درج الدّرر في تفسير القرآن ّالعظيم - ج ٢

عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني

درج الدّرر في تفسير القرآن ّالعظيم - ج ٢

المؤلف:

عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني


المحقق: د. طلعت صلاح الفرحات / د. محمّد أديب شكور
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الفكر ناشرون وموزعون
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
9957-07-514-9

الصفحات: ٨٠٢
الجزء ١ الجزء ٢

(كَرَمادٍ) : ما (١) تفتّت بالاحتراق. والمراد بالتشبيه حبوط الأعمال.

وإنما يوصف (٢) اليوم بأنّه عاصف ؛ لأنّ اليوم يوصف بما يحدث فيه على سبيل المجاز ، وقال الراجز :

يومين غيمين

ويوما شمسا (٣)

ونقول : يوم حارّ ويوم بارد ، وإنما الحرارة والبرودة للجوهر في الحقيقة (٤) دون الأحوال ، والأيّام جديد محدث ، وهو ضدّ القديم العتيق.

٢٠ ـ (بِعَزِيزٍ) : بصعب ممتنع.

٢١ ـ (وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً) : عرضوا (٥) على (٦) الله للحساب.

(تَبَعاً) : جمع تابع ، كحرس وحارس ، ورصد وراصد.

(فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا) : يحتمل : الإنكار على سبيل التعجيز والاستفهام ، والطلب على سبيل نفا (٧) الجهل ، واعتقاد الكفر.

وجوابهم بأن (لَوْ هَدانَا اللهُ لَهَدَيْناكُمْ) يحتمل معنيين : لو هدانا الله في الدنيا إلى دين الإسلام ، لهديناكم إليه ، وهذا على سبيل الاعتذار. والثاني : لو هدانا الله اليوم إلى محيص لهديناكم إليه ، ولكنّه لم يهدنا ، فنحن باقون في العذاب.

عن أبيّ بن كعب (٨) : (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) [المطففين : ٦] قال : يقومون ثلاث مئة عام لا يؤذن (٩) لهم فيقعدوا ، وأما المؤمنون فيهوّن عليهم ، كما تهون المكتوبة. (١٠)

عن خيثمة (١١) ، قال : كنّا عند ابن عمر ، فقلنا : إنّ عبد الله بن مسعود (١٢) ، رضي الله عنهما ،

__________________

(١) ساقطة من ك.

(٢) ك وع وأ : يوصفه.

(٣) ينظر : تفسير الطبري ٧ / ٤٣١.

(٤) ك : الحقيقي.

(٥) كذا في الأصول المخطوطة ، والأولى ما أثبت.

(٦) ع : علم.

(٧) ك : نفاد.

(٨) أبو منذر أبيّ بن كعب بن عبيد الأنصاريّ النجاري البدري ، سيد القراء ، توفي سنة ٢٠ ه‍. ينظر : تاريخ الصحابة ٢٩ ، ومعرفة الصحابة ٢ / ١٦٣ ، وصفة الصفوة ١ / ٤٧٤ ، وتهذيب الأسماء ١ / ١١٦.

(٩) أ : يؤذون.

(١٠) ينظر : زاد المسير ٨ / ٢١٩ مختصرا ، والدر المنثور ٨ / ٤٠٥.

(١١) خيثمة بن عبد الرحمن بن أبي سبرة يزيد بن مالك المذحجي الجعفي الكوفي الفقيه ، تابعي ، توفي سنة ٩٥ ه‍. ينظر : التاريخ الكبير للبخاري ٣ / ٢١٥ ، ومشاهير علماء الأمصار ١٠٣ ، وذكر أسماء التابعين ومن بعدهم ١ / ٢٧.

(١٢) الإمام الحبر ، فقيه الأمة ، أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسعود بن غافل الهذلي البدري ، ابن أم عبد ، توفي سنة ٣٢ ه‍. ينظر : طبقات خليفة ١٦ ، وطبقات الفقهاء ٢٥ ، والاستيعاب ٣ / ٩٨٧.

١٦١

قال : إنّ الرجل ليعرق حتى يسبح في عرقه ، ثم يدفعه العرق حتى يلحمه. قال : وما ذلك إلا ما يرى الناس يفعل بهم ، قال : فقال ابن عمر : هذا للكفار ، فما للمؤمنين؟ فقلنا : الله أعلم ، وما ندري! ، قال : فقال : يرحم الله أبا عبد الرحمن ، حدثكم أوّل الحديث ، ولم يحدّثكم آخره ، إنّ للمؤمنين كراسي يجلسون عليها ، ويظلّ عليهم (١) الغمام ، ويكون يوم القيامة عليهم كساعة من نهار ، أو أحد طرفيه. (٢)

٢٢ ـ (بِمُصْرِخِكُمْ) : بمغيثكم ، وناصركم.

(بِما أَشْرَكْتُمُونِ (٣)) : بمن أشركتموني به ، يعني : الله ، عن الفراء. (٤) وقيل : (١٧٦ و) بإشراككم إيّاي ، لم أعتقد في نفسي ما اعتقدتم فيّ. (٥) وإنما يقّيض الشيطان لهذا القول زيادة في التعيير واللوم والتقريع.

٢٤ ـ (مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً) : هذا مثل الإيمان ، وقيل : المراد بالشجرة الطيبة : النخلة ، (٦) وإنّما شبّه الإنسان [بها](٧) من حيث تهلك بقطع رأسها ، وأنّها تحمل بالإلقاح. (٨) وقال عليه‌السلام : «أكرموا عمّتكم النخلة». (٩) وروي : أنّ النخلة خلقت من فضلة طينة آدم. (١٠) وقيل : إنّ البعير خلق من تلك الفضلة أيضا. وروي : أنّه عليه‌السلام خرج على أصحابه ، وهم يذكرون الشجرة الطيبة ، فقال عليه‌السلام : «ذلك المؤمن أصله في الأرض ، وفرعه في السماء».

(كُلَّ حِينٍ) : ستة أشهر.

٢٦ ـ وقيل : (كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ) : كلمة الكفر.

(كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ)(١١) : الحنظلة. (١٢)

__________________

(١) (يظل عليها) ، ساقطة من أ.

(٢) ينظر : حلية الأولياء ٨ / ١٢٦ من حديث ابن عمرو ، وليس من حديث ابن عمر.

(٣) الأصول المخطوطة : أشركتموني.

(٤) ينظر : معاني القرآن للفراء ٢ / ٧٦.

(٥) ينظر : تفسير الثعالبي ٣ / ٣٨٠.

(٦) ينظر : أمثال الحديث ٧٢ ، وفتح الباري ٨ / ٣٧٨ ، الأمثال في القرآن ٣٧.

(٧) زيادة يقتضيها السياق.

(٨) ينظر : الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع ١ / ٩٨ ، ومغني المحتاج ٢ / ٣٢٣.

(٩) ينظر : الغماز على اللماز في الأحاديث المشتهرة : ٣٢ ، والنوافح العطرة في الأحاديث المشتهرة : ٢٤٦ ، وكشف الخفاء ١ / ١٩٥.

(١٠) ينظر : الموضوعات لابن الجوزي (٣٨٥) و (٣٨٦) ، واللآلئ المصنوعة ١ / ١٥٥ ، وتنزيه الشريعة ١ / ٢٠٩. وقال الصديق الغماري في كتابه المغيرة ٣٢ : الأصل في هذا نقول نقلت عن كتب الإسرائيليات رفعها الكذابون.

(١١) (كلمة الكفر. (كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ)) ، غير موجودة في ع.

(١٢) جزء من حديث للنبي عليه‌السلام ، ينظر : مسند ابن الجعد ١٧٠ ، سنن الترمذي (٣١١٩) ، وأمثال الحديث ٧٢ ، وصحيح ابن حبان (٤٧٥).

١٦٢

(اجْتُثَّتْ) : اقتلعت وسقطت ، ليس لها أصل ثابت في الأرض ، ولا في السماء ، وهي تتلاشى عن قريب ، فكذلك كلمة الكفر.

عن البراء ، عنه عليه‌السلام في قوله : (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) قال : «في القبر إذا قيل له : من ربّك ، وما دينك ، ومن نبيّك» (١). وعن عمر في هذه الآية قال : قال عليه‌السلام : «إذا أدخل المؤمن قبره أتاه فتّانا القبر ، فأجلس في قبره ، وإنّه ليسمع خفق نعالهم إذا ولّوا مدبرين ، فيقولان له : من ربّك ، وما دينك ، ومن نبيّك؟ فيقول : ربّي الله ، وديني (٢) الإسلام ، ونبيّي محمد عليه‌السلام فيقولان : ثبّتك الله ، نم قرير العين ، وهو قول الله : (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا ...)».

(وَفِي الْآخِرَةِ) : في القبر.

[(بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ)](٣) : بالتوحيد.

(الثَّابِتِ) : الحقّ (٤).

(وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ) : الكافرين. وقيل : إذا دخل المنافق أو الكافر (٥) قبره ، قالا له : من ربّك ، ومن نبيّك؟ فيقول : لا أدري ، فيقولان : لا دريت ، نم كما ينام المنهوش ، ويضرب بمرزبة يسمعها من بين الخافقين إلا الجنّ والإنس ، (٦) وهو قوله : (وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ) المشركين ، (وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ).

(يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا) : على القول الثابت ، أو يثبّت الله قلوب الذين آمنوا ؛ بسبب قولهم الثابت ، أو بتمكّنهم من القول الثابت. وعن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «كيف بك يا عمر لو (٧) جاءك فتّانا القبر منكر ونكير ، ملكان أسودان أزرقان يبحثان الأرض ، ويطان في شعورهما ، أصواتهما كالرعد القاصف ، وأبصارهما كالبرق الخاطف». قال : يا رسول الله ، أمعي عقلي ، وأنا على ما أنا عليه اليوم؟ قال : «نعم» ، قال : إذا أكفيهما بإذن الله ،

__________________

(١) ينظر : مصنف عبد الرزاق (٦٧٣٧) ، ومسند أحمد (١٨٦١٤) ، والسنة لعبد الله بن أحمد ٢ / ٦٠٨ ، والإيمان لابن منده (١٠٦٤).

(٢) ع : ودين.

(٣) زيادة يقتضيها السياق.

(٤) ك : للحق.

(٥) ع : الكافر أو المنافق.

(٦) ينظر : السنة لعبد الله بن أحمد ٢ / ٦٠٩ ، ومسند البزار (٨٧٣) ، ومجمع الزوائد (٤٢٧١).

(٧) الأصل وع وأ : لو قد.

١٦٣

فقال عليه‌السلام : «إنّ عمر موفّق». (١)

وفائدة السؤال في القبر : ما علمه الله تعالى كفائدة (٢) أخذ الميثاق. وقيل : في حق المؤمن تتمّة إبلائه بتمحيص إقراره ، وتوفير ثوابه ، أو لتجليته على الملائكة أنّه غير معرض عن الله ، ولا ناس إيّاه ، ولو عظمت بلواه ، وفي حقّ الكافر تتمّة ابتلائه ؛ لقطع أعذاره ، وتوكيد عقابه.

٢٨ ـ (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا) : نزلت في رؤساء بني أميّة وبني المغيرة يوم بدر.

(وَأَحَلُّوا) : حملوهم على الحلول ، وهو النزول.

و (٣) (دارَ الْبَوارِ) : (١٧٦ ظ) الهلاك.

٢٩ ـ (جَهَنَّمَ) : بدل من (دارَ الْبَوارِ) [إبراهيم : ٢٨].

٣١ ـ (لا بَيْعٌ) : كسب الخير.

(وَلا خِلالٌ) : شفاعة.

٣٣ ـ (دائِبَيْنِ) : ملازمين للعادة.

٣٤ ـ (مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ) : قيل : بعض مقدار من المسؤول. (٤) وقيل : كلّ المسؤول ، مبذول للجماعة ، وإن تفاوت منه آحادها بالتخصيص. (٥)

الإحصاء : الإطاقة. وقيل : إدراك العدد.

(الْإِنْسانَ) : المخذول عن التوفيق الإلهاميّ الروحانيّ الموكول إلى الهيجان الأنعاميّ النفسانيّ (٦).

٣٥ ـ أهل (٧) الحجاز يقولون : جنبني فلان شرّه ، بالتخفيف. وأهل نجد : جنّبني ، وأجنبني ، بالتشديد والألف. (٨)

__________________

(١) مصنف عبد الرزاق (٦٧٣٨) ، ومسند الحارث ١ / ٣٧٩ ، والاعتقاد ٢٢٣ ، والتمهيد لابن عبد البر ٢٢ / ٢٥١ ، ليس فيها قوله عليه‌السلام : إن عمر موفق.

(٢) ع : كفايته.

(٣) ساقطة من ع.

(٤) ينظر : تفسير الطبري ١٣ / ٢٩٦ ، وفتح القدير ٣ / ١١٠.

(٥) ينظر : تفسير القرطبي ٩ / ٣٦٧ ، وفتح القدير ٣ / ١١٠.

(٦) ساقطة من أ.

(٧) ع : هل.

(٨) ينظر : البيضاوي ٣ / ٣٥١ ، وتفسير أبي السعود ٥ / ٥١.

١٦٤

٣٦ ـ (إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ) : إن كان المراد بها الأرواح الخبيثة من الشياطين ، فإسناد الإضلال إليهنّ كإسناده (١) إلى الناس. وإن كان المراد بها الصور المصوّرة ، فإسناد الفعل إليهنّ كإسناده إلى الدراهم والدنانير. يقال : أهلك الناس الدرهم والدينار.

(فَمَنْ تَبِعَنِي) : في الإعراض عن الأصنام والطواغيت.

(وَمَنْ عَصانِي) : فيما دون الشرك ، عن مقاتل بن حيّان (٢). (٣)

(فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) : تغفر للمشركين ، وترحمهم إذا تابوا ، عن الكلبي (٤). ويحتمل : أنّ إبراهيم عليه‌السلام ذكر المغفرة والرحمة تنزيها لله عزوجل عن أن يأخذه ومن تبعه بذنب من عصاه. ويحتمل : أنّه تعرض (٥) على قضية استجازة العقل قبل التوقيف السماعيّ مغفرة الكفّار ، كما كان يستغفر لأبيه حتى علم أنّه عدو لله ، فتبرّأ منه.

٣٧ ـ (مِنْ ذُرِّيَّتِي) : بعضا من ذرّيتي.

(أَفْئِدَةً) : واحدها فؤاد.

(تَهْوِي) : تميل ، وتسرع.

٤١ ـ (يَقُومُ الْحِسابُ) : كما يقال : قام السوق ، والحرب ، والصلاة.

٤٢ ـ (تَشْخَصُ) : ترتفع عن مواضعها ، وتجحظ للدهش (٦).

٤٣ ـ (مُهْطِعِينَ) : مسرعين إلى (٧) الداعي ، وهو حالة سيلانهم عند الحشر.

(هَواءٌ) : خالية عن الخواطر دهشا ، واشتغالا بالمشاهدات.

٤٥ ـ (وَسَكَنْتُمْ) : معطوف على (أَقْسَمْتُمْ) [إبراهيم : ٤٤].

(الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) : من الأمم الماضية الذين تسكن ديارهم ، وتشاهد آثارهم ، وتسمع أخبارهم.

(لَكُمُ الْأَمْثالَ) : أمثال القرآن.

__________________

(١) ع : كإسناد.

(٢) أبو بسطام مقاتل بن حيان البلخي الخراز ، مات بكابل قبل سنة ٥٠ ه‍. ينظر : التاريخ الكبير ٨ / ١٣ ، ومشاهير علماء الأمصار ١٩٥ ، وطبقات الحفاظ للسيوطي ٨٣.

(٣) ينظر : تفسير القرطبي ٩ / ٣٦٨ ، وفتح القدير ٢ / ٤٩٦.

(٤) ينظر : الدر المنثور ٣ / ١١٢.

(٥) مكررة في أ.

(٦) ك : الدهش.

(٧) ساقطة من أ.

١٦٥

٤٦ ـ (لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ) : أراد المعاني العامّة المستفخمة العظيمة من الشرائع ، والسنن ، وقواعد الدين.

٤٧ ـ (مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ) : أي : مخلفا وعده رسله ، وإنّما قدّم الوعد على الرسل ؛ لأنّه أليق بالإخلاف ، والكلام يستقل به دون المفعول الثاني.

٤٨ ـ (يَوْمَ) : نصب ؛ لوقوع الانتقام فيه (١).

(تُبَدَّلُ) : يقلب ظهرها بطنا ، وترتفع الجبال عنها ، وتسطّح من المشرق إلى المغرب.

(وَالسَّماواتُ) : تغيّر هيأتها بخسف الشمس والقمر ، وتناثر الكواكب ، والانفطار. وقرأت عائشة (٢) هذه الآية ، فقالت : يا رسول الله ، فأين (٣) يكون الناس؟ قال : «على الصراط». (٤)

٤٩ ـ (الْأَصْفادِ) : جمع صفد ، وهو الغلّ والقيد.

٥٠ ـ (قَطِرانٍ) : ما تطلى به الإبل.

(السربال) : يشتمل على : القميص ، والجبّة ، والدرع.

٥١ ـ (لِيَجْزِيَ) : بدل عن قوله : (لِيَوْمٍ تَشْخَصُ) [إبراهيم : ٤٤] ، أو ليوم يجزي الله. وقيل : التعليل : التفريق في الأصفاد.

٥٢ ـ (هذا) : إشارة إلى القرآن.

(بَلاغٌ لِلنَّاسِ) : نهاية لهم في الوعظ.

__________________

(١) ساقطة من ك.

(٢) أم المؤمنين ، زوج النبي عليه‌السلام ، وبنت الصديق ، أم عبد الله عائشة بنت أبي بكر الصديق عبد الله بن أبي قحافة ، القرشية التيمية ، أفقه نساء الأمة ، توفيت سنة ٥٧ ه‍ ، وقيل غيرها. ينظر : تذكرة الحفاظ للقيسراني ١ / ٢٩ ، وتهذيب الكمال ٣٥ / ٢٢٧ ، والإصابة ٤ / ٣٥٩.

(٣) الأصل : أنى.

(٤) ينظر : صحيح مسلم (٢٧٩١) ، وسنن الترمذي (٣١٢١ و ٣٢٤١) ، وسنن ابن ماجه (٤٢٨٢) ، وصحيح ابن حبان (٣٣١) و (٧٣٨٠).

١٦٦

سورة الحجر

مكيّة. (١)

وهي تسع وتسعون آية. (٢) (١٧٧ و)

بسم الله الرّحمن الرّحيم

١ ـ (آياتُ الْكِتابِ) : مجاهد ، وقتادة : «التوراة والإنجيل». (٣) وقيل (٤) : الكتاب والقرآن (٥) واحد. (٦)

٢ ـ (رُبَما) : [ربّ] حرف جارّ ولا (٧) يدخل إلا على الأسماء المنكورة ، فإن صرف إلى فعل كفّ عن العمل بما الكافّة (٨) ، ولا يدخل إلا على فعل ماض أو حال ، وإنما دخل هاهنا على الفعل المستقبل لأنه واجب لا محالة ، فكأنه ماض ، (٩) ألا ترى أنّ أكثر أحوال القيامة مذكور في القرآن على لفظ الماضي.

عن ابن عباس : يأتي على الكافر يوم يودّ فيه لو كان مسلما. أبو حنيفة (١٠) ، عن حماد (١١) ،

__________________

(١) هو قول جمهور المفسرين ، ينظر : معاني القرآن الكريم للنحاس ٤ / ٧ ، وابن عطية ٨ / ٢٧٥ ، والإتقان ١ / ٤١ وفتح القدير ٣ / ١٦٥. وهذا القول يتعارض مع حديث ابن عباس الذي قال فيه : كانت امرأة تصلي خلف النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم حسناء من أجمل الناس ، فكان ناس يصلون آخر صفوف الرجال ، فينظرون إليها ، فكان أحدهم ينظر إليها من تحت إبطه إذا ركع ، وكان أحدهم يجلس يتقدم إلى الصف الأول حتى لا يراها ، فأنزل الله عزوجل هذه الآية : (وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ (٢٤)) [الحجر : ٢٤]. وهذا يدل على أن الآية نزلت في المدينة المنورة لكونها تذكر صفوف الصلاة. وهو حديث أخرجه الترمذي (٣١٢٢) ، وأبو داود الطيالسي في مسنده (٢٧١٢) ، والبيهقي في سننه ٣ / ٩٨ ، وقال الحاكم في المستدرك ٢ / ٣٥٣ عنه : صحيح الإسناد. وصححه الشيخ الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة ٥ / ٦٠٨ (٢٤٧٢).

(٢) ينظر : فنون الأفنان ١٣٩ ، وجمال القراء ٢ / ٥٢٨ ، ومنار الهدى ٤٢٢.

(٣) تفسير الطبري ٧ / ٣٢٧ ، والماوردي ٢ / ٣٥٨ ، والقرطبي ١٠ / ١.

(٤) أ : قيل.

(٥) الأصول المخطوطة : قرآن.

(٦) ينظر : تفسير الطبري ٧ / ٣٢٧ عن مجاهد وقتادة ، والماوردي ٢ / ١٤٧ ، وابن عطية ٨ / ٢٦٧ ، والقرطبي ١٠ / ١.

(٧) أ : لا.

(٨) أ : الكاف.

(٩) ينظر : الأصول في النحو ١ / ٤١٩ ـ ٤٢٠ ، ومغني اللبيب ١ / ١٨١ ـ ١٨٣.

(١٠) الإمام فقيه الملة ، عالم العراق ، أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن زوطى التيمي ، الكوفي ، مولى بني تيم الله بن ثعلبة ، توفي سنة ١٥٠ ه‍. ينظر : المعين في طبقات المحدثين ٥٧ ، وتهذيب التهذيب ١٠ / ٤٤٩ ، وطبقات الحفاظ ٨٠.

(١١) أبو إسماعيل حماد بن أبي سليمان مسلم الكوفي ، مولى الأشعريين ، العلامة الإمام فقيه العراق ، توفي سنة ١٢٠ ه‍. ينظر : التاريخ الكبير للبخاري ٣ / ١٨ ، تاريخ أسماء الثقات ٦٦ ، وذكر أسماء من تكلم فيه وهو موثق ٧١.

١٦٧

عن إبراهيم (١) : سألت (٢) عن قول الله عزوجل : (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ) ، قال : يعذّب الله قوما ممن كان يعبده ، ولا يعبد غيره ، وقوما ممن كان يعبد غيره ، ثم يجمعهم في النار ، فيعيّر الذين كانوا يعبدون غير الله [الذين](٣) كانوا يعبدون الله تعالى فيقول : عذّبنا لأنّا عبدنا غيره ، فما أغنى عبادتكم إيّاه ، وقد عذّبكم معنا؟ فيأذن الربّ للملائكة (٤) ، فيشفعون ، فلا يبقى أحد ممن كان يعبده إلا أخرجه حتى يتطاول للشّفاعة إبليس لعبادته ، يعني : الأولى ، يقول (٥) : (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا ...) الآية. (٦)

٣ ـ (يُلْهِهِمُ) : يشغلهم.

(الْأَمَلُ) : الطمع ، كانت أطماعهم الفاسدة تشغلهم عن التوبة والإنابة ، فتوعّدهم على ذلك ، أي : إصابتهم بعذاب من عنده ، أو بأيدي المؤمنين.

٤ ـ (إِلَّا وَلَها) : فذكر الواو بعد الاستثناء ، وقد يحذف إذا كان الكلام مستقلا بنفسه مع طرح الاستثناء ، فأما إذا لم يستقل لا يجوز إلا بغير واو ، كقولك : ما أنت إلا بشرا.

(كِتابٌ مَعْلُومٌ) : أجل مسمّى.

٦ ـ (وَقالُوا يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ) : نزلت في عبد الله بن أمية ، والنضر بن الحارث ، وجماعة من قريش. (٧) قيل : على زعمك. (٨) وقيل : على سبيل الاستهزاء. (٩)

(المجنون) : المستور قلبه أو دماغه بما يضادّ العقل من خبال الجنّ ، أو فساد الطبع ، وإنما وصفوه بذلك لخرقه إجماعهم الفاسد (١٠) ، وخلافه عادتهم القبيحة.

__________________

(١) أبو عمران إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي اليماني الكوفي ، الإمام الحافظ ، فقيه العراق ، توفي سنة ٩٦ ه‍. ينظر : الجرح والتعديل ٢ / ١٤٤ ، ورجال صحيح البخاري ١ / ٦٠ ، طبقات الفقهاء ٨٢.

(٢) هكذا جاء في الأصول المخطوطة ، أما في الطبري فجاء على الشكل الآتي : حماد قال : سألت إبراهيم عن قول الله عزوجل.

(٣) ساقطة من الأصل وأ.

(٤) ك : الملائكة.

(٥) ساقطة من ك.

(٦) ينظر : تفسير ابن كثير ٢ / ٧٢٠ من طريق الثوري عن حماد عن إبراهيم ، وهناك أحاديث بهذا المعنى صحيحة الإسناد من طرق أخرى ، ينظر : صحيح ابن حبان (٧٤٣٢) عن أبي سعيد الخدري ، والمعجم الأوسط (٥١٤٦) عن جابر بن عبد الله ، وليس فيه ذكر تطاول إبليس لعنه الله ، وهو في حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه.

(٧) ينظر : المحرر الوجيز ٨ / ٢٨٢ ، والبحر المحيط ٥ / ٤٤٦.

(٨) ينظر : المحرر الوجيز ٨ / ٢٨٢ ، وفتح القدير ٣ / ١٦٧ ، والتفسير الكبير ٧ / ١٢١.

(٩) ينظر : الوسيط ٣ / ٤٠ ، وابن عطية ٨ / ٢٨٢ ، والبحر المحيط ٥ / ٤٤٦ ، والنسفي ٢ / ١٨٣.

(١٠) ع : الفاسدة.

١٦٨

٧ ـ (لَوْ ما) : بمنزلة لو لا.

٨ ـ (ما (١) نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ) : ظاهرين يعرفون بسيماهم.

(إِلَّا بِالْحَقِّ) : الملجئ الذي يبطل الرأي والاجتهاد.

(وَما كانُوا إِذاً مُنْظَرِينَ) : إذا نزّلناهم على هذا الوجه حقّت على قريش كلمة العذاب ، وارتفع الإمهال ، ولم ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل.

واتصالها بأنّ الذكر القرآن في قوله : (نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ) [الحجر : ٦] وهاهنا.

٩ ـ (وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) : قيل : حفظ الله كتابه من الدروس. (٢) وقيل : حفظه عن الجنون والخبال ، والمجون والضلال. (٣)

١٠ ـ (مِنْ قَبْلِكَ) : رسلا.

١٢ ـ (نَسْلُكُهُ) : السلك : الإيغال ، والسلوك : الوغول ، والمسلك : شبه السّرب (٤). والضمير عائد إلى الاستهزاء.

والآية ردّ على المعتزلة.

١٤ ـ (فَظَلُّوا) : يقال : ظلّ يفعل إذا كان عامّة نهاره في فعله ، (٥) وبات يفعل إذا (١٧٧ ظ) كان عامّة ليله في فعله ، (٦) وإذا لم يرد تخصيص ليل ولا نهار قلت : طفق يفعل. (٧)

(يَعْرُجُونَ) : يصعدون.

١٥ ـ (سُكِّرَتْ) : حبست بالتخييل عن حقيقة المشاهدة.

١٦ ـ (فِي السَّماءِ بُرُوجاً) : بروج السماء : أقسامها ، وأجزاؤها الاثنا عشر ، كلّ جزء

__________________

(١) (بمنزلة لو لا. (ما) ،) ساقطة من ع.

(٢) هذا بناء على قول من قال : إن الضمير في (لَهُ) عائد إلى القرآن الكريم ، فالحفظ يكون من التبديل والتحريف ، وما شابه ، فيكون هذا من الحفظ العام للقرآن ، وبهذا القول جزم أكثر المفسرين. ينظر : تفسير الطبري ٧ / ٤٩٣ ، وتفسير ابن أبي زمنين ١ / ٤٢٠ ، والتفسير الكبير ٧ / ١٢٣ ، وابن كثير ٢ / ٧١٩ وغيرهم.

(٣) وهذا القول مبني على أن الضمير في (لَهُ) يعود إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فيكون الحفظ هو العصمة من القتل والسحر وغير ذلك ، وقد قال بعض المفسرين بذلك. ينظر : معاني القرآن للفراء ٢ / ٨٥ ، وتفسير السمعاني ٣ / ١٣١ ، وزاد المسير ٤ / ٢٩٣.

(٤) ينظر : لسان العرب ١ / ٤٦٤ ، وتاج العروس ١ / ٢٩٥.

(٥) ينظر : حروف المعاني ٧ ، ولسان العرب ٢ / ١٦ ، والمصباح المنير ١ / ٦٧.

(٦) ينظر : حروف المعاني ٧ ، ولسان العرب ١١ / ٤١٥ ، والمصباح المنير ١ / ٦٧.

(٧) ينظر : الأفعال ٢ / ٣٠٠.

١٦٩

بالمساحة على ثلاثين درجة ، وهي ستّون دقيقة لا تفاوت بينها ، وفي المشاهدة على كواكب من منازل القمر بينها تفاوت ، ثم هذه السماء محدقة بالنار والريح والأرض إحداق قشر البيضة بما فيها ، تدور على قطبين : قطب معلوم شماليّ ، وقطب موهوم جنوبي عند بعض الناس ، وهي معلّقة بالقطب الشماليّ من فوق الأرض ، كهيئة الكلية لا قطب لها من ناحية الجنوب عند بعض ، وهي مختصة ببروج غير (١) هذه البروج الاثني (٢) عشر الفلكية عند بعض. فمن تلك البروج الضراح ، وهو بيت المعمور ، وسائر البروج مساجد الملائكة ومقاماتهم ، ومقامات الأنبياء والصديقين والشهداء.

(وَزَيَّنَّاها) : حسّنّاها بصفاء لونها ، وبالشّمس والقمر والكواكب.

١٧ ـ (وَحَفِظْناها) : بالكواكب المنقضّة ، التي هي رجوم للشياطين. قيل : لم تزل السماء محفوظة محروسة بهذه الكواكب المنقضة. (٣)

عن ابن عباس : أنّ رجالا من الأنصار أخبروه : أنّه بينما هم جلوس مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ليلة من اللّيالي رمي بنجم ، فاستنار ، فقال لهم رسول الله : ما كنتم تقولون في الجاهلية إذا رمي بمثل هذا؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، كنّا (٤) نقول : مات اللّيلة عظيم ، وولد اللّيلة عظيم ، قال عليه‌السلام : «إنه لا يرمى لموت أحد ، ولا لحياته (٥) ، ولكن ربنا تبارك وتعالى إذا قضى أمرا سبّح حملة العرش ، ثم سبّح أهل السماء الذين يلونهم ، ثم سبّح أهل السماء الذين يلونهم ، حتى يبلغ التسبيح أهل هذه السماء الدنيا ، ثم يسأل أهل السماء السابعة حملة العرش : ماذا قال ربكم؟ فيخبرونهم ، ثم يسأل أهل السماء السادسة أهل السماء السابعة ، وكذلك ينتهي الخبر إلى السماء الدنيا ، فيحفظه الجنّي ليقذفه إلى صاحبه ، ويرمي به ، فما جاؤوا به على وجهه ، فهو الحقّ ، ولكنّهم يوفّون (٦) فيه ويزيدون». (٧) وعن نافع بن جبير (٨) ، ومحمد بن كعب : أمسكت في أيام الفترة ، فلما بعث نبيّنا

__________________

(١) ع : بروج ، وغير ساقطة منها.

(٢) الأصل وك : الاثنا عشر ، وما أثبت هو الصحيح ؛ لأنها بدل من البروج.

(٣) ينظر :

(٤) ع : قال : كنا ، أ : كما.

(٥) ع : لحياة.

(٦) في كتب التخريج : يقرفون ، والقراف : الخلاط ، ويقرفون يخلطون فيه الكذب ، وهو بمعنى يقذفون. ينظر : الفائق ٣ / ١٨٥ ، وشرح صحيح مسلم ١٤ / ٤٤٥ ،

(٧) أخرجه الإمام أحمد في مسنده ١ / ٢١٨ ، ومسلم (٢٢٢٩) ، وكتاب العرش ١ / ٦١ (٢١) ، وأطراف الغرائب والأفراد ٣ / ٢١٢ (٢٤٥٥).

(٨) أبو محمد نافع بن جبير بن مطعم القرشي النوفلي ، تابعي ، توفي في ولاية سليمان بن عبد الملك. ينظر : مشاهير علماء الأمصار ٧٨ ، وسير أعلام النبلاء ٤ / ٥٤١.

١٧٠

عاد الأمر كهيئته. (١) وقيل : لم تكن النّجوم رميت قط حتى بعث نبينا عليه‌السلام. (٢)

١٨ ـ (اسْتَرَقَ) : افتعال من السّرقة.

(شِهابٌ) : شعلة وقبس.

١٩ ـ (مَدَدْناها) : فرشناها بكلّيّتها على وجه الأرض. وقيل : أراد به فرش أبعاضها ، لإمكان (٣) التقليب فيها ، وهي بكلّيّتها كرة مضرّسة ، يعلو (٤) الماء بعضها ، ويعلو بعضها الماء لإمكان الحرث والنسل.

(وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ) : تدلّ أنّ الجبال ثابتة ملتصقة بالأرض ، غير نابتة منفلقة عنها ، فكانت الرّياح اضطربت اضطرابا (١٧٨ و) عنيفا ، بإفراط ضغط من الفلك عند ابتداء دوره ، فأثارت هذه الرياح المضطربة الأرض إثارة (٥) قريات لوط ، فتحجّرت أجزاؤها المماسّة للنار العلوية بالنّضح ، ثم انحدرت من تمّ ، بإذن الله ، فوقعت على وجه الأرض.

(مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ) : مقدر. وقيل : متزن ؛ (٦) لكونه مطبوعا على الثقل والانحدار ، بخلاف الريح والنار.

٢٠ ـ (وَمَنْ لَسْتُمْ) : في محلّ النّصب ، عطفا (٧) على (مَعايِشَ)، هم الذّراري والمماليك والسوائم. وقيل : في محل الخفض عطفا على الضمير في (لَكُمْ)، (٨) وهم الأطفال ، والمجانين ، والبهائم.

٢١ ـ (عِنْدَنا) : في علمنا وحكمنا.

٢٢ ـ (الرياح اللّواقح) : التي تحمل النّدى والثرى ؛ ليتكوّن غيوما في أثنائها بإذن الله. وقيل : الملقّحات للغيوم والأشجار. (٩) وقيل : هي التي ينتفع بها ؛ لما ضمّنها الله تعالى من النّفع ،

__________________

(١) ينظر : القرطبي ١٩ / ١٣ عن نافع بن جبير وأبي بن كعب.

(٢) ينظر : الوسيط ٣ / ٤١ ، وزاد المسير ٤ / ٢٩٥ ، والقرطبي ١٩ / ١٣ وعزاه للجاحظ.

(٣) أ : الإمكان.

(٤) الأصول المخطوطة يعلوا ، وكذلك ما بعدها.

(٥) الأصول المخطوطة : إثارت.

(٦) ينظر : تفسير الطبري ٧ / ٥٠٢ ، والمحكم والمحيط الأعظم ٩ / ١٠٩ عن ابن زيد ، وزاد المسير ٤ / ٢٩٨ ، وتفسير الحسن البصري ٢ / ٦٥.

(٧) الأصول المخطوطة : عطف.

(٨) ينظر : الفراء ٢ / ٨٦ وضعفه ، والبحر المحيط ٦ / ٤٧٣ وهو مذهب الكوفيين ويونس والأخفش ، واللباب في علوم الكتاب ١١ / ٤٤٣.

(٩) ينظر : البغوي ٣ / ٥٠٣ ، وتفسير الخازن ٣ / ٥٣ ، وزاد المسير ٤ / ٣٠٠ عن النخعي وابن قتيبة وأنكر عليه هذا التفسير ، وتفسير الحسن البصري ٢ / ٦٥.

١٧١

بخلاف العقيم وهي الدبور. (١) وقيل : اللواقح ريح واحدة ، وهي الجنوب وحدها ، (٢) وإنما جمع على الجنس. وقيل : كلّ ريح أتى بالمطر النافع ، فهي من جملة اللواقح.

٢٤ ـ (الْمُسْتَقْدِمِينَ) : القرون الماضية. و (الْمُسْتَأْخِرِينَ) : القرون الباقية ، عن مجاهد. (٣) وهم المسارعون في الخيرات ، والمتثاقلون عنها ، عن الحسن. (٤) وهم من يسلم ، ومن لا يسلم ، وعن سفيان بن عيينة. (٥) وروى الكلبي عن ابن عباس : أنّها نزلت بالمدينة في الذين قصدوا بيع دورهم القاصية عن المسجد ، واشتروا دورا (٦) قريبة من المسجد ؛ لازدحامهم على الصف الأول. (٧) فعلى هذا القول مكية إلا هذه الآية ، أو (٨) الآية نزلت مرّتين. وعن أبي الجوزاء (٩) ، عن ابن عباس : نزلت في الذين كانوا يستأخرون في الصلاة إلى الصفّ المؤخر (١٠) ؛ لينظروا في سجودهم من تحت آباطهم إلى امرأة حسناء كانت تشهد الجماعة مع النساء. (١١) وروي موقوفا على أبي الجوزاء. (١٢)

٢٦ ـ (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ) : اتصالها لّما جرى من ذكر العالم الأكبر حسن عطف العالم الأصغر والنفس عليها. وقيل : لما جرى ذكر المستقدمين والمستأخرين حسن ذكر ابتداء تخليقهم ؛ ليكون أول الأمر شاهد الآخرة.

(مِنْ صَلْصالٍ) : لمن (١٣) شبه (١٤) الفخّار.

__________________

(١) ينظر : تفسير الخازن ٣ / ٥٣ ، وفتح القدير ٣ / ١٧٦ ، وتفسير غرائب القرآن ٤ / ٢١٨.

(٢) ينظر : زاد المسير ٤ / ٣٠٠ ، وهذا القول مبني على ما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قوله :((ريح الجنوب من الجنة ، والريح اللواقح التي ذكر الله في كتابه)) ، ينظر : العظمة ٤ / ١٣٠٥ ، والفردوس بمأثور الخطاب ٢ / ٢٧١ عن أبي هريرة ، وفيض القدير شرح الجامع الصغير (٤٤٨٧) عن ابن عباس ، وضعفه.

(٣) ينظر : تفسير الطبري ٧ / ٥٠٨ ـ ٥٠٩ ، وزاد المسير ٤ / ٣٠٢ ، وتفسير الخازن ٣ / ٥٤ ، وتفسير غرائب القرآن ٤ / ٢١٨.

(٤) ينظر : تفسير الطبري ٧ / ٥٠٩ ، وزاد المسير ٤ / ٣٠٢ ، واللباب في علوم الكتاب ١١ / ٤٤٩.

(٥) ينظر : تفسير الخازن ٣ / ٥٤ ، واللباب في علوم الكتاب ١١ / ٤٤٩. وأبو محمد سفيان بن عيينة بن أبي عمران الكوفي المكي ، حافظ العصر ، شيخ الإسلام ، توفي ١٧٨ ه‍. ينظر : العقد الثمين أخبار البلد الأمين ٤ / ٥٩١ ، ووفيات الأعيان ٢ / ٣٩١ ، ونيل السائرين في طبقات المفسرين ٣٧.

(٦) الأصول المخطوطة : اشترى دور.

(٧) ينظر : زاد المسير ٤ / ٣٠٢.

(٨) ع : و.

(٩) أوس بن عبد الله الرّبعي البصري التابعي ، من كبار العلماء ، توفي سنة ٨٣ ه‍. ينظر : ذكر أسماء التابعين ٢ / ٣٠ ، والعبر في خبر من غبر ١ / ٧١ ، وتهذيب التهذيب ١ / ٣٨٣.

(١٠) ك : الآخر.

(١١) أخرجه الإمام أحمد في المسند ١ / ٣٠٥ وضعفه الشيخ شعيب ، والنسائي في السنن ٢ / ١١٨ ، والطيالسي في المسند (٢٧١٢) ، وصححه الحاكم ٢ / ٣٥٣ وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

(١٢) ينظر : تفسير عبد الرزاق ٢ / ٣٤٨ ، تفسير الطبري ٧ / ٥٠٩ ، وفتح القدير ٣ / ١٧٦.

(١٣) هكذا في الأصول المخطوطة ، والأولى أن يكون من ، من غير اللام ، مجاراة للآية.

(١٤) أهنا زيادة : إلا.

١٧٢

(مَسْنُونٍ)(١) : متغير. وقيل : مصبوب. (٢)

قيل : خلق الله تعالى قالبا (٣) من سلالة الأرض على صورة الإنسان ، وكان مطروحا على الأرض أربعين سنة ، وكان قد صار صلصالا كالفخار ، فمرّ عليه إبليس يوما ، فدخل جوفه ، ثم خرج منه ، وتفرّس فيه أنّه يكون ضعيفا يتمكّن منه عدوّه بالغرور لمكان التجويف ، وكثرة الاحتياج ، ثم نفخ الله فيه الروح ، فلمّا حصل في رأسه ، واستحال رأسه دماغا ولحما ، وروحا على صورته الأولى عطس ، فحمد الله تعالى بتلقين جبريل عليه‌السلام فشمّته الله تعالى بقوله : رحمك ربّك ، فلما حصل الروح في صدره ومعدته ، وانحدر إلى سوأته ، واستحال كلّ ذلك لحما وعصبا وعظما غلبه الجوع ، فقصد للنهوض ، وإنّ بعضه لطين بعد ، ففي ذلك يقول : (وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً)(٤) [الإسراء : ١١] ، وقوله : (خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ) [الأنبياء : ٣٧]. يقال : خلقته (٥) من الشرّ (١٧٨ ظ) وخلقته من الرحمة. وقيل : العجل : الطين ، قاله الكلبي ، وغيره. (٦)

٢٧ ـ (الْجَانَّ) : أبو الجنّ بمنزلة آدم منا ، ولم يذكروا من أمّ الجن. وعن جعفر بن محمد الصادق (٧) : أنّ الله تعالى بعد خلق الكلمة قدّ قددا من أنواع الخلق ، وذلك قوله : (كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً) [الجن : ١١] ، فلما خلق الأرض أهبط تلك القدد إلى الأرض ، فقدّة النار يسمّون : الجانّ ، وقدّة الظّلمة يسمون : الجنّ ، وأذن لهم الكلمة أن يفجّروا (٨) في الأرض الأنهار ، وطرح إليهم غرسا ، فغرسوا من الحبّ والنوى ، فعمروا الأرض دهرا ، وكانت الجنّ أصحاب المواشي ، والجانّ أصحاب الزروع ، ثم تحاسدوا ، وصاروا (٩) أحزابا ، واقتتلوا دهرا طويلا ، ثم إنّ الله تعالى خلق خلقا يقال (١٠) له : النصر ، وخلق خلقا يقال له : الرّعب ، فألقى الرّعب في قلوب الجنّ

__________________

(١) أ : مستور.

(٢) ينظر : تهذيب اللغة ٢ / ١٧٧٨ ، الغريبين ٣ / ٩٤١ عن الأخفش ، وزاد المسير ٤ / ٣٠٣ عن أبي عمرو بن العلاء وأبو عبيدة.

(٣) أ : قلبا.

(٤) الأصول المخطوطة : وخلق الإنسان عجولا.

(٥) أ : ك : خلقت ، وكذلك التي بعدها.

(٦) ينظر : لسان العرب ١١ / ٤٢٨.

(٧) أبو عبد الله جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي ، المدني الصادق ، توفي سنة ١٤٨ ه‍. ينظر : المعارف ١٧٥ ، والسابق واللاحق ١٦٩ ، وتهذيب الكمال ٥ / ٧٤.

(٨) أ : هجروا.

(٩) ع : وصاروا.

(١٠) أ : فقال ، وكذلك التي تليها.

١٧٣

والجانّ ، وأيّد ملائكته ، يقال لهم : الكروبيّون ، بالنصر ، وكانت الجنّ والجانّ تصعد (١) إلى مقاعد السمع ، فيسترقون السّمع ، فيلقون إلى الكهنة.

وزعم بعض أهل النجوم : أنّ الله قسّم الدهر من البروج الاثني عشر ، فخصّ الحمل منه اثنا (٢) عشر ألف سنة ، وخصّ الثور أحد عشر ألفا ، والجوزاء عشرة آلاف ، والسرطان تسعة آلاف ، وفي كل واحد من هذه الحصص لله تعالى عباد خلقهم من العنصر الذي إليه ينسب البرج ، وخصّ الأسد ثمانية آلاف (٣) ، وهو برج ناريّ. زعموا ففي هذه الحصّة يخلق الله تعالى الجانّ من نار جهنّم ، وكان إليهم سلطان الأرض ، وخصّ السنبلة سبعة آلاف سنة ، وهو برج أرض. زعموا ففي هذه السّنة خلق الله آدم عليه‌السلام فانتقل سلطان الأرض إليه ، وزالت دولة الجنّ ، وتفانى أكثرهم ، ولم يبق (٤) منهم إلا شيطان ممسوخ.

ويزعم الهند : أنّ بين الجنّ والإنس نفارا (٥) متصلا ، كالنفار بين الماء والدهن غير منفصل ، كالنفار بين الماء والنار ، وأن التناسل بين القبيلين ممكن ، وأنّ هذين مع سائر الحيوان من مواليد برهم وبشن ، وهما روحان زوجان ألهمهما الله تعالى أن يتوالد بمواضعه غير المباضعة ، وبرهم أفضلهما وأطولهما عمرا ، وله نهار مشتمل على ألف حترجوك ، وكلّ حترجوك مشتمل على (٦) أربعة أقسام من الزمان ، وكلّ قسم مشتمل على كذا كذا مائة ألف سنة ، وليله مثل نهاره ، ثم تلاشى بإذن الله تعالى ، قالوا : فتوالدا على هذه الصفة ، فولدا الملائكة وأهل الجنة والجن والشياطين أولا ، ثم ولدا سائر المواليد ، وتوالدت من مواليدهما كذلك (٧). ويشهد لهذا القول تسميات العرب الجنّ (٨) ، وزعموا أنه المتولد بين الجنّ والإنس ، كبلقيس ، والعملوق بين الجن والآدمي ، السعلاه والغيلان (٩) بين الملك والإنسية ، والنّسناس بين الشّق والانسان. وقيل : هم يأجوج ومأجوج ، والدوالباي بين بعض الحيوان والنبات (١٧٩ و) ولا يوجب شيئا من هذه الأقاويل علماؤنا. (١٠)

__________________

(١) أ : فصعد.

(٢) ع : اثني.

(٣) (وفي كل واحد من هذه ... وخص الأسد ثمانية آلاف) ، مكرر ع.

(٤) الأصول المخطوطة : يبقى.

(٥) أ : فقارا.

(٦) (ألف حترجوك ، وكلّ حترجوك مشتمل على) ، ساقطة من أ.

(٧) ع : لذلك.

(٨) ك وع وأ : الحس.

(٩) الأصول المخطوطة : الغليان.

(١٠) وهذا كلام لا يساوي المداد الذي كتب فيه.

١٧٤

(السَّمُومِ) : الريح الحارّة. فيه دليل على أنّهم لم يخلقوا من النار الخالصة ، وقال (١) : (مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ) [الرحمن : ١٥] ، وهي المختلط بغيرها من دخان أو ريح أو دهن. وذكر صاحب السنة : أنّ الملائكة مخلوقون من النور والماء ، والجنّ من النار والماء ، قال الله تعالى : (ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ) [الكهف : ٥١].

٢٩ ـ (فَقَعُوا) : فيه دلالة أنّهم كانوا مأمورين بالسجود لآدم عليه‌السلام قبل وجوده على شريطة وجوده ، وإن حرف ، ثم في هذه القصة ، وفي سورة الأعراف ؛ لترادف الأخبار ، أو (٢) كرّر عليهم الأمر بالسجود.

٣٠ ـ (كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ) : توكيد بعد توكيد.

٣٤ ـ (فَاخْرُجْ مِنْها) : من صورته الحسنة ، أو رتبته الرفيعة أو الجنة أو السماء.

٣٥ ـ (إِلى يَوْمِ الدِّينِ) : غاية اللّعنة على المجازية ، يريد به زيادة على الموعود ، أي : تعاقب بمجرد اللّعنة إلى يوم الدين ، ثم يزاد في عقابه نار جهنم ، وما فيها من أنواع العقوبات إلى يوم الدين.

٣٨ ـ (إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ) : إضافة اليوم (٣) إلى الوقت لإبهام أحدهما ، وكون الآخر منصوصا عليه ، كقولك : يوم العيد.

٣٩ ـ (لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ) : الأباطيل والمحظورات في الأرض.

٤٠ ـ (إِلَّا عِبادَكَ) : خصّ الخبيث بهذا الاستثناء أكثرهم الذين قال فيهم : (وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ) [الأعراف : ١٧].

٤١ ـ (هذا) : إشارة إلى دين الإسلام.

٤٦ ـ (بِسَلامٍ) : بتسليم وتحية منّا لكم ، أو بتسليم بعضكم على بعض. وقيل : بسلامة. (٤)

٤٨ ـ (سُرُرٍ) : جمع سرير.

٥٢ ـ (فَقالُوا (٥) سَلاماً) : نصب ؛ لأنّه من جنس القول.

__________________

(١) ساقطة من ع.

(٢) ع : و.

(٣) أ : القوم.

(٤) ينظر : تفسير ابن وهب ١ / ٤٢٣ ، وتفسير الماوردي ٣ / ١٦١ عن القاسم بن يحيى وعلي بن عيسى ، وزاد المسير ٤ / ٣٠٧ ، وتفسير البغوي ٤ / ٣٨٣.

(٥) الأصول المخطوطة : قالوا.

١٧٥

(وَجِلُونَ) : خائفون ، جمع صحة لوجل.

٥٤ ـ (أَبَشَّرْتُمُونِي)(١) : على التعجب ، أتبشروني (٢) على حالتي هذه ، أتؤملونني غير كائن على ظن أني قد مسني الخوف ، أفرح بقولكم (٣) أم بالحق من عند الله ، وإنما سألهم قبل أن عرفهم.

٥٥ ـ (مِنَ الْقانِطِينَ) : الآيسين.

٦٠ ـ (قَدَّرْنا)(٤) : أراد تقدير الله تعالى فهو قضاؤه الحتم ، وإن كان تقدير الملائكة ، فهو تخمين منهم.

٦٢ ـ (قالَ) : لوط.

(إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ) : لأنّه (٥) لم يعرفهم ، فظنّ أنّهم لصوص.

٦٣ ـ (بِما (٦) كانُوا فِيهِ) : الهلاك والعذاب.

٦٦ ـ (وَقَضَيْنا) : أوحينا.

(ذلِكَ الْأَمْرَ) : الشأن والقصة (٧).

(أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ) : برحمة للأمر المقضيّ.

(مُصْبِحِينَ) : أي : حالة إصباحهم.

٦٨ ـ (فَلا تَفْضَحُونِ) : فلا تخزون.

٧٠ ـ (عَنِ الْعالَمِينَ) : عن إجارتهم وحمايتهم.

٧٢ ـ (لَعَمْرُكَ) : مرفوع على الابتداء ، تقديره : لعمرك قسمي ، والعمر : البقاء. وفي هذا القسم شرف لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

٧٣ ـ (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ) : الهدة عند انقلاب القريات من نحو السماء ، وانحدارها إلى الأرض. ويحتمل : أنّ جبريل صاح بهم حينئذ. وقيل : (الصَّيْحَةُ) : الفزع والهلاك دون الصوت. (٨)

__________________

(١) ك وع وأ : أبشرتمون.

(٢) ع : أتبشرونني.

(٣) الأصول المخطوطة : وبقولكم.

(٤) الأصول المخطوطة : قدرناها.

(٥) ع : لأنهم.

(٦) الأصول المخطوطة : ما.

(٧) ع : القضية.

(٨) ينظر : تهذيب اللغة ٢ / ١٩٨.

١٧٦

(مُشْرِقِينَ) : حالة الإشراق ، وإنما وقعت العبارة بالإصباح والإشراق جميعا ؛ لأنّ رفع القريات كان في وقت الإصباح ، وانحدارها في وقت الإشراق. (١٧٩ ظ)

٧٥ ـ (لِلْمُتَوَسِّمِينَ) : المتبصّرين (١) المستدلّين بالسّمات والأمارات. قال عليه‌السلام : «اتقوا فراسة المؤمن ، فإنّه ينظر بنور الله» ، ثم قرأ : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ). (٢)

٧٦ ـ (وَإِنَّها)(٣) : أي : المؤتفكات.

(لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ) : طريق واضح بيّن أثره ، كان أهل مكة يمرّون بها في أسفارهم.

٧٩ ـ (وَإِنَّهُما) : الأيكة والمؤتفكات. وقيل : مدبرين والأيكة.

(لَبِإِمامٍ) : طريق ، وإنما قيل ذلك لأنّه يتّبع إلى المقصد. قال ابن عمر : مررنا مع النبيّ عليه‌السلام على الحجر ، فقال لنا : «لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم ، إلّا أن تكونوا باكين حذرا أن يصيبكم مثل ما أصابهم» ، ثم زجر ، فأسرع حتى خلّفها. (٤) وإنما أمرهم بالبكاء ليبالغوا (٥) في التّفكّر والاعتبار ، وإنّما حذّرهم لأنّهم لو لم يعتبروا لكانوا مستخفّين بآيات الله في أرضه ، فاستحقّوا العقاب.

٨٥ ـ (وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ) : اتصالها من حيث نفي الجور في إهلاك هؤلاء الأمم الماضية ، ومن حيث نفي العبث في التخليق.

(الصَّفْحَ الْجَمِيلَ) : إن كان متاركة فهو منسوخ بآية السيف ، وإن كان ما يضادّ الإكراه فهو باق (٦) في حقّ العرب ؛ لأنهم إذا قبلوا الجزية صفحنا عنهم ، وإن كان المراد به ترك الفحش والشّتم فهو باق في حقّ الكافّة.

٨٧ ـ (سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي) : عن النبي عليه‌السلام : «أنّ السبع المثاني هي سورة (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ)». (٧)

__________________

(١) ساقطة من ع.

(٢) ينظر : سنن الترمذي (٣١٢٧) ، والمعجم الأوسط (٣٢٥٤) و (٧٨٤٣) ، وكتاب الزهد الكبير ٢ / ١٦٠ ، والموضوعات لابن الجوزي (١٦٣١ و ١٦٣٢ و ١٦٣٣ و ...) وقال : هذا حديث لا يصح عن رسول الله عليه‌السلام.

(٣) مكررة أ.

(٤) أخرجه البخاري في الصحيح (٣٣٨٠) ، ومسلم في الصحيح (٢٩٨٠ / ٣٩) واللفظ له ، والروياني في المسند ٢ / ٤٠٧ (١٤٠٩) ، والسيوطي في الديباج على صحيح مسلم ٦ / ٢٨٨.

(٥) ع : ليتبالغوا.

(٦) الأصل وع وك : باقي. أ : يأتي. وما أثبت الصواب.

(٧) أخرجه مالك في موطأ (٢٣١) ، والبخاري في الصحيح (٤٢٠٤) ، وابن خزيمة في الصحيح (٥٠٠).

١٧٧

٨٨ ـ (لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ) : ابن عباس : نهى الله (١) رسوله عن الرّغبة في الدنيا ، فحظر عليه (٢) النظر إليها بعين الرّغبة. روي عنه عليه‌السلام : أنّه مرّت به غنم في أيام الرّبيع ، فغطّى كمّه على عينيه ، فقيل له في ذلك ، فقال : «بهذا أمرني ربّي». (٣)

(أَزْواجاً مِنْهُمْ) : رجالا ونساء ، أو ذكورا وإناثا ، أو سخيّا وبخيلا ، أو المكتسبين والعاجزين.

(وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ) : إن لم يؤمنوا.

(وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ) : تواضع لهم ، وليّن جانبك لهم.

٩٠ ـ (كَما أَنْزَلْنا) : التشبيه عائد إلى قوله : (آتَيْناكَ سَبْعاً).

مجاهد : أهل الكتاب اقتسموا الكتاب فيما بينهم ، فحذفوا بعضا ، وحرّفوا بعضا (٤) ، واختلفوا في بعض ، ونقلوا على الوجه بعضا. (٥) أي : آتيناك المذكور ، كما أنزلنا الكتاب على المقتسمين من قبل.

وقال ابن زيد : إنّ (الْمُقْتَسِمِينَ) : هم أصحاب الحجر قوم صالح ، (تَقاسَمُوا بِاللهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ (٦)) [النمل : ٤٩]. (٧) وعن ابن عباس : هم الذين اقتسموا وجوه القرآن فيما بينهم ، وهم من قريش ، فزعم بعضهم : أنّه شعر ، وبعضهم : أنّه سحر ، وبعضهم : أساطير الأولين ، وبعضهم : أنّه (إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ) [النحل : ١٠٣]. (٨) تقديره : آتيناك المذكور كما أنزلنا العذاب على هؤلاء المقتسمين المستهزئين.

٩١ ـ (جَعَلُوا الْقُرْآنَ) : مجاهد : التوراة والإنجيل والقرآن. (٩) وقال ابن زيد : ما أتى به صالح. وهذا القول على إحدى روايتي ابن عباس.

(عِضِينَ) : أجزاء ، واحدها عضة ، أصلها عضوة.

٩٣ ـ (عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ) : قال : عن لا إله إلا الله : وإنما وقعت العبارة عن قول : لا

__________________

(١) غير موجودة ع.

(٢) الأصل وك وع : علينا.

(٣) ينظر : الفائق ٢ / ٣٨٤ ، ولسان العرب ٦ / ١٢٩.

(٤) ساقطة من ك ، وع غير واضحة.

(٥) ينظر : تفسير مجاهد ٣٤٢ ـ ٣٤٣ ، وتفسير الطبري ٧ / ٥٤٤ ،

(٦) غير موجودة ع.

(٧) ينظر : تفسير الطبري ٧ / ٥٤٤ ، وزاد المسير ٤ / ٣١٨ ، والتفسير الكبير ٧ / ١٦٢.

(٨) لم أجده عن ابن عباس ، وروي عن قتادة في زاد المسير ٤ / ٣١٨ ، والدر المنثور ٧ / ٥٤٦ ، وفتح البيان ٧ / ١٩٧.

(٩) ينظر : تفسير الطبري ٧ / ٥٤٥.

١٧٨

إله إلا الله بالعمل ؛ لأنّ إظهاره من عمل اللّسان ، وإن لم يكن القول في الحقيقة عملا.

٩٤ ـ (فَاصْدَعْ) : الصدع : الفرق والفصل.

٩٥ ـ (إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) : عن عروة بن الزبير (١) : هم خمسة : الأسود بن عبد يغوث ، وأبو زمعة الأسود بن المطلب ، والعاص بن وائل ، (١٨٠ و) والوليد بن المغيرة ، وابن غيطلة الحارث بن قيس السهميّ ، فجاء جبريل عليه‌السلام إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو يطوف بالبيت وقام إلى جنبه ، وهم يطوفون ، فمرّ به الأسود بن المطلب ، فرمى في وجهه بورقة خضراء ، فعمي ، ومرّ به الأسود بن عبد يغوث ، فأشار إلى بطنه ، فقام من الليل ، فشرب فحنب (٢) بطنه ، فمات حنبا ، ومرّ به العاص بن وائل ، فأشار جبريل عليه‌السلام إلى أخمص (٣) رجله ، فخرج على حمار له يريد الطائف ، فربض به حماره على شبرقة (٤) ، فدخلت منه شوكة في أخمص رجله ، فنفث عليه ، فقتلته ، ومرّ به الحارث بن قيس ، وهو ابن الغيطلة ، فأشار إلى رأسه ، فامتخض قيحا ، [فقتله](٥) ، ومرّ به الوليد بن المغيرة ، فأشار إلى أثر جرح بأسفل كعبه كان أصابه قبل ذلك ، وذلك أنّه مرّ برجل من خزاعة يريش نبلا [له فتعلّق](٦) سهم من نبله بإزاره ، فخدشه في ذلك الموضع ، فلم يك شيئا (٧) يومئذ ، فلمّا أشار إليه انتقض ذلك الخدش ، فقتله ، وكان قد أوصى بنيه أن يطالبوا خزاعة بدمه ، وقال : والله ، إنّي لأدري أنّي لم أقتل بسهمهم ، ولكن أخاف أن يسبّوا بعدي ، وذكرنا في الحديث. (٨)

وعن أبي يزيد المدنيّ (٩) ، قال : جاء جبريل عليه‌السلام فأخذ بيد النّبيّ عليه‌السلام فأخذه على طريق المشركين ، فمرّوا به ، قال : فيقول جبريل : من هذا؟ قال : فلان بن فلان ، ولم يسمّه ، قال : كفيناك هذا في عينه ، وقال : ومرّ به آخر ، فقال : من هذا؟ قال : فلان بن فلان ، قال : كفيناك هذا في كليته ، وجبريل أعلم بهم منه ، قال : منهم من سالت حدقته على نحره ، ومنهم من أخذته في

__________________

(١) أبو عبد الله عروة بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي ، التابعي ، أحد الفقهاء السبعة بالمدينة ، توفي ٩٣ ه‍. ينظر : الجرح والتعديل ٦ / ٣٩٥ ، وإسعاف المبطأ ٢١ ، والأعلام ٤ / ٢٢٦.

(٢) ع : فحبن.

(٣) ع : أخمصة.

(٤) الشبرق : نبت حجازي يؤكل وله شوك. ينظر : الفائق ٢ / ٢٢٠ ، والمجموع المغيث ٢ / ١٧١ ، والنهاية في غيب الحديث والأثر ٢ / ٤٤٠.

(٥) زيادة من كتب التخريج.

(٦) زيادة من كتب التخريج.

(٧) الأصول المخطوطة : شيء ، وما أثبت الصحيح نحويّا.

(٨) ينظر : تفسير العياشي ٢ / ٢٥٢ ، ودلائل النبوة للأصبهاني ٢٢٤ ، ودلائل النبوة للبيهقي ٢ / ٣١٦ ـ ٣١٨ عن ابن عباس ، والسيرة النبوية لابن كثير ٢ / ٨٦ عن عروة ،.

(٩) هو سهيل بن أبي صالح ، مولى جويرية بنت الأحمس الغطفانية ، الإمام المحدث الكبير الصادق ، من صغار التابعين ، توفي سنة ١٤٠ ه‍. ذكر من تكلم فيه ٩٦ ، ومن رمي بالاختلاط ٦٠ ، والكواكب النيرات ٢٤١.

١٧٩

بدنه ، فأمّا صاحب اليدين ، فمرّ برجل يرمي ، فتعلق سهم بردائه فقطع أكحله فمات.

وعن عكرمة : أخذ جبريل بظهر الأسود بن عبد يغوث ، فحناه حتى أحقوقف ، فقال عليه‌السلام : «خالي خالي» ، فقال جبريل عليه‌السلام : دعه عنك فقد كفيتك. (١)

وذكر الكلبي : أنّهم ماتوا جميعا في يوم إلا أبا زمعة ، فإنه عمي يومئذ ، ثم خرج إلى الصحراء ذات يوم ، ومعه غلام ، فأتاه جبريل عليه‌السلام وهو قاعد في أصل شجرة ، فجعل ينطح رأسه بالشجر ، ويضرب وجهه بالشّوك ، فاستغاث بغلامه ، فقال غلامه : ما أرى أحدا يصنع بك شيئا غير نفسك حتى مات ، وهو يقول : قتلني ربّ محمد. قال : وأكل الحارث بن قيس السهمي حوتا مالحا ، ويقال : طريا ، فلم يزل (٢) يشرب عليه الماء حتى انقدّ (٣) فمات ، وهو يقول : قتلني ربّ محمد. قال : وخرج العاص بن وائل في يوم مطير وابنان له ، فنزل شعبا من الشّعاب ، فلما وضع قدمه على الأرض قال : لدغت ، قال : فطلبوا ، فلم يجدوا شيئا ، وانتفخت رجله حتى صارت مثل عنق البعير ، فمات مكانه. قال : وأصاب الأسود بن عبد يغوث سموم ، فاسودّ حتى عاد حبشيا ، فأتى أهله ، فلم يعرفوه ، فأغلقوا دونه الباب (١٨٠ ظ) حتى مات ، وهو يقول : قتلني ربّ محمد. (٤)

٩٧ ـ (يَضِيقُ صَدْرُكَ) : عن الحسن : كان عند النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم رجل ، فجعل يعرض عليه الإسلام ، قال : فقال : والله إنّي لكاره لما تدعوني إليه ، قال : «وأنا ، والله ، لقد كنت كارها له ، ولكني أكرهت عليه ، إنّ الله بعثني بالرسالة ، فضقت ذرعا ، ووعدني فيها : لأبلغنّ أو ليعذبنّي». فقال الحسن : فبلّغ ، والله ، رسول (٥) الله حتى عذره الله ، فقال : (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ) [الذاريات : ٥٤].

٩٨ ـ (مِنَ السَّاجِدِينَ) : كن ساجدا ، وإنما جمع لوفق رؤوس الآي. ويحتمل : أن المراد ب (السَّاجِدِينَ) : الأنبياء عليهم‌السلام. (٦)

٩٩ ـ (يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) : الموت.

__________________

(١) ينظر : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله ١ / ٢٩٢ ، والسيرة الحلبية ١ / ٥١٣ ، وسبل الهدى والرشاد ٢ / ٦٠٦.

(٢) أ : ينزل.

(٣) القدّ : القطع المستأصل والشق طولا ، والانقداد : الانشقاق. لسان العرب ٣ / ٣٤٤.

(٤) ينظر : دلائل النبوة للأصبهاني ٢٢٥.

(٥) ع : ورسول.

(٦) هنا زيادة كلمة : اللهم.

١٨٠