مشهورين بالزنا ، فنهى الله عن أولئك الرجال والنساء (١) ـ.
والناس اليوم بذلك المنزل ، فمن أقيم عليه حدّ الزنا ، أو متّهم بالزنا ، لم ينبغ لأحد أن يناكحه ، حتى يعرف منه التوبة» (٢).
* س ٤ : ما هو معنى قوله تعالى :
(وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (٤) إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٥) [سورة النور : ٤ ـ ٥]؟!
الجواب / قال أبو بصير قلت لأبي عبد الله عليهالسلام ، في الرجل يقذف الرجل بالزنا ، قال : «يجلد ، هو في كتاب الله عزوجل ، وسنّة نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم».
قال : وسألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل يقذف الجارية الصغيرة ، فقال : «لا يجلد إلا أن تكون قد أدركت ، أو قاربت» (٣).
وقال أبو بصير ، قلت لأبي جعفر عليهالسلام ، في امرأة قذفت رجلا ، قال : «تجلد ثمانين جلدة» (٤).
وقال سماعة : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن شهود الزور : فقال : «يجلدون حدّا ليس له وقت ، وذلك إلى الإمام ، ويطاف بهم حتى يعرفهم الناس».
وأمّا قول الله عزوجل : (وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً إِلَّا الَّذِينَ تابُوا) قال : قلت كيف تعرف توبته؟ قال : «يكذّب نفسه على رؤوس الناس حتى يضرب ، ويستغفر ربّه ، وإذا فعل ذلك فقد ظهرت توبته» (٥).
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٧ ، ص ١٩٧.
(٢) الكافي : ج ٥ ، ص ٣٥٤ ، ح ١.
(٣) الكافي : ج ٧ ، ص ٢٠٥ ، ح ٣.
(٤) الكافي : ج ٧ ، ص ٢٠٥ ، ح ٤.
(٥) الكافي : ج ٧ ، ص ٢٤١ ، ح ٧.
وقال أبو عبد الله عليهالسلام : «القاذف يجلد ثمانين جلدة ، ولا تقبل له شهادة أبدا إلا بعد التوبة ، أو يكذب نفسه. فإن شهد ثلاثة وأبى واحد ، يجلد الثلاثة ، ولا تقبل شهادتهم ، حتى يقول أربعة : رأينا مثل الميل في المكحلة ، ومن شهد على نفسه أنه زنى ، لم تقبل شهادته حتى يعيدها أربع مرات» (١).
وقال أبو عبد الله عليهالسلام : «إنّه جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليهالسلام ، فقال له : يا أمير المؤمنين ، إني زنيت ، فطهّرني ، فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : أبك جنّة؟ قال : لا. قال : فتقرأ من القرآن شيئا؟ قال : نعم. فقال له : ممّن أنت؟ فقال : أنا من مزينة ـ أو جهينة ـ قال : اذهب حتى أسأل عنك. فسأل عنه ، فقالوا : يا أمير المؤمنين ، هذا رجل صحيح العقل ، مسلم. ثمّ رجع إليه ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إنّي زنيت ، فطهّرني ، فقال : ويحك ، ألك زوجة؟ قال : نعم. قال : فكنت حاضرها ، أو غائبا عنها؟ قال : بل كنت حاضرها ، فقال : اذهب حتى ننظر في أمرك. فجاء إليه الثالثة ، وذكر له ذلك ، فأعاد عليه أمير المؤمنين عليهالسلام فذهب ، ثم رجع في الرابعة ، فقال : إنّي زنيت فطهّرني. فأمر أمير المؤمنين عليهالسلام بحبسه ، ثم نادى أمير المؤمنين عليهالسلام : أيها الناس ، إن هذا الرجل يحتاج أن يقام عليه حدّ الله ، فأخرجوا متنكّرين ، لا يعرف بعضكم بعضا ، ومعكم أحجاركم.
فلما كان من الغد ، أخرجه أمير المؤمنين عليهالسلام بالغلس (٢) ، وصلى ركعتين ، ثم حفر حفيرة ، ووضعه فيها ، ثم نادى : أيها الناس ، إن هذه حقوق الله ، لا يطلبها من كان عنده لله حق مثله ، فمن كان لله عليه حق مثله فلينصرف ، فإنّه لا يقيم الحد من كان لله عليه الحد. فانصرف الناس ، فأخذ
__________________
(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٩٦.
(٢) الغلس : ظلمة آخر الليل ، إذا اختلطت بضوء الصباح. «النهاية ـ غلس ـ ج ٣ ، ص ٣٧٧».
أمير المؤمنين عليهالسلام حجرا ، فكبّر أربع تكبيرات ، فرماه ، ثم أخذ الحسن عليهالسلام مثله ، ثم فعل الحسين عليهالسلام مثله ، فلمّا مات أخرجه أمير المؤمنين عليهالسلام ، وصلّى عليه ، ودفنه ، فقالوا : يا أمير المؤمنين ، ألا تغسّله؟ قال : قد اغتسل بما هو منها طاهر إلى يوم القيامة.
ثم قال أمير المؤمنين عليهالسلام : أيها الناس من أتى هذه القاذورة (١) فليتب إلى الله تعالى فيما بينه وبين الله ، فو الله لتوبة إلى الله في السّرّ أفضل من أن يفضح نفسه ، ويهتك ستره» (٢).
* س ٥ : ما هو معنى قوله تعالى :
(وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (٦) وَالْخامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ (٧) وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ (٨) وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْها إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ) (٩) [سورة النور : ٦ ـ ٩] ، وكيف تتم الملاعنة وبمن نزلت؟!
الجواب / ١ ـ المعنى : قال زرارة : سئل أبو عبد الله عليهالسلام عن قول الله عزوجل : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ) ، قال : «هو القاذف الذي يقذف امرأته ، فإذا قذفها ثمّ أقرّ أنه كذب عليها ، جلد الحدّ ، وردت إليه امرأته ، فإن أبى إلا أن يمضي ، فيشهد عليها أربع شهادات بالله أنه لمن الصادقين ، والخامسة أن يلعن فيها نفسه إن كان من الكاذبين ، فإن أرادت أن تدفع عن نفسها العذاب ، والعذاب هو الرّجم ، شهدت أربع
__________________
(١) القاذورة : الفعل القبيح والقول السّيء ـ وأراد به هنا : الزنا ـ ، انظر «النهاية ـ قذر ـ ج ٤ ، ص ٢٨».
(٢) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٩٦.
شهادات بالله إنّه لمن الكاذبين ، والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ، فإن لم تفعل رجمت ، وإن فعلت درأت عن نفسها الحدّ ، ثم لا تحلّ له إلى يوم القيامة».
قلت : أرأيت إن فرّق بينهما ، ولها ولد فمات؟ قال : «ترثه أمه ، وإن ماتت أمّه ورثه أخواله ، ومن قال إنه ولد زنا جلد الحدّ».
قلت : يردّ إليه الولد إذا أقرّ به؟ قال : «لا ، ولا كرامة ، ولا يرث الابن ، ويرثه الابن» (١).
٢ ـ كيف تتم الملاعنة : قال محمد بن مسلم : سألت أبا جعفر عليهالسلام ، عن الملاعن والملاعنة ، كيف يصنعان؟ قال : «يجلس الإمام مستدبر القبلة ، فيقيمهما بين يديه ، مستقبلا القبلة ، بحذائه ، ويبدأ بالرجل ، ثمّ المرأة ، والذي يجب عليه الرّجم يرجم من ورائه ، ولا يرجم من وجهه ، لأنّ الرّجم والجّلد لا يصيبان الوجه ، يضربان على الجسد ، على الأعضاء كلّها» (٢).
وقال أبو نصر : سألت أبا الحسن الرضا عليهالسلام ، قلت له : أصلحك الله ، كيف الملاعنة؟ فقال : «يقعد الإمام ويجعل ظهره إلى القبلة ، ويجعل الرّجل عن يمينه ، والمرأة عن يساره» (٣).
٣ ـ سبب النزول : قال عبد الرحمن بن الحجّاج : إنّ عبّاد البصريّ سأل أبا عبد الله عليهالسلام ، وأنا حاضر : كيف يلاعن الرجل المرأة؟ فقال أبو عبد الله عليهالسلام : «إنّ رجلا من المسلمين أتى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال : يا رسول الله ، أرأيت لو أنّ رجلا دخل منزله ، فوجد مع امرأته رجلا يجامعها ، ما كان يصنع؟ ـ قال : ـ فأعرض عنه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فانصرف ذلك الرجل ، وكان ذلك
__________________
(١) الكافي : ج ٦ ، ص ١٦٢ ، ح ٣.
(٢) الكافي : ج ٦ ، ص ١٦٥ ، ح ١٠.
(٣) الكافي : ج ٦ ، ص ١٦٥ ، ح ١١.
الرجل هو الذي ابتلي بذلك من امرأته ـ قال ـ فنزل عليه الوحي من عند الله تعالى بالحكم فيهما ، فأرسل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى ذلك الرجل فدعاه ، فقال له : أنت الذي رأيت مع امرأتك رجلا؟ فقال : نعم. فقال له : انطلق فأتني بامرأتك ، فإن الله تعالى قد أنزل الحكم فيك وفيها».
قال : «فأحضرها زوجها ، فأوقفهما رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ثمّ قال للزوج : إشهد أربع شهادات بالله أنك لمن الصادقين فيما رميتها به ـ قال ـ فشهد ، ثم قال له : اتّق الله. فإنّ لعنة الله شديدة ؛ ثم قال له : إشهد الخامسة أنّ لعنة الله عليك إن كنت من الكاذبين ـ قال ـ فشهد ، ثمّ أمر به فنحّي ، ثم قال للمرأة : اشهدي أربع شهادات بالله أن زوجك لمن الكاذبين فيما رماك به ـ قال ـ فشهدت ، ثم قال لها : أمسكي ، فوعظها ، وقال لها : اتّق الله ، فإنّ غضب الله شديد ؛ ثم قال لها : إشهدي الخامسة أنّ غضب الله عليك إن كان زوجك من الصادقين فيما رماك به ـ قال ـ فشهدت ـ قال ـ ففرّق بينهما ، وقال لهما : لا تجتمعا بنكاح أبدا بعدما تلاعنتما» (١).
* س ٦ : ما هو معنى قوله تعالى :
(وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ) (١٠) [سورة النور : ١٠]؟!
الجواب / قال العبد الصالح عليهالسلام : «الرحمة : رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والفضل : علي بن أبي طالب عليهالسلام» (٢).
وقيل : فضل الله : علي عليهالسلام ، ورحمته : فاطمة (صلوات الله وسلامه عليهما) (٣).
__________________
(١) الكافي : ج ٦ ، ص ١٦٣ ، ح ٤ ، ومن لا يحضره الفقيه : ج ٣ ، ص ٣٤٩ ، ح ١٦٧١ ، تهذيب الأحكام ؛ ج ٨ ، ص ١٨٤ ، ح ٦٤٤.
(٢) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٢٦١ ، ح ٢٠٩.
(٣) المناقب : ج ٣ ، ص ٩٩.
* س ٧ : ما هو معنى قوله تعالى :
(إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ) (١١) [سورة النور : ١١]؟!
الجواب / قال علي بن إبراهيم : إن العامة رووا أنها نزلت في عائشة ، وما رميت به في غزوة بني المصطلق من خزاعة ، وأمّا الخاصة فإنّهم رووا أنها نزلت في مارية القبطيّة ، وما رمتها به عائشة (١).
وقال زرارة : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : «لمّا مات إبراهيم بن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حزن عليه حزنا شديدا ، فقالت عائشة : ما الذي يحزنك عليه؟ فما هو إلا ابن جريح. فبعث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عليا عليهالسلام ، وأمره بقتله ، فذهب علي عليهالسلام إليه ، ومعه السيف ، وكان جريح القبطيّ في حائط ، فضرب عليّ عليهالسلام باب البستان ، فأقبل جريح ليفتح له الباب ، فلمّا رأى عليّا عليهالسلام عرف في وجهه الغضب ، فأدبر راجعا ، ولم يفتح الباب ، فوثب عليّ عليهالسلام على الحائط ، ونزل إلى البستان ، واتّبعه ، وولّى جريح مدبرا ، فلمّا خشي أن يرهقه صعد في نخلة ، وصعد عليّ عليهالسلام في أثره ، فلما دنا منه ، رمى جريح بنفسه من فوق النخلة ، فبدت عورته ، فإذا ليس له ما للرجال ، ولا ما للنساء ، فانصرف عليّ عليهالسلام إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال له : يا رسول الله ، إذا بعثتني في الأمر ، أكون فيه كالمسمار المحمى في الوبر ، أم أتثبّت؟ قال : بل تثبّت. فقال : والذي بعثك بالحقّ ، ما له ما للرجال ، ولا ما للنساء. فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : الحمد لله الذي يصرف عنّا السوء أهل البيت» (٢).
__________________
(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٩٩.
(٢) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٩٩.
أقول وربما سائل سيسأل هل أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يعلم بكذبها أم لا؟ فيكون الجواب هذه الرواية :
قال عبد الله بن بكير : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : جعلت فداك ، كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أمر بقتل القبطي ، وقد علم أنّها قد كذبت عليه ، أو لم يعلم ، وإنّما دفع الله عن القبطي القتل بتثبّت علي عليهالسلام؟ فقال : «بلى ، قد كان والله أعلم ، ولو كانت عزيمة من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم القتل ما انصرف عليّ عليهالسلام حتّى يقتله ، ولكن إنما فعل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لترجع عن ذنبها ، فما رجعت ، ولا اشتدّ عليها قتل رجل مسلم بكذبها» (١).
* س ٨ : ما هو معنى قوله تعالى :
(لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ (١٢) لَوْ لا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللهِ هُمُ الْكاذِبُونَ (١٣) وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌ (١٤) إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ (١٥) وَلَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا سُبْحانَكَ هذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ (١٦) يَعِظُكُمُ اللهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٧) وَيُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (١٨) [سورة النور : ١٢ ـ ١٨]؟!
الجواب / قال الشيخ الطبرسيّ (رحمهالله تعالى) :
١ ـ (لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً) معناه : هلا حين سمعت هذا الإفك من القائلين له ، ظن المؤمنون والمؤمنات بالذين
__________________
(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٣١٩.
هم كأنفسهم خيرا ، لأن المؤمنين كلهم كالنفس الواحدة فيما يجري عليها من الأمور. فإذا جرى على أحدهم محنة ، فكأنها جرت على جماعتهم ، فهو كقوله : (فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ) ... وعلى هذا يكون خطابا لمن سمعه ، فسكت ولم يصدق ولم يكذب. وقيل : هو خطاب لمن أشاعه ، والمعنى : هلا إذا سمعتم هذا الحديث ، ظننتم بها ما تظنونه بأنفسكم ، لو خلوتم بها ، وذلك لأنها كانت أم المؤمنين. ومن خلا بأمه لا يطمع فيها ، وهي لا تطمع (وَقالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ) أي : وهلا قالوا هذا القول كذب ظاهر.
٢ ـ (لَوْ لا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ) أي : هلا جاءوا على ما قالوه ببينة ، وهي أربعة شهداء يشهدون بما قالوه. (فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ) أي : فحين لم يأتوا بالشهداء (فَأُولئِكَ) الذين قالوا هذا الإفك (عِنْدَ اللهِ) أي : في حكمه (هُمُ الْكاذِبُونَ وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) بأن أمهلكم لتتوبوا ، ولم يعاجلكم بالعقوبة (لَمَسَّكُمْ) أي : أصابكم (فِيما أَفَضْتُمْ) أي : خضتم (فِيهِ) من الإفك (عَذابٌ عَظِيمٌ) أي : عذاب لا انقطاع له.
٣ ـ ثم ذكر الوقت الذي كان يصيبهم العذاب فيه لو لا فضله فقال : (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ) أي : يرويه بعضكم عن بعض ... وقيل : معناه تقبلونه من غير دليل ، ولذلك أضافه إلى اللسان. وقيل : معناه يلقيه بعضكم إلى بعض ... (وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً) أي : تظنون أن ذلك سهل ، لا إثم فيه (وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ) في الوزر ، لأنه كذب وافتراء.
٤ ـ ثم زاد سبحانه في الإنكار عليهم ، فقال : (وَلَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ) أي : هلا قلتم حين سمعتم ذلك الحديث (ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا) أي : لا يحل لنا أن نخوض في هذا الحديث ، وما ينبغي لنا أن نتكلم
به (سُبْحانَكَ) يا ربنا (بِهذا) الذي قالوه (بُهْتانٌ عَظِيمٌ) أي : كذب وزور عظيم عقابه ، أو نتحير من عظمه. وقيل : إن سبحانك هنا معناه التعجب كقول الأعشى : «سبحان من علقمة الفاخر». وقيل : معناه ننزهك ربنا من أن نعصيك بهذه المعصية.
٥ ـ ثم وعظ سبحانه الذين خاضوا في الإفك فقال : (يَعِظُكُمُ اللهُ) أي : ينهاكم الله ... وقيل : يحرم الله عليكم (أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ) ... وقيل : معناه كراهة أن تعودوا ، أو لئلا تعودوا إلى مثله من الإفك (أَبَداً) أي : طول أعماركم (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) أي : مصدقين بالله ونبيه ، قابلين موعظة الله.
٦ ـ (وَيُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ) في الأمر والنهي (وَاللهُ عَلِيمٌ) بما يكون منكم (حَكِيمٌ) فيما يفعله ، لا يضع الشيء إلّا في موضعه (١).
* س ٩ : ما هو معنى قوله تعالى :
(إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (١٩) وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) (٢٠) [سورة النور : ١٩ ـ ٢٠]؟!
الجواب / قال أبو عبد الله عليهالسلام : «من قال في مؤمن ما رأته عيناه ، وسمعته أذناه ، فهو من الذين قال الله عزوجل : (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ)(٢).
وقال الطبرسيّ : ثمّ ذكر فضله ومنته عليهم فقال : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) لعاجلكم بالعقوبة ، ولكنه برحمته أمهلكم لتتوبوا وتقدموا على ما قلتم. وجواب (لَوْ لا) محذوف لدلالة الكلام عليه (٣).
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٧ ، ص ٢٣١ ـ ٢٣٢.
(٢) الكافي : ج ٢ ، ص ٢٦٦ ، ح ٢.
(٣) مجمع البيان : ج ٧ ، ص ٢٣٢.
* س ١٠ : ما هو معنى قوله تعالى :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلكِنَّ اللهَ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (٢١) [سورة النور : ٢١]؟!
الجواب / قال الشيخ الطّبرسيّ (رحمهالله تعالى) : ثم نهى سبحانه عن اتباع الشيطان ، فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ) أي : آثاره وطرقه التي تؤدي إلى مرضاته. وقيل : وساوسه (وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) هذا بيان سبب المنع من اتباعه (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ) بأن لطف لكم وأمركم بما تصيرون به أزكياء ، ونهاكم عما تصيرون بتركه أزكياء (ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً) أي : ما صار منكم أحد زكيا ومن في (مِنْ أَحَدٍ) مزيدة. وقيل : معناه ما ظهر منكم أحد من وسوسة الشيطان ، وما صلح.
(وَلكِنَّ اللهَ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ) أي : يطهر بلطفه من يشاء ، وهو من له لطف يفعله سبحانه به ليزكو عنده (وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) يفعل المصالح والألطاف بالمكلفين ، لأنه يسمع أصواتهم وأقوالهم ، ويعلم أحوالهم وأفعالهم. وفي الآية دلالة على أن الله سبحانه يريد من خلقه خلاف ما يريده الشيطان ، لأنه إذا ذم سبحانه الأمر بالفحشاء والمنكر ، فخالق الفحشاء والمنكر ومريدهما أولى بالذم ، تعالى وتقدس عن ذلك. وفيها دلالة على أن أحدا لا يصلح إلّا بلطفه (١).
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٧ ، ص ٢٣٤.
* س ١١ : ما هو معنى قوله تعالى :
(وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢) إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (٢٣) يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (٢٤) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (٢٥) الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) (٢٦) [سورة النور : ٢٢ ـ ٢٦]؟!
الجواب / ١ ـ قال أبو جعفر عليهالسلام ، في قوله تعالى : (وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى) ، «وهم قرابة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. (وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا) يقول : «يعفو بعضكم عن بعض ويصفح ، فإذا فعلتم ، كانت رحمة من الله لكم ، يقول الله : (أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(١).
٢ ـ قال أبو جعفر عليهالسلام : (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ) : «الغافلات عن الفواحش» (٢).
قال الرضا عليهالسلام لمن بحضرته من شيعته : «هل علمتم ما قذفت به مارية القبطية ، وما ادّعي عليها في ولادتها إبراهيم بن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم»؟ فقالوا : يا سيّدنا ، أنت أعلم ، فخبّرنا. فقال : «إنّ مارية أهداها المقوقس إلى جدّي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فحظي بها من دون أصحابه ، وكان معها خادم ممسوح ، يقال
__________________
(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ١٠٠.
(٢) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ١٠٠.
له جريح ، وحسن إسلامهما وإيمانهما ، ثم ملكت مارية قلب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فحسدها بعض أزواجه ، فأقبلت عائشة وحفصة تشكيان إلى أبويهما ميل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى مارية ، وإيثاره إياها عليهما ، حتى سوّلت لهما ولأبويهما أنفسهم بأن يقذفوا مارية بأنّها حملت بإبراهيم من جريح ، وهم لا يظنّون أن جريحا خادم ، فأقبل أبواهما إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو جالس في مسجده ، فجلسا بين يديه ، ثمّ قالا : يا رسول الله ما يحلّ لنا ، ولا يسعنا أن نكتم عليك ما يظهر من خيانة واقعة بك. قال : ماذا تقولان؟! قالا : يا رسول الله ، إن جريحا يأتي من مارية بالفاحشة العظمى ، وإن حملها من جريح ، وليس هو منك. فاربد (١) وجه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وتلوّن ، وعرضت له سهوة (٢) ليعظم ما تلقّياه به ، ثم قال :
ويحكما ، ما تقولان؟ قالا : يا رسول الله ، إنّا خلّفنا جريحا ومارية في مشربتها ـ يعنيان حجرتها ـ وهو يفاكهها ، ويلاعبها ، ويروم منها ما يروم الرجال من النساء ، فابعث إلى جريح ، فإنّك تجده على هذه الحال ، فأنفذ فيه حكم الله. فانثنى النبيّ إلى عليّ عليهماالسلام ، ثمّ قال : يا أبا الحسن ، قم ـ يا أخي ـ ومعك ذو الفقار ، حتى تمضي إلى مشربة مارية ، فإن صادفتها وجريحا كما يصفان ، فأخمدهما بسيفك ضربا.
فقام عليّ عليهالسلام ، واتّشح بسيفه (٣) وأخذه تحت ثيابه ، فلمّا ولّى من بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، انثنى إليه ، فقال : يا رسول الله ، أكون في ما أمرتني كالسكّة المحميّة في العهن (٤) ، أو الشاهد يرى ما لا يرى الغائب؟ فقال له النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : فديتك يا عليّ ، بل الشاهد يرى ما لا يرى الغائب. فأقبل
__________________
(١) أي احمرّ حمرة فيها سواد عند الغضب. «المعجم الوسيط ـ ربد ـ ج ١ ، ص ٣٢٢».
(٢) في «ط» : شهوة.
(٣) أي لبسه.
(٤) العهن : الصوف. «لسان العرب ـ عهن ـ ج ١٣ ، ص ٢٩٧».
عليّ عليهالسلام ، وسيفه في يده ، حتى تسوّر من فوق مشربة مارية ، وهي في جوف المشربة جالسة ، وجريح معها يؤدّبها بآداب الملوك ، ويقول لها : عظّمي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولبّيه ، وكرّميه ، ونحو هذا الكلام ، حتى التفت جريح إلى أمير المؤمنين عليهالسلام ، وسيفه مشهور في يده ، ففزع جريح إلى نخلة في المشربة ، فصعد إلى رأسها ، فنزل أمير المؤمنين عليهالسلام إلى المشربة ، وكشفت الريح عن أثواب جريح ، فإذا هو خادم ممسوح ، فقال له : انزل يا جريح. فقال : يا أمير المؤمنين ، آمنا على نفسي؟ فقال : آمنا على نفسك.
فنزل جريح ، وأخذ أمير المؤمنين عليهالسلام بيده ، وجاء به إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فأوقفه بين يديه ، فقال له : يا رسول الله ، إن جريحا خادم ممسوح. فولّى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم [وجهه إلى الجدار] ، فقال : حلّ لهما نفسك ـ لعنهما الله ـ يا جريح ، حتى يتبين كذبهما ، وخزيهما ، وجرأتهما على الله ، وعلى رسوله. فكشف عن أثوابه ، فإذا هو خادم ممسوح ، فأسقطا بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقالا : يا رسول الله ، التوبة ، استغفر لنا. فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لا تاب الله عليكما ، فما ينفعكما استغفاري ومعكما هذه الجرأة ، فأنزل الله فيهما : (الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ)(١).
٣ ـ قال أبو جعفر عليهالسلام في قوله تعالى : (الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ) يقول : الخبيثات من الكلام والعمل ، للخبيثين من الرجال والنساء ، يلزمونهم ، ويصدّق عليهم من قال ، والطيّبون من الرجال والنّساء ، من الكلام والعمل ، للطيّبات (٢).
__________________
(١) الهداية الكبرى : ص ٢٩٧.
(٢) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ١٠٠.
وقال الطّبرسيّ : قيل في معناه أقوال ـ إلى قوله ـ الثالث : الخبيثات من النّساء للخبيثين من الرجال ، والخبيثون من الرجال للخبيثات من النّساء ، والطيّبات من النّساء للطيبين من الرّجال ، والطيّبون من الرجال للطيبات من النساء ، عن أبي مسلم ، والجبائي ، وهو المروي عن أبي جعفر ، وأبي عبد الله عليهماالسلام قالا : «هي مثل قوله : (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً)(١) الآية ، إنّ أناسا همّوا أن يتزوّجوا منهنّ ، فنهاهم الله عن ذلك ، وكره ذلك لهم» (٢).
* س ١٢ : ما هو معنى قوله تعالى :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٢٧) فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيها أَحَداً فَلا تَدْخُلُوها حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكى لَكُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (٢٨) لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيها مَتاعٌ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما تَكْتُمُونَ) (٢٩) [سورة النور : ٢٧ ـ ٢٩]؟!
الجواب / ١ ـ قال علي بن إبراهيم : الاستئناس : هو الاستئذان ، ثمّ قال : حدّثني علي بن الحسين ، قال : حدثني أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن أبان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : «الاستئناس : وقع النّعل ، والتسليم» (٣).
٢ ـ قال الشيخ الطبرسيّ (رحمهالله تعالى) : (فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا) معناه : فإن لم تعلموا (فِيها أَحَداً) يأذن لكم في الدخول (فَلا تَدْخُلُوها) لأنه ربما كان فيها ما لا يجوز أن تطلعوا عليه. (حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ) أي : حتى يأذن لكم أرباب البيوت في ذلك. بين الله سبحانه بهذا أنه لا يجوز دخول دار الغير بغير
__________________
(١) النور : ٣.
(٢) مجمع البيان : ج ٧ ، ص ٢١٣.
(٣) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ١٠١.
إذنه ، وإن لم يكن صاحبها فيها ، ولا يجوز أن يتطلع إلى المنزل ، ليرى من فيه فيستأذنه إذا كان الباب مغلقا لقوله عليهالسلام : «إنما جعل الاستيذان لأجل النظر» وإلا أن يكون الباب مفتوحا ، لأن صاحبه بالفتح أباح النظر. (وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا) أي : فانصرفوا ، ولا تلجوا عليهم ، وذلك بأن يأمروكم بالانصراف صريحا ، أو يوجد منهم ما يدل عليه. (هُوَ أَزْكى لَكُمْ) معناه : إن الانصراف أنفع لكم في دينكم ودنياكم ، وأطهر لقلوبكم ، وأقرب إلى أن تصيروا أزكياء ـ (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) أي : عالم بأعمالكم ، لا يخفى عليه شيء منها (١).
٣ ـ قال علي بن إبراهيم : ثمّ رخّص الله تعالى ، فقال : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيها مَتاعٌ لَكُمْ) ، قال الصادق عليهالسلام : «هي الحمامات ، والخانات ، والأرحية تدخلها بغير إذن» (٢).
* س ١٣ : ما هو معنى قوله تعالى :
(قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ (٣٠) وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ ما ظَهَرَ مِنْها وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبائِهِنَّ أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنائِهِنَّ أَوْ أَبْناءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَواتِهِنَّ أَوْ نِسائِهِنَّ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(٣١) [سورة النور : ٣٠ ـ ٣١]؟!
الجواب / ١ ـ قال أبو جعفر عليهالسلام : «استقبل شاب من الأنصار امرأة
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٧ ، ص ٢٣٨.
(٢) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ١٠١.
بالمدينة ، وكان النساء يتقنّعن خلف آذانهن ، فنظر إليها وهي مقبلة ، فلمّا جازت نظر إليها ، ودخل في زقاق قد سمّاه ببني فلان ، فجعل ينظر خلفها ، واعترض وجهه عظم في الحائط ، أو زجاجة ، فشقّ وجهه ، فلمّا مضت المرأة ، نظر فإذا الدماء تسيل على صدره وثوبه ، فقال : والله لآتينّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولأخبرنّه. قال : فأتاه ، فلمّا رآه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال له : ما هذا؟ فأخبره ، فهبط جبرئيل عليهالسلام بهذه الآية : (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ)(١).
٢ ـ وقال أبو عبد الله عليهالسلام ـ في حديث ـ : «وفرض الله على البصر أن لا ينظر إلى ما حرّم الله عليه ، وأن يعرض عمّا نهى الله عنه مما لا يحلّ له ، وهو عمله ، وهو من الإيمان ، قال الله تبارك وتعالى : (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) فنهاهم أن ينظروا إلى عوراتهم ، وأن ينظر المرء إلى فرج أخيه ، ويحفظ فرجه أن ينظر إليه ، وقال : (وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَ) من أن تنظر إحداهنّ إلى فرج أختها ، وتحفظ فرجها من أن ينظر إليها ـ وقال ـ كلّ شيء في القرآن من حفظ الفرج فهو من الزّنا ، إلا هذه الآية فأنّها من النظر» (٢).
٣ ـ قال الفضيل بن يسار : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الذراعين من المرأة ، أهما من الزينة التي قال الله تبارك وتعالى : (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ)؟
قال عليهالسلام : نعم ، وما دون الخمار من الزينة ، وما دون السّوارين» (٣).
وقال رجل من أصحابنا : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : ما يحل للرجل أن
__________________
(١) الكافي : ج ٥ ، ص ٥٢١ ، ح ٥.
(٢) الكافي : ج ٢ ، ص ٣٠ ، ح ١.
(٣) الكافي : ج ٥ ، ص ٥٢٠ ، ح ١.
يرى من المرأة إذا لم يكن محرما؟ قال : «الوجه والقدمان ، والكفّان» (١).
٤ ـ قال أبو جعفر عليهالسلام ، في قوله : (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها) قال : «هي الثياب ، والكحل ، والخاتم ، وخضاب الكفّ ، والسوار ؛ والزينة ثلاثة : زينة للناس ، وزينة للمحرم ، وزينة للزّوج ، فأمّا زينة الناس ، فقد ذكرناه ، وأما زينة المحرم : فموضع القلادة فما فوقها ، والدّملج (٢) وما دونه ، والخلخال وما أسفل منه ، وأما زينة الزّوج : فالجسد كله» (٣).
٥ ـ قال معاوية بن عمار : كنّا عند أبي عبد الله عليهالسلام نحوا من ثلاثين رجلا ، إذ دخل عليه أبي ، فرحّب به أبو عبد الله عليهالسلام ، وأجلسه إلى جنبه ، فأقبل عليه طويلا ، ثم قال أبو عبد الله عليهالسلام : «إنّ لأبي معاوية حاجة ، فلو خفّفتم». فقمنا جميعا ، فقال لي أبي : ارجع يا معاوية ، فرجعت ، فقال أبو عبد الله عليهالسلام : «هذا ابنك؟». فقال : نعم ، وهو يزعم أن أهل المدينة يصنعون شيئا لا يحل لهم. قال : «وما هو؟» قلت : إنّ المرأة القرشيّة والهاشمية تركب ، وتضع يدها على رأس الأسود ، وذراعيها على عنقه. فقال أبو عبد الله عليهالسلام : «يا بنيّ ، أما تقرأ القرآن؟». قلت : بلى. قال : «اقرأ هذه الآية : (لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَّ وَلا أَبْنائِهِنَّ وَلا إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ أَخَواتِهِنَّ وَلا نِسائِهِنَّ وَلا ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَ)(٤) ـ ثمّ قال ـ يا بنيّ ، لا بأس أن يرى المملوك الشّعر والسّاق» (٥).
__________________
(١) الكافي : ج ٥ ، ص ٥٢١ ، ح ٢.
(٢) الدّملج : المعضد من الحلي. «لسان العرب ـ دملج ـ ج ٢ ، ص ٢٧٦».
(٣) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ١٠١.
(٤) الأحزاب : ٥٥.
(٥) الكافي : ج ٥ ، ص ٥٣١ ، ح ٢.
وفي رواية أخرى : قال أبو عبد الله عليهالسلام : «لا يحل للمرأة أن ينظر عبدها إلى شيء من جسدها إلا إلى شعرها غير متعمّد لذلك».
وفي رواية أخرى : «لا بأس أن ينظر إلى شعرها ، إذا كان مأمونا» (١).
٦ ـ قال أبو بصير : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن التابعين غير أولي الإربة من الرجال ، قال : «هو الأبله المولى عليه ، الذي لا يأتي النساء» (٢). وفي رواية قال : «هو الأحمق الذي لا يأتي النساء» (٣).
وقال علي بن إبراهيم : هو الشيخ الكبير الفاني ، الذي لا حاجة له في النساء ، والطّفل الذي لم يظهر على عورات النساء (٤).
٧ ـ قال علي بن إبراهيم في قوله تعالى : (وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ) : ولا تضرب إحدى رجليها بالأخرى ، لتقرع الخلخال بالخلخال (٥).
* س ١٤ : ما هو معنى قوله تعالى :
(وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) (٣٢) [سورة النور : ٣٢]؟!
الجواب / قال علي بن إبراهيم : كانوا في الجاهلية لا ينكحون الأيامى ، فأمر الله المسلمين أن ينكحوا الأيامى ، ثمّ قال علي بن إبراهيم : الأيّم : التي ليس لها زوج (٦).
وقال أبو عبد الله عليهالسلام : «من ترك التزويج مخافة الفقر ، فقد أساء الظنّ
__________________
(١) الكافي : ج ٥ ، ص ٥٢٣ ، ح ٢.
(٢) معاني الأخبار : ص ١٦٢ ، ح ٢.
(٣) معاني الأخبار : ص ١٦١ ، ح ١.
(٤) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ١٠٢.
(٥) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ١٠٢.
(٦) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ١٠٢.
بالله عزوجل ، إن الله تعالى يقول : (إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ)(١).
* س ١٥ : ما هو معنى قوله تعالى :
(وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٣٣) [سورة النور : ٣٣]؟!
الجواب / ١ ـ قال أبو عبد الله عليهالسلام ، في قول الله عزوجل : (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) قال : «يتزوّجوا حتى يغنيهم الله من فضله» (٢).
٢ ـ قال محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهماالسلام ، قال : سألته عن قول الله عزوجل : (وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ) ، قال : «الذي أضمرت أن تكاتبه عليه ، لا تقول أكاتبه بخمسة آلاف ، وأترك له ألفا ؛ ولكن انظر إلى الذي أضمرت عليه فأعطه» (٣).
وقال أبو عبد الله عليهالسلام ، في المكاتب إذا أدى بعض مكاتبته : «إنّ الناس كانوا لا يشترطون ، وهم اليوم يشترطون ، والمسلمون عند شروطهم ، فإن كان شرط عليه أنّه إن عجز رجع في الرّقّ ، فإن لم يشترط عليه لم يرجع» (٤).
٣ ـ قال أبو عبد الله عليهالسلام في قوله تعالى : (فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه : ج ٣ ، ص ٢٤٣ ، ح ١.
(٢) الكافي : ج ٥ ، ص ٣٣١ ، ح ٧.
(٣) الكافي : ج ٦ ، ص ١٨٦ ، ح ٧.
(٤) الكافي : ج ٦ ، ص ١٨٧ ، ح ٩.
خَيْراً) : إن علمتم أنّ لهم مالا ودينا» (١).
وقال أبو عبد الله عليهالسلام : «الخير أن يشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ويكون بيده عمل يكتسب به ، أو يكون له حرفة» (٢).
٤ ـ قال علي بن إبراهيم القميّ : كانت العرب وقريش يشترون الإماء ، ويجعلون عليهن الضّريبة الثقيلة ، ويقولون : إذهبن وأزنين واكتسبن فنهاهم الله عزوجل عن ذلك ، فقال : (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) إلى قوله (غَفُورٌ رَحِيمٌ) أي لا يؤاخذهن الله بذلك إذا أكرهن عليه (٣).
ثمّ قال : وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : «هذه الآية منسوخة ، نسختها (فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ)(٤).
* س ١٦ : ما هو معنى قوله تعالى :
(وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ آياتٍ مُبَيِّناتٍ وَمَثَلاً مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ) (٣٤) [سورة النور : ٣٤]؟!
الجواب / قال الشيخ الطّبرسيّ (رحمهالله تعالى) : (وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ آياتٍ مُبَيِّناتٍ) أي : واضحات ظاهرات. ومن قرأ بفتح الباء فمعناه : مفصلات ، بينهن الله وفصلهن. (وَمَثَلاً مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ) وأخبارا من الذين مضوا من قبلكم ، وقصصا لهم ، وشبها من حالهم بحالكم ، لتعتبروا
__________________
(١) الكافي : ج ٦ ، ص ١٨٧ ، ح ١٠.
(٢) من لا يحضره الفقيه : ج ٣ ، ص ٧٨ ، ح ٢٧٨.
(٣) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ١٠٢.
(٤) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ١٠٢ ، والآية من سورة النساء : ٢٥.