الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٢٥
بسم الله الرحمن الرحيم
٢٥
(باب)
* ( أنه عليهالسلام النبأ العظيم والاية الكبرى ) *
١ ـ فس : ثم قال عزوجل : يا محمد « قل هو نبأ عظيم (١) » يعني أمير الؤمنين عليهالسلام « أنتم عنه معرضون (٢) ».
٢ ـ فس : أبي ، عن الحسين بن خالد ، عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام في قوله تعالى « عم يتساءلون * عن النباء العظيم * الذي هم فيه مختلفون (٣) » قال : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : مالله نبأ أعظم مني ، وما لله آية أكبر مني ، وقد عرض فضلي على الامم الماضية على اختلاف ألسنتها فلم تقر بفضلي (٤).
كنز : محمد بن العباس ، عن أحمد بن إدريس ، عن الاشعرى ، عن ابن هاشم بإسناده عن محمد بن الفضيل ، عن أبي عبدالله عليهالسلام مثله (٥).
٣ ـ ير : أحمد بن محمد ، عن ابن أبي عمير وغيره ، عن محمد بن الفضيل ، عن الثمالي ،
____________________
(١) سورة ص : ٦٧ ، وما بعدها ذيلها.
(٢) تفسير القمى : ٥٧٢.
(٣) النبأ : ١ ـ ٣.
(٤) تفسير القمى : ٧٠٩.
(٥) مخطوط.
عن أبي جعفر عليهالسلام قال قلت : جعلت فداك إن الشيعة يسألونك عن تفسير هذه الآية « عم يتساءلون عن النباء العظيم » قال : فقال : ذلك إلي إن شئت أخبرهم ، قال : فقال : لكني أخبرك بتفسيرها ، قال : فقلت : « عم يتساءلون » قال : كان أمير المؤمنين عليهالسلام يقول : مالله آية أكبر مني ، ولا لله من نباء عظيم أعظم مني ، ولقد عرضت ولايتي على الامم الماضية فأبت أن تقبلها ، قال : قلت له : « قل هو نبأ عظيم * أنتم عنه معرضون (١) » قال : هو والله أمير المؤمنين عليهالسلام (٢).
كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد مثله (٣).
٤ ـ كنز : محمد بن العباس ، عن أحمد بن هوذة ، عن إبراهيم بن إسحاق ، عن عبدالله بن حماد ، عن أبان بن تغلب قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام عن هذه الآية ، فقال : هو علي عليهالسلام لان رسول الله صلىاللهعليهوآله ليس فيه خلاف وذكر صاحب كتاب النخب حديثا مسندا عن محمد بن مؤمن الشيرازي بإسناده إلى السدي في تفسير هذه الآية ، قال : أقبل صخر بن حرب حتى جلس إلى رسول الله وقال : يا محمد هذا الامر بعدك لنا أم لمن؟ فقال : يا صخر الامر من بعدي لمن هو مني بمنزلة هارون من موسى ، فأنزل الله تعالى « عم يتساءلون * عن النباء العظيم * الذى هم فيه مختلفون » : منهم المصدق بولايته وخلافته ، ومنهم المكذب بهما ، ثم قال : « كلا » وهو رد عليهم « سيعلمون » خلافته بعدك أنها حق « ثم كلا سيعلمون » يقول يعرفون ولايته وخلافته إذ يسألون عنها في قبورهم ، فلا يبقى ميت في شرق ولا في غرب ولا بحر ولا بر إلا ومنكر ونكير يسألانه عن ولاية أمير المؤمنين عليهالسلام بعد الموت ، يقولان للميت : من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ ومن إمامك؟
وروى أيضا : حدثنا أحمد بإسناده إلى علقمة أنه قال : خرج يوم صفين رجل من عسكر الشام وعليه سلام وفوقه مصحف وهو يقرء : « عم يتساءلون عن النباء العظيم » فأردت البراز إليه (٤) ، فقال علي عليهالسلام : مكانك ، وخرج بنفسه فقال له : أتعرف النبأ
____________________
(١) ص : ٦٧ و ٦٨.
(٢) بصائر الدرجات : ٢١.
(٣) اصول الكافى ١ : ٢٠٧.
(٤) أى القتال معه.
العظيم الذي هم فيه مختلفون؟ قال : لا ، فقال عليهالسلام : أنا والله النبأ العظيم الذي فيه اختلفتم ، وعلى ولايتي تنازعتم ، وعن ولايتي رجعتم بعد ما قبلتم ، وببغيكم هلكتم بعد ما بسيفي نجوتم ، ويوم الغدير قد علمتم ، ويوم القيامة تعلمون ما عملتم ، ثم علا بسيفه فرمى برأسه ويده (١).
٥ ـ قب : تفسير القطان عن وكيع ، عن سفيان ، عن السدي ، عن عبد خير ، عن علي بن أبي طالب عليهالسلام قال : أقبل صخر بن حرب ، إلى آخر الخبرين. وزاد في آخر الخبر الثاني : ثم قال :
أبى الله إلا أن صفين دارنا |
|
وداركم مالاح في الافق كوكب |
وحتى تموتوا أو نموت ومالنا |
|
ومالكم عن حومة الحرب مهرب (٢) |
يف : محمد بن مؤمن الشيرازي عن السدي مثل الخبر السابق (٣).
٦ ـ كنز ، قب : روى الاصبغ بن نباتة أن عليا عليهالسلام قال : والله أنا النبأ العظيم (٤) الذي هم فيه مختلفون * كلا سيعلمون * ثم كلا سيعلمون * حين أقف بين الجنة والنار و أقول : هذا لي وهذا لك (٥)
٧ ـ قب : أبوالمضاصبيح عن الرضا عليهالسلام قال علي عليهالسلام : مالله نبأ أعظم مني.
وروي أنه لما هربت الجماعة يوم احد كان علي يضرب قدامه صلىاللهعليهوآله وجبرئيل عن يمين النبي وميكائيل عن يساره ، فنزل « قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون » وكان أمير المؤمنين عليهالسلام يقول : ما لله آية أكبر مني (٦).
٨ ـ ف؟ : معنعنا عن الثمالي ، عن أبي جعفر عليهالسلام في قول الله عزوجل : « عم يتساءلون » فقال : كان أمير المؤمنين عليهالسلام يقول لاصحابه : أنا والله النبأ العظيم الذي
____________________
(١) كنز جامع الفوائد مخطوط.
(٢) مناقب آل أبى طالب ١ : ٥٦٣ و ٥٦٤.
(٣) الطرائف : ٢٣.
(٤) في المناقب : والله انى انا النبأ العظيم.
(٥) مناقب آل أبى طالب ١ : ٥٦٤. والكنز مخطوط.
(٦) ١ : ٥٦٤.
اختلف في (١) جميع الامم بألسنتها ، والله ما لله نبأ أعظم مني ، ولا لله آية أعظم مني (٢) ٩ ـ كا : في خطبة الوسيلة بإسناده عن جابر ، عن أبي جعفر عليهالسلام ـ وساق الخطبة إلى أن قال ـ : ألا وإنى فيكم أيها الناس كهارون في آل فرعون ، وكباب حطة في نبي إسرائيل ، وكسفينة نوح في قوم نوح ، وإني النبأ العظيم ، والصديق الاكبر ، وعن قليل ستعلمون ما توعدون (٣).
١٠ ـ [ يب : في الدعاء بعد صلاة الغدير : وعلي أمير المؤمنين عليهالسلام والحجة العظمى وآيتك الكبرى ، والنبأ العظيم الذي هم فيه يختلفون (٤).
١١ ـ ن : بإسناده عن ياسر الخادم ، عن الرضا ، عن آبائه عليهمالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله لعلي عليهالسلام : يا علي أنت حجة الله ، وأنت باب الله ، وأنت الطريق إلى الله ، وأنت النبأ العظيم ، وأنت الصراط المستقيم ، وأنت المثل الاعلى ، الخبر (٥). ] بيان : هذه الاخبار المروية من طرق الخاصة والعامة دالة على خلافته وإمامته وعظم شأنه صلوات الله عليه ولا يحتاج إلى بيان.
٢٦
(باب)
* ( أن الوالدين : رسول الله وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما ) *
١ ـ ما : المفيد ، عن الحسين بن علي بن محمد ، عن علي بن ماهان ، عن نصر بن الليث ، عن مخول ، عن يحيى بن سالم ، عن أبي الجارود ، عن أبي الزبير المكي ، عن جابر
____________________
(١) في المصدر : فيه.
(٢) تفسير فرات : ٢٠٢.
(٣) روضة الكافى : ٣٠.
(٤) التهذيب ١ : ١٦٣. وفيه : مختلفون.
(٥) عيون الاخبار : ١٨١. والخبران الاخيران يوجدان في هامش ( ك ) فقط.
الانصارى قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : حق علي على هذه الامة كحق الوالد على الولد (١).
أقول : روى ابن بطريق في المستدرك من الجزء الاول من كتاب الفردوس بإسناده عن جابر مثله.
٢ ـ ما : أبوعمرو ، عن ابن عقدة ، عن جعفر بن عبدالله المحمدي ، عن إسماعيل ابن مرثد ، عن جده ، عن علي عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : حق علي على الناس حق الوالد على ولده (٢).
٣ ـ ما : ابن الصلت ، عن ابن عقدة ، عن جعفر بن محمد المحمدي ، عن إسماعيل بن مزيد ، عن عيسى بن عبدالله ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي عليهالسلام قال رسول الله (ص) : حق علي على المسلمين كحق الوالد على ولده (٣).
٤ ـ مع : أبومحمد عمار بن الحسين ، عن علي بن محمد بن عصمة ، عن أحمد بن محمد الطبري ، عن محمد بن الفضل ، عن محمد بن عبدالملك بن أبي الشوارب القرشي ، عن ابن سليمان ، عن حميد بن الطويل ، عن أنس بن مالك قال : كنت عند علي بن أبي طالب عليهالسلام في الشهر الذي اصيب فيه ـ وهو شهر رمضان ـ فدعا ابنه الحسن عليهالسلام ثم قال : يابا محمد اعل المنبر فاحمد الله كثيرا وأثن عليه واذكر جدك رسول الله بأحسن الذكر ، وقل : لعن الله ولدا عق أبويه ، لعن الله ولدا عق أبويه ، لعن الله ولدا عق أبويه ، لعن الله عبدا أبق عن مواليه (٤) ، لعن الله غنما ضلت عن الراعي ، وانزل.
فلما فرغ من خطبته ونزل اجتمع الناس إليه فقالوا : يا ابن أمير المؤمنين وابن بنت رسول الله (ص) نبئنا ، فقال : الجواب على أمير المؤمنين عليهالسلام فقال أمير المؤمنين عليهالسلام إني كنت مع النبى في صلاة صلاها ، فضرب بيده اليمنى إلى يدي اليمنى فاجتذبها ،
____________________
(١) امالى شيخ : ٢٤.
(٢) امالى شيخ : ١٧٠.
(٣) امالى شيخ : ٢١٣ وفيه : إسماعيل بن مزيد مولى بنى هاشم.
(٤) في المصدر : من مواليه.
فضمها إلى صدره ضما شديدا ، ثم قال : يا علي! فقلت : لبيك يا رسول الله ، قال : أنا وأنت أبوا هذه الامة ، فلعن الله من عقنا ، قل آمين ، قلت : آمين ، قال (١) : أنا وأنت موليا هذه الامة ، فلعن الله من أبق عنا ، قل : آمين ، قلت آمين ، ثم قال : أنا وأنت راعيا هذه الامة فلعن الله من ضل عنا ، قل : آمين ، قلت آمين ، قال أمير المؤمنين عليهالسلام : و سمعت قائلين يقولان معي آمين ، فقلت : يا رسول الله من القائلان معي آمين؟ قال : جبرئيل وميكائيل عليهماالسلام (٢).
٥ ـ فس : الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن بسطام بن مرة ، عن إسحاق بن حسان عن الهيثم بن واقد ، عن علي بن الحسين العبدي ، عن سعد الاسكاف ، عن الاصبغ بن بناتة أنه سأل أمير المؤمنين عن قول الله تعالى : « أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير (٣) » فقال : الوالدان اللذان أوجب الله لهما الشكر هما اللذان ولدا العلم وورثا الحكم ، وأمر الناس بطاعتهما ، ثم قال : « إلي المصير » فمصير العباد إلى الله ، والدليل على ذلك الوالدان ثم عطف القول على ابن حنتمة وصاحبه فقال في الخاص : « وإن جاهداك على أن تشرك بي (٤) » يقول : في الوصية ، وتعدل عمن أمرت بطاعته « فلا تطعهما » ولا تسمع قولهما ثم عطف القول على الوالدين فقال : « وصاحبهما في الدنيا معروفا » يقول : عرف الناس فضلهما وادع إلى سبيلهما ، وذلك قوله : « واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم » فقال : إلى الله ثم إلينا فاتقوا الله ولا تعصوا الوالدين فإن رضاهما رضى الله وسخطهما سخط الله (٥).
بيان : قوله عليهالسلام « والدليل على ذلك الوالدان » وجه الدلالة تذكير اللفظ إذ التغليب مجاز والحقيقة أولى مع الامكان ، وابن حنتمة عمر ، وصاحبه : أبوبكر قال
____________________
(١) في المصدر : ثم قال.
(٢) معانى الاخبار : ١١٨.
(٣) لقمان : ١٤.
(٤) لقمان : ١٥ ، وما بعدها ذيلها.
(٥) تفسير القمى : ٤٩٥.
الفيروزآبادي : حنتمة بنت ذي الرمحين ام عمر بن الخطاب (١). قوله عليهالسلام « فقال في الخاص » أي الخطاب مخصوص بالرسول صلىاللهعليهوآله وليس كالسابق عاما وإن كان الخطاب في « صاحبهما » أيضا خاصا ، ففيه تجوز (٢) ، ويحتمل العموم.
٦ ـ فر : جعفر الفزاري بإسناده عن زياد بن المنذر قال سمعت أبا جعفر عليهالسلام وسأله جابر ، عن هذه الآية « اشكرلي ولوالديك » قال : رسول الله صلىاللهعليهوآله وعلي بن أبي طالب عليهالسلام (٣).
٧ ـ فس : « النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه امهاتهم (٤) » قال : نزلت وهو أب لهم ، وهو معنى « أزواجه امهاتهم (٥) » فجعل الله تبارك وتعالى المؤمنين أولاد رسول الله (ص) وجعل رسول الله صلىاللهعليهوآله أباهم (٦) لمن لم يقدر أن يصون نفسه ، ولم يكن له مال ، وليس له على نفسه ولاية ، فجعل الله تبارك وتعالى نبيه أولى بالمؤمنين (٧) من أنفسهم ، وهو قول رسول الله بغدير خم : أيها الناس ألست اولى بكم من أنفسكم؟ قالوا بلى ، ثم أوجب لامير المؤمنين عليهالسلام ما أوجبه لنفسه عليهم من الولاية فقال : ألا من كنت مولاه فعلي مولاه ، فلما جعل الله النبي أبا المؤمنين (٨) ألزمه مؤونتهم وتربية أيتامهم فعند ذلك صعد رسول الله صلىاللهعليهوآله (٩) فقال : من ترك مالا فلورثته ، ومن ترك دينا أو ضياعا فعلي وإلي ، فألزم الله نبيه صلىاللهعليهوآله للمؤمنين مايلزم الوالد [ لولده ] وألزم المؤمنين من الطاعة له ما يلزم الولد للوالد ، فكذلك ألزم أميرالمؤمنين عليهالسلام ما ألزم رسول الله صلىاللهعليهوآله
____________________
(١) القاموس : ١٠٢.
(٢) اى كون الخطاب في « وان جاهداك ا ه » وفى « صاحبهما » خاصا على طريق التوسع و المجاز لانه خلاف الظاهر.
(٣) تفسير فرات : ١٢٠.
(٤) الاحزاب : ٦.
(٥) اى انما يصح معنى « وأزواجه امهاتهم » اذا كان المراد من صدرالاية الابوة.
(٦) في المصدر : ابا لهم.
(٧) في المصدر : فجعل الله تبارك وتعالى معه الولاية على المؤمنين ا ه.
(٨) في المصدر : أبا للمؤمنين.
(٩) في المصدر : صعد رسول الله صلىاللهعليهوآله المنبر.
من ذلك ، وبعده الائمة واحدا واحدا (١) ، والدليل على أن رسول الله صلىاللهعليهوآله وأمير المؤمنين هما الوالدان قوله : « واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا (٢) » فالوالدان رسول الله وأمير المؤمنين عليهماالسلام ، وقال الصادق عليهالسلام : وكان إسلام عامة اليهود بهذا السبب ، لانهم أمنوا على أنفسهم وعيالاتهم (٣).
بيان : قال الجزري : « من ترك ضياعا فإلي » الضياع : العيال ، وأصله مصدر ضاع يضيع ضياعا ، فسمي العيال بالمصدر كما تقول : من مات وترك فقرا أي فقراء ، وإن كسرت الضاد كان جمع ضائع كجائع وجياع (٤).
٨ ـ فس : « قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا (٥) » قال : الوالدان رسول الله صلىاللهعليهوآله وأمير المؤمنين عليهالسلام (٦).
٩ ـ شى : عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : إن رسول الله أحد الوالدين وعلي الآخر ، فقلت : أين موضع ذلك في كتاب الله؟ قال : قرأ « اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا (٧) ».
فر : جعفر الفزاري معنعنا عن أبي بصير مثله (٨).
١٠ ـ شى : عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليهالسلام في قول الله : « وبالوالدين إحسانا » قال : إن رسول الله صلىاللهعليهوآله أحد الوالدين وعلي الآخر ، وذكر أنها الآية التي في النساء (٩).
١١ ـ م قال الامام عليهالسلام ولقد قال الله تعالى : « وبالوالدين إحسانا ، قال رسول الله
____________________
(١) في المصدر ، واحدا بعد واحد.
(٢) النساء : ٣٦.
(٣) تفسير القمى : ٥١٦.
(٤) النهاية : ٣ : ٢٩.
(٥) الانعام : ١٥١.
(٦) تفسير القمى : ٢٠٨.
(٧ و ٩) مخطوط.
(٨) تفسير فرات : ٢٨.
صلىاللهعليهوآله : أفضل والديكم وأحقهما بشكركم محمد وعلي ، وقال علي بن أبي طالب عليهالسلام : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : أنا وعلي بن أبي طالب أبوا هذه الامة ، ولحقنا عليهم أعظم من حق والديهم (١) ، فإنا ننقذهم إن أطاعونا من النار إلى دار القرار ، ونلحقهم من العبودية بخيار الاحرار.
وقالت فاطمة عليهاالسلام : أبوا هذه الامة محمد وعلي يقيمان أودهم (٢) وينقذانهم من العذاب الدائم إن أطاعوهما ، ويبيحانهم النعيم الدائم إن وافقوهما.
وقال الحسن بن علي عليهالسلام : محمد وعلي أبوا هذه الامة ، فطوبى لمن كان بحقهما عارفا ، ولهما في كل أحواله مطيعا ، يجعله الله من أفضل سكان جنانه ، ويسعده بكراماته ورضوانه.
وقال الحسين بن علي عليهماالسلام : من عرف حق أبويه الافضلين (٣) محمد وعلي عليهماالسلام وأطاعهما حق الطاعة ، قيل له : تبحبح (٤) في أي الجنان شئت (٥).
وقال علي بن الحسين عليهماالسلام إن كان الابوان إنما عظم حقهما على اولادهما لاحسانهما إليهم فإحسان محمد وعلي عليهماالسلام إلى هذه الامة أجل وأعظم فهما بأن يكونا أبويهم أحق.
وقال محمد بن علي عليهماالسلام : من أراد أن يعلم كيف قدره عند الله فلينظر كيف قدر أبويه الافضلين عنده محمد وعلي عليهماالسلام.
وقال جعفر بن محمد عليهماالسلام : من رعى حق أبويه الافضلين محمد وعلي عليهماالسلام لم يضره ما ضاع (٦) من حق أبوي نفسه وسائر عباد الله ، فإنهما يرضيانهما بسعيهما.
____________________
(١) في المصدر : من حق ابوى والديهم.
(٢) الاود : العوج.
(٣) في المصدر : الافضل وكذا فيما يأتى إلى آخر الرواية.
(٤) تبحبح : تمكن في المقام.
(٥) في المصدر : حيث شئت.
(٦) في المصدر : ما أضاع.
وقال موسى بن جعفر عليهماالسلام : يعظم (١) ثواب الصلاة على قدر تعظيم المصلي على أبويه الافضلين محمد وعلي عليهماالسلام.
وقال علي بن موسى الرضا عليهماالسلام : أما يكره أحدكم أن ينفى عن أبيه وأمه الذين ولداه؟ قالوا : بلى والله ، قال فليجتهد أن لا ينفى عن أبيه وامه اللذين هما أبواه أفضل من أبوي نفسه.
وقال محمد بن علي عليهماالسلام إذ قال رجل بحضرته : إني لاحب محمد وعليا عليهماالسلام حتى لو قطعت إربا إربا أو قرضت (٢) لم أزل عنه ، قال محمد بن علي عليهماالسلام : لاجرم أن محمدا وعليا عليهماالسلام يعطيانك (٣) من أنفسهما ما تعطيهما أنت من نفسك ، إنهما ليستدعيان لك في يوم فصل القضاء مالا يفي ما بذلته لهما بجزء من مائة ، ألف ألف جزء من ذلك.
وقال علي بن محمد عليهماالسلام : من لم يكن والدا دينه محمد وعلي عليهماالسلام أكرم عليه من والدي نسبه (٤) فليس في حل ولا حرام ولا قليل ولا كثير (٥).
وقال الحسن بن علي عليهالسلام : من آثر (٦) طاعة أبوي دينه محمد وعلي على طاعة أبوي نسبه قال الله عزوجل : لاوثرنك كما آثرتني (٧) ، ولاشرفنك بحضرة أبوي دينك كما شرفت نفسك بإيثار حبهما على حب أبوي نفسك (٨).
وأما قوله عزوجل : « وذي القربى » فهم من قراباتك من أبيك وامك ، قيل لك : اعرف حقهم ، كما أخذ به العهد على بني إسرائيل ، وأخذ عليكم معاشر امة محمد بمعرفة حق قرابات محمد الذينهم الائمة بعده ، ومن يليهم بعد من خيار أهل دينهم (٩).
____________________
(١) في المصدر : لعظم.
(٢) الارب : العضو. وقرض الشئ. قطعه.
(٣) في المصدر : معطياك.
(٤) في المصدر : نفسه.
(٥) في المصدر : ولا بقليل ولا كثير.
(٦) اى اختار.
(٧) في المصدر : كما آثرتهما.
(٨) في المصدر : نسبك.
(٩) تفسير الامام. ١٣٣. وفيه : ومن يليهم بعدهم.
١٢ ـ قب : أبان بن تغلب ، عن الصادق عليهالسلام « وبالوالدين إحسانا » قال : الوالدان رسول الله صلىاللهعليهوآله وعلي عليهماالسلام.
سلام الجعفي عن أبي جعفر عليهالسلام وأبان بن تغلب عن أبي عبدالله عليهالسلام : نزلت في رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي علي عليهالسلام وروي مثل ذلك في حديث ابن جبلة.
وروى أبوالمضاصبيح عن الرضا عليهالسلام قال النبي صلىاللهعليهوآله : أنا وعلي الوالدان.
وروي عن بعض الائمة في قوله : « أن اشكر لي ولوالديك » أنه نزل فيهما.
النبي صلىاللهعليهوآله : أنا وعلي أبوا هذه الامة ، أنا وعلي موليا هذه الامة.
وعن بعض الائمة « لا اقسم بهذا البلد * وأنت حل بهذا البلد * ووالد وما والد (١) » قال : أمير المؤمنين عليهالسلام وما ولد من الائمة.
الثعلبي في ربيع المذكرين والخركوشي في شرف النبي عن عمار وجابر وأبي أيوب ، وفي الفردوس عن الديلمي ، وفي أمالي الطوسي عن أبي الصلت بإسناده عن أنس : كلهم عن النبي صلىاللهعليهوآله قال : حق علي على الامة كحق الوالد على الولد.
وفي كتاب الخصائص عن أنس : حق علي بن أبي طالب على المسلمين كحق الوالد على الولد.
مفردات أبى القاسم الراغب قال النبي صلىاللهعليهوآله : يا علي أنا وأنت أبوا هذه الامة ، [ ومن حقوق الآباء والامهات أن يترحموا عليهم في الاوقات ، ليكون فيهم أداء حقوقهم.
النبي صلىاللهعليهوآله : أنا وعلي أبوا هذه الامة (٢) ] ولحقنا عليهم أعظم من حق أبوي ولادتهم ، فإنا ننقذهم إن أطاعونا من النار إلى دار القرار ، ونلحقهم من العبودية بخيار الاحرار ، قال القاضي أبوبكر أحمد بن كامل : يعني أن حق علي [ على ] كل مسلم أن لا يعصيه أبدا (٣).
____________________
(١) البلد : ١ ـ ٣.
(٢) ليس ما بين العلامتين في المصدر المطبوع.
(٣) مناقب آل أبى طالب ١ : ٥٨١
١٣ ـ فر : سعيد بن الحسن بن مالك معنعنا عن أبي مريم قال : كنا عند جعفر بن محمد عليهماالسلام فسأله أبان بن تغلب عن قول الله : « اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا » قال : هذه الآية التي في النساء من الوالدان؟ قال جعفر عليهالسلام رسول الله وعلي بن أبي طالب هما الوالدان (١).
١٤ ـ كنز : محمد بن العباس ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن أبان بن عثمان ، عن عبدالله بن سليمان ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : إن رسول الله وعليا هما الوالدان. قال عبدالله بن سليمان : وسمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : منا الذي احل له الخمس ، ومنا الذي جاء بالصدق ، ومنا الذي صدق به ، ولنا المودة في كتاب الله عزوجل ، ورسول الله وعلي الوالدان ، وأمر الله ذريتهما بالشكر لهما.
١٥ ـ وقال أيضا : حدثنا أحمد بن درست ، عن ابن عيسى ، عن الاهوازي ، عن النضر ، عن يحيى الحلبي ، عن ابن مسكان ، عن زرارة ، عن عبدالواحد بن مختار قال دخلت على أبي جعفر فقال : أما علمت أن عليا أحد الوالدين اللذين قال الله عزوجل « اشكر لي ولوالديك »؟ قال زرارة : فكنت لا أدري أية آية هي : التي في بني إسرائيل أو التي في لقمان؟ قال فقضى أن حججت فدخلت على أبي جعفر عليهالسلام فخلوت به ، فقلت : جعلت فداك حديث جاء به عبدالواحد ، قال : نعم ، قلت : أية آية هي : التي في لقمان أو التي في بني إسرائيل؟ فقال : التي في لقمان (٢).
بيان : لعل منشأ شك زرارة أن الراوي لعله ألحق الآية من قبل نفسه ، أو أن زرارة بعد ما علم أن المراد الآية التي في لقمان ذكرها (٣).
____________________
(١) تفسير فرات : ٢٧ و ٢٨.
(٢) كنز جامع الفوائد مخطوط.
(٣) توضيحه أن آية » اشكر لى ولوالديك » في سورة لقمان فقط ، فلا وجه للشك والترديد ، الا أن يقال أن عبدالواحد ألحق الاية من قبل نفسه ، وكان ما سمعه من المعصوم الجملة الاولى فقط فاستفسر زرارة عنه عليهالسلام أن كون على أحد الوالدين من أية الايتين يستفاد من التى في النساء أو التى في لقمان؟ أو يقال. ان عبدالواحد لم يذكر الاية اصلا وانما الحقها زرارة بعد ما استفاد من الامام عليهالسلام.
١٦ ـ كنز : محمد بن العباس ، عن أحمد بن إدريس ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : سمعت يقول : « ووصينا الانسان بوالديه (١) » رسول الله وعلي عليهماالسلام. وبهذا الاسناد عن الحسين ، عن فضالة ، عن أبان بن عثمان ، عن بشير الدهان أنه سمع أبا عبدالله عليهالسلام يقول : رسول الله أحد الوالدين ، قال : قلت : والآخر؟ قال : هو علي بن أبي طالب عليهالسلام (٢).
١٧ ـ كنز : محمد بن العباس ، عن أحمد بن هوذة ، عن إبراهيم بن إسحاق ، عن عبدالله ابن حصيرة ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام عن قوله تعالى : « ووالد وما ولد (٣) » قال : يعني عليا وما ولد من الائمة عليهمالسلام (٤).
١٨ ـ فر : جعفر بن محمد الفزاري معنعنا عن معلى بن خنيس قال : سمعت أبا عبدالله عليهالسلام يقول : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أنا أحد الوالدين ، وعلي بن أبى طالب الآخر ، وهما عند الموت يعاينان (٥).
١٩ ـ فر : جعفر بن محمد الفزاري معنعنا عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبدالله عليهالسلام يقول : إن المؤمن إذا مات رأى رسول الله وعليا يحضرانه ، وقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أنا أحد الوالدين وعلي الآخر ، قال : قلت : وأي موضع ذلك من كتاب الله؟ قال : قوله « اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا (٦) ».
بيان : قد مرت الاخبار في ذلك في باب أسماء النبي صلىاللهعليهوآله وفي كتاب الامامة ، وتحقيقه أن للانسان حياة بدنية بالروح الحيوانية ، وحياة أبدية بالايمان والعلم و الكمالات الروحانية التي هي موجبة لفوزه بالسعادات الابدية ، وقد وصف الله تعالى في مواضع من كتابه الكفار بأنهم أموات غير أحياء (٧) ، ووصف أموات كمل المؤمنين
____________________
(١) العنكبوت : ٨ لقمان : ١٤. الاحقاف : ١٥.
(٢ و ٤) مخطوط.
(٣) البلد : ٣.
(٥) تفسير فرات : ٣٢. وفيه : وهما يعاينان عند الموت.
(٦) تفسير فرات : ٣٥.
(٧) منها قوله تعالى. « انك لا تسمع الموتى » النمل : ٨٠.
بالحياة كما قال الله تعالى : « ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا (١) » وقال : « فلنحيينه حياة طيبة (٢) » إلى غير ذلك من الآيات والاخبار ، وحق الوالدين في النسب إنما يجب ادخليتهما في الحياة الاولى الفانية لتربية الانسان فيما يقوي ويؤيد تلك الحياة ، وحق النبي والائمة صلوات الله عليهم أجمعين إنما يجب من الجهتين معا ، أما الاولى فلكونهم علة غائية لايجاد جميع الخلق ، وبهم يبقون ، وبهم يرزقون ، وبهم يمطرون ، وبهم يدفع الله العذاب ، وبهم يسبب الله الاسباب ، وأما الثانية التي هي الحياة العظمى فبهدايتهم اهتدوا ، ومن أنوارهم اقتبسوا ، وبينابيع علمهم أحياهم الله حياة طيبة لا يزول عنهم أبدالآبدين ، فثبت أنهم الآباء الحقيقية الروحانية التي يجب على الخلق رعاية حقوقهم ، والاحتراز عن عقوقهم ، صلوات الله عليهم أجمعين ، وقد مضى بعض تحقيقات ذلك في أبواب كتاب الامامة.
[ وقال الراغب الاصفهاني في المفردات : الاب : الوالد ، ويسمى كل من كان سببا في إيجاد شئ أو إصلاحه أو ظهوره أبا ، ولذلك سمي (٣) النبي صلىاللهعليهوآله أبا المؤمنين ، قال الله تعالى : « النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه امهاتهم (٤) » وفي بعض القراءات وهو أب لهم.
وروي أنه صلىاللهعليهوآله قال لعلي عليهالسلام : أنا وأنت أبوا هذه الامة ، وإلى هذا أشار بقوله : كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي ، وقيل : أبوالاضياف لتفقده إياهم ، وأبوالحرب لمهيجها ، وسمي العم مع الاب أبوين ، وكذلك الام مع الاب وكذلك الجد مع الاب ، وسمي (٥) معلم الانسان أباه تقدم ذكره (٦) ، وقد حمل
____________________
(١) آل عمران : ١٦٩.
(٢) النحل : ٩٧ ومنها قوله تعالى : « ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله اموات بل أحياء ولكن لا تشعرون » البقرة : ١٥٤.
(٣ و ٥) في المصدر : يسمى.
(٤) الاحزاب : ٦.
(٦) من ان ان كل من كان سببا في ايجاد شئ او اصلاحه او ظهوره يسمى أبا.
قوله عزوجل : « إنا وجدنا آباءنا على امة (١) » على ذلك ، أي علماءنا الذين ربونا بالعلم ، بدلالة قوله تعالى : « إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا (٢) » وقيل في قوله : « أن اشكر لي ولوالديك (٣) » : إنه عني الاب الذي ولده والمعلم الذي علمه ، و فلان أبوبهيمة (٤) أي يتفقدها تفقد الاب (٥) ].
٢٧
(باب)
* ( أنه صلوات الله عليه حبل الله والعروة الوثقى وأنه متمسك بها ) *
١ ـ شى : عن ابن يزيد قال : سألت أبا الحسن عليهالسلام عن قوله تعالى : « واعتصموا بحبل الله جميعا (٦) » قال : علي بن أبي طالب عليهالسلام حبل الله المتين (٧).
٢ ـ شى : عن يونس بن عبدالرحمان ، عن عدة من أصحابنا رفعوه إلى أبي عبدالله عليهالسلام في قوله تعالى : « إلا بحبل من الله وحبل من الناس (٨) » قال : الحبل من الله كتاب الله والحبل من الناس هو علي بن أبي طالب عليهالسلام (٩).
٣ ـ كنز : روى المفيد ـ رحمهالله ـ في كتاب الغيبة عن محمد بن الحسين ، عن أبيه ، عن جده قال : قال علي بن الحسين عليهالسلام : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله ذات يوم جالسا في المسجد وأصحابه حوله فقال لهم : يطلع عليكم رجل من أهل الجنة يسأل عما يعنيه (١٠) ، قال :
____________________
(١) الزخزف : ٢٢ و ٢٣.
(٢) الاحزاب : ٦٧.
(٣) لقمان : ١٤.
(٤) الصحيح كما في المصدر « وفلان يأبو بهمه » والبهم اولاد البقر والمعز والضأن. و الواحد : البهمة ـ بسكون الهاء وفتحها ـ.
(٥) المفردات في غريب القرآن. ٤ ـ ٥. ولا يوجد ما نقله عنه الا في هامش ( ك ) فقط.
(٦) آل عمران : ١٠٣.
(٧ و ٩) تفسير العياشى مخطوط.
(٨) آل عمران : ١١٢.
(١٠) اى عما يهمه ويهتم به.
فطلع علينا رجل شبيه برجال مصر ، فتقدم وسلم على رسول الله صلىاللهعليهوآله وجلس وقال : يا رسول الله إني سمعت الله يقول : « واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا » فما هذا الحبل الذي أمرنا الله تعالى بالاعتصام به وأن لا نتفرق عنه؟ قال : فأطرق النبى صلىاللهعليهوآله ساعة ثم رفع رأسه وأشار إلى علي بن أبي طالب عليهالسلام وقال : هذا حبل الله الذي من تمسك به عصم في دنياه ولم يضل في آخرته ، قال : فوثب الرجل إلى علي بن أبي طالب عليهالسلام و احتضنه من وراء ظهره وهو يقول : اعتصمت بحبل الله وحبل رسوله ، ثم قال فولى وخرج فقام رجل من الناس فقال : يا رسول الله ألحقه وأسأله أن يستغفر لي؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إذا تجده مرفقا ، قال : فلحقه الرجل ـ وهو عمر ـ وسأله أن يستغفر له ، فقال عليهالسلام : هل فهمت ما قال لي رسول الله وما قلت له؟ قال الرجل : نعم ، فقال له : إن كنت متمسكا بذلك الحبل فغفر الله لك. وإلا فلا غفر الله لك ، وتركه (١).
٤ ـ نى : محمد بن همام ، عن جعفر بن محمد الحسيني ، عن إبراهيم بن إسحاق الخيبري عن محمد بن يزيد التيمي ، عن الحسن بن الحسين الانصاري ، عن محمد بن الحسين ، عن أبيه عن جده مثله (٢).
بيان : أرفقه : رفق به ونفعه.
٥ ـ قب : الباقر عليهالسلام في قوله : « ضربت عليهم الذلة أينا ثقفوا إلا بحبل من الله (٣) » : كتاب من الله « وحبل من الناس » : علي بن أبي طالب عليهالسلام.
محمد بن علي العنبري بإسناده عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه سأل أعرابي عن قوله تعالى : « واعتصموا بحبل الله » فأخذ رسول الله صلىاللهعليهوآله يده فوضعها على كتف علي فقال : يا أعرابي هذا حبل الله فاعتصم به ، فدار الاعرابي من خلف علي والتزمه ، ثم قال : اللهم إني اشهدك أني اعتصمت بحبلك ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا ، وروى نحوا من ذلك الباقر والصادق عليهماالسلام.
سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن أنس بن مالك في قوله تعالى : « ومن يسلم
____________________
(١) كنز جامع الفوائد مخطوط.
(٢) الغيبة للنعمانى : ١٦.
(٣) آل عمران : ١١٢ ، وما بعدها ذيلها.
وجهه إلى الله وهو محسن ( ١) » ، قال : نزل في علي عليهالسلام كان أول من أخلص وجهه لله و هو محسن ، أي مؤمن مطيع » فقد استمسك بالعروة الوثقى « قول لا إله إلا الله » وإلى الله عاقبة الامور « والله ما قتل علي بن أبي طالب إلا عليها ، وروي » فقد استمسك بالعروة الوثقى « يعني ولاية علي عليهالسلام.
الرضا عليهالسلام قال النبي صلىاللهعليهوآله : من أحب أن يتمسك بالعروة الوثقى فليتمسك بحب علي بن أبي طالب عليهالسلام (٢).
[ ٦ ـ نى : بإسناده عن جابر قال : وفد [ على ] رسول الله صلىاللهعليهوآله أهل اليمن ، فقالوا : يا رسول الله من وصيك؟ قال : هو الذي أمركم بالاعتصام به فقال عزوجل : « واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا » فقالوا : يا رسول الله بين لنا ما هذا الحبل ، فقال : هو قول الله : « إلا بحبل من الله وحبل من الناس » فالحبل من الله كتابه والحبل من الناس وصيي ، فقالوا : يا رسول الله من وصيك؟ فقال : هو الذي أنزل الله فيه « أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله (٣) » فقالوا : يا رسول الله وما جنب الله هذا؟ فقال : هو الذي يقول الله فيه : « يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا (٤) » فوصيي السبيل (٥) إلي من بعدي ، فقالوا : يا رسول الله بالذي بعثك (٦) أرناه فقد اشتقنا إليه ، فقال : هو الذي جعله الله آية للمتوسمين (٧) ، فإن نظرتم إليه نظر من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد عرفتم أنه وصيي كما عرفتم أني نبيكم ، فتخللوا الصفوف وتصفحوا الوجوه (٨) فمن هوت إليه قلوبكم فإنه هو ، لان الله عزوجل (٩) يقول : « فاجعل
____________________
(١) لقمان : ٢٢ ، وما بعدها ذيلها.
(٢) مناقب آل أبى طالب ١ : ٥٦١ و ٥٦٢.
(٣) الزمر : ٥٦.
(٤) الفرقان : ٢٧. وصدرها : ويوم يعض. اه
(٥) في المصدر : هو وصيى والسبيل اه.
(٦) في المصدر : بالذى بعثك بالحق.
(٧) في المصدر : للمؤمنين المتوسمين.
(٨) تخلل القوم : دخل بينهم. وتصفحهم : تأمل وجوههم ليتعرف أمرهم.
(٩) في المصدر : يقول في كتابه.
أفئدة من الناس تهوي إليهم (١) » إليه وإلى ذريته فقاموا جميعا وتخللوا الصفوف وأخذوا بيد علي عليهالسلام والحديث طويل اختصرناه ، وسيأتى بطوله إن شاء الله تعالى (٢) ].
٧ ـ كشف : مما أخرجه العز المحدث الحنبلي قوله تعالى : « واعتصموا بحبل الله جميعا » قال العز المحدث : حبل الله علي وأهل بيته عليهمالسلام (١).
٨ ـ فر : الحسين بن سعيد ، عن محمد بن مروان ، عن إسماعيل بن أبان ، عن سلام بن أبي عروة ، عن أبان بن تغلب قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام عن قول الله تعالى : « ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس » قال : مايقول الناس فيها؟ قال : قلت : يقولون : حبل من الله كتابه ، وحبل من الناس عهده الذي عهد إليهم ، قال : كذبوا ، قال : قلت : ما تقول فيها؟ قال : فقال : حبل من الله كتابه ، وحبل من الناس علي بن أبي طالب عليهالسلام (٤).
٩ ـ فر : عن الحسين بن محمد ، عن محمد بن مروان ، عن أبي حفص الاعشى ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن جده عليهمالسلام قال : جاء رجل في هيئة أعرابي إلى النبي صلىاللهعليهوآله فقال : يا رسول الله بأبي أنت وامي ما معنى « واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا »؟ فقال له النبي صلىاللهعليهوآله : أنا نبي الله ، وعلي بن أبي طالب حبله ، فخرج الاعرابي وهو يقول : آمنت بالله وبرسوله واعتصمت بحبله (٥).
فر : عن محمد بن الحسن بن إبراهيم معنعنا عن ابن عباس مثله (٦).
١٠ ـ فر : عن الحسن بن العباس البجلي معنعنا عن أبان بن تغلب قال : قال أبوجعفر عليهالسلام : ولاية علي بن أبي طالب الحبل الذي قال الله تعالى : « واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا » فمن تمسك به كان مؤمنا ، ومن تركه خرج من الايمان (٧).
١١ ـ فر : جعفر الفزاري معنعنا عن جعفر بن محمد عليهماالسلام قال : بينا رسول الله (ص) جالس
____________________
(١) ابراهيم : ٣٧.
(٢) الغيبة للنعمانى : ١٥ و ١٦. ولا يوجد الرواية الا في هامش ( ك ).
(٣) كشف الغمة : ٩٢.
(٤ ـ ٧) تفسير فرات : ١٤.
في جماعة من أصحابه إذ ورد عليه أعرابي ، فبرك (١) بين يديه فقال : يا رسول الله إني سمعت الله يقول في كتابه : « واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا » فهذا الحبل الذي امرنا بالاعتصام به ما هو؟ قال فضرب النبي يده على كتف علي بن أبي طالب عليهالسلام فقال : ولاية هذا ، قال : فقام الاعرابي وضبط بكفيه إصبعيه جميعا ثم قال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله ، وأعتصم بحبله ، قال ، وشد أصابعه (٢).
أقول : روى ابن بطريق في المستدرك عن أبي نعيم بإسناده عن أبي حفص الصائغ قال : سمعت جعفر بن محمد عليهماالسلام يقول : في قوله : « واعتصموا بحبل الله جميعا » قال : نحن حبل الله.
١٢ ـ مد : بإسناده عن الثعلبي ، عن عبدالله بن محمد بن عبدالله ، عن عثمان بن الحسن ، عن جعفر بن محمد بن أحمد ، عن حسن بن حسين ، عن يحيى بن علي الربعي ، عن أبان بن تغلب ، عن جعفر بن محمد عليهماالسلام قال : نحن حبل الله الذي قال الله تعالى : « واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا (٣). »
* [ أقول : ورأيت في أصل تفسيره أيضا.
١٣ ـ الخصائص للسيد الرضي ـ رضياللهعنه ـ ، عن هارون بن موسى ، عن أحمد بن محمد بن علي ، عن عيسى الضرير ، عن أبي الحسن الاول عن أبيه عليهماالسلام قال : خطب رسول الله صلىاللهعليهوآله في مرضه الذي مات فيه ، فقال : يا معاش المهاجرين والانصار من حضر في يومي هذا وساعتي هذه من الانس والجن ليبلغ شاهدكم غائبكم ، ألا إني خلفت فيكم كتاب الله ، فيه النور والهدى والبيان لما فرض الله تبارك وتعالى من شئ حجة الله عليكم وحجتي وحجة وليي ، وخلفت فيكم العلم الاكبر : علم الدين ونور الهدى وضياءه ، وهو
____________________
(١) أى قام.
(٢) تفسير فرات : ١٥. وفيه : وأعتصم بحبل الله.
(٣) العمدة : ١٥٠.
* من هنا إلى البيان الاتى يوجد في هامش ( ك ) فقط.
علي بن أبي طالب عليهالسلام وهو حبل الله « واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا » إلى قوله تعالى : « لعلكم تهتدون » إلى آخر الخطبة بطولها.
٤ ـ فس : في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله : « ولا تفرقوا » قال : إن الله تبارك وتعالى علم أنهم سيتفرقون (١) بعد نبيهم ويختلفون فنهاهم عن التفرق كما نهى من كان قبلهم ، فأمرهم أن يجتمعوا على ولاية آل محمد عليهمالسلام ولا يتفرقوا (٢).
١٥ ـ مناقب الخوارزمي بإسناده عن أبي ليلى قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله لعلي عليهالسلام : أنت العروة الوثقى (٣).
١٦ ـ مناقب ابن شاذان بإسناده عن الرضا عن آبائه عليهمالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ستكون بعدي فتنة مظلمة ، الناجي منها من تمسك بالعروة الوثقى ، فقيل : يا رسول الله وما العروة الوثقى؟ قال ولاية سيد الوصيين ، قيل : ومن سيد الوصيين؟ قال : أمير المؤمنين ، قيل : يا رسول الله ومن أمير المؤمنين؟ قال مولى المسلمين وإمامهم بعدي ، قيل : يا رسول الله من مولى المسلمين وإمامهم بعدك؟ قال أخي علي بن أبى طالب. ] بيان : اعلم أن الحبل يطلق على كل ما يتوسل به إلى البغية (٤) ، ومنه الحبل للامان ، لانه سبب النجاة ، فشبه الكتاب والعترة بالحبل الذي يتمسك به حتى يوصل إلى رضى الله وقربه وثوابه وحبه ، قال الجزري : في صفة القرآن : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الارض أى نور ممدود يعني نور هداه والعرب يشبه النور الممتد بالحبل والخيط وفي حديث آخر : وهو حبل الله المتين أي نور هداه ، وقيل : عهده وأمانه الذي يؤمن من العذاب ، والحبل : العهد والميثاق (٥).
وقال الطبرسي ـ رحمهالله ـ في قوله تعالى : « واعتصموا بحبل الله جميعا » : أي تمسكوا به ، وقيل امتنعوا به من غيره ، وقيل في معنى حبل الله أقوال : أحدها أنه القرآن
____________________
(١) في المصدر : سيفترقون.
(٢) تفسير القمى : ٩٨.
(٣) مناقب الخوازرمى : ٣٦. وفيه بعد ذلك : التى لا انفصام لها.
(٤) البغية : ما يرغب فيه ويطلب.
(٥) النهاية ١ : ١٩٧.