فلا يصحّ على المجهول ، ولا على الخمر والخنزير.
ويجوز جعل الخدمة المقدّرة بالزمان أو بالعمل عوضا ، وكذا سقي الزّرع والشجر بمائه.
ويشترط في المصالح عليه جواز أخذ العوض عنه ، سواء كان مالا ، كالأعيان والديون ، أو لا كأرش الجنايات والقصاص ، دون الحدّ والتعزير والقسم بين الزوجات والصلح على مال ليقرّ له بدعواه أو بالزوجيّة.
وهو لازم من الطرفين ، لا ينفسخ إلّا بالتقايل أو باستحقاق أحد العوضين.
ولو ظهر عيب في أحد العوضين ، فله الفسخ أو الأرش ، ولو ظهر غبن فاحش تخيّر.
الفصل الثاني
في أحكامه
إذا صالح غير المتبايعين ، فإن دفع بإذنه رجع عليه بالعوض ، وإلّا فلا.
ولو كان لواحد ثوب بعشرين ، وللآخر بثلاثين ، ثمّ اشتبها وتعاسرا ، بيعا معا ، وقسّم الثمن بينهما أخماسا.
ويحتمل بيعهما منفردين ، ثمّ إن تساويا فلكلّ واحد منهما ثمن ثوب ، وإن تفاوتا فالكثير لصاحب الأكثر.
ويحتمل عدم الإجبار على البيع إذ قد يتضمّن ضررا ، بل إن تساويا في القيمة أعطي كلّ واحد ثوبا ، وإلّا فالأكثر لذي الأكثر.
وهل يتعدّى ( ذلك ) (١) إلى بقيّة الأمتعة؟ احتمال ، والأشبه القرعة.
ولو أودعه واحد درهمين وآخر درهما ، ثمّ امتزجا لا عن تفريط ، وتلف أحدهما ، وتناكرا في التالف ، فلصاحب الدّرهمين درهم ونصف ، وللآخر نصف.
وكذا لو كان معهما درهمان ، فادّعاهما أحدهما وادّعى الآخر درهما.
ولو ادّعى عينا (٢) فأنكر ، ثمّ صالحه على بعضها جاز.
الفصل الثالث
في تزاحم الحقوق
أمّا الطرق النافذة فالناس فيها شرع ، فيجوز إحداث الروشن ، والسّاباط ، والأجنحة ، إلّا أن يضرّ بالمارّة أو يظلم الطريق بها ، ويجوز استيعاب الطريق بها ، وفتح الأبواب ، ونصب الميازيب ، دون بناء الدّكّة ومربط (٣) الدابّة.
وأمّا المرفوعة فهي ملك لأربابها لا يجوز إحداث روشن ولا جناح ولا غيره إلّا بإذنهم ، فلو أحدث بغير إذن جاز لكلّ من له عليه استطراق إزالته ولا ضمان ، ولهم الرجوع في الإذن ، ولا فتح باب أدخل من بابه للاستطراق وغيره ، وان سدّ بابه.
ويجوز إخراج بابه وإن لم يسدّ الأوّل ، ولو سدّه جاز العود إليه ، ويتشارك
__________________
(١) ما بين القوسين يوجد في « أ ».
(٢) في النسخ الّتي بأيدينا « عيبا » ولعلّه مصحّف.
(٣) في « ب » و « ج » : وربط.
صاحب الأولى والثانية فيما يمرّان عليه ، ويختصّ الثاني بما (١) بين البابين وهكذا ، فللأوّل إحداث باب في المشترك دون المختصّ ، ويختصّ الأخير بالباقي ، والفاضل في صدر الدرب للجميع.
ويجوز فتح الروشنة والشباك ، وفتح باب بين الدارين في سدّتين مرفوعتين ، وفتح باب في النافذة لذات المرفوع دون العكس ، ولو صولحوا على ذلك دائما أو مدّة معيّنة لزم ، سواء كان بعوض أو لا.
وأمّا الجدار المختصّ فلمالكه التصرّف فيه مطلقا ، ولا يجوز لغيره التصرّف فيه إلّا بإذنه ، وتجوز استعارته لوضع جذع وغيره ، وتستحبّ الإجابة وإذا أذن جاز الرجوع مع الأرش ، ولو خرب لم تجز إعادته إلّا بإذن جديد.
ولو صالحه على ذلك دائما أو مدّة معيّنة لزم ، فتشترط مشاهدة الجذع أو وصفه بما يرفع الجهالة.
وأمّا المشترك فلا يجوز التصرّف فيه إلّا بإذن الشركاء حتّى ضرب الوتد وفتح الروزنة والشباك ، فلو فعل بغير إذنه فله إلزامه بإزالته أو بالأرش ويجوز الاستناد به ، والاستظلال بظلّه وقسمته في كلّ الطول ونصف العرض ، وكذا في كلّ العرض ونصف الطول ، وتجوز القرعة في الصورة الثانية دون الأولى ، بل يختصّ كلّ بوجهه ، لجواز أن تقضى القرعة بخلافه ، ومع ضرر أحدهما لم يجبر الممتنع وإلّا أجبر.
ولو طلبها المتضرّر أجبر الآخر.
__________________
(١) في « أ » : « فيما » وفي « ب » : « لما ».
ولو هدمه أحدهما لخوف منه فلا شيء عليه ولا إعادة ، ويحتمل الأرش دون الإعادة.
ولو هدمه بإذن شريكه ، فإن شرط عليه الإعادة وجبت وإلّا فلا.
ولو انهدم أو استرمّ لم يجبر أحدهما على العمارة ، ثمّ إن أعاده بالنقض عاد ملكه مشتركا ، ويتوقّف على إذن الشريك ، وليس له منعه من الوضع ، وإن بناه بآلة منه لم يتوقّف على الإذن ، وله منعه من الوضع ، وللشريك مطالبته بهدمه.
ولو انهدم السّفل لم يكن لصاحب العلو إجباره على الإعادة ولا منعه منها ، فإن أعاده لم يكن له منع الأعلى من الانتفاع.
ولو طلب الأعلى إعادة السّفل بنقض صاحبه ، فله منعه ، ولو أعاده بآلة منه فليس له منعه ، ويكون ملكا له.
ولا يمنع الأسفل من الانتفاع بسفله ، ويمنعه من فتح الكوّة وضرب الوتد.
ولو أنفق أحد الشركاء على البئر أو القناة ، لم يكن له منع الباقين من الانتفاع.
ومن له حقّ إجراء الماء في ملك غيره ، لا يجبر على إصلاحه وإن خرب بالماء.
ولكلّ أحد التصرّف في ملكه وإن تضرّر جاره ، ولو كان السقف مشتركا بين صاحب العلو والسّفل فلصاحب العلو الجلوس عليه ، ووضع ما تقتضيه العادة دون المضرّ والحفر وضرب الوتد ، ولصاحب السفل أن يستكنّ (١) وتعليق ما لا يضرّ كالثوب.
__________________
(١) في « أ » : « أن يستكريه » ولعلّه مصحّف. قال العلّامة في القواعد : ٢ / ١٧٥ : « ولصاحب السّفل الاستكنان وتعليق ما لا يتأثّر به السقف المشترك كالثوب ».
[ الفصل ] الرّابع
في التنازع
وفيه مسائل :
الأولى : لو تداعيا جدارا بينهما حكم لذي البيّنة ، ومع عدمها فإن اتّصل ببناء أحدهما أو بعقده أو بخشبه على الأقوى قضي له مع اليمين ، ولا يترجّح بالخوارج كالنقش ، ولا بالدواخل كالروازن.
ولو اتّصل ببنائهما أو كان لهما عليه عقد أو خشب ، أو خلا عن ذلك ، فلا اختصاص لأحدهما ، وحلفا وقضي به لهما ، وكذا لو نكلا ، ولو حلف أحدهما قضى له به ، ولو كان أحدهما أكثر رجّح مع اليمين ، ويقضى بالخصّ لمن إليه معاقد القمط.
والمسنّاة بينهما كالجدار.
الثانية : لو تنازع صاحب البيت والغرفة في الجدران قضي لكلّ واحد بجدران ملكه مع اليمين.
ولو تنازعا في السقف قضي لصاحب البيت إن لم يكن إحداثه بعد بناء العلو ، كالأزج (١) المتّصل ببنائه اتّصال ترصيف ، وإلّا فهو لهما إن حلفا أو نكلا ، ولمن حلف دون الآخر.
ويقضى بالغرفة للأسفل مع اليمين وإن كان لها باب مفتوح إلى خصمه.
__________________
(١) قال في جامع المقاصد : ٥ / ٤٥١ : « الأزج » : بناء معروف يعقد فوق الجدران بالجصّ والآجر غالبا.
الثالثة : لو تنازعا في عرصة الخان قضي لصاحب السفل إن كان المرقى في الدهليز ، وإلّا تساويا في المسلك إلى العلوّ ، والباقي لصاحب السفل.
ويقضى بالدرجة لصاحب العلو ، وبالخزانة تحتها لهما ، كلّ ذلك مع اليمين.
الرابعة : لو وجد بناء الغير أو مجرى مائه أو خشبه في ملكه ، ولم يعلم السبب ، قدّم قول المالك في عدم الاستحقاق.
الخامسة : يقضى للراكب دون قابض اللجام مع يمينه ، ولذي الحمل دون غيره ، ولابس الثوب أولى من ماسكه ، ولو كان في يد أحدهما أكثره فهما سواء.
* * * * *
كتاب التكسّب
وينقسم إلى الأحكام الخمسة.
فالواجب : أن يتوقّف تحصيل قوته وقوت عياله عليه.
والندب : أن يقصد به التوسعة على عياله.
والحرام : ما اشتمل على وجه قبح.
والمكروه : ما نهي عنه نهي تنزيه.
والمباح : ما عدا ذلك.
والحرام أقسام :
الأوّل : ما يحرم بعينه ، (١) وهو بيع الأعيان النجسة كالخمر ، والفقّاع ، والميتة ، والدم ، وروث ما لا يؤكل لحمه ، وبوله وبول ما يؤكل لحمه إلّا بول الإبل للاستشفاء ، ويجوز بيع روث ما يؤكل لحمه ، والكافر ، والكلاب إلّا كلب الهراش ، وإجارتها ، واقتناؤها ، واقتناء الأعيان النجسة لفائدة كالسرجين لتربية الزرع ، والخمر للتخليل.
ويحرم اقتناء المؤذيات : كالسّبع والحيّة والعقرب.
الثاني : كلّ مائع نجس لا يقبل الطهارة ، إلّا الدّهن لفائدة الاستصباح به تحت السّماء دون الألية [ المقطوعة ] من الحيّ والميّت ، ومنه الترياق
__________________
(١) في « أ » : « امّا لعينه ».
المشتمل على الخمر ولحم الأفعى ، ولا يجوز التداوي به إلّا مع خوف التلف.
ويجوز بيع الماء النجس لقبوله الطهارة.
الثالث : ما لا ينتفع به ، فلا يجوز بيع المسوخ البحريّة والبرّيّة إلّا الفيل للانتفاع بعظمه ، والحشرات والخنافس والديدان ، إلّا دود القزّ والنّحل مع مشاهدته وانحصاره ، ولا فضلات الحيوان إلّا لبن الآدميّات.
ويجوز بيع السّباع كلّها ، كالأسد والنمر ، وبيع الجوارح ، كالبازي والرّخم (١) وبيع النبات السّمّي إن انتفع به.
الرابع : ما يقصد به الحرام ، كعمل آلات اللهو والقمار ، وهياكل العبادة وبيعها ، وبيع السلاح لأعداء الدين ، كفّارا كانوا أو بغاة أو قطّاع الطريق على توقّف.
ويكره ما يكن كالدرع ، وبيع العنب ليعمل خمرا ، والخشب ليعمل صنما ، ويكره على من يعملهما ، وإجارة السفن والمساكن والدوابّ للمحرّمات.
ويجوز الحمل لإراقته أو تخليله.
ويبطل العقد حيث حرّمناه.
الخامس : ما هو محرّم في نفسه ، كعمل الصور المجسّمة ، والغناء وتعليمه وتعلّمه واستماعه ، ورخّص في العرس للمرأة إذا لم تتكلّم بالباطل ، ولم يدخل عليها الرجال ، فيباح أجرها ، والنوح بالباطل ، وتدليس الماشطة ، والقمار حتّى بالخاتم والبيض ، والسّحر ، والكهانة ، والقيافة ، وتعليمها ، وتعلّمها ، والغشّ بما
__________________
(١) في لسان العرب : الرّخم : نوع من الطير ، واحدته رخمة ، وهو موصوف بالغدر والموق ، وقيل بالقذر.
يخفى ، ومعونة الظالمين في الظلم لا في غيره كالبناء والطبخ ، وهجاء المؤمن وسبّه ، والغيبة ، والنميمة ، (١) وذمّ مستحقّ المدح وبالعكس ، والتشبيب بالمرأة الأجنبيّة والصّبي مطلقا إذا كانا معروفين ، وحفظ كتب الضلال ونسخها لغير النقض والحجّة ، ونسخ التوراة والإنجيل وحفظهما ، وتعلم ذلك كلّه وتعليمه ، وتزيين الرجل بما يحرم عليه وكذا المرأة.
ويحرم الاكتساب بهذه الأشياء ، واعتقاد تأثير النجوم بالاستقلال أو بالاشتراك ، وتعليمها ، وتعلّمها ، والتكسّب بها ، أمّا لو اعتقد تأثيرها بتقدير العزيز الحكيم جاز ذلك كلّه.
وفي الفال والرمل توقّف (٢).
السادس : ما يجب فعله ، كتغسيل الميّت وتكفينه والصلاة عليه ودفنه ، ويجوز الاستئجار على المندوبات ، كاللّحد والحمل إلى المشاهد.
ولا يحرم ثمن الماء والكافور والكفن ، ويحرم أخذ الأجرة على تحمّل الشهادة وأدائها ، وتعليم الواجب من الفقه ، والقرآن ، والأصول ، والصلاة بالناس (٣) والأذان ، والقضاء ، ولا بأس بالرزق من بيت المال.
ولا يحرم على تعليم المستحبّ ، والعلوم الأدبيّة ، والطبّ ، والحكمة ،
__________________
(١) في « أ » : « والتهمة ».
(٢) قال الشهيد قدسسره في الدروس : ٣ / ١٦٥ : وأمّا الرمل والفال ونحوهما فيحرم مع اعتقاد المطابقة لما دلّ عليه ، لاستيثار الله تعالى بعلم الغيب ، ولا يحرم إذا جعل فالا ، لما روي أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يحبّ الفال.
(٣) قال العلّامة في القواعد : ٢ / ١٠ : « تحرم الأجرة على الإمامة والشهادة وأدائها ». قال في جامع المقاصد : ٤ / ٣٧ في شرح العبارة : « المراد إمامة الناس في الصلوات من غير فرق بين الواجبة والمندوبة ».
ونسخ القرآن وتلاوته ، وخطبة الإملاك (١) وعقد النكاح ، ويحرم على تعليم الصّيغة.
السابع : الرّشا في الحكم ، سواء حكم لباذله أو عليه ولو بالحقّ ، وفي هدية غير المعتاد توقّف.
ويحرم على الولد مال أبيه وبالعكس إلّا مع الإذن أو مع وجوب النفقة وعدم البذل.
وللأب الاقتراض من مال ولده الصغير أو المجنون ، والابتياع منه بثمن المثل ، وتقويم جاريته على نفسه ووطؤها ، وليس للإمام ذلك.
ويحرم على الزوجة مال زوجها وبالعكس إلّا على وجه التقاصّ ، ويجوز لها الصدقة من ماله ما لم تجحف أو ينهاها ، ولا يجوز ذلك لأقاربه حتّى الأمّ.
ولو دفع إلى إنسان مالا ليصرفه في قبيل ، فإن عيّن اقتصر عليه ، فيضمن لو خالف ، وإن أطلق حرم عليه الأخذ وإن كان بصفتهم ، ويعطي عياله مع الاتّصاف.
وأمّا المكروه فخمسة :
الأوّل : ما يؤدّي إلى محرّم أو مكروه غالبا ، كالصرف ، والصّياغة ، وبيع الأكفان والرقيق والطعام ، واتّخاذ النحر والذبح صنعة ، وركوب البحر للتّجارة.
الثاني : ما يتطرّق إليه الشبهة ، ككسب الصبيان ، ومن لا يجتنب المحارم ، ومعاملة الظلمة.
__________________
(١) قال المحقق الكركي قدسسره : « الخطبة » بالضمّ : ما اشتمل على حمد الله والصلاة على رسوله وآله صلوات الله عليهم. و « الإملاك » بكسر الهمزة : التزويج ، والزوج مملك بفتح اللّام. وأمّا الخطبة بكسر الخاء : فهو طلب المرأة من وليّها ونحوه. جامع المقاصد : ٤ / ٣٧.
الثالث : ما كان وضيعا ، كالحياكة ، وضراب الفحل ، والحجامة مع الشرط ، وكسب القابلة معه ، ومعاملة السفلة والأدنين وأهل الذّمّة.
الرابع : ما يتضرّر بمعاملته ، كالمحارفين.
الخامس : معاملة الأكراد وذوي العاهات ، وأخذ الأجرة على تعليم القرآن ، والربح على الموعود بالإحسان ، وعلى المؤمن إلّا مع الحاجة أو الشراء للتجارة ، وطلب الحاجة من المخالف ومستحدث النّعمة ، وقد تكره أشياء تذكر في مواضعها إن شاء الله تعالى.
وأمّا المباح فغير ذلك وإن كثر وجوده ، كبيع الماء والتراب والحجر ، وتباح أجرة البدرقة ، وما ينثر في الأعراس مع علم الإباحة أو شاهد الحال ، وجوائز الظالم إلّا أن يعلم غصبها ، فإن قبضها ردّها على مالكها ، فإن جهله تصدّق بها على غير الظالم ، وما يأخذه الجائر من الغلّات باسم المقاسمة ، ومن الأموال باسم الخراج ، ومن الأنعام باسم الزكاة ، ولا تجب إعادته على ربّه وإن عرفه.
وتجوز الولاية من قبل الإمام ، وقد تجب إذا تعيّن أو توقّف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عليها.
وتحرم من قبل الجائر ، فإن أمن من ارتكاب المحرّم وتمكّن من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر استحبّت.
ولو أكرهه عليها جازت لدفع الضّرر الكثير كالقتل ، أو اليسير على كراهية ، ويمتثل ما يؤمر به إلّا القتل ظلما.
خاتمة
يستحبّ التفقّه فيما يتولّاه ، والدعاء عند دخول السّوق ، وسؤال الخير فيما يبيعه ، والبركة فيما يشتريه ، والتسوية بين المتبايعين ، والإقالة ، وإعطاء الراجح ، وأخذ الناقص ، والمسامحة في البيع والشراء والقضاء والاستقضاء ، والتكبير ، والشهادتان للمشتري ، والمباكرة في طلب الرزق.
ويكره دخول السوق أولا ، والسوم بعد الفجر إلى طلوع الشمس ، والبيع في الظلماء ، واليمين على المبيع (١) ، وكتمان العيب ، والاستحطاط بعد الصّفقة ، (٢) والزيادة وقت النداء (٣) ، والكيل والوزن لمن لم يعرفهما ، ومدح البائع وذمّ المشتري ، والدخول في سوم المؤمن.
* * * * *
__________________
(١) في « ب » و « ج » : على البيع.
(٢) في القواعد : ٢ / ١٤ مكان هذه العبارة : « والاستحطاط بعد العقد ».
(٣) في « ب » و « ج » : « والزيادة بعد وقت النّداء » والصحيح ما في المتن ، والمراد : وقت نداء المنادي على السلعة ، بل يزيد إن شاء إذا سكت المنادي. لاحظ جامع المقاصد : ٤ / ٥١.
كتاب البيع
وهو اسم لما ينقل به الأعيان المملوكة ، بعوض مقدّر عن تراض ، ولم ينه عنه ، فيخرج بالأعيان الإجارة وبعوض مقدّر الصلح والهبة ، وبالتراضي عقد المكره ، وبالقيد الأخير ما نهي عنه لعينه كبيع الكالئ بالكالئ ، وبيع الغرر ، وحبل الحبلة ، وهو بيع نتاج النتاج ، أو البيع بأجل إلى نتاج النتاج ، وعسيب الفحل ، وهو نطفته ، والمضامين وهي : ما في أصلاب الفحول ، والملاقيح وهو : ما في بطون الأمّهات ، والمجر وهو [ بيع ] ما في الأرحام ، والملامسة وهو : جعل اللّمس بيعا ، والمنابذة وهو : جعل النبذ بيعا ، ورمي الحصاة وهو : أنّ المبيع ما تقع عليه الحصاة ، وبيعتين في بيعة فيقول : بعتك بمائتين نسيئة وبمائة نقدا فخذ بأيّها شئت ، والرّبا ، وكلّ ذلك فاسد.
وقد نهي عن أشياء لعارض لا يفسد به العقد ، كالسوم بعد قرار الثمن وقبل العقد ، وأن يقول الرجل للبائع في مدّة خياره : أنا أزيدك في الثمن ، وللمشتري في مدة خياره : أنا أبيعك مثل السّلعة بأقلّ من الثمن أو خيرا منها به ، والبيع بعد النداء ، (١) وبيع المعتكف ، والنجش ، وهو : زيادة من واطأه البائع ، والإخبار بأزيد من الثمن في المرابحة والتولية ، والاحتكار وهو : حبس الحنطة والشعير والتمر والزبيب ، قيل (٢) : والسمن والملح لإرادة الزيادة مع عدم الباذل ، ويجبر على البيع لا على التسعير ، ومنه تلقّي الركبان على قول (٣) وحدّه أربعة فراسخ مع الجهل بسعر البلد ، ويثبت الخيار مع الغبن ، ولو زاد على الأربعة لم يحرم ، ولا فرق بين البائع والمشتري.
ثمّ النظر في البيع يعتمد على قطبين :
__________________
(١) والمراد : بعد نداء الجمعة ، كما في الدروس : ٣ / ١٧٨.
(٢) القائل هو الشهيد في الدروس : ٣ / ١٨٠.
(٣) لاحظ الدروس : ٣ / ١٧٩.
[ القطب ] الأوّل : في العقد
وفيه فصول :
[ الفصل ] الأوّل
في أركانه
وهي أربعة :
[ الركن ] الأوّل : الصّيغة وهي : الإيجاب والقبول مع التراضي ، فالإيجاب « بعت » و « شريت » و « ملّكت » والقبول « ملّكت » و « ابتعت » و « اشتريت » و « تملّكت » و « قبلت ».
ويشترط صيغة الماضي ، فلو قال : « أبيعك » فيقول : « سأشتري » أو « أبتع » فيقول : « بعني » لم يصحّ ، وتقديم الإيجاب والمطابقة زمانا ومعنى ، فلو تأخّر القبول بحيث لا يعدّ جوابا أو قال : « بعتك بألف » فقال : « اشتريت بخمسمائة » أو « نصفه بخمسمائة » أو قال : « بعتكما هذا بمائة » فقال أحدهما : « قبلت نصفه بخمسين » لم ينعقد.
وتكفي الإشارة مع العجز لا الكتابة معه ، ولا المعاطاة في الجليل
والحقير وإن حصلت أمارة الرّضا ، نعم يباح التصرّف ويلزم (١) بتلف أحد العينين.
الركن الثاني : العاقد
ويشترط في البائع والمشتري البلوغ والعقل والاختيار والقصد ، فلا يصحّ بيع الصّبيّ ولا ابتياعه وإن بلغ عشرا وأذن الوليّ ، وكذا المجنون والمغمى عليه والمكره والسكران والنائم والغافل ، ولو رضي أحدهم بعد زوال العذر لم يصحّ إلّا المكره.
ويشترط عدم الإسلام في بيع الخمر والخنزير وشرائهما ، وإذن المولى في بيع العبد وشرائه ، ويصحّ أن يشتري نفسه من مولاه لغيره.
ويشترط في البائع الملك أو الولاية ، (٢) فلو باع ما يملك وغيره صحّ في ملكه ، ووقف غيره على الإجازة ، فان كانا مثليّين بسط الثمن عليهما ، وإلّا قوّما جميعا ، ثمّ يقوّم أحدهما ويقسّط الثمن بالنسبة إلى القيمتين ، فإن أجاز الغير ، وإلّا تخيّر المشتري ، ولا فرق بين المختصّ والمشترك ، فيأخذ من الثمن بقدر حصّته.
فلو باع عبدا له نصفه ، كان له نصف الثمن ، ولو باع جميع الثمرة (٣) وفيها الزكاة ، صحّ في نصيبه.
ولو باع أربعين شاة وفيها الزكاة لم يصحّ ، لتجهيل ثمن نصيبه ، ولو ضمن حصّة الفقراء في الموضعين صحّ في الجميع.
__________________
(١) في « أ » : ويلزمه.
(٢) في « أ » : « والأولوية » وهو مصحّف.
(٣) في « أ » : جميع ثمرة.
وعقد الفضولي يقف على الإجازة ، ولا يكفي السكوت وإن كان حاضرا ، ولا تشترط الفوريّة ، فله الإجازة ما لم يردّ.
ويشترط كون المجيز مالكا ، جائز التصرف في الحال ، فلو باع ملك غيره ثمّ انتقل إليه فأجاز ، أو ملك الصبيّ أو المجنون فأجازا بعد الكمال لم يصحّ.
ولو قبض الفضولي الثمن وقف على إجازة أخرى وإن كان الثمن معيّنا (١) ويحصل الانتقال بالإجازة ، فالنّماء قبلها للمالك ، ولو فسخ رجع على المشتري بالعين وبما استوفاه من نماء أو منفعة ، ويرجع بذلك على البائع مع جهله أو ادّعاء الإذن ، وإلّا رجع بالثمن خاصّة مع بقائه ، ولا يتوقّف الرجوع على دعوى الملكية.
ولو تلفت العين رجع المالك على البائع أو المشتري بالمثل أو القيمة ، وبالزائد والمنافع ، ويستقرّ الضمان على المشتري مع علمه ، وعلى البائع مع الجهل ، ولا فرق بين الغاصب وغيره.
فلو باع فرسا على زيد ، واشترى بالثمن عبدا ، وباع زيد الفرس على عمرو ، فإن كان المشتري الأوّل جاهلا بالغصب ، فللمالك تتبّع العقود بالإجازة والإبطال ، ورعاية مصلحته في سلسلتي الثمن والمثمن.
وإن كان [ المشتري ] عالما فله الإجازة والإبطال في جانب المثمن دون الثمن ، لأنّه ملك الغاصب.
والولاية للأب والجدّ له والحاكم وأمينه والوصي والوكيل ، فيمضى
__________________
(١) في « أ » : « معيبا » وهو مصحّف.