ويجب بعدها الخطبتان ، وقد أجمع العلماء على أنهما بعد الصلاة في العيدين ، لأنه عليهالسلام فعل ذلك ، وقول الصادق عليهالسلام : الخطبة بعد الصلاة (١).
ولا يجب استماعهما ولا حضورهما ، ولهذا أخرتا عن الصلاة ، ليتمكن المصلي من تركهما ، لقوله عليهالسلام بعد صلاته : إنا نخطب ، فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس ، ومن أحب أن يذهب فليذهب (٢).
فروع :
الأول : لو نسي التكبير أو بعضه ، ثم ذكر قبل الركوع فعله ، لأنه في محله ، وإن ذكره بعد الركوع لم يلتفت ، لفوات محله ولا يقضيه ، وإن قلنا بوجوبه للأصل ، خلافا للشيخ ، ولو قلنا بتقديمه على القراءة وقلنا بوجوبه فذكره في الأثناء ، كبر ثم استأنف القراءة ، ولو ذكره بين القراءة والركوع كبر ، وهل يعيد القراءة؟ إشكال ، ينشأ من أنها وقعت صحيحة ، ومن تقديم التكبير.
الثاني : لو شك في عدد التكبير ، فإن كان لم يقرأ بنى على اليقين ، ولو كان قد قرأ أو في الأثناء فالأقرب الاستمرار وعدم الالتفات للانتقال.
الثالث : لو قدمه على القراءة ناسيا وقلنا بتأخره ، أعاد لبقاء موضعه.
الرابع : لو أدرك المأموم بعض التكبيرات مع الإمام ، أتم مع نفسه قبل أن يركع ، ثم يدرك الإمام ، فإن خاف فوت ركوع الإمام كبر بغير قنوت ، فإن خاف الفوت تركها وقضى بعد التسليم عند الشيخ ، وعلى ما اخترناه فلا قضاء.
ولو أدرك الإمام وهو راكع ، كبّر للافتتاح وركع معه ، ولا يقضي
__________________
(١) وسائل الشيعة ٥ ـ ١٠٧ ح ٩.
(٢) جامع الأصول ٧ ـ ٩٤.
التكبير ، لأنه ذكر فات محله فيفوت ، كذكر الركوع والسجود.
الخامس : الخطبتان هنا كما في الجمعة إجماعا ، إلا أنه ينبغي أن يذكر في خطبة الفطر ما يتعلق بالفطرة ووجوبها وشرائطها وقدر المخرج وجنسه ومستحقه ووقته ، وفي الأضحى حال الأضحية وما يتعلق بها واستحبابها وما يجري فيها ووقت ذبحها وكيفية تفريقها وغير ذلك.
السادس : ينبغي أن يخطب قائما ، لأنه عليهالسلام خرج يوم فطر أو أضحى فخطب قائما ، ثم قعد ، ثم قام (١). وقال أحدهما عليهماالسلام : يخطب قائما ويجلس بينهما كالجمعة (٢) ، وينبغي أن يجلس بينهما لما تقدم من الحديث ، وهل القيام والجلوس واجبان؟ الأقرب ذلك.
وإذا صعد سلم كالجمعة ، وهل يجلس بعد التسليم قبل الخطبة؟
إشكال ، ينشأ من المساواة للجمعة ، فيجلس للاستراحة عن تعب الصعود ، وللتأهب للخطبة ، وتأهب الناس لاستماعها ، ومن أن الجلوس في الجمعة لانتظار الأذان.
السابع : يستحب للنساء استماع الخطبتين كالرجال ، لأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لما صلى العيد قام متكئا على بلال ، فأمر بتقوى الله وحث على طاعته ووعظ الناس فذكرهم ، ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن (٣).
وقالت أم عطية : كنا نؤمر أن نخرج يوم العيد حتى يخرج البكر والحيض يرجون بركة ذلك اليوم (٤).
والأولى بالصواب أن لا يخرجن من بيوتهن ، لقول الصادق عليهالسلام : لا يخرجن (٥) ، وقد روى عبد الله بن سنان قال : إنما رخص رسول الله صلى
__________________
(١) جامع الأصول ٧ ـ ٩٢.
(٢) وسائل الشيعة ٥ ـ ١١٠.
(٣) جامع الأصول ٧ ـ ٨٩.
(٤) جامع الأصول ٧ ـ ٩٩.
(٥) وسائل الشيعة ٥ ـ ١٣٤ ح ٢.
الله عليه وآله للعواتق في الخروج في العيدين للتعرض للرزق (١).
المطلب الثالث
( في سننها )
وهي أمور :
الأول : يستحب الغسل يومي العيدين إجماعا ، لأن عليا عليهالسلام كان يفعله ، ووقته بعد طلوع الفجر ، لإضافته إلى اليوم ، ولحصول الغرض من التطيب ، وقطع الرائحة الكريهة معه.
وكما يستحب الغسل نهارا كذا يستحب ليلا استحبابا عاما لحاضر العيد وغيره ، لأنه يوم زينة. ولو احتاج إلى قصد العيد من قرية قبل الفجر ، فالأولى جواز إيقاعه حينئذ للضرورة ، فإن تمكن من إعادته بعده أعاد.
الثاني : يستحب أن يتطيب يوم العيد ، ويتنظف بحلق الشعر ، وقلم الأظفار ، وقطع الروائح الكريهة ، وأن يلبس أفخر ثيابه ، سواء خرج إلى الصلاة أو قعد في بيته ، ويتعمم شتاء أو صيفا ، قال عليهالسلام : ما على أحدكم أن يكون له ثوبان سوى ثوبي مهنته وعيده (٢).
ويحرم على الرجال التزين بالحرير دون النساء ، لأنه عليهالسلام قال وفي يديه قطعتان ذهب وحرير : هذان حرام على ذكور أمتي حل لإناثها (٣) ، والقز من الحرير ، ولا بأس بالممتزج من الإبريسم وغيره ، وإن كان الإبريسم أكثر ما لم يخرج.
الثالث : يستحب إذا تزين القصد إلى الصحراء ، فإن الإصحار بها أفضل ، إلا بمكة فإن المسجد أولى من الصحراء ، لفضيلة البقعة ، ولا يلحق
__________________
(١) وسائل الشيعة ٥ ـ ١١٣٣ ح ١.
(٢) سنن ابن ماجة ١ ـ ٣٤٨.
(٣) سنن ابن ماجة ٢ ـ ١١٨٩.
بيت المقدس به ، أما سائر البلاد فالإصحار أفضل ، سواء اتسع المسجد للناس أو لا ، لأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يخرج إلى المصلى ويترك مسجده (١) ، ولا يترك الأفضل مع قربه ويقصد الأنقص مع بعده ، مع شرف مسجده.
وقيل لعلي عليهالسلام : قد اجتمع في المسجد ضعفاء الناس ، فلو صليت بهم في المسجد؟ فقال : أخالف السنّة إذن ولكن يخرج إلى المصلى (٢). وقال الصادق عليهالسلام : يخرج الإمام إلى البر حيث ينظر إلى آفاق السماء (٣). وقال الصادق عليهالسلام : السنّة على أهل الأمصار أن يبرزوا من أمصارهم في العيدين إلا أهل مكة فإنهم يصلون في المسجد (٤).
ولا ينبغي للإمام أن يستخلف أحدا يصلي العيدين في المساجد بضعفة الناس ، لسقوط الصلاة عن العاجز.
وقال الباقر عليهالسلام : قال الناس لأمير المؤمنين عليهالسلام : ألا تخلف رجلا يصلي العيدين بالناس؟ فقال : لا أخالف السنّة (٥).
الرابع : يستحب الخروج ماشيا على سكينة ووقار ذاكرا ، للإجماع ، وأن يكون حافيا ، لأنه أبلغ في الخضوع ، ومشى الرضا عليهالسلام إلى المصلى حافيا (٦) ، ولو كان عذر جاز الركوب.
ويستحب في العود المشي أيضا إلا من عذر ، لأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يخرج إلى العيد ماشيا ويرجع ماشيا (٧).
الخامس : الأذان والإقامة في العيدين بدعة إجماعا ، لأن النبي صلى الله
__________________
(١) وسائل الشيعة ٥ ـ ١١٧ ح ١.
(٢) وسائل الشيعة ٥ ـ ١١٩ ح ٩.
(٣) وسائل الشيعة ٥ ـ ١١٨ ح ٦.
(٤) وسائل الشيعة ٥ ـ ١١٨ ح ٨.
(٥) وسائل الشيعة ٥ ـ ١١٩ ح ٩.
(٦) وسائل الشيعة ٥ ـ ١٢٠ ح ١.
(٧) جامع الأصول ٧ ـ ٩٧.
عليه وآله صلى غير مرة بغير أذان ولا إقامة (١). وسئل الصادق عليهالسلام عن صلاة العيدين فيها أذان وإقامة؟ قال : لا ، ولكن ينادي « الصلاة » ثلاثا (٢).
ولو قال : « الصلاة جامعة » أو « هلموا إلى الصلاة » جاز ، لكن الأفضل التوقي من عبارة الأذان مثل « حي على الصلاة ».
السادس : لا ينقل المنبر من موضعه ، بل يعمل منبرا من طين ، لأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لم ينقله. وقال الصادق عليهالسلام : لا يحرك المنبر من موضعه ، ولكن يصنع شبه المنبر من طين يقوم عليه فيخطب الناس (٣) وعليه إجماع العلماء.
السابع : يستحب أن يسجد على الأرض ، لأن الصادق عليهالسلام أتي بخمرة يوم الفطر فأمر بردها وقال : هنا كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يحب أن ينظر إلى آفاق السماء ويضع جبهته على الأرض (٤).
الثامن : يستحب أن يطعم في الفطر قبل خروجه ، فيأكل شيئا من الحلوة ، وبعد عوده في الأضحى مما يضحى به ، لأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم ، ولا يطعم يوم الأضحى حتى يرجع (٥).
ولأن الفطر واجب ، فاستحب تعجيله لإظهار المبادرة إلى الطاعة ، وليتميز عما قبله من وجوب الصوم وتحريم الأكل ، بخلاف يوم النحر ، حيث لم يتقدمه صوم واجب وتحريم الأكل ، فاستحب تأخير الأكل فيه ليتميز عن الفطر.
ويستحب أن يأكل في الفطر شيئا من الحلوة ، لأن النبي صلى الله عليه
__________________
(١) جامع الأصول ٧ ـ ٨٧.
(٢) وسائل الشيعة ٥ ـ ١٠١ ح ١.
(٣) وسائل الشيعة ٥ ـ ١٣٧.
(٤) وسائل الشيعة ٥ ـ ١١٨ ح ٥.
(٥) جامع الأصول ٧ ـ ٩٧.
وآله قل ما كان يخرج يوم الفطر حتى يأكل تمرات ثلاثا أو خمسا أو سبعا ، أو أقل من ذلك وأكثر (١).
التاسع : يستحب التكبير في عيد الفطر على الأقوى للأصل ، وقيل : بالوجوب لقوله تعالى ( وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ ) (٢) قال المفسرون : لتكملوا عدة صوم رمضان ، ولتكبروا الله عند إكماله على ما هداكم.
وكان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يخرج يوم الفطر والأضحى رافعا صوته بالتكبير (٣). وقال الصادق عليهالسلام : أما إن في الفطر تكبيرا ، ولكنه مستحب (٤).
وهو عقيب أربع صلوات : أولاهن مغرب ليلة الفطر ، وآخرهن صلاة العيد ، وسئل الصادق عليهالسلام عن التكبير أين هو؟ فقال عليهالسلام : في ليلة الفطر في المغرب والعشاء والفجر وصلاة العيد (٥).
ويستحب رفع الصوت به ، لأن فيه إظهارا لشعائر الإسلام.
العاشر : ويستحب التكبير أيضا في الأضحى بمعنى عقيب خمس عشرة صلاة : أو لها ظهر الفجر وآخرها صبح الثالث من أيام التشريق ، لقوله تعالى ( وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيّامٍ مَعْدُوداتٍ ) (٦) وهي أيام التشريق ، وليس فيها ذكر زائد مأمور به سوى التكبير ، لأن عليا عليهالسلام كبّر كما قلناه (٧).
وقول الصادق عليهالسلام : التكبير في أيام التشريق عقيب صلاة الظهر
__________________
(١) جامع الأصول ٧ ـ ٩٧.
(٢) سورة البقرة : ١٨٥.
(٣) جامع الأصول ٧ ـ ٨٦.
(٤) وسائل الشيعة ٥ ـ ١٣٣ ح ٢.
(٥) وسائل الشيعة ٥ ـ ١٢٣ ح ٦.
(٦) سورة البقرة : ٢٠٣.
(٧) وسائل الشيعة ٥ ـ ١٢٥ ح ٦.
يوم النحر ، ثم يكبّر عقيب كل فريضة إلى صبح الثالث من أيام التشريق (١).
ولأن الناس تبع للحاج ، والحاج يقطعون التلبية مع أول حصاة ، ويكبرون مع الرمي ، وإنما يرمون يوم النحر ، فأول صلاة بعد ذلك الظهر ، وآخر صلاة يصلون بمنى فجر الثالث من أيام التشريق.
وإن كان بغير منى ، كبّر عقيب عشر صلوات : أولها ظهر النحر ، وآخرها صبح الثاني من أيام التشريق ، لقول الصادق عليهالسلام : التكبير في الأمصار عقيب عشر صلوات ، فإذا نفر الحاج النفر الأول أمسك أهل الأمصار ، ومن أقام بمنى فصلى الظهر والعصر فليكبر (٢) ، ولأن الناس في التكبير تبع للحاج ، ومع النفر الأول يسقط التكبير ، فيسقط عمن ليس بمنى. والأقرب استحباب هذا التكبير ، لأصالة البراءة.
والأشهر في صفته أن يقول في عيد الفطر : الله أكبر ( مرتين ) لا إله إلا الله والله أكبر على ما هدانا ، وله الحمد على ما أولانا ، ويزيد في الأضحى : ورزقنا من بهيمة الأنعام للرواية (٣).
والتكبير عقيب الفرائض المذكورة دون النوافل ، لقول الباقر والصادق عليهماالسلام : التكبير بمنى في دبر خمس عشرة صلاة ، وفي سائر الأمصار عقيب عشر صلوات آخرها صبح الثالث أو الثاني (٤) ، ولأنها نوافل فلا يكبر عقيبها ، كنوافل عرفة.
وإذا أدرك المأموم بعض صلاة الإمام ، أتم بعد تسليم إمامه ، ولا يتابعه في التكبير ، لأن الإمام يكبر بعد خروجه ، فإذا أتم المأموم صلاته كبر عقيبها.
وهو مستحب للجامع والمنفرد ، والحاضر والمسافر ، في بلد كان أو في قرية ، صغيرة أو كبيرة ، ذكرا كان أو أنثى ، حرا أو عبدا ، لعموم الأخبار.
__________________
(١) وسائل الشيعة ٥ ـ ١٢٤ ح ٤.
(٢) وسائل الشيعة ٥ ـ ١٢٣ ح ١.
(٣) وسائل الشيعة ٥ ـ ١٢٤.
(٤) وسائل الشيعة ٥ ـ ١٢٣ ح ٢.
وقول علي عليهالسلام : وكل من صلى وحده (١).
وإذا فاتته صلاة من هذه الصلوات ، فقضاها كبّر وإن فاتت أيام التشريق ، لقوله عليهالسلام : من فاتته صلاة فليقضها كما فاتته (٢) ، ولو ترك الإمام التكبير كبر المأموم ، ولو نسي التكبير ، كبّر حيث ذكر.
الحادي عشر : يستحب إحياء ليلتي العيدين بفعل الطاعات ، لقوله عليهالسلام : من أحيا ليلتي العيدين لم يمت قلبه يوم يموت القلوب (٣) ، وما يضاف إلى القلب فإنه أعظم وقعا ، لقوله تعالى ( فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ ) (٤) وموت القلب الكفر في الدنيا والفزع في الآخرة.
الثاني عشر : يستحب إذا مشى في طريق أن يرجع في غيرها ، لأنه عليهالسلام فعلها (٥) ، قصدا لسلوك الأبعد في الذهاب ، ليكثر ذهابه بكثرة خطواته إلى الصلاة ، ويعود في الأقرب لأنه أسهل ، وهو راجع إلى منزله ، أو ليشهد له الطريقان ، أو ليتساوي أهل الطريقين في التبرك بمروره وسرورهم برؤيته ، وينتفعون بمسألته ، أو ليتصدق عليهما ، أو ليتبرك الطريقان بوطئه عليهما فيتابع للتأسي. وإن اختص المعنى به كالرمل والاصطباغ في طواف القدوم فعله هو وأصحابه ، لإظهار الجلد للكفار وبقي سنّة بعده.
الثالث عشر : يترك السلاح ، فإن الخروج به مكروه ، لمنافاته الخضوع والاستكانة ، إلا مع خوف العدو ، لقول الباقر عليهالسلام : نهى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يخرج السلاح في العيدين إلا أن يكون عدوا ظاهرا (٦).
الرابع عشر : يستحب التعريف عشية عرفة بالإحضار في المساجد ، لما
__________________
(١) وسائل الشيعة ٥ ـ ٩٨ ما يدل على ذلك.
(٢) عوالي اللئالي ٣ ـ ١٠٧.
(٣) وسائل الشيعة ٥ ـ ١٣٨ ح ١ و ٢.
(٤) سورة البقرة : ٢٨٣.
(٥) جامع الأصول ٧ ـ ٩٨.
(٦) وسائل الشيعة ٥ ـ ١١٦.
فيه من الاجتماع لذكر الله تعالى ، وفعله ابن عباس بالبصرة ، وقول الصادق عليهالسلام : من لم يشهد جماعة الناس في العيدين ، فليغتسل وليتطيب وليصل وحده كما يصلي في الجماعة (١).
وفي يوم عرفة يجتمعون بغير إمام في الأمصار يدعون الله عز وجل.
__________________
(١) وسائل الشيعة ٥ ـ ٩٨ ح ١.
الفصل الثالث
( في صلاة الآيات )
وفيه مطالب :
المطلب الأول
( في الكيفية )
هذه الصلاة ركعتان تشتمل كل ركعة على خمس ركوعات وسجدتين ، لأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ركع خمس ركوعات ثم سجد سجدتين ، وفعل في الثانية مثل ذلك (١) ، وصلى علي عليهالسلام مثل ذلك (٢) ، وقال الباقر عليهالسلام : هي عشر ركوعات بأربع سجدات (٣).
وكيفيتها : أن ينوي ويكبّر للافتتاح ، ثم يقرأ الحمد وسورة أيها شاء أو بعضها ، ثم يركع فيذكر الله تعالى ، ثم ينتصب ، فإن كان قد قرأ أولا السورة كملا قرأ الحمد ثانيا وسورة أو بعضها ، ثم يركع ويذكر الله تعالى ، ثم ينتصب ، فإن كان قد أتم السورة قرأ الحمد وسورة أو بعضها ، وهكذا خمس مرات ، ثم يسجد سجدتين بعد انتصابه من الخامس بغير قراءة ، ثم يقوم فيعتمد في الثانية ما فعله في الأولى إلا النية وتكبيرة الإحرام ، ثم سجد مرتين
__________________
(١) جامع الأصول ٧ ـ ١٢٥.
(٢) وسائل الشيعة ٥ ـ ١٥٠ ح ١.
(٣) وسائل الشيعة ٥ ـ ١٤٩ ح ٢.
كالأولى ، ثم يتشهد ويسلم.
وكل قيام لم يكمل فيه السورة إذا انتصب من الركوع بعده ، يتمم السورة أو بعضها من غير أن يقرأ الحمد ، لقول أحدهما عليهماالسلام : تبدأ فتكبر لافتتاح الصلاة ، ثم تقرأ أم الكتاب وسورة ثم تركع ، ثم ترفع رأسك من الركوع فتقرأ أم الكتاب وسورة ، ثم تركع الثالثة ، ثم ترفع رأسك من الركوع فتقرأ أم الكتاب وسورة ، ثم تركع الرابعة ، ثم ترفع رأسك من الركوع فتقرأ أم الكتاب وسورة ، ثم تركع الخامسة ، فإذا رفعت رأسك قلت : سمع الله لمن حمده ، ثم تخر ساجدا فتسجد سجدتين ، ثم تقوم فتصنع مثل ما صنعت في الأولى ، قال قلت : وإن هو قرأ سورة واحدة في الخمس ركعات يفرقها بينها؟ قال : أجزأه أم القرآن في أول مرة ، وإن قرأ خمس سور فمع كل سورة أم القرآن (١).
ولا خطبة لهذه الصلاة ولا النفل ، ولا يجوز أن يصلي على الراحلة ولا مشيا إلا مع الضرورة ، لأنها فريضة للرواية (٢).
فروع :
الأول : لو قرأ في القيام الأول الحمد وبعض السورة ، هل يتعين عليه في الثاني الابتداء من الموضع الذي انتهى إليه ، أو يجوز له أن يقرأ من أي موضع اتفق؟ الأحوط الأول.
الثاني : لو قرأ بعض السورة في الأول ، هل يجوز له العدول إلى سورة أخرى؟ ظاهر كلامه في المبسوط (٣) ذلك. فيتعين أن يقرأ الحمد أولا على إشكال ، ينشأ من سقوط وجوبها في البعض ، ففي الجميع أولى ، ومن وجوب الحمد مع السورة الكاملة.
__________________
(١) وسائل الشيعة ٥ ـ ١٤٩ ح ١.
(٢) وسائل الشيعة ٥ ـ ١٥٧.
(٣) المبسوط ١ ـ ١٧٣.
الثالث : لو قرأ بعض السورة في الأولى ، وسوغنا العدول أو الابتداء بأي موضع شاء ، جاز له أن يبتدئ من أول السورة التي قطعها. ولو لم نجوزها فهل يجوز الابتداء من أول السورة؟ الأقرب ذلك.
وعلى التقديرين هل يتعين الفاتحة حينئذ؟ إشكال ، ينشأ من إجزاء بعضها بغير الحمد فالكل أولى ، ومن وجوب قراءة الحمد مع الابتداء بأول السورة.
الرابع : هل يجب إكمال السورة في الخمس؟ الأقرب ذلك ، لصيرورتها حينئذ بمنزلة ركعة ، فيجب فيها الحمد وسورة.
وهل يجوز أن يقرن بين سورتين أو ثلاث؟ الأقرب ذلك ، لجواز أن يقرأ خمس سور وسورة واحدة فجاز الأوسط.
الخامس : أنه يجوز أن يقرأ في الخمس سورة وبعض أخرى ، فإذا قام إلى الثانية ، فالأقرب وجوب الابتداء بالحمد ، لأنه قيام عن سجود ، فوجب فيه الفاتحة ، ثم يبتدئ بسورة من أولها ، ثم إما أن يكملها ، أو يقرأ بعضها. ويحتمل ضعيفا أن يقرأ من الموضع الذي انتهى إليه أولا من غير أن يقرأ الفاتحة ، لكن يجب أن يقرأ الحمد في الثانية ، بحيث لا يجوز له الاكتفاء بالحمد مرة في الركعتين.
وهل يجوز أن يقرأ الحمد في الركعتين وسورة واحدة فيهما؟ الأقرب المنع.
السادس : الأقرب أنه إذا قرأ في قيامه بعض سورة ، أن لا يقرأ في القيام الذي يليه بعضا من أخرى ، بل إما أن يكمل الأولى ، أو يقرأ من الموضع الذي انتهى إليه بعضها.
المطلب الثاني
( في السنن )
وهي :
الأول : يستحب إيقاعها تحت السماء ، لأنه سائل لرد النور فأشبهت صلاة الحوائج والاستسقاء ، وقول الباقر عليهالسلام : وإن استطعت أن تكون صلاتك بارزا ألا يجنك بيت فافعل (١).
الثاني : الجماعة ، لاشتمالها على سؤال فأشبهت الاستسقاء ، وصلاها النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في جماعة (٢).
وكذا ابن عباس في عهد علي عليهالسلام ، وقول الصادق عليهالسلام : إذا انكسفت الشمس أو القمر ، فإنه ينبغي للناس أن يفزعوا إلى الإمام يصلي بهم (٣).
الثالث : يستحب أن يدعو بالتوجه عقيب تكبيرة الافتتاح كغيرها من الفرائض.
الرابع : يستحب أن يقرأ بسور الطوال مع السعة مثل الكهف والأنبياء ، لأن الباقر عليهالسلام كان يستحب أن يقرأ فيها بالكهف والحجر ، إلا أن يكون إماما يشق على من خلفه (٤).
الخامس : يستحب الإطالة بقدر الكسوف ، لأن الباقر عليهالسلام قال : كسفت الشمس في زمن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فصلى بالناس ركعتين وطوّل حتى غشي على بعض القوم ممن كان وراءه من طول القيام (٥). ولأن الغرض استدفاع الخوف وطلب رد النور ، فينبغي الاستمرار باستمراره.
__________________
(١) وسائل الشيعة ٥ ـ ١٥١ ح ٦.
(٢) جامع الأصول ٧ ـ ١١٠.
(٣) وسائل الشيعة ٥ ـ ١٥٧ ح ٢.
(٤) وسائل الشيعة ٥ ـ ١٥١ ح ٦.
(٥) وسائل الشيعة ٥ ـ ١٥٤ ح ١.
السادس : يستحب إطالة السجود والركوع ، وينبغي أن يكون زمان ركوعه بقدر قراءته ، لقول الباقر عليهالسلام : وتطيل القنوت على قدر القراءة والركوع والسجود ، فإن تجلى قبل أن يفرغ فأتم ما بقي (١) ، وقال الباقر عليهالسلام : ويطيل الركوع والسجود (٢).
السابع : يستحب أن يكبّر كلما انتصب من الركوع إلا في الخامس والعاشر ، فإنه يقول : سمع الله لمن حمده ، ولأن الركوعات وإن تكررت فهي تجري مجرى ركعة واحدة ، فيكون « سمع الله لمن حمده » في آخرها كغيرها من الفرائض.
الثامن : يستحب أن يقنت خمس مرات في القيام الثاني من الركوعات والرابع والسادس والثامن والعاشر ، لقول الباقر والصادق عليهماالسلام : والقنوت في الركعة الثانية قبل الركوع ، ثم في الرابعة والسادسة والثامنة والعاشرة (٣) ، ولأنه سائل والقنوت مظنة الإجابة فشرع ، كما قنت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على المشركين.
التاسع : يستحب الجهر بالقراءة في الكسوفين ، لأن النبي وعليا عليهماالسلام جهرا بالقراءة في كسوف الشمس (٤) ، ولو خافت ، لم يكن به بأس.
المطلب الثالث
( في الموجب )
هذه الصلاة تجب عند كسوف الشمس وخسوف القمر ، لقوله عليهالسلام : إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته ، فإذا رأيتم ذلك فصلوا (٥).
__________________
(١) وسائل الشيعة ٥ ـ ١٥١ ح ٦.
(٢) نفس المصدر.
(٣) وسائل الشيعة ٥ ـ ١٤٩ ح ١.
(٤) جامع الأصول ٧ ـ ١٠٨.
(٥) جامع الأصول ٧ ـ ١٢٦.
وتجب عند الزلزلة ، لأنه عليهالسلام علل الكسوف بأنه آية من آيات الله يخوف بها عباده ، وصلى ابن عباس للزلزلة ، وقال الباقر والصادق عليهماالسلام : إن صلاة كسوف الشمس وخسوف القمر والرجفة والزلزلة عشر ركعات وأربع سجدات (١). ولأن المقتضي وهو الخوف موجود ، فثبت معلوله.
وتجب أيضا لأخاويف السماء ، كالظلمة الشديدة العارضة ، والحمرة الشديدة ، والرياح العظيمة المخوفة السود والصفر والصيحة ، لعموم قوله عليهالسلام : إن هذه الآيات (٢) ، وقول الباقر عليهالسلام : كل أخاويف السماء من ظلمة أو ريح أو فزع فصل له صلاة الكسوف حتى يسكن (٣) ، ولوجود العلة فيه وهو الخوف.
ولا تجب لغير هذه من الأمور المخوفة كالسبع واللص وغيرهما.
وهل تجب في كسف بعض الكواكب بعضا ، أو كسف أحد النيرين بشيء من الكواكب؟ كما قال بعضهم إنه شاهد الزهرة في جرم الشمس كاسفة لها ، إشكال ينشأ من عدم النص وأصالة البراءة وخفائه ، لعدم دلالة الحس عليه ، وإنما يستند في ذلك إلى قول من لا يوثق به كالمنجم ، ومن كونه آية مخوفة ، فشارك النيرين في الحكم ، والأقوى الأول.
المطلب الرابع
( في الوقت )
وقت صلاة الكسوف والخسوف من حين الابتداء في الكسف إلى ابتداء الانجلاء ، لزوال الحذر وحصول رد النور ، وقول الصادق عليهالسلام : إذا انجلى منه شيء فقد انجلى (٤).
__________________
(١) وسائل الشيعة ٥ ـ ١٤٩ ح ١.
(٢) المتقدم آنفا.
(٣) وسائل الشيعة ٥ ـ ١٤٤ ح ١.
(٤) وسائل الشيعة ٥ ـ ١٤٦ ح ٣.
وأما الرياح المظلمة والظلمة والحمرة الشديدتين ، فوقت صلاتها مدتها.
والزلزلة وقتها مدة العمر ، فيصلي أداء وإن سكنت ، وكذا الصيحة ، لأنها من قبيل الأسباب لا الأوقات ، لتعذر الصلاة فيه لقصوره جدا. ويحتمل أن يكون سببا للفورية ، فيجب الابتداء بالصلاة حين وقوعه.
ويمتد الوقت بامتداد الصلاة ، ثم يخرج ويصير قضاء ، لكن الأول أولى. ويحتمل في البلاد التي تستمر فيها الزلزلة زمانا طويلا كون الوقت منوطا بها.
والضابط : أن كل آية يقصر زمانها عن فعل العبادة فإنها سبب ، وما لا يقصر فإنها وقت ، ولو قصر في بعض الأوقات سقطت.
وإذا علم بالكسوف أو الخسوف وأهمل الصلاة عمدا أو نسيانا حتى خرج الوقت ، قضاها واجبا ، سواء احترق جميع القرص أو بعضه ، لعموم قوله عليهالسلام : من فاتته صلاة فريضة فليقضها إذا ذكرها (١). وقول الباقر عليهالسلام : من نسي صلاة أو نام عنها فليقضها إذا ذكرها (٢). وقول الصادق عليهالسلام في صلاة الكسوف : إن أعلمك أحد وأنت نائم ، فعلمت ثم غلبتك عينك فلم تصل ، فعليك قضاؤها (٣).
وقول الشيخ : إن احترق البعض وتركها نسيانا لم يقض (٤) ، إن قصد الحقيقة فليس بجيد ، وإن قصد الجهل فحق.
ولو لم يعلم الكسوف حتى انجلى ، فإن كان قد احترق القرص كله وجب القضاء ، وإلا فلا على الأقوى ، لقول الصادق عليهالسلام : إذا انكسف القمر ولم تعلم حتى أصبحت ، ثم بلغك فإن احترق كله فعليك القضاء ، وإن
__________________
(١) جامع الأصول ٦ ـ ١٣٤ مع تفاوت يسير.
(٢) وسائل الشيعة ٥ ـ ٣٥٠.
(٣) وسائل الشيعة ٥ ـ ١٥٦ ح ١٠.
(٤) المبسوط ١ ـ ١٧٢.
لم يحترق كله فلا قضاء عليك (١) ، وقال عليهالسلام أيضا : إذا انكسفت الشمس كلها ولم تعلم وعلمت فعليك القضاء ، وإن لم يحترق كلها فلا قضاء عليك (٢).
ولأصالة براءة الذمة مع عدم الاستيعاب ، وعموم من نام عن صلاة أو نسيها معه ، والتخصيص للتفريط والإهمال للعبادة ، وترك التعرض لاستعلام حال النيرين ، وطول مدة الاستيعاب وقصور مدة غيره.
أما جاهل غيرهما مثل الزلزلة والرياح والظلمة الشديدة ، فيحتمل سقوطها عنه ، للأصل وزوال الموجب وهو الحذر ، بخلاف العامد لتفريطه ، فجاز أن يعاقب بالقضاء. ووجوب قضائها لعموم الأخبار. ويحتمل في الزلزلة قويا الإتيان بها ، لأن وقتها العمر.
ولا تسقط هذه الصلاة بغيبوبة الشمس منخسفة ، عملا بالاستصحاب. وكذا الخسوف لا يسقط صلاته بغيبوبة القمر منخسفا إجماعا ، ولا يسقطان بستر السحاب إجماعا ، لأصالة البقاء.
ولو طلعت الشمس والقمر منخسفة ، لم تسقط صلاته ، عملا بالموجب ، وكذا لو طلع الفجر.
ولو فرغ من الصلاة قبل الانجلاء فالمشهور سقوط الوجوب للامتثال ، إذ ليس مقتضى الأمر التكرار ، نعم يستحب إعادة الصلاة ، لأن المقتضي للمشروعية باق ، وقول الصادق عليهالسلام : إذا فرغت قبل أن ينجلي فأعد (٣) ، وليس للوجوب ، لقول الباقر عليهالسلام : فإذا فرغت قبل أن ينجلي فاقعد وادع الله حتى ينجلي (٤). وأوجب بعض علمائنا الإعادة ، ومنع منها آخرون وجوبا واستحبابا.
__________________
(١) وسائل الشيعة ٥ ـ ١٥٥ ح ٤.
(٢) وسائل الشيعة ٥ ـ ١٥٥ ح ٢.
(٣) وسائل الشيعة ٥ ـ ١٥٣ ح ١.
(٤) وسائل الشيعة ٥ ـ ١٥١ ح ٦.
ويستحب الدعاء والذكر والاستغفار والتكبير والتضرع إلى الله تعالى ، لقوله عليهالسلام : فافزعوا إلى ذكر الله تعالى ودعائه واستغفاره (١). وقالت أسماء : كنا نؤمر بالعتق في الكسوف (٢) ، ولأنه محذور فيبادر إلى طاعة الله تعالى ليكشف عن عباده.
وأي وقت حصل السبب ، وجبت الصلاة ، وإن كان أحد الأوقات الخمسة ، لأنها صلاة فرض فلا يتناولها النهي ، وقوله عليهالسلام : فإذا رأيتم ذلك فصلوا (٣) ، وقول الصادق عليهالسلام : وقت صلاة الكسوف في الساعة التي تنكسف عند طلوع الشمس وعند غروبها (٤) ، ولأنها ذات سبب.
ولو اتفق وقت فريضة حاضرة ، فإن اتسع الوقتان قدم الحاضرة استحبابا ، لأن العناية بها أتم ، ولهذا شرع لها قطع الكسوف لو دخلت لا وجوبا ، لأنها موسعة.
ولو تضيق الوقتان ، قدمت الحاضرة وجوبا ، ثم إن فرط في صلاة الكسوف بالتأخير وجب القضاء ، وإلا فلا.
ولو تضيقت إحداهما تعينت للتقديم ، ثم يصلي الأخرى بعدها ، جمعا بين الفريضتين.
ولو ضاق وقت الكسف عن إدراك ركعة ، لم تجب ، بخلاف الزلزلة ، فإنها سبب في الوجوب لا وقت له.
ولو اتسع لركعة وقصر عن أخف صلاة ، احتمل الوجوب ، لقوله عليهالسلام : من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (٥). ومن استحالة فرض
__________________
(١) جامع الأصول ٧ ـ ١١٨.
(٢) جامع الأصول ٧ ـ ١١٥.
(٣) جامع الأصول ٧ ـ ١٢٣.
(٤) وسائل الشيعة ٥ ـ ١٤٦.
(٥) سنن ابن ماجة ١ ـ ٣٥٦.
وقت لعبادة يقصر عنها عقلا ، إلا أن يكون القصد القضاء ، ولم يثبت القصد هنا.
فلو اشتغل أحد المكلفين بها في الابتداء ، وخرج الوقت وقد أكمل ركعة ، فعلى الأول يجب عليه الإكمال ، ولا يجب على الثاني. أما الآخر فلا يجب عليه القضاء على التقديرين.
ولو ضاق الوقت عن العدد ، لم يجز الاقتصار على الأقل.
ولو اتسع للأكثر ، لم يجز الزيادة ، لأنها فريضة مقدرة شرعا ، فلا يجوز الزيادة عليها ، كالفرائض اليومية.
فروع :
الأول : لو تلبس بصلاة الكسوف وتضيق وقت الحاضرة وخاف فوتها لو أتم الكسوف ، قطعها إجماعا وصلى الحاضرة ، لقوله الصادق عليهالسلام تخشى فوت الفريضة قال : اقطعوها وصلوا الفريضة وعودوا إلى صلاتكم (١). إذا ثبت هذا.
فإذا قطع وصلى الفريضة هل يستأنف الكسوف ، أو يبتدئ من حيث قطع؟ الشيخان والمرتضى على الثاني للرواية (١) ، ويحتمل الأول ، لأنه فعل كثير ، والرواية متأولة بالعود إلى ابتداء الصلاة.
الثاني : لو اشتغل بالكسوف وخشي فوت الحاضرة لو أتمها ، وفوت الكسوف لو اشتغل بالحاضرة ، احتمل تقديم الحاضرة ، لأولويتها فيقطع
__________________
(١) وسائل الشيعة ٥ ـ ١٤٧ ح ٣.
(٢) وهي صحيح محمد بن مسلم وبريد بن معاوية عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهماالسلام قالا :
إذا وقع الكسوف أو بعض هذه الآيات فصلها ما لم تتخوف أن يذهب وقت الفريضة ، فإن تخوفت فابدأ بالفريضة واقطع ما كنت فيه من صلاة الكسوف ، فإذا فرغت من الفريضة فارجع إلى حيث كنت قطعت واحتسب بما مضى. وسائل الشيعة ٥ ـ ١٤٨ ح ٤. والرواية صريحة في القول الثاني ، فالتأويل غير صحيح.