أبو البركات بن الأنباري
المحقق: الدكتور طه عبد الحميد طه
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: الهيئة المصريّة العامّة للكتاب
الطبعة: ٢
ISBN: 977-419-179-X
الصفحات: ٥٧٦
تقديره ، واجعل من ذرّيتى مقيمى الصلاة. فحذف الفعل لدلالة ما قبله عليه ، وهو كثير فى كلامهم.
قوله تعالى : (مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ) (٤٣).
مهطعين مقنعى رءوسهم ، منصوبان على الحال من الهاء والميم فى (يؤخّرهم) وتقديره ، إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار فى هاتين الحالتين.
قوله تعالى : (وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ) (٤٤).
يوم ، منصوب لأنه مفعول (أنذر) ولا يجوز أن يكون ظرفا لأنذر ، لأنه يؤدّى إلى أن يكون الإنذار يوم القيامة ، ولا إنذار يوم القيامة.
قوله تعالى : (وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ) (٤٥).
تبيّن ، فعل فاعله مقدّر ، وتقديره ، تبيّن لكم فعلنا بهم ، ولا يجوز أن تكون (كيف) ، فاعل (تبيّن) لأنّ الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله ، ولأنّ (كيف) لا يقع مخبرا عنه ، والفاعل يخبر عنه ، وإنما (كيف) ههنا منصوبة بقوله : فعلنا.
قوله تعالى : (وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ) (٤٦).
يقرأ بفتح اللام الأولى وضم الثانية ، وبكسر اللام الأولى وفتح الثانية.
فمن قرأ بفتح اللام الأولى وضم الثانية ، كانت اللام للتأكيد دخلت للفرق بين (إن) المخففة من الثقيلة وبين (إن) بمعنى (ما) ، وتقديره ، وإنه كان مكرهم لتزول منه الجبال.
ومن كسر الأولى وفتح الثانية ، كانت اللام لام الجحود ، والفعل بعدها منصوب بتقدير (أن) ، و (إن) فى الآية بمعنى (ما) وتقديره ، وما كان مكرهم لتزول منه الجبال ، على التصغير والتحقير لمكرهم.
وكان ، ههنا تامة بمعنى وقع. والجبال ، عبارة عن أمر النبى عليهالسلام لعظم شأنه.
قوله تعالى : (فَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ) (٤٧).
تقديره ، مخلف رسله وعده. وهو من الاتساع لمعرفة المعنى.
قوله تعالى : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ) (٤٨).
يوم ، منصوب على الظرف بالمصدر قبله وهو قوله : (عزيز ذو انتقام) وتقدير الآية ، يوم تبدّل الأرض غير الأرض والسموات غير السموات. إلّا أنه حذف الثانى لدلالة (غير الأرض) عليه.
قوله تعالى : (لِيَجْزِيَ اللهُ كُلَّ نَفْسٍ) (٥١).
اللّام ، تتعلق بالفعل قبلها فى قوله : (وَتَغْشى (١) وُجُوهَهُمُ). ويجوز أن تكون متعلقة بقوله : (وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ). ويجوز أن تكون متعلقة بمحذوف دل عليه قوله : (ذُو انتِقامٍ). وقيل : اللام لام القسم وكسرت على مذهب بعض النحويين.
قوله تعالى : (هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ) (٥٢).
فى تقديره وجهان :
أحدهما : أن يكون تقديره ، هذا بلاغ للناس وللإنذار. لأنّ (أن) المقدرة بعد اللام مع (ينذروا) ، فى تأويل المصدر ، وهو الإنذار.
والثانى : أن (٢) يكون تقديره ، هذا بلاغ للناس وأنزل لينذروا به.
كقوله تعالى :
(كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ)(٣).
__________________
(١) فى أ ، ب (يغشى) بالياء.
(٢) (لا) فى ب.
(٣) ٢ سورة الأعراف. والآية مذكورة فى أ ، ب هكذا (أنزل إليك لتنذر به).
غريب إعراب سورة الحجر
قوله تعالى : (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ) (٢).
قرئ : ربّما وربما بالتشديد والتخفيف ، فالتشديد على الأصل ، والتخفيف لكثرة الاستعمال ، وهاتان لغتان جيّدتان ، وفيها لغات.
و (ما) فيها كافة عن العمل ، وخرجت بها عن مذهب الحرف لأنّ (ربّ) حرف جرّ ، وحرف الجرّ يلزم للأسماء ، فلما دخلت (ما) عليها جاز أن يقع بعدها الفعل ، فخرجت عن مذهب الحرف ، وصارت بمنزلة (ما) فى (طالما وقلّما).
فإنّ (طال وقلّ) فعلان ماضيان فلما دخلت عليهما (ما) خرجا عن مذهب الفعل ، فلم يفتقر إلى فاعل ، وإن كان كلّ فعل لا بدّ له من فاعل ، لخروجه بدخولها عليه عن بابه ، فكذلك ههنا ، ولا يدخل بعد (ربما) إلا الماضى كما قال الشاعر :
١١٠ ـ ربّما أوفيت فى علم |
|
ترفعن ثوبى شمالات (١) |
وإنما جاء ههنا المضارع بعدها ، على سبيل الحكاية ، ولهذا حمله أبو إسحاق على ضمير (كان) ، على تقدير ، ربّما كان يودّ الذين كفروا. والأوّل أوجه.
ومن ألطف ما قيل فى هذا أنّ أخبار الحقّ تعالى ، لمّا كان متحققا لا شكّ فى وجوده لتحققه ، نزّل المستقبل الذى لم يقع ولم يوجد ، منزلة الماضى الذى وقع ووجد. وربّما ، معناها التقليل كربّ. قال الشاعر :
__________________
(١) من شواهد سيبويه ٢ ـ ١٥٣ ونسبه إلى جذيمة الأبرش. الخزانة ح ٤ ص ٥٦٧ وشرح شواهد المغنى ص ١٣٤ ـ ٢٤٥.
شمالات : جمع شمال ، وهى ريح شديدة ، جعلها ترفع ثوبه ، وهو يشرف على العدو أعلى الجبل للمراقبة.
١١١ ـ ألا ربّ يوم لك منهنّ صالح |
|
وذى ولد لم يلده أبوان (١) |
وقد تخرج عن بابها ، فيراد بها الكثرة ، على خلاف الأصل ، كما يخرج الاستفهام عن بابه إلى غير بابه ، من التقرير وغيره. كقول الشاعر :
١١٢ ـ ألا ربّ يوم لك منهنّ صالح |
|
ولا سيّما يوم بدارة جلجل (٢) |
فقوله : ألا ربّ يوم ، أراد الكثرة لا القلة ، على خلاف الأصل.
ولو كانوا مسلمين ، فى موضع نصب لأنه مفعول (يودّ).
قوله تعالى : (ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا) (٣).
ذرهم ، أصله أو ذرهم ، إلّا أنه حذفت الواو حملا على (يذر) ، لوقوعها بين ياء وكسرة فى الأصل ، لأنّ الأصل أن يقال : وذر يوذر ، على فعل يفعل ، بفتح العين من الماضى ، وكسرها من المضارع ، إلّا أنهم فتحوا الذال من المضارع ، حملا ليذر على يدع لأنه فى معناه.
ويدع وإن كان الأصل فيه أن يكون على فعل يفعل بفتح العين من الماضى وكسرها من المضارع ، إلّا أنه فتحت العين لأن لامه حرف حلق ، فقيل : يدع ، وكذلك فتحوا العين من (يذر) حملا على (يدع) ، وحذفوا الواو من (يدع) ، لأنهم لم يعتدّوا بالفتحة ، لأنها إنما كانت لمكان حرف الحلق فحذفوا الواو منها ، لوقوعها
__________________
(١) من شواهد سيبويه ١ ـ ٣٤١ ، ٢ ـ ٢٥٨ ، ونسبه إلى رجل من أزد السراة ، ناقلا ذلك عن الخليل. وذكر الفارسى أن هذا الشاهد لرجل اسمه عمرو الجينى. هامش أوضح المسالك ٢ ـ ١٤٥.
(٢) الشاهد من معلقة امرئ القيس.
بين ياء وكسرة فى الأصل ، فلما حذفت الواو استغنى عن همزة الوصل ، فقيل فيهما : ذر ودع ووزنهما (عل) ، لذهاب الفاء منهما.
قوله تعالى : (إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ) (٤).
كتاب ، مرفوع لأنه مبتدأ. ولها ، خبره. والجملة فى موضع جرّ ، لأنها صفة (قرية).
ويجوز حذف هذه الواو من (ولها) فى هذا النحو ، فى اختيار الكلام لمكان الضمير.
قوله تعالى : (لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ) (٧).
لو ما ، بمعنى هلّا وهى مركّبة من (لو) التى معناها امتناع الشىء لامتناع غيره ، و (ما) التى تسمى المغيّرة ، وسميت المغيرة ، لأنها غيّرت معنى (لو) (١) ، من معنى امتناع الشىء لامتناع غيره إلى معنى (هلّا).
ونظيرها (لو لا) فإنها مركبة من (لو) و (لا) فلمّا ركّبا ، تغيرت (لو) عن معناها ، وصارت بمعنى (هلّا) فى أحد وجهيها ، وبمعنى امتناع الشىء لوجود غيره.
والسّرّ فيه أن الحروف إذا ركبت حدث فيها بعد التركيب معنى لم يكن قبل التركيب ، كالأدوية المركبة من عقاقير مختلفة ، فإنه يحدث لها بالتركيب ، ما لم يكن لكل واحد منها قبل التركيب فى حالة الانفراد.
قوله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) (٩).
نحن ، فى موضع نصب ، لأنه تأكيد للضمير الذى هو اسم (إنّ) فى (إنّا).
ويجوز أن يكون (نحن) فى موضع رفع لأنه مبتدأ. ونزّلنا ، خبره ، والجملة من المبتدأ والخبر فى موضع رفع ، لأنه خبر (إنّ).
__________________
(١) (ما) فى أ ـ و (لو ما) فى ب.
ولا يجوز أن يكون (نحن) ههنا فصلا لا موضع له من الإعراب ، لأنه ليس بعده معرفة ولا ما يقارب المعرفة ، لأن ما بعده جملة ، والجملة نكرة ، ولهذا تكون صفة للنكرة فكان حكمها حكم النكرة.
ومن شرط الفصل أن يكون بين معرفتين ، أو بين معرفة وما يقارب المعرفة ، ولم يوجد أحدهما ، فلم يجز أن يكون فصلا.
قوله تعالى : (إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ) (١٨).
من ، فى موضع نصب على الاستثناء ، ولا يجوز أن يكون بدلا من (كلّ شيطان) ، لأنه استثناء من موجب.
قوله تعالى : (وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ) (٢٠).
من ، يجوز أن تكون فى موضع نصب ورفع.
فالنصب من ثلاثة أوجه.
الأول : أن يكون منصوبا بالعطف على قوله : معايش. أى ، جعلنا لكم فيها المعايش والعبيد.
والثانى : أنه منصوب بتقدير فعل ، وتقديره ، جعلنا لكم فيها معايش وأعشنا من لستم له برازقين ، فأضمر أعشنا ، لدلالة الكلام عليه.
والثالث : أن يكون منصوبا بالعطف على موضع (لكم) ، وموضعه النصب يجعلنا.
والرفع على أن يكون مرفوعا لأنه مبتدأ ، وخبره محذوف.
ولا يجوز فيه الجر بالعطف على الكاف والميم فى (لكم) ، لأنه ضمير المجرور ، والضمير المجرور ، لا يجوز العطف عليه إلّا بإعادة الجار ، وقد أجازه الكوفيون ،
وجوزوا أن تكون (من) فى موضع جرّ بالعطف على الكاف والميم فى (لكم) ، وقد بيّنّا فساده فى كتاب الإنصاف فى مسائل الخلاف (١).
قوله تعالى : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ) (٢١).
إن ، بمعنى (ما).
و (من) زائدة.
وشىء ، فى موضع رفع بالابتداء.
وعندنا ، خبر المبتدأ.
وخزائنه ، مرفوع بالظرف على كلا المذهبين ، لأنه قد وقع خبرا للمبتدأ وتقديره ، وما شىء إلا عندنا خزائنه.
ودخول (إلّا) أبطل عمل (إن) على لغة من يعملها ، إذا كانت بمعنى (ما) ، لأن (إلّا) إذا أبطلت عمل (ما) وهو الأصل ، فلأن تبطل عمل ما كان مشبها بها ، كان ذلك أولى.
قوله تعالى : (وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ) (٢٢).
لواقح ، فيه وجهان.
أحدهما : أن تكون لواقح ، جمع لاقحة ، أى حوامل بالسحاب لأنها تسوقه.
والثانى : أن تكون لواقح أصله ملاقح لأنه من ألقحت الريح الشجر ، إلا أنه أتى به على حذف الزوائد.
وقرئ : وأرسلنا الريح لواقح. وأنكره بعضهم ولا وجه لإنكاره ، لأن الاسم إذا كانت فيه الألف واللام ، جاز أن يرد ، والمراد به الجنس والجمع ، ولا مانع يمنع ، وأن يكون المراد بالريح الجنس والجمع ، كقوله تعالى :
__________________
(١) المسألة ٦٦ الإنصاف ٢ ـ ٢٧٩.
(إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا)(١).
(وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها)(٢)
أى الملائكة. إلى غير ذلك من الشواهد التى لا تحصى كثرة.
قوله تعالى : (وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ) (٢٧).
الجانّ ، منصوب بفعل مقدر ، وتقديره ، وخلقنا الجانّ خلقناه. فكان النصب ههنا على الرفع لأنه قد عطفه على جملة فعلية وهى قوله : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ) فقدّر الفعل الناصب ليكون قد عطف جملة فعلية ، على جملة فعلية. لا جملة اسمية ، على جملة فعلية. كقول الشاعر :
١١٣ ـ أصبحت لا أحمل السّلاح ولا |
|
أردّ رأس البعير إن نفرا |
والذئب أخشاه إن مررت به |
|
وحدى وأخشى الرّياح والمطرا (٣) |
وتقديره ، وأخشى الذئب أخشاه. والشواهد على هذا النحو كثيرة جدا.
قوله تعالى : (فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ) (٣٠).
كلّهم أجمعون ، توكيدا للمعرفة بعد توكيد.
وذهب بعض النحويين إلى أن أجمعين أفاد معنى الاجتماع ، فإنه لو قال : فسجد الملائكة كلّهم ، لجاز أن يكونوا سجدوا مجتمعين ومفترقين ، فلما قال : أجمعون ، دل على أنهم سجدوا مجتمعين لا متفرقين ، إلا أنه يلزمه على هذا أن ينصبه على الحال.
__________________
(١) ٢ ، ٣ سورة العصر.
(٢) ١٧ سورة الحاقة.
(٣) من شواهد سيبويه ١ ـ ٤٦ ، وقد نسبه إلى الربيع بن ضبع الفزارىّ. وجاء فى الأصل (لا أملك) بدل (لا أرد).
قوله تعالى : (ما لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ) (٣٢).
(ما) فى موضع رفع لأنه مبتدأ ، وخبره (لك) ، والتقدير فيه ، أىّ شىء كائن لك ألا تكون ، أى فى ألّا تكون ، فحذفت (فى) وهى متعلقة بالخبر ، فانتصب موضع (أن).
وذهب أبو الحسن إلى أنّ (أن) زائدة ، ويكون (لا تكون) فى موضع نصب على الحال ، وتقديره ، مالك خارجا عن الساجدين.
قوله تعالى : (لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ) (٤٤).
منهم ، يتعلق بالظرف الذى هو (لكلّ) لأنه لا يخلو إما أن يتعلق بمقسوم ، أو بمحذوف صفة لباب ، أو بالظرف الذى هو (لكلّ باب).
بطل أن يكون متعلقا بمقسوم ، لأنه صفة لجزء ، فلا يعمل فيما قبل الموصوف ، كما لا يعمل الموصوف فيما قبله ، وبطل أن يكون متعلقا بمحذوف صفة لباب ، لأنه لا ضمير فيه يعود على باب.
فوجب أن يتعلق بالظرف على حد قولهم : كلّ يوم لك درهمّ. ألا ترى أن (كل يوم) منصوب ب (لك).
وجزء مقسوم ، مرفوع بالظرف الذى هو (لكل باب) لأنّ قوله : لكلّ باب. وصف لقوله : أبواب. أى لها سبعة أبواب كائن لكل باب منها جزء مقسوم منهم. أى ، من الداخلين ، فحذف منها العائد إلى أبواب ، التى هى الموصوف ، وحذف العائد من الصفة إلى الموصوف جائز فى كلامهم. قال الله تعالى :
(وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً)(١).
أى ، ما تجزى فيه. فحذف وهو كثير فى كلامهم.
__________________
(١) ١٢٣ سورة البقرة.
قوله تعالى : (إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) (٤٧).
إخوانا ، منصوب على الحال من (المتقين) ، أو من الواو فى (ادخلوها) ، أو من الضمير فى (آمنين).
قوله تعالى : (فَبِمَ تُبَشِّرُونَ) (٥٤).
قرئ : تبشّرون. بنون خفيفة مكسورة ، وتبشرونّ بنون مشددة مكسورة. وتبشرون بنون خفيفة مفتوحة.
فمن قرأ : تبشرون بنون خفيفة مكسورة ، كان أصله تبشروننى ، فاجتمع حرفان متحركان من جنس واحد ، وهما نون الوقاية ونون الإعراب ، فاستثقلوا اجتماعهما فحذف إحداهما تخفيفا ، واختلفوا فمنهم من قال : حذفت نون الوقاية لأنّ نون الإعراب إنما تحذف لناصب أو جازم ، ومنهم من قال : حذفت نون الإعراب ، لأنّ نون الوقاية دخلت لتقى الفعل من الكسر ، وكل له وجه ، وحذفت ياء الإضافة وبقيت الكسرة قبلها تدل عليها ، وذلك كثير فى كلامهم.
ومن قرأ بالتشديد والكسر ، فإنه لما استثقل اجتماع النونين المتحركتين ، سكّن النون الأولى ، وأدغمها فى الثانية ، قياسا على كل حرفين متحركين من جنس واحد فى كلمة واحدة ، وهذه القراءة أقيس من الأولى ، ثم حذفت الياء وبقيت الكسرة قبلها تدل عليها ، وذلك كثير فى كلامهم.
ومن قرأ بفتح النون مخففة فإنما كانت مفتوحة ، لأنها نون الجمع قياسا على فتحها فى جمع الاسم نحو ، الزيدون ، كما كسرت النون بعد ضمير الفاعل ، إذا كان مثنى فى نحو ، تفعلان ، قياسا على كسرها فى تثنية الاسم نحو ، الزيدان ، حملا للفرع على على الأصل.
والمفعول على هذه القراءة محذوف لأن (١) (يبشرون) فعل متعد.
__________________
(١) (كأن) فى أ.
قوله تعالى : (قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ) (٥٨).
(إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (٥٩) إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ) (٦٠).
إلا آل لوط ، منصوب لأنه استثناء منقطع ، لأن (قوم لوط) ليسوا من القوم المجرمين.
وقوله : امرأته ، منصوب على الاستثناء من آل لوط ، وهذا الاستثناء ههنا ، يدل على أن الاستثناء من الإيجاب نفى ، ومن النفى إيجاب ، لأنه استثنى آل لوط من المجرمين ، فلم يدخلوا فى الإهلاك ، ثم استثنى من آل لوط امرأته ، فدخلت فى الهلك.
ولو قيل إن قوله : إلا امرأته ، ليس استثناء فى اللفظ من قوم لوط ، وإنما هو استثناء من الهاء والميم فى (لمنجّوهم أجمعين إلّا امرأته) ، لكان وجها جائزا.
ولو لا اللام فى (لمن الغابرين) لوجب أن تكون (أن) مفتوحة ب (قدّرنا) ، إلا أنه لمّا دخلت اللام ، علّقت الفعل عن العمل ، كقوله تعالى :
(إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ (١) لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ)(٢).
قوله تعالى : (وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ) (٦٦).
أنّ ، فى موضع نصب على البدل من موضع (ذلك) إن جعلت الأمر عطف بيان أو بدلا من (الأمر) ، إن كان الأمر بدلا من (ذلك).
__________________
(١) (إنه) فى أ.
(٢) ١ سورة المنافقون.
وزعم القراء أن (أن) فى موضع نصب بتقدير حذف حرف الخفض ، أى ، بأن دابر.
ومصبحين ، حال من (هؤلاء) ، المضاف إليه (دابر) ، والعامل فى الحال معنى الإضافة من المضامّة والممازجة.
قوله تعالى : (قالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ) (٧٠).
أى ، عن ضيافة العالمين ، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه.
قوله تعالى : (وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (٨٩) كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ) (٩٠).
فيما تتعلق به الكاف فى (كما) وجهان.
أحدهما : أنها تتعلق بقوله : آتيناك سبعا من المثانى كما أنزلنا على المقتسمين.
والثانى : أنها تتعلق بقوله : أنا النّذير المبين. أى أنذركم من العذاب كما أنزلنا على المقتسمين.
وهم الذين اقتسموا طرق مكة وعقابها ، يمنعون الناس عن استماع كلام النبى عليهالسلام.
قوله تعالى : (الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ) (٩١).
أى جعلوه أعضاء حين آمنوا ببعض وكفروا ببعض.
وعضين جمع عضة ، كقلين ، جمع قلة ، وعزين جمع عزة ، وثبين جمع ثبة.
قوله تعالى : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ) (٩٤).
ما ، فيها وجهان.
أحدهما : أن تكون اسما موصولا بمعنى الذى. وتؤمر ، صلته ، والعائد من الصلة
محذوف وتقديره ، فاصدع بالذى تؤمر به. ثم يحذف حرف الجر لأنهم يقولون : أمرتك الخير ، أى ، أمرتك بالخير ، فيصير بعد حذف الجر (تؤمره) ثم يحذف الهاء العائدة إلى الاسم الموصول ، كما حذف من قوله تعالى :
(أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً)(١) أى ، بعثه الله.
والثانى : أن تكون (ما) مصدرية ، وتقديره ، فاصدع بالأمر.
__________________
(١) ٤١ سورة الفرقان.
غريب إعراب سورة النحل
قوله تعالى : (أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) (١).
أتى : بمعنى يأتى ، أقام الماضى مقام المستقبل ، لتحقيق إثبات الأمر وصدقه.
وقد يقام الماضى مقام المستقبل ، كما يقام المستقبل مقام الماضى ، فإقامة الماضى مقام المستقبل. كقول الشاعر :
١١٤ ـ وكنت أرى كالموت من بين ليلة |
|
فكيف ببين كان ميعاده الحشر (١) |
أى ، يكون ميعاده الحشر.
وإقامة المستقبل مقام الماضى ، كقول الشاعر :
١١٥ ـ وإذا مررت بقبره فانحر له |
|
كوم الهجان وكل طرف سابح |
وانضح جوانب قبره بدمائها |
|
فلقد يكون أخا دم وذبائح (٢) |
__________________
(١) من شواهد (شرح شواهد العينى الكبرى) مخطوط رقم ١٥٩ نحو ، بدار الكتب ورقة ٢٥٤ ، ونسبه إلى سلمة بن يزيد بن مجمع الجعفى من قصيدة مطلعها :
أقول لنفسى فى الخلاء ألومها |
|
لك الويل ما هذا التجلد والصبر |
ويقول : وكان هنا بمعنى يكون للمستقبل من الزمان ـ وانظر (شرح التوضيح والتصحيح) ص ١٢٧ طبعة لجنة البيان العربى ١٣٧٦ ه.
(٢) هذان البيتان من قصيدة طويلة عدتها خمسون بيتا لزياد الأعجم ، رئى بها المغيرة ابن المهلب بن أبى صفرة ، وروى البيت الأول هكذا :
فإذا مررت بقبره فاعقر به |
|
كوم الجلاد وكل طرف سابح |
خزانة الأدب ٤ ـ ١٩٢ طبعة بولاق ١٢٩٩ ه.
أى ، فلقد كان. وهذا كثير فى كلامهم.
قوله تعالى : (يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا) (٢).
أن أنذروا ، فى موضعه وجهان : أحدهما ، على البدل من قوله (الروح). والثانى : النصب بتقدير حذف حرف الجر ، وتقديره ، بأن أنذروا. فحذف الباء فاتصل الفعل به.
قوله تعالى : (لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ) (٧).
الهاء فى (بالغيه) فى موضع جرّ بالإضافة ، وزعم أبو الحسن الأخفش ، أنها فى موضع نصب ، واستدلّ على ذلك بقوله تعالى :
(إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ)(١).
فنصب أهلك بالعطف على الكاف ، ولو لم تكن الكاف فى موضع نصب ، وإلّا لما كان المعطوف عليها منصوبا ، ولا حجة له فى الآية ، لأنه يمكن أن يكون منصوبا بالعطف على موضع المضاف إليه ، لأنه وإن استحقّ أن يكون مجرورا بالإضافة ، فإنّ موضعه النصب ، لأنّ اسم الفاعل إنما يضاف إلى المفعول ، والذى يدل على أنه فى نية الإضافة ، حذف النون منه ، وليس هذا الحذف على حدّ الحذف فى قوله : الحافظو عورة العشيرة. لأنّ الكلام طال بالألف واللام ، لأنهما بمعنى الذى ، فوقع اسم الفاعل صلة ، والحذف للتخفيف فى الصلة كثير فى كلامهم ، بخلاف ههنا فبان الفرق.
قوله تعالى : (وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً) (٨).
هذه الأسماء كلّها منصوبة ، لأنها معطوفة على قوله : (وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ) ، وتقديره ، وخلق الخيل والبغال والحمير.
__________________
(١) ٢٣ سورة العنكبوت.
وزينة ، فى نصبه وجهان. أحدهما : أن يكون منصوبا بفعل مقدّر وتقديره : وجعلها زينة. والثانى : أن يكون منصوبا لأنه مفعول له ، أى ، لزينة.
قوله تعالى : (وَما ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ) (١٣).
فى موضع جرّ ، لأنه معطوف على (ذلك) من قوله : (إنّ فى ذلك) ، وتقديره ، إنّ فى ذلك وما ذرأ لكم.
قوله تعالى : (وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ) (١٥).
أن تميد ، فى موضع نصب على المفعول له ، وفى تقديره وجهان. أحدهما : أن يكون تقديره ، كراهة أن تميد بكم. وكراهة ، منصوب على أنه مفعول له. والثانى : أن يكون تقديره ، لئلّا تميد بكم.
والوجه الأول أوجه الوجهين ، لأن حذف المضاف أكثر من حذف (لا).
قوله تعالى : (وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) (١٦).
وعلامات ، منصوب وفى نصبه وجهان. أحدهما : أن يكون منصوبا بالعطف على قوله : سخّر. أى ، سخّر الليل والنهار وعلامات. والثانى : أن يكون منصوبا بتقدير خلق ، أى ، وخلق لكم علامات.
وقوله تعالى : (وَهُمْ يُخْلَقُونَ (٢٠) أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ) (٢١).
وهم ، مبتدأ. ويخلقون ، خبر. وأموات خبر ثان. أى ، هم مخلوقون أموات ويجوز أن ترفع (أموات) على أنه خبر مبتدأ محذوف وتقديره ، هم أموات.
قوله تعالى : (أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) (٢١).
استفهام عن الزمان بمعنى (متى) وأيّان ، مبنى لتضمنه معنى الحرف ، وهو همزة الاستفهام ، وبنى على حركة لالتقاء الساكنين ، وكانت الحركة فتحة ، لأنها أخفّ الحركات.
قوله تعالى : (ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) (٢٤).
ما ، استفهامية فى موضع رفع ، لأنه مبتدأ.
وذا ، بمعنى الذى وهو خبره. وأنزل ربّكم ، صلته والعائد محذوف ، وتقديره ، أنزله ، فحذف تخفيفا.
ولما كان السؤال فى موضع رفع ، كان الجواب كذلك ، فرفع (أساطير الأولين) على تقدير مبتدأ محذوف ، وتقديره ، هو أساطير الأوّلين.
ولم يجىء نصب الجواب ههنا كما جاء النصب فى الآية التى بعدها ، وهو قوله تعالى : (ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً)(١).
لأن التقدير هناك ، أنزل خيرا. ولا يجوز أن يكون التقدير ، قالوا أنزل أساطير الأولين. وإنما قدّر فى الآية الثانية ، أنزل خيرا. لأنّ (ماذا) جعل بمنزلة كلمة واحدة وهى بمعنى ، أىّ شىء أنزل ربّكم. فكان فى موضع نصب ب (أنزل) فلما كان السؤال منصوبا كان الجواب منصوبا.
قوله تعالى : (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ) (٣٢).
(طيّبين) منصوب على الحال من الهاء والميم فى (تتوفّاهم) وهو العامل فيها.
قوله تعالى : (فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ) (٣٥).
البلاغ ، مرتفع بالظرف عند سيبويه كما يرتفع به عند الأخفش ، لاعتماد الظرف على حرف الاستفهام ، وفرغ الظرف لما بعد إلّا ، كالفعل فى قولك : ما ذهب إلّا زيد.
قوله تعالى : (إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ فَإِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ) (٣٧).
__________________
(١) ٣٠ سورة النحل.
قرئ : يهدى ويهدى.
فمن قرأ : يهدى ، كان فيه ضمير يعود إلى اسم إنّ ، و (من) فى موضع نصب بيهدى ، وتقديره ، (إن الله لا يهدى هو من يضل).
ومن قرأ : لا يهدى من يضل. كان (من) فى موضع رفع ، لأنه مفعول ما لم يسم فاعله.
وفى يضل ، ضمير يعود على اسم (إنّ).
ومفعول يضل محذوف ، وتقديره ، (إن الله لا يهدى من يضله الله).
قوله تعالى : (الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) (٤٢).
الذين يجوز فى موضعه الرفع والنصب.
فالرفع على البدل من (الَّذِينَ هاجَرُوا).
والنصب من وجهين. أحدهما : أن يكون فى موضع نصب على البدل من الهاء والميم فى (لنبوّئنّهم). والثانى : أن يكون منصوبا بتقدير ، أعنى.
قوله تعالى : (إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ) (٥١).
اثنين ، ذكر توكيدا ، بمنزلة واحد فى قوله تعالى :
(إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ)(١).
قوله تعالى : (وَلَهُ الدِّينُ واصِباً) (٥٢).
واصبا ، منصوب على الحال ، والعامل فيه الجار والمجرور ، وهو (له).
قوله تعالى : (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ) (٥٧).
__________________
(١) ١٧١ سورة النساء.
ما ، فى موضعها وجهان. أحدهما : الرفع على أنه مبتدأ ، وخبره (لهم) مقدم (١) عليه. والثانى : أن يكون فى موضع نصب ، لأنه معطوف على قوله : البنات.
وقوله تعالى : سبحانه ، اعتراض بين المعطوف والمعطوف عليه.
قوله تعالى : (وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ) (٦٢).
ألسنة جمع لسان ، واللسان يذكر ويؤنث ، فمن ذكّر قال فى جمعه ألسنة ، ومن أنث قال فى جمعه ألسن ، والقرآن أتى بالتذكير.
والكذب مفعول تصف.
ومن قرأ الكذب بثلاث ضمّات كان مرفوعا على أنه صفة الألسنة.
قوله تعالى : (وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً) (٦٤).
هدى ورحمة ، منصوبان على المفعول له.
قوله تعالى : (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ) (٦٦).
الهاء فى (بطونه) تعود على الأنعام ، على لغة من ذكّره ، فإنه يجوز فيه التذكير والتأنيث ، كما جاء فى سورة المؤمنين :
(وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها) (٢).
وفيه أوجه ، هذا أوجهها.
قوله تعالى : (وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً) (٦٧).
__________________
(١) (مقدرة عليه) فى ب.
(٢) ٢١ سورة المؤمنون.
الهاء فى (منه) تعود على موصوف محذوف وتقديره ، ما تتخذون منه.
و (ما) فى موضع رفع لأنه مبتدأ. وتتّخذون جملة فعلية فى موضع رفع لأنها صفة ل (ما) وحذف الموصوف وأقام الصفة مقامه. كقوله تعالى :
(وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ)(١).
أى ، إلّا من له مقام معلوم ، وتقديره ، إلّا ملك له مقام. وقد قدمنا نظائره.
قوله تعالى : (يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ) (٦٩).
الهاء فى (فيه) فيها وجهان. أحدهما : أنها تعود إلى الشراب. والثانى : أنّها تعود إلى القرآن.
وشفاء للناس ، يرتفع بالظرف على كلا المذهبين ، إذا جعل وصفا لشراب ، كما ارتفع ألوانه بمختلف ، لأنه وصف للشراب.
قوله تعالى : (لِكَيْ (٢) لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً) (٧٠).
شيئا ، منصوب (بعلم) على مذهب البصريين على إعمال الثانى لأنه أقرب ، و (بيعلم) على مذهب الكوفيين على إعمال الأول ، وقد بيّنا وجه إعمال الثانى والأول مستوفى فى كتاب الإنصاف فى مسائل الخلاف (٣).
قوله تعالى : (فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلى ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَواءٌ) (٧١).
فهم فيه سواء ، جملة اسمية فى موضع نصب ، لأنها وقعت جوابا للنفى ، وقامت
__________________
(١) ١٦٤ سورة الصافات.
(٢) (لئلا) فى أ ، ب.
(٣) المسألة ١٣ الإنصاف ١ ـ ٦١.