الآخر عن اللّحاق به وقرء معجّزين بالتشديد أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ النار المُوقدة.

(٥٢) وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍ

في الكافي عنهما عليهما السلام في هذه الآية : انّهما زادا ولا محدّث بفتح الدّال قيل ليست هذه قراءتنا فما الرسول والنبيّ والمحدّث فقال الرّسول يظهر له الملك فيكلّمه والنبيّ هو الذي يرى في منامه وربّما اجتمعت النبوّة والرسالة لواحد والمحدّث الذي يسمع الصوت ولا يرى الصورة قيل كيف يعلم انّ الّذي رأى في النوم حقّ وانّه من الملك قال يوفّق لذلك حتّى يعرفه لقد ختم الله بكتابكم الكتب وختم بنبيّكم الأنبياء.

وفي معناه اخبار اخر فيه وفي البصائر وغيرهما.

وفي الكافي عن السّجاد عليه السلام : انّ في القرآن آية كان عليّ بن أبي طالب عليه السلام يعرف قاتله بها ويعرف بها الامور العظام التي كان يحدّث بها الناس ثمّ قال بعد ما سئل عنها هو والله قول الله عزّ وجلّ وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍ ولا محدّث وكان عليّ بن أبي طالب محدثاً وفي البصائر : ما يقرب منه وفيه : انه سئل من يحدثه قال ملك يحدّثه قيل انه نبي أو رسول قال لا ولكن مثله مثل صاحب سليمان ومثل صاحب موسى ومثل ذي القرنين.

أقولُ : أريد بصاحب سليمان آصف بن برخيا وبصاحب موسى يوشع بن نون.

وفي الكافي في عدّة روايات : انّ الأئمّة عليهم السلام كانوا محدّثين كانوا يسمعون الصَّوت ولا يرون الملك إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقِي

٣٨٥

الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آياتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ.

في الاحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث مضى بعضه في المقدّمة : فيذكر الله جلّ ذكره لنبيّه ما يحدّثه عدوّه في كتابه من بعده بقوله وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ الآية يعني أنّه ما من نبيّ تمنّى مفارقة ما يعانيه من نفاق قومه وعقوقهم والانتقال عنها إلى دار الإقامة الّا القى الشّيطان المعرض بعداوته عند فقده في الكتاب الّذي انزل عليه ذمّه والقدح فيه والطّعن عليه فينسخ الله ذلك من قلوب المؤمنين فلا يقبله ولا يصغي إليه غير قلوب المنافقين والجاهلين ويُحْكِمُ اللهُ آياتِهِ بأن يحمي أولياءه من الضّلال والعدوان ومتابعة أهل الكفر والطغيان الذين لم يرض الله ان يجعلهم كالانعام حتّى قال بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً

والقمّيّ : وامّا قوله عزّ وجلّ وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ الآية فانّ العامّة رووا انّ رسول الله صلّى الله عليه وآله كان في الصلاة فقرأ سورة النّجم في المسجد الحرام وقريش يستمعون لقراءته فلمّا انتهى الى هذه الآية أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى اجرى إبليس على لسانه «فانّها الغرانيق العُلى وانّ شفاعتهنّ لترتجى» ففرحت قريش وسجدوا وكان في القوم الوليد بن المغيرة المخزوميّ وهو شيخ كبير فأخذ كفّاً من حصىً فسجد عليه وهو قاعد فقالت قريش قد أقرّ محمّد بشفاعة اللّات والعزّى قال فنزل جبرئيل فقال له قرأت ما لم انزل عليك وانزل عليه وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ الآية وامّا الخاصّة.

فانّه روي عن أبي عبد الله عليه السلام : انّ رسول الله صلّى الله عليه وآله اصابه خصاصة فجاء الى رجل من الأنصار فقال له هل عندك من طعام قال نعم يا رسول الله وذبح له عناقاً وشواه فلمّا أدناه منه تمنّى رسول الله صلّى الله عليه وآله أن يكون معه عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام فجاء أبو بكر وعمر ثمّ جاء عليّ بعدهما فأنزل الله عزّ وجلّ في ذلك وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍ وَلا مُحَدّثٍ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ يعني أبا بكر وعمر فَيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ يعني لمّا جاء عليّ عليه السلام بعدهما ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آياتِهِ لِلنّاسِ يعني ينصر الله أمير المؤمنين عليه السلام.

٣٨٦

(٥٣) لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً قال يعني فلاناً وفلاناً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ قال شكّ وَالْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ

(٥٤) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ ان القرآن هو الحق النّازل من عند الله فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ بالانقياد والخشية وَإِنَّ اللهَ لَهادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ.

القمّيّ الى الإِمام المستقيم.

(٥٥) وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ.

القمّيّ أي في شكّ من أمير المؤمنين عليه السلام حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ القمّيّ العقيم الذي لا مثل له في الأيّام.

(٥٦) الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ

(٥٧) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا فَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ القمّيّ قال ولم يؤمنوا بولاية أمير المؤمنين والأئمّة عليهم السلام.

(٥٨) وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ قُتِلُوا في الجهاد وقرء بالتشديد أَوْ ماتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللهُ رِزْقاً حَسَناً وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ فانّه يرزق بغير حساب.

(٥٩) لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ هو الجنّة فيما يحبّونه وقرء بفتح الميم وَإِنَّ اللهَ لَعَلِيمٌ بأحوالهم وأحوال معاديهم حَلِيمٌ لا يعاجل في العقوبة.

في الجوامع : روي انهم قالوا يا رسول الله هؤلاء الّذين قتلوا قد علمنا ما أعطاهم الله من الخير ونحن نجاهد معك كما جاهدوا فما لنا ان متنا معك فأنزل الله هاتين الآيتين.

(٦٠) ذلِكَ وَمَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ ولم يزد في الاقتصاص ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ بالمعاودة الى العقوبة لَيَنْصُرَنَّهُ اللهُ لا محالة إِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ للمنتصر.

٣٨٧

القمّيّ هو رسول الله صلّى الله عليه وآله لمّا أخرجته قريش من مكّة وهرب منهم الى الغار وطلبوه ليقتلوه فعاقبهم الله يوم بدر وقتل عتبة وشيبة والوليد وأبو جهل وحنظلة بن أبي سفيان وغيرهم فلمّا قبض رسول الله صلّى الله عليه وآله طلب بدمائهم فقتل الحسين عليه السلام وآل محمّد صلوات الله عليهم بغياً وعدواناً وهو قول يزيد لعنه الله حين تمثّل بهذا الشّعر :

ليت اشياخي ببدر شهدوا

جزع الخزرج من وقع الأسل

لاهلّوا واستهلّوا فرحاً

ثمّ قالوا يا يزيد لا تشلّ

لست من خندف ان لم انتقم

من بني احمد ما كان فعل

قد قتلنا القوم من ساداتهم

وعدلناهم ببدر فاعتدل

وكذاك الشيخ اوصاني به

فاتبعت الشيخ فيما قد سئل

وقال يزيد حين أيضاً يقلّب الرأس

نقول والرّأس مطروح نقلّبه

يا ليت أشياخنا الماضون بالحضر

حتّى يقيسوا قياساً لو يقاس به

أيّام بدر لكان الوزن بالقدر

فقال الله تبارك وتعالى ذلِكَ وَمَنْ عاقَبَ يعني رسول الله صلّى الله عليه وآله بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ يعني حين أرادوا ان يقتلوه ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ الله بالقائم من ولده صلّى الله عليه وآله.

(٦١) ذلِكَ أي ذلك النَّصر بِأَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ بسبب ان الله قادر على تقليب بعض الأمور على بعض والمداولة بين الأشياء المتعاندة وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ يسمع قول المعاقب والمعاقب يبصر أفعالهما فلا يمهلهما.

(٦٢) ذلِكَ الوصف بكمال القدرة والعلم بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُ الثابت وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إلهاً وقرء بالتّاء هُوَ الْباطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ عن أن يكون له شريك لا شيء على منه شأناً وأكبر سلطاناً.

(٦٣) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً استفهام تقرير فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً

٣٨٨

انّما عدل عن صيغة الماضي للدلالة على بقاء اثر المطر زماناً بعد زمان إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ يصل علمه الى كلّ ما جلّ ودقّ خَبِيرٌ بالتدابير الظّاهرة والباطنة.

(٦٤) لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ خلقاً وملكاً وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْغَنِيُ في ذاته الْحَمِيدُ المستوجب للحمد بصفاته وأفعاله.

(٦٥) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جعلها مذللة لكم معدة لمنافعكم وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إلّا بمشيئته إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ في الإكمال عن النبيّ صلّى الله عليه وآله بعد ذكر الأئمة الاثني عشر بأسمائهم قال : ومن انكرهم أو أنكر واحداً منهم فقد انكرني بهم يُمْسِكُ الله عزّ وجلّ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ وبهم يحفظ الأرض ان تميد بأهلها.

(٦٦) وَهُوَ الَّذِي أَحْياكُمْ بعد ان كنتم نطفاً ثُمَّ يُمِيتُكُمْ إذا جاء أجلكم ثُمَّ يُحْيِيكُمْ في الآخرة إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ لجحود للنّعم مع ظهورها.

(٦٧) لِكُلِّ أُمَّةٍ اهل دين جَعَلْنا مَنْسَكاً متعبّداً وشريعة ومذهباً هُمْ ناسِكُوهُ يذهبون اليه ويدينون به فَلا يُنازِعُنَّكَ ساير أرباب الملل فِي الْأَمْرِ في أمر الدّين.

في الجوامع : انّ بديل بن ورقاء وغيره من كفّار خزاعة قالوا للمسلمين ما لكم تأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتله الله يعنون الميتة فنزلت وَادْعُ إِلى رَبِّكَ الى توحيده وعبادته إِنَّكَ لَعَلى هُدىً مُسْتَقِيمٍ طريق إلى الحقّ سويّ.

(٦٨) وَإِنْ جادَلُوكَ فقد ظهر الحقّ ولزمت الحجّة فَقُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ من المجادلة الباطلة وغيرها فيجازيكم عليها وهو وعيد فيه رفق.

(٦٩) اللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ من امر الدين.

(٧٠) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ فلا يخفى عليه شيء إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ هو اللوح كتبه فيه قبل أن يبرأه إِنَّ ذلِكَ إثباته في اللّوح أو الحكم بينكم عَلَى اللهِ يَسِيرٌ

٣٨٩

(٧١) يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً حجّة تدلّ على جواز عبادته وَما لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ

(٧٢) وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا من القرآن بَيِّناتٍ واضحات الدّلالة على العقائد الحقّة والأحكام الآلهيّة تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ الإنكار لفرط نكيرهم للحق وغيظهم لأباطيل أخذوها تقليداً وهذا منتهى الجهالة يَكادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آياتِنا يثبون ويبطشون بهم قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ من غيظكم على التالين وضجركم ممّا تلوا عليكم النَّارُ وَعَدَهَا اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ النار.

(٧٣) يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ استماع تدبّر وتفكّر إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ يعني الأصنام لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً لا يقدرون على قلقه مع صغره وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ولو تعاونوا على خلقه وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ فَكيف يكونون آلِهة قادرين على المقدورات كلّها.

في الكافي عن الصادق عليه السلام قال : كانت قريش تلطخ الأصنام التي كانت حول الكعبة بالمسْك والعنبر وكان يغوث قبال الباب ويعوق عن يمين الكعبة ونسر عن يسارها وكانوا إذا دخلوا خرّوا سجّداً ليغوث ولا ينحتون ثمّ يستديرون بحيالهم الى يعوق ثمّ يستديرون عن يسارها بحيالهم الى نسر ثمّ يلبّون فيقولون لبّيك اللهم لبّيك لبّيك لا شريك لك الّا شريك هو لك تملكه وما ملك قال فبعث الله ذباباً اخضر له أربعة أجنحة فَلمْ يبق من ذلك المسْك والعنبر شيئاً الّا اكله فأنزل الله عزّ وجلّ يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ الآية.

(٧٤) ما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ ما عرفوه حقّ معرفته حيث أشركوا به وسمّوا باسمه ما هو ابعد الأشياء عنه مناسبة وقد مرّ حديث فيه في سورة الأنعام ويأتي الحديث في تفسيره في سورة الزّمر إن شاء الله إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ لا يغلبه شيء

(٧٥) اللهُ يَصْطَفِي يختار مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً سفرة يتوسطون بينه وبين الأنبياء بالوحي.

القمّيّ وهم جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل وَمِنَ النَّاسِ أي رسلاً يدعون

٣٩٠

سائرهم إلى الحقّ ويبلّغون إليهم ما نزل عليهم.

القمّيّ هم الأنبياء والأوصياء فمن الأنبياء نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمّد عليه وآله وعليهم السلام ومن هؤلاء الخمسة محمّد صلّى الله عليه وآله ومن الأوصياء عليّ والأئمّة عليهم السلام قال وفيه تأويل غير هذا إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ

(٧٦) يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ عالم بما وقع وما سيقع وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ كلها.

(٧٧) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ بساير ما تعبّدكم به وَافْعَلُوا الْخَيْرَ وتحروا ما هو خير وأصلح فيما تأتون وتذرون كنوافل الطّاعات وصلة الأرحام ومكارم الأخلاق لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ

في الكافي عن الصادق عليه السلام : انّ الله تبارك وتعالى فرض الايمان على جوارح ابن آدم وقسّمه عليها وفرّقه فيها وفرض على الوجه السجود له باللّيل والنهار في مواقيت الصلاة فقال يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وهذه فريضة جامعة على الوجه واليدين والرّجلين.

وعنه عليه السلام : جعل الخير كلّه في بيت وجعل مفتاحه الزّهد في الدنيا.

وفي الجوامع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله : انّ في سورة الحجّ سجدتين ان لم تسجدهما فلا تقرأها.

(٧٨) وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ الاعداء الظاهرة والباطنة

روي عن النبيّ صلّى الله عليه وآله : انّه لمّا رجع من غزوة تبوك قال رجعنا من الجهاد الأصغر الى الجهاد الأكبر يعني جهاد النفس هُوَ اجْتَباكُمْ اختاركم لدينه ولنصرته.

في الكافي عن الباقر عليه السلام : إيّانا عني ونحن المجتبون وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ (ع) قال إيّانا عني خاصّة هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ قال الله عزّ وجلّ سمّانا المسلمين مِنْ قَبْلُ قال في الكتب الّذي مضت وَفِي هذا القرآن لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ قال فرسول الله

٣٩١

صلّى الله عليه وآله الشهيد علينا بما بلغنا عن الله تبارك وتعالى ونحن الشّهداء على الناس يوم القيامة فمن صدّق يوم القيامة صدّقناه ومن كذّب كذّبناه.

وفي الإكمال عن النبيّ صلّى الله عليه وآله : عنى بذلك ثلاثة عشر رجلاً خاصّة دون هذه الأمة ثمّ قال انا واخي وأحد عشر من ولدي.

وفي المناقب وفي خبر : انّ قوله تعالى هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ فَدعوه إبراهيم وإسماعيل لآل محمّد صلوات الله عليهم فانّه لمن لزم الحرم من قريش حتّى جاء النبيّ صلّى الله عليه وآله ثمّ اتبعه وآمن به وامّا قوله لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ النبيّ صلّى الله عليه وآله يكون على آل محمّد صلوات الله عليهم شهيداً ويكونوا شهداء على الناس.

وفي قرب الأسناد عن الصادق عن أبيه عن النبيّ صلوات الله عليهم قال : ممّا أعطى الله أمّتي وفضّلهم به على سائر الأمم أعطاهم ثلاث خصال لم يعطها إلّا نبيّ وذلك أنّ الله تبارك وتعالى كان إذا بعث نبيّاً قال له اجتهد في دينك ولا حرج عليك وان الله تبارك وتعالى أعطى أمّتي ذلك حيث يقول وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ يقول من ضيق قال وكان إذا بعث نبيّاً جعله شهيداً على قومه وانّ الله تبارك وتعالى جعل أمّتي شهداء على الخلق حيث يقول لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ الحديث فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ فتقرّبوا إلى الله بأنواع الطاعات لما خصّكم بهذا الفضل والشرف وَاعْتَصِمُوا بِاللهِ وثقوا به في مجامع أموركم ولا تطلبوا الأمانة والنّصرة الّا منه هُوَ مَوْلاكُمْ ناصركم ومتولّى أموركم فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ هو إذ لا مثل له في الولاية والنصرة بل لا مولى ولا نصير سواه في الحقيقة.

في ثواب الأعمال عن الصادق عليه السلام قال : من قرء سورة الحجّ في كلّ ثلاثة أيّام لم تخرج سنة حتّى يخرج الى بيت الله الحرام وان مات في سفره دخل الجنّة قيل فان كان مخالفاً قال يخفّف بعض ما هو فيه

وفي المجمع : مثله إلى قوله عليه السلام دخل الجنة.

٣٩٢

سُورَة المُؤْمِنُونَ

مكّيّة عدد آيها مائة وثمانِي عشرة آية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(١) قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ

في الكافي عن الباقر عليه السلام قال : أتدري من هم قيل أنت أعلم قال قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ المسلمون انّ المسلمين هم النّجباء.

والقمّيّ عن الصادق عليه السلام قال : لما خلق الله الجنّة قال لها تكلّمي فقالت قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ.

(٢) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ القمّيّ قال غضّك بصرك في صلواتك وإقبالك عليها.

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام قال : إذا دخلت في صلواتك فعليك بالتخشّع والإقبال على صلواتك فانّ الله تعالى يقول الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ.

وعنه عن النبيّ صلوات الله عليهما قال : ما زاد خشوع الجسد على ما في القلب فهو عندنا نفاق.

وفي المجمع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله : انّه رأى رجلاً يعبث بلحيته في صلاته فقال أما إنّه لو خشع قلبه لخشعت جوارحه وروي : انّه كان يرفع بصره إلى السماء في صلاته فلمّا نزلت الآية طأطأ رأسه ورمى ببصره إلى الأرض.

٣٩٣

(٣) وَالَّذِينَهُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ القمّيّ يعني عن الغناء والملاهي.

وفي إرشاد المفيد عن أمير المؤمنين عليه السلام : كلّ قول ليس فيه ذكر فهو لغو.

وفي المجمع عن الصادق عليه السلام قال : ان يتقوّل الرّجل عليك بالباطل أو يأتيك بما ليس فيك فتعرض عنه لله.

قال وفي رواية أخرى : انّه الغناء والملاهي.

وفي الاعتقادات عنه عليه السلام : انّه سئل عن القصاص أيحل الاستماع لهم فقال لا.

(٤) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ

القمّيّ عن الصادق عليه السلام : من منع قيراطاً من الزكاة فليس هو بمؤمن ولا مسلم ولا كرامة.

(٥) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ

(٦) إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ

القمّيّ يعني الإماء قال والمتعة حدّها الإماء.

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام : أنه سئل عن المتعة فقال حلال فلا تتزوّج الّا عفيفة انّ الله عزّ وجلّ يقول وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ وَعنه عليه السلام : تحلّ الفروج بثلاثة وجوه نكاح بميراث ونكاح بلا ميراث ونكاح بملك يمين.

وعن أبيه عن النبيّ صلوات الله عليهما : انّ الله احلّ لكم الفروج على ثلاثة معان فرج مورّث وهو الثبات وفرج غير مورّث وهو المتعة وملك ايمانكم فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ

(٧) فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ القمّيّ قال من جاوز ذلك فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ الكاملون في العُدوان.

٣٩٤

(٨) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وقرء لأمانتهم وَعَهْدِهِمْ راعُونَ لما يؤتمنون عليه ويعاهدون من جهة الحقّ أو الخلق قائمون بحفظها وإصلاحها.

(٩) وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ وقرء صَلَواتِهم يُحافِظُونَ

القمّيّ قال على أوقاتها وحدودها.

وفي الكافي عن الباقر عليه السلام : انّه سئل عن هذه الآية فقال هي الفريضة قيل الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ قال هي النّافلة.

(١٠) أُولئِكَ الجامعون لهذه الصّفات هُمُ الْوارِثُونَ

(١١) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ

القمّيّ عن الصادق عليه السلام قال : ما خلق الله خلقاً الّا جعل له في الجنّة منزلاً وفي النار منزلاً فإذا سكن أهل الجنّة الجنّة وأهل النار النار نادى مناد يا اهل الجنّة أشرفوا فيشرفون على أهل النّار وترفع لهم منازلهم فيها ثمّ يقال لهم هذه منازلكم التي في النار لو عصيتم الله لدخلتموها قال فلو أنّ أحداً مات فرحاً لمات اهل الجنّة في ذلك اليوم فرحاً لما صرف عنهم من العذاب ثمّ ينادي مناديا أهل النّار ارفعوا رؤوسكم فيرفعون رؤوسهم فينظرون إلى منازلهم في الجنّة وما فيها من النّعيم فيقال لهم هذه منازلكم التي لو أطعتم ربّكم لدخلتموها قال فلو أنّ أحداً مات حزناً لمات أهل النّار حزناً فيورّث هؤلاء منازل هؤلاء ويورث هؤلاء منازل هؤلاء وذلك قول الله عزّ وجلّ أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ.

وفي المجمع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله قال : ما منكم من أحدٍ الّا وله منزلان منزل في الجنة ومنزل في النار فان مات ودخل النار ورث أهل الجنة منزله.

وفي العيون عن أمير المؤمنين عليه السلام انّه قال : فيّ هذه الآية.

(١٢) وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ.

القمّيّ قال السلالة الصفوة من الطعام والشراب الذي يصير نطفة والنطفة

٣٩٥

أصلها من السلالة والسلالة هو من صفو الطعام والشراب والطعام من أصل الطين فهذا معنى قوله جلّ ذكره مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ.

(١٣) ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ قال يعني في الأنثيين ثمّ في الرّحم.

(١٤) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً قد سبق تفسيرها في اوايل سورة الحجّ وقرء العظم على التوحيد فيهما ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ

القمّيّ عن الباقر عليه السلام قال : هو نفخ الرّوح فيه فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ في التوحيد عن الرضا عليه السلام : انه سئل وغير الخالق الجليل خالق قال ان الله تبارك وتعالى قال فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ وقد أخبر انّ في عباده خالقين وغير خالقين منهم عيسى بن مريم خلق مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بإذن الله والسّامريّ خلق لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ.

(١٥) ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ لَمَيِّتُونَ

(١٦) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ تُبْعَثُونَ

(١٧) وَلَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرائِقَ سبع سموات قيل سمّاها طرائق لأنّها طورق بعضها فوق بعض مطارقة النّعل وكلّ ما فوقه مثله وهو طريقه وَما كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غافِلِينَ

(١٨) وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ

القمّيّ عن الباقر عليه السلام : فهي الأنّهار والعيون والآبار.

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام : يعني ماء العقيق.

أقولُ : يعني بالعقيق الوادي.

٣٩٦

وفي المجمع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله : انّ الله تعالى انزل من الجنّة خمسة انهار سيحون وهو نهر الهند وجيحون وهو نهر بلخ ودجلة والفرات وهما نهرا العراق والنيل وهو نهر مصر أنزلها الله من عين واحدة وأجراها في الأرض وجعل فيها منافع للنّاس في أصناف معايشهم فذلك قوله وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ الآية وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ بالإفساد أو التصعيد أو التعميق بحيث يتعذّر استنباطه لَقادِرُونَ كما كنّا قادرين على انزاله قيل في تنكير ذهاب إيماء الى كثرة طرقه ومبالغة في الإيعاد به.

(١٩) فَأَنْشَأْنا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ لَكُمْ فِيها فَواكِهُ كَثِيرَةٌ تتفكهون بها وَمِنْها تَأْكُلُونَ تغذّياً.

(٢٠) وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ وقرء بكسر السّين تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ أي تنبت بالشّيء الجامع بين كونه دهنا يدهّن به ويسرج منه وكونه اداماً يصبغ فيه الخبز اي يغمس فيه للايتدام وقرء تنبت من أنبت بمعنى نبت.

القمّيّ قال شجرة الزّيتون وهو مثل رسول الله صلّى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام فالطّور الجبل وسيناء الشجرة.

وفي المجمع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله انّه قال : الزّيت شجرة مباركة فأتدموا به وادهنوا.

وفي التهذيب عن الباقر عليه السلام : كان في وصيّة أمير المؤمنين عليه السلام ان اخرجوني الى الظّهر فإذا تصوبت أقدامكم واستقبلتكم ريح فادفنوني فهو أوّل طور سيناء ففعلوا ذلك.

وعن الصادق عليه السلام قد ذكر الغرّى قال : وهي قطعة من الجبل الّذي كلّم الله عليه موسى تكليماً وقدّس عليه عيسى (ع) تقديساً واتّخذ عليه إبراهيم خليلاً واتّخذ محمّداً حبيباً وجعله للنبيّين عليهم السلام مسكناً فو الله ما سكن بعد أبويه الطّيبين آدم ونوح أكرم من أمير المؤمنين عليه السلام.

(٢١) وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً تعتبرون محالها نُسْقِيكُمْ وقرء بفتح النّون مِمَّا

٣٩٧

فِي بُطُونِها من الألبان وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ في ظهورها وأصوافها وشعورها وَمِنْها تَأْكُلُونَ

(٢٢) وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ في البرّ والبحر فانّ الإبل سفينة البرّ.

(٢٣) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ وقرء بالجرّ أَفَلا تَتَّقُونَ ا فلا تخافون ان يزيل عنكم نعمه.

(٢٤) فَقالَ الْمَلَأُ الأشراف الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لعوامهم ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ ان يطلب الفضل عليكم ويسودكم وَلَوْ شاءَ اللهُ أن يرسل رسولاً لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً رسلاً ما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ أي بالتّوحيد الَّذي يدعونا إليه.

(٢٥) إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ جنون ولأجله يقول ذلك فَتَرَبَّصُوا بِهِ فاحتملوا وانتظروا حَتَّى حِينٍ لعلّه يفيق من جنونه.

(٢٦) قالَ رَبِّ انْصُرْنِي عليهم باهلاكهم بِما كَذَّبُونِ بسبب تكذيبهم ايّاي.

(٢٧) فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا بحفظنا ان تحظى فيه أو يفسد عليك مفسدٌ وَوَحْيِنا وأمرنا وتعليمنا كيف تصنع فَإِذا جاءَ أَمْرُنا بنزول العذاب وَفارَ التَّنُّورُ في الجوامع روي : انّه قيل لنوح (ع) إذا رأيت الماء يفور من التنّور فاركب أنت ومن معك في السّفينة فلمّا نبع الماء من التنّور أخبرته امرأته فركب وقد سبق تمام القصّة في سورة هود (ع) فَاسْلُكْ فِيها فادخل فيها يقال سلك فيه وسلك غيره مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ الذكر والانثى وقرء كل بغير التنوين وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ بإهلاكه ولكفره وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا بالدّعاء بالإِنجاء إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ لا محالة.

(٢٨) فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ كقوله تعالى فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.

(٢٩) وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً وقرء بفتح الميم وكسر الزّاى مُبارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ

٣٩٨

في الفقيه : قال النبيّ صلّى الله عليه وآله لعليّ عليه السلام يا عليّ إذا نزلت منزلاً فقل اللهُمَ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ ترزق خيره ويدفع شرّه.

(٣٠) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ وان كنا لممتحنين عبادنا بهذه الآيات

وفي نهج البلاغة : انّ الله قد أعاذكم من أن يجور عليكم ولم يعذبكم من أن يبتليكم وقد قال جلّ من قائل إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ.

(٣١) ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ هم عاداً وثمود.

(٣٢) فَأَرْسَلْنا فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ هو هوداً وصالح أَنِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ

(٣٣) وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْناهُمْ وانعمناهم فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ.

(٣٤) وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ فيما يأمركم به إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ حيث أذللتم أنفسكم.

(٣٥) أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً مجرّدة عن اللّحوم والأعصاب أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ من الأجداث.

(٣٦) هَيْهاتَ هَيْهاتَ بعد لِما تُوعَدُونَ اللّام للبيان كما في هَيْتَ لَكَ.

(٣٧) إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا ان الحياة الّا حياتنا الدّنيا نَمُوتُ وَنَحْيا يموت بعضنا ويولد بعض وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ بعد الموت.

(٣٨) إِنْ هُوَ ما هو إِلَّا رَجُلٌ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً فيما يدّعيه من ارسالنا فيما يعدنا من البعث وَما نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ بمصدّقين.

(٣٩) قالَ رَبِّ انْصُرْنِي عليهم وانتقم لي منهم بِما كَذَّبُونِ بسبب تكذيبهم ايّاي.

٣٩٩

(٤٠) قالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ على التكذيب إذا رأوا العذاب.

(٤١) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِ صيحة جبرئيل صاح عليهم صيحة هائلة تصدّعت منها قلوبهم فماتوا وفيه دلالة على أنّ القرن قوم صالح فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً

القمّيّ عن الباقر : الغثاء اليابس الهامد من نبات الأرض قيل شبّههم في دمارهم بغثاء السّيل وهو حميلة كقول العرب سار به الوادي لمن هلك فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ يحتمل الاخبار والدّعاء

(٤٢) ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُوناً آخَرِينَ يعني قوم صالح ولوط وشعيب وغيرهم.

(٤٣) ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها الوقت الذي قدّر لهلاكها وَما يَسْتَأْخِرُونَ الأجل.

(٤٤) ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا متواترين واحداً بعد واحد من الوتر وهو الفرد وقرء بالتنوين كُلَّ ما جاءَ أُمَّةً رَسُولُها كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنا بَعْضَهُمْ بَعْضاً في الهلاك وَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ لم يبق منهم الّا حكايات تمثل بها فَبُعْداً لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ

(٤٥) ثُمَّ أَرْسَلْنا مُوسى وَأَخاهُ هارُونَ بِآياتِنا بالآيات التسع وَسُلْطانٍ مُبِينٍ وحجّة واضحة ملزمة للخصم.

(٤٦) إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ فَاسْتَكْبَرُوا عن الإِيمان والمتابعة وَكانُوا قَوْماً عالِينَ متكبّرين.

(٤٧) فَقالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا وَقَوْمُهُما لَنا عابِدُونَ يعني أنّ بني إسرائيل لنا خادمون منقادون.

(٤٨) فَكَذَّبُوهُما فَكانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ بالغرق.

(٤٩) وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ التوراة لَعَلَّهُمْ لعل بني إسرائيل يَهْتَدُونَ الى المعارف والأحكام.

٤٠٠