تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ١

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ١

المؤلف:

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي


المحقق: حسين درگاهى
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٤٩

قال : قل «يا (١) رب! أسألك بحق الخمسة الذين تخرجهم من صلبي ، آخر الزمان ، إلّا تبت عليّ ورحمتني».

فقال له آدم : يا جبرئيل! «من هم» (٢)؟ سمهم لي.

قال : قل «اللهم اني أسألك بحق محمد ، نبيك ، وبحق علي ، وصي نبيك ، وبحق فاطمة ، بنت نبيك ، وبحق الحسن والحسين ، سبطي نبيك ، إلّا تبت عليّ ، فارحمني».

فدعا بهن آدم. فتاب الله عليه. وذلك قول الله تعالى : (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ. فَتابَ عَلَيْهِ). وما من عبد مكروب ، يخلص النية ويدعو بهن ، الا استجاب الله له.

وفي روضة الكافي (٣). وفي رواية أخرى : و (٤) قوله ـ عز وجل ـ (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ) قال : سأله بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين ـ عليهم السلام (٥).

وفي كتاب الاحتجاج ، للطبرسي ـ رحمه الله ـ (٦) : وعن معمر بن راشد قال : سمعت أبا عبد الله ـ عليه السلام ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : ان آدم ـ عليه السلام ـ لما أصاب الخطيئة ، كانت توبته أن قال : اللهم اني أسألك بحق محمد وآل محمد لمّا غفرت لي. فغفر (٧) الله له.

والحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.

__________________

(١ و ٢) ليس في المصدر.

(٣) الكافي ٨ / ٣٠٥ ، ذيل ح ٤٧٢.

(٤) المصدر : في.

(٥) المصدر : الحسن والحسين وفاطمة ـ صلى الله عليهم ـ.

(٦) الاحتجاج ١ / ٥٤ ـ ٥٥.

(٧) المصدر : فغفرها.

٣٨١

وفي كتاب معاني (١) الأخبار ، بإسناده الى أبي سعيد المدائني ، رفعه (٢) ، في قول الله ـ عز وجل ـ (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ). قال : سأله بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين ـ عليهم السلام ـ.

وبإسناده (٣) الى محمد بن سنان ، عن المفضل بن عمر ، عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ حديث طويل ، فيه يقول ـ عليه السلام ـ بعد أن ذكر ، أن آدم وحوا ، تمنيا منزلة أهل البيت ـ عليهم السلام ـ : فلما أراد الله ـ عز وجل ـ أن يتوب عليهما جاءهما جبرئيل ـ عليه السلام ـ فقال لهما : انكما انما ظلمتما أنفسكما ، بتمني منزلة من فضل (٤) عليكما. فجزاؤكما [ما] (٥) قد عوقبتما به من الهبوط ، من جوار الله ـ عز وجل ـ الى أرضه. فاسألا ربكما ، بحق الأسماء التي رأيتموها على ساق العرش ، حتى يتوب عليكما.

فقالا : اللهم انا نسألك بحق الأكرمين عليك ، محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والائمة ، إلّا تبت علينا ورحمتنا.

فتاب الله عليهما. انه هو التواب الرحيم.

وفي كتاب الخصال (٦) ، عن ابن عباس. قال : سألت النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ عن الكلمات التي تلقاها آدم ، من ربه ، فتاب عليه.

قال : سأله بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين ، إلّا تبت عليّ.

__________________

(١) معاني الاخبار / ١٢٥ ، ح ٢.

(٢) المصدر : يرفعه.

(٣) نفس المصدر / ١١٠ ـ ١٠٨.

(٤) كذا في المصدر. والأصل ور : فضلت.

(٥) يوجد في المصدر.

(٦) الخصال / ٢٧٠ ، ح ٨.

٣٨٢

فتاب عليه.

عن المفضل بن عمر (١) ، عن الصادق ، جعفر بن محمد ـ عليهما السلام. قال : سألته عن قول الله تعالى (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ) ما هذه الكلمات.

قال : هي الكلمات التي تلقاها آدم من ربه ، فتاب عليه. وهو أنه قال : يا رب أسألك بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين ، إلّا تبت عليّ. فتاب الله عليه. انه هو التواب الرحيم.

وأما ما رواه العياشي ، في تفسيره (٢) ، عن جابر ، عن أبي جعفر ـ عليه السلام ـ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ان الله حين أهبط آدم الى الأرض ، أمره أن يحرث بيده. فيأكل من كده ، بعد الجنة ونعميها. فلبث يحارث (٣). ويبكى عليه على الجنة ، مائتي سنة. ثم أنه سجد لله ، فلم يرفع رأسه ثلاثة أيام ولياليها. ثم قال : أي ربي! ألم تخلقني؟

فقال الله : وقد فعلت.

فقال : ألم تنفخ فيّ من روحك.

قال : قد فعلت.

قال : ألم تسكني جنتك.

قال : قد فعلت.

قال : ألم تسبق لي رحمتك غضبك؟

قال الله : قد فعلت. فهل صبرت أو شكرت؟

قال آدم : لا اله الا أنت. سبحانك اني ظلمت. نفسي. فاغفر لي انك

__________________

(١) نفس المصدر / ٣٠٤ ـ ٣٠٥ ، صدر ح ٨٤.

(٢) تفسير العياشي ١ / ٤٠ ـ ٤١ ، ح ٢٤.

(٣) المصدر : يجآر.

٣٨٣

أنت الغفور الرحيم.

فرحم الله نداه. فتاب (١) عليه. انه هو التواب الرحيم.

عن محمد بن مسلم (٢) ، عن أبي جعفر ـ عليه السلام ـ : قال [قال] : (٣) الكلمات التي تلقاهن آدم من ربه ، فتاب عليه وهدى ، قال : سبحانك اللهم وبحمدك. اني عملت سوء. وظلمت نفسي. فاغفر لي. انك أنت الغفور الرحيم (٤). اللهم.

انك (٥) لا اله الا أنت. سبحانك وبحمدك. انى عملت سوء. وظلمت نفسي.

فاغفر لي. انك أنت «خير الغافرين. اللهم انه لا اله الا أنت. سبحانك وبحمدك اني عملت سوء. وظلمت نفسي. فاغفر لي انك أنت» (٦) الغفور الرحيم.

وفي روضة الكافي (٧) : علي بن ابراهيم عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن ابراهيم ، صاحب الشعير ، عن كثير بن كلثمة (٨) ، عن أحدهما ـ عليهما السلام ـ في قول الله ـ عز وجل ـ (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ). قال : لا اله الا أنت.

سبحانك ، وبحمدك عملت سوء. وظلمت نفسي. فاغفر لي. وأنت خير الغافرين. لا اله الا أنت. سبحانك اللهم وبحمدك. عملت سوء وظلمت نفسي. فاغفر لي وارحمني وأنت أرحم الراحمين. لا اله أنت. سبحانك اللهم وبحمدك. عملت سوء.

وظلمت نفسي. فتب عليّ. انك أنت التواب الرحيم.

__________________

(١) المصدر : فرحمه الله بذلك وتاب.

(٢) نفس المصدر ١ / ٤١ ، ح ٢٥.

(٣) يوجد في المصدر.

(٤) المصدر : انك أنت خير الغافرين.

(٥) المصدر : انه.

(٦) ليس في المصدر. وفي عبارات المتن ، تكرار.

(٧) الكافي ٨ / ٣٠٤ ، ح ٤٧٢.

(٨) كذا في المصدر وهو الصواب. والأصل ور : كثر بن كلمة.

٣٨٤

فلا ينافي ما تقدم ، لإمكان الجمع. وكون تلك الكلمات للتحميد والتمجيد والاعتراف. والكلمات السابقة لإيجاب المغفرة واستحقاق المثوبة.

وفي كتاب الخصال (١) : عن جعفر بن محمد الصادق ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي بن أبي طالب ـ عليهم السلام ـ قال : ان الله ـ تبارك وتعالى ـ خلق نور محمد ـ صلى الله عليه وآله ـ قبل أن يخلق السماوات والأرض والعرش والكرسي واللوح والقلم والجنة والنار ـ الى أن قال ـ حتى أخرجه من صلب عبد الله بن عبد المطلب. فأكرمه بست كرامات : ألبسه قميص الرضا. ورداه ، رداء الهيبة.

وتوّجه بتاج الهداية. وألبسه سراويل المعرفة. وجعل تكّته ، تكّة المحبة. يشدّ بها سراويله. وجعل نعله ، نعل (٢) الخوف. وناوله عصا المنزلة. ثم قال ـ عز وجل ـ : يا محمد! اذهب الى الناس. وقل (٣) لهم : قولوا لا اله الا الله. محمد رسول الله.

وكان أصل ذلك القميص ، من (٤) ستة أشياء : قامته من الياقوت. وكمّاه من اللؤلؤ. ودخريصه من البلور الأصفر. وإبطاه من الزبرجد. وجربانه من المرجان الأحمر. وجيبه من نور الرب ـ جل جلاله ـ فقبل الله ـ عز وجل ـ توبة آدم ، بذلك القميص. ورد خاتم سليمان ، به. ورد يوسف الى يعقوب ، به. ونجّى يونس من بطن الحوت. به. وكذلك سائر الأنبياء ـ عليهم السلام ـ نجاهم من المحن ، به. ولم يكن ذلك القميص ، الّا قميص محمد ـ صلى الله عليه وآله ـ وفي كتاب علل الشرائع (٥) : بإسناده الى فرات بن الأحنف ، عن أبي جعفر

__________________

(١) الخصال / ٤٨١ ـ ٤٨٣ ، ضمن ح ٥٥.

(٢) ليس في المصدر.

(٣) المصدر : فقل.

(٤) المصدر : في.

(٥) علل الشرائع / ٨٤ ، ح ١.

٣٨٥

الباقر ـ عليه السلام ـ قال : لو لا أن آدم أذنب ، ما أذنب مؤمن أبدا. ولو لا أن الله ـ عز وجل ـ تاب على آدم ، ما تاب على مذنب أبدا.

وبإسناده (١) الى الحسن بن عبد الله ، عن آبائه ، عن جده الحسن بن علي بن أبي طالب ـ عليهما السلام ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ حديث طويل ، يقول فيه ـ صلى الله عليه وآله ـ وقد سأله بعض اليهود عن مسائل : وأما صلاة العصر فهي الساعة التي ، أكل آدم فيها من الشجرة ، فأخرجه الله من الجنة. فأمر الله ـ عز وجل ـ ذريته ، بهذه الصلاة ، الى يوم القيامة. واختارها لأمتي. فهي من أحب الصلوات ، الى الله ـ عز وجل ـ وأوصاني أن أحفظها ، من بين الصلوات وأما صلاة المغرب ، فهي الساعة التي تاب الله ـ عز وجل ـ فيها على آدم.

وكان بين ما أكل من الشجرة وبين ما تاب الله عليه ثلاثمائة سنة ، من ايام الدنيا.

وفي أيام الاخرة ، يوم كألف سنة ما بين العصر والعشاء. فصلى آدم ثلاث ركعات : ركعة لخطيئته ، وركعة لخطيئة حوا ، وركعة لتوبته. فافترض الله ـ عز وجل ـ هذه الثلاث ركعات ، على أمتي. وهي الساعة التي يستجاب فيها الدعاء ، فوعدني ربي ـ عز وجل ـ أن يستجيب لمن دعاه ، فيها.

وبإسناده (٢) الى عبد الحميد بن أبي الديلم ، عن أبى عبد الله ـ عليه السلام ـ قال : ان الله ـ تبارك وتعالى ـ لما أراد أن يتوب على آدم ـ عليه السلام ـ أرسل اليه جبرئيل. فقال له : السلام عليك يا آدم! الصابر على بليته التائب عن خطيئته.

ان الله ـ تبارك وتعالى ـ بعثني اليك ، لأعلّمك المناسك التي يريد أن يتوب عليك بها.

__________________

(١) نفس المصدر / ٣٣٨ ، قطع من ح ١.

(٢) نفس المصدر / ٤٠٠ ـ ٤٠١ ، ح ١.

٣٨٦

وأخذ جبرئيل بيده. وانطلق. به ، حتى أتى به (١) البيت. فنزلت عليه غمامة من السماء.

فقال له جبرئيل : خط برجلك حيث أظلت (٢) هذا الغمام.

ثم انطلق به ، حتى أتى به الى (٣) منى. فأراه موضع مسجد منى. فخطه.

وخط المسجد الحرام ، بعد ما خط ذلك (٤) مكان البيت. ثم انطلق به الى عرفات.

فأقامه على عرفة. وقال له : إذا غربت الشمس ، فاعترف بذنبك ، سبع مرات.

ففعل ذلك آدم. ولذلك سمي عرفة (٥). لأن آدم ـ عليه السلام ـ اعترف عليه بذنبه فجعل ذلك سنة في ولده. يعترفون بذنوبهم ، كما اعترف أبوهم. ويسألون الله ـ عز وجل ـ التوبة ، كما سألها أبوهم [آدم] (٦).

ثم أمره جبرئيل ـ عليه السلام ـ فأفاض من عرفات. فمر على الجبال السبعة.

فأمره أن يكبر على كل جبل ، أربع تكبيرات. ففعل ذلك آدم. ثم انتهى به الى جمع ثلث الليل. فجمع فيها بين صلاة المغرب وبين صلاة العشاء. فلذلك سمي جمعا. لأن آدم جمع فيها بين الصلاتين. فهو وقت (٧) العتمة [في] (٨) تلك الليلة ، ثلث الليل ، في ذلك الموضع. ثم أمره أن ينبطح في بطحاء جمع. فانبطح حتى انفجر الصبح. ثم أمره أن يصعد على الجبل ، جبل جمع. وأمره إذا طلعت الشمس ، أن يعترف بذنبه ، سبع مرات. ويسأل الله ـ عز وجل ـ التوبة والمغفرة سبع مرات. ففعل ذلك آدم ، كما أمره جبرئيل.

__________________

(١ و ٣ و ٤) ليس في المصدر.

(٢) المصدر : أظلك.

(٥) النسخ : المعرف. والمصدر : العرفة.

(٦) يوجد في ر والمصدر.

(٧) المصدر : فوقت.

(٨) يوجد في المصدر.

٣٨٧

وانما جعل اعترافين ، ليكون سنّة في ولده فمن لم يدرك عرفات وأدرك جمعا فقد وفي بحجه.

فأفاض آدم من جمع ، الى منى ، فبلغ منى ضحى. فأمره أن يصلي ركعتين ، في مسجد منى. ثم أمره أن يقرّب الى الله ـ عز وجل ـ قربانا ، ليتقبل الله منه ويعلم أن الله قد تاب عليه. ويكون سنّة في ولده القربان. فقرّب آدم ـ عليه السلام ـ قربانا. فقبل الله منه ، قربانه. وأرسل الله ـ عز وجل ـ نارا من السماء ، فقبضت قربان آدم.

فقال له جبرئيل : ان الله ـ تبارك وتعالى ـ قد أحسن اليك ، إذ علّمك المناسك التي تاب عليك بها وقبل قربانك. فاحلق رأسك ، تواضعا لله ـ عز وجل ـ إذ قبل قربانك.

فحلق آدم ، رأسه ، تواضعا لله ـ تبارك وتعالى ـ ثم أخذ جبرئيل ، بيد آدم.

فانطلق به الى البيت. فعرض له إبليس ، عند [الجمرة] (١) العقبة.

فقال له : يا آدم! أين تريد؟

قال جبرئيل : [يا آدم] (٢) ارمه بسبع حصيات. وكبر مع كل حصاة ، تكبيرة.

ففعل ذلك آدم ، كما أمره جبرئيل. فذهب إبليس. ثم أخذ [جبرئيل] (٣) بيده في اليوم الثاني. فانطلق به ، الى الجمرة الاولى. فعرض له إبليس.

فقال له [جبرئيل] (٤) : ارمه بسبع حصيات. وكبر مع كل حصاة ، تكبيرة.

ففعل ذلك آدم. فذهب إبليس. ثم عرض له عند الجمرة الثانية.

فقال له : يا آدم! أين تريد؟

__________________

(١ و ٢) يوجد في المصدر.

(٣ و ٤) يوجد في المصدر.

٣٨٨

فقال له جبرئيل : ارمه بسبع حصيات. وكبر مع كل حصاة ، تكبيرة (١).

ففعل ذلك آدم. فذهب إبليس. ثم عرض له ، عند الجمرة الثالثة.

فقال له : يا آدم! أين تريد؟

فقال له جبرئيل : ارمه بسبع حصيات. وكبر مع كل حصاة ، تكبيرة.

ففعل ذلك آدم. فذهب إبليس. ثم فعل ذلك [به] (٢) في اليوم الثالث والرابع فذهب إبليس.

فقال له جبرئيل : انك لن تراه بعد مقامك هذا ، أبدا.

ثم انطلق به ، الى البيت. فأمره أن يطوف بالبيت ، سبع مرات. ففعل ذلك آدم.

فقال له جبرئيل : ان الله ـ تبارك وتعالى ـ قد غفر لك. وقبل توبتك. وحلّت لك زوجتك.

وبإسناده (٣) الى أبي خديجة ، عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ قال : سأل أبي عبد الله رجل. وقال : حدثني عن رضا الرب ، عن آدم ـ عليه السلام ـ فقال : ان آدم أنزل فنزل في الهند. وسأل ربه ـ عز وجل ـ هذا البيت. فأمره أن يأتيه ، فيطوف به ، أسبوعا. ويأتي منى وعرفات ، فيقضى مناسكه ، كلها. فجاء من الهند. وكان موضع قدميه ، حيث يطأ عليه ، عمران. وما بين القدم الى القدم ، صحارى. ليس فيها شيء. ثم جاء الى البيت ، فطاف أسبوعا. وأتى مناسكه ، فقضاها ، كما أمره الله. فقبل الله منه التوبة. وغفر له.

قال : فجعل طواف آدم ـ عليه السلام ـ لما طافت الملائكة بالعرش ، سبع

__________________

(١) ليس في المصدر.

(٢) يوجد في المصدر.

(٣) نفس المصدر / ٤٠٧ ، ضمن ح ٢.

٣٨٩

سنين. فقال جبرئيل ـ عليه السلام ـ : هنيئا لك ، يا آدم! لقد غفر لك. لقد طفت بهذا البيت قبلك ، بثلاثة آلاف سنة.

فقال آدم ـ عليه السلام ـ : يا رب! اغفر لي ولذريتي ، من بعدي.

فقال : نعم ، من آمن بي وبرسلي فقد (١) صدقت ومضى.

فقال أبي ـ عليه السلام ـ : هذا جبرئيل ـ عليه السلام ـ أتاكم يعلمكم معالم دينكم.

والحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.

وفي عيون الأخبار (٢) : حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي. قال : حدثني أبي ، عن حمدان بن سليمان النيسابوري ، عن علي بن محمد بن الجهم. قال : حضرت مجلس المأمون. وعنده الرضا ، علي بن موسى ـ عليه السلام ـ فقال له المأمون : يا بن رسول الله! أليس من قولك ان الأنبياء معصومون؟

قال : بلى.

قال : فما معنى قول الله تعالى (٣) (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى)؟

فقال ـ عليه السلام ـ ان الله ـ تبارك وتعالى ـ قال لآدم : (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ. وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما. وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ). وأشار لهما الى شجرة الحنطة. (فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ). ولم يقل لهما : [و] (٤) لا تأكلا من هذه الشجرة. ولا مما كان من جنسها. فلم يقربا تلك الشجرة. [ولم يأكلا منها] (٥) وانما أكلا من غيرها ، لما أن وسوس الشيطان ، اليهما. وقال : ما نهاكما ربكما

__________________

(١) المصدر : فقال. وهو الظاهر.

(٢) عيون الاخبار / ١٩٥ ـ ١٩٦ ، صدر ح ١.

(٣) طه / ١٢١.

(٤ و ٥) يوجد في المصدر.

٣٩٠

عن هذه الشجرة. وانما نهاكما (١) أن تقربا غيرها. ولم ينهكما عن الأكل منها ، الا أن تكونا ملكين ، أو تكونا من الخالدين. وقاسمهما اني لكما من (٢) الناصحين.

ولم يكن آدم وحوا ، شاهدا قبل ذلك من يحلف بالله ، كاذبا. فدلهما (٣) بغرور.

فأكلا منها ، ثقة بيمينه بالله. وكان ذلك من آدم ، قبل النبوة. ولم يكن ذلك بذنب كبير استحق به دخول النار. وانما كان من الصغائر الموهوبة التي تجوز على الأنبياء قبل نزول الوحي ، عليهم. فلما اجتباه الله تعالى وجعله نبيا ، كان معصوما ، لا يذنب صغيرة ولا كبيرة. قال الله ـ عز وجل ـ : (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ ، فَغَوى. ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ. فَتابَ عَلَيْهِ. وَهَدى) (٤). وقال ـ عز وجل ـ : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ ، عَلَى الْعالَمِينَ) (٥).

عن علي ـ عليه السلام ـ حديث طويل (٦). وفيه : وسأله «كم كان عمر آدم ـ عليه السلام ـ»؟

قال : تسعمائة وثلاثون سنة (٧).

وفي كمال الدين وتمام النعمة (٨) ، بإسناده الى جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده ، عن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ عاش أبو البشر ، آدم ـ عليه السلام ـ

__________________

(١) المصدر : ينهيكما.

(٢) المصدر : لمن.

(٣) المصدر : فدليهما.

(٤) طه / ١٢١.

(٥) آل عمران / ٣٣.

(٦) نفس المصدر ١ / ٢٤٢.

(٧) المصدر : فقال تسعمائة سنة وثلاثون سنة.

(٨) كمال الدين وتمام النعمة / ٥٢٣ ، قطعة من ح ٣.

٣٩١

تسعمائة (١) وثلاثين سنة] (٢).

(قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً. فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً ، فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ، وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٣٨)) : وقرئ «فمن تبع هدي» على لغة هذيل ، «فلا خوف» بالفتح.

وفي تفسير العياشي (٣) : عن جابر. قال : سألت أبا جعفر ـ عليه السلام ـ عن تفسير هذه الاية ، في باطن القرآن : (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً ، فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ).

قال : تفسيرها : عليّ الهدى. قال الله فيه : فمن تبع هداي ـ الآية ـ.

(وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا ، أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ. هُمْ فِيها خالِدُونَ) (٣٩) (يا بَنِي إِسْرائِيلَ) ، يعني أولاد يعقوب.

وإسرائيل ، في الأصل : صفوة الله ، أو عبد الله. سمي به يعقوب ، للمدح.

وفي كتاب علل الشرائع (٤) : بإسناده الى جعفر بن محمد بن عمارة ، عن أبيه عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ حديث طويل ، يقول فيه ـ عليه السلام ـ : ويعقوب ، هو إسرائيل [ومعنى إسرائيل : عبد الله. لان أسرا ، هو عبد الله. وايل هو الله ـ عز وجل ـ

وروى في خبر آخر (٥) : ان أسرا ، هو القوة. وأيل ، هو الله ـ عز وجل ـ فمعنى إسرائيل : قوة الله ـ عز وجل ـ

وفي عيون الأخبار (٦) : بإسناده الى أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ حديث

__________________

(١) كذا في المصدر. وفي الأصل ور : سبعمائة.

(٢) ما بين القوسين ليس في أ.

(٣) تفسير العياشي ١ / ٤١ ، ح ٢٩.

(٤) علل الشرايع ١ / ٤٣ ، ح ١.

(٥) نفس المصدر ، ح ٢.

(٦) عيون الاخبار ١ / ١٩٢ ، ح ١.

٣٩٢

طويل. وفيه : وسأله عن ستة من الأنبياء ، لهم اسمان.

[فقال : يوشع بن نون وهو ذو الكفل ويعقوب وهو إسرائيل] (١).

(اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ) ، من الانجاء من فرعون ، مثلا.

(وَأَوْفُوا بِعَهْدِي) ، من الايمان بي والطاعة لي.

(أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) ، من حسن الثواب ، على حسناتكم.

(وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (٤٠)) ، فلا تنقضوا عهدي.

[وفي كتاب معاني الأخبار (٢) : بإسناده الى ابن عباس. قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : لما نزل (٣) الله ـ عز وجل ـ (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي ، أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) والله لقد خرج آدم من الدنيا وقد عاهد قومه ، على الوفاء لولده شيث ، فما وفي له. ولقد خرج نوح من الدنيا وعاهد قومه على الوفاء لوصيه سام. فما وفت أمته له. ولقد خرج ابراهيم من الدنيا وعاهد قومه على الوفاء لوصيه ، إسماعيل ، فما وفت أمته. ولقد خرج موسى من الدنيا وعاهد قومه على الوفاء لوصيه يوشع بن نون ، فما وفت أمته.

ولقد رفع عيسى بن مريم ، الى السماء وقد عاهد قومه على الوفاء لوصيه شمعون ابن حمون الصفا ، فما وفت أمته. واني مفارقكم عن قريب وخارج من بين أظهركم.

ولقد عهدت الى امتي ، في عهد علي بن أبي طالب. وانها لراكبة سنن من قبلها ، من الأمم ، في مخالفة وصيي وعصيانه. ألا واني مجدد عليكم عهدي ، في علي. فمن نكث ، فإنما ينكث على نفسه ، ومن أوفى بما عاهد عليه الله ، فسيؤتيه أجرا عظيما.

أيها الناس : ان عليا ، إمامكم وخليفتي من بعدي عليكم. وهو وصيي ووزيري وأخي وناصري وزوج ابنتي وأبو ولدي وصاحب شفاعتي وحوضي

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في أ.

(٢) معاني الاخبار / ٣٧٢ ـ ٣٧٣ ، ح ١.

(٣) ر والمصدر : أنزل.

٣٩٣

ولوائي. من أنكره ، فقد أنكرني ، ومن انكرني فقد أنكر الله تعالى. ومن أقر بإمامته ، فقد أقر بنبوتي. ومن أقر بنبوتي ، فقد أقر بوحدانية الله ـ عز وجل ـ.

يا أيها (١) الناس! من عصى عليا ، فقد عصاني. ومن عصاني ، فقد عصى الله.

ومن أطاع عليا ، فقد أطاعني. ومن أطاعني ، فقد أطاع الله ـ عز وجل ـ.

يا أيها (٢) الناس! من رد على علي ، في قول أو فعل ، فقد رد عليّ. ومن رد عليّ فقد رد على الله ، فوق عرشه.

يا أيها (٣) الناس! من اختار منكم على علي اماما ، فقد اختار عليّ نبيا. ومن اختار عليّ نبيا ، فقد اختار على الله ـ عز وجل ـ ربا.

أيها الناس! ان عليا سيد الوصيين وقائد الغر المحجلين ومولى المؤمنين.

ووليه وليي. ووليي ولي الله. وعدوه عدوي. وعدوي عدو الله ـ عز وجل ـ أيها الناس! أوفوا بعهد الله [في علي] (٤) ، يوف لكم بالجنة (٥) يوم القيامة.

وفي أصول الكافي (٦) : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن سماعة ، عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ في قول الله ـ عز وجل ـ : (أَوْفُوا بِعَهْدِي) ، قال : بولاية أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ (أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) أوف لكم بالجنة.

أحمد بن محمد (٧) عن محمد بن الحسين ، عن عبد الله بن محمد عن الخشاب.

قال : حدثنا بعض أصحابنا عن خيثمة. قال : قال لي أبو عبد الله ـ عليه السلام ـ : يا خيثمة! نحن عهد الله. فمن وفى بعهدنا ، فقد وفى بعهد الله. ومن خفرها ، فقد

__________________

(١ و ٢ و ٣) ليس المصدر.

(٤) يوجد في المصدر.

(٥) المصدر : في الجنة.

(٦) الكافي ١ / ٤٣١ ، ح ٨٩.

(٧) نفس المصدر ١ / ٢٢١ ، ح ٣.

٣٩٤

خفر ذمة الله وعهده.

والحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.

وفي تفسير علي بن ابراهيم (١) : حدثني أبي عن محمد بن أبي عمير ، عن جميل عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ قال له رجل : جعلت فداك! ان الله يقول : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) (٢) وإنّا ندعو ، فلا يستجاب لنا.

قال : لأنكم لا توفون لله ، بعهده. وان الله يقول : (أَوْفُوا بِعَهْدِي ، أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) والله! لو وفيتم لله ، لوفى الله لكم.

وفي تفسير فرات بن ابراهيم الكوفي (٣) ، قال : حدثني جعفر بن محمد الفزاري. قال : حدثنا محمد ، يعني : ابن الحسين الصائغ. قال : حدثنا محمد ابن عمران الوشاء ، عن موسى بن القسم ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة بن مهران ، عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ قال [في] (٤) قول الله تعالى (أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) ، أوفوا بولاية علي [بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ فرضا من الله لكم ، أوف لكم بالجنة] (٥).

وفي شرح الآيات الباهرة (٦) : قال الامام ـ عليه السلام ـ : قال الله ـ عز وجل ـ : (يا بَنِي إِسْرائِيلَ) ولد يعقوب ، إسرائيل الله ، (اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ)

__________________

(١) تفسير القمي ١ / ٤٩.

(٢) غافر / ٦٠.

(٣) تفسير الفرات / ١١.

(٤) يوجد في المصدر.

(٥) كذا في المصدر. وفي الأصل ور : فرض من الله ، أوف لكم الجنة.

(٦) شرح الآيات الباهرة / ١٥.

٣٩٥

لما بعثت (١) محمدا وأقررته في مدينتكم (٢). ولم اجشّمكم (٣) الحطّ والترحال (٤) اليه. وأوضحت علاماته ودلائل صدقه لئلا يشتبه عليكم حاله. (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي)».

الذي أخذته على سلافكم وأنبيائهم (٥). وأمروهم أن يؤدوه الى أخلافهم ، ليؤمنن بمحمد العربي القرشي المبان بالآيات والمؤيد بالمعجزات التي منها أن كلمه ذراع مسموم. وناطقه ذئب. وحسن اليه عود المنبر. وكثر الله له القليل من الطعام.

وألان (٦) له الصلب ، من الحجارة. وصلبت لديه المياه السائلة. ولم يؤيد نبيا من أنبيائه بدلالة ، الا جعل له مثلها وأفضل منها. والذي جعل من (٧) أكبر آياته ، علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ شقيقه (٨) ورفيقه. عقله من عقله. وعلمه من علمه. وحلمه من حلمه. مؤيد دينه ، بسيفه الباتر ، بعد أن قطع معاذير المعاندين ، بدليله القاهر وعلمه الفاضل وفضله الكامل. (أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) الذي أوجبت به لكم نعيم الأبد ، في دار الكرامة ومستقر الرحمة. (وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) في مخالفة محمد. فاني القادر على صرف بلاء من يعاديكم ، على موافقتي. وهم لا يقدرون على صرف انتقامي ، إذا آثرتم مخالفتي] (٩).

(وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ) من القرآن.

__________________

(١) المصدر : بعث.

(٢) المصدر : مرتبتكم.

(٣) المصدر : اجشمك.

(٤) المصدر : الرجال.

(٥) المصدر : أنبيائكم.

(٦) المصدر : لان.

(٧) ليس في المصدر.

(٨) المصدر : شفيقه.

(٩) ما بين القوسين ليس في أ.

٣٩٦

(مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ) من التوراة والإنجيل وغيرهما.

(وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ) : أول فوج كفر به.

[وفي تفسير العياشي (١) : عن جابر الجعفي قال : سألت أبا جعفر ـ عليه السلام ـ عن تفسير هذه الاية ، في باطن القرآن (وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ) ، يعني : فلانا وصاحبه ومن تبعهم ومن دان بدينهم. (وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ) ، يعني : عليا ـ عليه السلام ـ] (٢).

(وَلا تَشْتَرُوا) : لا تستبدلوا.

(بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً) : من الرئاسة التي تخافون أن تفوت منكم (٣) ، باتباع محمد أو الشيء (٤) الذي تأخذونه من رعاياكم ، على تحريف الكلم وتسهيل ما صعب عليهم ، من الشرائع.

(وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (٤١)) :

[وفي شرح الآيات الباهرة (٥) : قال الامام ـ عليه السلام ـ : ثم قال الله ـ عز وجل ـ لليهود : «وآمنوا» يا أيها اليهود بما أنزلت على محمد من ذكر نبوته وأنباء امامة أخيه علي وعترته الطيبين ، (مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ). فان مثل هذا الذكر في كتابكم ، أن محمدا النبي ، سيد الأولين والآخرين ، المؤيد بسيد الوصيين وخليفة رب العالمين ، فاروق الأمّة ، وباب مدينة الحكمة ، ووصي رسول الرحمة. ولا تشتروا بآياتي المنزلة لنبوة محمد وإمامة علي والطاهرين من

__________________

(١) تفسير العياشي ١ / ٤٢ ، ح ٣١.

(٢) ما بين القوسين ليس في أ.

(٣) أ : عنكم.

(٤) أ : محمدا والشيء. ر : محمد والشيء.

(٥) شرح الآيات الباهرة / ١٥ ـ ١٦.

٣٩٧

عترته (ثَمَناً قَلِيلاً) بأن (١) تجحدوا نبوة النبي وامامة الامام ـ عليهما السلام ـ وتعتاضوا عنها عرض (٢) الدنيا. فان ذلك وان كثر ، فالى نفاد وخسار وبوار. ثم قال ـ عز وجل ـ : (وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ) في كتمان أمر محمد وأمر وصيه. فان لم تتقوا (٣) لم تقدحوا في نبوة النبي ولا في وصية الوصي. بل حجج الله عليكم ، قائمة.

وبراهينه بذلك واضحة. قد قطعت معاذيركم. وأبطلت تمويهكم. وهؤلاء ، يهود المدينة (٤) ، جحدوا نبوة محمد. وخانوه. وقالوا : نحن نعلم ، أن محمدا ، نبي. وأن عليا ، وصيه. ولكن لست أنت ذلك (٥) ولا هذا. (يشيرون الى علي ـ عليه السلام.) فأنطق الله تعالى ، ثيابهم التي عليهم وخفافهم التي في أرجلهم ، يقول كل واحد منها للابسه : كذبت ، يا عدو الله! بل النبي ، محمد هذا. والوصي علي هذا. ولو أذن الله لنا ، أضغطناكم وعقرناكم وقتلناكم.

فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : ان الله ـ عز وجل ـ يمهلهم ، لعلمه بأنه سيخرج من أصلابهم ، ذريات طيبات مؤمنات (٦). ولو تزيلوا ، لعذب هؤلاء عذابا أليما. (٧) وانما يعجل من يخاف الفوت.

وفي مجمع البيان (٨) ، روي عن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ : من سن سنّة حسنة

__________________

(١) الأصل ور. فان.

(٢) كذا في تفسير البرهان ١ / ٩١ ، نقلا عن الامام العسكري ـ عليه السلام ـ وفي المصدر. عرض : وفي الأصل ور : منها عوض.

(٣) المصدر : فإنكم ان تتقوا.

(٤) المصدر : اليهود بالمدينة.

(٥) ليس في المصدر.

(٦) المصدر : ومؤمنات.

(٧) ليس في المصدر.

(٨) مجمع البيان ١ / ٩٥.

٣٩٨

فله أجرها وأجر من عمل بها ، الى يوم القيامة. ومن سن سنة سيئة ، كان عليه وزرها ووزر من عمل بها ، الى يوم القيامة.

وروى عن أبي جعفر ـ عليه السلام ـ (١) في هذه الاية قال : كان حيي بن أخطب وكعب بن الأشرف وآخرون من اليهود ، لهم مأكلة على اليهود ، في كل سنة. فكرهوا بطلانها ، بأمر النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ : فحرفوا لذلك ، آيات من التوراة ، فيها صفته وذكره. فذلك الثمن الذي أريد (٢) في الاية] (٣).

(وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ. وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ. وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٤٢))

[في شرح الآيات الباهرة (٤) : قال الامام ـ عليه السلام ـ : ثم خاطب الله ـ عز وجل ـ قوما من اليهود قال : (وَلا تَلْبِسُوا) (٥) (الْحَقَّ بِالْباطِلِ) بأن زعموا أن محمدا ، نبي وأن عليا ، وصي. ولكنهما يأتيان بعد وقتنا هذا ، بخمس مائة سنة.

فقال لهم رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : أترضون التوراة بيني وبينكم حكما؟

قالوا : بلى.

فجاءوا بها. وجعلوا يقرءون منها ، خلاف ما فيها. فقلب الله ـ عز وجل ـ الطومار الذي كانوا منه يقرءون. وهو في يد قارئين (٦) منهم ، مع أحدهما أوله ومع الاخر ، آخره ، ثعبانا له رأسان. وتناول كل رأس منهما ، يمين (٧) الذي هو

__________________

(١) نفس المصدر.

(٢) كذا في المصدر وفي نسخة الأصل : أريك. وفي ر : أرأيك.

(٣) ما بين القوسين ليس في أ.

(٤) شرح الآيات الباهرة / ١٦.

(٥) كذا في المصدر. وفي الأصل ور : لبسوا.

(٦) المصدر : قرائين.

(٧) المصدر : عين.

٣٩٩

في يده. وجعلت ترضضه وتهشمه. ويصيح الرجلان. ويصرخان. وكانت هناك طوامير أخر. فنطقت. وقالت : لا تزالان في هذا العذاب ، حتى تقرءا بما فيها ، من صفة محمد ونبوته وصفة علي وإمامته ، على ما انزل الله تعالى. فقرءاه (١) صحيحا وآمنا برسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ وامامة علي ، ولي الله (٢).

فقال الله تعالى : (وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ) بأن تقروا ، بمحمد وعلي ، من وجه. وتجحدوهما ، من وجه (وَتَكْتُمُوا) (٣) (الْحَقَ) من نبوة هذا وامامة هذا (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)] (٤).

(وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) ، أي : صلاة المسلمين.

(وَآتُوا الزَّكاةَ) : زكاتهم.

(وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (٤٣)) : منهم. لان اليهود ، لا ركوع في صلاتهم.

[وفي شرح الآيات الباهرة (٥) : قال الامام ـ عليه السلام ـ : ثم قال الله ـ عز وجل ـ لهؤلاء : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) قال : أقيموا الصلوات المكتوبات التي جاء بها محمد. وأقيموا ـ أيضا ـ الصلوة على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الذين علي سيدهم وفاضلهم. وآتوا الزكاة من أموالكم ، إذا وجبت ومن أبدانكم ، إذا لزمت ومن معونتكم ، إذا التمست.

واركعوا مع الراكعين ، أي : تواضعوا مع المتواضعين ، لعظمة الله ـ عز وجل ـ

__________________

(١) المصدر : فأقرآه.

(٢) المصدر : واعتقدوا امامة على ، ولى رسول الله.

(٣) كذا في المصدر وفي الأصل ور : فتكتمون.

(٤) ما بين القوسين ليس في أ.

(٥) شرح الآيات الباهرة / ١٦.

٤٠٠