السيد جعفر مرتضى العاملي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-191-2
ISBN الدورة:
الصفحات: ٣٥٠
تأخذه الألسنة فيه؟ ولماذا يكون أشدهم عليه أبو بكر؟ ولماذا لا يترك هذا أمره لرسول الله «صلىاللهعليهوآله»؟!
وإذا كان «صلىاللهعليهوآله» قد قال : أرواحنا كانت بيد الله عزوجل فأرسلها أنى شاء .. فهل كان هؤلاء اللائمون أشد حرصا من نفس النبي «صلىاللهعليهوآله» ..
الشيطان وبلال :
وأما حديث الشيطان وبلال ، فلا مجال لقبوله أيضا لأكثر من سبب ..
فأولا : إن بلالا قد شعر بهذا الشيطان حين جاء إليه ، وصار يهدئه ، حسبما صرحت به الرواية ، فلماذا لم يسأله ـ بلال ـ عن نفسه من هو؟ ..
وكيف اطمأن واستسلم إليه ، إلى حد أنه جعل يهدئه كما يهدئ الصبي حتى ينام؟! .. مع أنه شخص غريب عنه ، ولا يعرف عنه شيئا؟!
وألم يكن المفروض ببلال أن ينذر النائمين بوجود هذا الغريب؟!
وأليس ذلك هو مهمته التي سهر من أجلها؟!
ثانيا : إن الرواية تقول : إن الشيطان قد جاء إلى بلال وهو يصلي ، وصار يهدئه حتى ينام ، مع أن الروايات المتقدمة صرحت : بأن بلالا قد صلى ما شاء الله أن يصلي ، ثم أسند ظهره إلى بعيره ، واستقبل الفجر يراقبه ، فغلبته عينه ، فنام ..
ثالثا : بالنسبة لخروجهم من ذلك الوادي الذي كان به شيطان نسأل : لماذا لم يهرب الشيطان من ذلك الوادي بمجرد وصول رسول الله «صلىاللهعليهوآله» إليه؟! ..
وهل لذلك الشيطان دور في نومه «صلىاللهعليهوآله» عن صلاته؟! .. وكيف يكون له دور في ذلك ، والله تعالى يقول : (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)؟! (١).
رابعا : أين كان عمر بن الخطاب آنذاك؟!
أليس يقولون : إن النبي «صلىاللهعليهوآله» قال له : إن الشيطان ليخاف منك يا عمر؟! (٢) أو : ما لقيك الشيطان قط سالكا فجا إلا سلك فجا غير فجك؟! (٣).
__________________
(١) الآية ٩٩ من سورة النحل.
(٢) أسد الغابة ج ٤ ص ٦٤ ونوادر الأصول للحكيم الترمذي ص ٥٨ ومسند أحمد ج ٥ ص ٣٥٣ و ٣٥٤ باختلاف ، ودلائل الصدق ج ١ ص ٣٩٠ و ٣٩١ عن الترمذي وج ٢ ص ٢٩٣ وصححه هو والبغوي في مصابيحه ، وليراجع : الغدير ج ٨ ص ٦٤ و ٦٥. والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٦٢ والسنن الكبرى للبيهقي ج ١٠ ص ٧٧ والتراتيب الإدارية ج ٢ ص ١٣١.
(٣) عن صحيح البخاري ج ٤ ص ٩٦ و ١٩٩ وج ٧ ص ٩٣ و ١١٥ فضائل أصحاب النبي (٦) والأدب (٦٨) وبدء الخلق (١١) ، وعن صحيح مسلم ج ١٥ ص ١٦٥ والصحابة (٢٢) ومسند أحمد ج ١ ص ١٧١ و ١٨٢ و ١٨٧ والبحار ج ٣١ ص ٢٥ والغدير ج ٨ ص ٩٤ وإقحام الأعداء والخصوم ص ١٠٤ وعن فتح الباري ج ٧ ص ٣٨ وج ١٠ ص ٣٩٩ وج ١١ ص ٤٥٧ والديباج على مسلم ج ٥ ص ٣٠٨ وتحفة الأحوذي ج ١٠ ص ١٢٢ و ١٢٣ وعن السنن الكبرى للنسائي ج ٦ ص ٦٠ ومسند أبي يعلى ج ٢ ص ١٣٣ وصحيح ابن حبان ج ١٥ ص ٣١٦ ورياض الصالحين ص ٦٩٠ وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج ١٢ ص ١٧٨ وكنز العمال ج ١١ ص ٥٧٥ وج ١٢ ص ٦٠٢ وكشف الخفاء ج ٢ ص ٣٤٤ والجامع لأحكام القرآن ج ٨ ص ٢٠٥ والمستصفى للغزالي
بل إن شياطين الجن والإنس يفرون منه (١) كما رووا عنه «صلىاللهعليهوآله»؟!
فلماذا لم يسلك هذا الشيطان المزعوم فجا آخر غير ذلك الوادي ، ألم يعلم : أن عمر قد نزل فيه؟!
إلا أن يقال : إن الشيطان قد استغل فرصة نوم عمر لينال من بلال!!
خامسا : لماذا يأمر النبي «صلىاللهعليهوآله» أصحابه بالخروج من الوادي ، لأن فيه شيطانا؟! أليس في ذلك تخويف لهم من الشيطان إلى حد أنه «صلىاللهعليهوآله» يحملهم على الهروب من الوادي!!
ألم يكن الأنسب أن يقويهم ، ويرفع من معنوياتهم ضد ذلك الشيطان؟! ويعلّمهم ما يوجب خزيه وهروبه؟!
__________________
ـ ص ١٧٠ والمحصول ج ٦ ص ١٣٤ والطبقات الكبرى ج ٨ ص ١٨١ وتاريخ مدينة دمشق ج ٤٤ ص ٧٨ و ٨٠ وسبل الهدى والرشاد ج ١١ ص ٢٧٥.
(١) دلائل الصدق ج ١ ص ٣٩٠ والتاج الجامع للأصول ج ٣ ص ٣١٤ والغدير ج ٨ ص ٦٥ وعن مصابيح السنة ج ٢ ص ٢٧١ وعن مشكاة المصابيح ص ٥٥٠ وعن الرياض النضرة ج ٢ ص ٢٠٨ وحياة الصحابة ج ٢ ص ٧٦٠ و ٧٦١ عن منتخب كنز العمال ج ٤ ص ٣٩٣ عن ابن عساكر ، وابن عدي ، والمشكاة ص ٢٧٢ عن الشيخين والمسترشد ص ١٨٥ وأضواء على الصحيحين ص ٣٠٤ وسنن الترمذي ج ٥ ص ٢٨٥ وتحفة الأحوذي ج ١٠ ص ١٢٤ وعن السنن الكبرى للنسائي ج ٥ ص ٣٠٩ والجامع الصغير ج ١ ص ٤٠١ وفيض القدير ج ٣ ص ١٦ وتاريخ مدينة دمشق ج ٤٤ ص ٨٢.
رد الشمس لعلي عليهالسلام في خيبر :
وذكروا : أن الشمس قد ردت ـ بعدما غربت ـ لعلي «عليهالسلام» في الصهباء ، قرب خيبر (١).
وفي بعض الروايات : أنه «صلىاللهعليهوآله» كان مشغولا بقسم الغنائم في خيبر.
وفي نص آخر : كان النبي «صلىاللهعليهوآله» قد أرسله في حاجة فعاد ، فنام «صلىاللهعليهوآله» على ركبته ، وصار يوحى إليه .. فغابت الشمس ، أو كادت.
وفي بعض الروايات : أنها قد ردت إليه مرات عديدة ، وقد ذكرنا تفصيل ذلك في كتابنا : «رد الشمس لعلي عليهالسلام» ، فراجع.
غير أننا سوف نكتفي هنا : بالإلماح إلى نقاط يسيرة ، حول ما كان في
__________________
(١) مصادر ذلك كثيرة ، فراجع : مناقب الإمام أمير المؤمنين للكوفي ج ٢ ص ٥١٧ ومشكل الآثار ج ٢ ص ٩ وج ٤ ص ٣٨٩ وكفاية الطالب ص ٣٨٥ والشفاء ج ١ ص ٢٨٤ والمعجم الكبير ج ٢٤ ص ١٤٥ وكنز العمال ج ١٢ ص ٣٤٩ وعمدة القاري ج ١٥ ص ٤٣ والبداية والنهاية ج ٦ ص ٨٠ واللآلي المصنوعة ج ١ ص ٣٣٨ و ٣٣٩ و ٣٤٠ ومنهاج السنة ج ٤ ص ١٩١ و ١٨٨ و ١٨٩ والسيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ٢٠١ والسيرة الحلبية ج ١ ص ٣٨٦ و ٣٨٥ والبحار ج ٤١ ص ١٦٧ و ١٧٤ و ١٧٩ وج ٢١ ص ٤٢ و ٤٣ عن علل الشرائع ص ١٢٤ وعن المناقب ج ١ ص ٣٥٩ و ٣٦١ وعن الخرايج والجرايح ، ونسيم الرياض ج ٣ ص ١٠ و ١١ و ١٢ والمواهب اللدنية ج ٢ ص ٢٠٩ و ٢١٠ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٥٨ وعن المنتقى في مولد المصطفى للكازروني.
غزوة خيبر ، فنقول :
رواة حديث رد الشمس :
إن حديث رد الشمس لعلي «عليهالسلام» في المواضع المختلفة قد روي عن ثلاثة عشر صحابيا ، وقد وردت رواية اثني عشر منهم في مصادر أهل السنة أيضا. وهم :
١ ـ علي أمير المؤمنين «عليهالسلام».
٢ ـ والإمام الحسين «عليهالسلام».
٣ ـ وأسماء بنت عميس.
٤ ـ وأبو هريرة.
٥ ـ وأبو ذر.
٦ ـ وأم هانئ.
٧ ـ وعبد خير.
٨ ـ وأم سلمة.
٩ ـ وجابر بن عبد الله الأنصاري.
١٠ ـ وأبو سعيد الخدري.
١١ ـ وسلمان.
١٢ ـ وأنس.
١٣ ـ وأبو رافع مولى رسول الله «صلىاللهعليهوآله» (١).
__________________
(١) تجد هذه الروايات في : كتاب مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي ص ٩٦ وميزان الإعتدال ج ٣ ص ١٧٠ ومشكل الآثار ج ٢ ص ٨ وج ٤ ص ٣٨٨ ـ ٣٩٠
__________________
وكفاية الطالب ص ٣٨١ ـ ٣٨٨ وفتح الملك العلي ص ١٦ و ١٧ و ١٨ و ١٩ ـ ـ و ٢١ و ١٤١ و ١٤٤ وعن الرياض النضرة ص ١٧٩ و ١٨٠ ، وراجع : البداية والنهاية ج ٦ ص ٧٧ ـ ٨٧ والمناقب للخوارزمي ص ٣٠٦ و ٣٠٧ ولسان الميزان ج ٥ ص ٧٦ و ١٤٠ و ٣٠١ وكنز العمال ج ١٢ ص ٣٤٩ وج ١١ ص ٥٢٤ وج ١٣ ص ١٥٢ والشفاء لعياض ج ١ ص ٢٨٤ وترجمة الإمام علي «عليهالسلام» من تاريخ ابن عساكر (بتحقيق المحمودي) ج ٢ ص ٢٨٣ ـ ٣٠٧ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٥٨ وصفين لنصر بن مزاحم ص ١٣٥ وينابيع المودة للقندوزي ص ١٣٨ وتذكرة الخواص ص ٤٩ ـ ٥٣ ونزل الأبرار ص ٧٦ ـ ٧٩ والضعفاء الكبير للعقيلي ج ٣ ص ٣٢٧ و ٣٢٨ ولسان الميزان ج ٥ ص ١٤٠ والمعجم الكبير ج ٢٤ ص ١٤٥ ـ ١٥٨ ومنهاج السنة ج ٢ ص ١٨٦ ـ ١٩٥ ومجمع الزوائد ج ٣ ص ٥٠ وج ٨ ص ٢٩٧ وكشف الخفاء للعجلوني ج ١ ص ٢٢٠ و ٤٢٨ والمقاصد الحسنة للسخاوي ص ٢٢٦ والخصائص الكبرى للسيوطي ج ٢ ص ٣٢٤ وعمدة القاري للعيني ج ١٥ ص ٤٣ واللآلي المصنوعة للسيوطي ج ١ ص ٣٣٦ ـ ٣٤١ والفصل لابن حزم ج ٢ ص ٨٧ وج ٥ ص ٣ و ٤ عن كتاب رد الشمس للفضلي العراقي وفتح الباري ج ٦ ص ١٥٥ عن الطبراني في الكبير ، والحاكم ، والبيهقي في الدلائل ، والطحاوي ، وفرائد السمطين ج ١ ص ١٨٣ ، ونهج السعادة ج ١ ص ١١٧ وج ٧ ص ٤٤٨ و ٤٤٩ والإمام علي «عليهالسلام» لأحمد الهمداني ص ١٧٧ ـ ١٧٩ وإفحام الأعداء والخصوم ص ٢٦ وشرح معاني الآثار ج ١ ص ٤٥ ـ ٤٧ وتذكرة الموضوعات للفتني ص ٩٦ وحقائق التأويل ص ٧٤ وشواهد التنزيل ج ١ ص ٩ و ١٠ ـ ١٦ ورجال النجاشي ص ٨٥ و ٤٢٨ والفهرست ص ٧٩ وتفسير نور الثقلين ج ٥ ص ٢٢٥ وجواهر المطالب في مناقب الإمام علي ج ١ ص ١١١ ـ ١١٤ و ١١٧ و ١١٨ و ١١٩ والإحتجاج (ط النجف) ج ١ ص ١٦٦ ومائة منقبة ص ٨ والمستجاد من
__________________
الإرشاد ص ١٣٥ والصراط المستقيم ج ١ ص ١٦ و ٩٩ و ١٠٤ و ١٥٣ و ٢٠١ ـ ـ وحلية الأبرار ج ٢ ص ٣٢٧ وكشف الظنون ج ٢ ص ١٤٩٤ وبشارة المصطفى ، ومرآة الجنان ج ٤ ص ١٧٨ والجامع لأحكام القرآن ج ١٥ ص ٩٧ وعلل الشرائع ج ٢ ص ٤٨ ـ ٥٠ والسيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ٢٠١ و ٢٠٢ والسيرة الحلبية ج ١ ص ٣٨٣ ـ ٣٨٧ والبحار ج ٤١ ص ١٦٦ ـ ١٩١ وج ٢١ ص ٤٣ وج ٩٧ ص ٢١٧ وج ٩٩ ص ٣٠ وج ١٧ ص ٣٥٧ و ٣٥٨ وج ٥٥ ص ١٦٦ وج ٨٠ ص ٣١٧ و ٣١٨ و ٣٢٤ و ٣٢٥ وقرب الإسناد ص ٨٢ والخرايج والجرايح ج ٢ ص ٥٠٠ و ٥٠٢ والمناقب لابن شهر آشوب (ط الحيدري) ج ٣ ص ٥١ ، وعن أمالي المفيد ص ٩٤ ، وعن الكافي ج ٤ ص ٥٦١ و ٥٦٢ وأمالي ابن الشيخ ص ٦٤ وعن السرائر وعدة الداعي ص ٨٨ والإرشاد للمفيد ج ١ ص ٣٤٦ وتفسير العياشي ج ٢ ص ٧٠ وتفسير البرهان ج ٢ ص ٩٨ وج ٤ ص ٣٨٧ ونسيم الرياض ج ٣ ص ١٠ ـ ١٤ وشرح الشفاء للملا علي القاري (بهامش نسيم الرياض) ج ٣ ص ١٠ ـ ١٣ وإحقاق الحق (قسم الملحقات) ج ١٦ ص ٣١٦ ـ ٣٣١ وج ٥ ص ٥٢١ ـ ٥٣٩ وج ٢١ ص ٢٦١ ـ ٢٧١ وفيض القدير ج ٥ ص ٤٤٠ والمواهب اللدنية ج ٢ ص ٢٠٩ ـ ٢١١ وشرح المواهب للزرقاني ج ٦ ص ٢٨٤ ـ ٢٩٤.
وراجع أيضا : عيون المعجزات ص ٧ و ٤ و ١٣٦ وبصائر الدرجات ص ٢١٧ و ٢٣٩ و ٢٣٧ وفضائل الخمسة من الصحاح الستة ج ٢ ص ١٣٥ ـ ١٣٨ وكتاب المزار الكبير لابن المشهدي ص ٢٥٨ و ٢٠٥ وإقبال الأعمال ج ٣ ص ١٣٠ والمزار للشهيد الأول ص ٩١ ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج ٥ ص ٨١ وج ١٤ ص ٢٥٥ وج ٣ ص ٤٦٩ وج ١٠ ص ٢٧٧ وج ٣٠ ص ٣٠ و ٣٨ وج ١٩ ص ٣٢٨ و ٣٤٠ ومن لا يحضره الفقيه ج ١ ص ١٣٠ و ٦١١ والهداية الكبرى ص ١٢٣ ـ ١٣٠ والمسترشد ص ٢٦٥ ومناقب أمير المؤمنين ج ٢ ص ٥١٦ و
وهذا الحدث متواتر ، فلا حاجة إلى امتكم حول اسانيده وقد صححه ، أو حسنه عدد من الحفاظ ، من علماء أهل السنة أنفسهم ، مثل الطحاوي ، وعياض ، وأبي زرعة ، والطبراني ، وأبي الحسن الفضلي ، والقسطلاني ، ودحلان ، وغيرهم (١).
وقال الدياربكري : وهذا حديث ثابت الرواية عن ثقات (٢).
بل قال بعضهم : يتعذر الحكم على هذا الحديث بالضعف (٣).
__________________
٥١٨ و ٥١٩ و ٥٢٠ و ٥٢١ وخاتمة المستدرك ج ٤ ص ٩٤ و ٢٢٤ و ٢٢٦ ـ ـ وروضة الواعظين ص ١٢٩ و ١٣٠ وخصائص الأئمة ص ٥٢ و ٥٦ و ٥٧ والخصال ص ٥٥٠ ومعالم العلماء ص ٥٦ و ٧٨ و ١١٣ و ١٥٢ وإيضاح الإشتباه ص ١٠٢ ورجال ابن داود ص ٣٩ ونقد الرجال ج ١ ص ١٢٩ وج ٥ ص ٣٥٣ و ٣٥١ وجامع الرواة ج ١ ص ٥٣ وج ٢ ص ٥٣١ والفوائد الرجالية للسيد بحر العلوم ج ٢ ص ٧٧ وتهذيب المقال ج ٢ ص ٢٢ وج ٣ ص ٣٥٣ و ٣٥٦ وج ٤ ص ٤٥٣ وتذكرة الحفاظ ج ٣ ص ١٢٠٠ وسير أعلام النبلاء ج ١٠ ص ٥٤٤ والكشف الحثيث ص ٤٤ وإعلام الورى ج ١ ص ٣٥٠ و ٣٥١ وقصص الأنبياء للراوندي ، ونهج الإيمان لابن حجر ص ٧٠ وكشف اليقين ص ١١٢ ودفع الشبهة عن الرسول للحصني الدمشقي ص ٢٠٦ ومدينة المعاجز ج ١ ص ١٩٦ و ١٩٧ و ٢٠٢ و ٢٠٥ و ٢٠٧ و ٢١٠ و ٢١٧ وج ٤ ص ٢٥٨ وكتاب الأربعين للماحوزي ص ١٢ و ٤١٧ و ٤١٩ وخلاصة عبقات الأنوار ج ١ ص ١٤٧.
(١) راجع كتابنا : رد الشمس لعلي «عليهالسلام» ، فصل : الأسانيد والرواة.
(٢) تاريخ الخميس ج ٢ ص ٥٨ والبحار ج ٢١ ص ٤٣ عن المنتقى في مولد المصطفى.
(٣) راجع : البحار ج ٤١ ص ١٧٥ عن مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب ج ١ ص ٣٥٩ ـ ٣٦٥ والبداية والنهاية ج ٦ ص ٧٩ و ٨٠ و ٨٧ والمواهب اللدنية ج ٢
لماذا لم تنقل الأمم ذلك؟!
وقد حاولوا التشكيك بهذا الحادثة ، بأن الشمس لو ردّت بعدما غربت لرآها المؤمن والكافر ، وهو أمر غريب تتوفر الدواعي على نقله ، فالمفروض أن ينقله جماعة كثيرة من الأمم المختلفة (١).
والجواب :
أولا : إن الدواعي لدى كثير من أهل الإسلام كانت متوفرة على كتمان هذا الحديث ، لأنه مرتبط بعلي أمير المؤمنين «عليهالسلام» ، الذي سبوه حوالي ألف شهر على منابرهم ، ولم يدخروا وسعا في تصغير قدره ، وإبطال أمره ، والتشكيك بفضائله ، وإنكار مقاماته إن أمكنهم ذلك.
ورغم ذلك ، فإن هذه الحادثة قد نقلت عن ثلاثة عشر صحابيا.
ثانيا : إن الشمس قد حبست ليوشع بالاتفاق ، وهو حدث كوني أيضا ، وإنما وصل إلينا خبر ذلك بواسطة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم (٢). ولم تنقله الأمم في كتاباتها ، ولا أهل الأخبار في مروياتهم.
وقد عبرت بعض الروايات : بحبس الشمس لعلي «عليهالسلام» ..
كما أن بعضها قال : إن الشمس حين ردّت ، كانت قد غابت ، أو كادت
__________________
ص ٢١١ ومنهاج السنة ج ٤ ص ١٨٧ و ١٨٩ وغير ذلك.
(١) راجع : البحار ج ٤١ ص ١٧٥ عن المناقب لابن شهر آشوب ج ١ ص ٣٥٩ ـ ٣٦٥ ، وراجع : البداية والنهاية ج ٦ ص ٧٩ و ٨٠ وراجع ص ٨٧ والمواهب اللدنية ج ٢ ص ٢١١ ومنهاج السنة ج ٤ ص ١٨٧ و ١٨٩. وغير ذلك ..
(٢) منهاج السنة ج ٤ ص ١٨٤.
تغيب (١).
فلماذا لا يقال : إن الشمس حبست في بعض المرات ، وردّت في بعضها الآخر ، في وقت كان نورها لا يزال غامرا للأفق ، فلم يلتفت الناس إلى ما جرى ، إلا الذين كانوا يراقبونها ، كأولئك الذين جرت القضية أمامهم ، ويريد الله ورسوله أن يريهم هذه الكرامة لعلي «عليهالسلام» ..
ثالثا : سيأتي إن شاء الله تعالى : أن حصول هذا الأمر كان على سبيل الكرامة والإعجاز الإلهي ، وإنما يجب أن يري الله تعالى معجزته لمن أراد سبحانه إقامة الحجة عليه وإظهار كرامة له ، كما سيتضح.
لم تحبس الشمس إلا ليوشع :
وزعم أبو هريرة : أن النبي «صلىاللهعليهوآله» قال : لم تحبس الشمس على أحد إلا ليوشع ، أو نحو ذلك. وقد تمسك البعض بهذا الحديث لإنكار حديث رد الشمس (٢).
__________________
(١) راجع : البحار ج ١٧ ص ٣٥٩ وج ٨٠ ص ٣٢٤ عن صفين للمنقري ، وعن الخرائج والجرائح ، وراجع : البداية والنهاية ج ٦ ص ٧٧ ، وتاريخ مدينة دمشق (بتحقيق المحمودي) ترجمة الإمام على ج ٢ ص ٢٩٢ و (ط دار الفكر) ج ٤٢ ص ٣١٤ والموضوعات لابن الجوزي (ط أولى) ج ١ ص ٥١ وغير ذلك كثير.
(٢) السيرة الحلبية ج ١ ص ٢٨٥ وراجع الحديث في : مشكل الآثار ج ٢ ص ١٠ وج ٤ ص ٣٨٩ وعن المعتصر من المختصر ، وتذكرة الخواص ص ٥١ ونزل الأبرار ص ٧٨ وميزان الإعتدال ج ٣ ص ١٧٠ والضعفاء الكبير للعقيلي ج ٣ ص ٣٢٨ وكنز العمال ج ١١ ص ٥٢٤ وفتح الباري ج ٦ ص ١٥٤ والبداية والنهاية ج ٦
ويرد عليه :
أولا : إن أبا هريرة لا يؤتمن فيما يرويه على علي «عليهالسلام» ، كيف وقد ضرب على صلعته في باب مسجد الكوفة ، ثم روى لهم حديث : من أحدث في المدينة أو آوى محدثا فعليه لعنة الله. ثم شهد بالله أن عليا «عليهالسلام» أحدث في المدينة (١).
مكذبا بذلك آية التطهير ، وجميع أقوال النبي «صلىاللهعليهوآله» في حق علي «عليهالسلام» ، مثل أن عليا مع الحق والحق مع علي ، ونحو ذلك ..
ومن جهة أخرى ، فقد روي عن علي «عليهالسلام» قوله : ألا إن أكذب الناس ، أو أكذب الأحياء على رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، أبو هريرة (٢).
__________________
ص ٧٩ والسيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ٢٠٢ ونسيم الرياض ج ٣ ص ١٠ و ١١ وبهامشه شرح الشفاء للقاري ج ٣ ص ١١ و ١٣ والجامع الصغير حديث رقم (٧٨٨٩) ومسند أحمد (ط دار الحديث في القاهرة) ج ٨ ص ٢٧٥ والمواهب اللدنية ج ٢ ص ٢١٠.
(١) راجع : شرح النهج للمعتزلي ج ٤ ص ٦٧ وأضواء على السنة المحمدية لمحمود أبي رية ص ٢١٨ وشيخ المضيرة أبو هريرة لمحمود أبي رية ص ٢٣٧ والغارات للثقفي ج ٢ ص ٦٥٩ وخلاصة عبقات الأنوار للنقوي ج ٣ ص ٢٥٥ والنص والإجتهاد ص ٥١٤ وكتاب الأربعين لمحمد طاهر الشيرازي ص ٢٩٦ ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج ١ ص ٤٥.
(٢) الإيضاح لابن شاذان ص ٤٩٦ والغارات للثقفي ج ٢ ص ٦٦٠ وشرح النهج للمعتزلي ج ٤ ص ٦٨ وأضواء على السنة المحمدية لمحمود أبي رية ص ٢٠٤ ـ
وقد وضع معاوية قوما من الصحابة والتابعين على رواية أخبار قبيحة في علي «عليهالسلام» ، تقتضي الطعن فيه ، والبراءة منه ، وجعل لهم على ذلك جعلا يرغب فيه ، فاختلقوا ما أرضاه. منهم أبو هريرة (١).
ثانيا : لو صح هذا الحديث ، فلعل أبا هريرة قد دلس فيه ، ورواه عن شخص آخر. ويكون صدور هذا الحديث عن النبي «صلىاللهعليهوآله» قبل رد الشمس لعلي «عليهالسلام» في خيبر وفي بدر ..
ثالثا : إن هذا الحديث لو صح : فإنما ينفي حبس الشمس لغير يوشع ، ولا ينفي ردها ..
رابعا : قد روي حبسها لرسول الله «صلىاللهعليهوآله» صبيحة الإسراء ، وفي الخندق (٢).
خامسا : قد حبست الشمس ، وردّت لغير رسول الله «صلىاللهعليهوآله» أيضا ، فقد روي : أنها حبست لداود «عليهالسلام».
__________________
وأبو هريرة للسيد شرف الدين ص ١٦٠ وشيخ المضيرة أبو هريرة ، لمحمود أبي رية ص ١٣٥ عن سير أعلام الذهبي ج ٢ ص ٤٣٥. وراجع : تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة ص ١٦.
(١) المناقب للخوارزمي ص ٢٠٥ وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج ٤ ص ٦٣ و ٦٤.
(٢) راجع : عمدة القاري ج ١٥ ص ٤٢ و ٤٣ ، وراجع : فتح الباري ج ٦ ص ١٥٥ والسيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ٢٠٢ والسيرة الحلبية ج ١ ص ٣٨٣ ونسيم الرياض ج ٣ ص ١١ و ١٢ و ١٣ وبهامشه شرح الشفاء للقاري ج ٣ ص ١٣ وفيض القدير ج ٥ ص ٤٤٠ والبحار ج ١٧ ص ٣٥٩ والمواهب اللدنية ج ٢ ص ٢١٠ و ٢١١.
وردت لسليمان «عليهالسلام».
وحبست لموسى «عليهالسلام».
وزعموا : أنها حبست لأبي بكر.
وحبست في أيام حزقيل.
وزعموا : أنها حبست للحضرمي (١).
سادسا : قال الشافعي : إن الشمس إذا كانت قد حبست ليوشع ليالي قتال الجبارين ، فلا بد أن يقع نظير ذلك في هذه الأمة أيضا (٢).
الذين يرون المعجزة :
وبعد .. فإن الذين يجب أو يمكن أن يروا المعجزة هم :
إما الصفوة الأخيار ، الذين تزيدهم يقينا وإيمانا.
وإما الذين يراد إقامة الحجة عليهم ، أو ردّ التحدي الوارد من قبلهم ، وتحطيم كبريائهم ، وبغيهم.
ويراها أيضا أولئك الذين خدعوا بهؤلاء ، من أجل تعريفهم بزيفهم ، وبباطلهم ، وجحودهم ..
وأما الآخرون الغافلون فقد يجب أن لا يراها الكثيرون منهم ، وهم الذين يصابون بالخوف ، والهلع ، الذي يفقد إيمانهم قدرته على التأثير في جلب المثوبة لهم ، لأن المناط في جلب المثوبة هو الإختيار ، البعيد عن أجواء
__________________
(١) راجع كتابنا : رد الشمس لعلي «عليهالسلام» ص ٦٣ ـ ٦٥ للاطلاع على بعض تفاصيل ذلك ، وعلى بعض مصادره.
(٢) نسيم الرياض ج ٣ ص ١٢ واللآلي المصنوعة ج ١ ص ٣٤١.
الإلجاء ، والاضطرار ، ليكون إيمانا مستندا إلى الوعي والالتفات ، وإلى القناعة الناتجة عن روية وتبصر ، وعن تأمل وتفكر ، ووعي وتدبر.
إختلال النظام الكوني :
وقد زعموا أيضا : أن رد الشمس لعلي «عليهالسلام» غير ممكن ، لأنه يوجب اختلال الأفلاك (١).
ونقول :
أولا : إن أمر الكون بيد الله تعالى ، فهو يخضعه للمعجزة ، دون أن يوجب حدوثها أي اختلال في نظامه .. لأن صانع المعجزة هو إله قادر عالم حكيم .. وليس عاجزا ولا جاهلا.
ثانيا : إن هذا الكلام لو صح للزم تكذيب جميع المعجزات التي لها ارتباط بالنظام الكوني ، ومن ذلك معجزة انشقاق القمر. ومعجزة حبس الشمس ليوشع. وغير ذلك ..
لو ردت لعلي عليهالسلام لردت للنبي صلىاللهعليهوآله :
وقالوا : لو ردت الشمس لعلي «عليهالسلام» لردت للنبي «صلىاللهعليهوآله» ، حينما نام هو وأصحابه عن صلاة الصبح في الصهباء ، وهو راجع من غزوة خيبر نفسها (٢).
__________________
(١) راجع : السيرة الحلبية ج ٣ ص ٣٨٥ والبحار ج ٤١ ص ١٧٥ وتذكرة الخواص ص ٥٢ وعن مناقب آل أبي طالب ج ١ ص ٣٥٩ ـ ٣٦٥.
(٢) البداية والنهاية ج ٦ ص ٧٩ و ٨٠ و ٨٧ وراجع : منهاج السنة ج ٤ ص ١٨٧ و ١٨٩.
ونقول :
أولا : تقدم : أن حديث نوم النبي «صلىاللهعليهوآله» عن صلاة الصبح لا يمكن قبوله.
ثانيا : تقدم أيضا : أن الشمس ردت على رسول الله «صلىاللهعليهوآله» في غزوة الخندق وغيرها ، وحبست له «صلىاللهعليهوآله» حين الإسراء.
وتقدم أيضا : أنها ردّت وحبست لغيره من الأنبياء والأوصياء السابقين ..
بل زعموا : أن ذلك قد حصل لغير هؤلاء أيضا من هذه الأمة ، حيث تقدم أنهم زعموا : أنها حبست للحضرمي ، ولأبي بكر أيضا.
ثالثا : قال الخفاجي : «إنما ردت إلى علي «عليهالسلام» ببركة دعائه «صلىاللهعليهوآله». مع أن كرامات الأولياء في معنى معجزات الأنبياء».
إلى أن قال : «مع أن المفضول قد يوجد فيه ما لا يوجد في الفاضل. كما يلزم منه القول بعدم حبسها ليوشع» (١).
ولعله يقصد بقوله : قد يوجد في المفضول ما لا يوجد في الفاضل : أن بعض المصالح قد توجب حدوث أمر للمفضول ، ولا يكون هناك ما يوجب حدوثه للفاضل ..
فإذا كان هناك من سوف يعاند عليا «عليهالسلام» في إمامته ، وفي خصوصيته ، وفي أفضليته على البشر جميعا ، باستثناء رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، فإن الله يختصه بكرامات تثبت لهم ذلك كله ، وتقيم عليهم الحجة فيهم ، فيولد علي «عليهالسلام» في الكعبة ، ولا يولد رسول الله
__________________
(١) شرح الشفاء للقاري (مطبوع مع نسيم الرياض) ج ٣ ص ١٣.
«صلىاللهعليهوآله» فيها ، ويقلع علي «عليهالسلام» باب حصن خيبر ، وترد له الشمس و .. و .. الخ .. ولا يكون هناك ما يقتضي حدوث ذلك لرسول الله «صلىاللهعليهوآله» ..
علي عليهالسلام لا يترك الصلاة :
وقالوا : إن عليا «عليهالسلام» أجلّ من أن يترك الصلاة (١). فإذا ورد ما ينسب ذلك إليه ، فلا بد من ردّه.
ونقول :
أولا : صرح النص الذي ذكر رد الشمس لعلي «عليهالسلام» في منزل رسول الله «صلىاللهعليهوآله» في المدينة ، بأن عليا «عليهالسلام» قد صلى إيماء ، وأراد الله أن يظهر كرامته ، فردها عليه ليصلي صلاة المختار.
ثانيا : ذكرت بعض النصوص : أن الله تعالى رد الشمس عليه ، أو حبسها له بعدما كادت تغرب.
وهذا معناه : أن صلاة العصر لم تكن قد فاتته ، لأن وقتها يمتد إلى وقت غروب الشمس.
وقد قال ابن إدريس في السرائر : «ولا يحل أن يعتقد أن الشمس غابت ، ودخل الليل ، وخرج وقت العصر بالكلية ، وما صلى الفريضة «عليهالسلام» ، لأن هذا من معتقده جهل بعصمته «عليهالسلام» ، لأنه يكون مخلا بالواجب المضيق عليه. وهذا لا يقوله من عرف إمامته ، واعتقد
__________________
(١) منهاج السنة ج ٤ ص ١٨٦ و ١٩٥.
بعصمته» (١).
وعلى كل حال : فإن مناوئي علي «عليهالسلام» قد سعوا بكل ما لديهم من طاقة وحول إلى إبطال هذه الكرامة الكبرى له «عليهالسلام» ، أو إثارة الشبهات والتشكيكات حولها ، ولكن الله يأبى إلا أن يتم نوره ، ولو كره الشانئون ، والحاقدون ، والحاسدون لعلي «عليهالسلام» ، وللأئمة الطاهرين من ولده «عليهمالسلام» ..
فمن أراد الاطلاع على المزيد مما يرتبط بهذا الموضوع ، فليرجع إلى كتابنا الموسوم ب : «رد الشمس لعلي عليهالسلام» ، والله الموفق ، وهو الهادي إلى سواء السبيل.
عصى الرسول صلىاللهعليهوآله فوجد ما يكره :
ولما انتهى رسول الله «صلىاللهعليهوآله» إلى الجرف ليلا ، نهى أن يطرق الرجل أهله ليلا ، فطرق رجل أهله ، فرأى ما يكره ، فخلى سبيلها ولم يهجر ، وضنّ بزوجته أن يفارقها ، وكان له منها أولاد ، وكان يحبها ، فعصى رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، ورأى ما يكره (٢).
جبل أحد يحبنا ونحبه :
قالوا : ولما نظر رسول الله «صلىاللهعليهوآله» إلى جبل أحد ، قال :
__________________
(١) راجع : السرائر ج ١ ص ٢٦٥ والبحار ج ٨٠ ص ٣١٨.
(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٥٠ وعن البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٤٩ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤١٤.
«هذا جبل يحبنا ونحبه ، اللهم إني أحرم ما بين لابتي المدينة» (١).
ونقول :
١ ـ قد يحب الإنسان جبلا أو مكانا بعينه ، باعتبار أنه مصدر أنس له ، لكونه يتلذذ بمنظره ، أو لأجل ذكريات عزيزة كانت له فيه ، أو ما إلى ذلك .. ولكنها تبقى حالة مرتبطة بالفرد ، وبمشاعره الشخصية ، ولا تتعداه إلى غيره ..
ولا نرى أن حب النبي «صلىاللهعليهوآله» لجبل أحد كان من أجل هذا أو ذاك ، بل هو حب يتناسب مع أهدافه «صلىاللهعليهوآله» ، ومع ما يفيد في تأييد هذا الدين ، وزيادة اليقين.
٢ ـ يضاف إلى ذلك : أنه «صلىاللهعليهوآله» لم يحصر الأمر بنفسه الشريفة ، بل هو تحدث عن نفسه وعن غيره ، فقال : نحبه ، ولم يقل : أحبه. وقال : يحبنا. ولم يقل : يحبني.
وهذا يؤكد على أن في جبل أحد خصوصية ومعنى يجعل الإنسان المؤمن
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ٣ ص ٣٦٨ وج ٥ ص ١٥٠ وراجع : الأحكام ج ٢ ص ٥٤٦ وعن كتاب الموطأ ج ٢ ص ٨٨٩ و ٨٩٣ وعن مسند أحمد ج ٣ ص ١٤٩ و ١٥٩ و ٢٤٣ وعن صحيح البخاري ج ٣ ص ٢٢٣ و ٢٢٥ وج ٤ ص ١١٨ وج ٥ ص ٤٠ وج ٦ ص ٢٠٧ وج ٨ ص ١٥٣ وعن صحيح مسلم ج ٤ ص ١١٤ وسنن الترمذي ج ٥ ص ٣٧٩ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٥ ص ١٩٧ وج ٦ ص ٣٠٤ وج ٩ ص ١٢٥ وعن فتح الباري ج ٦ ص ٦٤ وتحفة الأحوذي ج ١٠ ص ٢٩٢ ومسند أبي يعلى ج ٦ ص ٣٧٠ و ٣٧١ وشرح معاني الآثار ج ٤ ص ١٩٣ وتفسير القرآن العظيم ج ١ ص ١٧٨ وذيل تاريخ بغداد ج ٣ ص ٦٩ وفضائل المدينة ص ٢١.
يحب هذا الجبل .. فما هي تلك الخصوصية ، وما هو ذلك المعنى يا ترى؟!
وربما يفيد في الإجابة على هذا السؤال القول : بأن هذا الجبل كان يحتضن أجسادا طاهرة لشهداء أحد ، وفي مقدمتهم أسد الله وأسد رسوله الشهيد حمزة بن عبد المطلب ، عم رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، وقد كانت الزهراء «عليهاالسلام» تزور قبورهم بصورة رتيبة ودائمة ، وقد صنعت سبحتها من تراب قبر حمزة «عليهالسلام».
كما أن لجبل أحد ارتباطا ظاهرا بوقائع حرب أحد ، فإن الاستناد إليه قد وفّر مانعا لجيوش الشرك من الالتفاف على أهل الإيمان ، والإيقاع بهم.
فلأجل هذا وذاك لا بد أن تتعلق به قلوب المؤمنين ، وأن يحبوه ، وأن يقصدوه لزيارة الأولياء والشهداء.
٣ ـ وأما أن جبل أحد يحب النبي «صلىاللهعليهوآله» والمسلمين ، فذلك أمر قد يصعب إدراكه للوهلة الأولى ، غير أن مما لا شك فيه : أن كل شيء يتعامل معه الإنسان بروح الاستقامة والطهر ، والتقوى ، يتأثر إيجابا بالصلاح وبالطهر ، والتقوى ، وكذلك يتأثر سلبا بالفساد والإفساد ، فإن لخبث الباطن ولطهره تأثيرهما على الأرواح والأجساد ، بل على النّفس الذي يتنفسه ، وعلى الأشياء التي يلامسها. وعلى الهواء الذي يستنشقه وما إلى ذلك ..
ولعل في بعض الآيات الشريفة إشارات إلى ذلك أيضا ، فلاحظ قوله تعالى : (ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ ..) (١) وغير ذلك
__________________
(١) الآية ٤١ من سورة الروم.
من آيات ..
وفي الأحاديث الشريفة التي تتحدث عن آثار الأعمال وعن تأثيراتها في الأمور الخارجية الكثير مما يدل على ذلك ، فبسبب الأعمال الصالحة يكون النماء والبركة ، وبسبب الأعمال السيئة تسلب البركة ، وتشح الأرزاق ، وتظهر الأسواء في كل اتجاه .. بل إن للنوايا الصالحة والسيئة تأثيراتها في ذلك أيضا ..
ولا شك أن ما ترتاح إليه الموجودات وتنتعش فيه ، وتمتلئ حيوية ونشاطا هو ما ينسجم مع طبيعتها ، ومع الهدف الذي أوجدها الله تعالى من أجله ..
ومن جهة أخرى فإن الآيات قد دلت على أن للجبال خشية وخشوعا إلى حد التصدع ، وإلى أن لها تأويبا وتسبيحا ، وإلى أن تجلي شيء من عظمة الله تعالى للجبل يجعله دكا ..
إلى غير ذلك مما ألمحت إليه وصرحت به الآيات والروايات الشريفة ، فلا غرو إذن إذا كان جبل أحد يحب النبي «صلىاللهعليهوآله» ، ويحب المؤمنين ، ويبغض أهل الكفر والجحود ، ويمقت المنحرفين والفاسقين ..