روح المعاني - ج ١٥

أبي الفضل شهاب الدين السيّد محمود الألوسي البغدادي

روح المعاني - ج ١٥

المؤلف:

أبي الفضل شهاب الدين السيّد محمود الألوسي البغدادي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٣٤

والأرواح الشريرة وسلطانه منها. وقدر بعضهم النساء موصوفا والأول أولى ليشمل الرجال ويتضمن الإشارة السابقة ويطابق سبب النزول ، فإن الذي سحره صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان رجلا على المشهور كما ستسمع إن شاء الله تعالى. وقيل : أعانه بعض النساء ولكون مثل ذلك من عمل النساء وكيدهن غلب المؤنث على المذكر هنا وهو جائز على ما فصله الخفاجي في شرح درة الغواص. والنفث النفخ مع ريق كما قال الزمخشري. وقال صاحب اللوامح : هو شبه النفخ يكون في الرقية ولا ريق معه فإن كان يريق فهو تفل والأول هو الأصح لما نقله ابن القيم من أنهم إذا سحروا واستعانوا على تأثير فعلهم بنفس يمازجه بعض أجزاء أنفسهم الخبيثة. وقرأ الحسن «النّفّاثات» بضم النون وقرأ هو أيضا وابن عمر وعبد الله بن القاسم ويعقوب في رواية «النافثات» وأبو الربيع والحسن أيضا «النفثات» بغير ألف كالحذرات ، وتعريفها إما للعهد أو للإيذان بشمول الشر لجميع أفرادهن وتمحضهن فيه وتخصيصه بالذكر لما روى البخاري ومسلم وابن ماجة عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : سحر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حتى إنه ليخيل إليه أنه فعل الشيء ولم يكن فعله ، حتى إذا كان ذات يوم أو ذات ليلة دعا الله ثم دعا ثم دعا ثم قال : «أشعرت يا عائشة أن الله تعالى قد أفتاني فيما استفتيته فيه؟» قلت : وما ذاك يا رسول الله؟ فقال : «جاءني رجلان فجلس أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي فقال الذي عند رأسي للذي عند رجلي أو الذي عند رجلي للذي عند رأسي : ما وجه الرجل؟ قال : مطبوب. قال : من طبه؟ قال : لبيد بن الأعصم. قال : في أي شيء؟ قال : في مشط ومشاطة وجف طلعة ذكر. قال : فأين هو؟ قال في بئر ذي أروان». قالت : فأتاها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في أناس من أصحابه ثم قال : «يا عائشة والله لكأن ماءها نقاعة الحناء ، ولكأن نخلها رءوس الشياطين». قالت : فقلت يا رسول الله أفلا أحرقته؟ قال : «لا أما أنا فقد عافاني الله تعالى وكرهت أن أثير على الناس شرا فأمرت بها فدفنت». وهذان الملكان على ما يدل عليه رواية ابن مردويه من طريق عكرمة عن ابن عباس هما جبريل وميكائيل عليهما‌السلام ، ومن حديثهما في الدلائل للبيهقي بعد ذكر حديث الملكين فما أصبح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم غدا ومعه أصحابه إلى البئر فدخل رجل فاستخرج جف طلعة من تحت الراعوفة فإذا فيها مشط رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ومن مشاطة رأسه ، وإذا تمثال من شمع تمثال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وإذا فيها إبر مغروزة وإذا وتر فيه إحدى عشرة عقدة ، فأتاه جبريل عليه‌السلام بالمعوذتين فقال : يا محمد (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) وحل عقدة (مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ) وحل عقدة حتى فرغ منهما وحل العقد كلها وجعل لا ينزع إلّا وجد لها ألما ثم يجد بعد ذلك راحة ، فقيل : يا رسول الله لو قتلت اليهودي؟ قال : «قد عافاني الله تعالى وما يراه من عذاب الله تعالى أشد». وفي رواية إن الذي تولى السحر لبيد بن الأعصم وبناته ، فمرض النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فنزل جبريل بالمعوذتين وأخبره بموضع السحر وبمن سحره وبم سحره ، فأرسل صلى‌الله‌عليه‌وسلم عليا كرم الله تعالى وجهه والزبير وعمارا فنزحوا ماء البئر وهو كنقاعة الحناء ثم رفعوا راعوثة البئر فأخرجوا أسنان المشط ومعها وتر قد عقد فيه إحدى عشرة عقدة مغرزة بالإبر ، فجاءوا بها النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فجعل يقرأ المعوذتين عليها فكان كلما قرأ آية انحلت عقدة ، ووجد عليه الصلاة والسلام خفة حتى انحلت العقدة الأخيرة عند تمام السورتين. فقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم كأنما أنشط من عقال الخبر. والرواية الأولى أصح من هذه.

وقال الإمام المازري : قد أنكر ذلك الحديث المبتدعة من حيث إنه يحط منصب النبوة ويشكك فيها ، وإن تجويزه يمنع الثقة بالشرع ، وأجيب بأن الحديث صحيح وهو غير مراغم للنص ولا يلزم عليه حط منصب النبوة والتشكيك فيها لأن الكفار أرادوا بقولهم مسحور أنه مجنون وحاشاه ، ولو سلم إرادة ظاهره فهو كان قبل

٥٢١

هذه القصة أو مرادهم أن السحر أثر فيه وأن ما يأتيه من الوحي من تخيلات السحر وهو كذب أيضا لأن الله تعالى عصمه فيما يتعلق بالرسالة ، وأما ما يتعلق ببعض أمور الدنيا التي لم يبعث عليه الصلاة والسلام بسببها وهي مما يعرض للبشر فغير بعيد أن يخيل إليه من ذلك ما لا حقيقة له ، وقد قيل إنه إنما كان يخيل إليه أنه وطئ زوجاته وليس بواطئ وقد يتخيل الإنسان مثل هذا في المنام فلا يبعد تخيله في اليقظة ، وقيل إنه يخيل أنه فعله وما فعله ولكن لا يعتقد صحة ما تخيله فتكون اعتقاداته عليه الصلاة والسلام على السداد. وقال القاضي عياض : قد جاءت روايات حديث عائشة مبينة أن السحر إنما تسلط على جسده الشريف صلى‌الله‌عليه‌وسلم وظواهر جوارحه لا على عقله عليه الصلاة والسلام وقلبه واعتقاده ، ويكون معنى ما في بعض الروايات حتى يظن أنه يأتي أهله ولا يأتيهن ، وفي بعض أنه يخيل إليه أنه إلخ : أنه يظهر له من نشاطه ومتقدم عادته القدرة عليهن فإذا دنا منهن أخذته أخذة السحر فلم يأتهن ولم يتمكن من ذلك كما يعتري المسحور ، وكل ما جاء في الروايات من أنه عليه الصلاة والسلام يخيل إليه فعل شيء ولم يفعله ونحوه فمحمول على التخيل بالبصر لا لخلل تطرق إلى العقل وليس في ذلك ما يدخل لبسا على الرسالة ولا طعنا لأهل الضلالة انتهى. وبعضهم أنكر أصل السحر ونفى حقيقته وأضاف ما يقع منه إلى خيالات باطلة لا حقائق لها ، ومذهب أهل السنة وعلماء الأمة على إثباته وأن له حقيقة كحقيقة غيره من الأشياء لدلالة الكتاب والسنة على ذلك ولا يستنكر في العقل أن الله تعالى يخرق العادة عند النطق بكلام ملفق أو تركيب أجسام مخصوصة. والمزج بين قوى على ترتيب لا يعرفه إلّا الساحر وإذا شاهد الإنسان بعض الأجسام منها قاتلة كالسموم ومنها مسقمة كالأدوية الحادة ومنها مضرة كالأدوية المضادة للمرض لم يستبعد عقله أن ينفرد الساحر بعلم قوى قتالة أو كلام مهلك أو مؤد إلى التفرقة ومع ذلك لا يخلو من تأثير نفساني ، ثم إن القائلين به اختلفوا في القدر الذي يقع به فقال بعضهم : لا يزيد تأثيره على قدر التفرقة بين المرء وزوجه لأن الله تعالى إنما ذكر ذلك تعظيما لما يكون عنده وتهويلا له ، فلو وقع به أعظم منه لذكره لأن المثل لا يضرب عند المبالغة إلّا بأعلى أحوال المذكور ، ومذهب الأشاعرة أنه يجوز أن يقع به أكثر من ذلك وهو الصحيح عقلا لأنه لا فاعل إلّا الله وما يقع من ذلك فهو عادة أجراها الله تعالى ، ولا تفترق الأفعال في ذلك وليس بعضها بأولى من بعض ، ولورود الشرع بقصوره عن مرتبة لوجب المصير إليه ولكن لا يوجد شرع قاطع يوجب الاقتصار على ما قاله القائل الأول. وذكر التفرقة بين الزوجين في الآية ليس بنص في منع الزيادة وإنما النظر في أنه ظاهر أم لا ، والفرق بين الساحر وبين النبيّ والولي على قول الأشاعرة بأنه يجوز خرق العادة على يد الساحر مبين في الكتب الكلامية وغيرها من شروح الصحاح. وقيل في الآية المراد بالنفث في العقد إبطال عزائم الرجال بالحيل مستعار من تليين العقد بنفث الريق ليسهل حلها وهو يقرب من بدع التفاسير (وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ) أي إذا أظهر ما في نفسه من الحسد وعمل بمقتضاه بترتيب مقدمات الشر ومبادي الإضرار بالمحسود قولا وفعلا ومن ذلك على ما قيل النظر إلى المحسود وتوجيه نفسه الخبيثة نحوه على وجه الغضب فإن نفس الحاسد حينئذ تتكيف بكيفية خبيثة ربما تؤثر في المحسود بحسب ضعفه وقوة نفس الحاسد شرا قد يصل إلى حد الإهلاك ، ورب حاسد يؤذي بنظره بعين حسده نحو ما يؤذي بعد الحيات بنظرهن. وذكروا أن العائن والحاسد يشتركان في أن كلّا منهما تتكيف نفسه وتتوجه نحو من تريد أذاه إلّا أن العائن تتكيف نفسه عند مقابلة العين والمعاينة والحاسد يحصل حسده في الغيبة والحضور. وأيضا العائن قد يعين من لا يحسده من حيوان وزرع وإن كان لا ينفك من حسد صاحبه والتقييد بذلك إذ لا ضرر ، بل قيل إن ضرر الحسد إنما يحيق بالحاسد لا غير كما قال علي كرم الله تعالى

٥٢٢

وجهه : لله در الحسد ما أعدله بدأ بصاحبه فقتله. وقال ابن المعتز :

اصبر على حسد الحسو

د فإن صبرك قاتله

فالنار تأكل بعضها

إن لم تجد ما تأكله

وليعلم أن الحسد يطلق على تمني زوال نعمة الغير وعلى تمني استصحاب عدم النعمة ودوام ما في الغير من نقص أو فقر أو نحوه ، والإطلاق الأول هو الشائع والحاسد بكلا الإطلاقين ممقوت عند الله تعالى وعند عباده عزوجل آت بابا من الكبائر على ما اشتهر بينهم ، لكن التحقيق أن الحسد الغريزي الجبلي إذا لم يعمل بمقتضاه من الأذى مطلقا بل عامل المتصف به أخاه بما يحب الله تعالى مجاهدا نفسه لا إثم فيه بل يثاب صاحبه على جهاد نفسه وحسن معاملته أخاه ثوابا عظيما لما في ذلك من مشقة مخالفة الطبع كما لا يخفى ويطلق الحسد على الغبطة مجازا وكان ذلك شائعا في العرف الأول وهي تمني أن يكون له مثل ما لأخيه من النعمة من غير تمني زوالها وهذا مما لا بأس به ، ومن ذلك ما صح من قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا حسد إلا في اثنتين : رجل آتاه الله تعالى مالا وسلطه على هلكته في الحق ، ورجل آتاه الله تعالى الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها الناس». وقال أبو تمام :

هم حسدوه لا ملومين مجده

وما حاسد في المكرمات بحاسد

وقال أيضا :

وأعذر حسودك فيما قد خصصت به

إن العلى حسن في مثلها الحسد

هذا وقال الرئيس ابن سينا : الغاسق القوة الحيوانية فهي ظلمة غاسقة منكدرة على خلاف النفس الناطقة التي هي المستعيذة فإنها خلقت في جوهرها نقية صافية مبرأة عن كدورات المادة وعلائقها قابلة لجميع الصور والحقائق ، وإنما تتلوث من الحيوانية والنفاثات في العقد إشارة إلى القوى النباتية من حيث إنها تزيد في المقدار من جميع جهاته الطول والعرض والعمق فكأنها تنفث في العقد الثلاث ، ولما كانت العلاقة بين النفس الإنسانية والقوى النباتية بواسطة الحيوانية لا جرم قد ذكر القوى الحيوانية على القوى النباتية والشر اللازم من هاتين القوتين في جوهر النفس هو استحكام علائق البدن وامتناع تغذيها بالغذاء الموافق لها واللائق بجوهرها وهو الإحاطة بملكوت السماوات والأرض والانتقاش بالنقوش الباقية. وعنى بقوله تعالى (وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ) النزاع الحاصل بين البدن وقواه وبين النفس ، فالحاسد هو البدن من حيث له القوتان والمحسود هو النفس فالبدن وبال عليها فما أحسن حالها عند الإعراض عنه وما أعظم لذتها بالمفارقة إن لم تكن تلوثت منه. وقيل : الغاسق إشارة إلى المعدن والنفاثات إلى النباتات والحاسد إلى الحيوان ، ولما كان الإنسان لا يتضرر عن الأجسام الفلكية وإنما يتضرر عن الأجسام العنصرية وهي إما معدن أو نبات أو حيوان أمر بالاستعاذة من شر كل منها وكلا القولين كما ترى والله تعالى أعلم.

٥٢٣

سورة النّاس

وتسمى مع ما قبلها كما أشرنا إليه قبل بالمعوذتين بكسر الواو والفتح خطأ وكذا بالمقشقشتين وتقدم الكلام في أمر مكيتها ومدنيتها وهي ست آيات لا سبع وإن اختاره بعضهم.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (١) مَلِكِ النَّاسِ (٢) إِلهِ النَّاسِ (٣) مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ (٤) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (٥) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) (٦)

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* قُلْ أَعُوذُ) وقرئ في السورتين بحذف الهمزة ونقل حركتها إلى اللام كما قرئ فخذ أربعة (بِرَبِّ النَّاسِ) أي مالك أمورهم ومربيهم بإفاضة ما يصلحهم ودفع ما يضرهم ، وأمال الناس هنا أبو عمرو والدوري عن الكسائي وكذا في كل موضع وقع فيه مجرورا (مَلِكِ النَّاسِ) عطف بيان على ما اختاره الزمخشري جيء به لبيان أن تربيته تعالى إياهم ليست بطريق تربية سائر الملاك لما تحت أيديهم من مماليكهم بل بطريق الملك الكامل والتصرف الكلي والسلطان القاهر وكذا قوله تعالى (إِلهِ النَّاسِ) فإنه لبيان أن ملكه تعالى ليس بمجرد الاستيلاء عليهم والقيام بتدبير أمور سياستهم والتولي لترتيب مبادئ حفظهم وحمايتهم كما هو قصارى أمر الملوك بل هو بطريق المعبودية المؤسسة على الألوهية المقتضية للقدرة التامة على التصرف الكلي فيهم إحياء وإماتة وإيجادا وإعداما. وجوزت البدلية أيضا وأنت تعلم أنه لا مانع منه عقلا ثم ما هنا وإن لم يكن جامدا فهو في حكمه ، ولعل الجزالة دعت إلى اختياره وتخصيص الإضافة إلى الناس مع انتظامهم جميع العالم في سلك ربوبيته تعالى وملكوته وألوهيته على ما في الإرشاد للإرشاد إلى منهاج الاستعاذة الحقيقية بالإعاذة فإن توسل العائذ بربه وانتسابه إليه بالمربوبية والمملوكية والعبودية في ضمن جنس هو فرد من أفراده من دواعي مزيد الرحمة والرأفة ، وأمره تعالى بذلك من دلائل الوعد الكريم بالإعاذة لا محالة ولأن المستعاذ منه شر الشيطان المعروف بعداوتهم ففي التنصيص على انتظامهم في سلك عبوديته تعالى وملكوته رمز إلى إنجائهم من ملكة الشيطان وتسلطه عليهم حسبما ينطق به قوله تعالى (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) [الحجر : ٤٢] واقتصر بعض الأجلة في بيان وجه التخصيص على كون الاستعاذة هنا من شر ما يخص النفوس البشرية وهي الوسوسة كما قال تعالى (مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ) وبحث فيه بعد الإغماض عما فيه

٥٢٤

من القصور في توفية المقام حقه بأن شر الموسوس كما يلحق النفوس يلحق الأبدان أيضا وفيه شيء سنشير إن شاء الله تعالى إليه. واختار هذا الباحث في ذلك أنه لما كانت الاستعاذة فيما سبق من شر كل شيء أضيف الرب إلى كل شيء أي بناء على عموم الفلق ، ولما كانت هنا من شر الوسواس لم يضف إلى كل شيء وكان النظر إلى السورة السابقة يقتضي الإضافة إلى الوسواس لكنه لم يضف إليه حطا لدرجته عن إضافة الرب إليه بل إلى المستعيذ ، وكان في هذا الحط رمزا إلى الوعد بالإعاذة وهو الذي يجعل لما ذكر حظا في أداء حق المقام. ، وربما يقال إن في إضافة الرب إلى الناس في آخر سورة من كتابه تذكير الأول أمر عرفوه في عالم الذر وأخذ عليهم العهد بالإقرار به فيما بعد كما أشار إليه قوله تعالى (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) [الأعراف : ١٧٢] الآية فيكون في ذلك تحريض على الاستعاذة من شر الوسواس لئلا يتدنس أمر ذلك العهد ، وفيه أيضا رمز إلى الوعد الكريم بالإعاذة. وذكر القاضي أن في النظم الجليل إشعارا بمراتب الناظر المتوجه لمعرفة خالقه فإنه يعلم أولا بما يرى عليه من النعم الظاهرة والباطنة أن له ربا ثم يتغلغل في النظر حتى يتحقق أنه سبحانه غني عن الكل وذات كل شيء له ومصارف أمره منه فهو الملك الحق ، ثم يستدل به على أنه المستحق للعبادة لا غير. ويندرج في وجوه الاستعاذة المعتادة تنزيلا لاختلاف الصفات منزلة اختلاف الذات فإن عادة من ألم به هم أن يرفع أمره لسيده ومربيه كوالديه فإن لم يقدر على رفعه رفعه لملكه وسلطانه فإن لم يزل ظلامته شكاه إلى ملك الملوك ومن إليه المشتكى والمفزع ، وفي ذلك إشارة إلى عظم الآفة المستعاذ منها. ولابن سينا هاهنا كلام تتحرج منه الأقلام كما لا يخفى على من ألم به وكان له بالشريعة المطهرة أدنى إلمام. وتكرير المضاف إليه لمزيد الكشف والتقرير والتشريف بالإضافة وقيل لا تكرار فإنه يجوز أن يراد بالعام بعض أفراده فالناس الأول بمعنى الأجنة والأطفال المحتاجين للتربية ، والثاني الكهول والشبان لأنهم المحتاجون لمن يسوسهم ، والثالث الشيوخ المتعبدون المتوجهون لله تعالى وهو على ما فيه يبعده حديث إعادة الشيء معرفة وإن كان أغلبيا. والوسواس عند الزمخشري اسم مصدر بمعنى الوسوسة والمصدر بالكسر وهو صوت الحلي والخمس الخفي ، ثم استعمل في الخطرة الردية وأريد به هاهنا الشيطان ، سمي بفعله مبالغة كأنه نفس الوسوسة أو الكلام على حذف مضاف أي ذي الوسواس. وقال بعض أئمة العربية : إن فعلل ضربان صحيح كدحرج وثنائي مكرر كصلصل ولهما مصدران مطردان فعللة وفعلال بالكسر وهو أقيس ، والفتح شاذ لكنه كثر في المكرر كتمتام وفأفأة ، ويكون للمبالغة كفعال في الثلاثي كما قالوا وطواط للضعيف وثرثار للمكثر ، والحق أنه صفة فليحمل عليه ما في الآية الكريمة من غير حاجة إلى التجوز أو حذف المضاف. وقد تقدم في سورة الزلزال ما يتعلق بهذا المبحث فتذكر فما في العهد من قدم والظاهر أن المراد الاستعاذة من شر الوسواس من حيث هو وسواس ، ومآله إلى الاستعاذة من شر وسوسته وقيل المراد الاستعاذة من جميع شروره ولذا قيل من شر الوسواس ولم يقل من وسوسة الوسواس قيل : وعليه يكون القول بأن شره يلحق البدن كما يلحق النفس أظهر منه على الظاهر وعد من شره أنه كما في صحيح البخاري يعقد على قافية رأس العبد إذ هو نام ثلاث عقد مراده بذلك منعه من اليقظة وفي عد هذا من الشر البدني خفاء ، وبعضهم عد منه التخبط إذا لحق عند أهل السنة أنه قد يكون من مسه كما تقدم في موضعه.

وقوله تعالى (الْخَنَّاسِ) صيغة مبالغة أو نسبة أي الذي عادته أن يخنس ويتأخر إذا ذكر الإنسان ربه عزّ

٥٢٥

وجل. أخرج الضياء في المختارة والحاكم وصححه وابن المنذر وغيرهم عن ابن عباس قال : ما من مولود يولد إلّا على قلبه الوسواس فإذا عقل فذكر الله تعالى خنس ، فإذا غفل وسوس ، وله على ما روي عن قتادة خرطوم كخرطوم الكلب ، ويقال إن رأسه كرأس الحية. وأخرج ابن شاهين عن أنس قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول: «إن للوسواس خطما كخطم الطائر ، فإذا غفل ابن آدم وضع ذلك المنقار في أذن القلب يوسوس فإن ذكر الله تعالى نكص وخنس فلذلك سمي الوسواس الخناس». (الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ) قيل أريد قلوبهم مجازا. وقال بعضهم : إن الشيطان يدخل الصدر الذي هو بمنزلة الدهليز فيلقي منه ما يريد إلقاءه إلى القلب ويوصله إليه ولا مانع عقلا من دخوله في جوف الإنسان وقد ورد السمع به كما سمعت فوجب قبوله والإيمان به ، ومن ذلك «إن الشيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدم». ومن الناس من حمله على التمثيل وقال في الآية إنها لا تقتضي الدخول كما ينادي عليه البيان الآتي. وقال ابن سينا : الوسواس القوة التي توقع الوسوسة وهي القوة المتخيلة بحسب صيرورتها مستعملة للنفس الحيوانية ثم إن حركتها تكون بالعكس فإن النفس وجهتها إلى المبادئ المفارقة فالقوة المتخيلة إذا أخذتها إلّا الاشتغال بالمادة وعلائقها فتلك القوة تخنس أي تتحرك بالعكس وتجذب النفس الإنسانية إلى العكس فلذلك تسمى خناسا ، ونحوه ما قيل إنه القوة الوهمية فهي تساعد العقل في المقدمات فإذا آل الأمر إلى النتيجة خنست وأخذت توسوسه وتشككه ، ولا يخفى أن تفسير كلام الله تعالى بأمثال ذلك من شر الوسواس الخناس. والقاضي ذكر الأخير عن سبيل التنظير لا على وجه التمثيل والتفسير بناء على حسن الظن به ومحل الموصول ، إما الجر على الوصف وإما الرفع والنصب على الذم والشتم ، ويحسن أن يقف القارئ على أحد هذين الوجهين على (الْخَنَّاسِ) وأما على الأول ففي الكواشي أنه لا يجوز الوقف وتعقبه الطيبي بأن في عدم الجواز نظر للفاصلة وفي الكشف أنه إذا كان صفة فالحسن غير مسلم اللهم إلّا على وجه وهو أن الوقف الحسن شامل لمثله في فاصلة خاصة (مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) بيان للذي يوسوس على أنه ضربان جني وإنسي كما قال تعالى (شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِ) [الأنعام : ١١٢] أو متعلق بيوسوس ، و (مِنَ) لابتداء الغاية ، أي يوسوس في صدورهم من جهة الجن مثل أن يلقي في قلب المرء من جهتهم أنهم ينفعون ويضرون ، ومن جهة الناس مثل أن يلقي في قلبه من جهة المنجمين والكهان وأنهم يعلمون الغيب. وجوز فيه الحالية من ضمير (يُوَسْوِسُ) والبدلية من قوله تعالى (مِنْ شَرِّ) بإعادة الجار وتقدير المضاف والبدلية من الوسواس على أن (مِنَ) تبعيضية. وقال الفرّاء وجماعة : هو بيان للناس بناء على أنه يطلق على الجن أيضا فيقال كما نقل عن الكلبي : ناس من الجن كما يقال نفر ورجال منهم ، وفيه أن المعروف عند الناس خلافه مع ما في ذلك من شبه جعل قسم الشيء قسيما له ومثله لا يناسب بلاغة القرآن وإن سلم صحته ، وتعقب أيضا بأنه يلزم عليه القول بأن الشيطان يوسوس في صدور الجن كما يوسوس في صدور الإنس ولم يقم دليل عليه. ولا يجوز جعل الآية دليلا لما لا يخفى وأقرب منه على ما قيل أن يراد بالناس الناسي بالياء مثله في قراءة بعضهم (مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ) [البقرة : ١٩٩] بالكسر ويجعل سقوط الياء كسقوطها في قوله تعالى (يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ) [القمر : ٦] ثم يبين بالجنة والناس فإن كل فرد من أفراد الفريقين مبتلى بنسيان حق الله تعالى إلّا من تداركه شوافع عصمته وتناوله واسع رحمته. جعلنا الله ممن نال من عصمته الحظ الأوفى وكال له مولاه من رحمته فأوفى. ثم إنه قيل إن حروف هذه السورة غير المكرر اثنان وعشرون حرفا وكذا حروف الفاتحة وذلك بعدد السنين التي أنزل فيها القرآن فليراجع ، وبعد أن يوجد الأمر كما ذكر لا يخفى أن كون سني النزول اثنتين وعشرين سنة قول لبعضهم. والمشهور أنها ثلاث وعشرون اه. ومثل هذا الرمز ما قيل

٥٢٦

إن أول حروفه الباء وآخرها السين كأنه قيل «بس» أي حسب ففيه إشارة إلى أنه كاف عما سواه ورمز إلى قوله تعالى (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ) [الأنعام : ٣٨] وقد نظم ذلك بعض الفرس فقال :

أول وآخر قرآن زجه با آمد وسين

يعني اندر دوجهان رهبر ما قرآن بس

ومثله من الرموز كثير لكن قيل لا ينبغي أن يقال إنه مراد الله عزوجل. نعم قد أرشد عزوجل في هذه السورة إلى الاستعانة به تعالى شأنه كما أرشد جل وعلا إليها في الفاتحة بل لا يبعد أن يكون مراده تعالى على القول بأن ترتيب السور بوحيه سبحانه من ختم كتابه الكريم بالاستعاذة به تعالى من شر الوسواس الإشارة كما في الفاتحة إلى جلالة شأن التقوى والرمز إلى أنها ملاك الأمر كله وبها يحصل حسن الخاتمة ، فسبحانه من ملك جليل ما أجل كلمته ولله در التنزيل ما أحسن فاتحته وخاتمته. وبعد فهذا والحمد لله تأويل رؤياي من قبل ، قد جعلها ربي حقا ، فأسعدني وله الشكر بالتوفيق لتفسير كتابه العزيز الذي لا يذل من لاذ به ولا يشقى ، فإذ وفقتني يا إلهي لتفسير عبارته ، ووفقتني على ما شئت من مضمر إشارته ، فاجعلني يا رباه ممن يعتصم بمحكم حبله ، ويتمسك بعروته الوثقى ، ويأوي من المتشابهات إلى حرز معقله ، ويستظل بظلال كهفه الأوفى ، وأعذني به من وساوس الشيطان ومكايده ، ومن الارتباك بشباك غروره ومصائده ، واجعله وسيلة لي إلى أشرف منازل الكرامة ؛ وسلما أعرج فيه إلى محل السلامة ، فطالما يا إلهي أسهرتني آياته ، حتى خفقت برأسي سنة الكرى ، فلم أفق إلّا وقد لطمتني من صفاح صحائف سورة ذات سوار. وكم وكم سرت بي يا مولاي عباراته ، حتى حققت لي دعوى عند الصباح يحمد القوم السرى. فلم أشعر إلّا وقد تلفعت نواعس السوادي من فضل مئزر مهاة الصبح بخمار ، ولم أزل أسود الأوراق في تحرير ما أفضت عليّ حتى بيض نسخة عمري المشيب ، وأجدد النظر بتحديق الأحداق ، فيما أفيضت به من المشايخ إليّ حتى بلي برد شبابي القشيب. هذا مع ما قاسيته من خليل غادر ، وجليل جائر ، وزمان غشوم ، وغيوم وابلها غموم ، إلى أمور أنت بها يا إلهي أعلم ، ولم يكن لي فيها سواك من يرحم. وأكثر ذلك يا إلهي قد كانت حيث أهلتني لخدمة كتابك ، ومننت عليّ من غير حد بالفحص عن مستودعات خطابك ؛ فاكفني اللهم بحرمته مئونة معرة العباد ، وهب لي أمن يوم المعاد ؛ وأعذني بلطفك وأعذني بنعمتك ووفقني للتي هي أزكى ، واستعملني بما هو أرضى ، واسلك بي الطريقة المثلى ، وذودني مطيات الهدى ؛ وزودني باقيات التقى ، وأصلح ذريتي ، وبلغني بهم أمنيتي ، واجعلهم علماء عاملين وهداة مهديين ، وكن لي ولهم في جميع الأمور واحفظني واحفظهم من فتن دار الغرور ؛ وأيّد اللهم خليفتك في خليقتك ، ووفقه بحرمة كلامك لإعلاء كلمتك ، وصل وسلم على روح معاني الممكنات على الإطلاق ؛ وروح معاني قلوب المؤمنين والمؤمنات ؛ في سائر الآفاق وعلى آله وأصحابه ، وكل من سلك سنن سنته واقتفى وقال في ظلال ظليل شريعته قائلا حسبي ذلك وكفى. وقد صادف تسليم القلم ركوعه وسجوده ، في ظلم دياجي المداد ، واضطجاعه في بيت الدواة ، بعد قيامه على ساق الخدمة لكتاب رب العباد ، ليلة الثلاثاء لأربع خلون من شهر ربيع الآخر سنة ألف ومائتين وسبع وستين ، من هجرة سيد الأوائل والأواخر ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وجاء تاريخه (أكمل تفسيري روح المعاني) والحمد لله باطنا وظاهرا وله سبحانه الشكر أولا وآخرا.

٥٢٧
٥٢٨

فهرس المجلد الخامس عشر

من روح

المعاني

٥٢٩
٥٣٠

الفهرس

سورة الملك

الآيات : ١ ـ ١٤................................................................ ٣

الآيات : ١٥ ـ ٣٠............................................................. ١٦

سورة القلم

الآيات : ١ ـ ٢٢.............................................................. ٢٦

الآيات : ٢٣ ـ ٥٢............................................................. ٣٥

سورة الحاقة

الآيات : ١ ـ ٢٤.............................................................. ٤٥

الآيات : ٢٥ ـ ٥٢............................................................. ٥٥

سورة المعارج

الآيات : ١ ـ ١٨.............................................................. ٦٣

الآيات : ١٩ ـ ٤٤............................................................. ٦٩

سورة نوح

الآيات : ١ ـ ١٦.............................................................. ٧٥

الآيات : ١٧ ـ ٢٨............................................................. ٨٤

سورة الجن

الآيات : ١ ـ ١٧.............................................................. ٩١

الآيات : ١٨ ـ ٢٨........................................................... ١٠١

سورة المزمل

الآيات : ١ ـ ١٩............................................................. ١١٢

الآية : ٢٠.................................................................. ١٢٢

سورة المدثر

الآيات : ١ ـ ٣١............................................................. ١٢٩

٥٣١

الآيات : ٣٢ ـ ٥٦........................................................... ١٤٤

سورة القيامة

الآيات : ١ ـ ١٧............................................................. ١٥٠

الآيات : ١٨ ـ ٤٠........................................................... ١٥٩

سورة الإنسان

الآيات : ١ ـ ١٣............................................................. ١٦٦

الآيات : ١٤ ـ ٣١........................................................... ١٧٥

سورة المرسلات

الآيات : ١ ـ ٢٦............................................................. ١٨٧

الآيات : ٢٧ ـ ٥٠........................................................... ١٩٣

سورة النبأ

الآيات : ١ ـ ١٤............................................................. ٢٠١

الآيات : ١٥ ـ ٤٠........................................................... ٢١٠

سورة النازعات

الآيات : ١ ـ ٢٥............................................................. ٢٢٣

الآيات : ٢٦ ـ ٤٦........................................................... ٢٣٢

سورة عبس

الآيات : ١ ـ ٢٤............................................................. ٢٤١

الآيات : ٢٥ ـ ٤٢........................................................... ٢٤٨

سورة التكوير

الآيات : ١ ـ ٩.............................................................. ٢٥٣

الآيات : ١٠ ـ ٢٩........................................................... ٢٥٩

سورة الانفطار

الآيات : ١ ـ ١٩............................................................. ٢٦٧

سورة المطففين

الآيات : ١ ـ ١٦............................................................. ٢٧٤

الآيات : ١٧ ـ ٣٦........................................................... ٢٨٠

سورة الانشقاق

الآيات : ١ ـ ٢٥............................................................. ٢٨٦

سورة البروج

الآيات : ١ ـ ١٠............................................................. ٢٩٤

الآيات : ١١ ـ ٢٢........................................................... ٣٠١

٥٣٢

سورة الطارق

الآيات : ١ ـ ١٧............................................................. ٣٠٥

سورة الأعلى

الآيات : ١ ـ ١٩............................................................. ٣١٣

سورة الغاشية

الآيات : ١ ـ ٢٦............................................................. ٣٢٤

سورة الفجر

الآيات : ١ ـ ٣٠............................................................. ٣٣٣

سورة البلد

الآيات : ١ ـ ٢٠............................................................. ٣٤٩

سورة الشمس

الآيات : ١ ـ ١٥............................................................. ٣٥٧

سورة الليل

الآيات : ١ ـ ٢١............................................................. ٣٦٥

سورة الضحى

الآيات : ١ ـ ١١............................................................. ٣٧٢

سورة الشرح

الآيات : ١ ـ ٨.............................................................. ٣٨٥

سورة التين

الآيات : ١ ـ ٨.............................................................. ٣٩٣

سورة العلق

الآيات : ١ ـ ١٩............................................................. ٤٠٠

سورة القدر

الآيات : ١ ـ ٥.............................................................. ٤١١

سورة البينة

الآيات : ١ ـ ٨.............................................................. ٤٢٤

سورة الزلزلة

الآيات : ١ ـ ٨.............................................................. ٤٣٣

سورة العاديات

الآيات : ١ ـ ١١............................................................. ٤٤١

سورة القارعة

الآيات : ١ ـ ١١............................................................. ٤٤٧

٥٣٣

سورة التكاثر

الآيات : ١ ـ ٨.............................................................. ٤٥١

سورة العصر

الآيات : ١ ـ ٣.............................................................. ٤٥٧

سورة الهمزة

الآيات : ١ ـ ٩.............................................................. ٤٦٠

سورة الفيل

الآيات : ١ ـ ٥.............................................................. ٤٦٤

سورة قريش

الآيات : ١ ـ ٤.............................................................. ٤٧٠

سورة الماعون

الآيات : ١ ـ ٧.............................................................. ٤٧٤

سورة الكوثر

الآيات : ١ ـ ٣.............................................................. ٤٧٨

سورة الكافرون

الآيات : ١ ـ ٦.............................................................. ٤٨٤

سورة النصر

الآيات : ١ ـ ٣.............................................................. ٤٩١

سورة تبّت

الآيات : ١ ـ ٥.............................................................. ٤٩٦

سورة الإخلاص

الآيات : ١ ـ ٤.............................................................. ٥٠٣

سورة الفلق

الآيات : ١ ـ ٥.............................................................. ٥١٧

سورة الناس

الآيات : ١ ـ ٦.............................................................. ٥٢٤

٥٣٤