الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي
المحقق: مركز الغدير للدّراسات الإسلاميّة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
المطبعة: فروردين
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٦٨
وقد مضى كأ نّه |
|
البرقُ إذا ما أومضا |
أبلغ سلامي زاكياً |
|
بطوسَ مولايَ الرضا |
سبطَ النبيِّ المصطفى |
|
وابنَ الوصيِّ المرتضى |
من حاز عزّا أقعسا |
|
وشاد مجداً أبيضا |
وقل له عن مخلصٍ |
|
يرى الولا مفترضا |
في الصدر نفحُ حرقةٍ |
|
تتركُ قلبي حَرَضا |
من ناصبين غادروا |
|
قلبَ الموالي مُمرَضا |
صرّحتُ عنهم مُعرضاً |
|
ولم أكن معرِّضا |
نابذتهمْ ولم أُبَل |
|
إن قيل قد ترفّضا |
يا حبّذا رفضي لمن |
|
نابَذَكم وأبغضا |
ولو قدرتُ زرتُهُ |
|
ولو على جمرِ الغضا |
لكنّني معتقلٌ |
|
بقيدِ خطبٍ عَرَضا |
جعلتُ مدحي بدلا |
|
من قصدِهِ وعوضا |
أمانةً موردةً |
|
على الرضا لترتضى |
رام ابن عبّادٍ بها |
|
شفاعةً لن تُدحَضا |
نوادر فيها المكارم :
١ ـ يُحكى أنّ الصاحب استدعى في بعض الأيّام شراباً فأحضروا قدحاً ، فلمّا أراد أن يشربه ، قال له بعض خواصِّه : لا تشربه فإنّه مسمومٌ ـ وكان الغلام الذي ناوله واقفاً ـ فقال للمحذِّر : ما الشاهد على صحّة قولك؟ فقال : تجرِّبه في الذي ناولك إيّاه. قال : لا أستجيز ذلك ولا أستحلّه. قال : فجرِّبه في دجاجة. قال : التمثيل بالحيوان لا يجوز. وردّ القدح وأمر بقلبه. وقال للغلام : انصرف عنّي ولا تدخل
داري ، وأمر بإقرار جرايته عليه ، وقال : لا يُدفَع اليقين بالشكّ ، والعقوبة بقطع الرزق نذالة (١).
٢ ـ كتب إليه بعض العلويّين يخبره بأنّه قد رُزق مولوداً ويسأله أن يسمِّيه ويكنِّيه ، فوقّع في رقعته :
أسعدك الله بالفارس الجديد ، والطالع السعيد ، فقد والله ملأ العين قرّة ، والنفس مسرّة مستقرّة ، والاسم عليٌّ ليعلي الله ذكره ، والكنية أبو الحسن ليحسن الله أمره ، فإنّي أرجو له فضل جَدّه (٢)) ، وسعادة جَدّه (٣) ، وقد بعثتُ لتعويذه ديناراً من مائة مثقال ، قصدتُ به مقصد الفال ، رجاء أن يعيش مائة عام ، ويخلص خلاص الذهب الإبريز من نُوَب الأيّام ، والسلام (٤).
٣ ـ كتب بعض أصحاب الصاحب إليه رقعةً في حاجة فوقّع فيها ، ولمّا رُدّت إليه لم يَرَ فيها توقيعاً ، وقد تواترت الأخبار بوقوع التوقيع فيها ، فعرضها على أبي العبّاس الضبّي فما زال يتصفّحها حتى عثر بالتوقيع وهو ألِفٌ واحدة ، وكان في الرقعة : فإن رأى مولانا أن ينعم بكذا ، فَعَلَ. فأثبت الصاحب أمام فَعَلَ ألفاً يعني : أفعَلُ (٥).
٤ ـ كتب الصاحب إلى أبي هاشم العلويِّ ، وقد أهدى إليه في طبق فضّة عطراً :
العبدُ زاركَ نازلاً برواقكا |
|
يستنبطُ الإشراقَ من إشراقِكا |
فاقبل من الطيبِ الذي أهديتهُ |
|
ما يسرق العطّارُ من أخلاقِكا |
__________________
(١) معجم الأدباء : ٦ / ١٨٥.
(٢) أي جدّه أمير المؤمنين علّي عليهالسلام.
(٣) الجَدّ : الحظّ.
(٤) يتيمة الدهر : ٣ / ٢٣١.
(٥) يتيمة الدهر : ص ٢٣٣.
والظرفُ يوجبُ أخذَهُ مع ظرفِهِ |
|
فأضفْ به طبقاً إلى أطباقكا (١) |
٥ ـ نظر أبو القاسم الزعفراني يوماً إلى جميع من فيها (٢) من الخدم والحاشية عليهم الخزوز الفاخرة الملوّنة ، فاعتزل ناحية وأخذ يكتب شيئاً ، فسأل الصاحب عنه ، فقيل : إنّه في مجلس كذا يكتب. فقال : عليَّ به. فاستمهل الزعفرانيّ ريثما يكمل مكتوبه ، فأعجله الصاحب ، وأمر بأن يُؤخذ ما في يده من الدرج ، فقام الزعفراني إليه وقال : أيّد الله الصاحب :
اسمعه ممّن قاله تزدد به |
|
عجباً فحسنُ الوردِ في أغصانه |
قال : هات يا أبا القاسم ، فأنشده أبياتاً منها :
سواك يعدُّ الغنى ما اقتنى |
|
ويأمرُهُ الحرصُ أن يخزنا |
وأنت ابنُ عبّادٍ المرتجى |
|
تعدُّ نوالَكَ نيلَ المنى |
وخيرُكَ من باسطِ كفّه |
|
وممّن ثناها قريبُ الجنى |
غمرتَ الورى بصنوف الندى |
|
فأصغرُ ما ملكوه الغنى |
وغادرتَ أشعرَهمْ مفحماً |
|
وأشكرَهمْ عاجزاً ألكنا |
أيا من عطاياهُ تُهدي الغنى |
|
إلى راحَتَيْ من نأى أو دنا |
كسوتَ المقيمينَ والزائرينَ |
|
كُسىً لم يُخَلْ مثلُها ممكنا |
وحاشيةُ الدارِ يمشون في |
|
ضروبٍ من الخزِّ إلاّ أنا |
ولست أذكر لي جارياً |
|
على العهد يحسنُ أن يحسنا |
فقال الصاحب : قرأت في أخبار معن بن زائدة أنّ رجلاً قال له : احملني أيّها الأمير ؛ فأمر له بناقة وفرس وبغلة وحمار وجارية ، ثمّ قال له : لو علمت أنّ الله تعالى خلق مركوباً غير هذه لحملتك عليه ، وقد أمرنا لك من الخزِّ بجبّةٍ ، وقميص ،
__________________
(١) يتيمة الدهر : ٣ / ٢٣٦.
(٢) أي : في دار الصاحب.
ودُرّاعة ، وسراويل ، وعمامة ، ومنديل ، ومطرف ، ورداء ، وجورب ، ولو علمنا لباساً آخر يُتّخذ من الخزِّ لأعطيناكه ، ثمّ أمر بإدخاله الخزانة ، وصبِّ تلك الخلع عليه ، وتسليم ما فضل عن لبسه في الوقت إلى غلامه (١).
٦ ـ كتب أبو حفص الورّاق الأصبهاني إلى الصاحب : لولا أنّ الذكرى ـ أطال الله بقاء مولانا الصاحب الجليل ـ تنفع المؤمنين ، وهزّة الصمصام تعين المصلتين ، لما ذكرت ذاكراً ، ولا هززت ماضياً ، ولكنَّ ذا الحاجة لضرورته يستعجل النجح ، ويكدِّ الجواد السمح ، وحال عبد مولانا ـ أدام الله تأييده ـ في الحنطة مختلفة ، وجرذان داره عنها منصرفة ، فإن رأى أن يخلط عبده بمن أخصب رحله ، ولم يشدّ رحله ، فَعَل إن شاء الله تعالى ، فوقّع الصاحب فيه :
أحسنت أبا حفص قولاً ، وسنُحسن فعلاً ، فبشِّر جرذان دارك بالخِصب ، وأمّنها من الجدب ، فالحنطة تأتيك في الأسبوع ، ولستَ عن غيرها من النفقة بممنوع ، إن شاء الله تعالى (٢).
٧ ـ عن أبي الحسن العلويِّ الهمداني الشهير بالوصيِّ أنّه قال : لمّا توجّهتُ تلقاء الريّ في سفارتي إليها من جهة السلطان ، فكّرتُ في كلامٍ ألقى به الصاحب ، فلم يحضرني ما أرضاه ، وحين استقبلني في العسكر ، وأفضى عناني إلى عنانه جرى على لساني : (ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ) (٣). فقال (إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ) (٤) ثمّ قال : مرحباً بالرسول ابن الرسول ، الوصيِّ ابن الوصيِ (٥).
__________________
(١) يتيمة الدهر : ٣ / ٢٢٧.
(٢) يتيمة الدهر : ص ٢٣٢.
(٣) يوسف : ٣١.
(٤) يوسف : ٩٤.
(٥) يتيمة الدهر : ٣ / ٢٣٧.
٨ ـ مرض الصاحب في الأهواز بإسهال ، فكان إذا قام عن الطست ترك إلى جانبه عشرة دنانير ، حتى لا يتبرّم به الخدم ، فكانوا يودّون دوام علّته ، ولمّا عوفي تصدّق بنحو من خمسين ألف دينار (١).
٩ ـ في اليتيمة (٢) : عن أبي نصر ابن المرزبان أنّه قال : كان الصاحب إذا شرب ماءً بثلج أنشد على أثره :
قعقعةُ الثلجِ بماءٍ عذْبِ |
|
تستخرجُ الحمدَ منَ اقصى القلبِ |
ثمّ يقول : اللهمّ جدِّد اللّعن على يزيد.
١٠ ـ في معجم الأدباء (٣) : كان ابن الحضيري يحضر مجلس الصاحب بالليالي ، فغلبته عينه ليلة فنام وخرجت منه ريح لها صوت ، فخجل وانقطع عن المجلس ، فقال الصاحب : أبلغوه عنّي :
يا ابن الحضيريِّ لا تذهب على خجلٍ |
|
لحادثٍ كان مثلَ النايِ والعودِ |
فإنّها الريحُ لا تسطيعُ تحبسُها |
|
إذ لستَ أنتَ سليمانَ بنَ داودِ |
__________________
(١) البداية والنهاية : ١١ / ٣٦٠ حوادث سنة ٣٨٥ ه.
(٢) يتيمة الدهر : ٣ / ٢٣٣.
(٣) معجم الأدباء : ٦ / ٢٥٥.
غرر كلم للصاحب
تجري مجرى الأمثال
من استماح البحر العذب ، استخرج اللؤلو الرطب.
من طالت يده بالمواهب ، امتدّت إليه ألسِنة المطالب.
من كفر النعمة ، استوجب النقمة.
من نبت لحمه على الحرام ، لم يحصده غير الحسام.
من غرّته أيّام السلامة ، حدّثته ألسن الندامة.
من لم يهزّه يسير الإشارة ، لم ينفعه كثير العبارة.
رُبّ لطائف أقوال تنوب عن وظائف أموال.
الصدر يطفح بما جمعه ، وكلُّ إناء مؤدٍّ ما أودعه.
اللبيب تكفيه اللمحة ، وتغنيه اللحظة عن اللفظة.
الشمس قد تغيب ثمّ تشرق ، والروض قد يذبل ثمّ يورق.
البدر يأفل ثمّ يطلع ، والسيف ينبو ثمّ يقطع.
العلم بالتذاكر ، والجهل بالتناكر.
إذا تكرّر الكلام على السمع ، تقرّر في القلب.
الضمائر الصحاح أبلغ من الألسنة الفصاح.
الشيء يحسن في إبّانه ، كما أنّ الثمر يُستطاب في أوانه.
الآمال ممدودةٌ ، والعواري مردودةٌ.
الذكرى ناجعةٌ ، وكما قال الله تعالى : نافعةٌ.
متن السيف ليّن ، ولكنَّ حدّه خشن ، ومتن الحيّة ألين ، ونابها أخشن.
عقد المنن في الرقاب لا يُبلغ إلاّ بركوب الصعاب.
بعض الحلم مذلّة ، وبعض الاستقامة مزلّة.
كتاب المرء عنوان عقله بل عيار قدره ، ولسان فضله بل ميزان علمه.
إنجاز الوعد من دلائل المجد ، واعتراض المَطل من أمارات البخل ، وتأخير الإسعاف من قرائن الإخلاف.
خير البرِّ ما صفا وضفا ، وشرُّه ما تأخّر وتكدّر.
فراسة الكريم لا تبطئ ، وقيافة الشرّ لا تخطئ.
قد ينبح الكلب القمر ، فليُلقَمِ النابحُ الحجر.
كم متورّطٍ في عثار رجاء أن يُدرك بثار.
بعض الوعد كنقع الشراب ، وبعضه كلمع السراب.
قد يبلغ الكلام حيث تقصر السهام.
ربما كان الإقرار بالقصور أنطق من لسان الشكور.
ربما كان الإمساك عن الإطالة أوضح في الإبانة والدلالة.
لكلِّ أمرىءٍ أمل ، ولكلّ وقت عمل.
إن نفع القول الجميل ، وإلاّ نفع السيف الصقيل.
شجاعٌ ولا كعمرو ، مندوبٌ ولا كصخر.
لا يذهبنَّ عليك تفاوت ما بين الشيوخ والأحداث ، والنسور والبغاث.
كفران النعم عنوان النقم.
جحد الصنائع داعية القوارع.
تلقِّي الإحسان بالجحود تعريض النعم للشرود.
قد يقوى الضعيف ، ويصحو النزيف ، ويستقيم المائد ، ويستيقظ الهاجد.
للصدر نفثة إذا أحرج ، وللمرء بثّةٌ إذا أحوج.
ما كلّ امرئٍ يستجيب للمراد ، ويطيع يد الارتياد.
قد يُصلَى البريءُ بالسقيم ، ويُؤخذ البَرُّ بالأثيم.
ما كلُّ طالب حقٍّ يُعطاه ، ولا كلُّ شائمِ مُزْنٍ يسقاه.
وقد أكثر الثعالبي في ذكر أمثال هذه الكلم الحكميّة في يتيمة الدهر (١) ، وذكرها برمّتها سيّدنا الأمين في أعيان الشيعة (٢).
هذا مثال الشيعة وهذه أمثلته ، هذا وزير الشيعة وهذه حِكمه ، هذا فقيه الشيعة وهذا أدبه ، هذا عالم الشيعة وهذه كلمه ، هذا متكلّم الشيعة وهذا مقاله ، هؤلاء رجال الشيعة وهذه مآثرهم وآثارهم ، هكذا فليكن شيعة آل الله وإلاّ فلا.
وفاته :
توفّي الصاحب ليلة الجمعة الرابع والعشرين من صفر سنة (٣٨٥) بالريّ ، ولمّا توفّي عُطّلت المدينة وأسواقها ، واجتمع الناس على باب قصره ينتظرون خروج جنازته ، وحضر فخر الدولة وسائر القوّاد ، وقد غيّروا بزّاتهم ، فلمّا خرج نعشه من الباب على أكتاف حامليه للصلاة عليه قام الناس بأجمعهم إعظاماً ، وصاحوا صيحةً واحدةً ، وقبّلوا الأرض ، وخرقوا ثيابهم ، ولطموا وجوههم ، وبلغوا في البكاء والنحيب عليه جهدهم ، وصلّى عليه أبو العبّاس الضبّي ، ومشى فخر الدولة أمام الجنازة وقعد في بيته للعزاء أيّاماً ، وبعد الصلاة عليه عُلِّقَ نعشه بالسلاسل في بيتٍ إلى أن نُقل إلى أصفهان ، فدفن في قبّة هناك تُعرف بباب دَرِيه (٣).
قال ابن خلّكان (٤)) : وهي عامرةٌ إلى الآن وو أولاد بنته يتعاهدونها بالتبييض. وقال السيّد في روضات الجنّات (٥) : قلت : بل وهي عامرةٌ إلى الآن ، وكان أصابها
__________________
(١) يتيمة الدهر : ٣ / ٢٨١.
(٢) أعيان الشيعة : ٣ / ٣٥٤ ـ ٣٥٦.
(٣) بفتح الدال المهملة وكسر الراء ، كذا ضبطها السيّد في أعيان الشيعة [٣ / ٣٢٩] ، وتجدها في اليتيمة [٤ / ٤٧١] وغيرها بالذال المعجمة ، كما يأتي بعيد هذا في شعر أبي منصور اللجيمي. (المؤلف)
(٤) وفيات الأعيان : ١ / ٢٣١ رقم ٩٦.
(٥) روضات الجنّات : ٢ / ٤١ ـ ٤٢ رقم ١٣١.
تشعّثٌ وانهدام ، فأمر الإمام العلاّمة محمد إبراهيم الكرباسي في هذه الأيّام بتجديد عمارتها ، ولا يدع زيارتها مع ما به من العجز في الأسبوع والشهر والشهرين ، وتُدعى في زماننا بباب الطوقچي والميدان العتيق ، والناس يتبرّكون بزيارته ، ويطلبون عند قبره الحوائج من الله تعالى.
قال الثعالبي في اليتيمة (١) : لمّا كنّى المنجِّمون عمّا يعرض له في سنة موته ، قال الصاحب :
يا مالكَ الأرواحِ والأجسامِ |
|
وخالقَ النجومِ والأحكامِ |
مدبِّرَ الضياءِ والظلامِ |
|
لا المشتري أرجوه للإنعامِ |
ولا أخاف الضرَّ من بهرامِ |
|
وإنّما النجومُ كالأعلامِ |
والعلم عند الملِك العلاّمِ |
|
يا ربِّ فاحفظني من الأسقامِ |
ووقِّني حوادثَ الأيّامِ |
|
وهجنةَ الأوزارِ والآثامِ |
هبني لحبِّ المصطفى المعتامِ (٢) |
|
وصنوه وآله الكرامِ |
ورُثي الصاحب بقصائد كثيرة ، منها نونيّة أبي منصور أحمد بن محمد اللجيمي منها (٣) :
أكافينا العظيمَ إذا وردنا |
|
ومولِينا الجسيمَ إذا فقدنا |
أردنا منك ما أبتِ الليالي |
|
فأبطلَ ما أرادتْ ما أردنا |
شققتُ عليك جيبي غيرَ راضٍ |
|
به لك فاتّخذتُ الوجد خِدنا |
ولو أنّي قتلتُ عليك نفسي |
|
لكان إلى قضاء الحقِّ أدنى |
أفِدنا شرح أمرٍ فيه لبسٌ |
|
فإنّا طالما كنّا استفدنا |
__________________
(١) يتيمة الدهر : ٣ / ٣٢٧.
(٢) في الديوان : المغنام بدلاً من المعتام.
(٣) يتيمة الدهر : ٤ / ٣٧٥ [٤ / ٤٧١]. (المؤلف)
ألم تكُ منصفاً عدلاً فإنّي |
|
عمرتُ حفيرةً وقلبتُ مُدْنا |
وكيف تركت هذا الخلقَ حالت |
|
خلائقُهم فليس كما عهدنا |
تملّكنا اللئامُ وصيّرونا |
|
عبيداً بعدما كنّا عُبِدنا |
لئن بلغتْ رزيّتُهُ قلوباً |
|
فَذُبنَ وأَعيُناً منّا فجُدنا |
لَما بلغت حقائقها ولكنْ |
|
على الأيّام نعرف من فقدنا |
وله في رثائه من قصيدة (١) :
مضى من إذا ما أعوز العلمُ والندى |
|
أُصيبا جميعاًمن يديه وفيهِ |
مضى من إذا أفكرتُ في الخلقِ كلّهم |
|
رجعتُ ولم أظفر له بشبيهِ |
ثوى الجودُ والكافي معاً في حفيرةٍ |
|
ليأنس كلٌّ منهما بأخيهِ |
هما اصطحبا حيّينِ ثمَّ تعانقا |
|
ضجيعين في قبرٍ بباب ذريهِ (٢) |
قد يُعزى بعض هذه الأبيات إلى أبي القاسم بن أبي العلاء الأصفهاني مع حكاية طيفٍ عنه.
ومنها نونيّة أبي القاسم بن أبي العلاء الأصفهاني ، ذكر منها الثعالبي في يتيمة الدهر (٣) (٣ / ٢٦٣) قوله :
يا كافيَ المُلكِ ما وفّيتُ حظّكَ من |
|
وصفٍ وإن طال تمجيدٌ وتأبينُ |
فُقتَ الصفاتِ فما يرثيكَ من أحدٍ |
|
إلاّ وتزيينُهُ إيّاك تهجينُ |
ما متَّ وحدكَ لكن مات من ولدتْ |
|
حوّاءُ طرّا بل الدنيا بل الدينُ |
هذي نواعي العلى مذ متَّ نادبةٌ |
|
من بعد ما ندبتْكَ الخُرّدُ العينُ |
__________________
(١) يتيمة الدهر : ٤ / ٣٧٥ [٤ / ٤٧١]. (المؤلف)
(٢) محلة في أصفهان دفن فيها الصاحب بن عبّاد.
(٣) يتيمة الدهر : ٣ / ٣٢٩.
تبكي عليك العطايا والصلاتُ كما |
|
تبكي عليك الرعايا والسلاطينُ |
قام السعاة وكان الخوف أقعدهم |
|
فاستيقظوا بعد ما متَّ الملاعينُ |
لا يعجب الناسُ منهم إن همُ انتشروا |
|
مضى سليمانُ وانحلَّ الشياطينُ |
ومنها داليّة أبي الفرج بن ميسرة ، ذكر منها الثعالبي في اليتيمة (١) (٣ / ٢٥٤) قوله :
ولو قُبِل الفداء لكان يُفدى |
|
وإنْ جلَّ المصابُ على التفادي |
ولكنّ المنونَ لها عيونٌ |
|
تكدّ لحاظها في الإنتقادِ |
فقل للدهر أنت أُصبتَ فالبس |
|
برغمك دوننا ثوبَي حدادِ |
إذا قدّمتَ خاتمةَ الرزايا |
|
فقد عرّضتَ سوقَكَ للكسادِ |
ومنها داليّة لأبي سعيد الرستمي ، ذكر الثعالبي (٢) منها قوله :
أبعد ابن عبّاس (٣) يهشُّ إلى السرى |
|
أخو أمل أو يُستماحُ جوادُ |
أبى الله إلاّ أن يموتا بموته |
|
فما لهما حتى المعادِ معادُ |
ومنها لاميّة أبي الفيّاض سعيد بن أحمد الطبري ، ذكرها الثعالبي في اليتيمة (٤) (٢ / ٢٥٤):
خليلي كيف يقبلُكَ المقيلُ |
|
ودهرُك لا يُقيلُ ولا يَقيلُ (٥) |
يُنادي كلَّ يومٍ في بنيه |
|
ألا هبّوا فقد جدَّ الرحيلُ |
وهم رجلان منتظرٌ غفولٌ |
|
ومُبتدرٌ إذا يُدعى عجولُ |
__________________
(١) يتيمة الدهر : ٣ / ٣٢٩.
(٢) يتيمة الدهر : ص ٣٣٠.
(٣) عباس هو جدّ المترجم.
(٤) يتيمة الدهر : ٣ / ٣٣٠.
(٥) يَقيل : من القيلولة وهي الاستراحة نصف النهار. وأقال يُقيلُ : صفح وعفا.
كأنّ مثالَ من يفنى ويبقى |
|
رعيلٌ سوف يتلوهُ رعيلُ |
فهم ركبٌ وليس لهم ركابٌ |
|
وهم سَفْرٌ وليس لهم قُفولُ (١) |
تدور عليهمُ كأسُ المنايا |
|
كما دارت على الشَّرب الشمولُ |
ويحدوهم إلى الميعادِ حادٍ |
|
ولكن ليس يقدمُهم دليلُ |
ألم ترَ من مضى من أوّلينا |
|
وغالتهم من الأيّام غولُ |
قد احتالوا فما دفعَ الحويلُ |
|
وأعولْنا فما نفعَ العويلُ |
كذاك الدهرُ أعمارٌ تزولُ |
|
وأَحوالٌ تحولُ ولا تؤولُ |
لنا منه وإن عفنا وخِفنا |
|
رسولٌ لا يُصاب لديه سولُ (٢) |
وقد وضحَ السبيلُ فما لخلقٍ |
|
إلى تبديله أبداً سبيلُ |
لعمرك إنّه أمدٌ قصيرٌ |
|
ولكن دونه أمدٌ طويلُ |
أرى الإسلام أسلمهُ بنوه |
|
وأسلمهم إلى وَلهٍ يهولُ |
أرى شمسَ النهارِ تكادُ تخبو |
|
كأنّ شعاعَها طرْفٌ كليلُ |
أرى القمرَ المنيرَ بدا ضئيلاً |
|
بلا نورٍ فأضناه النحولُ |
أرى زُهْرَ النجومِ محدّقاتٍ |
|
كأنّ سراتَها عُورٌ وحُولُ |
أرى وجهَ الزمانِ وكلَّ وجهٍ |
|
به ممّا يكابدُه فلولُ |
أرى شُمَّ الجبالِ لها وجيبٌ |
|
تكادُ تذوبُ منه أو تزولُ |
وهذا الجوُّ أكلَفُ مقشعِرٌّ |
|
كأنّ الجوَّ من كمدٍ عليلُ (٣) |
وهذي الريح أطيبُها سمومٌ |
|
إذا هبّت وأعذبُها بليلُ |
وللسحبِ الغزارِ بكلِّ فجٍ |
|
دموعٌ لا يذادُ بها الُمحولُ |
نعى الناعي إلى الدنيا فتاها |
|
أمينَ الله فالدنيا ثكولُ |
__________________
(١) السَّفْر : المسافرون.
(٢) مخفّف (سؤل) وهو الطلب والحاجة.
(٣) أكلف : تغيّر لونه وتكدّر.
نعى كافي الكفاة فكلُّ حرٍّ |
|
عزيزٍ بعد مصرعه ذليلُ |
نعى كهفَ العُفاةِ فكلُّ عينٍ |
|
بما تقذى العيون به كحيلُ |
كأنّ نسيمَ تربتِهِ سحيراً |
|
نسيمُ الروضِ تقبلُه القبولُ |
إذا وافى أُنوفَ الركبِ قالوا |
|
سحيقُ المسكِ أم تُربٌ مَهيلُ |
أيا قمرَ المكارمِ والمعالي |
|
أبِن لي كيف عاجلَكَ الأُفولُ |
أبِن لي كيف هالَكَ ما يهول |
|
وغالَكَ بعد عزِّك ما يغولُ |
ويا من ساس أشتات البرايا |
|
وألجم من يقول ومن يصولُ |
أَدَلتَ على الليالي من شكاها |
|
وقد جارت عليك فمن يُديلُ |
بكاك الدينُ والدنيا جميعاً |
|
وأهلهما كما يُبكى الحمولُ (١) |
بكتكَ البيضُ والسمْرُ المواضي |
|
وكنتَ تعولها فيمن تعولُ |
بكتك الخيلُ مُعوِلةً ولكن |
|
بُكاها حين تندبُكَ الصهيلُ |
قلوبُ العالمينَ عليكَ قلبٌ |
|
وحظُّكَ من بكائهمُ قليلُ |
ولي قلبٌ لصاحبه وفيٌ |
|
يسيلُ وتحتَهُ روحٌ تسيلُ |
إذا نظمتْ يدي في الطرسِ بيتاً |
|
محاهُ منه منتظمٌ هَطُولُ |
فإن يكُ ركَّ شعري من ذهولي |
|
فذلك بعضُ ما يجني الذهولُ |
كتبتُ بما بكيتُ لأنّ دمعي |
|
عليك الدهرَ فيّاضٌ هَمولُ |
وكنتُ أَعُدُّ من روحي فداءً |
|
لروحِكَ إن أُريدَ لها بديلُ |
أأحيا بعدَهُ وأقرُّ عيناً |
|
حياتي بعدَهُ هدرٌ غلولُ |
حياتي بعدَهُ موتٌ وَحِيٌ |
|
وعيشي بعده سمٌّ قَتولُ (٢) |
عليك صلاةُ ربِّك كلَّ حينٍ |
|
تهبُّ بها من الخلد القبولُ |
__________________
(١) الحمول : الميت الذي يُحمَل.
(٢) الوَحيّ : السريع.
ومنها ميميّة أبي القاسم غانم بن محمد بن أبي العلاء الأصبهاني ، يقول فيها (١) :
مضى نجلُ عبّادٍ المُرتجى |
|
فماتَ جميعُ بني آدمِ |
أُوازي بقبرِكَ أهلَ الزمانِ |
|
فيرجحُ قبرُك بالعالَمِ |
وله من قصيدة أخرى في رثاء الصاحب (٢) ، يقول فيها :
هي نفسٌ فرّقتها زفراتي |
|
ودماءٌ أرّقتها عبراتي |
لشبابٍ عذبِ المشارعِ ماضٍ |
|
ومشيبٍ جذبِ المراتعِ آتِ |
زمنٌ أذرتِ الجفونُ عليهِ |
|
من شؤوني ما كان ذوبَ حياتي |
تتلاقى من ذكرِهِ في ضلوعي |
|
ودموعي مصائفٌ ومشاتي |
جادَ تلك العهودَ كلُّ أجشّ ال |
|
ـودقِ ثرِّ الأخلافِ جوْنِ السراتِ |
بل ندى الصاحبِ الجليلِ أبي القا |
|
سم نجلِ الأميرِ كافي الكفاةِ |
تتبارى كلتا يديه عطايا |
|
ومنايا حتماً لعافٍ وعاتِ |
ضامناً سيبه لغُنمٍ مفادٍ |
|
مؤذناً سيفُه بروحٍ مفاتِ |
وارتياحٌ يريك في كلِّ عطفٍ |
|
ألفَ ألفٍ كطلحة الطلحاتِ |
ويدٌ لا تزال تحت شكورٍ |
|
لاثمٍ ظهرها وفوق دواةِ |
ومنها تائيةٌ رثاه بها صهره السيّد أبوالحسين عليُّ بن الحسين الحسني ، أوّلها (٣) :
ألا إنّها أيدي المكارم شَلّتِ |
|
ونفس المعالي إثرَ فقدِكَ سُلّتِ |
حرامٌ على الظلماءِ إن هي قُوِّضتْ |
|
وحَجْرٌ (٤) على شمس الضحى إن تجلّتِ |
__________________
(١) تتمّة يتيمة الدهر : ٣ / ١٢٠ [٥ / ١٣٩ ـ ١٤٠]. (المؤلف)
(٢) تتمّة يتيمة الدهر : ١٤٠.
(٣) ذكرها له الحموي في معجم الأدباء [٦ / ٢٦٣] ، والسيّد في الدرجات الرفيعة [ص ٤٨٤]. (المؤلف)
(٤) الحَجْر : المنع. (المؤلف)
لتبكِ على كافي الكفاة مآثرٌ |
|
تباهي النجومَ الزهرَ في حيثُ حلّتِ |
لقد فدحتْ فيه الرزايا وأوجعتْ |
|
كما عَظُمتْ منه العطايا وجلّتِ |
ألا هل أتى الآفاقَ أيةُ غمّةٍ |
|
أطلّت ونعمى أيِّ دهرٍ تولّتِ |
وهل تعلمُ الغبراءُ ماذا تضمّنت |
|
وأعواد ذاك النعشِ ماذا أقلّتِ |
فلا أبصرتْ عيني تهلّلَ بارقٍ |
|
يُحاكي ندى كفّيك إلاّ استهلّتِ |
ولو قُبِلَتْ أرواحُنا عنك فديةً |
|
لَجُدْنا بها عند الفداء وقلّتِ |
وقال السيّد أبو الحسن محمد بن الحسين الحسني المعروف بالوصيّ الهمداني ، المترجَم في يتيمة الدهر في رثائه :
مات الموالي والمحبُ |
|
لأهلِ بيتِ أبي ترابِ |
قد كان كالجبل المنيعِ |
|
لهم فصارَ مع الترابِ (١) |
وله في رثائه (٢) :
نومُ العيونِ على الجفونِ حرامُ |
|
ودموعُهنّ مع الدماءِ سجامُ |
تبكي الوزيرَ سليلَ عبّادِ العلى |
|
والدينُ والقرآنُ والإسلامُ |
تبكيه مكّةُ والمشاعرُ كلُّها |
|
وحجيجُها والنسكُ والإحرامُ |
تبكيه طَيبةُ والرسولُ ومن بها |
|
وعقيقُها والسهلُ والأعلامُ |
كافي الكفاةِ قضى حميداً نحبَهُ |
|
ذاك الإمامُ السيّدُ الضرغامُ |
مات المعالي والعلومُ بموتِهِ |
|
فعلى المعالي والعلومِ سلامُ |
ورثاه سيّدنا الشريف الرضي ـ الآتي ذكره في شعراء القرن الخامس ـ بقصيدة شرحها أبو الفتح عثمان بن جنّي المتوفّى (٣٩٢) في مجلّد واحد ، كما ذكره الحموي في
__________________
(١) / ذكرهما له في ترجمته الثعالبي في اليتيمة : ٣ / ٢٦٠ [٣ / ٣٣٦]. (المؤلف)
(٢) ذكرها له في ترجمته الثعالبي في اليتيمة : ٣ / ٢٦٠ [٣ / ٣٣٦].
معجم الأدباء (١) (٥ / ٣١) ، ولنشر القصيدة في ديوان ناظمه الشريف (٢) وفي غير واحد من المعاجم نضرب عنها صفحاً ، أوّلها :
أكذا المنونُ تقنطرُ الأبطالا |
|
أكذا الزمانُ يُضعضعُ الأجبالا |
أكذا تُصابُ الأسدُ وهي مُذلّةٌ |
|
تحمي الشبولَ وتمنعُ الأغيالا |
أكذا تُقام عن الفرائسِ بعدما |
|
ملأت هماهمُها الورى أوجالا |
أكذا تحطّ الزاهرات عن العلى |
|
مِن بعدها شأتِ العيونُ منالا |
القصيدة (١١٢) بيتاً
ومرَّ أبو العبّاس الضبّي بباب الصاحب بعد وفاته ، فقال :
أيّها البابُ لِمْ علاكَ اكتئابُ |
|
أين ذاك الحِجابُ والحُجّابُ |
أين من كان يفزعُ الدهرُ منه |
|
فهو اليومَ في التراب ترابُ (٣) |
لا يذهب على القارئ أنّ استدلال مثل الصاحب أحد عمد مراجع اللغة والأدب على أفضليّة أمير المؤمنين نظماً ونثراً بحديث الغدير ، حجّةٌ قويّةٌ على صحّة إرادة معنىً للمولى لا يُبارح الإمامة والخلافة كما أراد هو.
__________________
(١) معجم الأدباء : ١٢ / ١١٢.
(٢) ديوان الشريف الرضي : ٢ / ٢٠١.
(٣) يتيمة الدهر : ٣ / ٣٣٦.
مصادر ترجمة الصاحب (١)
يتيمة الدهر (٣ / ١٦٩ ـ ٢٦٧) |
فهرست ابن النديم (ص ١٩٤) |
أنساب السمعاني |
معالم العلماء محاسن أصبهان للمافرّوخي الأصبهاني |
نزهة الألبّاء في طبقات الأدباء |
كامل ابن الأثير (٩ / ٣٧) |
معجم الأدباء (٦ / ١٦٨ ـ ٣١٧) |
المنتظم لابن الجوزي (٧ / ١٧٩) |
تجارب السلف لابن سنجر (ص ٢٤٣) |
تاريخ ابن خلّكان (١ / ٧٨) |
مرآة الجنان لليافعي (٢ / ٤٢١) |
تاريخ ابن كثير (١١ / ٣١٤) |
شرح دراية الحديث للشهيد |
نهاية الأرب (٣ / ١٠٨) |
شذرات الذهب (٣ / ١١٣) |
معاهد التنصيص (٢ / ١٦٢) |
بغية الوعاة للسيوطي (ص ١٩٦) |
مجالس المؤمنين للقاضي (ص ٣٢٤) |
بحار الأنوار (١٠ / ٢٦٤ ـ ٢٦٧) |
الدرجات الرفيعة للسيّد علي خان |
أمل الآمل لشيخنا الحرّ العاملي |
لسان الميزان لابن حجر (١ / ٤١٥) |
تكملة الرجال للشيخ عبد النبي الكاظمي |
منتهى المقال لأبي عليّ (ص ٥٦) |
روضات الجنّات |
تنقيح المقال لشيخنا المامقاني (١ / ١٣٥) |
أعيان الشيعة (ج ١٢) في (٢٤٠) صحيفة |
سفينة البحار للقمّي (٢ / ١٣) |
الكنى والألقاب (٢ / ٣٦٥ ـ ٣٧١) |
الطليعة في شعراء الشيعة (ج ١) |
يتيمة الدهر (٣ / ١٦٩ ـ ٢٦٧) |
فهرست ابن النديم (ص ١٩٤) |
__________________
(١) يتيمة الدهر : ٣ / ٢٢٥ ـ ٣٣٧ ، فهرست النديم : ص ١٥٠ ، الأنساب : ٤ / ٣٠ ، معالم العلماء : ص ١٠ رقم ٥١ ، نزهة الألبّاء في طبقات الأدباء والنحاة : ص ٣٢٥ رقم ١٢٨ ، الكامل في التاريخ : ٥ / ٥١٠ حوادث سنة ٣٨٥ ه ، المنتظم : ١٤ / ٣٧٥ رقم ٢٩١١ ، وفيات الأعيان : ١ / ٢٢٨ رقم ٩٦ ، البداية والنهاية : ١١ / ٣٥٩ حوادث سنة ٣٨٥ ه ، شرح الدراية : ص ٩٢ ، نهاية الأرب : ٣ / ١١٣ ، شذرات الذهب : ٤ / ٤٤٩ حوادث سنة ٣٨٥ ه ، معاهد التنصيص : ٤ / ١١١ رقم ٢٠٨ ، بغية الوعاة : ١ / ٤٤٩ رقم ٩١٨ ، مجالس المؤمنين : ٢ / ٤٤٦ ، الدرجات الرفيعة : ص ٤٨٢ ، أمل الآمل : ٢ / ٣٤ رقم ٩٦ ، لسان الميزان : ١ / ٤٦١ رقم ١٣٠٠ ، تكملة الرجال : ١ / ١٩٤ ، منتهى المقال : ص ١١٩ ، روضات الجنّات : ٢ / ١٩ رقم ١٣١ ، أعيان الشيعة : ٣ / ٣٢٨ ـ ٣٧٦ ، سفينة البحار : ٥ / ٤٦ ، الكنى والألقاب : ٢ / ٤٠٣ ـ ٤٠٩.
قال الحموي في معجم البلدان (١) (٦ / ٨) : ذكرتُ أخباره مستقصاة في أخبار مردويه.
ولأبي حيّان التوحيدي المتوفّى (٣٨٠) رسالة : مثالب الوزيرين ، ألّفها في تعيير المترجَم الصاحب وأبي الفضل بن العميد ، نُشرت في الإمتاع والمؤانسة (١ / ٥٣ ـ ٦٧) وقد سلب عنهما ما لهما من المآثر والفضائل ، وبالغ في التعصّب عليهما ، وجاء بأمر خداج ، وأتى بمنكر من قول وزور ، وفاحشة مبيّنة ، وما أنصف وما أبرَّ بإجماع المؤرِّخين ، ولهتيكته هذه أسبابٌ تجد ذكرها في أعيان الشيعة (٢).
__________________
(١) معجم البلدان : ٤ / ٧.
(٢) أعيان الشيعة : ٣ / ٣٣٢.
ـ ٢٦ ـ
الجوهري الجرجاني
المتوفّى حدود (٣٨٠)
أما أَخذتُ عليكمْ إذْ نزلتُ بكمْ |
|
غديرَ خمٍّ عقوداً بعد أيمانِ |
وقد جذبتُ بضبعَيْ خيرِ من وَطِئَ ال |
|
ـبطحاءَ من مضرِ العليا وعدنانِ |
وقلتُ واللهُ يأبى أن أُقصِّر أو |
|
أعفي الرسالةَ عن شرحٍ وتبيانِ |
هذا عليٌّ لَمولى من بُعِثتُ له |
|
مولى وطابقَ سرّي فيه إعلاني |
هذا ابنُ عمّي ووالي منبري وأخي |
|
ووارثي دون أصحابي وإخواني |
محلُّ هذا إذا قايستُ من بدني |
|
محلُّ هارونَ من موسى بنِ عمرانِ (١) |
وله في المناقب لابن شهرآشوب (٢) (٢ / ٢٠٣) قوله :
وغديرُ خمٍّ ليس يُنكِرُ فضلَهُ |
|
إلاّ زنيمٌ فاجرٌ كفّارُ |
من ذا عليه الشمسُ بعد مغيبِها |
|
رُدّت ببابل فاستبن يا حارُ |
وعليه قد رُدّت ليومِ المصطفى |
|
يوماً وفي هذا جرتْ أخبارُ |
حاز الفضائلَ والمناقبَ كلَّها |
|
أنّى تُحيطُ بمدحِهِ الأشعارُ |
__________________
(١) مناقب ابن شهرآشوب : ١ / ٥٣٢ طبع إيران [٣ / ٤٠ طبع دار الأضواء ـ بيروت] ، والصراط المستقيم للبياضي العاملي [١ / ٣١١]. (المؤلف)
(٢) مناقب آل أبي طالب : ٢ / ٣٥٥.
الشاعر
أبو الحسن عليُّ بن أحمد الجرجاني ويُعرف بالجوهري ، كما ذكر ذلك في غير مورد من شعره ، مقياسٌ من مقاييس الأدب ، وأحد أعضاد العربيّة ، ومن المفلقين في صياغة القريض ، كان من صنائع الوزير الصاحب بن عبّاد وندمائه وشعرائه ، تعاطى صناعة الشعر في ريعان من عمره وأوليات أمره ، وكان يرمي إلى المغازي البعيدة بلفظ قريب ، وترتيب سهل ، وكان في إعطاء المحاسن إيّاه زمامها كما قيل : جَذعٌ يبنُّ على المذاكي القُرّح (١).
وكان الصاحب يعجَب به أشدّ الإعجاب ، ويروقه مستحسن شعره المجانس لحسن روائه ، ومناسبة روحه وشمائله خفّةً وظرفاً ، وقد اصطنعه لنفسه واختاره للسفارة بينه وبين العمّال والأمراء ، فكان يمثِّله في رسالاته أحسن تمثيل ، فيملأ العيون جمالاً ، والقلوب كمالاً ، وقد أطراه أبلغ إطراء فيما كتبه إلى أبي العبّاس الضبّي ـ أحد شعراء الغدير ـ بأصبهان واستحثّه على إكرامه وجلب مراضيه ، والكتاب مذكورٌ في اليتيمة (٢) (٤ / ٢٦) وها نحن نأخذ منه لبابه ، قال :
فإن يقل مولاي : من ذا الذي هذا خَطبه وهذه خُطّته؟ أقل : من فضله برهان حقٍّ ، وشعره لسان صدقٍ ، ومن أطبق أهل جلدته على أنّه معجزة بلدته ، فلا يُعدُّ لجرجان بعيداً ولا قريباً ، أو لأختها طبرستان قديماً ولا حديثاً مثله ، ومن أخذ برقاب النظم أخذه ، وملك رقّ القوافي ملكه ، ذاك على اقتبال شبابه وريعان عمره ،
__________________
(١) الجَذَع ـ بالحركتين ـ : صغير البهائم ، والشاب الحديث. يبنُّ من أبنَّ بالمكان : أقام به وثبت ولزم. المذاكي ، جمع المَذكى : من الخيل ما تمّ سنّه وكملت قوّته. القرّح ، جمع القارح : هو من ذي الحافر الذي شقَّ نابه وطلع. (المؤلف)
(٢) يتيمة الدهر : ٤ / ٣١.