الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-174-5
ISBN الدورة:
الصفحات: ٤٨٨
والأوّل يقتضي أنّ المبدأ المغرب ، فلا يتم قول الأصحاب : إنّ المبدأ الفجر .
والذي يقتضيه النظر أنّ قوله عليهالسلام : « فإن كان الدم إذا أمسكت » لا تعلق له بما تقدم من الحالة التي بينه وبين المغرب ، بل هو بيان لحال المستحاضة من حيث هي ، إلّا أنّ قوله : « فإنّ عليها أن تغتسل في كل يوم وليلة ثلاث مرّات ثم تحتشي وتصلّي وتغتسل للفجر » إلىٰ آخره ، لا يخلو من إجمال ، إذ يحتمل أن يراد بقوله : « وتغتسل للفجر » إلىٰ آخره ، بيان أغسال اليوم والليلة علىٰ تقدير وجود الدم من الفجر .
ويحتمل أن يكون من (١) تتمّة بيان أحكام من نظرت ما بينها وبين المغرب ، ويفيد أنّ الغسل لازم لها علىٰ الوجه المذكور في جميع الصلوات ، فإذا بدأت الكثرة من المغرب واستمرت عليها الغسل للفجر بعد غسل المغرب والعشاء ، وغسل للظهرين ، وغسل للمغرب ، وهكذا ، ويؤيّده قوله : « وهكذا تفعل المستحاضة » فإنّ هذا يدل علىٰ أنّ الحكم المذكور للحائض المستمر دمها إلىٰ أن تصير مستحاضة ، وحكم المستحاضة غير حكمها .
وإنّما قلنا : إنّه مؤيّد مع أنّه ظاهر في تعيّن الاحتمال لإمكان أن يقال : إنّ المراد : وهكذا حكم كل مستحاضة .
لكن لا يخفىٰ أنّ تحقيق الحال في هذا موقوف علىٰ ثبوت اعتبار أوقات الصلوات والاستمرار ، وإن لم يثبت ذلك فالخبر باق علىٰ إجماله ، ولم أَرَ من أوضح الحال في جميع ما ذكرته ، ولا أشار إلىٰ بعضه ، والله وليّ التوفيق .
__________________
(١) في « رض » : في .
قال :
فأمّا ما رواه الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن أبي المغرا (١) ، عن إسحاق بن عمار ، قال سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن المرأة الحبلىٰ ترىٰ الدم اليوم واليومين قال : « إن كان دماً عبيطاً فلا تصلّي ذلك (٢) اليومين ، وإن كان (٣) صفرة فلتغتسل عند كل صلاتين » .
فلا ينافي (٤) ما قدمناه من أنّ أقل الحيض ثلاثة أيّام ، لأنّ الوجه فيه أن ترىٰ اليوم واليومين دماً متوالياً وترىٰ تمام الثلاثة في مدّة العشرة ، لأنّ الحائض متىٰ رأت الدم في مدّة العشرة أيّام ثلاثة أيّام كانت حائضاً وان لم يكن ذلك متوالياً حسب ما رويناه في كتاب تهذيب الأحكام في رواية يونس (٥) .
السند :
ليس فيه ارتياب إلّا من جهة إسحاق بن عمار ، حيث إنّ الشيخ قال : إنّه فطحي (٦) . فالحديث موثّق ، وقد قدّمنا كلاماً في هذا (٧) ، وأنّه لا يبعد
__________________
(١) في الاستبصار ١ : ١٤١ / ٤٨٣ ، ورجال الطوسي : ١٧٩ / ٢٤٨ ، والفهرست : ٦٠ / ٢٢٦ : أبو المعزا ، ولعل الصحيح ما أثبتناه بتقديم الغين المعجمة علىٰ الراء المهملة . راجع رجال النجاشي : ١٣٣ / ٣٤٠ ، وإيضاح الاشتباه : ١٣٨ ، ومجمع الرجال ٢ : ٢٤٦ .
(٢) في الاستبصار ١ : ١٤١ / ٤٨٣ : ذينك .
(٣) في الاستبصار ١ : ١٤١ / ٤٨٣ : كانت .
(٤) في الاستبصار ١ : ١٤١ / ٤٨٣ زيادة : هذا الخبر .
(٥) التهذيب ١ : ٣٨١ / ١١٨٣ ، الوسائل ٢ : ٢٨٧ أبواب الحيض ب ٨ ح ٣ .
(٦) الفهرست : ١٥ / ٥٢ .
(٧) راجع ج ١ : ٢٥٥ ـ ٢٥٦ .
كون الحديث صحيحاً ، وأبو المغرا اسمه حميد ابن المثنىٰ ، وهو ثقة .
فإن قلت : قد ذكر النجاشي (١) أنّ الحسن بن سعيد شارك أخاه الحسين في كتبه وكان شريك أخيه في جميع رجاله إلّا زرعة بن [ محمد ] (٢) الحضرمي وفضالة بن أيوب ، فإنّ الحسين كان يروي عن أخيه عنهما . وهذه الرواية وكثير من أمثالها تقتضي رواية الحسين عن فضالة بغير واسطة .
قلت : الأمر كما ذكرت إلّا أنّ ( النجاشي ذكر ذلك رواية عن غير معلوم الحال (٣) ، والعلّامة في كلامه ما يحتمل ان لا يكون منه علىٰ سبيل الجزم كما يعلم من مراجعته ، علىٰ أنّ في قوله : زرعة بن مهران وهماً كما لا يخفىٰ ، وعلىٰ كل حال لا يبعد أن يقال : إنّ ) (٤) هذا لا يضرّ بالحال لعدالة الواسطة ومعلوميّتها بالاختصاص .
وما قد يتخيل : من أنّ الرواية إذا كانت بالواسطة فتركها نوع من التدليس .
يمكن الجواب عنه : بأنّ المعلوميّة اقتضت الترك ، وإن كان في البين كلام ، لأنّ ذكر فضالة في الرواية عن زرعة يقتضي عدم الالتفات إلىٰ المعلوميّة إلّا أن يفرق بين الرجلين ، ( ولا يخلو من إشكال ، إلّا أنّ المتأخّرين لم يلتفتوا إلىٰ ذكر هذا علىٰ ما رأيت ، ولعل الأمر ليس بعسر بعد ما سمعته .
__________________
(١) في « د » : العلّامة .
(٢) في النسخ : مهران ، والصحيح : محمد ، كما أثبتناه وسيشير إليه ، راجع الخلاصة : ٣٩ .
(٣) رجال النجاشي : ٥٨ / ١٣٦ ، ١٣٧ .
(٤) ما بين القوسين ليس في « فض » و « رض » .
وقد يقال : إنّ كلام النجاشي محتمل لأن يريد أنّ الحسين يروي عن جميع رجال الحسن إلّا في الرجلين ) (١) المذكورين ، فإنّه يروىٰ عنهما بواسطة أخيه ، لا أنّه لا يروي عنهما إلّا بواسطة أخيه ، ويجوز أن يكون راوياً عنهما بغير واسطة إلّا في بعض الأخبار (٢) ، فإنّه يرجّح الرواية عنهما بواسطة ، وهذا كثير في الرواية بالنسبة إلىٰ رواية الشخص تارة بواسطة واُخرىٰ بعدمها ، فليتأمّل .
المتن :
ما ذكره الشيخ فيه وإن بَعُد ، إلّا أنّه وجه للجمع إذا ثبت مذهب الشيخ بعدم اشتراط التوالي ، وقد تقدم في خبر عبد الرحمان بن الحجاج اشتراط الدوام في الدم من الحبلىٰ ، وبيّنا أنّ الظاهر منه اعتبار التوالي ، فيفيد اختصاص الحبلىٰ بالتوالي إذا لم نقل به في غيرها ، وكان علىٰ الشيخ التنبيه ( عليه ببيان ) (٣) احتمال الدوام لغير التوالي ، ولا يبعد توجيهه لو ثبتت الأدلة علىٰ عدم التوالي ، وما أشار إليه الشيخ من رواية يونس له وجه لو صحت الرواية .
ويمكن أن تحمل الرواية المبحوث عنها علىٰ أنّ الحبلىٰ تترك الصلاة (٤) في اليوم واليومين من غير انتظار مضي الثلاثة كما في بعض النساء ، وهذا الوجه وإن بَعُد ليس بأبعد من توجيه الشيخ ، ولا بدّ للعامل بالموثّق القائل بالتوالي من هذا التوجيه ، إلّا أن يذكر غيره .
__________________
(١) ما بين القوسين ليس في « رض » .
(٢) في « رض » : الأحيان .
(٣) في « رض » : على بيان .
(٤) في « فض » : الصلوات .
وما تضمنه الحديث : من أنّه مع الصفرة تغتسل عند كل صلاتين . ولا ينافي ما دل علىٰ التفصيل بالقلة وعدمها ، لإمكان حمل المطلق علىٰ المقيد .
أمّا ما يقتضيه الخبر من أنّ الدم إذا كان عبيطاً لا تصلّي ، وإن كانت صفرة تصلّي بالغسل ، قد يتوهم منه أن لا واسطة بين الدم العبيط والصفرة والحال أنّها موجودة ، ويمكن التوجيه بأنّ الغرض من الصفرة عدم كون الدم عبيطاً ، ولئن استبعد ذلك أمكن استفادة حكم الواسطة من دليل آخر ، وعدم ذكر الإمام عليهالسلام له في الرواية علىٰ نحو غيره من الأحكام الحاصلة من المقيد والمطلق والعام والخاص ، غير أنّ الحكمة لا نعلمها ، والتوجيه واسع الباب .
اللغة :
قال في القاموس : دم عبيط بيّن العُبطة بالضم طريّ (١) .
وفي النهاية : فقأت لحماً عبيطاً ، العبيط : الطَّريّ (٢) ، وفي الحبل المتين : إنّه الخالص الطري (٣) .
قال :
باب الحائض تطهر عند وقت الصلاة
أخبرني الشيخ رحمهالله عن أبي القاسم جعفر بن محمد ، عن
__________________
(١) القاموس المحيط ٢ : ٣٨٦ ( عبط ) .
(٢) النهاية لابن الاثير ٣ : ١٧٢ .
(٣) الحبل المتين : ٤٧ .
محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيىٰ ، عن أحمد بن محمد ، عن الحجال ، عن ثعلبة ، عن معمّر بن يحيىٰ قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام عن الحائض تطهر عند العصر تصلّي الاُولىٰ ؟ قال : « [ لا ، إنّما ] (١) تصلّي الصلاة التي تطهر عندها » .
وبهذا الإسناد عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن الفضل بن يونس ، قال : سألت أبا الحسن الأوّل عليهالسلام قلت : المرأة ترىٰ الطهر قبل غروب الشمس كيف تصنع بالصلاة ؟ قال : « إذا رأت الطهر بعد ما يمضي من زوال الشمس أربعة أقدام فلا تصلّي إلّا العصر ، لأنّ وقت الظهر دخل عليها وهي في الدم ، وخرج عنها الوقت وهي في الدم ، فلم يجب عليها أن تصلّي الظهر ، وما طرح الله عنها من الصلاة وهي في الدم أكثر » قال : « وإذا رأت المرأة الدم بعد ما يمضي من زوال الشمس أربعة أقدام فلتمسك عن الصلاة ، فإذا طهرت من الدم فلتقض الظهر ، لأنّ وقت الظهر دخل عليها وهي طاهرة ، وخرج عنها وقت الظهر وهي طاهرة ، فضيّعت صلاة الظهر فوجب عليها قضاؤها » .
أخبرني أحمد بن عبدون ، عن علي بن محمد بن الزبير ، عن علي بن الحسن بن فضال ، عن علي بن أسباط ، عن علاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهماالسلام قال : قلت : المرأة ترىٰ الطهر عند الظهر فتشتغل في شأنها حتىٰ يدخل وقت العصر ، قال : « تصلّي العصر وحدها ، فإن ضيّعت فعليها صلاتان » .
__________________
(١) أثبتناه من الاستبصار ١ : ١٤١ / ٤٨٤ .
السند :
في الأوّل : الحجال ، والعلّامة في الخلاصة ذكر أنّ الحجال عبد الله ابن محمد (١) . وفي النجاشي : عبد الله بن محمد الأسدي مولاهم كوفي الحجال ، إلىٰ أن قال : ثقة ثقة (٢) . ويؤيّد إرادة المذكور أنّ النجاشي قال في ترجمة ثعلبة بن ميمون : إنّ الراوي عنه عبد الله بن محمد الحجال (٣) .
وأمّا ثعلبة فقد قدّمنا فيه القول (٤) ، وما قد يتخيّل من أنّ ثعلبة لا يتعيّن كونه ابن ميمون ، ليدل علىٰ ما ذكر ، جوابه يعلم من ممارسة الرجال .
وأمّا معمر بن يحيىٰ فهو وإن كان مشتركاً بين الثقة وغيره (٥) إلّا أنّ الراوي عن الثقة ثعلبة ، وقد ذكرنا ظهور ثعلبة في ابن ميمون ، وفي الإيضاح : مَعْمَر بفتح الميم وإسكان العين وتخفيف الميم (٦) .
وفي الثاني : الفضل بن يونس ، والنجاشي وثقه (٧) . وقال الشيخ : إنّه واقفي (٨) . وقد كرّرنا (٩) القول في مثل هذا من حيث إنّ النجاشي مقدّم علىٰ جرح الشيخ ، كما يقتضيه الاعتبار ، وما ظنّه بعض المتأخّرين من أنّه لا منافاة
__________________
(١) خلاصة العلّامة : ١٠٥ / ١٨ .
(٢) رجال النجاشي : ٢٢٦ / ٥٩٥ .
(٣) رجال النجاشي : ١١٧ / ٣٠٢ .
(٤) راجع ج ١ : ٤١٠ .
(٥) هداية المحدثين : ٢٦١ .
(٦) ايضاح الاشتباه : ٣٠٣ .
(٧) رجال النجاشي : ٣٠٩ / ٨٤٤ .
(٨) رجال الطوسي : ٣٥٧ / ٢ .
(٩) في « فض » : ذكرنا ، راجع ص : ٧٨ و ٧٩ .
بين الوقف والتوثيق (١) يدفعه التأمّل في كتاب النجاشي والتدبر في تثبّت مؤلّفه وتحقيقه .
والثالث : لا يخفىٰ حاله بعد ما تقدم .
المتن :
في الأوّل : ظاهره لا يخلو من إجمال : لأن الصلاة التي تطهر عندها محتملة لإرادة وقت الفضيلة أو وقت الإجزاء .
والخبر الثاني : ظاهر الدلالة علىٰ أنّ الطهر إذا وقع بعد أربعة أقدام ( لا تصلّي إلّا العصر ، والتعليل فيه يدل علىٰ أنّ الوقت يراد به الأربعة أقدام ) (٢) وحينئذ فهو بيّن الخبر الأوّل علىٰ تقدير العمل بهما .
فإن قلت : ما تضمنه الخبر الثاني من اعتبار أربعة أقدام لا تتمّ إرادة وقت الفضيلة منه ولا وقت الإجزاء ، أمّا الأوّل : فلأنّ فضيلة الظهر لا تنحصر في الأربعة كما يستفاد من الأخبار وسيأتي ، وأمّا الثاني : فلأنّ الإجزاء لا ريب في امتداد وقته .
قلت : لما ذكرتَ وجه إلّا أنّ إرادة الفضيلة لا ارتياب فيها ، غاية الأمر أنّ الأخبار مختلفة في ذلك ، ( وهذا لا يضرّ بالحال علىٰ تقدير العمل بالخبر .
وما ذكره بعض محققي المعاصرين ـ سلّمه الله ـ من أنّ خبر معمر بن يحيىٰ لعله محمول ) (٣) علىٰ ما إذا لم يبق من الوقت سوىٰ ما يخص
__________________
(١) كالجزائري في الحاوي ٣ : ٢٢٥ .
(٢) ما بين القوسين ليس في « رض » .
(٣) ما بين القوسين ليس في « رض » .
العصر (١) ، لا يخلو من وجه علىٰ تقدير عدم العمل بالخبر الثاني ، لكن الخبر موثق علىٰ تقدير قبول قول الشيخ بالوقف ، والمعلوم من عادة القائل العمل بالموثق ، فعدم النظر إلىٰ الحديث ونقله لا يخلو من غرابة .
وفي مدارك شيخنا قدسسره بعد نقل رواية معمر بن يحيىٰ : ويمكن حملها علىٰ ( ما إذا لم تدرك من آخر الوقت إلّا مقدار أربع ركعات ، فإنّه يختص بالعصر كما سيجيء بيانه (٢) . انتهىٰ .
وأشار بقوله كما سيجيء إلىٰ ) (٣) ما ذكره في المواقيت (٤) ، والمذكور فيها لا يخلو من نظر ، كما ستعلمه إن شاء الله . وعلىٰ تقدير تمامية دليل الاختصاص فعموم دليل الاشتراك بين الفرضين لا يمنع التخصيص .
ثم إنّ الخبر المبحوث عنه ربما يتناول إدراك الركعة من العصر ، لأنّ قوله عليهالسلام : « إنّما تصلّي التي تطهر عندها » يتناول الجميع والبعض . وفيه : أنّ المتبادر جميع الوقت وسيجيء إن شاء الله تعالىٰ بيان ما لا بدّ منه في موضعه .
وما تضمنه الخبر الثاني من قوله « وما طرح الله عنها من الصلاة » إلىٰ آخره ، لعلّ المراد به أنّ ما فاتها من الصلاة في حال الحيض أكثر من الصلاة الفائتة حال مضيّ أربعة أقدام .
ثم ما يفيده الخبر من حكم المرأة إذا رأت الدم بعد ما يمضي من الزوال أربعة أقدام ، لو صح الحديث لا مجال للتوقف فيه بسبب الشك في
__________________
(١) الشيخ البهائي في الحبل المتين : ٤٩ .
(٢) المدارك ١ : ٣٤٢ .
(٣) ما بين القوسين ليس في « رض » .
(٤) المدارك ٣ : ٩٢ ـ ٩٤ .
بعض المقدمات ، وستسمع القول في المسألة عن قريب إن شاء الله .
وما تضمنه الخبر الثالث من قوله عليهالسلام : « فإن ضيّعت فعليها صلاتان » لعلّ المراد به أنّ دخول وقت العصر إن كان في غير زمان اشتغالها بمقدمات الصلاة ، بل اتفق دخوله حال تركها كذلك فعليها صلاة الظهر والعصر ، غير أنّ المقام لا يخلو بعد من إجمال ، لأنّ وقت العصر الداخل إن كان المراد به المختص ، يشكل الحال بأنّ عدم الاشتغال في المقدمات لا يقتضي وجوب قضاء الظهر مطلقاً ، بل إذا علم أنّ الوقت يتّسع فعل الظهر مع المقدمات أو فعل بعضها معها علىٰ المشهور ، وإن كان المراد ما يعم المشترك يشكل الحكم بصلاة العصر وحدها ، إلّا أن يقال : إنّ هذا الحكم مفاد الخبر الأوّل بإطلاقه . وفيه : أنّ الخبر الأوّل في ظاهره ما يدفع هذا الحكم بعد التأمّل فيه .
علىٰ أنّ مفاد الخبر المبحوث عنه أنّ عدم الاشتغال بالمقدمات المعتبر عنه بالتضييع علىٰ الظاهر من الكلام يفيد لزوم الصلاتين ، وعلىٰ تقدير إرادة المشترك يشكل فعل العصر وحدها علىٰ قول (١) المتأخّرين (٢) وظاهر الشيخ (٣) .
فإن قلت : ما وجه حمل قوله : « فإن ضيّعت » إلىٰ آخره ، علىٰ ما ذكرت مع إمكان الحمل علىٰ أنّها لو تركت الصلاة عليها القضاء ؟
قلت : هذا الاحتمال يدفعه التأمّل الصادق في مدلول الخبر ، والله تعالىٰ أعلم بالحال .
__________________
(١) في « فض » و « د » : قوانين .
(٢) منهم العلّامة في المنتهىٰ ١ : ١١٤ ، ٢١٠ ، والمحقّق في المعتبر ١ : ٢٣٧ ، والشهيد الثاني في المسالك ١ : ١٤٦ ـ ١٤٧ .
(٣) المبسوط ١ : ٧٣ ، كتاب الخلاف ١ : ١٧٣ .
قال :
فأمّا ما رواه علي بن الحسن (١) ، عن محمد بن الربيع ، عن سيف ابن عميرة ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « إذا طهرت الحائض قبل العصر صلّت الظهر والعصر ، فإن طهرت في آخر وقت العصر صلّت العصر » .
فلا ينافي الخبر الأوّل ، لأنّ قوله : إذا طهرت قبل وقت العصر ، يجوز أن يكون ذلك وقت الظهر فلأجل ذلك وجب عليها قضاء الظهر والعصر ، ولو كان وقت العصر لا غير لما وجب عليها إلّا صلاة العصر .
فأمّا ما رواه محمد بن علي بن محبوب ، عن يعقوب ، عن أبي همام ، عن أبي الحسن الأوّل عليهالسلام في الحائض إذا اغتسلت في وقت العصر : « تصلّي العصر ثم تصلي الظهر » .
فلا ينافي أيضاً ما قدّمناه ، لأنّه إنّما أخبر عمّن تغتسل في وقت العصر ، ويجوز أن يكون (٢) طهرت في وقت الظهر وأخّرت الغسل إلىٰ أن اغتسلت في وقت قد يضيّق للعصر ، فلأجل ذلك أمرها بالظهر بعد أن تصلّي العصر .
السند :
في الأوّل : قد تقدم القول في رجاله ، سوىٰ محمد بن الربيع وهو مشترك في الرجال بين مهملين .
__________________
(١) في الاستبصار ١ : ١٤٢ / ٤٨٧ : الحسين .
(٢) في الاستبصار زيادة : قد .
ويعقوب في الثاني محتمل لابن يزيد الثقة ، وابن يقطين المذكور في رجال الرضا عليهالسلام مهملا (١) ، إلّا أن المتكرّر في الكتاب رواية محمد بن علي بن محبوب عن يعقوب بن يزيد ، ففي باب صلاة المغمىٰ عليه : محمد بن علي بن محبوب ، عن يعقوب بن يزيد (٢) ، وكذلك في باب صلاة الخوف (٣) ، وغير ذلك ، وحينئذ فالظاهر ظهور ابن يزيد .
المتن :
في الأوّل : لا يخرج عن الإطلاق بالنسبة إلىٰ قوله : « إذا طهرت قبل العصر » إلّا أنّ قوله : « فإن طهرت في آخر وقت العصر » ربما يفيد تقييده بإدراك غير المختص بالعصر علىٰ تقدير أن يراد بآخر وقت العصر المختص كما هو الظاهر .
والخبر المتقدم الدال علىٰ أنّ المرأة إذا رأت الطهر بعد أربعة أقدام تصلّي العصر فقط ، صريح المنافاة لهذا الخبر حينئذ .
والحمل المذكور من الشيخ علىٰ أنّ المراد وقت الظهر . إن اُريد به المختص بالظهر أشكل بأنّ الرواية تضمّنت آخر وقت العصر ، فلو كان المراد وقت الظهر المختص بقي الوقت المشترك مسكوت الحكم ، والمطلوب في الرواية بيانه . إلّا أن يقال بعدم معلوميّة إرادته من الإمام عليهالسلام .
ولو أراد الشيخ بوقت الظهر الأعم من المختص ، بل وقت الفضيلة أو المشترك كما يقتضيه قوله : ولو كان وقت العصر لا غير ، أشكل بما تقدم
__________________
(١) رجال الطوسي : ٣٩٥ / ١٢ ، ١٣ .
(٢) الاستبصار ١ : ٤٥٨ / ١٧٧٧ .
(٣) الاستبصار ١ : ٤٥٦ / ١٧٦٧ .
من الخبر المتضمن لأربعة أقدام ، فما ظنّه الشيخ من انتفاء المنافاة بجميع ما تقدم محل كلام ، ومن توقف عمله علىٰ الخبر الصحيح قد يخفّ عنه الإشكال .
( وأمّا الخبر الثاني : ) (١) فما ذكره الشيخ فيه لا يخلو من وجه ، إلّا أنّ قوله : قد ( تضيق العصر ) (٢) . في الظاهر يريد به الوقت المختص بالعصر ، ووجوب الصلاة حينئذ مبني علىٰ أنّ إدراك (٣) شيء من الوقت يقتضي وجوب الصلاة ، إذ الغسل في المختص لا بد أن يقصر الوقت معه عن الفعل ، والأخبار الدالة علىٰ ذلك لا يخلو من قصور في السند ، إلّا أنّ العلّامة في المنتهىٰ قال : إنّه لا خلاف فيه بين أهل العلم (٤) . ولعل ضميمة هذا إلىٰ الأخبار تسهل الخطب ، وسيأتي تفصيل القول في بابه إن شاء الله .
قال :
فأمّا ما رواه علي بن الحسن ، عن محمد بن عبد الله بن زرارة ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « إذا طهرت المرأة قبل طلوع الفجر صلّت المغرب والعشاء الآخرة ، وإن طهرت قبل أن تغيب الشمس صلّت الظهر والعصر » .
عنه ، عن عبد الرحمان بن أبي نجران ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « إذا طهرت المرأة قبل غروب الشمس
__________________
(١) ما بين القوسين ليس في « فض » و « د » .
(٢) في « رض » : يضيق للعصر .
(٣) في « رض » : من أدرك .
(٤) المنتهىٰ ١ : ٢٠٩ .
فلتصلّ الظهر والعصر ، وإن طهرت من آخر الليل فلتصلّ المغرب والعشاء » .
عنه ، عن أحمد بن الحسن ، عن أبيه ، عن ثعلبة ، عن معمر بن يحيىٰ ، عن داود الزجاجي ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : « إذا كانت المرأة حائضاً وطهرت قبل غروب الشمس صلّت الظهر والعصر ، وإن طهرت من آخر الليل صلّت المغرب والعشاء الآخرة » .
عنه ، عن محمد بن علي ، عن أبي جميلة . ومحمد أخيه ، عن أبيه ، عن أبي جميلة ، عن عمر بن حنظلة ، عن الشيخ عليهالسلام قال : « إذا طهرت المرأة قبل طلوع الفجر صلّت المغرب والعشاء الآخرة ، وإن طهرت قبل أن تغيب الشمس صلّت الظهر والعصر » .
فالوجه في الجمع بين هذه الأخبار أن نقول : إنّ المرأة إذا طهرت بعد زوال الشمس إلىٰ أن يمضي منه أربعة أقدام فإنّه يجب عليها قضاء الظهر والعصر معاً ، وإذا طهرت بعد مضي أربعة أقدام فإنّه يجب عليها قضاء العصر لا غير ، ويستحب لها قضاء الظهر إذا كان طهرها إلىٰ مغيب الشمس ، وكذلك يجب عليها قضاء المغرب والعشاء إلىٰ نصف الليل ، ويستحب لها قضاؤهما إلىٰ عند طلوع الفجر ، وعلىٰ هذا الوجه لا تنافي بين الأخبار .
السند :
في الأوّل : قد قدّمنا ما في طريق الشيخ إلىٰ علي بن الحسن من الجهالة ، وكذلك ذكرنا حال محمد بن عبد الله بن زرارة من أنّه لا يخلو من
مدح في الرجال ، وأمّا محمد بن الفضيل فهو مشترك بين ثقة وغيره (١) ، وأبو الصباح هو إبراهيم بن نعيم الثقة .
والثاني : ضمير عنه فيه يرجع إلىٰ علي بن الحسن ، وقد علمت حال الطريق إليه ، وحال علي بن الحسن مشهور بالفطحية .
والثالث : فيه مع ما تقدم عن قريب وبعيد داود الزجاجي وهو مذكور في رجال الباقر والصادق عليهماالسلام من كتاب الشيخ مهملا (٢) ، والذي رأيته في النسخة بالدال المهملة ، وفي نسخة الاستبصار بالزاي ، والأمر سهل .
والرابع : فيه مع ما تقدم محمد بن علي ، ولا يبعد أن يكون ابن محبوب ، إلّا أن احتمال غيره قائم ، ومحمد فيه معطوف علىٰ محمد بن علي ، وضمير أخيه لعلي ، ومحمد مذكور في الكشي عن محمد بن مسعود : أنّه من الفطحية من غير توثيق (٣) . وأبو جميلة هو المفضل بن صالح ، وقد ضعّفه العلّامة في الخلاصة قائلا : إنّه كان يضع الحديث (٤) ، وعمر بن حنظلة قدمنا القول فيه (٥) .
المتن :
ما قاله الشيخ من الجمع لا يخلو من نظر ، لأنّ مفاد الأخبار المذكورة لا يخرج من الإطلاق ، والسابق من الأخبار مقيد ، لكن التقييد خاص بالظهر والعصر ، أمّا المغرب والعشاء فلا ذكر لهما فيها ، فإن كان الشيخ نظر إلىٰ أنّ
__________________
(١) هداية المحدثين : ٢٤٩ .
(٢) رجال الطوسي : ١٢٠ / ٦ ، ١٩١ / ٢٤ .
(٣) رجال الكشي ٢ : ٦٣٥ .
(٤) خلاصة العلّامة : ٢٥٨ / ٢ .
(٥) في ص ٦٢ .
الحكم في الجميع واحد نظراً إلىٰ إمكان جريان التعليل ، أشكل بأنّ التقييد (١) بنصف الليل لا يناسب ذلك ، لأنّ وقت الظهر لا يعتبر آخره ، كما صرح به الشيخ تبعاً للنص ، وحينئذ لا يتم إطلاق القول في المغرب والعشاء ، ولا مانع من حمل الأخبار فيهما علىٰ امتداد الوقت إلىٰ الفجر ويكون من [ قبيل ] (٢) وقت المضطر ، وسيأتي من الشيخ ذكر ذلك .
إلّا أن يقال : إنّ الأخبار إذا دلّت علىٰ اتحاد حكم المغرب والعشاء والظهر والعصر كان الفرق بين كل من المغرب والعشاء والظهر والعصر غير مناسب للحكمة من إطلاق الإمام عليهالسلام ، فلا بد علىٰ تقدير الاستحباب في الظهرين القول به في العشاءين ، وفيه ما قدّمناه ، فليتأمّل .
ثم ما ذكره الشيخ : من أنّ قضاء الظهر مستحب إلىٰ غياب الشمس . لا يخلو من تسامح ، بل الظاهر أنّه لا يخلو من خلل ، إذ الدليل علىٰ استحباب القضاء للظهر علىٰ تقدير إدراك المختص بالعصر غير واضح .
ولو حملت الأخبار الدالة علىٰ أنّ الطهر قبل الغروب يقتضي صلاة الفرضين علىٰ الاستحباب زاد الإشكال ، أوّلاً : في ذكر الظهر فقط ، وثانياً : إنّ المطلوب وجوب قضاء العصر واستحباب قضاء الظهر ، وبالجملة فالكلام واسع البحث والمحصّل ما قلناه .
إذا عرفت هذا فاعلم أنّ العلّامة في المختلف نقل عن الشيخ في المبسوط أنّه قال فيه : إذا طهرت بعد زوال الشمس إلىٰ دخول وقت العصر قضت الصلاتين معاً وجوباً ، ويستحب لها قضاؤهما إذا طهرت قبل مغيب
__________________
(١) في « رض » : التعليل .
(٢) في النسخ : قبل ، والظاهر ما أثبتناه .
الشمس بمقدار ما تصلّي خمس ركعات . وكذلك نقل عن ابن البراج (١) .
ثم قال العلّامة : والصحيح أنّها إذا اتسع زمانها للطهارة وأداءِ خمس ركعات وجب عليها فعل الصلاتين معاً كما قال ـ يعني الشيخ ـ بعد ذلك : فإن لحقت قبل المغيب ما تصلّىٰ فيه ركعة لزمها العصر . لنا ما رواه الشيخ ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، وذكر الرواية السابقة المشتمل سندها هنا علىٰ محمد بن الربيع .
ثم قال العلّامة عقيب الرواية : قال الشيخ عقيب الأخبار التي أوردها : والذي اُعوّل عليه في الجمع أنّ المرأة إذا طهرت بعد زوال الشمس إلىٰ أن يمضي أربعة أقدام فإنّه يجب عليها قضاء الظهر والعصر معاً . . . إلىٰ آخر ما هنا ، وإن كان ظاهر أوّل الكلام أنّه من غير الكتاب .
ثم إنّ كلام العلّامة لا يخلو من نظر في مواضع .
أمّا أولاً : فالاستدلال بالرواية لا يخفىٰ حاله .
وأمّا ثانياً : فعدم ذكر الأخبار المعارضة والاقتصار علىٰ نقل كلام الشيخ أغرب .
وأمّا ثالثاً : فما ذكره من أنّ إدراك الركعة من الظهر يوجب إدراك الصلاة ، لا يخلو دليله من الأخبار من قصور كما سبقت إليه الإشارة ، والإجماع في المقام منتف مع خلاف الشيخ ، إلّا أن يكون الإجماع بعد الشيخ ، وكلام المنتهىٰ السابق نقله يدل علىٰ خلاف ذلك (٢) ، ولا يخفىٰ أنّ كلام الشيخ يخالف القول في العصر أيضاً ، كما يعلم بالتأمّل الصادق ، ولم أر تحقيق الحال في المقام .
__________________
(١) المختلف ١ : ١٩٧ ، وهو في المبسوط ١ : ٤٥ ، والمهذب ١ : ٣٦ .
(٢) المتقدم في ص ٣٩٣ .
والعلّامة رحمهالله لم يلتفت إلىٰ تحقيق أمثال هذه المواضع ، والظاهر أنّ سبب ذلك العجلة كما هي عادته في مصنفاته .
قال :
باب المرأة تحيض بعد أن دخل عليها وقت الصلاة
أخبرني أحمد بن عبدون ، عن علي بن محمد بن الزبير ، عن علي بن الحسن ، عن محمد بن الوليد ، عن يونس بن يعقوب ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : في امرأة دخل وقت الصلاة وهي طاهرة فأخّرت الصلاة حتىٰ حاضت قال : « تقضي إذا طهرت » .
أحمد بن محمد ، عن شاذان بن خليل النيسابوري ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : سألته عن المرأة تطمث بعد ما تزول الشمس ولم تصلّ الظهر هل عليها قضاء تلك الصلاة ؟ قال : « نعم » .
السند :
في الأوّل : قد تقدّم بيان رجاله ، وأمّا محمد بن الوليد فهو الخزاز علىٰ الظاهر ، لأنّ النجاشي قال : إنّه يروي عن يونس بن يعقوب . ولا يضر كون الراوي عنه في النجاشي أحمد بن محمد بن خالد (١) ، لأنّ مرتبة علي ابن الحسن لا تأبىٰ ذلك . وذكر الكشي إنّه فطحي في جملة آخرين (٢) . والنجاشي قال : إنّه ثقة عين (٣) ، ولم يذكر إنّه فطحي .
__________________
(١) رجال النجاشي : ٣٤٥ / ٩٣١ .
(٢) رجال الكشي ٢ : ٨٣٥ / ١٠٦٢ .
(٣) رجال النجاشي : ٣٤٥ / ٩٣١ .
والعلّامة في الخلاصة قال بعد نقل كلام الكشي وكلام النجاشي (١) : والذي يظهر لي أنّه الذي ذكره الكشي .
والشيخ في الفهرست ذكره مرّتين من غير ذكر التوثيق وأنّه فطحي (٢) ، وحينئذ يبقىٰ الكلام في ترجيح قول النجاشي علىٰ كلام الكشي لما يعلم من شأن النجاشي ( في كتابه وزيادة تثبّته ) (٣) .
وما يوجد في كلام جماعة من الأصحاب أنّ الترجيح هنا لا حاجة إليه ، لإمكان الجمع بين الثقة وكونه فطحيا ، محل بحث لما ذكرناه ، والأمر هنا سهل ، لضعف الخبر بغيره أو عدم صحته .
والثاني : فيه شاذان بن الخليل ، وهو مذكور في رجال الجواد عليهالسلام من كتاب الشيخ مهملاً (٤) .
المتن :
في الخبرين لا يخلو من إجمال ، أمّا الأوّل : فلأنّ دخول وقت الصلاة يحتمل (٥) أن يراد به المختص أو المشترك أو هما ، وقد تقدّم في خبر الفضل بن يونس أنّ المرأة إذا رأت الدم بعد ما يمضي من زوال الشمس أربعة أقدام فلتمسك عن الصلاة ، فإذا طهرت من الدم فلتقض الظهر ، لأنّ وقت الظهر دخل عليها وهي طاهرة وخرج عنها وقت الظهر وهي طاهرة
__________________
(١) خلاصة العلّامة : ١٥١ / ٦٩ .
(٢) الفهرست : ١٤٨ / ٦٢٥ و ١٥٤ / ٦٨٤ .
(٣) في « فض » : في كفاية زيادة تثبته .
(٤) رجال الطوسي : ٤٠٢ / ١ .
(٥) ليست في « فض » .
فضيّعت صلاة الظهر فوجب عليها قضاؤها (١) .
والمستفاد من الرواية أنّه إذا لم يمض مقدار أربعة أقدام ورأت الدم لا يجب عليها قضاء الظهر ، والأربعة أقدام ليست وقت الظهر المختص دائماً ، ولا المشترك علىٰ الإطلاق ، وحينئذ بتقدير العمل بالخبرين لا بدّ من تقييد أحدهما بالآخر ، ولا أدري الوجه في عدم تعرض الشيخ لذلك مع كونه مهماً بالنسبة إليه .
ثم إنّ خبر الفضل تضمن أنّ موجب القضاء كون المرأة ضيّعت ، والتضييع محتمل لأن يراد به عدم فعل الصلاة بمجرّده ، ويحتمل أن يراد به التخصيص بصورة التمكن من الشروط والأفعال المعتبرة ، إلّا أنّ الأوّل له ظهور من الرواية .
والثاني فيه إطلاق من حيث إنّ قوله : بعدما تزول الشمس . يتناول مضي أربعة أقدام وعدمه ، فالتقييد بالخبر السابق كالأول لا بدّ منه .
وربما يستفاد من حديث الفضل خروج وقت الظهر بالأربعة أقدام . واحتمال الاختصاص بالحائض ممكن ، إلّا أنّ الشيخ قائل في بعض كتبه : بأنّ وقت الظهر يخرج بالأربعة أقدام لغير المضطرّ . لكن دليله محل كلام ، وسيأتي إن شاء الله تعالىٰ إمكان حمل ما دل علىٰ خروج الوقت بذلك علىٰ تقدير سلامة سنده علىٰ خروج الفضيلة في الجملة .
وأمّا في خصوص الرواية المبحوث عنها فالأمر مشكل ، غير أنّ عدم الصحة يخفّف الإشكال ، وعلىٰ تقدير الصحة يمكن القول بالاختصاص بموردها .
__________________
(١) في ص ٣٨٦ .