الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي
المحقق: حسين درگاهى
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٤٩
والإبراق. ولأنهما ليسا أنواعا مختلفة ، بالنظر الى أسبابها (١) ، كالظلمة. وكينونتهما في السحاب ، ظاهرة. وأما في المطر ، فلأنهما لما كانا في محل يتصل به أعلاه ومصبه ، أعني ، السحاب ، جعلا كأنهما فيه. أو لأن المطر كما ينزل من أسفل السحاب ، ينزل من أعلاه ـ أيضا ـ فهو شامل للفضاء (٢) الذي فيه السحاب. فهما في جزء من المطر ، يتصل بالسحاب.
وانما جاءت الأشياء ، نكرة ، لأن المراد ، أنواع منها. كأنه قيل : فيه ظلمات داجية (٣) ورعد قاصف (٤) وبرق خاطف.
والأصل في كلمة «في» ، أن تستعمل (٥) في ظرفية (٦) الأجسام ، للأجسام. ثم اتسع فيها ، فاستعمل في ظرفية الزمان ، للأحداث. ولمحلية المعروضات ، لأعراضها والموصوفات لصفاتها ، الى غير ذلك.
(يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ) :
الضمائر ، ترجع الى أصحاب الصيّب. ولفظ «الأصحاب» وان حذف.
وأقيم «الصيب» مقامه ، لكن معناه باق. فيجوز أن يعول عليه. وهو استئناف لا محل له من الاعراب. فكأنه لما ذكر ما يؤذن بالشدة والهول ، قيل : فكيف حالهم مع ذلك؟ فأجيب : بأنهم يجعلون أصابعهم في آذانهم (٧).
__________________
(١) أ : أسبابهما.
(٢) أ : للقضاء.
(٣) أ : واجية ، المتن : داجينة.
(٤) أ : فاصف.
(٥) أ : يستعمل.
(٦) أ : طرفيه.
(٧) ر. أنوار التنزيل ١ / ٢٩.
فان قلت : الجواب ، حينئذ ، لا يكون مطابقا للسؤال. فانه بين ، حينئذ ، حالهم ، مع الصواعق ، دون الرعد.
قلت : لما كانت الصاعقة ، قصفة رعد. تنقض معها شقة من نار ، كان الجواب مطابقا. كأنه قيل : يجعلون أصابعهم في آذانهم من شدة صوت الرعد ، وانقضاض قطعة نار معها.
ويحتمل أن يكون ، حالا من المضاف ، الى الصيب المحذوف. «وجعل» جاء متعديا الى مفعولين. نحو ، جعلت الطين خزفا. أي ، صيّرت. والى مفعول واحد كقوله : (وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ) (١) ، أي : صنع. وبمعنى التسمية. كقوله : (وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً) (٢) ، أي : سمّوا له. وبمعنى أفعال المقاربة. نحو ، جعل زيد يفعل.
واليد تتجزّأ (٣) الى الانملة والأصبع والكف والساعد والعضد. والمتعين منها لسد الأذان ، أنملة السبابة. فإطلاق الأصابع ، موضع الأنامل ، بل بعضها ، من اتساعات اللغة.
والنكتة المبالغة التي ليس في ذكر الأنامل وبعضها ، وهي أنهم لشدة الأمر عليهم وخوفهم ، من تقصيف الرعد ، يجعلون أصابعهم ، بالكلية في آذانهم ، لئلا يسمعوه ، أصلا. أو لفرط دهشتهم وحيرتهم ، يفعلون ذلك. ولا يدرون ما يفعلون.
وعدم تخصيص ما هو متعين لسد الآذان ، من الأصابع ، أعني السبابة ، للاشارة الى أنه لم يبق لهم ، من فرط الدهشة والحيرة ، قوة التمييز بينها (٤). أو لما في
__________________
(١) الانعام / ١.
(٢) ابراهيم / ٣٠.
(٣) أ : تنحرى.
(٤) أ : بينهما.
السبابة من معنى السبّ. ولذلك استكرهوها. فكنوا عنها ، بالمسبحة والسباحة وغيرهما ، طوى ذكرها ، إذ لم يكن لها اسم وراءها يتعارفه الناس في ذلك العهد.
(مِنَ الصَّواعِقِ) : متعلق «بيجعلون».
ولفظة «من» في أمثال ذلك ، ابتدائية ، على سبيل العلية. فيقال : قعد من الجبن. وقد يكون ما بعدها ، غرضا مطلوبا مما وقع قبله ، إذا صرح بما يدل على ذلك. كقولك : ضربت من أجل التأديب. بخلاف «اللام» فإنها ، وحدها ، يستعمل في كل منهما. ويشاركهما في التعليل «في».
كما في قوله ـ عليه السلام ـ :
ان امرأة دخلت النار ، في هرة ربطتها. ولم تدعها ، حتى تأكل من حشاش (١) الأرض.
و «الصواعق» ، جمع الصاعقة. وهي قصفة رعد. أي شدة صوت منه.
ينقض معها شقة ، أي ، قطعة من نار. وهي في الأصل ، اما صفة لفصفة (٢) الرعد.
والتاء للتأنيث. أو للرعد. والتاء للمبالغة. كما في الراوية. أو مصدر ، كالعافية والكاذبة.
وقرئ من الصواقع. وليس بقلب من الصواعق. لأن كلا من البنائين ، سواء في التصرف ، يبنى على كل منها كثير من الأمثلة. تقول : صقع الديك ، إذا صاح.
وسقعه على رأسه. وصقع رأسه ، أي : ضرب صوقعته. وهي موضع البياض ، في وسط الرأس. وخطيب مصقع ، أي : مجهر ـ بكسر الميم ـ وهو الذي من عادته ، أن يجهر بكلامه.
أقول : الصاعقة والصاقعة ، إذا كانتا اسمي صفتين ، فجمعهما على الفواعل (٣)
__________________
(١) أ : حشاس.
(٢) أ : لفصقة.
(٣) أ : القوابل.
مطرد. وأما إذا كانتا مصدرين ، فلا. لكن ذلك ، شيء ، ذكره صاحب الكشاف والبيضاوي.
(حَذَرَ الْمَوْتِ) : وقرأ ابن أبي ليلى : حذار الموت.
فقد جاء حذر ، يحذر ، حذار وحذارا ، منصوب على أنه مفعول له ، ليجعلون.
فهو علة للجعل المعلل ، أي : جعلهم أصابعهم في آذانهم (١) ، لأجل الصواعق ، واقع لأجل الحذر من الموت المتوهم ، لشدة الصوت.
و «الموت» ، عدم الحياة ، عما من شأنه ذلك ، فالتقابل بينه وبين الحياة ، تقابل العدم والملكة. وقيل : عرض يمنع الاحساس ، يعرض عقيب الحياة ، أي : لا يجمعها. فيكون التقابل بينهما ، تقابل التضاد.
واستدل عليه ، بقوله تعالى : (خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ) (٢). فان الخلق والإيجاد ، لا يتعلق الا بالأمور الوجودية.
وأجيب ، بأن المقصود من الخلق ، التقدير. ولو سلم ، فالعدم ، يمكن أن يخلق باعتبار استمراره. ولو سلم ، فالذي لا يخلق ، هو العدم ، بمعنى السلب.
والموت ، ليس كذلك. كما مر.
(وَاللهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ (١٩)) :
أمال أبو عمر.
والكاف من «الكافرين» ، في موضع الخفض والنصب. وروي ذلك ، عن الكسائي. والباقون لا يميلون.
ووجه حسنه ، لزوم كسرة الراء التي تجري مجرى الكسرتين ، بعد الفاء المكسورة.
__________________
(١) ر. تفسير البحر المحيط ١ / ٨٧.
(٢) الملك / ٢.
وتلك ، اعتراضية ، لا محل لها من الاعراب.
وفائدتها ، أن المحذر عن الموت ، لا يفيد.
ووضع «الكافرين» ، موضع المضمر ، للدلالة على أن أصحاب الصيّب ، كفار. ليظهر استحقاقهم شدة الأمر.
وقيل : هذه المعترضة ، لبيان أحوال المشبه ، على أن المراد «بالكافرين» ، المنافقون. دل بها على أنهم ، لا مدفع لهم ، من (١) عذاب الله ، في الدنيا والاخرة.
ووسطت بين أحوال المشبه به ، مع أن القياس ، يقتضي تقديمها أو تأخيرها ، تنبيها على شدة الاتصال بين المشبه والمشبه به ، ودلالة على فرط الاهتمام ، بشأن المشبه واحاطة الله ، مجاز.
فان شبه شمول قدرته تعالى ، باحاطة المحيط ، «بما أحاط به في امتناع فوات كان هناك استعارة تبعية ، في الصفة ، سارية اليها ، من مصدرها.
وان شبه حاله تعالى معهم ، بحال المحيط» (٢) ، مع المحاط ، أي ، شبه هيئة منتزعة من عدة أمور ، بأخرى مثلها ، كان هناك استعارة تمثيلية (٣) ، لا تصرف في (٤) شيء ، من ألفاظ مفرداتها. الا أنه لم يصرح منها ، الا بلفظ ما هو العمدة في الهيئة المشبه بها ، أعني ، الاحاطة. والبواقي من الألفاظ ، منوية في الارادة.
واحاطة الله سبحانه ، عند الصوفية بالكافرين ، بل بالموجودات ، كلها ، عبارة عن تجلّيه بصور الموجودات. فهو سبحانه بأحدية جميع أسمائه ، سار في الموجودات كلها ، ذاتا وعلما وقدرة ، الى غير ذلك ، من الصفات. والمراد باحاطته تعالى ،
__________________
(١) ر : عن.
(٢) ليس في أ.
(٣) أ : تبعية تمثيلية.
(٤) ليس في أ.
هذه السراية. انه لا يعزب (١) عنه ، مثقال (٢) ذرة ، في السموات والأرض ، إذ كل ما يعزب (٣) عنه ، يلتحق بالعدم. وقالوا : هذه الاحاطة ، ليست كاحاطة الظرف بالمظروف. ولا كاحاطة الكل بأجزائه. ولا كاحاطة الكلي بجزئياته. بل كاحاطة الملزوم ، بلوازمه. فان التعينات اللاحقة ، لذاته المطلقة ، انما هي لوازم له ، بواسطة أو بغير واسطة ، وبشرط أو بغير شرط. ولا يقدح كثرة اللوازم في وحدة الملزوم ولا تنافيها.
(يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ) : استئناف ثان. كأنه قيل : ما حالهم مع تلك الصواعق (٤)؟
فأجيب : و «يكاد» مضارع كاد. وهو من كدت ، تكاد ، كيدا ومكادة. وحكى الأصمعي : كودا. فيكون كخفت ، تخاف ، خوفا. والأول أشهر.
و «كاد» من أفعال المقاربة. وضعت لمقاربة الخبر ، من الوجود لعروض ، سببه ، لكنه لم يوجد اما لفقد شرط ، أو لعروض مانع. والشرط في خبره ، أن يكون فعلا مضارعا ، بدون «ان». وقد يكون معها ، بخلاف «عسى». فانه لرجائه.
وقد يدخل على خبرها ، «ان».
وقرئ يخطف ـ بكسر الطاء ـ ويختطف ويخطف ـ بفتح الياء والخاء ـ وأصله يختطف ، نقلت حركة التاء الى الخاء. ثم أدغمت في الطاء. ويخطف ـ بكسرهما ـ بحذف حركة التاء ، للادغام وبتحريك الخاء بالكسر ، اما لالتقاء الساكنين. واما لمتابعة الطاء. ويجعل حرف المضارعة ، تابعا للخاء.
و «يخطف» ، مضارع خطف ، من باب التفعيل. ويتخطف مضارع تخطف
__________________
(١ و ٣) ر : يغرب.
(٢) ليس في أ.
(٤) ر. أنوار التنزيل ١ / ٣٠.
من باب التفعل.
(كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ. وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ ، قامُوا) : استئناف ثالث.
جواب لمن يقول : كيف يصنعون عند خفوق (١) البرق وخفيه (٢) (٣)؟
وكلمة «كل» في «كلما» منصوب على الظرفية ، باتفاق. وناصبها ، الفعل الذي ، هو جوابها : أعني ، «مشوا». وإفادتها الظرفية ، من جهة «ما». فإنها (٤) محتملة لوجهين :
أحدهما : أن يكون حرفا مصدريا. والجملة ، صلة له. فلا محل لها. فالأصل كل وقت إضاءته. ثم عبر عن المصدر ، «بما». والفعل ، ثم ، أنيبا (٥) عن الزمان بتقدير «الوقت».
والثاني : أن يكون اسما نكرة ، بمعنى ، وقت. فلا يحتاج على هذا الى تقدير «وقت».
والجملة بعده ، في موضع خفض ، على الصفة ، فيحتاج الى تقدير ، عائد فيها (٦) ، أي : كل وقت أضاء لهم البرق ، فيه. هكذا قيل.
وأقول : «ما» المصدرية ، قسمان : مصدرية صرفة ومصدرية ظرفية. وكلمة «ما» المركبة ، مع كل مصدرية ظرفية. فعلى هذا ، لا حاجة الى تقدير ، ولا الى حذف عائد.
__________________
(١) أ : خطوف.
(٢) أ : خفية.
(٣) ر. أنوار التنزيل ١ / ٣٠.
(٤) أ : فاتها.
(٥) أ : أبينا.
(٦) أ : منها.
و «أضاء» ، اما متعد. والمفعول محذوف. والتقدير ، كلما أضاء طريقا لهم مشوا فيه. وضمير «فيه» ، حينئذ ، اما عائد الى المفعول المحذوف ـ واليه ذهب المبرد ـ أو الى «البرق» ـ وعليه الجمهور ـ واما لازم ، بمعنى ، كلما لمع لهم مشوا فيه. ويتعين عود الضمير اليه. وإذا عاد الضمير ، الى «البرق» ـ على التقديرين ـ فلا بد في الظرفية ، من (١) تقدير مضاف ، أي : في ضوئه.
وكذلك «أظلم» ، اما لازم. أو متعد. من ظلم الليل ـ بالكسر ـ ويؤيده قراءة «أظلم» ، على البناء للمفعول.
ورد باحتمال أن يكون عليهم ، قائما مقام الفاعل. فيكون تعدية «أظلم» ، «بعلى». لا بنفسه.
وأجيب بأن عليهم أن يقابل لهم ، في أضاء لهم. فان جعلا مستقرين ، لم يصلح عليهم لأن يقوم مقام الفاعل. وان جعلا صلتين للفعل ، على تضمين معنى النفع والضر (٢) ولم يصلح عليهم ، لأن يقوم مقام فاعل المضمن ولا المضمن فيه.
وعلى تقدير صلوحه ، فعطف إذا «أظلم» ، على «كلما أضاء» ، مع كونها جوابا للسؤال عما يضعون (٣) في تارتي خفوق (٤) البرق.
وخفيته (٥) يقتضي أن يكون «أظلم» مسند الى ضمير «البرق» ، كأضاء.
على معنى كلما نفعهم البرق باضاءته (٦) ، افترضوه (٧) ، وإذا ضرهم باظلامه واختفائه
__________________
(١) أ : فلا بد من في الظرفية تقدير مضاف.
(٢) أ : الضرر.
(٣) ر : يصنعون.
(٤) أ : حقوق.
(٥) أ : خفية.
(٦) أ : باضاءة.
(٧) أ : افترضوه.
دهشوا.
وقد يجاب ـ أيضا ـ بأن بناء الفعل للمفعول ، من المتعدي بنفسه ، أكثر.
فالحمل عليه ، أولى وأنسب. وانما قال في الاضاءة ، «كلما» وفي الاظلام ، «إذا» ، لأنهم حراص على المشي. فكلما صادفوا منه (١) فرصة ، انتهزوها. ولا كذلك التوقف.
ومعنى قاموا ، وقفوا. بدليل وقوعه في مقابلة «مشوا». ومنه ، قام الماء ، جمد. وقام السوق ، إذا كسد وسكن. وقد مر استعماله بمعنى ، نفق ، مأخوذا من القيام ، بمعنى ، الانتصاب. فهو من الأضداد.
(وَلَوْ شاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ) : معطوفة اما على الجملة الاستئنافية ، أعني : «يجعلون». واما على (٢) جملة (كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ)».
وكلمة «لو» ، عند المحققين ، يدل (٣) على ثلاثة أمور : عقد السببية والمسببية بين الجملتين بعدها ، وكونهما في الماضي ، وانتفاء السبب. ولا دلالة لها على امتناع الجواب. ولكنه ان كان مساويا للشرط ، في الواقع ، أو عند المتكلم ، كما في قولك : لو كانت الشمس طالعة ، لكان النهار موجودا ، وقولك : لو جئتني ، لأكرمتك ، لزم انتفاؤه. وان كان أعم ـ كما في قولك : لو كانت الشمس طالعة ، لكان الضوء موجودا ـ فلا.
وانما يلزم انتفاء القدر المساوي منه ، للشرط ، يعني : الضوء المستفاد من الطلوع ، في المثال المذكور ، مثلا. ثم انه يحتمل أن يكون المقصود هنا ، بيان (٤)
__________________
(١) ليس في أ.
(٢) ليس في أ.
(٣) أ ، المتن : بدل.
(٤) ليس في أ.
مسببية (١) ذهاب سمعهم وبصرهم ، لمشية الحق سبحانه ، كما هو شأن الحوادث ، كلها. لا الدلالة على انتفاء أحدهما ، لانتفاء الاخر. فلذلك قال بعضهم : «لو» هنا مستعمل ، لربط جزائها بشرطها ، مجردة عن الدلالة على انتفاء أحدهما ، لانتفاء الاخر ، فهو بمنزلة إن.
وقد يقال : انها باقية على أصلها. وقصد بها التنبيه ، على أن مشقتهم ، بسبب الرعد والبرق ، وصلت غايتها وقاربت ازالة الحواس ، بحيث لو تعلقت بها المشيّة لأزالت بلا حاجة ، الى زيادة ، في وصف الرعد وضوء البرق ، كما ذكر أولا.
والنكتة في اختيار ذهب بسمعهم وأبصارهم ، على أذهب سمعهم وأبصارهم قد مر بيانها «في (ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ).
والمعنى «لو شاء الله أن يذهب بسمعهم» ، بشدة صوت الرعد ، «وأبصارهم» ، بقوة لمعان البرق ، لذهب بهما. فحذف المفعول ، لدلالة الجواب عليه. ولهذا تكاثر حذف المفعول ، في «شاء» و «أراد» ومتصرفاتهما ، إذا وقعتا في حيز (٢) الشرط ، لدلالة الجواب على ذلك المحذوف ، ومع وقوعه في محله لفظا. ولأن في ذلك نوعا من التفسير ، بعد الإبهام ، الا في الشيء المستغرب. فانه لا يكتفى فيه ، بدلالة الجواب عليه. بل يصرح به ، إغناء بتعيينه ، ودفعا لذهاب الوهم الى غيره ، بناء على استبعاد تعلق الفعل به ، واستغرابه ، كقوله :
ولو شئت أن ابكي دما ، لبكيته |
|
عليه ولكن ساحة الصبر أوسع |
وقرئ : لأذهب بسمعهم وأبصارهم ، بزيادة الباء. كقوله تعالى (٣) : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) (٤).
__________________
(١) أ : مسببة.
(٢) أ : خبر.
(٣) البقرة / ١٩٥.
(٤) ر. أنوار التنزيل ١ / ٣٠.
(إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٠)) : تقرير لما قبلها.
والشيء ، يختص بالموجود ، في الأصل. مصدر شاء. أطلق بمعنى شاء ـ تارة ـ وحينئذ ، يتناول الباري ، كما قال : «أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً؟ قُلِ : اللهُ شَهِيدٌ» (١).
وبمعنى مشيء أخرى ، أي : مشيء وجوده. وما شاء الله وجوده ، فهو موجود ، في الجملة.
قال المعتزلة : الشيء ما يصح أن يعلم ويخبر عنه (٢).
وقيل : والشيئية (٣) على قسمين : ثبوتية (وهي ثبوت) (٤) المعلومات ، في علم الله تعالى ، متميزا بعضها عن بعض.
وهي (٥) على ثلثة أقسام :
أحدها : ما يجب وجوده في العين ، كذات الواجب.
وثانيها : ما يمكن بروزه من العلم ، الى العين. وهو الممكنات.
وثالثها : ما لا يمكن. وهو الممتنعات.
والثبوتية في الأول والثالث ، باعتبار الوجود العلمي. وفي الثاني ، باعتباره.
وباعتبار الثبوت العيني ـ أيضا ـ فإنهم قسّموا الكون في الخارج ، الى ما يترتب عليه الآثار الخارجية ، وسموه وجودا عينيا. وما لا يترتب عليه الآثار الخارجية سموه ثبوتا خارجيا.
ومتعلق قدرة الله ، من تلك الأقسام ، هو الثاني ، دون الأول والثالث. ومشيّة
__________________
(١) الانعام / ٩.
(٢) ر. أنوار التنزيل ١ / ٣٠.
(٣) ر : الشيئية.
(٤) ما بين القوسين ليس في أ.
(٥) أ : وهو.
وجودها ، هي وجودها خارج العلم. والموجودات الخارجية ، من حيث تعلق القدرة ، بإخراجها من العلم الى العين ، لا يتعلق بها قدرة أخرى ، لاستحالة تحصيل الحاصل. فان تعلقت قدرة بها ، فباعتبار إعدامها. فذات الواجب تعالى وصفاته والممتنعات والموجودات الممكنة ، من حيث أنها تعلقت القدرة بها ، مستثناة ـ عقلا ـ من الحكم على الله تعالى ، بأنه على كل شيء قدير.
والقدرة في اللغة ، التمكن.
وقدرة الله ، عند الحكيم ، بمعنى أنه ان شاء ، فعل. وان لم يشأ ، لم يفعل.
لكن شاء ، ففعل بالمشيّة القديمة. وحاصله ، إمكان الفعل والترك ، بالنظر الى الذات.
ووجوب الفعل وامتناع الترك ، بالنظر الى الارادة.
وعند الأشاعرة ، صفة يقتضي التمكن.
وقيل (١) : قدرة الإنسان ، هيئة بها ، يتمكن من الفعل. وقدرة الله نفي العجز عنه. والقدير ، الفعال لما يشاء. ولذلك قلما يوصف به غير الباري تعالى. وانما سمي القدير قديرا ، لأنه يوقع الفعل ، على مقدار قوته. أو على مقدار ما يقتضيه مشيّته. أو على مقدار علمه.
وعلى ما حققنا في الآية ، دليل على أن الحادث ، حال حدوثه ، والممكن ، حال بقائه ، مقدوران. وان مقدور العبد ، مقدور الله. لأنه شيء. وكل شيء ، مقدور. وهذا التمثيل ، كالتمثيل الأول. يحتمل أن يكون من قبيل تشبيه المفرد.
وأن يكون من قبيل تشبيه المركب. فشبه على الأول ، ذوات المنافقين ، بأصحاب الصيب ، في اشتمال كل منهما ، على أمر كثير النفع. وشبه اسلام المنافقين ، من حيث مطلق الأقسام ، لا من حيث أنه مضاف اليهم ، بالصيب ، في أن كل واحد
__________________
(١) ر. أنوار التنزيل ١ / ٣١.
منهما ، سبب للحياة.
فالأول ، سبب لحياة القلوب. والثاني ، سبب لحياة الأرض.
وشبّهت ، شبههم التي يتمسكون بها ، في الاستمرار على كفرهم ونفاقهم ، بالظلمات. ووعدهم (١) في الظاهر على إسلامهم ، بالرعد. فانه صياح بلا طائل.
ووعيدهم في نفس الأمر ، بالبرق. فانه نار محرقة. وما يصيبهم من الأفزاع والبلايا من جهة المسلمين ، بالصواعق. واظهارهم الايمان ، حذرا عن اصابة هذه المصيبات بجعل (٢) الأصابع ، في الأذان من الصواعق ، حذر الموت. واحتيازهم لما يلمع لهم وشديد ركونه ، بمشيهم في مطرح ضوء البرق كلما أضاء لهم. وتحيرهم وتوقفهم من الأمر ، حين يعنّ لهم مصيبة ، بتوقفهم إذا أظلم عليهم.
وشبّه على الثاني ، ما وقع المنافقون فيه ، من الضلالة وما خبطوا فيه ، من الحيرة والدهشة ، بحال من أخذتهم السماء ، في ليلة تكاثف ظلمتها ، بتراكم السحب واتصال قطراتها وتواتر فيها الرعود الهائلة والبروق المخيفة والصواعق المهلكة.
وهم في أثناء ذلك يزاولون غمرات الموت.
ولا شك ، انك إذا تصورت حالهم بهذه المثابة ، حصل في نفسك هيئة عجيبة توصلك الى معرفة حال المنافقين ، على وجه ، يتقاصر عنه ، تشبيهك اسلام المنافقين والشبهات.
(وفي كتاب التوحيد (٣) : بإسناده الى أبي هاشم الجعفري : عن أبي جعفر الثاني ـ عليه السلام ـ حديث طويل ، وفيه يقول ـ عليه السلام ـ : قولك ان الله قدير ، خبرت أنه لا يعجزه شيء. فنفيت بالكلمة العجز. وجعلت العجز سواه.
__________________
(١) أ ، ر : ورعدهم.
(٢) أ : يجعل.
(٣) التوحيد / ١٩٣.
وبإسناده (١) الى أبي بصير ، قال : سمعت أبا عبد الله ـ عليه السلام ـ يقول : لم يزل الله ـ عز وجل ـ ربنا. والعلم ذاته. ولا معلوم. والسمع ذاته. ولا مسموع.
والبصر ذاته. ولا مبصر. والقدرة ذاته. ولا مقدور. فلما أحدث الأشياء وكان المعلوم ، وقع العلم منه على المعلوم والسمع على المسموع والبصر على المبصر والقدرة على المقدور.
وبإسناده (٢) الى محمد بن أبي إسحاق الخفاف ، قال : حدثني عدة من أصحابنا : أن عبد الله الديصاني ، أتى هشام بن الحكم. فقال له : ألك رب؟
فقال : بلى.
قال : قادر؟
قال : نعم ، قادر قاهر.
قال : يقدر أن يدخل الدنيا ـ كلها ـ في البيضة ، لا تكبر البيضة ولا تصغر (٣) الدنيا؟
فقال هشام : النظرة.
فقال له : قد أنظرتك حولا.
ثم خرج عنه. فركب هشام الى أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ فاستأذن عليه.
فأذن له. فقال له : يا بن رسول الله! أتاني عبد الله الديصاني ، بمسألة. ليس المعوّل فيها ، الا على الله ، وعليك.
فقال له أبو عبد الله ـ عليه السلام ـ عما (٤) سألك؟ فقال : قال لي : كيت وكيت.
__________________
(١) نفس المصدر / ١٣٩ ، ح ١ وله تتمة.
(٢) نفس المصدر : / ١٢٢.
(٣) المصدر : يصغر.
(٤) المصدر ـ عما ذا.
فقال أبو عبد الله ـ عليه السلام ـ : يا هشام! كم حواسك؟
قال : خمس.
قال (١) : أيها أصغر؟
قال (٢) : الناظر.
قال (٣) : وكم قدر الناظر؟
قال : مثل العدسة ، أو أقل منها.
فقال له (٤) : يا هشام! فانظر أمامك وفوقك. فأخبرني بما ترى؟
فقال : أرى سماء وأرضا ودورا وقصورا وترابا وجبالا وأنهارا.
فقال له أبو عبد الله ـ عليه السلام ـ : ان الذي قدر أن يدخل الذي تراه العدسة ، أو أقل منها ، قادر أن يدخل الدنيا ، كلها البيضة ، لا تصغر (٥) الدنيا ، ولا تكبر (٦) البيضة.
فانكبّ هشام عليه. وقبّل يديه ورجليه. وقال : حسبي ، يا بن رسول الله ـ والحديث طويل ـ ، أخذت منه موضع الحاجة.
وبإسناده (٧) ، الى ابن (٨) أبي عمير ، عمن ذكره ، عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ قال : ان إبليس قال لعيسى بن مريم ـ عليهما السلام ـ : أيقدر ربك على أن يدخل الأرض ، بيضة ، لا تصغر (٩) الأرض ولا تكبر البيضة؟
__________________
(١ و ٢ و ٣) المصدر : فقال.
(٤) ليس في المصدر.
(٥ و ٩) المصدر : يصغر.
(٦) المصدر : يكبر.
(٧) نفس المصدر / ١٢٧ ، ح ٥.
(٨) المصدر : محمد بن.
فقال عيسى ـ عليه السلام ـ : ويلك! ان الله تعالى لا يوصف بعجز. ومن أقدر ممن يلطف الأرض ويعظم البيضة؟
وبإسناده (١) الى عمر بن أذينة ، عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ قال : قيل لأمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ : هل يقدر ربك أن يدخل الدنيا في بيضة من غير أن تصغر (٢) الدنيا أو تكبر (٣) البيضة؟
قال : ان الله ـ تبارك وتعالى ـ لا ينسب الى العجز. والذي سألتني لا يكون.
وبإسناده (٤) الى أبان بن عثمان ، عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ قال : جاء رجل الى أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ فقال : أيقدر الله أن يدخل الأرض في بيضة ولا تصغر (٥) الأرض ولا تكبر البيضة؟
فقال له (٦) : ويلك! ان الله لا يوصف بالعجز. ومن أقدر ممن يلطف الأرض ويعظم البيضة؟
وبإسناده (٧) الى أحمد بن محمد بن أبي نصر ، قال : جاء رجل الى الرضا ـ عليه السلام ـ فقال له : هل يقدر ربك أن يجعل السماوات والأرض وما بينهما في بيضة؟
قال : نعم. وفي أصغر من البيضة. وقد جعلها في عينك. وهو أقل من البيضة.
__________________
(١) نفس المصدر ، ح ٩.
(٢ و ٥) المصدر : يصغر.
(٣) المصدر : يكبر.
(٤) نفس المصدر ، ح ١٠.
(٦) ليس في المصدر.
(٧) نفس المصدر ، ح ١١.
لأنك إذا فتحتها عاينت السماء والأرض وما بينهما ، فلو شاء لأعماك عنها) (١).
(يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ) :
لما عدد فرق المكلفين وذكر خواصهم [ومصارف أمورهم] (٢) ، أقبل عليهم بالخطاب ، على سبيل الالتفات ، تنشيطا للسامع وتفخيما لشأن العبادة.
و «يا» حرف وضع لنداء البعيد. وقد ينادى بها القريب ، تنزيلا له منزلة البعيد ، اما لعظمته ، أو لغفلته ، أو للاعتناء بالمدعو له وزيادة الحث عليه (٣).
وانما قال «ربكم» ، تنبيها على أن الموجب القريب للعبادة ، هي التربية.
(وفي تفسير فرات بن ابراهيم الكوفي (٤) ، قال : حدثني عبيد بن كثير. قال : حدثنا أحمد بن صبيح ، عن الحسين بن علوان ، عن جعفر عن أبيه ، عن جده ، عن علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ قال : قام رجل الى علي. فقال : يا أمير المؤمنين! أخبرنا عن الناس وأشباه الناس والنسناس.
قال : فقال [علي ـ عليه السلام] (٥) : يا حسن! أجبه (٦).
قال (٧) : فقال له الحسن ـ عليه السلام ـ : سألت عن الناس ، فرسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ الناس. لان الله يقول (٨) : (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ).
__________________
(١) ما بين القوسين ليس في أ.
(٢) يوجد في المصدر. (أنوار التنزيل)
(٣) ر. أنوار التنزيل ١ / ٣١.
(٤) تفسير الفرات / ٨.
(٥) يوجد في المصدر.
(٦) المصدر : أجبه يا حسن!
(٧) ليس في المصدر.
(٨) البقرة / ١٩٩.
ونحن منه. سألت عن أشباه الناس ، فهم شيعتنا. وهم منا. وهم أشباهنا (١).
وسألت عن النسناس ، وهم هذا السواد الأعظم. وهو قول الله تعالى (٢) : (إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ. بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً).
وفي عيون الأخبار (٣) ـ فيما ذكره الفضل بن شاذان ، من العلل ، عن الرضا ، ـ عليه السلام ـ انه قال : فان قال فلم يعبدونه (٤)! قيل : لئلا يكونوا ناسين لذكره. ولا تاركين لأدبه. ولا لاهين عن أمره ونهيه ، إذا كان فيه صلاحهم وقوامهم ، فلو تركوا بغير تعبد ، لطال عليهم الأمد. فقست قلوبهم.
وفي كتاب التوحيد (٥) ، خطبة للرضا ـ عليه السلام ـ يقول فيها : أول عبادة الله ، معرفته ، وأصل معرفة الله ، توحيده. ونظام توحيد الله ، نفي الصفات عنه ، بشهادة (٦) العقول أن كل صفة وموصوف مخلوق. وشهادة كل مخلوق ، أن له خالقا ليس بصفة ولا موصوف. [وشهادة كل صفة وموصوف] (٧) بالاقتران بالحدث (٨).
وشهادة الحدث بالامتناع من الأزل الممتنع من الحدث.
وفي اصول الكافي (٩) : علي بن ابراهيم عن العباس بن معروف ، عن عبد الرحمن
__________________
(١) المصدر : أشباحنا.
(٢) الفرقان / ٤٤.
(٣) عيون الاخبار ٣ / ١٠٣.
(٤) المصدر : تعبدهم.
(٥) التوحيد / ٣٤.
(٦) المصدر : لشهادة.
(٧) يوجد في المصدر.
(٨) المصدر : بالحدث وشهادة الاقتران بالحدث.
(٩) الكافي ١ / ٨٧ ـ ٨٨ ، ح ٣.
ابن أبي نجران ، قال : كتبت الى أبي جعفر ـ عليه السلام ـ (١). وقلت له : جعلني الله فداك ، نعبد الرحمن الرحيم الواحد الأحد الصمد.
قال : فقال : ان من عبد الاسم ، دون المسمى بالأسماء ، فقد (٢) أشرك. وكفر.
وجحد. ولم يعبد شيئا. بل اعبد الله الواحد الأحد الصمد المسمى بهذه الأسماء ، دون الأسماء. ان الأسماء صفات ، وصف بها نفسه تعالى.
عدة من أصحابنا (٣) ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن بعض رجاله ، عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ قال : أفضل العبادة ، إدمان التذكر في الله وفي قدرته.
محمد بن يحيى (٤) ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن معمر بن خلاد ، قال : سمعت أبا الحسن الرضا ـ عليه السلام ـ يقول : ليس العبادة كثرة الصلاة والصوم انما العبادة ، التفكر في أمر الله ـ عز وجل ـ.
وبإسناده (٥) الى الفضل بن يسار ، قال : قال أبو جعفر ـ عليه السلام ـ : ان أشد العبادة ، الورع.
وبإسناده (٦) الى علي بن الحسين ـ عليهما السلام ـ قال : من عمل بما افترض الله عليه ، فهو من أعبد الناس.
علي بن ابراهيم (٧) ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن جميل ، عن هارون بن
__________________
(١) المصدر : أو.
(٢) ليس في المصدر.
(٣) نفس المصدر : ٢ / ٥٥ ، ح ٣.
(٤) نفس المصدر ، ح ٤.
(٥) نفس المصدر ٢ / ٧٧ ، ح ٥.
(٦) نفس المصدر ٢ / ٨٤ ، ح ٧.
(٧) نفس المصدر ، ح ٥.
خارجة ، عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ قال : العبادة (١) ثلاثة : قوم عبدوا الله ـ عز وجل ـ خوفا. فتلك عبادة العبيد. وقوم عبدوا الله ـ تبارك وتعالى ـ طلب الثواب. فتلك عبادة الأجراء. وقوم عبدوا الله ـ عز وجل ـ حبا له. فتلك عبادة الأحرار. وهي أفضل العبادة.
وفي كتاب معاني الأخبار (٢) : بإسناده الى إسماعيل بن مسلم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه ـ عليهم السلام ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : العبادة سبعون جزء ، أفضلها جزء طلب الحلال.
وفي عيون الأخبار (٣) : بإسناده الى الرضا ـ عليه السلام ـ أنه قال : النظر الى ذريتنا ، عبادة.
فقيل له : يا بن رسول الله! النظر الى الائمة منكم عبادة. أو النظر الى جميع ذرية النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ؟
قال : بل النظر الى جميع ذرية النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ عباده ، ما لم يفارقوا منهاجه. ولم يتلوثوا بالمعاصي.
وفي كتاب الخصال (٤) : عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ قال : ما عبد الله بشيء أفضل من الصمت والمشي الى بيته.
عن علي بن الحسين ـ عليهما السلام (٥) ـ أنه قال : لا عبادة الا بتفقه.
__________________
(١) المصدر : العباد.
(٢) معاني الاخبار / ٣٤٩.
(٣) عيون الاخبار ٢ / ٥١ ، ح ١٩٦.
(٤) الخصال ١ / ٣٥ ، ح ٨.
(٥) نفس المصدر / ١٨ ، ح ٦٢.