تفسير الصّافي - ج ٣

محمّد بن المرتضى [ الفيض الكاشاني ]

تفسير الصّافي - ج ٣

المؤلف:

محمّد بن المرتضى [ الفيض الكاشاني ]


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: منشورات مكتبة الصدر
المطبعة: خورشيد
الطبعة: ٣
ISBN الدورة:
964-6847-51-X

الصفحات: ٤٥٢

أقول : لعلهم عليهم السلام إنّما عدّوا سبعاً باعتبار أسمائهم فانّها سبعة وعلى هذا فيجوز أن يجعل المثاني من الثّناءِ وأن يجعل من التّثنية باعتبار تثنيتهم مع القرآن وأن يجعل كناية عن عددهم الأربعة عشر بأن يجعل نفسه واحداً منهم بالتغاير الاعتباريّ بين المعطى والمعطى له.

(٨٨) لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ لا تطمح ببصرك طموح راغب إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ أصنافاً من الكفّار فانّه مستحقر في جنب ما أوتيته وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ إن لم يؤمنوا فيتقوّى بهم الإسلام وأهله وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ وتواضع لمن معك من المؤمنين وارفق بهم وطب نفساً عن إيمان الأغنياء والأقوياء.

في الكافي عن الصادق عليه السلام قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم : من أوتي القرآن فظنّ أنّ أحداً من الناس أوتي أفضل ممّا أوتي فقد عظمّ ما حقّر الله وحقّر ما عظمّ الله.

والقمّيّ عنه عليه السلام : لمّا نزلت هذه الآية لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ قال رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم من لم يتعزّ (١) بعزاءِ الله تقطّعت نفسه على الدنيا حسرات ومن رمى ببصره ما في يدي غيره كثر همّه ولم يشف غيظه ومن لم يعلم أنّ لله عليه نعمة إلّا في مطعم أو ملبس فقد قصر عمله ودنا عذابه ومن أصبح على الدنيا حزيناً أصبح على الله ساخطاً ومن شكا مصيبة نزلت به فانّما يشكو ربّه ومن دخل النّار من هذه الأمّة ممّن قرأ القرآن فهو ممّن يتّخذ آيات الله هُزواً ومن أتى ذا ميسرة فتخشّع له طلب ما في يديه ذهب ثلثا دينه وفي المجمع : كان رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم لا ينظر إلى ما يستحسنُ من الدنيا.

(٨٩) وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ أنذركم ببيان وبرهان إنّ عذاب الله نازل بكم إن لم تؤمنوا وأبيّن لكم ما تحتاجون إليه وما أرسلت به إليكم.

__________________

(١) العزاء ممدوداً الصّبر يقال عزى يعزى من باب تعب صبر على ما نابه وأراد بالتعزّي بعزاء الله التصبّر والتسلّي عند المصيبة وشعاره أن يقول إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ومعنى بعزاء الله بتعزية الله إيّاه فأقام الاسم مقام المصدر م.

١٢١

(٩٠) كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ.

(٩١) الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ قيل أي أنزلنا عليك مثل ما أنزلنا على اليهود والنصارى الذين جعلوا القرآن أَجزاء وأعضاء وقالوا لعنادهم بعضه حقّ موافق للتوراة والإنجيل وبعضه باطل مخالف لهما فاقتسموه إلى حقّ وباطل وقيل مثل العذاب الذي أنزلنا عليهم.

والقمّيّ قال قسّموا القرآن ولم يؤلّفوه على ما أنزله الله. والعيّاشيّ عنهما عليهما السلام : أنّهما سئلا عن هذه الآية فقالا هم قريش ، وعن أحدهما عليهما السلام : في الَّذِينَ أبرزوا الْقُرْآنَ عِضِينَ قالوا هم قريش.

(٩٢) فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ.

(٩٣) عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ فيجازيهم عليه.

(٩٤) فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ فاجهر به وأظهره.

العيّاشيّ عن الباقر عليه السلام : في قوله تعالى وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها قال نسختها فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ فلا تلتفت إلى ما يقولون.

(٩٥) إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ بقمعهم وإهلاكهم.

(٩٦) الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ عاقبة أمرهم في الدّارين.

في الإكمال عن الصادق عليه السلام : اكتتم رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم مختفياً خائفاً خمس سنين لم يظهر أمره وعليّ عليه السلام معه وخديجة ثمّ أمره الله أن يصدع بما أمر فظهر فأظهر أمره فقال وفي خبر آخر : ثلاث سنين.

والعيّاشيّ عنه عليه السلام قال : اكتتم رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم بمكّة سنين ليس يظهر وعليّ عليه السلام معه وخديجة ثمّ أمره الله أن يصدع بما يؤمر فظهر فجعل يعرض نفسه على قبايل العرب فإذا أتاهم قالوا كذّاب امض عنّا.

١٢٢

والقمّيّ نزلت بمكّة بعد أن نبّئ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم بثلاث سنين وذكر الحديث بأبسط ممّا في الإكمال قال وكان المستهزءون برسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم خمسة الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل والأسود بن المطّلب والأسود بن عبد يغوث والحرث بن طلاطلة الخزاعيّ.

والعيّاشيّ عن الباقر عليه السلام قال : كان المستهزءون خمسة من قريش وذكر هؤلاء ثمّ قال فلّما قال الله إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ علم رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم أنّه قد أخزاهم فأماتهم الله بشّر ميتة.

وفي الاحتجاج عن الصادق عليه السلام عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السلام في حديث : فامّا المستهزءون فقال الله إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ فقتل الله خمستهم كل واحد منهم بغير قتلة صاحبه في يوم واحد فأمّا الوليد بن المغيرة فمر بنبل الرجل من خزاعة قد راشه (١) ووضعه في الطريق فأصابه شظيّة (٢) فانقطع اكحله (٣) حتى أدماه فمات وهو يقول قتلني ربّ محمّد وأمّا العاص بن وائل السّهمي فانّه خرج في حاجة له إلى موضع فتدهده تحته حجر فسقط فتقطع قطعة قطعة فمات وهو يقول قتلني ربّ محمّد وأمّا الأسود بن عبد يغوث فانّه خرج يستقبل ابنه زمعة فاستظل الشجرة فأتاه جبرئيل فأخذ رأسه فنطح به الشجرة فقال لغلامه امنع هذا عني فقال ما أرى أحداً يصنع بك شيئاً إلّا نفسك فقتله وهو يقول قتلني ربّ محمّد وأمّا الأسود بن المطلب فانّ النبيّ صلَّى الله عليه وآله وسلم دعا عليه أن يعمي بصره وان يثكله ولده فلما كان في ذلك اليوم خرج حتّى صار إلى موضع فأتاه جبرئيل بورقة خضراء فضرب بها وجهه فعمي وبقي حتى أثكله الله ولده وأمّا الحرث بن الطلاطلة فانه خرج من بيته في السموم فتحوّل حبشيّاً فرجع إلى أهله فقال أنا الحرث فغضبوا عليه فقتلوه وهو يقول قتلني ربّ محمّد.

__________________

(١) راش السّهم يريشه الزق عليه الرّيش كريشه ق.

(٢) والشّظيّة القوس وعظم السّاق وكلّ فلقة من شيء قاموس.

(٣) والأكحل عرق في وسط الذراع يكثر فصده. نهاية. او عرق الحياة ق.

١٢٣

قال وروي : أنّ الأسود بن عبد يغوث أكل حوتاً مالحاً فأصابه العطش فلم يزل يشرب الماء حتّى انشق بطنه فمات وهو يقول قتلني ربّ محمّد كل ذلك في ساعة واحدة وذلك أنّهم كانوا بين يدي رسول الله فقالوا يا محمّد ننتظر بك إلى الظهر فان رجعت عن قولك والّا قتلناك فدخل النّبي صلَّى الله عليه وآله وسلم منزله فأغلق عليه بابه مغتّماً لقولهم فأتاه جبرئيل عن الله من ساعته فقال يا محمّد السلام يقرأ عليك السلام وهو يقول فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ يعني أظهر أمرك لأهل مكّة وادعهم إلى الإيمان قال يا جبرئيل كيفَ اصنع بالمستهزئين وما أوعدوني وقال له إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ قال يا جبرئيل كانوا الساعة بين يدي قال قد كفيتهم فأظهر أمره عند ذلك.

والقمّيّ بعد ما ذكر المستهزئين وكيفية كفايتهم قال : فخَرَج رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم فقام على الحجر فقال يا معشر قريش يا معشر عرب أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلَّا الله وأنّي رسول الله آمركم بخلع الأنداد والأصنام فأجيبوني تملكوا به العرب ويدين لكم العجم وتكونوا ملوكاً في الجنّة فاستهزءوا منه وقالوا جنّ محمّد بن عبد الله ولم يجسروا عليه لموضع أبي طالب.

(٩٧) وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ من تكذيبك والطعن فيك وفي القرآن.

في الكافي عن الصادق عليه السلام : يعني فيما يذكره في فضل وصيّه.

(٩٨) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ فافزع إلى الله فيما نابك بالتسبيح والتحميد والصلوة يكفِكَ الهمّ ويكشف عنك الغمّ.

في الكافي عن الصادق عليه السلام : عليك بالصّبر في جميع أمورك فانّ الله عزّ وجلّ بعث محمّداً صلَّى الله عليه وآله وسلم فأمره بالصّبر والرّفق فصبر حتّى نالوه بالعظائم ورموه بها فضاق صدره فأنزل الله عزّ وجلّ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ الآية.

١٢٤

وفي المجمع كانَ رسول اللهِ صلَّى الله عليه وآله وسلم : إذ أحزنه أمر فرغ إلى الصلوة.

(٩٩) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ودم على عبادة ربّك حتّى يَأْتيكَ الموت يعني ما دمت حيّاً وفضل قراءة هذه السورة سَبَق في آخر سورة إبراهيم عليه السلام.

١٢٥

سورة النحل

أربعون آية من أوّلها مكيّة والباقي من قوله (وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللهِ) إلى آخر

السورة مدنيّة وقيل مكيّة كلها غير ثلاث آيات (وَإِنْ عاقَبْتُمْ) إلى آخر السورة

عدد آيها مائة وثمان وعشرون آية.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(١) أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ قيل كانوا يستعجلون ما أوعدهم الرسول صلَّى الله عليه وآله وسلم من قيام الساعة وإهلاك الله إيّاهم كما فعل يوم بدر استهزاءً وتكذيباً ويقولون إن صحّ ما تقوله فالأصنام تشفع لنا وتخلّصنا منه فنزلت والمعنى أنّ الأمر الموعود به بمنزلة الآتي المتحقّق من حيث أنّه واجب الوقوع فلا تستعجلوا وقوعه فانّه لا خير لكم فيه ولا خلاص لكم عنه.

القمّيّ قال نزلت لمّا سألت قريش رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم أن ينزل عليهم العذاب فأنزل الله أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ.

والعيّاشيّ عن الصادق عليه السلام : إذا أخبر الله أنّ شيئاً كائن فكأنّه قد كان سُبْحانَهُ (١) وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ تبرأ وجلّ أن يَكون له شريك فيدفع ما أراد بهم وقرئ بالتاءِ.

__________________

(١) هذه كلمة تنزيه لله تعالى عمّا لا يليق به وبصفاته وتنزيه له من أن يكون له شريك في عبادته اي جلّ وتقدّس وتنزّه من أن يكون له شريك تعالى وتعظم وارتفع من جميع صفات النّقص.

١٢٦

(٢) يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ بما يحيي به القلوب الميتة بالجهل من الوحي والقرآن.

القمّيّ يعني بالقّوة التي جعلها الله فيهم.

وعن الباقر عليه السلام يقول : بالكتاب والنبوّة وقرئ ينزل من أنزل وتنزل على المبنيّ للمفعول والتشديد مِنْ أَمْرِهِ من ملكوته عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ.

في البصائر عن الباقر عليه السلام : أنّه سئل عن هذه الآية فقال جبرئيل الذي نزل على الأنبياء والروح يكون معهم ومع الأوصياء لا يفارقهم يفقّههم ويسدّدهم من عند الله. الحديث ويأتي كلام آخر في الروح في سورة بني إسرائيل إن شاء الله وقد سبق تمام تحقيقه في سورة الحجر أَنْ أَنْذِرُوا بأن اعلموا من أنذرت بكذا إذا أعلمته أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ.

(٣) خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ.

(٤) خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ.

القمّيّ قال خلقه من قطرة ماءٍ منتن فيكون خصيماً متكلّماً بليغاً.

(٥) وَالْأَنْعامَ الأزواج الثمانية خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ.

القمّيّ ما يستدفئون به ممّا يتخذ من صوفها ووبرها وَمَنافِعُ نسلها ودرّها وظهورها واثارة الأرض وما يعوّض بها وَمِنْها تَأْكُلُونَ أي تأكلون ما يؤكل منها كاللّحُوم والشحُوم والألبان.

(٦) وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ زينة حِينَ تُرِيحُونَ تردّونها من مراعيها إلى مراحها بالعشّي وَحِينَ تَسْرَحُونَ تخرجونها بالغداة إلى المرعى فانّ الأفنية تتزيّن بها في الوقتين ويجلّ أهلها في أعين الناظرين إليها وتقديم الاراحة لأنّ الجمال فيها أظهر فانّها تقبل ملأ البطون حافلة الضروع ثمّ تأوي إلى الحظاير حاضرة لأهلها.

(٧) وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ أحمالكم إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ ان لم تكن فضلاً عن

١٢٧

أن تحملوها على ظهوركم إليه إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ الّا بكلفة ومشقّة إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ حيث رحمكم بخلقها لانتفاعكم بها وسهولة الأمر عليكم.

(٨) وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ.

القمّيّ قال العجائب التي خلقهَا الله في البر والبحْر.

(٩) وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ هداية الطريق المستقيم الموصل إلى الحق ونحوه إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى وَمِنْها جائِرٌ حائد عن القصد وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ إلى القصد.

(١٠) هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ ومنه يكون نبات فِيهِ تُسِيمُونَ ترعون مواشيكم.

(١١) يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ فيستدلون بها على عظمة خالقها وكمال قدرته وحكمته وقرئ ننبت بالنّون.

(١٢) وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ بأن هَيَّأها لمنافعكم مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ وقرئ برفع النجوم ومسخرات ورفع الشمس والقمر أيضاً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ جمع الآيات هنا وذكر العقل دون الفكر لأنَّ في الآثار العلويّة أنواعاً من الدلالة ظاهرة للعقلاءِ على عظمة الله.

(١٣) وَما ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ وسخر لكم ما خلق لكم في الأرض من حيوان ونبات ومعدن مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ أي أصنافه فانّها تتخالفُ باللون غالباً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ.

(١٤) وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ ذلله بحيث تتمكنون من الانتفاع به بالركوب والاصطياد والغوص لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا هو السمكُ وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها (١) كاللؤلؤ والمرجان وَتَرَى الْفُلْكَ السفن مَواخِرَ فِيهِ جواري فيه تشقّه بحيازيمها من المخر

__________________

(١) أي يتزيّنون بها وتلبسونها نساءكم ولو لا تسخيره سبحانه ذلك لما قد رتم على الدّنوّ منه والغوص فيه م ن

١٢٨

وهو شق الماءِ وقيل صوت جري الفلك وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ من سعة رزقه بركوبها للتجارة وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ أي تعرفون نعمة الله فتقومون بحقّها.

(١٥) وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ جبالاً ثوابت أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ كراهة أن تميل بكم وتضطربَ.

في الخصال عن الصادق عن أبيه عن جدّه عليهم السلام أنّ النبيّ صلَّى الله عليه وآله وسلم قال : إنّ الله تبارك وتعالى لما خلق البحار فخرت وزخرت وقالت أي شيء يغلبني فخلق الله الفلك فأدارها به وذلّله ثمّ أن الأرض فخرت وقالت أي شيء يغلبني فخلق الله الجبال فأثبتها في ظهرها أوتاداً منعها من أن تميد بما عليها فذلت الأرض واستقرت.

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام : إِن الله جعل الأئمّة أركان الأرض أن تميد بأهلها.

وفي الإكمال عن الباقر عليه السلام : لو أنّ الإِمام رفع من الأرض ساعة لماجت بأهلها كما يموج البحر بأهله وَأَنْهاراً وجعل فيها أَنْهاراً وَسُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ إلى مقاصدكم.

(١٦) وَعَلاماتٍ هي معالم الطرق وكل ما يستدل به المارة من جبل وسهل وغير ذلك وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ بالليل في البراري والبحار.

في الكافي والمجمع والقمّيّ والعيّاشيّ في أخبار كثيرة عنهم عليهم السلام : نحن العلامات وبِالنَّجْمِ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم.

والعيّاشيّ عن أمير المؤمنين عليه السلام قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم : بِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ هو الجدي لأنّه نجم لا يزول وعليه بناء القبلة وبه يهتدي أهل البرّ والبحر.

وعن الصادق عليه السلام في هذه الآية قال : ظاهر وباطن الجدي يبني عليه القبلة وبه يهتدي أهل البرّ والبحر لأنّه لا يزُول.

١٢٩

أقول : يعني معناه الظاهر الجدي والباطن رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم.

(١٧) أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ يعني الأصنام أَفَلا تَذَكَّرُونَ فتعرفوا فساد ذلك.

(١٨) وَإِنْ تَعُدُّوا (١) نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها لا تضبطوا عددها فضلاً أن تطيقوا القيام بشكرها إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ حيث يتجاوز عن تقصيركم في أداءِ شكرها رَحِيمٌ لا يقطعها لتفريطكم فيه ولا يعاجلكم بالعقوبة على كفرانها.

(١٩) وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ من عقائدكم وأعمالكم وهو وعيد.

(٢٠) وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ والآلهة الذين تعبدونهم من دونه وقرئ تدعون بالتاءِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ.

(٢١) أَمْواتٌ (٢) غَيْرُ أَحْياءٍ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ولا يعلمون وقت بعثهم أو بعث عبدتهم فكيف يكون لهم وقت جزاءٍ على عبادتهم.

(٢٢) إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ.

(٢٣) لا جَرَمَ حقّاً أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ فيجازيهم وهو وعيد إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ.

القمّيّ والعيّاشيّ عن الباقر عليه السلام : لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يعني الرحمة قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ يعني كافرة وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ يعني عن ولاية عليّ عليه السلام إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ يعني عن ولاية عليّ عليه السلام.

__________________

(١) معناه وان أردتم تعداد نعم الله سبحانه عليكم ومعرفة تفاصيلها لم يمكنكم احصاؤها ولا تعديدها وانّما يمكنكم ان تعرفوا مجملها م ن.

(٢) أكّد كونها أمواتاً بقوله غَيْرُ أَحْياءٍ لنفي الحياة عنها على الإِطلاق فانّ من الأموات من سبقت له حالة في الحياة وله حالة منتظرة من الحياة بخلاف الأصنام فانّه ليس لها حياة سابقة ولا منتظرة وقال أموات ولم يقل موات وإن كان الأموات جمع الميّت الّذي كان فيه حياة فزالت لأنّهم صوّروا الأَصنام على صور العقلاء وهيأتهم وعاملوها معاملة العقلاء تسميةً واعتقاداً ولذلك قال لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ مجمع البيان.

١٣٠

والعيّاشيّ : مرّ الحسين بن عليّ عليهما السلام على مساكين قد بسطوا كساءً لهم وألقوا كِسَراً فقالوا هلّم يا ابن رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم فثنّى وركه فأكل معهم ثمّ تلا إنّ الله لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ.

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام : من ذهب يرى أنّ له على الآخر فضلاً فهو من المستكبرين فقيل إنّما يرى أنّ له فضلاً عليه بالعافية إذا رآه مرتكباً للمعاصي فقال هيهات هيهات فلعله أن يكون قد غفر له ما أتى وأنت موقوف تحاسب أما تلوت قصة سحرة موسى عليه السلام.

(٢٤) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ أحاديث الأوّلين وأباطيلهم.

(٢٥) لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ أي قالوا ذلك اضلالاً للناس وصَدّاً عن رسول الله فحملوا أوزار ضلالتهم كاملة وبعض أوزار من أضلّوهم لأنّ الضّالّ والمضلّ شريكان وهذا يضلّه وهذا يطاوعه على إضلاله بغير علم يعني يضلّون من لا يعلم أنّهم ضلّال وإنّما لم يعذر الجاهل لأنّ عليه أن يبحث وينظر بعقله حتّى يميز بين المحق والمبطِل.

العيّاشيّ عن الباقر عليه السلام : ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ في عليّ عليه السلام قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ شجّع أهل الجاهلية في جاهليّتهم لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ ليستكملوا الكفر ليوم القيامة وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ يعني كفر الذين يتولّونهم.

والقمّيّ : يحملون آثامهم يعني الذين غصبوا أمير المؤمنين عليه السلام وآثام كلّ من اقتدى بهم وهو قول الصادق عليه السلام والله ما أهريقت محجمة من دم ولا قرع عصاً بعصاً ولا غصب فرج حرام ولا أخذ مال من غير حله الا وزر ذلك في أعناقهما من غير أن ينقص من أوزار العاملين شيء.

وفي المجمع عن النبيّ صلَّى الله عليه وآله وسلم : أيّما داعٍ دعا إلى الهدى فاتبع فله مثل أجورهم من غير أن ينقص من أجورهم شيء وأيّما داعٍ دعا إلى ضلالة فاتبع عليه فانّ عليه مثل أوزار من تبعه من غير أن ينقص من أوزارهم.

١٣١

(٢٦) قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ من الأساطين التي بنوا عليها فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ هذا تمثيل لاستيصالهم بمكرهم والمعنى أنّهم سوّوا منصوبات ليمكروا الله بها فجعل الله هلاكهم في تلك المنصوبات كحال قوم بنوا بنياناً وعمدوه بالأساطين فأتى البنيان من جهة الأساطين بأن ضعضعت فسقط عليهم السقف وهلكوا ومن أمثالهم من حفر لأخيه جبّاً وقع فيه منكبّاً والمراد بإتيان الله إتيان أمره من القواعد أي من جهة القواعد وَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ لا يحتسبون ولا يتوقّعُون وفي الجوامع والعيّاشيّ عن الصادق عليه السلام : أنّه قرأ فأتى الله بيتهم ، وزاد العيّاشيّ : يعني بيت مكرهم.

وعن الباقر عليه السلام : كان بيت غدر يجتمعون فيه إذا أرادوا الشّرّ.

والقمّيّ عنه عليه السلام : بيت مكرهم أي ماتوا فألقاهم الله في النار قال وهو مثل لأعداءِ آل محمّد صلوات الله عليهم.

وفي التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث : فإتيانه بنيانهم من القواعد إرسال العذاب.

(٢٧) ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يُخْزِيهِمْ يذلّهم وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ تعادون المؤمنين وتخاصمونهم في شأنهم وقرئ بكسر النون أي تشاققونني لأنّ مشاقّة المؤمنين مشاقة الله قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أي الأنبياءَ والعلماء الذين كانوا يدعونهم إلى التوحيد فيشاقّونهم ويتكبّرون عليهم إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ الذلة والعذابَ عَلَى الْكافِرِينَ إظهاراً للشّماتة وزيادة في الاهانة.

القمّيّ : الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الأئمّة عليهم السلام يقولون لأعدائهم أين شركاؤكم ومن أطعتموهم في الدنيا.

(٢٨) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ أي ملائكة العذاب كما سَبَق بيانه في سورة النّساءِ عند نظير هذه الآية وقرئ بالياءِ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ بأن عرضوها للعذاب المخلّد فَأَلْقَوُا السَّلَمَ فسالموا وأخبتوا حين عاينوا الموت ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ جحدوا ما وجد

١٣٢

منهم من الكفر والعدوان في الدنيا بَلى ردّ عليهم أولوا العِلم إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فهو يجازيكم عليه وهذا أيضاً من الشماتة وكذلكَ.

(٢٩) فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ كل صنف بابها المعدَّ لهُ خالِدِينَ فِيها فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ جهنم.

(٣٠) وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً اطبقوا الجواب على السؤال معترفين بالإِنزال بخلافِ الجاحدين إذ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ وليس من الإِنزال في شيء لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ مكافأة في الدنيا وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ أي ولثوابهم في الآخِرة خير منها وهو عدة للّذينَ اتّقوا ويجوز أن يكون بما بعده من تتمّة كلامهم بدلاً وتفسيراً لخير وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ.

(٣١) جَنَّاتُ عَدْنٍ اقامة وخلود يَدْخُلُونَها تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ من أنواع المشتهيات وقد مضى في شأن جنّات عدن أخبار في سورة التّوبة كَذلِكَ يَجْزِي اللهُ الْمُتَّقِينَ.

في الأمالي عن أمير المؤمنين عليه السلام : عليكم بتقوى الله فانّها تجمع الخير ولا خير غيرها ويدرك بها من الخير ما لا يدرك بغيرها من خير الدنيا والآخِرة قال الله عزّ وجلّ وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا وتلا هذه الآية.

والعيّاشيّ عن الباقر عليه السلام : وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ الدنيا.

(٣٢) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ أي ملائكة الرحمة كما سبق بيانه في سورة النساءِ طَيِّبِينَ ببشارة الملائكة إيّاهم بالجنّة يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ سلامة لكم من كلّ سوءٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ.

القمّيّ في قوله : طَيِّبِينَ قالوا هم المؤمنون الذين طابت مواليدهم ، وفي الأمالي عن أمير المؤمنين عليه السلام : ليس من أحد من الناسِ يفارق روحه جسده حتّى يعلم إلى أيّ المنزلين يصير إلى الجنّة أم النّار أعدّو هو لله أو وليّ فان كان وليّاً لله فتحت له أبواب الجنّة وشرع له طرقها ونظر إلى ما أعدّ الله له فيها ففرغ من كلّ شغل ووضع عنه كل ثقل وإن كان عدوّاً لله فتحت له أبواب النار وشرع له طرقها ونظر إلى ما أعدّ

١٣٣

الله له فيها فاستقبل كل مكروه ونزل كلّ شرور وكلّ هذا يكون عند الموت وعنده يكون بيقين قال الله تعالى الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ. الآية.

(٣٣) هَلْ يَنْظُرُونَ هل ينتظر الذين لا يؤمنون بالآخرة إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ ملائكة العذاب لقبض أرواحِهِم وقرئ بالياء أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ.

القمّيّ من العذاب والموت وخروج القائم عليه السلام كَذلِكَ مثل ذلك الفعل من الشرك والتكذيب فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَما ظَلَمَهُمُ اللهُ بتدميرهم وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ بكفرهم ومعاصيهم المؤدّية إليه.

(٣٤) فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ وأحاط بهم جزاؤه والحيق لا يستعمل إلّا في الشّرِّ.

القمّيّ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ من العذاب في الرجعة.

(٣٥) وَقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أشركوا بالله وحرّموا ما أحلّ الله وارتكبوا ما حرّم الله فلمّا نبّهوا على قبح أعمالهم نسبوها إلى الله وقالوا لَوْ شاءَ اللهُ لم نفعلها فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ إلّا الإبلاغ الموضح للحقّ.

(٣٦) وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللهُ وفقهم للايمان لكونهم من أهل اللطف وَمِنْهُمْ (١) مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ إذ خذلهم ولم يوفقهم لتصميمهم على الكفر فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ.

والعيّاشيّ عن الباقر عليه السلام : ما بعث الله نبيّاً قطّ إلّا بولايتنا والبراءة من أعدائنا وذلك قوله تعالى وَلَقَدْ بَعَثْنا الآية إلى قوله مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ يعني بتكذيبهم والقمّيّ أي في أخبار من هلك قبله فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ من

__________________

(١) ومنهم من اعرض عمّا دعاه إليه الرّسول فخذله الله فثبتت عليه الضّلالة ولزمته فلا يؤمن قطّ وقيل معناه وجبت عليه الضّلالة وهي العذاب والهلاك وقيل معناه ومنهم من حقّت عليه عقوبة الضّلالة وقد سمّى الله سبحانه العقاب ضلالاً بقوله إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ. مجمع البيان.

١٣٤

عاد وثمود وغيرهم لعلّكم تعتبرون.

(٣٧) إِنْ تَحْرِصْ يا محمّد عَلى هُداهُمْ فَإِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُ من يخذله وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ من ينصرهم.

(٣٨) وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ قيل يعني الذين أشركوا كما أنكروا التوحيد أنكروا البعث مقتسِمين عليه بَلى يبعثهم وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ أنّهم يبعثون أمّا لعدم علمهم بأنّه من مواجب الحكمة وإمّا لقصور نظرهم بالمألوف فيتوهّمُون امتناعه.

(٣٩) لِيُبَيِّنَ لَهُمُ أي يبعثهم لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وهو الحق وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ فيما كانوا يزعمون.

(٤٠) إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ وقرئ بفتح النّون بيان لإمكان البعث هذا ما قاله المفسّرون في تفسير هذه الآيات.

وفي الكافي وفي العيّاشيّ عن الصادق عليه السلام أنّه قال لأبي بَصير : ما تقول في هذه الآية فقال إنّ المشركين يزعمون ويحلفون لرسُول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم أنّ الله لا يبعث الموتى قال فقال تبّاً لمن قال هذا سلهم هل كان المشركون يحلفون باللهِ أم باللّات والعُزّى قال قلت جعلت فداك فأوجدنيه قال فقال لي يا أبا بصير لو قد قام قائمنا بعث الله قوماً من شيعتنا قبايع سيوفهم على عواتقهم فيبلغ ذلك قوماً من شعيتنا لم يموتوا فيقولون بعث فلان وفلان وفلان من قبورهم وهم مع القائِم فبلغ ذلك قوماً من عدوّنا فيقولون يا معشر الشيعة ما أكذبكم هذه دولتكم وأنتم تقولون فيها الكذب لا والله ما عاش هؤلاءِ ولا يعيشون إلى يوم القيامة قال فحكى الله قولهم فقال وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ.

والقمّيّ عنه عليه السلام أنّه قال : ما يقول الناس في هذه الآية قيل يقولون نزلت في الكفّار قال إنّ الكفّار لا يحلفون وإنّما نزلت في قوم من أمّة محمّد صلَّى الله عليه وآله وسلم قيل لهم ترجعون بعد الموت قبل يوم القيامة فيحلفون أنّهم لا يرجعون فردّ الله

١٣٥

عليهم فقال لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ يعني في الرّجعة يردّهم فيقتلهم ويشفي صدور المؤمنين منهم.

والعيّاشيّ عنه عليه السلام أنّه قال : ما يقول الناس في هذه الآية قيل يقولون لا قيامة ولا بعث ولا نشور فقال كذبوا والله إنّما ذلك إذا قام القائم وكرّ معه المكرّون فقال أهل خلافكم قد ظَهَرت دولتكم يا معشر الشيعة وهذا من كذبكم تقولون رجع فلان وفلان لا والله لا يبعث الله من يموت ألا ترى أنّه قال وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ كانت المشركون أشدّ تعظيماً للّات والعزى من أن يقسموا بغيرها فقال الله بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ الآيات الثلاث.

(٤١) وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللهِ في حقّه ولوجهه مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا قيل لهم رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم والمهاجرون ظلمهم قريش فهاجر بعضهم إلى الحَبَشة ثمّ إلى المدينة والمحبوسون المعذّبون بمكّة بعد هجرة رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم وأصحابه لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً مبأة حسنة وهي الغلبة على أهل مكّة الذين ظلموهم وعلى العرب قاطبةً وعلى أهل المشرق والمغرب وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ مِمّا تعجل لهم في الدنيا لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (١)

(٤٢) الَّذِينَ صَبَرُوا على أذىَ الكفّار ومفارقة الوطن وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ يفوّضون إليه الأمر كلّه.

(٤٣) وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ هو ردّ لقولهم الله أعظم من أن يرسل إلينا بشراً مثلنا وقد سبق بيان الحكمة فيه في سورة الأنعام عن رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم ولعلّه أشير إلى مثل ذلك بقوله فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ يعني وجه الحكمة فيه فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ.

في الكافي والقمّيّ والعيّاشيّ عنهم عليهم السلام في أخبار كثيرة : رسول الله

__________________

(١) اي لو كان الكفّار يعلمون ذلك وقيل معناه لو علم المؤمنون تفاصيل ما اعدّ الله لهم في الجنّة لازدادوا سروراً وحرصاً على التمسّك بالدّين م ن.

١٣٦

الذّكر وأهل بيتِه المسئولون وهم أَهْلَ الذِّكْرِ وزاد في العيون عن الرضا عليه السلام : قال الله تعالى قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللهِ فالذكر رسول الله ونحن اهله.

وفي البصائر عن الباقر عليه السلام والكافي عن الصادق عليه السلام : الذكر القرآن وأهله آل محمّد صلوات الله عليهم وزاد في الكافي : أمر الله بسؤالهم ولم يؤمروا بسؤال الجهال وسمّى الله القرآن ذكراً فقال وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ.

وفيه والعيّاشيّ عن الباقر عليه السلام : إن من عندنا يزعمون أنّ قول الله فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ أنهم اليهود والنصارى قال إِذاً يدعونكم إلى دينهِم ثمّ ضرب بيده إلى صدره وقال نحن أَهْلَ الذِّكْرِ ونحن المسئولون.

وفي العيون عن الرضا عليه السلام مثله وزاد العيّاشيّ قال : وقال : الذكر القرآن.

وفي الكافي عن السّجّاد عليه السلام : على الأئمّة من الفرض ما ليس على شيعتهم وعلى شيعتِنا ما ليس علينا أمرهم الله أن يسألونا قال فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ فأمرهم أن يسألونا وليس علينَا الجواب إن شئنا أجبنا وإن شئنا أمسكنا ومثله عن الباقر والرضا عليهما السلام.

أقول : المستفاد من هذه الأخبار أنّ المخاطبين بالسّؤال هم المؤمنون دون المشركين وأنّ المسئول عنه كل ما أشكل عليهم دون كون الرسل رجالاً وهذا إنّما يستقيم إذا لم يكن وَما أَرْسَلْنا ردّاً للمشركين أو كان فَسْئَلُوا كلاماً مستأنفاً أو كانت الآية ممّا غيّر نظمه ولا سيّما إذا عَلّق قوله بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ بقوله أَرْسَلْنا فانّ هذا الكلام بينهما وأمّا أمر المشركين بسؤال أهل البيت عن كون الرسل رجالاً لا ملائكة مع عدم إيمانهم بالله ورسوله فمما لا وجه له إلّا أن يسألوهم عن بيان الحكمة فيه وفيه ما فيه.

(٤٤) بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ قيل أي أرسلناهم بالمعجزات والكتب كأنّه جواب قائل

١٣٧

بم أرسلوا وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ أي القرآن كما سبق آنفاً سمّي ذكراً لأنّه موعظة وتنبيه لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ مما أمروا به ونهوا عنه وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ وإرادة أن يتأملوا فيه فيتنبهوا للحقائق والمعارف.

(٤٥) أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ كما خسف بقارون أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ بغتة كما فعل بقوم لوط.

(٤٦) أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ إذا جاءوا وذهبوا في متاجرهم وأعمالهم فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ.

(٤٧) أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ على مخافة بأن يهلك قوماً قبلهم فيتخوّفوا فيأتيهم العذاب وهم متخوّفون أو على تنقص بأن ينقصهم شيئاً بعد شيء في أنفسهم وأموالهم حتّى يُهلكوا مِن تخوّفته إذا تنقّصته.

القمّيّ قال على تيقظ وبالجملة هو خلاف قوله مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ.

والعيّاشيّ عن الصادق عليه السلام : هم أعداء الله وهم يمسخون ويقذفون ويسيحون في الأرض.

وفي الكافي عن السّجّاد في كلام له في الوعظ والزهد في الدنيا : ولا تكونوا من الغافلين المائلين إلى زهرة الدنيا الذين مكروا السيئات فانّ الله يقول في محكم كتابه أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ الآية فاحذروا ما حذّركم الله بما فعل بالظلمة في كتابه ولا تأمنوا أن ينزل بكم بعض ما توعد به القوم الظالمين في الكتاب والله لقد وعظكم الله في كتابه بغيركم فانّ السعيد من وعظ بغيره فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ حيث لا يعاجلهم بالعقوبة.

(٤٨) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلى ما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ استفهام إنكار أي قد رأوا أمثال هذه الصنايع فما بالهم لم يتفكّرُوا فيها ليظهر لهم كمال قدرته وقهره فيخافوا منه وقرئ أولم تروا بالتّاءِ يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ يعني أَوَلم ينظروا إلى المخلوقات التي لها ظلال متفيّئة وقرئ تتفيّؤ

١٣٨

بالتاءِ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ عن أيماننا وشمائلنا وتوحيد بعض وجمع بعض باعتبار اللفظ والمعنى سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ داخِرُونَ مستسلمين له منقادين وهم صاغرون لأفعال الله فيها.

القمّيّ قال تحويل كل ظل خلقه الله هو سجود لله قيل ويجوز أن يكون المراد بقوله وَهُمْ داخِرُونَ أنّ الأجرام أنفسها أيضاً داخرة صاغرة منقادة لله سبحانه فيما يفعل فيها وإنّما جمع بالواو والنّون لأنّ الدخور من أوصاف العقلاءِ.

(٤٩) وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ينقاد مِنْ دابَّةٍ بيان لهما لأنَّ الدّبيب هي الحركة الجسمانية سواء كان في أرض أو في سماءٍ وَالْمَلائِكَةُ ممّن لا مكان له.

والقمّيّ قال الْمَلائِكَةُ ما قدّر الله لهم تمرون فيه وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ عن عبادته.

(٥٠) يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ يخافونه وهو فوقهم بالقهر وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ* وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ.

في المجمع : قد صحّ عن النبيّ صلَّى الله عليه وآله وسلم أنّ لله ملائكة في السماوات السابعة سجوداً منذ خلقهم إلى يوم القيامة ترعد فرائصهم من مخافة الله لا تقطر من دموعهم قطرة إلّا صار ملكاً فإذا كان يوم القيامة رفعوا رؤوسهم وقالوا ما عبدناكَ حقّ عبادتك قال بعض أهل المعرفة إِن أَمثال هذه الآيات يدلّ على أنّ العالم كلّه في مقام الشهود والعبادة الا كلّ مخلوق له قوة التفكر وليس إلّا النفوس الناطقة الإِنسانيّة والحيوانية خاصّة من حيث أعيان أنفسهم لا من حيث هياكلهم فانّ هياكلهم كسائر العالم في التسبيح له والسجود فأعضاء البدن كلها مسبّحة ناطقة ألا تراها تشهد على النفوس المسخّرة لها يوم القيامة من الجلود والأيدي والأرجل والألسنة والسمع والبصر وجميع القوى فالحكم للهِ العليّ الكبير ويأتي زيادة بيان لهذا المقام في سورة النّور إِن شاء الله.

(٥١) وَقالَ اللهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ أكد العدد في الموضعين

١٣٩

دلالة على العناية به فانّك لو قلت إِنّما هو إِله لخيّل انّك اثبت الإِلهيَّة لا الوحدانية فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ كأنّه قيل فانا هو فإياي فارهبون لا غير.

(٥٢) وَلَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ خلقاً وملكاً وَلَهُ الدِّينُ الطاعة واصِباً.

العيّاشيّ عن الصادق عليه السلام قال : واجباً أَفَغَيْرَ اللهِ تَتَّقُونَ.

(٥٣) وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ.

القمّيّ النعمة الصِحة والسعة والعافية.

وعن الصادق عليه السلام : من لم يعلم أنّ لله عليه نعمة في مطعم أو ملبس فقد قصر عمله ودنا عذابه ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ فما تتضرّعون الا إليه والجؤر رفع الصوت بالدعاءِ والاستغاثة.

(٥٤) ثُمَّ إِذا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ.

(٥٥) لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ من نعمة الكشف عنهم كأنّهم قصدوا بشركهم كفران النِّعمة وإنكار كونها من الله فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ تهديد ووعيد.

(٥٦) وَيَجْعَلُونَ لِما لا يَعْلَمُونَ لآلهتهم التي لا علم لها أو لا علم لهم بها نَصِيباً مِمَّا رَزَقْناهُمْ (١) من الزّرُوع والأنعام.

القمّيّ كانت العرب يجعلون للأصنام نصيباً في زرعهم وإبلهم وغنمهم فردّ الله عليهم تَاللهِ لَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ من أنّها آلهة وأنّها أهل للتقرب إليها وهو وعيد لهم على ذلك.

(٥٧) وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ.

القمّيّ قالت قريش الملائكة هم بنات الله سُبْحانَهُ (٢) تنزيه له من قولهم أو

__________________

(١) يتقرّبون بذلك إليه كما يجب ان يتقرّب إلى الله تعالى وهو ما حكى الله عنهم في سورة الأنعام من الحرث وغير ذلك وقولهم هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهذا لِشُرَكائِنا م ن.

(٢) فقد جعلوا لله ما يكرهونه لأنفسهم وهذا غاية الجهل م ن

١٤٠