محمّد أمين نجف
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: ماهر
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5995-26-1
الصفحات: ٢٨٧
بالنسبة للملائكة؟ وفّقكم الله لكلّ خير.
ج : إنّ عصمة الملائكة ليست اختيارية كعصمة الأنبياء والأئمّة عليهمالسلام ، بل إنّ عصمتهم واجبة ؛ لأنّهم وسائط التدبير ، وليس لهم شأن إلّا إجراء الأمر الإلهي في مجراه وتقريره في مستقرّه ، كما في قوله تعالى : لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (١).
ومن حيث عدم معصيتهم لله فإنّهم ليست لهم نفسية مستقلّة ذات إرادة مستقلّة تريد شيئاً غير ما أراد الله سبحانه ، وهذا ما أشار إليه قوله تعالى : لاَ يَعْصُونَ الله مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (٢).
ومن هذا يتّضح جواب السؤال الثاني بأن لا أولوية لهم حتّى يحقّ تركها ، فكُلّ الأوامر يجب أن تُنفّذ على طبق الإرادة الإلهية.
__________________
١ ـ الأنبياء : ٢٧.
٢ ـ التحريم : ٦.
علم المعصوم
* علم المعصوم عليهالسلام
* عمل المعصوم عليهالسلام بالظاهر
علم المعصوم عليهالسلام
س : ما هو القول الفصل لديكم حول علم الإمام المعصوم عليهالسلام؟ هل هو حصولي أم هو حضوري؟ علماً أنّ هناك لكلّ من القولين روايات عدّة تُؤيّده ، فأيّ طائفة من الروايات تُؤيّدون؟ أرجو الإجابة مع الدليل القاطع إن أمكن ، ولكن الأجر.
ج : تارة نبحث عن علم المعصوم عليهالسلام هل هو حضوري ـ أي حاضر عنده بدون أن يتعلّم ويكتسب العلم ـ أو هو حصولي ـ أي يحصل عنده من خلال التعلّم والتكسّب ـ وظاهر المشهور هو الأوّل ، أي أنّ علمهم عليهمالسلام حضوري.
وأُخرى نبحث عن علم المعصوم عليهالسلام على رأي المشهور ـ أي أنّ علمه عليهالسلام حضوري لا حصولي ـ فنقول : هل أنّ علمه عليهالسلام حاضر عنده بالفعل ـ بمعنى أنّ المعلومات منكشفة عنده فعلاً ـ أو حاضر عنه بالقوّة ـ بمعنى متى ما أراد وأشاء أن يعلم علم ـ؟ وظاهر المشهور هو الأوّل ، أي أنّ علمه عليهالسلام فعلي.
وما أُثير من أنّه يلزم على هذا الرأي اتّحاد علم الله تعالى مع علم المعصوم عليهالسلام ، وبالتالي يلزم الشرك والغلوّ ، فيردّه : بأنّ هناك فروق بين علمه تعالى الحضوري وعلم المعصوم عليهالسلام الحضوري الفعلي ، منها :
١ ـ إنّ علمه تعالى قديم وعلم المعصوم حادث.
٢ ـ إنّ علمه تعالى علّة وعلم المعصوم معلول.
٣ ـ إنّ علمه تعالى عين ذاته وعلم المعصوم عرضي موهوب منه تعالى.
٤ ـ إنّ علمه تعالى مطلق وعلم المعصوم محدود ، بمعنى أنّه عليهالسلام يعلم ما كان وما يكون ، وما هو كائن بمقدار ما اطّلعه الله تعالى عليه ، ولا يعلم العلم المخزون المكنون الذي استأثر الله به لنفسه.
وقد ذكر علماؤنا في بحث علم الإمام عليهالسلام مجموعة من المؤيّدات للنصوص ـ من الآيات والروايات ـ المثبتة لعموم علمه عليهالسلام وفعليته.
هذا وقد حملوا النصوص ـ من الآيات والروايات ـ النافية لعموم علم المعصوم عليهالسلام ، والنافية لفعلية علمه عليهالسلام على عدّة محامل ، فلتراجع في مظانّها.
عمل المعصوم عليهالسلام بالظاهر
س : لماذا لا يدفع الأئمّة عليهمالسلام الأذى عن أنفسهم؟ مع علمهم بوجود الضرر ، والذي يُؤدّي بهم إلى الوفاة؟
ج : علم المعصوم شيء ، وعمله وتكليفه شيء آخر ، إذ المعصوم عليهالسلام مكلّف بالعمل بالظاهر ، ليتمّ الاختيار الذي وهبه الله للبشرية ، فالنبيّ والإمام عليهما السلام وظيفتهما العمل بالظاهر ، وخير شاهد على هذا لو رجعنا إلى زمان رسول الله صلىاللهعليهوآله لرأيناه ما كان يقيم الحدّ إلّا على مَن تمّت الشهادة عليه ، ونعلم قطعاً بوجود مخالفات في عهد الرسول لم تقام الشهادة عليها ، ورسول الله صلىاللهعليهوآله لم يعاقب عليها بالاعتماد على علمه بالأُمور.
الغَيبة
* أسباب غيبة الإمام المهدي عليهالسلام
* عدم خلوّ الأرض من حجّة لا يناقض الغيبة
أسباب غيبة الإمام المهدي عليهالسلام
س : ما هي الأسباب والحِكم من غيبة الإمام المهدي عليهالسلام؟
ج : إنّ غيبة الإمام المنتظر عليهالسلام كانت ضرورية لا بدّ للإمام منها ، نذكر لك بعض الأسباب التي حتّمت غيابه عليهالسلام :
١ ـ الخوف عليه من العبّاسيين :
لقد أمعن العبّاسيون منذ حكمهم وتولّيهم لزمام السلطة في ظلم العلويين وإرهاقهم ، فصبّوا عليهم وابلاً من العذاب الأليم ، وقتلوهم تحت كلّ حجرٍ ومدرٍ ، ولم يرعوا أيّة حرمة لرسول الله صلىاللهعليهوآله في عترته وبنيه ، ففرض الإقامة الجبرية على الإمام عليّ الهادي ، ونجله الإمام الحسن العسكري عليهما السلام في سامرّاء ، وإحاطتهما بقوى مكثّفة من الأمن ـ رجالاً ونساءً ـ هي لأجل التعرّف على ولادة الإمام المنتظر عليهالسلام ؛ لإلقاء القبض عليه ، وتصفيته جسدياً ، فقد أرعبتهم وملأت قلوبهم فزعاً ما تواترت به الأخبار عن النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وعن أوصيائه الأئمّة الطاهرين عليهمالسلام : أنّ الإمام المنتظر هو آخر خلفاء رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأنّه هو الذي يُقيم العدل ، وينشر الحقّ ، ويُشيع الأمن والرخاء بين الناس ، وهو الذي يقضي على جميع أنواع الظلم ، ويزيل حكم الظالمين ، فلذا فرضوا الرقابة على أبيه وجدّه ، وبعد وفاة أبيه الحسن العسكري أحاطوا بدار الإمام عليهالسلام ،
وألقوا القبض على بعض نساء الإمام اللواتي يُظنّ أو يُشتبه في حملهنّ.
فهذا هو السبب الرئيسي في اختفاء الإمام عليهالسلام ، وعدم ظهوره للناس ، عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : «إنّ للقائم غيبة قبل ظهوره ، قلت : ولَمِ؟ فقال عليهالسلام : يخاف ، وأومئ بيده إلى بطنه. قال زرارة : يعني القتل» (١).
ويقول الشيخ الطوسي قدسسره : «لا علّة تمنع من ظهوره عليهالسلام إلّا خوفه على نفسه من القتل ؛ لأنّه لو كان غير ذلك لما ساغ له الاستتار» (٢).
٢ ـ الامتحان والاختبار
وثمّة سبب آخر عُلّل به غيبة الإمام عليهالسلام ، وهو امتحان العباد واختبارهم ، وتمحيصهم ، فقد ورد عن الإمام الصادق عليهالسلام أنّه قال : «أمّا والله ليغيبنّ إمامكم سنيناً من دهركم ، ولتمحصن حتّى يُقال : مات أو هلك ، بأيّ وادٍ سلك ، ولتدمعن عليه عيون المؤمنين ، ولتُكفأن كما تُكفأ السفن في أمواج البحر ، فلا ينجو إلّا مَن أخذ الله ميثاقه ، وكتب في قلبه الإيمان ، وأيّده بروح منه» (٣).
ولقد جرت سنّة الله تعالى في عباده امتحانهم ،وابتلاءهم ؛ ليجزيهم بأحسن ما كانوا يعملون ، قال تعالى : الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً (٤) ، وقال تعالى : أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ (٥).
وغيبة الإمام عليهالسلام من موارد الامتحان ، فلا يُؤمن بها إلّا مَن خلص إيمانه ، وصفت
__________________
١ ـ علل الشرائع ١ / ٢٤٦ ، كمال الدين وتمام النعمة : ٤٨١.
٢ ـ الغيبة للطوسي : ٣٢٩.
٣ ـ الإمامة والتبصرة : ١٢٥ ، الكافي ١ / ٣٣٦ ، الأمالي للصدوق : ١٩١.
٤ ـ الملك : ٢.
٥ ـ العنكبوت : ٢.
نفسه ، وصدّق بما جاء عن رسول الله صلىاللهعليهوآله والأئمّة الهداة المهديين من حجبه عن الناس ، وغيبته مدّة محدّدة ، أو أنّ ظهوره بيد الله تعالى ، وليس لأحدٍ من الخلق رأي في ذلك ، وإن مثله كمثل الساعة فإنّها آتية لا ريب فيها.
٣ ـ عدم بيعته لظالم.
ومن الأسباب التي ذُكرت لاختفاء الإمام عليهالسلام أن لا تكون في عنقه بيعة لظالم ، فعن عليّ بن الحسن بن عليّ بن فضّال عن أبيه ، عن الإمام الرضا عليهالسلام أنّه قال : «كأنّي بالشيعة عند فقدهم الثالث من ولدي كالنعم يطلبون المرعى فلا يجدونه ، قلت له : ولِمَ ذلك يا بن رسول الله؟ قال صلىاللهعليهوآله: «لأنّ إمامهم يغيب عنهم ، فقلت : ولِمَ؟ لئلّا يكون في عنقه لأحد بيعة إذا قام بالسيف» (١).
وأعلن الإمام المهدي عليهالسلام ذلك بقوله : «إنّه لم يكن لأحد من آبائي عليهمالسلام إلّا وقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه ، وإنّي أخرج حين أخرج ، ولا بيعة لأحدٍ من الطواغيت في عنقي» (٢).
هذه بعض الأسباب التي عُلّلت بها غيبة الإمام المنتظر عليهالسلام ، وأكبر الظنّ أنّ الله تعالى قد أخفى ظهور وليّه المصلح العظيم لأسباب أُخرى أيضاً لا نعلمها إلّا بعد ظهوره عليهالسلام.
عدم خلوّ الأرض من حجّة لا يناقض الغيبة
س : ورد في الروايات : عدم خلوّ الأرض من حجّة ، وأنّه لولا الحجّة لساخت الأرض بأهلها.
__________________
١ ـ علل الشرائع ١ / ٢٤٥ ، عيون أخبار الرضا ٢ / ٢٤٧.
٢ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ٤٨٥ ، الغيبة للطوسي : ٢٩٢.
وسؤالي هو : ألا يعتبر غياب الإمام المهدي هو تناقض صريح لما ورد؟
ج : لا تناقض بين الحديث وغيبة الإمام المهدي عليهالسلام ؛ لأنّ معنى الحديث : أنّ الأرض لا تخلوّ من وجود حجّة لله تعالى ، ولولا وجوده لساخت الأرض ، ومن المعلوم أنّ الإمام المهدي عليهالسلام موجود حيّ يعيش على الأرض ، لكنّه غائب عن أنظارنا ، وعدم ظهوره لا يدلّ على عدم وجوده.
فدك
* فدك وغصبها
* عدم استرجاع فدك
* مَن ردّ فدك إلى أهل البيت عليهمالسلام
فدك وغصبها
س : ما هو دليلكم على أنّ أرض فاطمة الزهراء علها السلام مغصوبة؟
ج : لحق الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآله بالرفيق الأعلى ، مخلّفاً من الورثة ابنته الوحيدة فاطمة الزهراء عليهاالسلام ، وزوجات عدّة.
وكانت فدك ممّا أفاء الله به على رسوله ـ عام خيبر ـ نحلها الرسول صلىاللهعليهوآله ابنته الزهراء عليهاالسلام ، وكانت يدها على فدك يوم وفاة أبيها.
ولمّا استولى أبو بكر على الحكم ، ابتزّ فدكاً من فاطمة عليهاالسلام واستولى عليها ، فادّعت فاطمة عليهاالسلام على أبي بكر ، وطالبت نحلة أبيها ـ لكون هذه الأرض ممّا لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب ، فكان ملكاً خاصّاً لرسول الله صلىاللهعليهوآله ـ وأشهدت زوجها أمير المؤمنين عليّاً عليهالسلام ، وابنيها الحسن والحسين سيّدي شباب أهل الجنّة ، وأُمّ أيمن حاضنة رسول الله صلىاللهعليهوآله على أنّ أباها نحلها فدكاً.
فردّ أبو بكر دعواها ، وردّ شهاداتهم لها ، فوجدت فاطمة عليهاالسلام على أبي بكر فهجرته فلم تكلّمه حتّى تُوفّيت.
هذا ما نقلته الأخبار في كتب الفريقين ، فتكون دليلاً على غصبها.
عدم استرجاع فدك
س : لماذا لم يُرجع الإمام عليّ عليهالسلام فدكاً أيّام خلافته؟
ج : إنّ المطالبة بفدك في فكرتها الأساسية هي للإشارة إلى غصب حقوق أهل البيت عليهمالسلام على وجه العموم ، وليس فقط فيها مطالبات مالية حتّى ترتفع بردّها إلى أهلها.
فالزهراء عليهاالسلام والأئمّة عليهمالسلام عندما كانوا يشيرون إلى مسألة فدك ، كانوا يريدون التصريح والتلويح بالمظالم التي أوردتها الزمرة الغاصبة في سبيل الحصول على الحكم.
ويدلّ على ما قلنا : أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام صرّح في أيّام خلافته : بأنّ الجانب الاقتصادي من فدك ، ليس بحدٍّ أن يكون حافزاً وباعثاً لاعتراض أهل البيت عليهمالسلام في مطالبته : «وما أصنع بفدكٍ وغير فدك» (١).
وقد صرّحت عدّة روايات بالعلّة التي من أجلها لم يسترجع الإمام عليهالسلام فدكاً ، ومن تلك الروايات :
١ ـ عن أبي بصير ، عن الإمام الصادق عليهالسلام قال : «قلت له : لِم لَم يأخذ أمير المؤمنين عليهالسلام فدكاً لمّا ولي الناس ، ولأيّ علّة تركها؟
فقال : لأنّ الظالم والمظلوم قد كانا قدما على الله عزّ وجلّ ، وأثاب الله المظلوم ، وعاقب الظالم ، فكره أن يسترجع شيئاً قد عاقب الله عليه غاصبه ، وأثاب عليه المغصوب» (٢).
٢ ـ عن إبراهيم الكرخي قال : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام ، فقلت له : لأيّ علّة ترك أمير المؤمنين فدكاً لمّا ولي الناس؟ فقال : للاقتداء برسول الله صلىاللهعليهوآله لمّا فتح مكّة ، وقد باع عقيل
__________________
١ ـ شرح نهج البلاغة ١٦ / ٢٠٨.
٢ ـ علل الشرائع ١ / ١٥٤.
ابن أبي طالب داره ، فقيل له : يا رسول الله ألا ترجع إلى دارك؟
فقال صلىاللهعليهوآله وهل ترك عقيل لنا داراً ، إنّا أهل بيت لا نسترجع شيئاً يُؤخذ منّا ظلماً ، فلذلك لم يسترجع فدكاً لمّا ولي» (١).
٣ ـ عن علي بن الحسن بن فضّال ، عن أبيه عن الإمام الكاظم عليهالسلام قال : «سألته عن أمير المؤمنين عليهالسلام لِم لَم يسترجع فدكاً لمّا ولي الناس؟ فقال : لأنّا أهل بيت لا نأخذ حقوقنا ممّن ظلمنا ، إلّا هو ـ يعني إلّا الله ـ ونحن أولياء المؤمنين ، إنّما نحكم لهم ، ونأخذ حقوقهم ممّن ظلمهم ، ولا نأخذ لأنفسنا» (٢).
مَن ردّ فدك إلى أهل البيت عليهمالسلام
س : أودّ معرفة جميع مَن غصب فدك فاطمة الزهراء عليهاالسلام؟ وجميع مَن قام بردّها إلى أهل البيت عليهمالسلام من يوم غصبها على يد أبي بكر؟
ج : كانت فدك ملكاً لرسول الله صلىاللهعليهوآله ؛ لأنّها ممّا لم يُوجف عليها بخيل ولا ركاب ، ثمّ قدّمها لابنته الزهراء عليهاالسلام ، وبقيت عندها حتّى تُوفّي أبوها صلىاللهعليهوآله ، فانتزعها الخليفة الأوّل ، ولمّا ولي معاوية فأقطعها مروان بن الحكم (٣) ، ثمّ صفت لعمر بن عبد العزيز بن مروان ، فلمّا تولّى الحكم ردّ فدك على ولد فاطمة عليهاالسلام ، ثمّ انتزعها يزيد بن عبد الملك من أولاد فاطمة عليهاالسلام ، فصارت في أيدي بني مروان حتّى انقضت دولتهم (٤).
فلمّا قام أبو العباس السفّاح بالأمر ، ردّها على عبد الله بن الحسن بن الحسين بن عليّ
__________________
١ ـ المصدر السابق ١ / ١٥٥.
٢ ـ نفس المصدر السابق.
٣ ـ فتوح البلدان ١ / ٣٧.
٤ ـ شرح نهج البلاغة ١٦ / ٢١٦.
ابن أبي طالب عليهالسلام ، ثمّ قبضها أبو جعفر المنصور في خلافته ، وردّها المهدي بن المنصور على الفاطميين ، ثمّ قبضها موسى بن المهدي من أيديهم ، ولم تزل في أيدي العباسيين حتّى تولّى المأمون فردّها على الفاطميين سنة ٢١٠ هـ.
ولمّا بُويع المتوكّل انتزعها من الفاطميين ، وأقطعها عبد الله بن عمر البازيار ، وينتهي آخر عهد الفاطميين بفدك بخلافة المتوكّل ، ومنحه إيّاها عبد الله بن عمر البازيار.
اللعن
* معنى اللعن ودليل جوازه من الكتاب والسنّة
*مَن لعنهم الله ورسوله صلىاللهعليهوآله
* اللعن لا يُنافي التقريب
معنى اللعن ودليل جوازه من الكتاب والسنّة
س : لديّ عدد من الأسئلة ، أرجو الإجابة عليها بشكلٍ موجز :
ما هو معنى اللعن؟ ومتى يجوز اللعن؟ ما هو الدليل على جوازه من القرآن الكريم وسنّة الرسول والمعصومين عليهمالسلام؟ هل يُوجد دليل عقلي على جوازه؟ وشكراً.
ج : إنّ معنى اللعن هو : الدعاء على شخص أو أشخاص أن يُبعدهم الله تعالى ، ويطردهم عن رحمته ، وهو جائز وثابت في الشريعة الإسلامية ، والدليل على جوازه من القرآن الكريم آيات كثيرة ، منها : قوله تعالى : إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا (١) ، وقوله تعالى : إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا (٢) ، وقوله تعالى : أَلاَ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (٣) ، وقوله تعالى : لَّعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (٤) ، وقوله تعالى : أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ (٥).
ومن السنّة الشريفة روايات كثيرة منها : قوله صلىاللهعليهوآله : «لعنة الله على الراشي
__________________
١ ـ الأحزاب : ٦٤.
٢ ـ الأحزاب : ٥٧.
٣ ـ هود : ١٨.
٤ ـ آل عمران : ٦١.
٥ ـ البقرة : ١٥٩.
والمرتشي» (١) ، وقوله صلىاللهعليهوآله : «مَن أحدث في المدينة حدثاً ، أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله» (٢) ، وقوله صلىاللهعليهوآله : «إذا ظهرت البدع في أُمّتي ، فليُظهر العالِم علمه ، فمَن لم يفعل فعليه لعنة الله» (٣) ، وقوله صلىاللهعليهوآله : «جهّزوا جيش أُسامة ، لعن الله مَن تخلّف عنه» (٤).
بالإضافة إلى هذا الدليل النقلي ، فقد قام الدليل العقلي على جواز اللعن ، فالعقل يحكم بصحّة وجواز دعاء المظلوم على الظالم ـ بإبعاده عن رحمة الله ـ والغاصب والخائن والقاتل والكاذب وغيرهم.
خصوصاً لمن يظلم آل البيت عليهمالسلام ويغصب حقّهم ويقتل شيعتهم ويخون في أمانة رسول الله صلىاللهعليهوآله.
مَن لعنهم الله ورسوله صلىاللهعليهوآله
س : نشكركم على جهودكم العظيمة ، ما مدى صحّة لعن الصحابة ، وهل هي جائزة؟ ولماذا؟
ج : نحن لا نعمل شيئاً ولا نفعله إلّا على طبق ما ورد في القرآن الكريم ، أو السنّة الشريفة.
فنحن لا نلعن أحداً من الصحابة إلّا مَن لعنه الله تعالى في كتابه العزيز ، أو لعنه الرسول العظيم صلىاللهعليهوآله ، وأهل بيته الميامين عليهمالسلام في السنّة الشريفة.
فقد لعن الله تعالى المنافقين والمنافقات في كتابه الكريم بقوله : وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا (٥).
__________________
١ ـ نيل الأوطار ٩ / ١٧٠ ، المصنّف للصنعاني ٨ / ١٤٨ ، مسند ابن الجعد : ٤٠٦ ، الجامع الصغير ٢ / ٤٠٥.
٢ ـ الصراط المستقيم ٢ / ٢٢٦.
٣ ـ المحاسن ١ / ٢٣١ ، الكافي ١ / ٥٤.
٤ ـ الملل والنحل ١ / ٢٣.
٥ ـ الفتح : ٦.
وعليه ، فحقّ لنا أن نلعن كلّ من ثبت بالأدلّة القطعية نفاقه وفسقه.
كما لعن الله تعالى أيضاً الذين في قلوبهم مرض بقوله : رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ ... أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (١).
ولعن أيضاً الظالمين بقوله : أَلاَ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (٢).
فنحن أيضاً نلعن كلّ من ظلم رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأهل بيته عليهمالسلام ، وبالأخص ابنته المظلومة المغصوب حقّها فاطمة الزهراء عليهاالسلام.
ولعن أيضاً كلّ من آذى رسول الله صلىاللهعليهوآله بقوله : إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا (٣).
ولا شكّ ولا ريب أنّ المتخلّف عن جيش أُسامة متخلّف عن طاعة رسول الله ، والتخلّف عن طاعة رسول الله يُوجب أذى رسول الله ، وأذيّة رسول الله تُوجب اللعنة بصريح الآية.
ومن المجمع والمسلّم عليه بين الكلّ : أنّ بعض الصحابة قد تخلّف عن جيش أُسامة فاستحقّ اللعنة.
كما لا شكّ ولا ريب أنّ أذيّة فاطمة الزهراء عليهاالسلام تُوجب أذيّة رسول الله لقوله صلىاللهعليهوآله : «فاطمة بضعة منّي يُؤذيني ما آذاها ، ويُغضبني ما أغضبها» (٤).
وقد نقل ابن أبي الحديد والجوهري : «أنّ فاطمة ماتت وهي غضبى على قوم ، فنحن غضاب لغضبها» (٥).
__________________
١ ـ محمّد : ٢٠ ـ ٢٣.
٢ ـ هود : ١٨.
٣ ـ الأحزاب : ٥٧.
٤ ـ الآحاد والمثاني ٥ / ٣٦٢ ، المعجم الكبير ٢٢ / ٤٠٥ ، تاريخ مدينة دمشق ٣ / ١٥٦.
٥ ـ شرح نهج البلاغة ٦ / ٤٩ و١٦ / ٢٣٢ ، السقيفة : ٧٥ و١١٨.
هذا كلّه بالنسبة إلى مَن لعنهم المولى تعالى في كتابه الكريم ، وهناك أصناف أُخر لعنهم في كتابه فراجع.
وأمّا بالنسبة إلى مَن لعنهم رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقد لعن كلّ مَن تخلّف عن جيش أُسامة (١).
ولعن أيضاً معاوية وأباه وأخاه بقوله صلىاللهعليهوآله : «اللهم العن القائد والسائق والراكب» ، فالراكب هو أبو سفيان ، ومعاوية وأخوه أحدهما قائد والآخر سائق (٢).
ولعن صلىاللهعليهوآله عمرو بن العاص بقوله : «اللّهمّ إنّ عمرو بن العاص هجاني ، وقد علم أنّي لست بشاعر ، فالعنه واهجه عدد ما هجاني» (٣).
كما أنّه صلىاللهعليهوآله لعن آخرين ، ومن هنا جاز لنا أن نلعن مَن لعنه النبيّ صلىاللهعليهوآله.
ثمّ على فرض عدم جواز لعن بعض الصحابة ، فلماذا بعض الصحابة والتابعين لعنوا بعض أكابر الصحابة؟ من قبيل معاوية ابن أبي سفيان ، فإنّه لعن أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام مدّة أربعين سنة من على المنابر ، مع أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قال في عليّ عليهالسلام : «مَن سبّ عليّاً فقد سبّني» (٤).
وقال صلىاللهعليهوآله أيضاً : «مَن أحبّ عليّاً فقد أحبّني ، ومَن أبغض عليّاً فقد أبغضني ، ومَن آذى عليّاً فقد آذاني ، ومَن آذاني فقد آذى الله عزّ وجلّ» (٥).
كما بالغ مروان بن الحكم في سبّ الإمام عليّ عليهالسلام ولعنه وانتقاصه ، حتّى امتنع الإمام
__________________
١ ـ الملل والنحل ١ / ٢٣ ، شرح نهج البلاغة ٦ / ٥٢ ، السقيفة : ٧٧.
٢ ـ وقعة صفّين : ٢٢٠.
٣ ـ الجامع لأحكام القرآن ٢ / ١٨٨ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٦ / ١١٨.
٤ ـ مسند أحمد ٦ / ٣٢٣ ، ذخائر العقبى : ٦٦ ، المستدرك ٣ / ١٢١ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٣٠ ، السنن الكبرى للنسائي ٥ / ١٣٣ ، خصائص أمير المؤمنين : ٩٩ ، الجامع الصغير ٢ / ٦٠٨ ، فيض القدير ٦ / ١٩٠ ، البداية والنهاية ٧ / ٣٩١.
٥ ـ ذخائر العقبى : ٦٥ ، الجوهرة : ٦٦.
الحسن عليهالسلام عن الحضور في الجامع النبوي (١).
وأخيراً أنّ للشيعة على لعن بعض الصحابة أدلّة قاطعة.
اللعن لا ينافي التقريب
س : كيف نقرّب بين المذاهب الإسلامية ، وأهل المذاهب الأُخرى يبغضوننا؟ لأنّنا نسبّ ونشتم ونلعن بعض الصحابة؟ ألا يحتاج ذلك منّا إلى وقفة لتدارس هذا الأمر والنهي عنه؟
ج : في الجواب نشير إلى بعض المطالب باختصار :
١ ـ الاختلاف بين الشيعة والسنّة حقيقة ثابتة لا يُمكن أن ينكرها أحد ، وأنّ التجاهل بهذا الاختلاف ظاهراً ليس هو إلّا تصنّع لا تحمد عواقبه.
ولكنّ المهمّ هو أن نعرف كيف نتعامل مع هذا الاختلاف ، والطرح الذي نؤكّد عليه باستمرار هو الحوار الهادئ الأُخوي ، واستمرارية هذا الحوار ، مع التأكيد على أُسس الحوار الموضوعي ، فإن توصّل المتحاورون إلى نتيجة فهو المطلوب ، وإلّا فلا يُفسد الاختلاف للودّ قضية.
٢ ـ اللعن غير الشتم فلا نخلط بينهما ، إذ اللعن حقيقة ثابتة في القرآن والسنّة ، لأنّ اللعن هو الدعاء على أشخاص أن يطردهم الله من رحمته ، بينما السبّ والشتم قد نهى عنه النبيّ صلىاللهعليهوآله ، والأئمّة عليهمالسلام.
فإذا عرفنا هذا ، علينا أن نعرف حقيقة اللعن أوّلاً ، ثمّ نبحث عمّن يستحقّ لهذا اللعن.
هذا ، ونوصيكم بالبحث أكثر والتعمّق في المسائل ، لئلاّ نقع في أخطاء لا تُحمد عواقبها بسبب جهل بعض الأُمور.
__________________
١ ـ تطهير الجنان واللسان : ١٦٣.
متعة النساء
* أنواع الزواج وشروطه
* المتعة ومشروعيتها في الاسلام
* أدلّة الإمامية على جوازها
أنواع الزواج وشروطه
س : ما هي أنواع الزواج في الإسلام؟ وما هي شروطه؟
ج : في نظر الشيعة الإمامية أنّ الزواج الثابت في الإسلام هو : الزواج الدائم ، والزواج المؤقّت ـ المتعة ـ ولا يُوجد في زماننا اتّصال واقتران شرعي إلّا من خلال هذين الزواجين.
وأمّا شروطهما فهي :
١ ـ يُشترط في كليهما التلفّظ بصيغة عقد الزواج من الإيجاب والقبول.
ففي الدائم تقول المرأة للرجل : زوّجتكَ نفسي ـ أو أنكحتك نفسي ـ على المهر المعلوم.
فيقول الرجل لها : قبلت.
وفي المؤقّت تقول المرأة للرجل : متّعتك نفسي ـ أو أنكحتك نفسي ـ على المهر المعلوم في المدّة المعلومة.
فيقول الرجل لها : قبلت.
٢ ـ يُشترط في كليهما المهر.
ولا فرق بين أن يكون المهر مالاً ـ كألف دينار أو درهم ـ أو غير مال ، كمنفعة أو عمل أو تعليم أو غير ذلك.
٣ ـ يُشترط في كليهما إذن الوليّ على الأحوط عند المشهور ـ الأب والجدّ من طرف الأب ـ إذا كانت البنت بكراً ، ولا يُشترط في كليهما إذن الوليّ إذا كانت المرأة ثيّباً.
٤ ـ يُشترط في كليهما العدّة بالمدخول بها ، لمن تُريد أن تتزوّج ثانية.
٥ ـ يُشترط في الدائم النفقة على الزوجة ، ولا يُشترط في المؤقّت إلّا مع الشرط ضمن العقد.
٦ ـ يُشترط في المؤقّت ذكر مدّة التمتّع ، كسنة أو شهر أو يوم أو غير ذلك.
٧ ـ يُشترط في الدائم التوارث بين الزوجين دون المؤقّت.
٨ ـ يُشترط الإشهاد في طلاق الزوجة الدائمة.
٩ ـ لا طلاق في زواج المؤقّت ، وإنّما تبين المرأة بانقضاء المدّة المقرّرة ، أو بهبة بقية المدّة لها.
١٠ ـ لا يُشترط في كليهما الإشهاد حال العقد ، بل هو أمر مستحبّ.
المتعة ومشروعيتها في الإسلام
س : ما هو البرهان من القرآن والسنّة الصحيحين على جواز المتعة؟
ج : لا شكّ ولا ريب في تشريع متعة النساء ـ الزواج المؤقّت ـ في الإسلام ، وهذا ما نصّ عليه القرآن الكريم والسنّة الشريفة ، وإنّما الخلاف بين المسلمين في نسخها أو عدمه؟ فذهب أهل السنّة إلى أنّها منسوخة ، واستدلّوا لذلك بعدّة روايات متعارضة فيما بينها ، بينما ذهبت الشيعة إلى بقاء هذا التشريع المقدّس وعدم نسخه لا من القرآن ولا السنّة.
وقبل التطرّق إلى الأدلّة نودّ القول : إنّ زواج المتعة ما هو إلّا قضية فقهية ثابتة عند
قوم ، وغير ثابتة عند آخرين ـ كسائر القضايا والأحكام الفقهية الأُخرى التي يمكن الاختلاف فيها ـ فليس من الصحيح التشنيع والتشهير بالشيعة وجعل زواج المتعة أداة لذلك ، فإنّ هذه الأساليب غير العلمية تكون سبباً للفرقة بين المسلمين ، في الوقت الذي تتركّز حاجتنا إلى لمّ الشعث ورأب الصدع.
وأمّا ما دلّ على مشروعيتها في القرآن الكريم قوله تعالى : فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ... (١) ، فقد روي عن جماعة ـ من كبار الصحابة والتابعين المرجوع إليهم في قراءة القرآن الكريم وأحكامه ـ التصريحُ بنزول هذه الآية المباركة في المتعة ، منهم : عبد الله بن عباس ، وأُبي بن كعب ، وعبد الله بن مسعود ، وجابر بن عبد الله الأنصاري ، وأبو سعيد الخدري ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، والسدي ، وقتادة (٢).
وما دلّ على مشروعيتها من السنّة الشريفة
أخرج البخاري ومسلم وأحمد وغيرهم ، عن عبد الله بن مسعود قال : كنّا نغزو مع رسول الله صلىاللهعليهوآله ليس لنا نساء ، فقلنا : ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك ، ثمّ رخّص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل ، ثمّ قرأ عبد الله : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (٣).
مضافاً إلى ذلك الإجماع المنقول ، نصّ على ذلك القرطبي حيث قال : «لم يختلف
__________________
١ ـ النساء : ٢٤.
٢ ـ أُنظر : صحيح البخاري ٦ / ١٢٩ ، جامع البيان ٥ / ١٨ ، معاني القرآن : ٦١ ، أحكام القرآن للجصّاص ٢ / ١٨٤ ، نواسخ القرآن : ١٢٤ ، الدرّ المنثور ٢ / ١٤٠ ، فتح القدير ١ / ٤٤٩ ، السنن الكبرى للبيهقي ٧ / ٢٠٥ ، المغني لابن قدامة ٧ / ٥٧١ ، سير أعلام النبلاء ١٣ / ١٠٨.
٣ ـ المائدة : ٨٧ ، وأُنظر : مسند أحمد ١ / ٤٣٢ ، صحيح البخاري ٦ / ١١٩ ، صحيح مسلم ٤ / ١٣٠ ، السنن الكبرى للبيهقي ٧ / ٧٩ و٢٠٠ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٣ / ٢٧١ و٣٩١ ، السنن الكبرى للنسائي ٦ / ٣٣٧ ، مسند أبي يعلى ٩ / ٢٦٠ ، صحيح ابن حبّان ٩ / ٤٤٩.
العلماء من السلف والخلف أنّ المتعة نكاح إلى أجل لا ميراث فيه ، والفرقة تقع عند انقضاء الأجل من غير طلاق» (١) ، ثمّ نقل عن ابن عطية كيفية هذا النكاح وأحكامه.
وكذا الطبري ، فقد نقل عن السدّي : «هذه هي المتعة ، الرجل ينكح المرأة بشرطٍ إلى أجل مسمّى» (٢).
وعن ابن عبد البرّ في التمهيد : «وأجمعوا أنّ المتعة نكاح لا إشهاد فيه ولا وليّ ، وإنّه نكاح إلى أجلٍ ، تقع فيه الفرقة بلا طلاق ، ولا ميراث بينهما» (٣).
وما زالت متعة النساء سارية المفعول مباحة للمسلمين زمن رسول الله صلىاللهعليهوآله وزمن أبي بكر ، وشطراً من خلافة عمر بن الخطّاب ، حتّى قال عمر : «متعتان كانتا على عهد رسول الله وأنا أنهى عنهما وأُعاقب عليهما» ، وقد أورد مقالته هذه جمهرة من الكتّاب والحفّاظ في كتبهم (٤).
فثبت من خلال هذا الاستعراض المختصر جواز ومشروعية زواج المتعة في الإسلام ، ومات النبيّ صلىاللهعليهوآله وهي بعد مشرّعة غير محرّمة ، حتّى حرّمها عمر في أيّام خلافته.
الأدلّة على جوازها
س : ما هو الدليل على جواز زواج المتعة؟ وما هو ردّكم على مَن يقول : أنّ المتعة
__________________
١ ـ الجامع لأحكام القرآن ٥ / ١٣٢.
٢ ـ جامع البيان ٥ / ١٨.
٣ ـ التمهيد ١٠ / ١١٦.
٤ ـ اُنظر : السنن الكبرى للبيهقي ٧ / ٢٠٦ ، معرفة السنن والآثار ٥ / ٣٤٥ ، الاستذكار ٤ /٦٥ و ٥ / ٥٠٥ ، التمهيد ٨ / ٣٥٥ و ١٠ / ١١٣ و ٢٣ / ٣٥٧ و ٣٦٥ ، المحلّى ٧ / ١٠٧ ، المبسوط للسرخي ٤ / ٢٧، المغني لابن قدامة ٧ / ٥٧٢ ، الشرحالكبير ٧ / ٥٣٧ ، شرح معاني الآثار ٢ /١٤٦ ، أحكام القرآن للجصّاص ١ / ٣٣٨ و ٣٥٤ و ٣ / ٣١٢ ، التفسير الكبير ٤ / ٤٢ ، الجامع لأحكام القرآن ٢ / ٣٩٢ ، الدرّ المنثور ٢/ ١٤١.