الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-46-9
الصفحات: ٣٤٣
وروي أيضاً : « أنّه لا شيء » (١) .
وحملها الشيخ ـ رحمه الله ـ على العاجز (٢) .
مسألة ١١٥ : مَنْ أجنب في شهر رمضان ، وترك الاغتسال ساهياً من أول الشهر إلى آخره ، قال الشيخ رحمه الله : عليه قضاء الصلاة والصوم معاً (٣) .
ومنع ابن إدريس قضاء الصوم (٤) .
والوجه : ما قاله الشيخ ؛ لما رواه الحلبي ـ في الصحيح ـ عن الصادق عليه السلام ، أنّه سئل عن رجل أجنب في شهر رمضان فنسي أن يغتسل حتى خرج شهر رمضان ، قال : « عليه أن يقضي الصلاة والصيام » (٥) .
ولأنّه مفرّط بتركه الغسل .
مسألة ١١٦ : يستحب التتابع في قضاء شهر رمضان وليس واجباً عند أكثر علمائنا (٦) ـ وبه قال ابن عباس وأنس بن مالك وأبو هريرة ومجاهد وأبو قلابة وأهل المدينة والحسن البصري وسعيد بن المسيّب ومالك وأبو حنيفة والثوري والأوزاعي والشافعي وإسحاق (٧) ـ لما رواه العامّة : أنّ النبي صلّى الله عليه وآله ، قال في قضاء رمضان : ( إن شاء فرّق وإن شاء تابع ) (٨) .
__________________
(١) التهذيب ٤ : ٢٨٠ / ٨٤٧ ، الاستبصار ٢ : ١٢١ ـ ١٢٢ / ٣٩٤ ، والنهاية : ١٦٤ .
(٢) النهاية : ١٦٤ .
(٣) النهاية : ١٦٥ ، المبسوط للطوسي ١ : ٢٨٨ .
(٤) السرائر : ٩٣ .
(٥) التهذيب ٤ : ٣١١ / ٩٣٨ .
(٦) منهم : الشيخ الطوسي في النهاية : ١٦٣ ، والمبسوط ١ : ٢٨٧ ، وأبو الصلاح الحلبي في الكافي : ١٨٤ ، والقاضي ابن البراج في المهذب ١ : ٢٠٣ ، وابن إدريس في السرائر : ٩٣ .
(٧) المغني ٣ : ٩١ ، الشرح الكبير ٣ : ٨٥ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٩٤ ، المجموع ٦ : ٣٦٧ ، فتح العزيز ٦ : ٤٣٣ ـ ٤٣٤ ، بدائع الصنائع ٢ : ٧٦ .
(٨) سنن الدارقطني ٢ : ١٩٣ / ٧٤ .
وسئل رسول الله صلّى الله عليه وآله ، عن تقطيع قضاء رمضان ، فقال عليه السلام : ( لو كان على أحدكم دَيْنٌ فقضاه من الدرهم والدرهمين حتى يقضي ما عليه من الدين هل كان ذلك قاضياً دَيْنَه ؟ ) قالوا : نعم يا رسول الله ، قال : ( فالله أحقّ بالعفو والتجاوز منكم ) (١) .
ومن طريق الخاصة : قول الصادق عليه السلام : « إذا كان على الرجل شيء من صوم شهر رمضان فليقضه في أيّ الشهور شاء أيّاماً متتابعة ، فإن لم يستطع فليقضه كيف شاء ، ولْيُحْص الأيّام ، فإن فرّق فحسن ، وإن تابع فحسن » (٢) .
وقال عليه السلام : « مَنْ أفطر شيئاً من رمضان في عذر ، فإن قضاه متتابعاً أفضل ، وإن قضاه متفرّقاً فحسن » (٣) .
ولأنّ التتابع يشبه الأصل ، وينبغي المشابهة بين القضاء والأداء .
وقال بعض علمائنا : الأفضل التفريق (٤) ؛ للفرق ؛ لأنّ الصادق عليه السلام ، سئل عن الرجل يكون عليه أيام من شهر رمضان كيف يقضيها ؟ فقال : « إن كان عليه يومان فليفطر بينهما يوماً ، وإن كان عليه خمسة فليفطر بينها أيّاماً » (٥) .
والطريق ضعيف ، ويحمل على التخيير .
وقال بعض علمائنا : إن كان الذي فاته عشرة أيام أو ثمانية ، فليتابع بين ثمانية أو بين ستة ، ويفرّق الباقي (٦) .
__________________
(١) المغني ٣ : ٩٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٨٥ ـ ٨٦ نقلاً عن الأثرم .
(٢) التهذيب ٤ : ٢٧٤ / ٨٢٩ ، الاستبصار ٢ : ١١٧ / ٣٨٠ ، والكافي ٤ : ١٢٠ ـ ١٢١ / ٤ ، والفقيه ٢ : ٩٥ / ٤٢٧ .
(٣) الكافي ٤ : ١٢٠ / ٣ ، التهذيب ٤ : ٢٧٤ / ٨٢٩ ، الاستبصار ٢ : ١١٧ / ٣٨١ .
(٤) كما في السرائر : ٩٣ .
(٥) التهذيب ٤ : ٢٧٥ / ٨٣١ ، الاستبصار ٢ : ١١٨ / ٣٨٣ .
(٦) الشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ٢٨٠ ـ ٢٨١ .
وقال داود والنخعي والشعبي : إنّه يجب التتابع ـ ونقله العامّة عن علي عليه السلام ، وابن عمر ـ لقول النبي صلّى الله عليه وآله : ( مَنْ كان عليه صوم شهر رمضان فليسرده ولا يقطعه ) (١) (٢) .
ويحمل على الاستحباب ، مع ضعفه ؛ فإنّه لم يذكره أهل السير ، وقد بيّنّا أنّ الأفضل التتابع .
وقال الطحاوي : التفريق والتتابع سواء (٣) ؛ لأنّه لو أفطر يوماً من شهر رمضان لم يستحب له إعادة جميعه ؛ لزوال التفريق ، فكذا إذا أفطر جميعه .
وهو خطأ ؛ لأنّ فعله في وقته يقع أداءً ، فإذا صامه ، لم يكن صوم الفرض ، فلم تستحب إعادته .
مسألة ١١٧ : لا يجوز لمن عليه صيام من شهر رمضان أو غيره من الواجبات أن يصوم تطوّعاً حتى يأتي به ـ وهو إحدى الروايتين عن أحمد (٤) ـ لما رواه العامة : أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله ، قال : ( مَنْ صام تطوّعاً وعليه من رمضان شيء لم يقضه فإنّه لا يقبل منه حتى يصومه ) (٥) .
ومن طريق الخاصة : ما رواه الحلبي ـ في الحسن ـ أنّه سأل الصادق عليه السلام ، عن الرجل عليه من شهر رمضان طائفة أيتطوّع ؟ فقال : « لا ، حتى يقضي ما عليه من شهر رمضان » (٦) .
ولأنّه عبادة يدخل في جبرانها المال ، فلم يصح التطوّع بها قبل أداء
__________________
(١) سنن الدارقطني ٢ : ١٩١ / ٥٨ ، سنن البيهقي ٤ : ٢٥٩ .
(٢) المغني ٣ : ٩١ ، الشرح الكبير ٣ : ٨٥ ، المجموع ٦ : ٣٦٧ ، فتح العزيز ٦ : ٤٣٤ ، حلية العلماء ٣ : ٢٠٨ .
(٣) المجموع ٦ : ٣٦٧ ، حلية العلماء ٣ : ٢٠٨ .
(٤) المغني ٣ : ٨٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٩٠ .
(٥) مسند أحمد ٢ : ٣٥٢ .
(٦) الكافي ٤ : ١٢٣ ( باب الرجل يتطوّع بالصيام . . . ) الحديث ٢ ، التهذيب ٤ : ٢٧٦ / ٨٣٥ .
فرضها ، كالحجّ .
وقال أحمد في الرواية الاُخرى بالجواز ؛ لأنّها عبادة تتعلّق بوقت موسّع ، فجاز التطوّع في وقتها قبل فعلها ، كالصلاة (١) .
والأصل ممنوع .
مسألة ١١٨ : يجوز القضاء في جميع أيّام السنة ، إلّا العيدين مطلقاً ، وأيّام التشريق لمن كان بمنى ناسكاً ، وأيام الحيض والنفاس والسفر الذي يجب فيه القصر .
وقد أجمع العلماء كافة على العيدين ، لنهي النبي صلّى الله عليه وآله ، عن صومهما (٢) .
وأمّا أيام التشريق : فعلماؤنا عليه ، وكذا أكثر أهل العلم (٣) ـ وعن أحمد روايتان (٤) ـ لأنّ (٥) صومها منهي عنه ، فأشبهت العيدين .
واحتجّ أحمد : بجواز صومها لمن لا يجد الهدي ، فيقاس كلّ فرض عليه ، والقضاء مشابه له (٦) .
ونمنع حكم الأصل ، والفرق : أنّه في محلّ الضرورة للفاقد (٧) .
وأيّام الحيض والنفاس إجماع .
وأيام السفر ؛ لقول الصادق عليه السلام ، في رجل مرض في شهر
__________________
(١) المغني ٣ : ٨٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٩١ .
(٢) صحيح مسلم ٢ : ٧٩٩ / ١١٣٧ و ١١٣٨ ، سنن أبي داود ٢ : ٣١٩ ـ ٣٢٠ / ٢٤١٦ و ٢٤١٧ ، سنن الدارقطني ٢ : ١٥٧ / ٦ ، سنن الدارمي ٢ : ٢٠ ، سنن البيهقي ٤ : ٢٦٠ ، الموطّأ ١ : ٣٠٠ / ٣٦ و ٣٧ .
(٣) اُنظر : المجموع ٦ : ٣٦٧ .
(٤) المغني ٣ : ١٠٤ ، الشرح الكبير ٣ : ١١١ و ١١٢ .
(٥) في النسخ الخطية والطبعة الحجرية بدل لأنّ : انّ . والصحيح ما أثبتناه .
(٦) المغني ٣ : ١٠٤ ، الشرح الكبير ٣ : ١١٢ .
(٧) أي : فاقد الهدي .
رمضان ، فلمّا برئ أراد الحجّ ، كيف يصنع بقضاء الصوم ؟ قال : « إذا رجع فليقضه » (١) .
مسألة ١١٩ : لا يكره القضاء في عشر ذي الحجة عند علمائنا ـ وبه قال سعيد بن المسيّب والشافعي وإسحاق وأحمد في إحدى الروايتين (٢) ـ لعموم قوله تعالى : ( فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) (٣) .
وما رواه العامة : أنّ عمر كان يستحب قضاء رمضان في العشر (٤) .
ومن طريق الخاصة : ما رواه الحلبي ـ في الصحيح ـ أنّه سأل الصادق عليه السلام : أرأيت إن بقي عليّ شيء من صوم شهر رمضان أقضيه في ذي الحجة ؟ قال : « نعم » (٥) .
وقال أحمد في الرواية الاُخرى : إنّه مكروه . ورواه العامة عن علي عليه السلام ، والزهري والحسن البصري (٦) ؛ لقول علي عليه السلام : « لا يقضى صوم (٧) رمضان في عشر ذي الحجة » (٨) . والطريق ضعيف .
مسألة ١٢٠ : لو أصبح جنباً في يوم يقضيه من شهر رمضان ، أفطر ذلك اليوم ، ولم يجز له صومه ؛ لما رواه ابن سنان ـ في الصحيح ـ عن الصادق عليه السلام ، أنّه سأله عن الرجل يقضي رمضان فيجنب من أول الليل ولا يغتسل حتى آخر الليل وهو يرى أنّ الفجر قد طلع ، قال : « لا يصوم ذلك اليوم ويصوم
__________________
(١) التهذيب ٤ : ٢٧٦ / ٨٣٤ ، الاستبصار ٢ : ١٢٠ / ٣٨٨ .
(٢) المجموع ٦ : ٣٦٧ ، المغني ٣ : ٨٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٩١ .
(٣) البقرة : ١٨٤ و ١٨٥ .
(٤) المغني ٣ : ٨٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٩١ ، وسنن البيهقي ٤ : ٢٨٥ .
(٥) التهذيب ٤ : ٢٧٤ / ٨٢٨ ، الاستبصار ٢ : ١١٧ / ٣٨٠ .
(٦) المغني ٣ : ٨٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٩١ ـ ٩٢ ، وسنن البيهقي ٤ : ٢٨٥ .
(٧) في « ن » بدل صوم : شهر .
(٨) سنن البيهقي ٤ : ٢٨٥ بتفاوت .
غيره » (١) .
قال الشيخ رحمه الله : وكذا كلّ ما لا يتعيّن صومه وكذا صوم النافلة (٢) .
أمّا لو أكل أو شرب ناسياً في قضاء رمضان ، فالوجه : أنّه يُتمّ على صومه ؛ لما رواه الحلبي ـ في الصحيح ـ عن الصادق عليه السلام ، أنّه سئل عن رجل نسي فأكل وشرب ثم ذكر ، قال : « لا يفطر ، إنّما هو شيء رزقه الله ، فليتم صومه » (٣) وهو يتناول صورة النزاع .
وسأل أبو بصير ، الصادق عليه السلام ، عن رجل صام يوماً نافلة ، فأكل وشرب ناسياً ، قال : « يُتمّ يومه ذلك ، وليس عليه شيء » (٤) .
وللشيخ رحمه الله قول آخر .
المطلب الثاني : في باقي أقسام الواجب
مسألة ١٢١ : صوم كفّارة قتل الخطأ واجب بالإِجماع والنصّ :
قال الله تعالى : ( فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَّـهِ ) (٥) .
وإنّما يجب بعد العجز عن العتق . وهو : شهران متتابعان .
ويجب صوم كفّارة الظهار بالإِجماع والنصّ :
قال الله تعالى : ( فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ) (٦) .
وهو يجب مرتّباً على العتق ، مثل كفّارة قتل الخطأ صفةً وقدراً .
__________________
(١) التهذيب ٤ : ٢٧٧ / ٨٣٧ ، والفقيه ٢ : ٧٥ / ٣٢٤ .
(٢) المبسوط للطوسي ١ : ٢٨٧ .
(٣) الكافي ٤ : ١٠١ ( باب مَنْ أكل أو شرب ناسياً في شهر رمضان ) الحديث ١ ، الفقيه ٢ : ٧٤ / ٣١٨ ، التهذيب ٤ : ٢٧٧ / ٨٣٨ .
(٤) التهذيب ٤ : ٢٧٧ / ٨٤٠ .
(٥) النساء : ٩٢ .
(٦) المجادلة : ٤ .
وأمّا كفّارة قتل العمد : فهي كفّارة الجمع يجب فيه العتق وصيام شهرين متتابعين وإطعام ستين مسكيناً .
مسألة ١٢٢ : وصوم كفّارة مَنْ أفطر يوماً من شهر رمضان واجب على التخيير بينه وبين العتق والصدقة ، وقدره شهران متتابعان ، ولا خلاف في قدره وإن وقع الخلاف في صفته .
وصوم كفّارة مَنْ أفطر يوماً من قضاء شهر رمضان : إطعام عشرة مساكين على ما تقدّم (١) .
وقال بعض أصحابنا : يجب فيه كفّارة يمين (٢) . وليس بجيّد .
ويجب صوم بدل الهدي للمتمتّع إذا لم يجد الهدي ولا ثمنه بالنصّ والإِجماع .
قال الله تعالى : ( فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ) (٣) .
فإن أقام بمكّة ، انتظر وصول أهل بلده أو شهراً ؛ لقول الصادق عليه السلام : « إنّه إن كان له مقام بمكّة فأراد أن يصوم السبعة ترك الصيام بقدر سيره إلى أهله أو شهراً ثم صام » (٤) .
إذا عرفت هذا ، فإنّه لا يكفي مقام عشرة أيام وإن نواها .
وصوم كفّارة اليمين وباقي الكفّارات كالنذر والعهد . وكفّارات الإِحرام واجب إجماعاً .
مسألة ١٢٣ : وصوم الاعتكاف الواجب واجب عندنا ؛ لما يأتي من
__________________
(١) المراد من العبارة أنّ صوم كفّارة من أفطر . . . هو ثلاثة أيام بشرط عدم التمكن من إطعام عشرة مساكين كما تقدّم في المسألتين ٣١ و ١١٤ .
(٢) القاضي ابن البراج في المهذب ١ : ٢٠٣ .
(٣) البقرة : ١٩٦ .
(٤) التهذيب ٤ : ٣١٥ / ٩٥٥ ، والفقيه ٢ : ٣٠٣ / ١٥٠٧ .
اشتراط الصوم في الاعتكاف ، فإذا نذر اعتكافاً وجب عليه صوم أيامه ؛ لأنّ شرط الواجب واجب ، ولو كان الاعتكاف مندوباً ، كان الصوم كذلك .
وصوم كفّارة مَنْ أفاض من عرفات قبل مغيب الشمس عامداً واجب مرتّب على مقدار الجزور ، وقدره ثمانية عشر يوماً .
وكذا يجب صوم اليمين والنذر والعهد ، وسيأتي بيانه في مواضعه إن شاء الله تعالى .
المطلب الثالث : في الصوم المندوب
مسألة ١٢٤ : الصوم المندوب قد لا يختصّ وقتاً بعينه ، وهو جميع أيام السنة ، إلّا الأيام التي نهي عن الصوم فيها .
قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : ( الصوم جُنّة من النار ) (١) .
وقال عليه السلام : ( الصائم في عبادة وإن كان نائماً على فراشه ما لم يغتب مسلماً ) (٢) .
وعنه صلّى الله عليه وآله ، أنّه قال : ( قال الله تعالى : الصوم لي وأنا اُجزي به ، وللصائم فرحتان : حين يفطر وحين يلقى ربّه عزّ وجلّ ، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك ) (٣) .
وقال الصادق عليه السلام : « نوم الصائم عبادة ، وصمته تسبيح ، وعمله متقبّل ، ودعاؤه مستجاب » (٤) .
ومنه ما يختصّ وقتاً بعينه نحن نذكره إن شاء الله تعالى ، في المسائل
__________________
(١) الكافي ٤ : ٦٢ / ١ ، الفقيه ٢ : ٤٤ / ١٩٦ ، التهذيب ٤ : ١٥١ / ٤١٨ ، سنن النسائي ٤ : ١٦٧ ، ومسند أحمد ٢ : ٤١٤ .
(٢) الفقيه ٢ : ٤٤ / ١٩٧ ، الكافي ٤ : ٦٤ / ٩ ، التهذيب ٤ : ١٩٠ / ٥٣٨ .
(٣) الفقيه ٢ : ٤٤ / ١٩٨ .
(٤) الفقيه ٢ : ٤٦ / ٢٠٧ ، ثواب الأعمال : ٧٥ / ٣ .
الآتية .
مسألة ١٢٥ : يستحب صيام ثلاثة أيام من كلّ شهر ـ وهي أول خميس في الشهر ، وأول أربعاء في العشر الثاني ، وآخر خميس من الشهر ـ لقول الصادق عليه السلام : « صام رسول الله صلّى الله عليه وآله ، حتى قيل : ما يفطر ؛ ثم أفطر حتى قيل : ما يصوم ؛ ثم صام صوم داود عليه السلام ، يوماً ويوماً لا ، ثم قبض عليه السلام ، على صيام ثلاثة أيام في الشهر . وقال : يعدلن صوم الشهر ويذهبن بوحر الصدر ـ وهو الوسوسة ـ وإنّما خصّت هذه الأيام ؛ لأنّ من قبلنا من الاُمم كانوا إذا نزل على أحدهم العذاب ، نزل في هذه الأيام المخوفة » (١) .
ويجوز تأخيرها من الصيف إلى الشتاء للمشقّة ؛ لأنّ أبا حمزة الثمالي سأل الباقر عليه السلام ، عن صوم ثلاثة أيام في كلّ شهر اُؤخّرها إلى الشتاء ثم أصومها ؟ فقال : « لا بأس » (٢) .
وإذا أخّرها إلى الشتاء ، قضاها متواليةً ومتفرّقةً وكيف شاء ؛ لقول الصادق عليه السلام ، وقد سئل عن قضائها متواليةً أو متفرّقةً ، قال : « ما أحبَّ ، إن شاء متواليةً وإن شاء فرّق بينها » (٣) .
ولو عجز عن (٤) صيامها ، تصدّق عن كلّ يوم بمُدّ من طعام ؛ لأنّه فداء يوم من رمضان .
ولأنّ عيص بن القاسم سأل الصادق عليه السلام ، عمّن لم يصم الثلاثة الأيام وهو يشتدّ عليه الصيام هل من فداء ؟ قال : « مُدٌّ من طعام في كلّ
__________________
(١) الكافي ٤ : ٨٩ / ١ ، الفقيه ٢ : ٤٩ / ٢١٠ ، التهذيب ٤ : ٣٠٢ / ٩١٣ .
(٢) الكافي ٤ : ١٤٥ / ٢ ، التهذيب ٤ : ٣١٣ ـ ٣١٤ / ٩٥٠ .
(٣) الكافي ٤ : ١٤٥ / ٣ ، التهذيب ٤ : ٣١٤ / ٩٥١ .
(٤) في « ط ، ف » والطبعة الحجرية : من .
يوم » (١) .
مسألة ١٢٦ : يستحب صوم أيام البيض ـ وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كلّ شهر ـ بإجماع العلماء .
روى العامة عن أبي ذر ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : ( يا أباذر إذا صُمْت من الشهر ثلاثة فصُمْ ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة ) (٢) .
ومن طريق الخاصة : ما رواه الزهري عن زين العابدين علي بن الحسين عليهما السلام ، في حديث طويل : « وصوم أيّام البيض » (٣) .
وسُميّت أيّام البيض ؛ لابيضاض ليلها كلّه بضوء القمر . والتقدير : أيّام الليالي البيض .
ونقل الجمهور : أنّ الله تعالى تاب على آدم فيها ، وبيّض صحيفته (٤) .
مسألة ١٢٧ : يستحب صوم أربعة أيام في السنة : يوم مبعث النبي صلّى الله عليه وآله ـ وهو السابع والعشرون من رجب ـ ويوم مولد النبي صلّى الله عليه وآله ـ وهو السابع عشر من ربيع الأول ـ ويوم دحو الأرض ـ وهو الخامس والعشرون من ذي القعدة ـ ويوم الغدير ـ وهو الثامن عشر من ذي الحجة ، وهو اليوم الذي نصب رسول الله صلّى الله عليه وآله عليّاً عليه السلام خليفةً وإماماً للناس ـ لأنّها أيام شريفة أنعم الله تعالى بأعظم البركات ، فاستحب شكره بالصوم فيها .
__________________
(١) الفقيه ٢ : ٥٠ / ٢١٧ ، والكافي ٤ : ١٤٤ / ٤ ، والتهذيب ٤ : ٣١٣ / ٩٤٧ ، وفي الأخيرين مضمراً .
(٢) سنن الترمذي ٣ : ١٣٤ / ٧٦١ ، سنن النسائي ٤ : ٢٢٣ ، مسند أحمد ٥ : ١٦٢ .
(٣) الكافي ٤ : ٨٣ ـ ٨٦ / ١ ، الفقيه ٢ : ٤٦ ـ ٤٨ / ٢٠٨ ، التهذيب ٤ : ٢٩٤ ـ ٢٩٦ / ٨٩٥ .
(٤) المغني ٣ : ١١٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٩٧ .
روى محمد بن عبدالله الصيقل ، قال : خرج علينا أبو الحسن الرضا عليه السلام بمَرْو في خمسة وعشرين من ذي القعدة ، فقال : « صوموا فإنّي أصبحت صائماً » قلنا : جعلنا الله فداك أيّ يوم هو ؟ قال : « يوم نُشرت فيه الرحمة ودُحيت فيه الأرض ونُصبت فيه الكعبة » (١) .
وسأل الحسن بن راشد ، الصادق عليه السلام ، قال : قلت له : جعلت فداك ، للمسلمين عيد غير العيدين ؟ قال : « نعم يا حسن أعظمهما وأشرفهما » قلت : فأيّ يوم هو ؟ قال : « يوم نُصب أمير المؤمنين عليه السلام فيه علماً للناس ـ إلى أن قال ـ ولا تدع صوم سبعة وعشرين من رجب ، فإنّه اليوم الذي نزلت فيه النبوة على محمد صلّى الله عليه وآله » (٢) .
قال إسحاق (٣) بن عبدالله العريضي العلوي : وجل في صدري ما الأيام التي تُصام ، فقصدت مولانا أبا الحسن علي بن محمد الهادي عليهما السلام ، وهو بـ « صريا » (٤) ولم اُبْد ذلك لأحد من خلق الله ، فدخلت عليه ، فلمّا بَصُر بي قال عليه السلام : « يا إسحاق جئت تسألني عن الأيام التي يصام فيهنّ وهي أربعة : أوّلهنّ يوم السابع والعشرين من رجب يوم بعث الله تعالى محمداً صلّى الله عليه وآله إلى خلقه رحمةً للعالمين ، ويوم مولده صلّى الله عليه وآله ، وهو السابع عشر من شهر ربيع الأول ، ويوم الخامس والعشرين من ذي القعدة ، فيه دُحيت الكعبة ، ويوم الغدير ، فيه أقام رسول الله صلّى الله عليه وآله ، أخاه عليّاً عليه السلام ، علماً للناس وإماماً من بعده » قلت : صدقت
__________________
(١) التهذيب ٤ : ٣٠٤ / ٩٢٠ ، والكافي ٤ : ١٤٩ ـ ١٥٠ / ٤ .
(٢) الكافي ٤ : ١٤٨ ـ ١٤٩ / ١ ، التهذيب ٤ : ٣٠٥ / ٩٢١ ، الفقيه ٢ : ٥٤ ـ ٥٥ / ٢٤٠ ، ثواب الأعمال : ٩٩ / ١ .
(٣) في المصدر : أبو إسحاق . وكذا في قوله الآتي : يا أبا إسحاق .
(٤) صريا : قرية أسّسها الإِمام موسى بن جعفر عليهما السلام ، على ثلاثة أميال من المدينة . مناقب آل أبي طالب ـ لابن شهرآشوب ـ ٤ : ٣٨٢ .
جُعلت فداك لذلك قصدت ، أشهد أنك حجّة الله على خلقه (١) .
مسألة ١٢٨ : يستحب صوم يوم عرفة باتّفاق العلماء .
روى العامة أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله ، قال : ( صيام يوم عرفة كفّارة سنة والسنة التي تليها ) (٢) .
ومن طريق الخاصة : قول الصادق عليه السلام : « صوم يوم التروية كفّارة سنة ويوم عرفة كفّارة سنتين » (٣) .
ولا يكره صومه للحاج ، إلّا أن يضعفهم عن الدعاء ، ويقطعهم عنه ـ وبه قال أبو حنيفة وابن الزبير وإسحاق وعطاء (٤) ـ لأنّ محمد بن مسلم سأل الباقر عليه السلام ، عن صوم يوم عرفة ، قال : « مَنْ قوي عليه فحسن إن لم يمنعك عن الدعاء فإنّه يوم دعاء ومسألة فصُمْه ، وإن خشيت أن تضعف عن ذلك فلا تصُمْه » (٥) .
وقال باقي العامة : إنّه مكروه ؛ لأنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله ، لم يصمه (٦) (٧) .
وهو ممنوع ، ولو سلّم فللضعف ، أو لكونه مسافراً ، أو أصابه عطش .
ولو شكّ في هلال ذي الحجة ، كره صومه ؛ لجواز أن يكون العيد .
مسألة ١٢٩ : يستحب صوم يوم عاشوراء حزناً لا تبرّكاً ؛ لأنّه يوم قُتِل
__________________
(١) التهذيب ٤ : ٣٠٥ / ٩٢٢ .
(٢) سنن البيهقي ٤ : ٢٨٣ ، ومسند أحمد ٥ : ٢٩٦ ، بتفاوت .
(٣) الفقيه ٢ : ٥٢ / ٢٣١ ، ثواب الأعمال : ٩٩ / ٣ .
(٤) المغني ٣ : ١١٤ ، الشرح الكبير ٣ : ١٠١ ، المجموع ٦ : ٣٨٠ ، حلية العلماء ٣ : ٢١١ ، تحفة الفقهاء ١ : ٣٤٣ .
(٥) التهذيب ٤ : ٢٩٩ / ٩٠٤ ، الاستبصار ٢ : ١٣٤ / ٤٣٦ .
(٦) صحيح البخاري ٣ : ٥٥ ، صحيح مسلم ٢ : ٧٩١ / ١١٢٣ و ١١٢٤ ، سنن الترمذي ٣ : ١٢٤ / ٧٥٠ و ١٢٥ / ٧٥١ .
(٧) المجموع ٦ : ٣٨٠ ، المغني ٣ : ١١٤ ـ ١١٥ ، الشرح الكبير ٣ : ١٠١ .
أحد سيدي شباب أهل الجنة الحسين بن علي صلوات الله عليهما ، وهُتِك حريمه وجرت فيه أعظم المصائب على أهل البيت عليهم السلام ، فينبغي الحزن فيه بترك الأكل والملاذ .
قال أمير المؤمنين عليه السلام : « صُوموا العاشوراء التاسع والعاشر ، فإنّه يكفّر ذنوب سنة » (١) .
وقول الباقر والصادق عليهما السلام : « لا تصُمْ يوم عاشوراء » (٢) محمول على التبرّك به .
إذا عرفت هذا ، فإنّه ينبغي أن لا يُتمّ صوم ذلك اليوم ، بل يفطر بعد العصر ؛ لما روي عن الصادق عليه السلام : « إنّ صومه متروك بنزول شهر رمضان ، والمتروك بدعة » (٣) .
والمراد بيوم عاشوراء هو اليوم العاشر من المحرّم ، وبه قال سعيد بن المسيّب والحسن البصري (٤) .
وروي عن ابن عباس : أنّه التاسع من المحرّم (٥) . وليس بمعتمد .
وقد اختلف في صوم عاشوراء ـ ولنا روايتان ـ هل كان واجباً أم لا ؟ قال بعضهم : إنّه كان واجباً (٦) . وبه قال أبو حنيفة (٧) .
وقال آخرون : إنّه لم يكن واجباً (٨) . وللشافعي قولان (٩) . وعن أحمد
__________________
(١) التهذيب ٤ : ٢٩٩ / ٩٠٥ ، الإستبصار ٢ : ١٣٤ / ٤٣٧ .
(٢) الكافي ٤ : ١٤٦ / ٣ ، التهذيب ٤ : ٣٠٠ / ٩٠٩ ، الاستبصار ٢ : ١٣٤ / ٤٤٠ .
(٣) الكافي ٤ : ١٤٦ / ٤ ، التهذيب ٤ : ٣٠١ / ٩١٠ ، الاستبصار ٢ : ١٣٤ ـ ١٣٥ / ٤٤١ .
(٤) المغني ٣ : ١١٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٩٩ .
(٥) المجموع ٦ : ٣٨٣ ، المغني ٣ : ١١٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٩٩ .
(٦) المجموع ٦ : ٣٨٣ .
(٧) المجموع ٦ : ٣٨٣ ، حلية العلماء ٣ : ٢١١ .
(٨) المغني ٣ : ١١٣ ، الشرح الكبير ٣ : ١٠٠ ، المجموع ٦ : ٣٨٣ .
(٩) المجموع ٦ : ٣٨٣ .
روايتان (١) .
مسألة ١٣٠ : يستحب صوم يوم المباهلة ، وهو الرابع والعشرون من ذي الحجة ـ أمر الله تعالى رسوله بأن يباهل بأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ، نصارى نجران . وفيه تصدّق أمير المؤمنين عليه السلام بخاتمه في ركوعه (٢) ، ونزلت فيه الآية ، وهي : قوله تعالى : ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّـهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) (٣) ـ لأنّه يوم شريف أظهر الله تعالى فيه نبيّنا عليه السلام على خصومه ، وحصل فيه التنبيه على قُرْب أمير المؤمنين عليه السلام من ربّه واختصاصه وعظم منزلته وثبوت ولايته واستجابة الدعاء به ، وذلك نعمة عظيمة يستحب مقابلتها بالشكر بالصوم .
مسألة ١٣١ : يستحب صوم أول يوم من ذي الحجة ، وهو يوم ولد فيه إبراهيم خليل الله تعالى (٤) ، لعظم النعمة فيه بولادته عليه السلام .
قال الكاظم عليه السلام : « مَنْ صام أول يوم من ذي الحجة كتب الله له صوم ثمانين شهراً ، فإن صام التسعة كتب الله له صوم الدهر » (٥) .
وقيل : إنّ فاطمة عليها السلام تزوّجت في ذلك اليوم (٦) .
وقيل : في السادس من ذي الحجّة (٧) .
ويستحب صوم عشر ذي الحجة إلّا يوم العيد بالإِجماع ؛ لما روى العامة عن رسول الله صلّى الله عليه وآله ، أنّه قال : ( ما من أيّامٍ العملُ الصالح فيهنّ
__________________
(١) المغني ٣ : ١١٣ ، الشرح الكبير ٣ : ١٠٠ .
(٢) مصباح المتهجد : ٧٠٤ .
(٣) المائدة : ٥٥ .
(٤) مصباح المتهجد : ٦١٢ ـ ٦١٣ .
(٥) الفقيه ٢ : ٥٢ / ٢٣٠ ، ثواب الأعمال : ٩٨ ـ ٩٩ / ٢ .
(٦ و ٧) مصباح المتهجد : ٦١٣ .
أحبّ إلى الله من هذه الأيام العشر ) (١) .
ومن طريق الخاصة : ما تقدّم (٢) في حديث الكاظم عليه السلام .
ويستحب صوم يوم الخامس والعشرين من ذي الحجة ، وهو يوم نزل في علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ( هَلْ أَتَىٰ ) (٣) .
وفي السادس والعشرين منه طُعن عمر بن الخطاب سنة ثلاث وعشرين من الهجرة (٤) . وفي التاسع والعشرين منه قُبض عمر بن الخطاب (٥) .
ويوم الثامن عشر منه هو يوم الغدير ، وهو يوم قتل عثمان بن عفّان ، وبايع المهاجرون والأنصار عليّاً عليه السلام ، طائعين مختارين عدا أربعة أنفس منهم : عبدالله بن عمر ومحمد بن مَسْلَمَة (٦) وسعد بن أبي وقاص واُسامة ابن زيد (٧) .
مسألة ١٣٢ : يستحب صوم رجب بأسره عند علمائنا ؛ لأنّه شهر شريف معظّم في الجاهلية والإِسلام ، وهو أحد الأشهر الحُرُم .
قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : ( مَنْ صام شهر رجب كلّه كتب الله تعالى له رضاه ، ومن كتب له رضاه لم يعذّبه ) (٨) .
وكان أمير المؤمنين عليه السلام يصومه ويقول : « رجب شهري ، وشعبان شهر رسول الله ، ورمضان شهر الله » (٩) .
__________________
(١) سنن الترمذي ٣ : ١٣٠ / ٧٥٧ .
(٢) تقدم في صدر المسألة .
(٣ ـ ٥) مسارّ الشيعة : ٢٣ ـ ٢٤ ، السرائر لابن إدريس : ٩٦ .
(٦) ورد في النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق وفي الطبعة الحجرية بدل مسلمة : مسلم . والصحيح ما أثبتناه . راجع : تاريخ الخلفاء ( الإِمامة والسياسة ) لابن قتيبة الدينوري ١ : ٥٣ ، والإِرشاد للشيخ المفيد ١ : ٢٤٣ .
(٧) الإِمامة والسياسة ١ : ٥٣ ، الإِرشاد ١ : ٢٤٣ ، مسارّ الشيعة : ٢٠ ـ ٢٢ ، السرائر : ٩٦ .
(٨) المقنعة : ٥٩ ، مصباح المتهجّد : ٧٣٤ .
(٩) مسارّ الشيعة : ٣٢ ـ ٣٣ ، مصباح المتهجد : ٧٣٤ .
وقال أحمد : يكره صومه كلّه ، إلّا لصائم السنة فيدخل ضمناً ؛ لأنّ خرشة بن الحرّ قال : رأيت عمر يضرب أكف المترجّبين حتى يضعوها في الطعام ، ويقول : كُلُوا فإنّما هو شهر كان تعظّمه الجاهلية (١) .
وفعله ليس حجّةً .
ويتأكّد استحباب أوّله وثانية وثالثة .
وفي اليوم الأول منه وُلد مولانا الباقر عليه السلام يوم الجمعة سنة سبع وخمسين (٢) .
وفي الثاني منه كان مولد أبي الحسن الثالث عليه السلام (٣) . قيل : الخامس منه (٤) .
ويوم العاشر وُلد أبو جعفر الثاني عليه السلام (٥) .
ويوم الثالث عشر منه وُلد مولانا أمير المؤمنين عليه السلام في الكعبة قبل النبوّة باثنتي عشرة سنة ، ذكره الشيخ ـ رحمه الله ـ عن ابن عيّاش من علمائنا (٦) .
وفي اليوم الخامس عشر خرج فيه رسول الله صلّى الله عليه وآله ، من الشعب (٧) .
وفي هذا اليوم لخمسة أشهر من الهجرة عقد رسول الله صلّى الله عليه وآله ، لأمير المؤمنين عليه السلام ، على ابنته فاطمة عليها السلام ، عقدة النكاح (٨) .
وفيه حُوّلت القبلة من بيت المقدس وكان الناس في صلاة العصر (٩) .
مسألة ١٣٣ : ويستحب صوم شعبان بأسره .
__________________
(١) المغني ٣ : ١٠٦ ، الشرح الكبير ٣ : ١٠٣ .
(٢) مصباح المتهجد : ٧٣٧ .
(٣ ـ ٥) مصباح المتهجد : ٧٤١ .
(٦ ـ ٩) مصباح المتهجد : ٧٤١ ـ ٧٤٢ .
قال الصادق عليه السلام : « صوم شعبان وشهر رمضان متتابعين توبة من الله » (١) .
وقال رسول الله صلّى الله عليه وآله : ( ألا إنّ شعبان شهري ، فرحم الله مَنْ أعانني على شهري ) (٢) .
ويتأكّد صوم أول يوم منه .
قال الصادق عليه السلام : « مَنْ صام أول يوم من شعبان وجبت له الجنّة البتة ، ومَنْ صام يومين نظر الله إليه في كلّ يوم وليلة في دار الدنيا ودام نظره إليه في الجنّة ، ومَنْ صام ثلاثة أيام زار الله في عرشه في جنته في كلّ يوم » (٣) .
وفي الثالث منه وُلد الحسين عليه السلام (٤) . وليلة النصف منه ولد القائم عليه السلام (٥) . وهي إحدى الليالي الأربعة : ليلة الفطر وليلة الأضحى وليلة النصف من شعبان وأول ليلة من رجب .
مسألة ١٣٤ : يستحب صوم التاسع والعشرين من ذي القعدة .
روى ابن بابويه : إن الله أنزل فيه الكعبة فمن صام ذلك اليوم كان كفّارة سبعين سنة (٦) .
وفي أول يوم من المحرّم دعا زكريا ربّه عزّ وجلّ ، فمن صام ذلك اليوم استجاب الله له كما استجاب لزكريا عليه السلام (٧) . ونحوه قال الشيخ (٨)
__________________
(١) الكافي ٤ : ٩١ ـ ٩٢ / ١ ، التهذيب ٤ : ٣٠٧ / ٩٢٥ ، الاستبصار ٢ : ١٣٧ / ٤٤٩ ، الفقيه ٢ : ٥٧ / ٢٤٨ ، ثواب الأعمال : ٨٤ / ٣ .
(٢) مصباح المتهجد : ٧٥٧ .
(٣) الفقيه ٢ : ٥٦ / ٢٤٧ ، ثواب الأعمال : ٨٤ / ٤ .
(٤) مسارّ الشيعة : ٣٧ ، مصباح المتهجد : ٧٥٨ .
(٥) مسارّ الشيعة : ٣٧ ، الارشاد ٢ : ٣٣٩ ، تاج المواليد : ٦١ .
(٦) الفقيه ٢ : ٥٤ / ٢٣٩ .
(٧) الفقيه ٢ : ٥٥ ذيل الحديث ٢٤١ .
(٨) مصباح المتهجد : ٧١٢ ـ ٧١٣ .
رحمه الله .
قال : وفي اليوم الثالث من المحرّم كان عبور موسى بن عمران عليه السلام ، على جبل طور سيناء . وفي اليوم السابع منه أخرج الله سبحانه ، يونس عليه السلام ، من بطن الحوت . وفي اليوم العاشر كان مقتل سيّدنا الحسين عليه السلام . ويستحب في هذا اليوم زيارته . ويستحب صوم هذا العشر ، فإذا كان يوم عاشوراء أمسك عن الطعام والشراب إلى بعد العصر ثم تناول شيئاً من التربة (١) .
قال الشيخ رحمه الله : وفي اليوم السابع عشر من المحرّم انصرف أصحاب الفيل عن مكّة وقد نزل عليهم العذاب . وفي اليوم الخامس والعشرين منه سنة أربع وتسعين كانت وفاة زين العابدين عليه السلام (٢) .
قال الشيخ رحمه الله : يستحب صوم النصف من جمادى الاُولى ، ففي ذلك اليوم من سنة ست وثلاثين كان فتح البصرة لأمير المؤمنين عليه السلام . وفي ليلته من هذه السنة بعينها كان مولد مولانا أبي محمد علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام (٣) .
مسألة ١٣٥ : يستحب صوم ستة أيّام من شوّال بعد يوم الفطر ـ وبه قال الشافعي وأحمد وأكثر العلماء (٤) ـ لما رواه العامة عن رسول الله صلّى الله عليه وآله أنّه قال : ( مَنْ صام رمضان وأتبعه بستٍّ من شوّال فكأنّما صام الدهر ) (٥) .
__________________
(١) مصباح المتهجد : ٧١٣ .
(٢) مصباح المتهجد : ٧٢٩ .
(٣) مصباح المتهجد : ٧٣٣ .
(٤) المغني ٣ : ١١٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٩٧ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٩٤ ، المجموع ٦ : ٣٧٩ ، الوجيز ١ : ١٠٥ ، فتح العزيز ٦ : ٤٦٩ ـ ٤٧٠ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٠ .
(٥) سنن ابن ماجة ١ : ٥٤٧ / ١٧١٦ ، سنن الترمذي ٣ : ١٣٢ / ٧٥٩ ، سنن أبي داود ٢ : ٣٢٤ / ٢٤٣٣ ، سنن الدارمي ٢ : ٢١ ، سنن البيهقي ٤ : ٢٩٢ .
ومن طريق الخاصة : ما رواه الزهري عن زين العابدين عليه السلام « وصوم ستة أيّام من شوّال » (١) .
وقال أبو يوسف : كانوا يكرهون أن يتبعوا رمضان صياماً خوفاً أن يلحق ذلك بالفريضة (٢) . وحكي مثل ذلك عن محمد بن الحسن (٣) .
وقال مالك : يكره ذلك . قال : وما رأيت أحداً من أهل المدينة (٤) يصومها ، ولم يبلغني ذلك عن أحد من السلف ، وأنّ أهل العلم يكرهون ذلك ويخافون بدعته ، وأن يُلحق الجُهّال برمضان ما ليس منه (٥) .
مسألة ١٣٦ : يستحب صوم كلّ خميس وكلّ اثنين ؛ لأنّ أعمال الخلائق ترفع فيهما ، فيستحب رفع هذه العبادة الشريفة .
روى العامّة أنّ النبي صلّى الله عليه وآله ، كان يصوم يوم الاثنين والخميس ، فسئل عن ذلك ، فقال : ( إنّ أعمال الناس تعرض يوم الاثنين والخميس ) (٦) .
ومن طريق الخاصة : ما رواه الزهري عن زين العابدين عليه السلام : « والخميس » (٧) .
__________________
(١) الكافي ٤ : ٨٣ ـ ٨٦ / ١ ، الفقيه ٢ : ٤٦ ـ ٤٨ / ٢٠٨ ، التهذيب ٤ : ٢٩٤ ـ ٢٩٦ / ٨٩٥ .
(٢) بدائع الصنائع ٢ : ٧٨ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٠ .
(٣) اُنظر : حلية العلماء ٣ : ٢١٠ ، فإنّ فيه بعد نقل قول أبي يوسف قال : وحكى مثل ذلك محمد ابن الحسن عن مالك .
(٤) في المصادر التالية : أهل العلم والفقه ، بدل أهل المدينة .
(٥) الموطّأ ١ : ٣١١ ذيل الحديث ٦٠ ، المغني ٣ : ١١٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٩٧ ، فتح العزيز ٦ : ٤٧٠ ، المجموع ٦ : ٣٧٩ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٠ ، بدائع الصنائع ٢ : ٧٨ ، تحفة الفقهاء ١ : ٣٤٤ .
(٦) سنن أبي داود ٢ : ٣٢٥ / ٢٤٣٦ ، سنن الدارمي ٢ : ٢٠ ، سنن البيهقي ٤ : ٢٩٣ .
(٧) الكافي ٤ : ٨٣ ـ ٨٦ / ١ ، التهذيب ٤ : ٢٩٤ ـ ٢٩٦ / ٨٩٥ ، الفقيه ٢ : ٤٦ ـ ٤٨ / ٢٠٨ .
وكذا يستحب صوم كلّ جمعة ـ وبه قال أبو حنيفة ومالك ومحمد (١) ـ لأنّ الصوم في نفسه طاعة ، وهذا يوم شريف تُضاعف فيه الحسنات .
ولما رواه الزهري عن زين العابدين عليه السلام : « فأمّا الصوم الذي صاحبه فيه بالخيار فصوم يوم الجمعة والخميس » (٢) .
وقال ابن سنان عن الصادق عليه السلام : رأيته صائماً يوم جمعة ، فقلت له : جُعلت فداك إنّ الناس يزعمون أنّه يوم عيد ؛ فقال : « كلّا إنّه يوم خفض ودعة » (٣) .
وقال أحمد وإسحاق وأبو يوسف : يكره إفراده بالصوم ، إلّا أن يوافق ذلك صوماً كان يصومه ، مثل : مَنْ يصوم يوماً ويُفطر يوماً ، فيوافق صومه يوم الجمعة . وكذا مَنْ عادته صيام أول الشهر أو آخره فيوافقه ؛ لما رواه أبو هريرة : أنّ النبي صلّى الله عليه وآله ، نهى أن يفرد يوم الجمعة بالصوم (٤) .
وسأل رجلٌ جابرَ بن عبدالله وهو يطوف ، فقال : أسمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله ، نهى عن صيام يوم الجمعة ؟ قال : نعم وربّ هذا البيت (٥) (٦) .
فإن صحّت هاتان الروايتان ، حُملتا على مَنْ يضعف عن الفرائض
__________________
(١) المغني ٣ : ١٠٥ ، الشرح الكبير ٣ : ١٠٤ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٤ ، المجموع ٦ : ٤٣٨ ، بداية المجتهد ١ : ٣١٠ وفيها جميعاً : لا يكره .
(٢) تقدّمت الإِشارة إلى مصادرها في الهامش (٧) من صفحة ١٩٩ .
(٣) التهذيب ٤ : ٣١٦ / ٩٥٩ .
(٤) صحيح مسلم ٢ : ٨٠١ / ١١٤٤ ، صحيح البخاري ٣ : ٥٤ ، سنن الترمذي ٣ : ١١٩ / ٧٤٣ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٤٩ / ١٧٢٣ ، سنن البيهقي ٤ : ٣٠٢ .
(٥) صحيح مسلم ٢ : ٨٠١ / ١١٤٣ ، صحيح البخاري ٣ : ٥٤ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٤٩ / ١٧٢٤ ، سنن الدارمي ٢ : ١٩ ، سنن البيهقي ٤ : ٣٠١ ـ ٣٠٢ .
(٦) المغني ٣ : ١٠٥ ، الشرح الكبير ٣ : ١٠٣ ـ ١٠٤ ، المجموع ٦ : ٤٣٨ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٤ .