الشيخ عباس القمي
المحقق: الشيخ علي آل كوثر
الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: مجمع إحياء الثقافة الإسلاميّة
المطبعة: پاسدار إسلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٩٠٤
ليقرأن الزيارة فيلفتن الخواطر ويصدُّن القائمين بالعبادة في تلك البقعة الشريفة من المصلين والمتضرعين والباكين عن عباداتهم فيكنَّ بذلك من الصادات عن سبيل الله إلى غير ذلك من التبعات وأمثال هذه الزيارات ينبغي حقاً أن تعد من منكرات الشرع لا من العبادات وتحصى من الموبقات لا القربات.
وقد روي عن الصادق عليهالسلام أن أمير المؤمنين عليهالسلام قال لأهل العراق : يا أهل العراق نبئت أن نساءكم يوافين الرجال في الطريق أما يستحيون؟ وقال : لعن الله من لا يغار (١).
وفي الفقيه روى الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليهالسلام قال : سمعته يقول : يظهر في آخر الزمان واقتراب الساعة وهو شر الأزمنة نسوة كاشفات عاريات متبرجات من الدين خارجات ، داخلات في الفتن مائلات إلى الشهوات مسرعات إلى اللذات مستحلاتٍ للمحرمات في جهنم خالدات (٢).
الثامن والعشرون : ينبغي عند ازدحام الزائرين للسابقين إلى الضريح أن يخففوا زياراتهم وينصرفوا ليفوز غيرهم بالدنوِّ من الضريح الطاهر كما كانوا هم من الفائزين. أقول : لزيارة الحسين صلوات الله عليه آداب خاصة سنذكرها في مقام ذكر زيارته عليهالسلام.
الفصل الثاني
في ذكر الاستئذان للدخول في كل من الروضات الشريفة
وهنا نثبت استئذانين : الأول : قال الكفعمي : إذا أردت دخول مسجد النبي صلىاللهعليهوآله أو أحد المشاهد الشريفة لاحد الأئمة عليهمالسلام فقل :
اللّهُمَّ إِنِّي وَقَفْتُ عَلى بابٍ مِنْ أَبْوابِ بُيُوتِ نَبِيِّكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَقَدْ مَنَعْتَ النَّاسَ أَنْ يَدْخُلُوا إِلاّ بِإِذْنِهِ فَقُلْتَ : (يا أيُّهاالَّذِينَ آمَنُوا لاتَدْخُلُوا بُيُوتَ النَبِيِّ إِلاّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ) (٣) ، اللّهُمَّ إِنِّي أَعْتَقِدُ حُرْمَةَ صاحِبِ هذا المَشْهَدِ الشَّرِيفِ فِي غَيْبَتِهِ كَما أَعْتَقِدُها فِي حَضْرَتِهِ ، وَأَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَكَ وَخُلَفائَكَ عليهمالسلام أَحْياءٌ عِنْدَكَ يُرْزَقُونَ يَرَوْنَ
_________________
١ ـ المحاسن للبرقي ١ / ٢٠٤ ح ٣٥٦.
٢ ـ من لا يحضره الفقيه ٣ / ٣٩٠ ح ٤٣٧٤.
٣ ـ الأحزاب : ٣٣ / ٥٣.
مَقامِي وَيَسْمَعُونَ كَلامِي وَيَرُدُّونَ سَلامِي ، وَأَنَّكَ حَجَبْتَ عَنْ سَمْعِي كَلامَهُمْ وَفَتَحْتَ بابَ فَهْمِي بِلَذِيذِ مُناجاتِهِمْ وَإِنِّي أَسْتأْذِنُكَ يا رَبِّ أَوَّلاً وَأَسْتَأْذِنُ رَسُولِكَ صلىاللهعليهوآله ثانِياً وَأَسْتَأْذِنُ خَلِيفَتَكَ الإمام المُفْرُوضَ (١) عَلَيَّ طاعَتُهُ فُلانَ بْنِ فُلانٍ ، واذكر اسم الإمام الذي تزوره واسم أبيه. فقل في زيارة الحسين عليهالسلام مثلاً : الحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ عليهالسلام. وفي زيارة الإمام الرضا عليهالسلام : عَلِيّ بْنَ مُوسى الرِّضا عليهالسلام وهكذا. ثم قل : وَالمَلائِكَةَ المُوَكَّلِينَ بِهِذِهِ البُقْعَةِ المُبارَكَةِ ثالِثاً أَأَدْخُلُ يا رَسُولَ الله أَأَدْخُلُ يا حُجَّةَ الله أَأَدْخُلُ يا مَلائِكَةَ الله المُقَرَّبِينَ المُقَيمِينَ فِي هذا المَشْهَدِ فَأْذَنْ لِي يا مَوْلايَ فِي الدُّخُولِ أَفْضَلَ ما أَذِنْتَ لاحَدٍ مِنْ أَوْلِيائِكَ ، فَإِنْ لَمْ أَكُنْ أَهْلاً لِذلِكَ فَأَنْتَ أَهْلٌ لِذلِكَ (٢).
ثم قبل العتبة الشريفة وادخل وقل : بِسْمِ الله وَبالله وَفِي سَبِيلِ الله وَعَلى مِلَّةِ رَسُولِ الله صلىاللهعليهوآله اللّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (٣).
الثاني : الاستئذان الذي رواه المجلسي قدّس الله سرّه عن نسخة قديمة من مؤلفات الأصحاب للدخول في السرداب المقدس وفي البقاع المنورة للأئمة عليهمالسلام وهو هذا تقول :
اللّهُمَّ إِنَّ هذِهِ بُقْعَهٌ طَهَّرْتَها وَعَقْوَةٌ شَرَّفْتَها وَمَعالِمٌ زَكَّيْتَها حَيْثُ أَظْهَرْتَ فيها أَدِلَّةَ التَّوْحِيدِ وَأَشْباحَ العَرْشِ المَجِيدِ ، الَّذِينَ اصْطَفَيْتَهُمْ مُلُوكا لِحِفْظِ النِّظامِ وَاخْتَرْتَهُمْ رُؤساءَ لِجَمِيعِ الأنامِ وَبَعَثْتَهُمْ لِقيامِ القِسْطِ فِي ابْتِداءِ الوُجُودِ إِلى يَوْمِ القِّيامَة ، ثُمَّ مَنَنْتَ عَلَيْهِمْ بِاسْتِنابَةِ أَنْبِيائِكَ لِحِفْظِ شَرائِعِكَ وَأَحْكامِكَ فَأَكْمَلْتَ بِاسْتِخْلافِهِمْ رِسالَةَ المُنْذِرِينَ كَما
_________________
١ ـ المفترض ـ خ ـ.
٢ ـ أهلٌ له ـ خ ـ.
٣ ـ البلد الامين : ٢٧٦.
أوْجْبْتَ رِئاسَتَهُمْ فِي فِطَرِ المُكَلَّفِينَ ، فَسُبْحانَكَ مِنْ إِلهٍ ما أَرْأَفَكَ وَلا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ مِنْ مَلِكٍ ما أَعْدَلَكَ حَيْثُ طابَقَ صُنْعُكَ ما فَطَرْتَ عَلَيْهِ العُقُولَ وَوافَقَ حُكْمُكَ ما قَرَّرْتَهُ فِي المَعْقُولِ وَالمَنْقُولِ ، فَلَكَ الحَمْدُ عَلى تَقْدِيرِكَ الحَسَنِ الجَمِيلِ وَلَكَ الشُّكْرُ عَلى قَضائِكَ المُعَلَّلِ بِأَكْمَلِ التَّعْلِيلِ. فَسُبْحانَ مَنْ لايُسْأَلْ عَنْ فِعْلِهِ وَلايُنازَعُ فِي أَمْرِهِ وَسُبْحانَ مَنْ كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ قَبْلَ ابْتِداءِ خَلْقِهِ ، وَالحَمْدُ للهِ الَّذِي مَنَّ عَلَيْنا بِحُكّامٍ يَقُومُونَ مَقامَهُ لَو كانَ حاضِراً في المَكانِ ، وَلا إِلهَ إِلاّ الله الَّذِي شَرَّفَنا بِأَوْصِياء يَحْفَظُونَ الشَّرائِعَ فِي كُلِّ الاَزْمانِ ، وَالله أَكْبَرُ الَّذِي أَظْهَرَهُمْ لَنا بِمُعْجِزاتٍ يَعْجُزُ عَنْها الثَّقَلانِ. لاحَوْلَ وَلاقُوَّةَ إِلاّ بِالله العَلِيِّ العَظِيمِ الَّذِي آجَرَنا عَلى عَوائِدِهِ الجَمِيلَة فِي الاُمَمِ السَّالِفِينَ ، اللّهُمَّ فَلَكَ الحَمْدُ وَالثَّناءُ العَلِيُّ كَما وَجَبَ لِوَجْهِكَ البَقاءُ السَّرْمَدِيُّ وَكَما جَعَلْتَ نَبِيَّنا خَيْرَ النَّبِيِّينَ وَمُلُوكَنا أَفْضَلَ المَخْلُوقِينَ وَاخْتَرْتَهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلى العالَمِينَ ؛ وَفِّقْنا لِلْسَّعِي إِلى أَبْوابِهِمْ العامِرَةِ إِلى يَوْمِ الدِّينِ وَاجْعَلْ أَرْواحَنا تَحِنُّ إِلى مَوْطِيِ أَقْدامِهِمْ وَنُفُوسَنا تَهْوِي النَّظَرَ إِلى مَجالِسِهِمْ وَعَرَصاتِهِمْ حَتّى كَأنَّنا نُخاطِبُهُمْ فِي حُضُورِ أَشْخاصِهِمْ ، فَصَلّى الله عَلَيْهِمْ مِنْ سادَةٍ غائِبِينَ وَمِنْ سُلالَةٍ طاهِرِينَ وَمِنْ أَئِمَّةٍ مَعْصُومِينَ. اللّهُمَّ فَأْذَنْ لَنا بِدُخُولِ هذِهِ العَرَصاتِ الَّتِي اسْتَعْبَدْتَ بِزِيارَتِها أَهْلَ الأَرضِينَ وَالسَّماواتِ ، وَأَرْسِلْ دُمُوعَنا بِخُشُوعِ المَهابَةِ وَذَلِّلْ جَوارِحَنا بِذُلِّ العُبُودِيَّةِ وَفَرْضِ الطَّاعَةِ حَتّى نُقِرَّ بِمايَجِبُ لَهُمْ مِنَ الاَوْصافِ وَنَعْتَرِفَ بِأَنَّهُمْ شُفَعاءُ الخَلائِقِ إِذا نُصِبَتْ المَوازِينُ فِي يَوْمِ الاَعْرافِ ، وَالحَمْدُ للهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ. ثم قبل العتبة وادخل وأنت خاشع باكٍ فذلك إذن منهم صَلوات الله عَلَيْهم أجمَعين (١).
_________________
١ ـ بحار الانوار ١٠٢ / ١١٥.
الفصل الثالث
في زيارة النبي والزهراء عليهاالسلام
والأئمة بالبقيع (صَلوات الله عَلَيْهم أجمَعين) في المدينة الطيبة
إعلم أنّه يستحب استحباباً أكيداً لكافة الناس ولاسيّما للحجاج أن يتشرفوا بزيارة الروضة الطاهرة والعتبة المنورة لمفخرة الدهر مولانا سيد المرسلين محمد بن عبد الله صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ ، وترك زيارته جفاءٌ في حقه يوم القيامة. وقال الشهيد (رض) : فإن ترك الناس زيارته فعلى الإمام ان يجبرهم عليها فإن ترك زيارته جفاء محرم (١).
روى الصدوق عن الصادق عليهالسلام : إذا حجّ أحدكم فليختم حجه بزيارتنا لان ذلك من تمام الحج (٢).
وروي أيضاً عن أمير المؤمنين عليهالسلام قال : أتموا بزيارة رسول الله صلىاللهعليهوآله حجّكم ، فإن تركه بعد الحج جفاء. وبذلك أمرتم بالقبور التي ألزمكم الله عزَّ وجلَّ حقّها وزيارتها واطلبوا الرزق عندها (٣).
وروي أيضاً عن أبي الصلت الهروي قال : قلت للرضا عليهالسلام : يا بن رسول الله ما تقول في الحديث الذي يرويه أهل الحديث أن المؤمنين يزورون ربهم من منازلهم في الجنة ويعني الراوي بسؤاله ان الرواية ان صحت فما معناها وهي بظاهرها تحتوي على ما لا يستقيم مع الاعتقاد الحق. فأجابه عليهالسلام فقال : يا أبا الصلت إن الله تبارك وتعالى فضل نبيه محمداً صلىاللهعليهوآله على جميع خلقه من النبيين والملائكة ، وجعل طاعته طاعته ومبايعته مبايعته وزيارته زيارته فقال الله عزَّ وجلَّ : (مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهِ) (٤) ، وقال : (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ الله يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) (٥).
وقال النبي صلىاللهعليهوآله : من زارني في حياتي أو بعد مماتي فقد زار الله تعالى ... الخ (٦).
وروى الحميري في (قرب الإسناد) عن الصادق عليهالسلام عن النبي صلىاللهعليهوآله قال : من زارني حياً
_________________
١ ـ الدروس ٢ / ٥.
٢ ـ عيون الاخبار ٢ / ٢٩٢ باب ٦٦ ح ٢٨ وباب ٢٢١ ح ١.
٣ ـ الخصال للصدوق ٢ / ٦١٦ باب ٤٠٠ ح ١٠.
٤ ـ النساء : ٤ / ٨٠.
٥ ـ الفتح : ٤٨ / ١٠.
٦ ـ أمالي الصدوق : المجلس ٧٠ ح ٧.
وميتاً كنت له شفيعاً يوم القيامة (١).
وفي الحديث : إنه شهد الصادق عليهالسلام عيداً بالمدينة فانصرف فدخل على النبي صلىاللهعليهوآله فسلم عليه ثم قال لمن حضره أمّا لقد فضلنا على أهل البلدان كلهم مكة فمن دونها لسلامنا على رسول الله صلىاللهعليهوآله (٢).
وروى الطوسي (رض) في (التهذيب) عن يزيد بن عبد الملك عن أبيه عن جده أنه قال : دخلت على فاطمة سلام الله عليها فبدأتني بالسلام ثم قالت : ما غداً بك؟ قلت : طلب البركة. قالت : أخبرني أبي وهو ذا هو ، أنه من سلم عليه وعليّ ثلاثة أيّام أوجب الله له الجنة. قلت لها : في حياته وحياتك؟ قالت : نعم وبعد موتنا (٣). قال العلامة المجلسي (رض) : روي في حديث معتبر عن عبد الله بن عباس عن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : من زار الحسن عليهالسلام بالبقيع ثبت قدمه على الصراط يوم تزول فيه الاقدام (٤).
وفي (المقنعة) عن الصادق عليهالسلام من زارني غُفرت له ذنوبه ولم يمت فقيراً (٥).
وروى الطوسي في (التهذيب) عن الإمام الحسن العسكري عليهالسلام قال : من زار جعفر الصادق وأباه لم يشك عينه ولم يصبه سقم ولم يمت مبتلىً (٦).
وروى ابن قولويه في الكامل في حديث طويل عن هشام بن سالم عن الصادق عليهالسلام أنه أتاه رجل فقال هل يزار والدك فقال : نعم. قال : فما لمن زاره؟ قال : الجنة إن كان يأتم به. قال : فما لمن تركه رغبة عنه قال : الحسرة يوم الحسرة ... الخ (٧) ، والأحاديث في ذلك كثيرة حسبنا منها ما ذكرناه.
وأما كيفية زيارة النبي صلىاللهعليهوآله : فهي كما يلي : إذا وردت إن شاء الله تعالى مدينة النبي صلىاللهعليهوآله فاغتسل للزيارة فإذا أردت دخول مسجده صلىاللهعليهوآله فقف على الباب واستأذن بالإستئذان الأول مما ذكرناه وادخل من باب جبرائيل عليهالسلام وقدم رجلك اليمنى عند الدخول ثم قل : الله أَكْبَرُ مائة مرة ، ثم صل ركعتين تحية المسجد ثم إمض إلى الحجرة الشريفة. فإذا بلغتها فاستلمها بيدك وقبّلها وقل :
_________________
١ ـ قرب الاسناد للحميري : ٦٥ ، ح ٢٠٥.
٢ ـ كامل الزيارات : ٥٤٧ رقم ٨٣٨ ب ١٠٨ ح ١٠.
٣ ـ التهذيب ٦ / ٩ باب ٣ ح ١١.
٤ ـ البحار ٢٨ / ٣٩ باب ٢ ح ١ عن أمالي الصدوق في المجلس ٢٤ ذيل ح ٢.
٥ ـ المقنعة : ٤٧٤ ، باب ٢٠.
٦ ـ تهذيب الاحكام ٦ / ٧٨ باب ٢٦ ح ٢.
٧ ـ الكامل : ٢٣٩ ، باب ٤٤ ، ح ٢ مع اضافات.
السَّلامُ عَلَيْكَ يا رَسُولَ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا نَبِيَّ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا خاتَمَ النَّبِيِّينَ ، أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ الرِّسالَةَ وَأَقَمْتَ الصَّلاةَ وَآتَيْتَ الزَّكاةَ وَأَمَرْتَ بِالمَعْرُوفِ وَنَهَيْتَ عَنِ المُنْكَرِ وَعَبَدْتَ الله مُخْلِصاً حَتّى أَتاكَ اليَّقِينُ فَصَلَواتُ الله عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ وَعَلى أَهْلِ بَيْتِكَ الطَّاهِرِينَ (١).
ثُمَّ قف عند الأسطوانة المقدّمة مِنْ جانب القبر الأيمن مستقبل ومنكبك الأيسر إِلى جانب القبر ومنكبك الأيمن مما يلي المنبر فإنه موضع رأس النبي صلىاللهعليهوآله وَقل :
أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَإِلاّ الله وَحْدَهُ لاشَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ (٢) أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الله وَأَنَّكَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ رِسالاتِ رَبِّكَ وَنَصَحْتَ لاِ مَّتِكَ وَجاهَدْتَ فِي سَبِيلِ الله وَعَبَدْتَ الله حَتّى أَتاكَ اليَقِينُ (٣) بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَأَدَّيْتَ الَّذِي عَلَيْكَ مِنَ الحَقِّ ، وَأَنَّكَ قَدْ رَؤُفْتَ بِالمُؤْمِنِينَ وَغَلُظْتَ عَلى الكافِرِينَ فَبَلَّغَ الله بِكَ أَفْضَلَ شَرَفِ مَحَلِّ المُكَرَّمِينَ. الحَمْدُ للهِ الَّذِي اسْتَنْقَذَنا بِكَ مِنَ الشِّرْكِ وَالضَّلالَةِ ، اللّهُمَّ فَاجْعَلْ صَلَواتِكَ وَصَلَواتِ مَلائِكَتِكَ المُقَرَّبِينَ وَأَنْبِيائِكَ المُرْسَلِينَ وَعِبادِكَ الصَّالِحِينَ وَأَهْلِ السَّماواتِ وَالأَرضِينَ وَمَنْ سَبَّحَ لَكَ يا رَبَّ العالَمِينَ مِنَ الأوَّلِينَ وَالآخِرِينَ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَنَبِيِّكَ وَأَمِينِكَ وَنَجِيِّكَ وَحَبِيبِكَ وَصَفِيِّكَ وَخاصَّتِكَ وَصَفْوَتِكَ وَخِيرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ ، اللّهُمَّ أعْطِهِ الدَّرَجَةَ الرَّفِيعَةَ وَآتِهِ الوَسِيلَةَ مِنَ الجَنَّةِ وَابْعَثْهُ مَقاما مَحْمُوداً يَغْبِطُهُ بِهِ الأوَّلُونَ وَالآخِرُونَ ، اللّهُمَّ إِنَّكَ قُلْتَ : (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا الله وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا الله تَوَّاباً رَحِيماً) (٤) ؛ وَإِنِّي أَتَيْتُكَ مُسْتَغْفِراً تائِباً مِنْ ذُنُوبِي وَإِنِّي أَتَوَجَّهُ بِكَ إِلى الله
_________________
١ ـ مصباح الزائر لابن طاووس : ٤٥ ، الفصل ٣.
٢ ـ في المصدر وخ : وأنّ محمّداً.
٣ ـ في المقنعة : وعبدت الله مخلصاً حتّى أتاك اليقين ودعوت الى سبيل ربّك بالحكمة.
٤ ـ النساء : ٤ / ٦٤.
ربي وربّك لِيَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي. فإن كانت لك حاجة فاجعل القبر الطاهر خلف كتفيك واستقبل القبلة وارفع يدك وسل حاجتك فإنه أحرى أن تقضى إن شاء الله تعالى (١).
وروى ابن قولويه بسند معتبر عن محمد بن مسعود قال : رأيت الصادق عليهالسلام انتهى إلى قبر النبي صلىاللهعليهوآله فوضع يده عليه وقال : أَسْأَلُ الله الَّذِي اجْتَباكَ واخْتارَكَ وَهَداكَ وَهَدى بِكَ أَنْ يُصَلِّي عَلَيْكَ ، ثم قال : (إِنَّ الله وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلى النَبِيِّ يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلّمُوا تَسْلِيماً) (٢) (٣).
وقال الشيخ في (المصباح) فإذا فرغت من الدعاء عند القبر فأتِ المنبر وامسحه بيدك وخذ برمانتيه وهما السفلاوان وامسح وجهك وعينيك به فإن فيه شفاء للعين ، وقم عنده واحمد الله واثن عليه وسل حاجتك فإنَّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة ، ومنبري على ترعة من ترع (٤) الجنة. ثم تأتي مقام النبي صلىاللهعليهوآله فتصلي فيه ما بداً لك وأكثر الصلاة في مسجد النبي صلىاللهعليهوآله فإن الصلاة فيه بألف صلاة ، وإذا دخلت المسجد أو خرجت منه فصل على النبي صلىاللهعليهوآله ، وصل في بيت فاطمة عليهاالسلام وأتِ مقام جبرائيل عليهالسلام وهو تحت الميزاب فإنّه كان مقامه إذا استأذن على الرسول صلىاللهعليهوآله وقل : أَسْأَلُكَ أَيْ جَوادُ أَيْ كَرِيمُ أَيْ قَرِيبُ أَيْ بَعِيدُ أَنْ تَرُدَّ عَلَيَّ نِعْمَتَكَ (٥).
ثم زر فاطمة عليهاالسلام من عند الروضة : واختلف في موضع قبرها فقال قوم هي مدفونة في الروضة أي ما بين القبر والمنبر ، وقال آخرون في بيتها ، وقالت فرقة ثالثة : إنها مدفونة بالبقيع. والذي عليه أكثر أصحابنا أنها تزار من عند الروضة ومن زارها في هذه الثلاثة مواضع كان أفضل. وإذا وقفت عليها للزيارة فقل :
يا مُمْتَحَنَةُ امْتَحَنَكِ الله الَّذِي خَلَقَكِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَكِ فَوَجَدَكِ لِما امْتَحَنَكِ صابِرَةً ، وَزَعَمْنا أَنَّا لَكِ أَوْلِياء وَمُصَدِّقُونَ (٦) وَصابِرونَ لِكُلِّ ما أَتى بِهِ أَبُوكِ صلىاللهعليهوآله وَأَتى بِهِ وَصِيُّهُ ، فَإِنَّا نَسْأَلَكِ إِنْ كُنّا صَدَّقْناكِ إِلاّ أَلْحَقْتِنا بِتَصْدِيقِنا لَهُما لِنُبَشِّرَ
_________________
١ ـ مصباح المتهجّد : ٧٠٩ ، ومن لا يحضره الفقيه ٢ / ٥٦٦.
٢ ـ الاحزاب : ٣٣ / ٥٦.
٣ ـ كامل الزيارات : ٥٣ ، باب ٣ ، ح ٤.
٤ ـ أي باب من أبواب.
٥ ـ مصباح المتهجّد : ٧١٠.
٦ ـ مصدّقون : خ.
٧ ـ وأتانا ـ خ ـ.
أَنْفُسَنا بِأَنَّا قَدْ طَهُرْنا بِوِلايَتِكِ. وَيستحب أيضاً ان تقول :
السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ رَسُولِ الله السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ نَبِيِّ الله السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ حَبِيبِ الله السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ خَلِيلِ الله السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ صَفِيِّ الله السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ أَمِينِ الله السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ خَيْرِ خَلْقِ الله السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ أَفْضَلِ أَنْبِياءِ الله وَرُسُلِهِ وَمَلائِكَتِهِ السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ خَيْرِ البَرِيَّةِ السَّلامُ عَلَيْكِ يا سَيِّدَةَ نِساءِ العالَمِينَ مِنَ الأوَّلِينَ وَالآخِرِينَ ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا زَوْجَةَ وَلِيِّ الله وَخَيْرِ الخَلْقِ بَعْدَ رَسُولِ الله السَّلامُ عَلَيْكِ يا أمَّ الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ سَيِّدَيْ شَبابِ أَهْلِ الجَنَّةِ ، السَّلامُ عَلَيْكِ أَيَّتُها الصِّدِّيقَةُ الشَّهِيدَةُ السَّلامُ عَلَيْكِ أَيَّتُها الرَّضِيَّةُ المَرْضِيَّةُ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيَّتُها الفاضِلَةُ الزَّكِيَّةُ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيَّتُها الحَوْراءُ الاِنْسِيَّةُ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيَّتُها التَّقِيَّةُ النَّقِيَّةُ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيَّتُها المُحَدَّثَةُ العَلِيمَةُ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيَّتُها المَظْلُومَةُ المَغْصُوبَةُ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيَّتُها المُضْطَهَدَةُ المَقْهُورَةُ السَّلامُ عَلَيْكَ يا فاطِمَةُ بِنْتَ رَسُولِ الله وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ. صَلَّى الله عَلَيْكِ وَعَلى رُوحِكِ وَبَدَنِكِ أَشْهَدُ أَنَّكِ مَضَيْتِ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكِ وَأَنَّ مَنْ سَرَّكِ فَقَدْ سَرَّ رَسُولَ الله صلىاللهعليهوآله وَمَنْ جَفاكِ فَقَدْ جَفا رَسُولَ اللهِ ، وَمَنْ آذاكِ فَقَدْ آذى رَسُولَ الله صلىاللهعليهوآله وَمَنْ وَصَلَكِ فَقَدْ وَصَلَ رَسُولَ الله صلىاللهعليهوآله (١) وَمَنْ قَطَعَكِ فَقَدْ قَطَعَ رَسُولَ الله صلىاللهعليهوآله لاَنَّكِ بِضْعَةٌ مِنْهُ وَرُوحُهُ الَّتِي بَيْنَ جَنْبَيْهِ (٢) ، أُشْهِدُ الله وَرُسُلَهُ وَمَلائِكَتَهُ أَنِّي راضٍ عَمَّنْ رَضِيتِ عَنْهُ ساخِطٌ عَلى مَنْ سَخَطْتِ عَلَيْهِ مُتَبَرِّيٌ مِمَّنْ تَبَرَّئْتِ مِنْهُ مُوالٍ لِمَنْ وَالَيْتِ مُعادٍ لِمَنْ عادَيْتِ مُبْغِضٌ لِمَنْ أَبْغَضْتِ مُحِبُّ لِمَنْ أَحْبَبْتِ وَكَفى بِالله شَهِيداً وَحَسِيباً وَجازِياً وَمُثِيباً. ثم تصلي على النبيّ والأئمة الأطهار عليهمالسلام (٣).
_________________
١ ـ قوله : «ومن أذاک» الى هنا في نسخة من المصدر.
٢ ـ بين جنبيه كما قال صلىاللهعليهوآله : نسخة.
٣ ـ مصباح المتهجّد : ٧١١.
أقول : قد ذكرنا في اليوم الثالث من شهر جمادى الآخِرة زيارة أخرى لها صَلَواتُ الله عَلَيها ص ٣٨٥.
وقد أورد العلماء لها صَلَواتُ الله عَلَيها زيارة مبسوطة تتفق في ألفاظها مع هذه الزيارة التي نقلناها عن الشيخ من أوّلها وهي :
السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ رَسُولِ اللهِ ـ إلى ـ أُشْهِدُ الله وَرُسُلَهُ وَمَلائِكَتَهُ ، وتختلف عنها هنا فتكون : أُشْهِدُ الله وَمَلائِكَتَهُ أَنِّي وَلِيُّ لِمَنْ وَالاكِ وَعَدُوُّ لِمَنْ عاداكِ وَحَرْبٌ لِمَنْ حارَبَكِ ، أَنا يا مَوْلاتِي بِكِ وَبِأَبِيكِ وَبَعْلِكِ وَالأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِكِ مُوقِنٌ وَبِوِلايَتِهِمْ مُؤْمِنٌ وَلِطاعَتِهِمْ مُلْتَزِمٌ. أَشْهَدُ أَنَّ الدِّينَ دِينُهُمْ وَالحُكْمَ حُكْمُهُمْ وَهُمْ قَدْ بَلَّغُوا عَنِ الله عَزَّوَجَلَّ وَدَعَوا إِلى سَبِيلِ الله بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ ، لاتَأْخُذُهُمْ فِي الله لَوْمَةَ لائِمٍ ، وَصَلَواتُ الله عَلَيْكِ وَعَلى أَبِيكِ وَبَعْلِكِ وَذُرِّيَّتِكِ الأَئِمَّةِ الطَّاهِرينَ. اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ وَصَلِّ عَلى البَتُولِ الطَّاهِرَةِ الصِّدِّيقَةِ المَعْصُومَةِ التَّقِيَّةِ النَّقِيَّةِ الرَّضِيَّةِ الزَّكِيَّةِ الرَّشِيدَةِ المَظْلُومَةِ المَقْهُورَةِ المَغْصُوبَةِ حَقُّها المَمْنُوعَةِ إِرْثُها المَكْسُورَةِ ضِلْعُها (١) المَظْلُومِ بَعْلُها المَقْتُولِ وَلَدُها ، فاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِكَ وَبَضْعَةِ لَحْمِهِ وَصَمِيمِ قَلْبِهِ وَفِلْذَةِ كَبِدِهِ والنُّخْبَةِ (٢) مِنْكَ لَهُ وَالتُّحْفَةِ ، خَصَصْتَ بِها وَصِيَّهُ وَحَبِيبَهِ (٣) المُصْطَفَى وَقَرِينَةِ المُرْتَضى ، وَسَيِّدَةِ النِّساءِ ومُبشِّرةِ الأوْلِياءِ حَلِيفَةِ الوَرَعِ وَالزُّهْدِ وَتُفّاحَةِ الفِرْدَوْسِ وَالخُلْدِ الَّتِي شَرَّفْتَ مَوْلِدَها بِنِساءِ الجَنَّةِ وَسَلَلْتَ مِنْها أَنْوارَ الأَئِمَّةِ وَأَرْخَيْتَ دُونَها حِجابَ النُّبُوَّةِ ، اللّهُمَّ صَلِّ صَلاةً تَزِيدُ فِي مَحَلِّها عِنْدَكَ وَشَرَفِها لَدَيْكَ وَمَنْزِلَتِها مِنْ رِضاكَ وَبَلِّغْها مِنّا تَحِيَّةً وَسَلاماً وَآتِنا مِنْ لَدُنْكَ فِي حُبِّها
_________________
١ ـ المغضوب حقّها ... الممنوع ارثها ... المكسور ضلعها ـ خ ـ.
٢ ـ والتحيّة ـ خ ـ.
٣ ـ وحبيبه : خ.
فَضْلاً وإِحْساناً وَرَحْمَةً وَغُفْرانا إِنَّكَ ذُو الَعْفِو الكَرِيمِ (١).
أقول : قال الشيخ في التهذيب إنَّ ما روى في فضل زيارتها صلوات الله عليها أكثر من أن يحصى (٢). وروى العلامة المجلسي عن كتاب (مصباح الأنوار) عن الزهراء (صَلَواتُ الله عَلَيها) قالت : قال لي أبي من صلى عليك غفر الله عزَّ وجلَّ له وألحقه بي حيثما كنت من الجنة (٣).
زيارة النبي صلىاللهعليهوآله من البعد
قال العلامة المجلسي (رض) في (زاد المعاد) في أعمال عيد الميلاد ، وهو اليوم السابع عشر من ربيع الأول : قال الشيج المفيد والشهيد والسيّد ابن طاووس رحمهمالله : إذا أردت زيارة النبي صلىاللهعليهوآله في ما عداً المدينة الطيبة من البلاد فاغتسل ومثل بين يديك شبه القبر واكتب عليه اسمه الشريف ثم قف وتوجه بقلبك إليه وقل :
أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلاّ الله وَحْدَهُ لاشَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَأَنَّهُ سَيِّدُ الآوَّلِينَ وَالآخِرينَ وَأَنَّهُ سَيِّدُ الأَنْبِياءِ وَالمُرْسَلِينَ. اللّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ وَعَلى أَهْلِ بَيْتِهِ الأَئِمَّةِ الطَيِّبِينَ. ثم قل :
السَّلامُ عَلَيْكَ يا رَسُولَ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا خَلِيلَ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا نَبِيَّ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا صَفِيَّ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا رَحْمَةَ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا خِيرَةَ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا حَبِيبَ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا نَجِيبَ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا خاتَمَ النَّبِيِّينَ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا سَيِّدَ المُرْسَلِينَ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا قائِما بِالقِسْطِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا فاتِحَ الخَيْرِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَعْدِنَ الوَحْي وَالتَّنْزِيلِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مُبَلِّغا عَنْ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها السِّراجُ المُنِيرُ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مُبَشِّرُ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا نَذِيرُ (٤) ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مُنْذِرُ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا نُورَ الله الَّذِي يُسْتَضاءُ بِهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ وَعَلى أَهْلِ
_________________
١ ـ الاقبال ٣ / ١٦٤ باب ٧ فصل ٦ مع اضافة قليلة في وسط الزيارة.
٢ ـ تهذيب الاحكام ٦ / ٩ باب ٣ في آخر ح ١٠.
٣ ـ البحار ١٠٠ / ١٩٤ ح ١٠ عن مصباح الانوار.
٤ ـ السلام عليك يا نذير : نسخة.
بَيْتِكَ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرينَ الهادِينَ المَهْدِيِّينَ ، السَّلامُ عَلَيْكَ وَعَلى جَدِّكَ عَبْدِ المُطَّلِبِ وَعَلى أَبِيكَ عَبْدِ اللهِ ، السَّلامُ عَلى اُمِّكَ آمِنَةَ بِنْتِ وَهَبٍ ، السَّلامُ عَلى عَمِّكَ حَمْزَةَ سَيِّدِ الشُّهداء ، السَّلامُ عَلى عَمِّكَ العَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ ، السَّلامُ عَلى عَمِّكَ وَكَفِيلِكَ أَبِي طالبٍ ، السَّلامُ عَلى ابْنِ عَمِّكَ جَعْفَرٍ الطَيَّارِ فِي جِنانِ الخُلْدِ. السَّلامُ عَلَيْكَ يا مُحَمَّدُ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أحْمَدُ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ الله عَلى الأوَّلِينَ وَالآخِرينَ وَالسَّابِقَ (١) إِلى طاعَةِ رَبِّ العالَمِينَ وَالمُهَيْمِنِ عَلى رُسُلِهِ وَالخاتِمَ لاَنْبِيائِهِ وَالشَّاهِدَ عَلى خَلْقِهِ وَالشَّفِيعَ إِلَيْهِ وَالمَكِينَ لَدَيْهِ وَالمُطاعَ فِي مَلَكُوتِهِ الاَحْمَدَ مِنَ الاَوْصافِ المُحَمَّدَ لِسائِرِ الاَشْرافِ الكَرِيمَ عِنْدَ الرَّبِّ وَالمُكَلَّمَ مِنْ وَراءِ الحُجُبِ الفائِزَ بِالسِّباقِ وَالفائِتَ عَنِ اللحاقِ ؛ تَسْلِيمَ عارِفٍ بِحَقِّكَ مُعْتَرِفٍ بِالتَّقْصِيرِ فِي قِيامِهِ بِواجِبِكَ غَيْرِ مُنْكِرٍ ما انْتَهى إِلَيْهِ مِنْ فَضْلِكَ مُوقِنٍ بِالمَزِيداتِ مِنْ رَبِّكَ مُؤْمِنٍ بِالكِتابِ المُنَزَّلِ عَلَيْكَ مُحَلِّلٍ حَلالَكَ مُحَرِّمٍ حَرامَكَ. أَشْهَدُ يا رَسُولَ الله مَعَ كُلِّ شاهِدٍ وَأَتَحَمَّلُها عَنْ كُلِّ جاحِدٍ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ رِسالاتِ رَبِّكَ وَنَصَحْتَ لاِ مَّتِكَ وَجاهَدْتَ فِي سَبِيلِ رَبِّكَ وَصَدَعْتَ بِأَمْرِهِ وَاحْتَمَلْتَ الاَذى فِي جَنْبِهِ وَدَعَوْتَ إِلى سَبِيلِهِ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَأَدَّيْتَ الحَقَّ الَّذِي كانَ عَلَيْكَ ، وَأَنَّكَ قَدْ رَؤُفْتَ بِالمُؤْمِنِيينَ وَغَلُظْتَ عَلى الكافِرِينَ وَعَبَدْتَ الله مُخْلِصاً حَتّى أَتاكَ اليَّقِينُ ، فَبَلَغَ الله بِكَ أَشْرَفَ مَحَلِّ المُكْرَمِينَ وَأَعْلى مَنازِلَ المُقَرَّبِينَ وَأَرْفَعَ دَرَجاتِ المُرْسَلِينَ حَيْثُ لايَلْحَقُكَ لاحِقٌ وَلايَفُوقُكَ فائِقٌ وَلايَسْبِقُكَ سابِقٌ وَلايَطْمَعُ فِي ادْراكِكَ طامِعٌ. الحَمْدُ للهِ الَّذِي اسْتَنْقَذَنا بِكَ مِنَ الهَلَكَةِ وَهَدانا بِكَ مِنَ الضَّلالَةِ وَنَوَّرّنا بِكَ مِنَ الظُّلْمَةِ ، فَجَزاكَ الله يا رَسُولَ الله مِنْ مَبْعُوثٍ أَفْضَلَ ما جازى (٢) نَبِيّا عَنْ اُمَّتِهِ وَرَسُولاً عَمَّنْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ ، بِأَبِي
_________________
١ ـ السابق : خ.
٢ ـ أفضل ما جزى ـ خ ـ.
أَنْتَ وَاُمِّي يا رَسُولَ الله زُرْتُكَ عارِفاً بِحَقِّكَ مُقِراً بِفَضْلِكَ مُسْتَبْصِراً بِضَلالَةِ مَنْ خالَفَكَ وَخالَفَ أَهْلَ بَيْتِكَ عارِفاً بِالهُدى الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ ، بِأَبِي أَنْتَ وَاُمِّي وَنَفْسِي وَأَهْلِي ومالِي وَوَلَدِي أَنا أُصَلِّي عَلَيْكَ كَما صَلّى الله عَلَيْكَ وَصَلّى عَلَيْكَ مَلائِكَتُهُ وأَنْبِياؤُهُ وَرُسُلُهُ صَلاةً مُتَتابِعَةً وَافِرَةً مُتَواصِلَةً لا انْقِطاعَ لَها وَلا أَمَدَ وَلا أَجَلَ ، صَلّى الله عَلَيْكَ وَعَلى أَهْلِ بَيْتِكَ الطَيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ كَما أَنْتُمْ أَهْلَهُ. ثم ابسط كفّيك وَقل :
اللّهُمَّ اجْعَلْ جَوامِعَ صَلَواتِكَ وَنَوامِي بَرَكاتِكَ وَفَواضِلَ خَيْراتِكَ وَشَرائِفَ تَحِيَّاتِكَ وَتَسْلِيماتِكَ وَكَراماتِكَ وَرَحَماتِكَ وَصَلَواتِ مَلائِكَتِكَ المُقَرَّبِينَ وَأَنْبِيائِكَ المُرْسَلِينَ وأَئِمَّتِكَ المُنْتَجَبِينَ وَعِبادِك الصَّالِحِينَ وَأَهْلِ السَّماواتِ وَالأَرَضِينَ وَمَنْ سَبَّحَ لَكَ يا رَبَّ العالَمِينَ مِنَ الأوَّلِينَ وَالآخِرِينَ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَشاهِدِكَ وَنَبِيِّكَ وَنَذِيرِكَ وَأَمِينِكَ وَمَكِينِكَ وَنَجِيِّكَ وَحَبِيبِكَ وَخَلِيلِكَ وَصَفِيِّكَ وَصَفْوَتِكَ وَخاصَّتِكَ وَرَحْمَتِكَ وَخَيْرِ خِيرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ وَخازِنِ المَغْفِرَةِ وَقائِدِ الخَيْرِ وَالبَرَكَةِ وَمُنْقِذِ العِبادِ مِنَ الهَلَكَةِ بِإِذْنِكَ وَداعِيهُمْ إِلى دِينِكَ القَيِّمِ بِأَمْرِكَ ، أَوَّلِ النَبِيِّينَ مِيثاقاً وَآخِرِهِمْ مَبْعَثاً الَّذِي غَمَسْتَهُ فِي بَحْرِ الفَضِيلَةِ وَالمَنْزِلَةِ الجَلِيلَةِ وَالدَّرَجَةِ الرَّفِيعَةِ وَالمَرْتَبَةِ الخَطِيرَةِ وَأَوْدَعْتَهُ الاَصْلابَ الطَّاهِرَةَ وَنَقَلْتَهُ مِنها إِلى الأَرحامِ المُطَهَّرَةِ لُطْفاً لَهُ وَتَحَنُّنا مِنْكَ عَلَيْهِ ، إِذْ وَكَّلْتَ لِصَوْنِهِ وَحِراسَتِهِ وَحِفْظِهِ وَحِياطَتِهِ مِنْ قُدْرَتِكَ عَيْنا عاصِمَةً حَجَبْتَ بِها عَنْهُ مَدانِسَ العُهْرِ وَمَعائِبَ السِّفاحِ حَتّى رَفَعْتَ بِهِ نَواظِرَ العِبادِ وَأَحْيَيْتَ بِهِ مَيْتَ البِلادِ بِأَنْ كَشَفْتَ عَنْ نُورِ وِلادَتِهِ ظُلَمَ الأسْتارِ وَأَلْبَسْتَ حَرَمَكَ بِهِ حُلَلَ الأنْوارِ. اللّهُمَّ فَكَما خَصَصْتَهُ بِشَرَفِ هذِهِ المَرْتَبَةِ الكَرِيمَةِ وَذُخْرِ هذِهِ المَنْقَبَةِ العَظِيمَةِ صَلِّ عَلَيْهِ كَما وَفى بِعَهْدِكَ وَبَلَّغَ رِسالاتِكَ وَقاتَلَ أَهْلَ الجُحُودِ عَلى تَوْحِيدِكَ وَقَطَعَ رَحِمَ الكُفْرِ فِي إِعْزازِ دِينِكَ وَلَبِسَ ثَوْبَ البَلْوى فِي
مُجاهَدَةِ أَعْدائِكَ ، وَأَوْجَبْتَ لَهُ بِكُلِّ أَذىً مَسَّهُ أَوْ كَيْدٍ أَحَسَّ بِهِ مِنْ الفِئَةِ الَّتِي حاوَلَتْ قَتْلَهُ فَضِيلَةً تَفُوقُ الفَضائِلَ وَيَمْلِكُ بِها الجَزِيلَ مِنْ نَوالِكَ ، وَقَدْ (١) أَسَرَّ الحَسْرَةَ وَأَخْفى الزَّفْرَةَ وَتَجَرَّعَ الغُصَّةَ وَلَمْ يَتَخَطَّ ما مَثَّلَ لَهُ وَحْيُكَ (٢) ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ وَعَلى أَهْلِ بَيْتِهِ صَلاةً تَرْضاها لَهُمْ وَبَلِّغْهُمْ مِنّا تَحِيَّةً كَثِيرَةً وَسَلاما وَآتِنا مِنْ لَدُنْكَ فِي موالاتِهِمْ (٣) فَضْلاً وَإِحْسانا وَرَحْمَةً وَغُفْرانا إِنَّكَ ذُو الفَضْلِ العَظِيمِ. ثم صلّ أربع ركعات صلاة الزيارة بسلامين واقرأ فيها ما شئت من السور ، فإذا فرغت فسبح تسبيح الزهراء عليهاالسلام وقل :
اللّهُمَّ إِنَّكَ قُلْتَ لِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صلىاللهعليهوآله : (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُوكَ فاسْتَغْفَرُوا الله وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ الرَّسُولُ لَوَجَدوا الله تَوَّاباً رَحِيماً) (٤) ، وَلَمْ أَحْضُرْ زَمانَ رَسُولِكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ السَّلامُ ؛ اللّهُمَّ وَقَدْ زُرْتُهُ راغِباً تائِباً مِنْ سَيِِّ عَمَلِي وَمُسْتَغْفِراً لَكَ مِنْ ذُنُوبِي وَمُقِرّا لَكَ بِها وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِها مِنِّي وَمُتَوَجِّها إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، فَاجْعَلْنِي اللّهُمَّ بِمُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ عِنْدَكَ وَجِيها فِي الدُّنْيا وَالآخِرةِ وَمِنْ المُقَرَّبِينَ. يا مُحَمَّدُ يا رَسُولَ الله بِأَبِي أَنْتَ وَاُمِّي يا نَبِيَّ الله يا سَيِّدَ خَلْقِ الله إِنِّي أَتَوَجَّهُ بِكَ إِلى الله رَبِّكَ وَرَبِّي لِيَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي وَيَتَقَبَّلَ مِنِّي عَمَلِي وَيَقْضِي لِي حَوائِجي ، فَكُنْ لِي شَفِيعاً عِنْدَ رَبِّكَ وَرَبِّي فَنِعْمَ المَسْؤُولُ المَوْلى رَبِّي وَنِعْمَ الشَّفِيعُ أَنْتَ يا مُحَمَّدُ عَلَيْكَ وَعَلى أَهْلِ بَيْتِكَ السَّلامُ ، اللّهُمَّ وَأَوْجِبْ (٥) لِي مِنْكَ المَغْفِرَة وَالرَّحْمَةَ وَالرِّزْقَ الواسِعَ الطَيِّبَ النافِعَ كَما أَوْجَبْتَ لِمَنْ أَتى نَبِيَّكَ مُحَمَّداً صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَهُوَ حَيُّ فَأَقَرَّ لَهُ بِذُنُوبِهِ وَاسْتَغْفَرَ لَهُ رَسُولُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ السَّلامُ فَغَفَرْتَ لَهُ بِرَحْمَتِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، اللّهُمَّ وَقَدْ أَمَّلْتُكَ وَرَجَوْتُكَ وَقُمْتُ بَيْنَ يَدَيْكَ
_________________
١ ـ فلقد ـ خ ـ.
٢ ـ ما مثّل من وحيك ـ خ ـ.
٣ ـ من موالاتهم ـ خ ـ.
٤ ـ النساء : ٤ / ٦٤.
٥ ـ أوجب : خ.
وَرَغِبْتُ إِلَيْكَ عَمَّنْ سِواكَ وَقَدْ آمَّلْتُ جَزِيلَ ثَوابِكَ وَإِنِّي لَمُقِرُّ (١) غَيْرُ مُنْكِرٍ وَتائِبٌ إِلَيْكَ مِمَّا اقْتَرَفَتُ وَعائِذٌ بِكَ فِي هذا المَقامِ مِمَّا قَدَّمْتَ مِنَ الاَعْمالِ الَّتِي تَقَدَّمْتَ إلى فِيها وَنَهَيْتَنِي عَنْها وَأَوْعَدْتَ عَلَيْها العِقابَ ، وَأَعُوذُ بِكَرَمِ وَجهِكَ أَنْ تُقِيمَنِي مَقامَ الخِزْيِ وَالذُّلِّ يَوْمَ تُهْتَكُ فِيهِ الأسْتارُ وَتَبْدُو فِيهِ الأسْرارُ وَالفَضائِحُ وَتَرْعَدُ فِيه الفَرائِصُ يَوْمَ الحَسْرَةِ وَالنَّدامَةِ يَوْمَ الافِكَةِ يَوْمَ الازِفَةِ يَوْمَ التَّغابُنِ يَوْمَ الفَصْلِ يَوْمَ الجَزاءِ يَوْما كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ، يَوْمَ النَّفْخَةِ يَوْمَ تَرجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُها الرَّادِفَةُ يَوْمَ النَّشْرِ يَوْمَ العَرْضِ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ العالَمِينَ يَوْمَ يَفِرُّ المَرُْ مِنْ أَخِيهِ وَأَمِّهِ وَأَبِيهِ وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ يَوْمَ تَشَقَّقُ الأَرضُ وَأَكْنافُ السَّماء يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها يَوْمَ يُرَدُّونَ إِلى الله فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ لايُغْنِي مَوْلىً عَنْ مَوْلىً شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ إِلاّ مَنْ رَحِمَ الله إِنَّهُ هُوَ العَزِيزُ الرَّحِيمِ يَوْمَ يُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الغَيْبِ وَالشَّهادَةِ يَوْمَ يُرَدُّونَ إِلى الله مَوْلاهُمْ الحَقِّ يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الاَجْداثِ سِراعاً كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ وَكَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ مُهْطِعِينَ إِلى الدَّاعيإِلى الله يَوْمَ الواقِعَةِ يَوْمَ تُرَجُّ الأَرضُ رَجّا يَوْمَ تَكُونُ السَّماء كَالمُهْلِ وَتَكُونُ الجِبالُ كَالعَهْنِ وَلايَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً يَوْمَ الشَّاهِدِ وَالمَشْهُودِ يَوْمَ تَكُونُ المَلائِكَةُ صَفّاً صَفّاً. اللّهُمَّ ارْحَمْ مَوْقِفِي فِي ذلِكَ اليَوْمِ بِمَوْقِفِي فِي هذا اليَوْمِ وَلاتُحْزِنِّي فِي ذلِكَ المَوْقِفِ (٢) بِما جَنَيْتُ عَلى نَفْسِي ، وَاجْعَلْ يا رَبِّ فِي ذلِكَ اليَوْمِ مَعَ أوْلِيائِكَ مُنْطَلَقِي وَفِي زُمْرَةِ مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ عليهمالسلام مَحْشَرِي ، وَاجْعَلْ حَوْضَهُ مَوْرِدِي وَفِي الغُرِّ الكِرامِ مَصْدَرِي وَأَعْطِنِي كِتابِي فِي يَمِينِي حَتّى أَفُوزَ بِحَسناتِي وَتُبَيِّضَ بِهِ وَجْهِي وَتُيَسِّرَ بِهِ حِسابِي وَتُرَجِّحَ بِهِ مِيزانِي وَأَمْضِي مَعَ الفائِزِينَ مِنْ عِبادِكَ الصَّالِحِينَ إِلى رِضْوانِكَ وَجِنانِكَ إِلهَ العالَمِينَ ، اللَّهُمَّ
_________________
١ ـ مقرّ ـ خ ـ.
٢ ـ اليوم ـ خ ـ.
إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ تَفْضَحَنِي فِي ذلِكَ اليَوْمِ بَيْنَ يَدَي الخَلائِقِ بِجَرِيرَتِي أوْ أَنْ أَلْقى الخِزْيَ وَالنَّدامَةَ بِخَطِيئَتِي أوْ أَنْ تُظْهِرَ فِيهِ سَيِّئاتِي عَلى حَسناتِي أَوْ أَنْ تُنَوِّهَ بَيْنَ الخَلائِقِ بِاسْمِي ، يا كَرِيمُ يا كَرِيمُ العَفْوَ العَفْوَ السَّتْرَ السَّتْرَ ، اللّهُمَّ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي ذلِكَ اليَوْمِ فِي مواقِفِ الاَشْرارِ مَوْقِفِي أوْ فِي مَقامِ الاَشْقِياءِ مَقامِي ، وَإِذا مَيَّزْتَ بَيْنَ خَلْقِكَ فَسُقْتَ كُلاّ بِأَعْمالِهِمْ زُمَراً إِلى مَنازِلِهِمْ فَسُقْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ وَفِي زُمْرَةِ أَوْلِيائِكَ المُتَّقِينَ إِلى جَنَّاتِكَ يا رَبَّ العالَمِينَ. ثم ودعه وقل :
السَّلامُ عَلَيْكَ يا رَسُولَ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها البَشِيرُ النَّذِيرُ ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها السِّراجُ المُنِيرُ ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها السَّفِيرُ بَيْنَ الله وَبَيْنَ خَلْقِهِ ، أَشْهَدُ يا رَسُولَ الله أَنَّكَ كُنْتَ نُوراً فِي الاَصْلابِ الشَّامِخَةِ وَالأَرحامِ المُطَهَّرَةِ لَمْ تُنَجِّسْكَ الجاهِلِيَّةُ بِأَنْجاسِها وَلَمْ تُلْبِسْكَ مِنْ مُدْلَهِماتِ ثِيابِها ، وَأَشْهَدُ يا رَسُولَ الله أَنِّي مُؤْمِنٌ بِكَ وَبِالأَئِمَّةِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ مُوقِنٌ بِجَمِيعِ ماأَتَيْتَ بِهِ راضٍ مُؤْمِنٌ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ الأَئِمَّةِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ أَعْلامُ الهُدى وَالعُرْوَةُ الوُثْقى وَالحُجَّةُ عَلى أَهْلِ الدُّنْيا ، اللّهُمَّ لاتَجْعَلْهُ آخِرَ العَهْدِ مِنْ زِيارَةِ نَبِيِّكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ السَّلامُ ، وَإِنْ تَوَفَيْتَنِي فَإِنِّي أَشْهَدُ فِي مَماتِي عَلى ماأَشْهَدُ عَلَيْهِ فِي حَياتِي أَنَّكَ أَنْتَ الله لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ وَحْدَكَ لاشَرِيكَ لَكَ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ وَأَنَّ الأَئِمَّةِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ أَوْلِياؤُكَ وَأَنْصارُكَ وَحُجَجُكَ عَلى خَلْقِكَ وَخُلَفاؤكَ فِي عِبادِكَ وَأَعْلامُكَ فِي بِلادِكَ وَخُزَّانُ عِلْمِكَ وَحَفَظَةُ سِرِّكَ وَتَراجِمَةُ وَحْيِكَ ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَبَلِّغْ رُوحَ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ فِي ساعَتِي هذِهِ وَفِي كُلِّ ساعَةٍ تَحِيَّةً وَسَلاماً ، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ يا رَسُولَ الله وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ لا جَعَلَهُ الله آخِرَ تَسْلِيمِي عَلَيْكَ (١).
_________________
١ ـ زاد المعاد : ٤١٣ ـ ٤٢٤ ، الاقبال ٣ / ١٢٣ باب ٤ فصل ١٢ ، المزار للشهيد الاوّل : ٤٩ ، فصل ١.
قال الشيخ في (المصباح) والسيد في (جمال الأسبوع) في ضمن أعمال يوم الجمعة : إعلم أنّه يستحب في يوم الجمعة زيارة النبي صلىاللهعليهوآله والأئمة عليهمالسلام. وروي عن الصادق عليهالسلام أن من أراد أن يزور قبر رسول الله وقبر أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين وقبور الحجج عليهمالسلام وهو في بلدة فليغتسل في يوم الجمعة وليلبس ثوبين نظيفين وليخرج إلى الفلاة من الأَرض. وعلى رواية أخرى : وليصعد سطحا ثم يصلّي أربع ركعات يقرأ فيهن ماتيسّر من السّور. فإذا تشهد وسلم فليقم مستقبل القبلة وليقل :
السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها النَبِيُّ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها النَبِيُّ المُرْسَلُ وَالوَصِيُّ المُرْتَضَى وَالسَّيِّدَةُ الكُبْرى وَالسَّيِّدَةُ الزَّهْراءُ وَالسِبْطانِ المُنْتَجَبانِ وَالأوْلادُ الأعْلامُ وَالاُمَناءُ المُنْتَجَبُونَ (١) جِئْتُ انْقِطاعاً إِلَيْكُمْ وَإِلى آبائِكُمْ وَولدِكُمْ الخَلَفِ عَلى بَرَكَةِ الحَقِّ ، فَقلْبِي لَكُمْ مُسْلِمٌ وَنُصْرَتِي لَكُمْ مُعَدَّةٌ حَتّى يَحْكُمَ الله بِدِينِهِ فَمَعَكُمْ مَعَكُمْ لا مَعَ عَدُوِّكُمْ ، إِنِّي لَمِنَ القائِلِينَ بِفَضْلِكُمْ مُقِرُّ بِرَجْعَتِكُمْ لا أُنْكِرُ للهِ قُدْرَةً وَلا أَزْعَمُ إِلاّ ماشاءَ اللهِ ، سُبْحانَ الله ذِي المُلْكِ وَالمَلَكُوتِ يُسَبِّحُ الله بِأَسْمائِهِ جَمِيعُ خَلْقِهِ وَالسَّلامُ عَلى أَرْواحِكُمْ وَأَجْسادِكُمْ ، وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةَ الله وَبَرَكاتُهُ (٢).
أقول : في روايات عديدة أن النبي صلىاللهعليهوآله يبلغه سلام المُسَلِّمِينَ عليه وصلوات المصلين عليه حيثما كانوا (٣). وفي الحديث أن ملكا من الملائكة قد وكّل على أن يرد على من قال من المؤمنين : صَلّى الله عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ، فيقول في جوابه : وعليك. ثم يقول الملك : يا رسول الله إن فلانا يقرأك السلام. فيقول رسول الله صلىاللهعليهوآله : وعليه السلام (٤). وفي رواية معتبرة أن النبي صلىاللهعليهوآله قال : من زار قبري بعد وفاتي كان كمن هاجر إلى في حياتي فإن لم تستطيعوا أن تزوروا قبري فابعثوا إلى السلام فإنَّه يبلغني (٥). وقد وردت لهذا المعنى أخبار جمّة ونحن قد أثبتنا له صلوات الله عليه زيارتين
_________________
١ ـ المستخزنون ـ خ ـ.
٢ ـ مصباح المتهجّد : ٢٨٨ ، جمال الاسبوع : ٢٣١ ، فصل ٢٦.
٣ ـ تهذيب الاحكام ٦ / ٧ باب ٣ ح ٤.
٤ ـ أمالي الطوسي : المجلس ٣٧ ، ح ١٦ مع اضافات.
٥ ـ تهذيب الاحكام ٦ / ٣ باب ٢ ح ١.
اثنتين في يوم الاثنين عند ذكر زيارات الحجج الطاهرة في أيام الأسبوع فراجعها إن شئت وفز بفضل الزيارة بهما (١) وينبغي أن يصلى عليه بما صلّى به أمير المؤمنين عليهالسلام في بعض خطبه في يوم الجمعة كما في كتاب الروضة من الكافي :
إِنَّ الله وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلى النَبِيِّ يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا صَلّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَتَحَنَّنْ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَسَلِّمْ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ كَأَفْضَلِ ما صَلَّيْتَ وَبارَكْتَ وَتَرَحَّمْتَ وَتَحَنَّنْتَ وَسَلَّمْتَ عَلى إِبْراهِيمَ وَآلِ إِبْراهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ، اللّهُمَّ اعْطِ مُحَمَّداً الوَّسِيلَةَ وَالشَّرَفَ وَالفَضِيلَةَ وَالمَنْزِلَةَ الكَرِيمَةَ ، اللّهُمَّ اجْعَلْ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ أَعْظَمَ الخَلائِقِ كُلِّهِمْ شَرَفاً يَوْمَ القِيامَةِ وَاقْرَبَهُمْ مِنْكَ مَقْعَداً وَأَوْجَهَهَمْ عِنْدَكَ يَوْمَ القِيامَةِ جاهاً وَأَفْضَلَهُمْ عِنْدَكَ مَنْزِلَةً وَنَصِيباً ، اللّهُمَّ أَعْطِ مُحَمَّداً أَشْرَفَ المَقامِ وَحِباءَ السَّلامُ وَشَفاعَةَ الإسلامِ ، اللّهُمَّ وَأَلْحِقْنا بِهِ غَيْرَ خَزايا وَلا ناكِثِينَ وَلا نادِمِينَ وَلا مُبَدِّلِينَ إِلهَ الحَقِّ آمِّينَ (٢).
وستأتي في آخر باب الزيارات صلاة يصلى بها عليه وعلى آله عليهمالسلام.
زيارة أئمة البقيع
أي الإمام الحسن المجتبى والإمام زين العابدين والإمام محمد الباقر والإمام جعفر الصادق عليهمالسلام. إذا أردت زيارتهم فاعمل بما سبق من أداب الزيارة من الغسل والكون على الطهارة ولبس الثياب الطاهرة النظيفة والتطيب والاستئذان للدخول ونحو ذلك وقل أيضاً :
يا مَوالِيَّ يا أَبْناءَ رَسُولِ اللهِ ، عَبْدُكُمْ وَابْنُ أَمَتِكُمْ الذَّلِيلُ بَيْنَ أَيْدِيَكُمْ وَالمُضْعِفُ (٣) فِي عُلُوِّ قَدْرِكُمْ وَالمُعْتَرِفُ بِحَقِّكُمْ جأَكُمْ مُسْتَجِيراً بِكُمْ قاصِداً إِلى حَرَمِكُمْ مُتَقَرِّباً إِلى مَقامِكُمْ مُتَوَسِّلاً إِلى الله تَعالى بِكُمْ ، أَأَدْخُلُ يا مَوالِيَّ أَأَدْخُلُ يا أوْلِياَء الله أَأَدْخُلُ يا
_________________
١ ـ وسيأتي عند ذكر الاستئذان لدخول الرواق الطاهر لمرقد الامير عليهالسلام ، زيارة وجيزة للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، منه.
٢ ـ الروضة من الكافي : ١٧٥ ، ذيل خطبته عليهالسلام برقم ١٩٤.
٣ ـ والمضعف ـ خ ـ.
مَلائِكَةَ الله المُحْدِقِينَ بِهذا الحَرَمِ المُقِيمِينَ بِهذا المَشْهَدِ. وادخل بعد الخشوع والخضوع ورقة القلب وقدِّم رجلك اليُمنى وقل : الله أَكْبَرُ كَبِيراً وَالحَمْدُ للهِ كَثِيراً وَسُبْحانَ الله بُكْرَةً وَأَصِيلاً وَالحَمْدُ للهِ الفَرْدِ الصَّمَدِ الماجِدِ الاَحَدِ المُتَفَضِّلِ المَنَّانِ المُتَطَوِّلِ الحَنَّانِ الَّذِي مَنَّ بِطَوْلِهِ وَسَهَّلَ زِيارَةَ ساداتِي بِإِحْسانِهِ وَلَمْ يَجْعَلْنِي عَنْ زِيارَتِهِمْ مَمْنُوعاً بَلْ تَطَوَّلَ وَمَنَحَ (١). ثم اقترب من قبورهم المقدَّسة واستقبلها واستدبر القبلة وقل : السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَئِمَّةَ الهُدى ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ (٢) التَّقْوى ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَيُّها الحُجَجُ عَلى أَهْلِ الدُّنْيا ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَيُّها القُوَّامُ فِي البَرِيَّةِ بِالقِسْطِ ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الصَّفْوَةِ ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ آلَ رَسُولِ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ النَّجْوى ، أَشْهَدُ أَنَّكُمْ قَدْ بَلَّغْتُمْ وَنَصَحْتُمْ وَصَبَرْتُمْ فِي ذاتِ الله وَكُذِّبْتُمْ وَأُسِيَ إِلَيْكُمْ فَغَفَرْتُمْ ، وَأَشْهَدُ أَنَّكُمْ الأَئِمَّةِ الرَّاشِدُونَ المُهْتَدُونَ وَأَنَّ طاعَتَكُمْ مَفْرُوضَةٌ وَأَنَّ قَوْلَكُمْ الصِّدْقُ وَأَنَّكُمْ دَعَوْتُمْ فَلَمْ تُجابُوا وَأَمَرْتُمْ فَلَمْ تُطاعُوا ، وَأَنَّكُمْ دَعائِمُ الدِّينِ وَأَرْكانُ الأَرضِ لَمْ تَزالُوا بِعَيْنِ الله يَنْسَخُكُمْ مِنْ أَصْلابِ كُلِّ مُطَهّر وَيَنْقُلُكُمْ مِنْ أَرْحامِ المُطَهَّراتِ ، لَمْ تُدَنِّسْكُمْ الجاهِلِيَّةُ الجَهْلاُ وَلَمْ تُشْرِكْ فِيكُمْ فِتَنُ الاَهْواءِ. طِبْتُمْ وَطابَ مَنْبَتُكُمْ مَنَّ بِكُمْ عَلَيْنا دَيّانُ الدِّينِ فَجَعَلَكُمْ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ الله أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيها اسْمُهُ. وَجَعَلَ صَلاتَنا عَلَيْكُمْ رَحْمَةً لَنا وَكُفَّارَةً لِذُنُوبِنا إِذْ اخْتارَكُمْ الله لَنا وَطَيَّبَ خَلْقَنا بِما مَنَّ عَلَيْنا مِنْ وِلايَتِكُمْ وَكُنَّا عِنْدَهُ مُسَمِّينَ بِعِلْمِكُمْ مُعْتَرِفِينَ بِتَصْديقِنا إِيَّاكُمْ وَهذا مَقامُ مَنْ أَسْرَفَ وَأَخْطَأَ وَاسْتَكانَ (٣) وَأَقَرَّ بِما جَنى وَرَجا بِمَقامِهِ الخَلاصَ وَأَنْ يَسْتَنْقِذَهُ بِكُمْ مُسْتَنْقِذُ الهَلْكى مِنَ الرَّدى ، فَكُونُوا لِي شُفَعاء فَقَدْ وَفَدْتُ إِلَيْكُمْ إِذْ رَغِبَ عَنْكُمْ أَهْلُ الدُّنْيا وَاتَّخَذُوا آياتِ الله هُزُوا وَاسْتَكْبَرُوا
_________________
١ ـ المزار الكبير للمشهدي : ٨٨.
٢ ـ في كامل الزيارات : «أهل البر والتقو».
٣ ـ استكان : أي تضرّع.
عَنْها ، (ثم ارفع هنا رأسك إلى السماء وقل :) يا مَنْ هُوَ قائِمٌ لايَسْهُو وَدائِمٌ لايَلْهُو وَمُحِيطٌ بِكُلِّ شَيٍْ لَكَ المَنُّ بِما وَفَّقْتَنِي وَعَرَّفْنَيِ بِما أَقَمْتَنِي عَلَيْهِ إِذْ صَدَّ عَنْهُ عِبادُكَ وَجَهِلُوا مَعْرِفَتَهُ وَاسْتَخَفُوا بِحَقِّهِ وَمالُوا إِلى سِواهُ ، فَكانَتْ المِنَّةُ مِنْكَ عَلَيَّ مَعَ أَقْوامٍ خَصَصْتَهُمْ بِما خَصَصْتَنِي بِهِ فَلَكَ الحَمْدُ إِذْ كُنْتُ عِنْدَكَ فِي مَقامِي هذا مَذْكُوراً مَكْتُوباً فَلا تَحْرِمْنِي ما رَجَوْتُ وَلاتُخَيِّبْنِي فِيما دَعَوْتُ بِحُرْمَةِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ وَصَلّى الله عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ. ثم ادع لنفسك بما تريد (١).
وقال الطوسي (رض) في (التهذيب) ثم صل صلاة الزيارة ثماني ركعات أي صلِّ لكل إمام ركعتين. وقال الشيخ الطوسي والسيد ابن طاووس : إذا أردت أن تودعهم عليهمالسلام فقل : السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَئِمَّةَ الهُدى وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ ، أَسْتَوْدِعُكُمْ الله وَأَقْرَأُ عَلَيْكُمْ السَّلامَ ، آمَنَّا بِالله وَبِالرَّسُولِ وَبِما جِئْتُمْ بِهِ وَدَلَلْتُمْ عَلَيْهِ اللّهُمَّ فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ.
ثم أكثر من الدعاء وسل الله العود وأن لا تكون هذه آخر عهدك من زيارتهم (٢).
والعلامة المجلسي (رض) قد أورد في (البحار) زيارة مبسوطة لهم عليهمالسلام (٣) ، ونحن هنا قد اقتصرنا على ما مضى من زيارتهم فإنَّ أفضل الزيارات لهم عليهمالسلام هي الزيارة الجامعة الآتية على ما صرح به المجلسي (٤) وغيره.
وفي الباب الأول من الكتاب عند ذكر زيارات الحجج الطاهرة موزعة على أيام الأسبوع قد أثبتنا زيارة للحسن عليهالسلام ، وزيارة أخرى للأئمة الثلاثة الآخِرين بالبقيع فلا تغفل عنها ص ١٠٩.
وإعلم أنا نورد لكل من الحجج الطّاهرين عند ذكر زيارته كيفية الصلاة عليه سوى أئمة البقيع حيث اقتصرنا فيالصلاة عليهم بما سيذكر في آخر باب الزيارات فلاحظها هناك وثقل ميزان حسناتك بالصلاة عليهم.
وإعلم أيضاً أن شدة شوقي أنا المهجور الكسير إلى تلك المشاهد الشريفة تبعثني على أن أشغل خاطري بإيراد عدة أبيات تناسب المقام من القصيدة الهائية للفاضل الأوحد مادح آل أحمد حضرة الشيخ الآزري (رضوان الله عليه) وكان شيخ الفقهاء العظام خاتم المجتهدين الفخام الشيخ
_________________
١ ـ كامل الزيارات لابن قولويه : ١١٨ ، باب ١٥.
٢ ـ تهذيب الاحكام ٦ / ٨٠ باب ٢٧ و ٢٨ ، مصباح الزائر لابن طاووس : ٣٧٦ ، فصل ١١.
٣ ـ البحار ١٠٠ / ٢٠٧ عن نسخة قديمة من مؤلفات أصحابنا.
٤ ـ زاد المعاد : ٤٧٦.
محمد حسن صاحب الجواهر يتمنى على ما يروى عنه أن تكتب له القصيدة في ديوان أعماله ويسجل كتاب الجواهر في ديوان أعمال الآزري قال (رض) :
إِنَّ تِلْكَ القُلُوب أَقْلَقَها الوَجْدُ |
|
وَأَدْمى تَلْكَ العُيُونَ بُكاها |
كانَ أَنْكى الخُطُوبِ لَمْ يُبْكِ مِنِّي |
|
مُقْلَةً لكِنَّ الهَوى أَبْكاها |
كُلَّ يَوْمٍ لِلْحادِثاتِ عَوادٍ |
|
لَيْسَ يَقْوى رَضْوى عَلى مُلْتَقاها |
كَيْفَ يُرْجى الخَلاصُ مِنْهُنَّ إِلاّ |
|
بِذِمامٍ مِنْ سَيِّدِ الرُّسْلِ طه |
مَعْقِلُ الخائِفِينَ مِنْ كُلِّ خَوْفٍ |
|
أَوْفَرُ العُرْبِ ذِمَّةً أَوْفاها |
مَصْدَرُ العِلْمِ لَيْسَ إِلاّ لَدَيْهِ |
|
خَبَرُ الكائِناتِ مِنْ مُبْتَداها |
فاضَ لِلْخَلْقِ مِنْهُ عِلْمٌ وَحِلْمٌ |
|
أَخَذَتْ مِنْهُما العُقُولُ نُهاها |
نَوَّهَتْ بِاسْمِهِ السَّماواتُ وَالأرْضُ |
|
كَما نَوَّهَتْ بِصُبْحٍ ذُكاها |
وَغَدَتْ تَنْشُرُ الفَضائِلَ عَنْهُ |
|
كُلُّ قَوْمٍ عَلى اخْتِلافِ لُغاها |
طَرِبَتْ لاسْمِهِ الثَّرى فَاسْتَطالَتْ |
|
فَوْقَ عُلْوِيَّةِ السَّماء سُفْلاها |
جازَ مِنْ جَوْهَرِ التَّقْدُّسِ ذاتاً |
|
تاهَتِ الأَنْبِياءِ فِي مَعْناها |
لاتُجِلْ فِي صِفاتِ أَحْمَدَ فِكْراً |
|
فَهِي الصُّورَةُ الَّتِي لَنْ تَراها |
أَيُّ خَلْقٍ للهِ أَعْظَمُ مِنْهُ |
|
وَهُوَ الغايَةُ الَّتِي اسْتَقْصاها |
قَلَّبَ الخافِقِيْنِ ظَهْراً لِبَطْنٍ |
|
فَرَأى ذاتَ أَحْمَدَ فَاجْتَباها |
لَسْتُ أَنْسى لَهُ مَنازِلَ قُدْسٍ |
|
قَدْ بَناها التُّقى فَأَعْلى بِناها |
وَرِجالاً أَعِزَّةً فِي بُيُوتٍ |
|
أَذِنَ الله أَنْ يُعَزَّ حِماها |
سادَةٌ لاتُريدُ إِلاّ رِضىَ اللهِ |
|
كَما لايُريدُ إِلاّ رِضاها |
خَصَّها مِنْ كَمالِهِ بِالمعانِي |
|
وَبِأَعْلى أَسْمائِهِ سَمَّاها |
لَمْ يَكُونُوا لِلْعَرْشِ إِلاّ كُنُوزاً |
|
خافِياتٍ سُبْحانَ مَنْ أَبْداها |
كَمْ لَهُمْ أَلْسُنٌ عَنْ الله تُنْبِي |
|
هِيَ أَقْلامُ حِكْمَةٍ قَدْ بَراها |
وَهُمُ الاَعْيُنُ الصَّحِيحاتُ تَهْدِى |
|
كُلَّ عَيْنٍ مَكْفُوفَةٍ عَيْناها |
عُلَماءٌ أَئِمَّةٌ حُكَماءٌ |
|
يَهْتَدِي النَّجْمُ بِاتِّباعِ هُداها |
قادَةً عِلْمُهُمْ وَرأيُ حِجاهُمْ |
|
مَسْمَعاً كُلِّ حِكْمَةٍ مَنْظَراها |
ما أُبالِي وَلَوْ أُهِيلَتْ عَلى |
|
الأرْضِ السَّماواتُ بَعْدَ نَيْلِ وِلاها (١) |
_________________
١ ـ الازرية للشيخ الازري : ٣٠ مع اضافات.