تراث الشيعة الفقهي والأصولي - ج ١

مهدي المهريزي ومحمد حسين الدرايتي

تراث الشيعة الفقهي والأصولي - ج ١

المؤلف:

مهدي المهريزي ومحمد حسين الدرايتي


الموضوع : الفقه
الناشر: مكتبة الفقه والأصول المختصّة
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5213-21-8
الصفحات: ٦٣٢

٤

مقدّمة الواجب

السيّد ماجد بن هاشم الجدّ حفصيّ البحراني

( م ١٠٢٨ ق )

تحقيق حميد الأحمدي الجلفائي

٣٢١
٣٢٢

مقدّمة التحقيق

نبذة في شرح حال المصنّف :

السيّد أبو عليّ ماجد بن هاشم بن عليّ بن مرتضى بن عليّ بن ماجد الحسينيّ الصادقي [ الصدّيقي ] البحراني الجدّ حفصي :

ولد بجدّ حفص ـ بتشديد الدال ، وهو قرية من قرى بلاد البحرين (١) ـ في بيت مغمور بنور العلم والإيمان ، وذكر المحقّق الطهراني في الطبقات تاريخ ولادته سنة ٩٧٢ من الهجرة ، (٢) ويؤيّده ما نقل في تراجم الرجال عن تلميذ المصنّف ، المولى جمال الدين الفسائي ، على الورقة الاولى من نسخة من كتاب اليوسفيّة للمصنّف ، بأنّه توفّي عند غروب الشمس من يوم السبت ، ٢٠ شهر رمضان سنة ١٠٢٨ في شيراز ، وكان قد مضى من عمره اثنان وخمسون سنة. (٣)

وقد عرّفه الشيخ الحرّ رحمه‌الله في أمل الآمل تارة بعنوان ماجد بن عليّ وقال : « كان فاضلا جليلا شاعرا ، له رسالة في الاصول ، اجتمع مع البهائي وكانت بينهما مودّة ، وكان البهائي يثني عليه ويبالغ » . (٤)

وتارة بعنوان الذي ذكرناه وقال : « فاضل شاعر أديب ، جليل القدر في العلم والعمل ، وله ديوان شعر كبير جيّد رأيته ـ ثمّ قال ـ : يحتمل اتّحاده مع الأوّل ، بل

__________________

(١) انظر : كشف الحجب والأستار ، ص ٣١١ ، الرقم ١٦٦٦.

(٢) طبقات أعلام الشيعة ، القرن ١١ ، ص ٤٨٢ و٤٨٣.

(٣) تراجم الرجال ، ج ١ ، ص ٤٥٩.

(٤) أمل الآمل ، ج ٢ ، ص ٢٢٦.

٣٢٣

الظاهر ذلك » . (١)

ثمّ حكى العلّامة المجلسي رحمه‌الله كلاما عن صاحب كتاب سلافة العصر في مدح المصنّف ، وهو هكذا :

هو أكبر من أن يفي بوصفه قول ، وأعظم من أن يقاس بفضله طول ، نسب يؤول إلى النبيّ ، وحسب يذلّ له الأبيّ ، وشرف ينطح النجوم ، وكرم يفضح الغيث السجوم ، وعزّ يقلقل الأجبال ، وعزم يروع الأشبال ، وعلم يخجل البحار ، وخلق يفوق نسائم الأسحار إلى ذات مقدّسة ، ونفس على التقوى مؤسّسة ، وإخبات ووقار ، وعفاف يرجع من التقى بأوقار ، به أحيا الله الفضل بعد اندراسه ، وردّ غريبه إلى مسقط رأسه ، فجمع شمله بعد الشتات ، ووصل حبله بعد البتات ، شفع شرف العلم بظرف الأدب ، وبادر إلى حوز الكمال وانتدب ، فملك للبيان عنانا ، وهصر من فنونه أفنانا ، فنظمه منظوم العقود ، ونثره منثور الروض المعهود.

وممّا يسطر من مناقبه الفاخرة ، الشاهدة بفضله في الدنيا والآخرة ، أنّه رحمه‌الله كان قد أصابته في صغره عين ذهبت من حواسّه الشريفة بعين ، فرأى والده النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله في منامه ، فقال له : إن أخذ بصره فقد اعطى بصيرته ، ولقد صدق وبرّ ، فإنّه نشأ بالبحرين فكان لهما ثالثا ، وأصبح للفضل والعلم حارثا ووارثا ، وولي بها القضاء فشرّف الحكم والإمضاء ، ثمّ انتقل منها إلى شيراز ، فطالت به على العراق والحجاز ، وتقلّد بها الإمامة والخطابة ، ونشر حبر فضائله المستطابة ، فتاهت به المنابر ، وباهت به الأكابر ، وفاهت بفضله ألسن الأقلام وأفواه المحابر. ولم يزل بها حتّى أتاه اليقين ، وانتقل إلى جنّة عرضها السماوات والأرض اعدّت للمتّقين ، فتوفّي سنة ثمان وعشرين وألف رحمه‌الله ، وهذا محلّ نبذة من شعره ونفثة من بيان سحره ، ولا أراني اثبت منه غير اللؤلؤ البحراني.

أخبرني بعض الأصحاب أنّه كان أنشأ في يوم جمعة خطبة أبدعها وأودعها من

__________________

(١) انظر : طبقات أعلام الشيعة ، القرن ١١ ، ص ٤٨٢ ؛ الذريعة ، ج ٩ ، ص ٩٥٠.

٣٢٤

نفائس البراعة ما أودعها ، فلمّا ارتقى ذروة المنبر أنسى ما كان أنشأ وحبّر ، فاستأنف لوقته خطبة اخرى وختمها بهذه الأبيات ... (١)

وضبط العلّامة المجلسي صورة إجازته للسيّد فضل الله دست غيب وهي مصدّرة بوصفه هكذا : « السيّد السند ، المحقّق العلّامة ، سيّدنا ماجد بن هاشم ... » (٢) .

ثمّ نقل المحقّق الطهراني في الطبقات عن صاحب كتاب اللؤلؤة بأنّه أوّل من نشر الحديث ( أي المشرب الأخباري ) بشيراز وقال :

أقول : له الرواية عن البهائي بإجازة رأيتها بخطّه على ظهر الاثني عشريّة عند سيّدنا أبي محمّد الحسن الصدر ، وقال سليمان الماحوزي : إنّ له إجازة اخرى عن البهائي طويلة مع غاية الثناء ... (٣)

وعدّه المحقّق البحراني في الحدائق من القائلين بأنّ صلاة الجمعة واجبة عينا ، ثمّ قال :

وكان استادنا المتبحّر السيّد ماجد بن هاشم الصادقيّ البحراني ـ طاب ثراه ـ من المواظبين عليها بشيراز ، وقد صلّيت معه زمانا طويلا ، وكنّا في ذلك الأوان نستفيد من بركات صحبته بكرة وأصيلا ، وكان يقول : مقتضى الدليل الوجوب الحتمي ولم يثبت الإجماع على خلافه. (٤)

وقد أخذ المصنّف إجازة عن الشيخ البهائي ( ت ١٠٣١ ق ) في سنة ١٠١٦ ق ، ذكرها المحقّق الطهراني في الذريعة ، ثمّ قال : « مبسوطة ، فيها ثناء جميل على المجاز له ، كتبها الشيخ فضل بن محمّد بن فضل العبّاسي عن خطّ الشيخ البهائي في سنة ١٠٢٠ ق في آخر رجال ابن داود » (٥) .

وله أيضا إجازة عن الشيخ محمّد بن أحمد بن نعمة الله بن خاتون العاملي ذكرها

__________________

(١) سلافة العصر ، ص ٥٠٠ ـ ٥٠٤ ؛ أمل الآمل ، ج ٢ ، ص ٢٢٦ و٢٢٧ ؛ بحار الأنوار ، ج ١٠٦ ، ص ١٣٥.

(٢) بحار الأنوار ، ج ١٠٧ ، ص ١٦.

(٣) لؤلؤة البحرين ، ص ١٣٥ ؛ أعلام الشيعة ، ص ٤٨٢.

(٤) الحدائق الناضرة ، ج ٩ ، ص ٣٩٥.

(٥) الذريعة ، ج ١ ، ص ٢٣٨ ، الرقم ١٢٥٩.

٣٢٥

المحقّق الطهراني في الذريعة نقلا عن السيّد الصدر في التكملة. (١)

تلاميذه ومن أخذ عنه الإجازة :

١. المحقّق المحدّث المولى محسن الفيض الكاشاني ، وهو المجاز عن المصنّف ونسخة من صورة إجازته موجودة في مكتبة المرعشي بقمّ ، الرقم ٩١٤٤ (٢) ، ونسخة اخرى منها موجودة في الخزانة الرضويّة ، الرقم ١١٥٨٣. (٣)

٢. السيّد الأمير فضل الله دست غيب ، وهو المجاز عن المصنّف في أوّل ذي القعدة سنة ١٠٢٣ ق ، وصورة إجازته منقولة في البحار نقلا عن ظهر نسخة من كتاب التهذيب بخطّ المصنّف (٤) .

٣. المولى جمال الدين بن شاه محمّد الفسائي ، وقد مضى كلامه في تاريخ وفاة المصنّف سابقا. (٥)

٤. أحمد بن عبد السلام بن ناصر بن حسن البحراني ، وهو المجاز عن المصنّف ونسخة من صورتها موجودة في مكتبة الملك بطهران ، الرسالة السادسة من مجموعة ١١١٨. (٦)

٥. سلطان محمود الطبسي ، المجاز عن المصنّف ونسخة منها موجودة في مكتبة الملك ، الرسالة السابعة من المجموعة المذكورة (٧) .

٦. المولى عبد الكريم بن محمّد الطبسي ، وهو المجاز أيضا عن المصنّف ، نسخة منها موجودة في مكتبة المرعشي بقمّ ، الرقم ٧٢٥٦. (٨)

٧. شاه مرتضى أخو المحقّق الفيض ، المجاز عنه أيضا ، وصورة إجازته موجودة في

__________________

(١) الذريعة ، ج ١ ، ص ٢٣١ ، الرقم ١٢١١.

(٢) الفهرست ، ج ٢٣ ، ص ٢٧٤.

(٣) الفهرست ، ج ١٤ ، ص ٦٢١.

(٤) انظر : بحار الأنوار ، ج ١٠٧ ، ص ١٦ ؛ الغدير ، ج ١١ ، ص ٢١٩ ؛ طبقات أعلام الشيعة ، القرن ١١ ، ص ٤٨٢ ؛ كشف الحجب والأستار ، ص ١٤ ، الرقم ٥٩.

(٥) تراجم الرجال ، ج ١ ، ص ٤٥٩.

(٦) الفهرست ، ج ٥ ، ص ٢٣٥.

(٧) الفهرست ، ج ٥ ، ص ٢٣٦.

(٨) الفهرست ، ج ١٩ ، ص ٥٠.

٣٢٦

ضمن إجازته للفيض في مكتبة المرعشي والخزانة الرضويّة.

٨. الشيخ محمّد بن الحسن بن رجب البحراني.

٩. الشيخ محمّد بن عليّ بن يوسف البحراني.

١٠. أحمد بن جعفر البحراني. ذكره المحقّق الطهراني في الطبقات والذريعة ، ثمّ نقل عن صاحب كتاب علماء البحرين بأنّه رأى نسخة من اليوسفيّة للمصنّف بخطّه ، ورأى أيضا فيها إجازة عن المصنّف للكاتب.

١١. الخميس بن عامر الجزائري. ذكره المحقّق في الطبقات ، ثمّ قال في الذريعة :

« أقول : ونسخة أخرى عن اليوسفيّة موجودة بتبريز عند آقا نجفيّ التبريزي ، وهي بخطّ المولى خميس بن عامر الجزائري ، كتبها سنة ١٠٤١ ، والظاهر أنّه من تلاميذ المؤلّف » (١) .

١٢. لطف الله بن جلال الدين محمّد بن أمين الدين إبراهيم الشيرازي. قال المحقّق الطهراني في الطبقات بأنّه كتب نسخة من الرسالة اليوسفيّة للمصنّف.

١٣. الشيخ زين الدين عليّ بن سليمان البحراني.

١٤. السيّد عبد الرضا. ذكره في الذريعة.

آثاره ومصنّفاته :

١. الحاشية على الاستبصار. قال المحقّق الطهراني في الذريعة : « ذكره الشيخ سليمان بن عبد الله الماحوزي في تاريخ علماء البحرين » (٢) .

٢. الحاشية على شرائع الإسلام ( للمحقّق الحلّي ) . ذكرها المحقّق الطهراني عن تاريخ علماء البحرين.

٣. الحاشية على معارج الأحكام ( للمحقّق الحلّي ) . ذكرها المحقّق الطهراني في

__________________

(١) الذريعة ، ج ١١ ، ص ٢٣٠ ، الرقم ١٤٠٣.

(٢) الذريعة ، ج ٦ ، ص ١٨ ، الرقم ٥٩.

٣٢٧

الذريعة ، وقال : « ذكرت في فهرست تصانيفه » . (١)

٤. ديوان شعره. ذكره المحقّق الطهراني في الذريعة ، ونقل عن صاحب كتاب السلافة بأنّه قد أورد فيه قرب سبعين بيتا من شعره ، ثمّ نقل عن صاحب كتاب علماء البحرين بأنّه قال : « وديوانه عندي بخطّ ابن خالي السيّد حسين الكتكتاني ، وفيه القصيدة الرائيّة في رثاء الحسين ورثاء السيّد عبد الله القاروني ورثاء ابن خاله السيّد جعفر بن السيّد عبد الرءوف » .

٥. رسالة في مقدّمة الواجب ( الرسالة التي بين يديك ) .

٦. الرسالة اليوسفيّة ( في بيان اصول العقائد وأعمال الصلاة ) .

٧. سلاسل الحديد ( في تقييد أهل التقليد ) .

٨. قصيدة في مرثية الحسن بن عليّ (٢) .

٩. قصيدة في مقتل عمر بن الخطّاب (٣) .

١٠. كتاب رجاله ( أو الحواشي على كتاب الخلاصة للعلّامة ) . (٤)

١١. مقالة في العامّ المخصّص. قال المحقّق الطهراني في الذريعة : « اختار الحقيقيّة بمتّصل والمجازيّة بمنفصل ... منضمّة إلى رسالته في مقدّمة الواجب في مكتبة سيّدنا الشيرازي بسامرّاء » (٥) .

١٢. وقف نامه. قال المحقّق الطهراني :

هو من إنشائه ، تتضمّن وقف الخان الأفخم إمام قلي المدرسة الواقعة في دار العلم شيراز المعروفة بمدرسة الخان وموقوفاتها ، قال سليمان الماحوزي في رسالة علماء البحرين : إنّها في غاية البلاغة ونهاية البراعة رأيتها في يد الأديب النجيب صاحبنا السيّد عبد الرءوف بن حسين الجدّ حفصي البحراني. (٦)

__________________

(١) الذريعة ، ج ٦ ، ص ٢٠٩ ، الرقم ١١٦٦.

(٢) انظر : معجم المؤلّفين ، ج ٨ ، ص ١٦٣.

(٣) انظر : معجم المؤلّفين ، ج ٨ ، ص ١٦٣.

(٤) الذريعة ، ج ١٠ ، ص ١٤٣.

(٥) الذريعة ، ج ٢١ ، ص ٤٠٢ ، الرقم ٥٦٨٣.

(٦) الذريعة ، ج ٢٥ ، ص ١٣٧ ، الرقم ٧٩٦.

٣٢٨

وفاته ومدفنه :

قال في السلافة بأنّه توفّي في ليلة ٢١ شهر رمضان سنة ١٠٢٨ بشيراز ، ودفن في مشهد سيّد السادات أحمد بن الإمام موسى الكاظم عليه‌السلام المشهور بشاه چراغ (١) ، ويؤيّده ما كتب تلميذه لطف الله بن جلال الدين محمّد بن أمين الدين إبراهيم الشيرازي في نسخة من الرسالة اليوسفيّة بخطّه هكذا :

قد انتقل إلى جوار رحمة الله الملك العلّام الصمد الباقي ، السيّد السند خاتم المجتهدين وأفضل العلماء المتبحّرين ماجد ، صاحب هذا الكتاب ، عند غروب الشمس من يوم السبت العشرين من شهر رمضان ١٠٢٨ ، في بلدة شيراز ، وقد مضى من عمره اثنتان وخمسين سنة ، ودفن في جواز السيّد السند الكامل العالم أحمد بن موسى الكاظم عليه‌السلام (٢) .

وقد مضى أيضا في تأييده ما كتب تلميذه المولى جمال الدين بن شاه محمّد الفسائي على الورقة الاولى من نسخة من الرسالة اليوسفيّة قرب هذا المضمون.

وكتب أيضا المحقّق النمازي في المستدرك هكذا :

سنة ١٠٢٨ في ٢١ رمضان توفّي السيّد الجليل السيّد ماجد بن هاشم بن عليّ بن مرتضى البحرانيّ الحسينيّ العريضي صاحب كتاب سلاسل الحديد وغيره. (٣)

وامّا ما اندرج في كشف الحجب والأستار ذيل رسالة مقدّمة الواجب بأنّه توفّي في سنة اثنتين وعشرين بعد الألف فهو سهو ؛ نظرا إلى إجازته للسيّد فضل الله في أوّل ذي القعدة سنة ١٠٢٣ ق وصورتها موجودة في البحار. (٤)

__________________

(١) سلافة العصر ، ص ٥٠٠. وراجع أيضا : طبقات أعلام الشيعة ، القرن ١١ ، ص ٤٨٢.

(٢) طبقات أعلام الشيعة ، القرن ١١ ، ص ٤٨٣.

(٣) المستدرك ، ج ٥ ، ص ٢٥٧.

(٤) راجع في الترجمة أيضا : الفوائد الرضويّة ، ص ٣٦٩ ؛ روضات الجنّات ، ص ٥٤٠ ؛ لؤلؤة البحرين ، ص ١٣٥ ـ ١٣٨ ؛ أنوار البدرين ، ص ٨٥ ؛ معجم رجال الحديث ، ج ١٥ ، ص ١٥٨ ، الرقم ٩٨٠٥ ؛ تراجم الرجال ، ج ١ ، ص ٤٥٩ ؛ كشف الحجب والأستار ، ص ١٤ ، الرقم ٥٩ ؛ وص ٣١١ ، الرقم ١٦٦٦ ؛ طبقات أعلام الشيعة ، ج ٥ ، ص ٢٥١ ؛ معجم المؤلّفين ، ج ٨ ، ص ١٦٣.

٣٢٩

مقدّمة الواجب ومخطوطاتها :

توجد لهذه الرسالة الثمينة ثلاث نسخ خطّيّة كلّها موجودة في مكتبة المرعشي بقمّ ، وهي :

١. الرسالة الثانية من مجموعة ٥٨٢٠ ، قد ضبط في الفهرست بأنّه كتبها مرتضى بن مرتضى ، (١) لكنّ الظاهر أنّ الكاتب نفس المؤلّف ، وما في الحواشي كان بخطّ هذا المرتضى ـ والمحتمل أنّه كان من تلاميذه ـ نظرا إلى ما كتب بعد الفراغ هكذا : « وكتب السيّد ماجد بن هاشم الحسيني بخطّه دام ظلّه » .

٢. الرسالة الرابعة من مجموعة ١١٧٨٤ ، كتبها أبو العلاء بن عليّ ، وفرغ عنها في شهر ربيع الثاني من شهور سنة ١٠٣١ ق ، كتب بعد الفراغ عنها في آخر النسخة : « وقد فرغ من تسويده أقلّ العباد أبو العلاء بن عليّ ـ عفي عنهما ـ في شهر ربيع الثاني ، سنة إحدى وثلاثين وألف » .

٣. الرسالة الثانية من مجموعة ١٥١٩ ، حرّرها محمّد صادق بن محمّد الموسوي ، وفرغ منها يوم الجمعة ، ١٨ رمضان ، من سنة ١٢٦٤ ، وهي مغلوطة جدّا. (٢)

فاعتمدنا في تحقيقنا هذا على النسخ الثلاث ، ورمزنا لها بالأصل و « ألف » و « ب » على الترتيب.

وفي الخاتمة اقدّم جزيل شكري وثنائي إلى إخواني الذين يسعون في إحياء هذه الباقيات الوزينة وطبعها ونشرها ، لا سيّما أخواي المعظّمين المحقّقين حجّة الإسلام والمسلمين الشيخ مهديّ المهريزي وحجّة الإسلام والمسلمين الشيخ محمّد حسين الدرايتي ، جعلهم الله وإيّاي في حصنه الحصين الذي يجعل فيها من يريد ، ووفّقنا جميعا لما يحبّ ويرضى ، آمين.

__________________

(١) الفهرست ، ج ١٥ ، ص ٢٠٧.

(٢) الفهرست ، ج ٤ ، ص ٣١٩.

٣٣٠

٣٣١

٣٣٢

مقدّمة الواجب

بسم الله الرحمن الرحيم ، وبه نستعين (١)

اعلم أنّ قدماء الاصوليّين أطلقوا الخلاف في أنّ ما لا يتمّ الواجب إلّا به وكان مقدورا فهو واجب ، والمتأخّرون لم يقبلوا هذا الإطلاق ، وقسّموا الواجب إلى مطلق ومشروط ، وفسّر محقّقوهم المطلق بما لم يقيّد (٢) وجوبه بما يتوقّف عليه وجوده من حيث هو كذلك ، والمشروط بما قيّد وجوبه بما يتوقّف عليه وجوده من حيث هو كذلك (٣) .

واعتبرت الحيثيّة للإشارة إلى أنّ الإطلاق والتقييد يعتبران بالنسبة إلى المقدّمة المخصوصة ، فيجوز أن يكون الواجب الواحد مطلقا ومقيّدا بالنسبة إلى مقدّمتين كصلاة الجمعة ؛ فإنّها بالنسبة إلى العدد ـ المشروطة هي به المقدور عليه بالتماس مثلا ـ مقيّدة ، وبالنسبة إلى السعي مطلقة ، فيجب تحصيل الثاني دون الأوّل ، فإطلاق (٤) وجوب ما لا يتمّ الواجب غير صحيح ؛ لدخول مقدّمة المقيّد فيه. (٥)

وأجاب بعض المحقّقين عنه بأنّ إطلاق الواجب على المشروط قبل تحقّق شرط وجوبه مجاز ؛ لأنّ [ إطلاق ] اسم الفاعل لما سيقع مجاز إجماعا ، (٦) فلا تدخل في

__________________

(١) ب : ـ وبه نستعين.

(٢) ألف : لا يقيّد.

(٣) انظر : قوانين الاصول ، ج ١ ، ص ١٠٠ ؛ هداية المسترشدين ، ص ١٩٥ ؛ نهاية الأفكار ، ج ١ ، ص ٢٧٠ ؛ أجود التقريرات ، ج ١ ، ص ٢٢٠ ؛ محاضرات في اصول الفقه ، ج ٢ ، ص ٢٩٢ ؛ نهاية الاصول ، ص ١٥٧ ؛ المحصول للرازي ، ج ٢ ، ص ١٩١ ؛ الإحكام للآمدي ، ج ١ ، ص ١١٠ ؛ المستصفى للغزالي ، ص ٥٧ ؛ المنخول للغزالي ، ص ١٨٥.

(٤) ألف وب : فإطلاقهم.

(٥) في حاشية الأصل : « عدم وجوبه » تفسيرا للضمير.

(٦) انظر للمزيد في المسألة : هداية المسترشدين ، ص ١٩٥ ؛ كفاية الاصول ، ص ١٠٠ ؛ محاضرات في اصول الفقه ، ج ٢ ، ص ٣٢٥.

٣٣٣

إطلاقهم ، وهذا حسن إلّا أنّ لقائل أن يقول : إنّ لفظ الواجب في العرف الاصولي قد تجرّد عن معنى الحدوث (١) وصار حقيقة فيما تعلّق به (٢) الخطاب في الجملة وعلى الجملة ، فالأمر في ذلك سهل.

واحترزوا بالمقدور عن نحو تحصيل القدم في القيام ، والسعي إلى الجمعة في الزمان ممّا (٣) لا يقدر عليه المكلّف بذلك الواجب ، سواء كان ممّا (٤) يتعلّق به القدرة الحادثة أم لا.

إذا عرفت ذلك ، فقد اشتهر الخلاف في وجوب مقدّمة الواجب المطلق المقدورة ، سواء كانت سببا كالصعود للكون على السطح ، أم شرطا عقليّا كنصب السلّم له ، أو عاديّا كإدخال جزء من الرأس لغسل الوجه ، أو شرعيّا كالوضوء للصلاة ، وربّما نقل الإجماع على وجوب السبب لما سيأتي ، وخصّ الخلاف بالشروط الثلاثة. (٥)

وصرّح بعضهم بجريان الخلاف فيه ، ويمكن بناء دخوله في النزاع على تحرير محلّه ، وبيان ذلك أنّ الظاهر من كلام الأكثر أنّه لا خلاف في بقاء الواجب (٦) المطلق على إطلاقه ، وعدم تقيّد (٧) وجوبه بتلك المقدّمة ، ولا في وجوب المقدّمة بمعنى (٨) لابدّيّة فعلها ، إنّما الكلام في أنّها هل توصف بالوجوب الشرعي ـ بمعنى تعلّق الخطاب بها تبعا لتعلّقه بمشروطها (٩) ، كتعلّق الخطاب بالتابع في دلالة الإشارة والإيماء ، حتّى يكون

__________________

(١) ب : الحدوثي.

(٢) الأصل : ـ به.

(٣) ألف وب : فيما.

(٤) ألف وب : فيما.

(٥) لاحظ : كفاية الاصول ، ص ١٢٧ و١٢٨ ؛ فوائد الاصول ، ج ١ ، ص ٦٩ ؛ نهاية الأفكار ، ج ١ ، ص ٢٥٨ ؛ نهاية الاصول ، ص ١٥٣ ؛ محاضرات في اصول الفقه ، ج ٢ ، ص ٢٩٣ ؛ تحريرات في اصول الفقه ، ج ٣ ، ص ٥ و٦ ؛ المحصول للرازي ، ج ٢ ، ص ١٩١ و١٩٢ ؛ الإحكام للآمدي ، ج ١ ، ص ١١٠ ؛ المستصفى للغزالي ، ص ٥٨.

(٦) حاشية الأصل : « يعني بقاء وجوبه » .

(٧) ألف وب : تقييد.

(٨) ب : ـ بمعنى.

(٩) حاشية الأصل : « وذلك كما في أعتق عبدك عنّي ، فإنّ الأمر بتمليكه يفهم منه تبعا ؛ لقوله عليه‌السلام : لا عتق [ إلّا في ملك ] وكذا أكرم العالم ؛ فإنّ ... » . وانظر : التهذيب ، ج ٨ ، ص ٢١٧ ، ح ٧٧٤ ؛ المبسوط ، ج ٦ ، ص ٩٦ ؛ المهذّب ، ص ٣٧٨.

٣٣٤

الخطاب بالكون على السطح مثلا خطابا بأمرين : أحدهما الكون ، والآخر سببه أو شرطه ، حتّى يكون تارك ذلك عاصيا بترك واجبين ـ أم لا توصف بالوجوب الشرعي وإن كان لا بدّ منها عقلا في تحصيل الواجب ، والخطاب ليس إلّا بنفس الموقوف ، ولا يتعلّق بالمقدّمة خطاب أصلا ، لا أصلا ولا تبعا ، فلا يعصي تارك الكون على السطح إلّا من جهة تركه فقط دون جهة ترك نصب السلّم مثلا.

وعلى هذا يمكن إدخال السبب في الخلاف ، بأن يجعل تعلّق الخطاب بالمسبّب تعلّقا به تبعا ، أو لا يجعل.

ويظهر من كلام السيّد المرتضى ـ رضي الله عنه ـ أنّ الخلاف في أصل اللابدّيّة وفي بقاء الواجب (١) المطلق على إطلاقه (٢) ، وربّما كان كلامه في الشافي صريحا في ذلك ، (٣) حيث أجاب عن استدلال المعتزلة على وجوب (٤) نصب الإمام بكونه مقدّمة لإقامة الحدود بمنع وجوب شرط الواجب ، فيرجع النزاع إلى أنّ الواجب إذا اطلق وجوبه (٥) بالنسبة إلى ما يتوقّف عليه وجوده هل يبقى على إطلاقه ، ويكون واجبا حال وجود المقدّمة وحال عدمها محافظة على إبقاء الأمر على ظاهره من الإطلاق ، فيعصي بتركه على كلّ حال ، أو يختصّ وجوبه بحال وجود المقدّمة ، ولا يلزم تحصيلها شرعا ولا عقلا ، فلا يعصي بترك الموقوف عليها إلّا إذا تركه حال اتّفاق وجودها محافظة على الظاهر والأصل من اتّحاد متعلّق الخطاب ، وهربا من انتفاء الوجوب عمّا يجب به تحصيل الواجب كما سيأتي ، فالكون على السطح لا يجب إلّا حيث اتّفق (٦) نصب السلّم منه أو من غيره ، فلو تركه بدون اتّفاق نصب السلّم لم يعص ؟

وعلى هذا فلا مجال لدخول السبب في محلّ النزاع ؛ لأنّ مرجع القول بعدم وجوب

__________________

(١) حاشية الأصل : « يعني بقاء وجوبه » .

(٢) انظر : الذريعة إلى اصول الشريعة ، ج ١ ، ص ٨٣ و٨٤.

(٣) حاشية الأصل : « صرّح بأنّه لا بدّ من السبب في النزاع » ، كذا قرأناه. وانظر : المعالم ، ص ٦٠ ؛ قوانين الاصول ، ص ١٠٠.

(٤) حاشية الأصل : « عقلا » .

(٥) ألف : ـ وجوبه.

(٦) ألف : يتّفق.

٣٣٥

المقدّمة إلى تقييد وجوب الواجب وصيرورته (١) مقيّدا بها ، ولا ريب أنّ وجود السبب من حيث استلزامه وجود المسبّب لا يصحّ تقيّد (٢) وجوب المسبّب به ؛ لأنّه يرجع إلى تقييد وجوب الشيء بوجود نفسه ، واستحالته ظاهرة.

وبهذا التحقيق صرّح السيّد (٣) ـ رضي الله عنه ـ وبتحرير محلّ النزاع على هذا الوجه صرّح الإمام الرازي في بعض مختصراته مشيرا إلى ما أشرنا إليه في ضمن تحرير محلّ النزاع من وجهي طرفيه وكأنّه اللائح من عبارة المنهاج. (٤)

وكلام شيخنا العلّامة في النهاية مضطرب ، (٥) وربّما فهم في محلّ النزاع (٦) منها تحقّق الخلاف على الوجهين ، وليس بعيدا (٧) وإن أضرب عنه المتأخّرون.

وممّا (٨) ذكرنا من توجيه طرفيه يعلم إمكان كونه محلّ نزاع ، وسيأتي زيادة بيانه.

ثمّ إنّ الظاهر من كلام محرّري النزاع على الوجه الثاني القطع بوصف المقدّمة (٩) بالوجوب الشرعي على القول ببقاء الأمر على الإطلاق كما ذكرنا من الهرب من وجوب تحصيل الواجب بما ليس بواجب ، كما سيأتي.

ونحن نقرّر الكلام على الوجهين :

أمّا الأوّل : فالأقوال فيه أربعة :

أحدها : وجوبها مطلقا ، وهو مذهب الأكثر ، وربّما نقل عليه إجماع الأشاعرة

__________________

(١) ألف وب : أو صيرورته.

(٢) ألف وب : تقييد.

(٣) انظر : الذريعة إلى اصول الشريعة ، ج ١ ، ص ٨٥.

(٤) المنهاج في الفقه للبيضاوي ( المفسّر المعروف ) ، ولم نوصل إليه. لكن انظر : المحصول ، ج ١ ، ص ١٨٩ و١٩٠.

(٥) ألف : + في محلّ النزاع. وفي حاشية الأصل : « [ ليس ] صريح » . ولم نجد قول الشيخ رحمه‌الله في النهاية.

(٦) ألف وب : ـ في محلّ النزاع.

(٧) ألف : ببعيد. وفي حاشية الأصل : « أي وليس تحرير محلّ النزاع على هذا الوجه ببعيد » .

(٨) ألف وب : فيما.

(٩) لم ترد في نسخة « ب » من هنا إلى قوله : « وهو دعوى استلزام وجوب الفعل حال عدم وجوب المقدّمة ».

٣٣٦

والمعتزلة كما يظهر من كلام الآمدي. (١)

وثانيها : عدم الوجوب مطلقا ، ولا يحضرنا قائله.

وثالثها : وجوبها إن كانت سببا ، دون ما إذا كانت شرطا مطلقا ، ويعزى إلى السيّد المرتضى ـ رضي الله عنه ـ (٢) وقد عرفت ما فيه (٣) ، ورجّحه بعض المتأخّرين.

ورابعها : وجوبها إذا (٤) كانت شرطا شرعيّا خاصّة ، وهو قول ابن الحاجب ، وربّما لاح منه بعد تسليم الإجماع على وجوب الأسباب وجه خامس ، هو القول بوجوب السبب والشرط الشرعي.

احتجّ أصحاب القول الأوّل بوجوه :

أحدها : ما ذكره أبو الحسين (٥) البصري ، ونقله الإمام الرازي ، (٦) وتبعه شيخنا العلّامة في النهاية والتهذيب ، وهو أنّه لو لم تجب المقدّمة لزم أحد الأمرين : إمّا التكليف بالمحال ، أو خروج الواجب المطلق عن كونه واجبا (٧) مطلقا ، والتالي بقسميه باطل ؛ أمّا الأوّل فظاهر ، وأمّا الثاني فلأنّه خلاف الفرض ، ووجه الشرطيّة أنّه على تقدير عدم وجوب المقدّمة يجوز تركها ، فمعه إمّا أن يبقى الواجب واجبا ، أم لا ، ومن الأوّل يلزم الأوّل ، ومن الثاني (٨) الثاني.

__________________

(١) نصّ بيان الآمدي هكذا : « اتّفق أصحابنا والمعتزلة على أنّ ما لا يتمّ الواجب إلّا به وهو مقدور للمكلّف فهو واجب ، خلافا لبعض الاصوليّين » . الإحكام ، ج ١ ، ص ١١١.

(٢) انظر : الذريعة إلى اصول الشريعة ، ج ١ ، ص ٨٤.

(٣) حاشية الأصل : « أي ما في هذا العزاء ؛ إذ علمت [ ؟ ] » . وقوله : « يعزى » كتعزّى ، أي انتسب ، والعزا ـ غير ممدودة ـ الانتساب. انظر : لسان العرب ، ج ١٥ ، ص ٥٢ ؛ مجمع البحرين ، ج ١ ، ص ٢٩٠ ( عزو ) .

(٤) ألف : إن.

(٥) الأصل وألف : أبو الحسن ، وهو سهو ، وأبو الحسين البصري الاصولي معروف ، توفّي عام ٤٣٦ ق.

لاحظ : هداية المسترشدين ، ص ٢٠٥.

(٦) انظر : المحصول للرازي ، ج ٢ ، ص ١٩١ ؛ الإحكام للآمدي ، ج ١ ، ص ١١٠.

(٧) ألف : ـ واجبا.

(٨) ألف : + لزم.

٣٣٧

وبتقرير آخر : الأمر يقتضي وجوب الفعل مطلقا ، أي في جميع الأحوال ومن جملتها حال عدم المقدّمة ، فتكون مأمورا بها حال عدمها ، وهو تكليف بالمحال.

وبتقرير ثالث : لو كانت المقدّمة غير واجبة ، لكان الآمر كأنّه قال : أبحت لك ترك المقدّمة ، وأوجبت عليك الفعل حال تركها ، وهو عين التكليف بالمحال.

ومرجع الجميع واحد ، وهو دعوى استلزام وجوب الفعل حال عدم وجوب المقدّمة (١) وجوبه حال عدمها على أنّ حال عدمها ظرف للفعل ، وهو ظاهر الضعف ؛ إذ وصفها بالوجوب وعدمه لا دخل لها في وجودها (٢) ، ضرورة إمكان وجودها وعدمه مع وجوبها وعدمها ، والمحال هو وجوب الفعل حال عدمها على أنّ حال العدم ظرف الفعل كما ذكرنا ، لا حال عدم وجوبها.

وظاهر أنّ عدم وجوبها لا يستلزم عدم وجودها ، وليس المحال مجرّد التكليف بالفعل حال عدمها على أنّ « حال العدم » قيد التكليف والوجوب وظرف لهما ، وإلّا لزم التكليف بالمحال على القول بالوجوب أيضا ؛ لثبوت التكليف (٣) بالفعل عندهم حال عدم المقدّمة ، وتخيّل (٤) الفرق بين التكليف بالفعل حال عدم المقدّمة الواجبة وبين التكليف (٥) حال عدم المقدّمة الجائزة تركها ، وجعل المحال هو الثاني دون الأوّل ضعيف ؛ لما ذكرنا من أنّ وصفها بالوجوب والجواز لا دخل له (٦) في الوجود وعدمه ، فلا مدخل له (٧) في المحاليّة.

ثانيها : ما ذكره الغزالي وتبعه الآمدي وهو الإجماع على وجوب تحصيل الواجب ، وتحصيله إنّما هو بتعاطي ما يتوقّف عليه ، ووجوب تحصيله بما ليس بواجب تناقض. (٨)

__________________

(١) ألف : + استلزام.

(٢) ألف : + وعدمه.

(٣) ألف : ـ « على القول بالوجوب أيضا ؛ لثبوت التكليف » .

(٤) ألف : + به.

(٥) ب : ـ التكليف.

(٦) ألف وب : لهما.

(٧) ألف وب : لهما.

(٨) انظر : المستصفى ، ص ٥٨ ؛ المنخول ، ص ١٨٥ ؛ الإحكام ، ج ١ ، ص ١١١.

٣٣٨

الجواب : منع انعقاد الإجماع في محلّ الخلاف ، ولو نسلّم نفي الأسباب كما سيأتي ، أو نقول : إن اريد بوجوب تحصيله إيجاده بكلّ حال سلّمناه ، ووجوب إيجاده بما ليس موصوفا بالوجوب شرعا لا تناقض فيه ، وهو أوّل المسألة ، وإن اريد غير ذلك منعناه.

ثالثها : لو لم يجب يصحّ (١) الفعل بدونها وهو محال ؛ لامتناع وجود الموقوف بدون الموقوف عليه.

الجواب (٢) : إن اريد بالوجوب والصحّة العقليّان ـ أي لو لم يكن المقدّمة لا بدّ منها في وجوده ، لصحّ وجوده بدونها ـ سلّمناه ، لكنّ اللازم وجوبها العقلي بمعنى أنّها لا بدّ منها وهو مسلّم ، وإن اريد بهما الشرعيّان ـ أي (٣) لو لم يجب شرعا لصحّ الفعل بدونها شرعا ـ سلّمنا الملازمة ومنعنا بطلان التالي ؛ فإنّ الفعل لو أمكن وقوعه بدونها عقلا ، لصحّ شرعا بالنظر إلى الأمر الوارد به وإن لم يصحّ شرعا في الشرط الشرعي لدليل آخر ، ولو اريد بأحدهما العقلي والآخر الشرعي ، لم يستقم الكلام.

رابعها : المقدّمة (٤) لا بدّ منها في الفعل ، فيمتنع تركها ، وممتنع الترك واجب ، والواجب مأمور به ، فالمقدّمة مأمور بها (٥) .

الجواب : إن اريد باللابدّيّة والامتناع وجوبها شرعا فأوّل المسألة ، وإن اريد عقلا لم يلزم كونه مأمورا به. (٦)

خامسها : ما ذكره بعض مشايخنا المحقّقين (٧) وهو القطع بذمّ تارك الفعل القادر على المقدّمة والمتعذّر بعدمها أو بعدم إيجاب الأمر لها ، ولو لا فهم وجوبها من الأمر

__________________

(١) ألف وب : لصحّ.

(٢) ألف : والجواب.

(٣) ألف وب : يعني.

(٤) ألف : ورابعها أنّ المقدّمة.

(٥) ألف : ـ فالمقدّمة مأمور بها.

(٦) حاشية : كونها مأمورا بها.

(٧) حاشية الأصل : « بهاء الدين في الزبدة بخطّه » . وحاشية ألف : « الشيخ بهاء الدين محمّد في زبدة الاصول » .

وانظر : زبدة الاصول ، ص ٧٩ و٨٠.

٣٣٩

لم يلزم (١) ولقبل عذره.

الجواب : لحوق الذمّ له (٢) باعتبار ترك الواجب مع قدرته عليه ، وعدم قبول العذر لعدم إيجابها من جهة أنّ عدم إيجاب الأمر لها لا يرفع قدرته على الفعل التي تصحّح ذمّ التارك (٣) .

هذا هو المسطور في الكتب.

ويمكن الاستدلال على وجوبها بوجوه ثلاثة اخرى :

الأوّل : الأحكام منوطة بالمصالح لزوما عند العدليّة وعادة عند غيرهم ، والمقدّمة ـ لكونها وسيلة إلى الواجب المشتمل (٤) على مصلحة الوجوب ـ مشتملة على تلك المصلحة بعينها (٥) ، فيجب تعلّق الوجوب بها (٦) ، وهذا الاشتمال (٧) مفهوم من تعلّق الخطاب بالواجب المطلق ، فيكون وجوبها مفهوما منه تبعا.

ثانيها : ترك المقدّمة يشتمل على وجه قبيح ، فيحرم (٨) فيجب شرعا الفعل ، وهو مفهوم من الأمر بالفعل ، فالأمر يدلّ على وجوبها تبعا.

__________________

(١) ألف : لم يذمّ. وفي حاشية الأصل : « فيه منع ، لم لا يجوز أن يكون الذمّ للوجوب عقلا ، لا لدلالة الأمر عليه ، فكيف تمّ الاستدلال بالذمّ على الوجوب شرعا تدبّر » .

(٢) ألف : ـ له.

(٣) انظر للمزيد : نهاية الأفكار ، ج ١ ، ص ٢٥٩ ؛ فوائد الاصول ، ج ١ ، ص ٢٦٣ ؛ كفاية الاصول ، ص ١١٦ و١١٧ ؛ الإحكام للآمدي ، ج ١ ، ص ٩٧ ـ ١٠٧.

(٤) ألف : المشمل.

(٥) حاشية الأصل : « إذ لا معنى للاشتمال إلّا حدوث المصلحة بسببها ، وهذا المعنى حاصل في المقدّمة » .

(٦) حاشية الأصل : « يمكن أن يقال : إنّ تعلّق الوجوب فيما يشمل على المصلحة إنّما هو لأنّه لو لم يوجب لزم تفوّت المصلحة وهو مفسدة ، فأمّا إذا علم الشارع أنّه مع عدم إيجابه يجتهد المكلّف في إشفاعه البتّة ، فلأنّه إن يجب حينئذ تعلّق الخطاب [ ؟ ] » .

(٧) حاشية الأصل : « أي الاشتمال المقدّمة عليها » .

(٨) حاشية الأصل : « قوله : فيحرم ، يمكن البحث في هذا التفريع أيضا بأنّ جهة القبح في شيء إنّما تضرّ شيئا لتحريم الشارع ذاك الشيء إذا علم أنّ بدون تحريمه لا يترك ذاك الشيء ، أمّا إذا علم أنّه بدون تحريمه وتعلّق الخطاب به يترك ذلك الشيء فلا نسلّم حينئذ وجوب التعلّق ، والمقدّمة ليست إلّا كذلك » .

٣٤٠