محمود بن أبي الحسن النّيسابوري
المحقق: الدكتور حنيف بن حسن القاسمي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الغرب الإسلامي ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٠٢
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
ومن سورة النحل
١ (أَتى أَمْرُ اللهِ) : استقرّ دينه ، وأحكامه (١) ، (فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) : بالتكذيب ، أو أتى أمره وعدا فلا تستعجلوه وقوعا (٢).
و / «الروح» (٣) : الوحي بالنّبوّة (٤) ، كقوله تعالى (٥) : (يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ) ، أو هو البيان عن الحق الذي يجب العمل به ، أو هو الروح الذي تحيا به الأبدان.
__________________
(١) أخرج الطبري نحو هذا القول في تفسيره : ١٤ / ٧٥ عن الضحاك.
ونقله الماوردي في تفسيره : ٢ / ٣٨٢ عن الضحاك ، وكذا ابن عطية في المحرر الوجيز : ٨ / ٣٦٥ ، وقال : «ويبعده قوله : (فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) لأنا لا نعرف استعجالا إلّا ثلاثة : اثنان منها للكفار في القيامة وفي العذاب ، والثالث للمؤمنين في النصر وظهور الإسلام».
وانظر زاد المسير : ٤ / ٤٢٧ ، وتفسير الفخر الرازي : ١٩ / ٢٢٣ ، وتفسير القرطبي : ١٠ / ٦٥.
(٢) ذكره الطبريّ في تفسيره : (١٤ / ٧٥ ، ٧٦) ، ورجحه ، وضعّف القول الأول الذي نسب إلى الضحاك فقال : «وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب ، قول من قال : هو تهديد من الله أهل الكفر به وبرسوله ، وإعلام منه لهم قرب العذاب منهم والهلاك ، وذلك أنّه عقب ذلك بقوله سبحانه وتعالى : (عَمَّا يُشْرِكُونَ) فدل ذلك على تقريعه المشركين ، ووعيده لهم. وبعد ، فإنه لم يبلغنا أن أحدا من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم استعجل فرائض قبل أن تفرض عليهم ، فيقال لهم من أجل ذلك : قد جاءتكم فرائض الله فلا تستعجلوها ، وأما مستعجلو العذاب من المشركين ، فقد كانوا كثيرا» اه.
(٣) في قوله تعالى : (يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ) ... [آية : ٢].
(٤) تفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٢٤١ ، وتفسير الطبري : ١٤ / ٧٧ ، وتفسير الماوردي : ٢ / ٣٨٣ ، والمحرر الوجيز : ٨ / ٣٦٨ ، وزاد المسير : ٤ / ٤٢٨ ، وتفسير القرطبي : ١٠ / ٦٧.
(٥) سورة غافر : آية : ١٥.
٤ (فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ) : أي : من أخرج من النطفة ما هذه صفته فقد أعظم العبرة (١).
٥ (دِفْءٌ) : ما يستدفأ به من لباس (٢) ، سمّي بالمصدر من دفؤ الزمان يدفؤ دفأ فهو دفيء ، ودفيء الرجل فهو دفآن.
وفي الحديث (٣) : «أنّه أتي بأسير يوعك فقال : أدفوه» فقتلوه (٤) ، فوداه (٥) أراد عليهالسلام : أدفئوه ، فترك الهمز إذ لم يكن في لغته ، ولو أراد القتل لقال : دافّوه ، داففت الأسير : أجهزت عليه (٦).
٧ (بِشِقِّ الْأَنْفُسِ) : بجهدها (٧).
٦ (تُرِيحُونَ) : باللّيل إلى معاطنها (٨) ، (وَحِينَ تَسْرَحُونَ) : بالنّهار إلى مسارحها (٩).
__________________
(١) عن تفسير الماوردي : ٢ / ٣٨٣.
وقال ابن الجوزي في زاد المسير : ٤ / ٤٢٩ : «والمعنى : أنه مخلوق من نطفة ، وهو مع ذلك يخاصم وينكر البعث ، أفلا يستدل بأوله على آخره ، وأنّ من قدر على إيجاده أولا ، يقدر على إعادته ثانيا ...».
(٢) تفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٢٤١ ، وتفسير الطبري : ١٤ / ٧٨ ، ومعاني الزجاج : ٣ / ١٩٠.
(٣) أورده أبو عبيد في غريب الحديث : ٤ / ٣٣.
وهو أيضا في الفائق : ١ / ٤٢٨ ، وغريب الحديث لابن الجوزي : ١ / ٣٤١ ، والنهاية : ٢ / ١٢٣ ، وقد جاء في هذين الأخيرين «يرعد» بدل «يوعك».
(٤) الإدفاء : القتل في لغة اليمن.
النهاية لابن الأثير : ٢ / ١٢٣ ، واللسان : ١ / ٧٦ (دفأ).
(٥) أي : أدى ديته.
(٦) الجمهرة لابن دريد : ٢ / ١٠٦٠ ، وغريب الحديث للخطابي : ٢ / ٢٦٩.
(٧) ينظر معاني القرآن للفراء : ٢ / ٩٧ ، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٢٤١ ، وتفسير الطبري : ١٤ / ٨٠ ، والمفردات للراغب : ٢٦٤.
(٨) معاطن الإبل : مباركها ومنازلها.
النهاية : ٣ / ٢٥٨ ، واللسان : ١٣ / ٢٨٦ (عطن).
(٩) قال الطبري ـ رحمهالله ـ في تفسيره : ١٤ / ٨٠ : «يعني تردونها بالعشي من مسارحها إلى مراحها ومنازلها التي تأوي إليها ، ولذلك سمي المكان : المراح ، لأنها تراح إليها عشيا ،
٩ (وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ) : بيان الحق. أو إليه طريق كلّ أحد لا يقدر أحد أن يجوز عنه.
(وَمِنْها جائِرٌ) : أي : من السّبيل ما هو مائل عن الحق (١).
١٠ (تُسِيمُونَ) : ترعون أنعامكم ، والسّوم في الرعي من التسويم بالعلامة (٢) ؛ لأنّ الراعي يسم الراعية بعلامات يعرف بها البعض عن البعض.
أو يظهر في مواضع الرعي علامات وسمات من اختلاء النبات (٣) ومساقط الأبعار.
١٤ (وَتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ) : أي : جواري (٤). مخرت السفينة كما تمخر الرّيح.
والمخر : هبوب الريح ، والمخر : شق الماء بشيء يعترض في جهة جريانه (٥).
__________________
فتأوي إليه ، يقال منه : أراح فلان ماشيته ، فهو يريحها إراحة. وقوله : (وَحِينَ تَسْرَحُونَ) يقول : وفي وقت إخراجكموها غدوة من مراحها إلى مسارحها ، يقال منه : سرح فلان ماشيته يسرحها تسريحا ، إذا أخرجها للرعي غدوة ، وسرحت الماشية : إذا خرجت للمرعى تسرح سرحا وسروحا ، فالسرح بالغداة ، والإراحة بالعشي».
(١) قال الطبري في تفسيره : ١٤ / ٨٤ : «يعني تعالى ذكره : ومن السبيل جائر عن الاستقامة معوج ، فالقاصد من السبل : الإسلام ، والجائر منها : اليهودية والنصرانية ، وغير ذلك من ملل الكفر كلها جائر عن سواء السبيل وقصدها ، سوى الحنيفية المسلمة».
(٢) معاني القرآن للزجاج : ٣ / ١٩٢ ، واللسان : ١٢ / ٣١٢ (سوم).
(٣) اختلاء النبات : نزعها وقطعها. وفي اللسان : «واختلاه فانخلى : جزّه وقطعه ونزعه».
اللسان : ١٤ / ٢٤٣ (خلا).
(٤) أخرجه الطبري في تفسيره : ٢٢ / ١٢٤ عن ابن عباس رضياللهعنهما.
وذكره ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن : ٢٤٢ ، والزجاج في معانيه : ٣ / ١٩٣ ، والبغوي في تفسيره : ٣ / ٦٤ ، ونقله ابن الجوزي في زاد المسير : ٤ / ٤٣٥ عن ابن عباس رضياللهعنهما. وكذا الفخر الرازي في تفسيره : ٢٠ / ٧.
(٥) ينظر تفسير الماوردي : ٢ / ٣٨٦ ، والمفردات للراغب : ٤٦٤ ، والكشاف : ٢ / ٤٠٤ ، وزاد المسير : ٤ / ٤٣٥ ، وتفسير الفخر الرازي : ٢٠ / ٧ ، وتفسير القرطبي : ١٠ / ٨٩ ، واللسان : ٥ / ١٦٠ (مخر).
وقيل (١) : (مَواخِرَ) : مواقر مثقلات.
١٥ (أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ) : لئلا تميد (٢).
٢٧ (كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ) : تظهرون شقاق المسلمين لأجلهم.
٢٨ (فَأَلْقَوُا السَّلَمَ) : الخضوع والاستسلام لملائكة العذاب (٣).
٤٦ (تَقَلُّبِهِمْ) : تصرّفهم في أسفارهم وأعمالهم (٤).
٤٧ (أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ) : أي : ما يتخوّفون منه من الأعمال السّيئة (٥).
أو [ما يتخوفون] (٦) عليه من متاع الدنيا.
وقيل (٧) : هو على تنقّص ، أي : نسلّط عليهم الفناء فيهلك الكثير في
__________________
قال الفخر الرازي رحمهالله : «إذا عرفت هذا فقول ابن عباس : «مواخر» أي : جوار ، إنما حسن التفسير به ، لأنها لا تشق الماء إلا إذا كانت جارية».
(١) أخرجه الطبري في تفسيره : ١٤ / ٨٨ عن الحسن رحمهالله تعالى.
ونقله الماوردي في تفسيره : ٢ / ٣٨٦ عن الحسن أيضا ، وكذا ابن الجوزي في زاد المسير : ٤ / ٤٣٥ ، والقرطبي في تفسيره : ١٠ / ٨٩.
(٢) قال ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن : ٢٤٢ : «أي : لئلا تميد بكم الأرض. والميد : الحركة والميل. ومنه يقال : فلان يميد في مشيته : إذا تكفّا».
وانظر مجاز القرآن لأبي عبيدة : ١ / ٣٥٧ ، وتفسير الطبري : ١٤ / ٩٠ ، وتفسير البغوي : ٣ / ٦٤.
(٣) قال ابن الجوزي في زاد المسير : ٤ / ٤٤٢ : «قال المفسرون : وهذا عند الموت يتبرؤون من الشرك ، وهو قولهم : (ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ) وهو الشرك ، فترد عليهم الملائكة فتقول : (بَلى) ، وقيل : هذا رد خزنة جهنم عليهم : (بَلى إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) من الشرك والتكذيب.
(٤) تفسير الطبري : ١٤ / ١١٢ ، ومعاني القرآن للزجاج : ٣ / ٢٠١ ، وتفسير الماوردي : ٢ / ٣٩٢ ، وتفسير القرطبي : ١٠ / ١٠٩ ، وتفسير ابن كثير : ٤ / ٤٩٣.
(٥) ذكر نحوه الماوردي في تفسيره : ٢ / ٣٩٢.
(٦) ما بين معقوفين عن نسخة «ج».
(٧) معاني القرآن للفراء : ٢ / ١٠١ ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة : ١ / ٣٦٠.
وقت يسير ، أو بنقصهم في أموالهم وثمارهم (١).
وسأل عمر عنها على المنبر فسكت النّاس حتى قام شيخ هذليّ فقال : هذه لغتنا ، التخوّف : التنقّص. فقال عمر : و / هل شاهد (٢)؟ فأنشد لأبي كبير (٣) :
تخوّف الرّحل (٤) منها تامكا (٥) قردا |
|
كما تخوّف عود النّبعة السّفن (٦) |
__________________
وقال ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن : ٢٤٣ : «ومثله : التخوّن ، يقال : تخوفته الدهور وتخونته ، إذا نقصته وأخذت من ماله أو جسمه».
وانظر تفسير الطبري : (١٤ / ١١٢ ـ ١١٤) ، ومعاني القرآن للزجاج : ٣ / ٢٠١ ، وتفسير البغوي : ٣ / ٧٠.
(١) ذكره الزجاج في معاني القرآن : ٣ / ٢٠١.
وانظر زاد المسير : ٤ / ٤٥١ ، وتفسير القرطبي : (١٠ / ١٠٩ ، ١١٠).
(٢) كذا في «ك» وورد في المصادر التي ذكرت الرواية : «فهل تعرف العرب ذلك في أشعارها؟ قال : نعم ...».
(٣) كذا ورد في الرواية التي ذكرها القرطبي في تفسيره : ١٠ / ١١٠ ، والبيضاوي في تفسيره : ١ / ٥٥٧ ، منسوبا إلى أبي كبير الهذلي.
ونسبه الأزهري في التهذيب : ٧ / ٥٩٤ إلى ابن مقبل ، والجوهري في الصحاح : ٤ / ١٣٥٩ (خوف) إلى ذي الرمة ، والزمخشري في الكشاف : ٢ / ٤١١ إلى زهير.
وأورده صاحب اللسان مرتين ، نسبه في الأولى مادة (خوف) إلى ابن مقبل ، وفي الثانية (سفن) إلى ذي الرمة.
وقد ذكر الزبيدي هذا الاختلاف في نسبة البيت فقال : «وقد روى الجوهري هذا الشعر لذي الرمّة ، ورواه الزجاج ، والأزهري لابن مقبل ، قال الصّاغاني : وليس لهما. وروى صاحب الأغاني ـ في ترجمة حمّاد الراوية ـ أنه لابن مزاحم الثمالي ، ويروى لعبد الله بن العجلان النّهدي.
قلت (الزبيدي) : وعزاه البيضاوي في تفسيره إلى أبي كبير الهذلي ، ولم أجد في ديوان شعر هذيل له قصيدة على هذا الرويّ» اه.
ينظر تاج العروس : ٢٣ / ٢٩٢ (خوف).
(٤) في تهذيب اللّغة ، والصحاح ، واللسان ، وتاج العروس : «السّير» : مكان «الرحل».
(٥) في الأصل : «تامكا صلبا قردا ...» ، وأثبت ما ورد في «ك» ، وسائر المصادر التي ذكرت البيت.
(٦) قال القرطبي في شرح هذا البيت : «تمك السنام يتمك تمكا ، أي : طال وارتفع فهو تامك ،
فقال عمر : عليكم بديوانكم شعر العرب (١).
٤٨ (يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ) : يتميل ويتحول (٢) ، وتفيّأت في الشّجرة : دخلت في أفيائها ، والفيء : الظلّ بعد الزوال لأنه مال (٣).
(عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ) : في أول النهار وآخره (٤) ، إذ بالغداة يتقلص (٥) الظلّ من إحدى الجهتين وبالعشيّ ينبسط من الأخرى.
وجمع (الشَّمائِلِ) للدلالة على أنّ المراد بـ «اليمين» الجمع على معنى الجنس ، ولأنّ الابتداء من اليمين ثم ينقبض حالا فحالا عن الشمائل (٦).
__________________
والسّفن والمسفن ما ينجر به الخشب».
ينظر تفسيره : ١٠ / ١١١.
(١) أورد هذا الأثر الزمخشري في الكشاف : ٢ / ٤١١ ، والفخر الرازي في تفسيره : ٢٠ / ٤٠ ، والقرطبي في تفسيره : ١٠ / ١١٠ ، والبيضاوي في تفسيره : ١ / ٥٥٧.
وأشار إليه المناوي في الفتح السماوي : ٢ / ٧٥٥ ، وقال : «لم أقف عليه».
ونقل محقق الفتح السماوي عن ابن همات الدمشقي في تحفة الراوي في تخريج أحاديث البيضاوي أنه قال : «قال السيوطي : لا يحضرني الآن تخريجه ، لكن أخرج ابن جرير (تفسير الطبري : ١٤ / ١١٣) عن عمر أنه سألهم عن هذه الآية فقالوا : ما نرى إلا أنه عند تنقص ما يردده من الآيات ، فقال عمر : ما أرى إلّا أنه على تنتقصون من معاصي الله ، فخرج رجل ممن كان عند عمر فلقي أعرابيا فقال : يا فلان ما فعل ربك؟ قال : قد تخيفته يعني ـ تنقصته ـ فرجع إلى عمر فأخبره ، فقال : قدر الله ذلك».
(٢) عن تفسير الماوردي : ٢ / ٣٩٢.
(٣) هذا قول رؤبة بن العجاج ، قال ثعلب في كتابه «الفصيح» : ٣١٩ : «وأخبرت عن أبي عبيدة قال : قال رؤبة بن العجاج : كل ما كانت عليه الشمس فزالت عنه فهو فيء وظلّ وما لم تكن عليه الشمس فهو ظل».
وانظر تهذيب اللغة : (١٥ / ٥٧٧ ، ٥٧٨) ، والمحرر الوجيز : ٨ / ٤٣٢ ، وتفسير الفخر الرازي : ٢٠ / ٤١.
(٤) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره : ١٤ / ١١٥ عن قتادة ، ونقله الماوردي في تفسيره : ٢ / ٣٩٣ عن قتادة ، والضحاك. وكذا البغوي في تفسيره : ٣ / ٧١.
(٥) في «ج» : يتنقص.
(٦) ينظر المحرر الوجيز : ٨ / ٤٣٢ ، وزاد المسير : ٤ / ٤٥٣ ، وتفسير الفخر الرازي : ٢٠ / ٤٣ ، وتفسير القرطبي : ١٠ / ١١٢.
(سُجَّداً) : خضّعا (١) لأمر الله لا يمتنع على تصريفه ، إذ التصرف لا يخلو عن التغير ، والتغيّر لا بدّ له من مغيّر ومدبّر فهي في تلك الشهادة كالخاضع السّاجد.
(داخِرُونَ) : صاغرون خاضعون (٢) بما فيهم من التسخير ودلائل التيسير.
٥٠ (يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ) : أي عذابه وقضاءه ، إذ قدرته فوق ما أعارهم من القوى والقدر ، كقوله (٣) : (وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ) ، أو لمّا وصف الله بالتعالي على معنى لا قادر أقدر منه ، وأنّ صفته في أعلى مراتب صفات القادرين حسن القول (مِنْ فَوْقِهِمْ) ليدل على هذا المعنى.
٥٣ (تَجْئَرُونَ) : ترفعون أصواتكم بالاستغاثة (٤).
٥٢ (وَلَهُ الدِّينُ) : الطاعة (٥) ، (واصِباً) : دائما ، أو خالصا (٦).
والوصب (٧) : التّعب بدوام العمل.
__________________
(١) تفسير الماوردي : ٢ / ٣٩٣ ، وزاد المسير : ٤ / ٤٥٣ ، وتفسير الفخر الرازي : ٢٠ / ٤٤.
(٢) ينظر مجاز القرآن لأبي عبيدة : ١ / ٣٦٠ ، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٢٤٣ ، وتفسير الطبري : ١٤ / ١١٦ ، والمفردات للراغب : ١٦٦.
(٣) سورة الأنعام : آية : ٦١.
(٤) نص هذا القول في معاني القرآن للزجاج : ٣ / ٢٠٤ ، وقال : «يقال : جأر الرجل يجأر جؤارا».
وانظر مجاز القرآن لأبي عبيدة : ١ / ٣٦١ ، وتفسير الطبري : ١٤ / ١٢١ ، وتفسير البغوي : ٣ / ٧٢.
(٥) تفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٢٤٣ ، وتفسير الطبري : ١٤ / ١١٨ ، ومعاني الزجاج : ٣ / ٢٠٣ ، وتفسير الماوردي : ٢ / ٣٩٤.
(٦) ينظر معاني القرآن للفراء : ٢ / ١٠٤ ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة : ١ / ٣٦١ ، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٢٤٣ ، وتفسير الطبري : (١٤ / ١١٩ ، ١٢٠) ، وتفسير البغوي : ٣ / ٧٢.
(٧) تفسير الطبري : ١٤ / ١١٨ ، وتهذيب اللغة للأزهري : ١٢ / ٢٥٥ ، واللسان : ١ / ٧٩٧ (وصب) ، والبحر المحيط : ٥ / ٥٠٠.
٥٥ (لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ) : بما أنعمنا عليهم ، أي : جعلوا ما أنعمنا به عليهم سببا للكفر ، فهم بمنزلة من أشرك في العبادة ليكفروا بما أوتى من النعمة كأنّه لا غرض في شركه إلّا هذا.
٥٦ (تَاللهِ لَتُسْئَلُنَ) : سؤال التوبيخ وهو الذي لا جواب لصاحبه إلا بما فيه فضيحته ، وهو يشبه سؤال الجدال من المحق للمبطل.
(وَيَجْعَلُونَ لِما لا يَعْلَمُونَ) : أنه يضر وينفع.
(نَصِيباً) : يتقربون به إليه ، أي : الأصنام ، كما في قوله (١) : (وَهذا لِشُرَكائِنا).
٥٧ (وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ) : أي : من البنين.
٦٠ (وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى) : مع / قوله (٢) : (فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ) ؛ [٣٥ / أ] لأنّها الأمثال التي توجب الاشتباه (٣).
(ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ) : أي : من أهل الظلم (٤) ، أو لأنّه لو أهلك
__________________
(١) سورة الأنعام : آية : ١٣٦.
(٢) سورة النحل : آية : ٧٤.
(٣) في «ك» : الأشباه.
وذكر القرطبي هذا القول في تفسيره : ١٠ / ١١٩ ، وقال : «أي لا تضربوا لله مثلا يقتضي نقصا وتشبيها بالخلق ، و «المثل الأعلى» وصفه بما لا شبيه له ولا نظير ...».
(٤) ذكره الماوردي في تفسيره : ٢ / ٣٩٦ ، وابن عطية في المحرر الوجيز : ٨ / ٤٥٠ ، عن فرقة ، قال : «ويدل على هذا التخصيص أن الله تعالى لا يعاقب أحدا بذنب أحد.
واحتجت ـ الفرقة ـ بقوله تعالى : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى). وهذا كله لا حجة فيه ؛ وذلك أن الله تعالى لا يجعل العقوبة تقصد أحدا بسبب إذ ناب غيره ، ولكنه إذا أرسل عذابا على أمة عاصية لم يمكن البريء التخلص من ذلك العذاب ، فأصابه العذاب لا بأنه له مجازاة. ونحو هذا قوله : (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) وقيل للنبي صلىاللهعليهوسلم : أنهلك وفينا الصالحون؟ قال : «نعم إذا كثر الخبث».
ثم لا بد من تعلق ظلم ما بالأبرياء ؛ وذلك بترك التغيير ومداجنة أهل الظلم ومداومة جوارهم» اه.
وانظر تفسير الفخر الرازي : ٢٠ / ٦١ ، وتفسير القرطبي : (١٠ / ١١٩ ، ١٢٠).
الآباء لم يكن الأنباء (١).
٦٢ (لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ) : وجب قطعا ، أو كسب فعلهم أنّ لهم النّار ، فيكون (لا) ردّا للكلام (٢) ، أو صلة.
(مُفْرَطُونَ) : معجّلون (٣) ، أو مقدمون ، تقول : أفرطناه في طلب الماء : قدمناه.
٦٦ (مِمَّا فِي بُطُونِهِ) : التذكير للرد إلى لفظ «ما» (٤) ، أو للردّ على النّعم. والنّعم والأنعام واحد (٥) ؛ لأنّ النّعم اسم جنس فيذكّر على اللّفظ ، ألا ترى أنّ النعم يؤنث على نية الأنعام فيذكّر الأنعام على نية النّعم. أو ردّ الكناية إلى البعض (٦) ، أي : نسقيكم مما في بطون البعض منها إذ ليس لكلّها لبن يشرب.
__________________
(١) ذكره الماوردي في تفسيره : ٢ / ٣٩٦ دون عزو ، وكذا البغوي في تفسيره : ٣ / ٧٤ ، والفخر الرازي في تفسيره : ٢٠ / ٦١ ، والقرطبي في تفسيره : ١٠ / ١١٩.
(٢) ذكره الزجاج في معانيه : ٣ / ٢٠٧ ، ونقله ابن الجوزي في زاد المسير : ٤ / ٤٦٠ ، والفخر الرازي في تفسيره : ٢٠ / ٦٢ ، والقرطبي في تفسيره : ١٠ / ١٢١ عن الزجاج.
(٣) قال ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن : (٢٤٤ ، ٢٤٥) : «أي معجلون إلى النار. يقال : فرط مني ما لم أحسبه ، أي : سبق. والفارط : المتقدم إلى الماء لإصلاح الأرشية والدلاء حتى يرد القوم وأفرطته : أي : قدمته».
وانظر تفسير الطبري : ١٤ / ١٢٨ ، ومعاني الزجاج : ٢ / ٢٠٧ ، والكشاف : ٢ / ٤١٥ ، والمفردات للراغب : ٣٧٦.
(٤) ذكره الطبري في تفسيره : ١٤ / ١٣٢ ، والفخر الرازي في تفسيره : ٢٠ / ٦٦. ونقله القرطبي في تفسيره : ١٠ / ١٢٤ عن الكسائي.
(٥) ذكره الفراء في معانيه : (٢ / ١٠٨ ، ١٠٩).
وانظر مجاز القرآن لأبي عبيدة : ١ / ٣٦٢ ، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٢٤٥ ، وتفسير الطبري : ١٤ / ١٣١ ، وإعراب القرآن للنحاس : ٢ / ٤٠١ ، وزاد المسير : ٤ / ٤٦٣.
(٦) نقله المؤلف في وضح البرهان : ١ / ٥٠٧ عن المؤرج.
وأورده النحاس في إعراب القرآن : ٢ / ٤٠٢ ، وقال : «حكاه أبو عبيد عن أبي عبيدة» ، ونقله ابن الجوزي في زاد المسير : ٤ / ٤٦٣ ، والقرطبي في تفسيره : ١٠ / ١٢٤ عن أبي عبيدة أيضا.
وانظر تفسير الطبري : ١٤ / ١٣٣ ، والمحرر الوجيز : ٨ / ٤٥٧.
٦٧ (سَكَراً) : شرابا مسكرا (١) ، (وَرِزْقاً حَسَناً) : فاكهة.
وقيل (٢) : السكر ما شربت ، والرزق الحسن ما أكلت.
٦٨ (وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ) : ألهمها (٣) ، أي : جعله في طباعها حتى صارت سبله لها مذلّلة سهلة ، فتراها تبكّر إلى الأعمال وتقسمها بينها كما يأمرها اليعسوب (٤) فبعض يعمل الشّمع ، وبعض العسل ، وبعض يبني البيوت ، وبعض يستقي الماء ويصبّه في الثّقب.
٦٩ (يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ) : سمّاه شرابا إذ يجيء منه الشّراب وإن كانت تجيء بالعسل بأفواهها فهو يخرج من جهة أجوافها وبطونها ويكون باطنا في فيها ؛ ولأن الاستحالة لا يكون إلّا في البطن فالنّحل تخرج العسل من البطن إلى الفم كالريق ، وخوطب بهذا الكلام أهل تهامة وضواحي كنانة
__________________
(١) فيكون هذا القول محمولا على قبل تحريم الخمر ، وقد ذكر هذا القول الفراء في معانيه : ٢ / ١٠٩ ، وابن قتيبة في تفسير غريب القرآن : ٢٤٥ ، وأخرجه الطبري في تفسيره : (١٤ / ١٣٤ ـ ١٣٦) عن ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، والحسن ، ومجاهد.
قال الفخر الرازي في تفسيره : ٢٠ / ٧٠ «فإن قيل : الخمر محرمة فكيف ذكرها في معرض الإنعام؟ أجابوا عنه من وجهين :
الأول : أن هذه السورة مكية ، وتحريم الخمر نزل في سورة المائدة ، فكان نزول هذه الآية في الوقت الذي كانت فيه غير محرمة.
الثاني : أنه لا حاجة إلى التزام هذا النسخ ، وذلك لأنه تعالى ذكر ما في هذه الأشياء من المنافع وخاطب المشركين بها ، والخمر من أشربتهم فهي منفعة في حقهم ، ثم إنه تعالى نبه في هذه الآية أيضا على تحريمها ، وذلك لأنه ميز بينها وبين الرزق الحسن في الذكر ، فوجب أن يكون السكر رزقا حسنا ، ولا شك أنه حسن بحسب الشهوة ، فوجب أن يقال الرجوع عن كونه حسنا بحسب الشريعة ، وهذا إنما يكون كذلك إذا كانت محرمة» اه.
(٢) نقله المؤلف ـ رحمهالله ـ في كتابه وضح البرهان : ١ / ٥٠٨ عن الحسن رحمهالله تعالى ، ونقله البغوي في تفسيره : ٣ / ٧٥ عن الشعبي.
(٣) ينظر معاني القرآن للفراء : ٢ / ١٠٩ ، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٢٤٥ ، وتفسير الطبري : ١٤ / ١٣٩ ، ومعاني الزجاج : ٣ / ٣١٠ ، والمحرر الوجيز : ٨ / ٤٦٠.
(٤) اليعسوب : فحل النحل.
النهاية : ٣ / ٢٣٤ ، واللسان : ١ / ٥٩٩ (عسب).
ـ وهم أهل العسل ـ فلم ينكر أحد هذا المجاز.
(فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ) : إذ المعجونات كلها بالعسل ، وفي الحديث (١) : «عليكم بالشفاءين : القرآن والعسل».
٧٠ (أَرْذَلِ الْعُمُرِ) : أردأه وأوضعه (٢) ، وهو إذا صار إلى خمس وسبعين سنة ، عن عليّ رضياللهعنه (٣).
(لِكَيْلا يَعْلَمَ) : لما فيه من الاعتبار بتصريف الأحوال.
٧١ (فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلى ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) : أي : ما ملكت أيمانهم لا يشاركونهم في ملكهم ولا يملكون / شيئا من رزقهم ، فكيف يجعلون لله من خلقه شركاء في ملكه (٤).
و «الحفدة» (٥) : الخدم والأعوان (٦). وبنو البنين بلغة سعد
__________________
(١) أخرجه ابن ماجة في السنن : ٢ / ١١٤٢ ، كتاب الطب ، باب «العسل» عن عبد الله بن مسعود رضياللهعنه مرفوعا.
وأخرجه الحاكم في المستدرك : ٤ / ٢٠٠ ، كتاب الطب ، باب «الشفاء شفاءان قراءة القرآن وشرب العسل» عن عبد الله بن مسعود مرفوعا ، وقال : «هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه» ، ووافقه الذهبي.
وأورده السيوطي في الدر المنثور : ٥ / ١٤٤ ، وزاد نسبته إلى سعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، وابن مردويه عن ابن مسعود موقوفا.
(٢) تفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٢٤٦ ، وتفسير الطبري : ١٤ / ١٤١ ، والكشاف : ٢ / ٤١٨ ، وتفسير القرطبي : ١٠ / ١٤٠ ، واللسان : ١١ / ٢٨١ (رذل).
(٣) أخرجه الطبري في تفسيره : (١٤ / ١٤١ ، ١٤٢) عن علي رضياللهعنه.
ونقله الماوردي في تفسيره : ٢ / ٤٠٠ عن علي أيضا ، وكذا البغوي في تفسيره : ٣ / ٧٦ ، وابن عطية في المحرر الوجيز : ٨ / ٤٦٤ ، وابن الجوزي في زاد المسير : ٤ / ٤٦٧.
(٤) ينظر تفسير الطبري : ١٤ / ١٤٢ ، ومعاني القرآن للزجاج : ٣ / ٢١٢ ، وتفسير البغوي :٣ / ٧٧ ، والمحرر الوجيز : ٨ / ٤٦٥.
(٥) في قوله تعالى : (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً) ... [آية : ٧٢].
(٦) ذكره الفراء في معانيه : ٢ / ١١٠ ، وأبو عبيدة في مجاز القرآن : ١ / ٣٦٤ ، وابن قتيبة في تفسير غريب القرآن : ٢٤٦ ، وأخرجه الطبري في تفسيره : (١٤ / ١٤٤ ، ١٤٥) عن ابن عباس ،
العشيرة (١) ، أي : الله جعل من الأزواج بنين ومن يعاون على ما يحتاج إليه بسرعة. يقال : حفد أسرع في العمل (٢).
٧٦ (كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ) : وليّه.
٧٧ (وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ) : أي : إذا أمرنا (٣).
(أَوْ هُوَ أَقْرَبُ) : على تقدير قول المخاطب وشكه ، أي : كونوا فيها على هذا الظن.
٨٤ (نَبْعَثُ [مِنْ] (٤) كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً) : يبعث الله يوم القيامة من أهل كل عصر من هو حجة عليهم فيشهد.
٩٠ (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ) : تجالس مسروق (٥) وشتير (٦) ، فقال شتير :
__________________
وعكرمة ، والحسن ، ومجاهد ، وقتادة.
(١) ورد في كتاب لغات القرآن لأبي عبيد : ١٦٠ أن «الحفدة» : الأختان ، بلغة سعد العشيرة.
وقد أخرج الطبري في تفسيره : ١٤ / ١٤٦ عن ابن عباس رضياللهعنهما قال : «هم الولد وولد الولد».
ورجحه ابن العربي في أحكام القرآن : ٣ / ١١٦٢ فقال : «الظاهر عندي من قوله : (بَنِينَ) أولاد الرجل من صلبه ، ومن قوله : (حَفَدَةً) أولاد ولده. وليس في قوة اللفظ أكثر من هذا ، ونقول : تقدير الآية على هذا : والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا ، ومن أزواجكم بنين ، ومن البنين حفدة».
(٢) ينظر تفسير الطبري : ١٤ / ١٤٧ ، ومعاني القرآن للزجاج : ٣ / ٢١٣ ، وتهذيب اللغة : ٤ / ٤٢٦ ، واللسان : ٣ / ١٥٣ (حفد).
(٣) قال الزجاج في معانيه : ٣ / ٢١٤ : «ليس يريد أن الساعة تأتي في أقرب من لمح البصر ، ولكنه يصف سرعة القدرة على الإتيان بها».
وانظر زاد المسير : ٤ / ٤٧٤ ، وتفسير القرطبي : ١٠ / ١٥٠.
(٤) في الأصل : «في».
(٥) هو مسروق بن الأجدع بن مالك الهمداني ، الوادعي ، الكوفي.
الإمام التابعي الجليل. قال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب : ٥٢٨ : «ثقة فقيه عابد ، مخضرم ، من الثانية».
ترجمته في طبقات ابن سعد : ٦ / ٧٦ ، وتذكرة الحفاظ : ١ / ٤٩ ، وسير أعلام النبلاء : ٤ / ٦٣.
(٦) هو شتير بن شكل بن حميد العبسي الكوفي.
إمّا أن تحدّث ما سمعت من عبد الله (١) وأصدّقك وإمّا أن أحدّثك وتصدقني. قال مسروق : بل تحدّث وأصدقك ، فقال شتير : سمعت عبد الله يقول : أجمع آية في القرآن لخير وشرّ (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ) الآية. فقال مسروق : صدقت (٢).
٩٢ (أَنْكاثاً) : أنقاضا (٣).
(دَخَلاً) : غرورا ودغلا ، كأنّ داخل القلب يخالف ظاهر القول (٤).
(أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ) : أعزّ وأزيد (٥) ، وكانوا يعقدون الحلف ثم ينقضونه إذا وجدوا من هو أقوى.
و «الحياة الطيّبة» (٦) : الرزق الحلال (٧) ، أو القناعة (٨) وأكثر
__________________
ضبط ابن ماكولا اسمه فقال : «أوله شين معجمة مضمومة بعدها تاء مفتوحة معجمة باثنتين من فوقها ثم ياء معجمة باثنتين من تحتها وآخره راء». الإكمال : ٤ / ٣٧٨.
ترجم له الحافظ في التقريب : ٢٦٤ ، فقال : «يقال إنه أدرك الإسلام ، ثقة ، من الثانية».
(١) هو عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه.
(٢) أخرجه الحاكم في المستدرك : ٢ / ٣٥٦ ، كتاب التفسير ، باب «أجمع آية في القرآن للخير والشر» وقال : «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ...» ووافقه الذهبي.
وأخرج ـ نحوه ـ الطبري في تفسيره : ١٤ / ١٦٣ عن ابن مسعود رضياللهعنه.
وانظر هذا الأثر عن عبد الله بن مسعود في تفسير البغوي : ٣ / ٨٢ ، والمحرر الوجيز : ٨ / ٤٩٣ ، وزاد المسير : ٤ / ٤٨٤.
(٣) ينظر مجاز القرآن لأبي عبيدة : ١ / ٣٦٧ ، وتفسير الطبري : ١٤ / ١٦٦ ، والمفردات للراغب : ٥٠٤ ، وتفسير القرطبي : ١٠ / ١٧١.
(٤) قال الراغب في المفردات : ١٦٦ : «والدّخل كناية عن الفساد والعداوة المستبطنة كالدّغل ..».
(٥) تفسير الطبري : ١٤ / ١٦٧ ، وتفسير الماوردي : ٢ / ٤١٠.
(٦) من قوله تعالى : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً) ... [آية : ٩٧].
(٧) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره : ١٤ / ١٧٠ عن ابن عباس رضياللهعنهما.
وأورده السيوطي في الدر المنثور : ٥ / ١٦٤ ، وزاد نسبته إلى عبد الرزاق ، والفريابي ، وسعيد بن منصور ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس.
(٨) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره : ١٤ / ١٧١ عن الحسن ، والضحاك.
المسلمين ليسوا متّسقي الأرزاق.
١٠٣ (لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌ) : يميلون ويضيفون إليه (١) ، حين اتهموا النّبيّ ـ عليهالسلام ـ في معرفة الأخبار ببعض العجم ممن قرأ.
١١٢ (فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ) : أي : جعل ما يظهر عليهم من الهزال وسوء الحال كاللباس عليهم.
وإنّما يقال لصاحب الشدّة : ذق لأنّه يتجدّد عليه إدراكه كما يتجدد على الذائق.
١٢٠ (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً) : إماما يأتمّ به النّاس (٢).
(قانِتاً) : دائما على العبادة.
(حَنِيفاً) : مسلما مستقبلا في صلاته الكعبة (٣).
١٢٢ (وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) : فيه غاية الترغيب في الصّلاح والمدح لإبراهيم ـ عليهالسلام ـ ، إذ شرف جملة هو منها حتى يصير الاستدعاء إليها بأنه فيها.
وإنّما جاز أن / يتبع الأفضل المفضول (٤) لسبقه إلى القول بالحق [٥٤ / أ] والعمل به وإن كان نبيّنا أفضل الأنبياء.
__________________
وأورده السيوطي في الدر المنثور : ٥ / ١٦٤ ، وعزا إخراجه إلى وكيع عن محمد بن كعب القرظي.
(١) ينظر تفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٢٤٩ ، ومعاني الزجاج : ٣ / ٢١٩ ، والمفردات : ٢١٩.
(٢) ذكره الماوردي في تفسيره : ٢ / ٤١٥ عن الكسائي ، وأبي عبيدة.
(٣) قال ابن عطية في المحرر الوجيز : ٨ / ٥٤١ : «الحنيف : المائل إلى الخير والإصلاح ، وكانت العرب تقول لمن يختتن ويحج البيت حنيفا».
(٤) لعله تفسير لقوله تعالى : (ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) ... [آية : ١٢٣].
١٢٤ (إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ) : التشديد في يوم السّبت (١).
(عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ) : جاءهم موسى بالجمعة فقال أكثرهم : لا ، بل يوم السّبت (٢).
__________________
(١) قال القرطبي في تفسيره : ١٠ / ١٩٩ : «كان السبت تغليظا على اليهود في رفض الأعمال وترك التبسيط في المعاش بسبب اختلافهم فيه ...».
(٢) معاني القرآن للفراء : ٢ / ١١٤ ، وتفسير الطبري : ١٤ / ١٩٣.
قال ابن عطية في المحرر الوجيز : ٨ / ٥٤٤ : «قوله تعالى : (إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ) ، أي : لم يكن من ملة إبراهيم ، وإنما جعله الله فرضا عاقب به القوم المختلفين فيه ، قاله ابن زيد ، وذلك أن موسى ـ عليهالسلام ـ أمر بني إسرائيل أن يجعلوا من الجمعة يوما مختصا بالعبادة وأمرهم أن يكون يوم الجمعة ، فقال جمهورهم : بل يكون يوم السبت ، لأن الله فرغ فيه من خلق مخلوقاته ...».
وفي الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضياللهعنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «نحن الآخرون السابقون يوم القيامة بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا ، ثم هذا يومهم الذي فرض عليهم فاختلفوا فيه فهدانا الله له ، فالناس لنا فيه تبع ، اليهود غدا والنصارى بعد غد» اه.
صحيح البخاري : (١ / ٢١١ ، ٢١٢) ، كتاب الجمعة ، باب «فرض الجمعة ...».
وصحيح مسلم : (٢ / ٥٨٥ ، ٥٨٦) ، كتاب الجمعة ، باب «هداية هذه الأمة ليوم الجمعة».
ومن سورة بني إسرائيل
١ (سُبْحانَ) : لا ينصرف ، لأنّه علم لأحد معنيين : إمّا التبرئة والتنزيه ، وإمّا التعجب (١).
(أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً) : بمعنى «بعض ليل» على تقليل وقت الإسراء (٢).
والإسراء في رواية أبي هريرة (٣) وحذيفة بن اليمان (٤) كان بنفسه في الانتباه. وفي رواية عائشة ومعاوية بروحه حال النّوم (٥).
__________________
(١) ينظر إعراب القرآن للنحاس : ٢ / ٤١٣ ، ومشكل إعراب القرآن لمكي : ١ / ٤٢٧ ، وتفسير الماوردي : ٢ / ٤٢٠ ، ونور المسرى في تفسير آية المسرى : (٤٧ ، ٤٨).
(٢) قال العكبري في التبيان : ٢ / ٨١١ : «وتنكيره يدل على قصر الوقت الذي كان الإسراء والرجوع فيه».
وانظر الكشاف : ٢ / ٤٣٦ ، وتفسير الفخر الرازي : ٢٠ / ١٤٧ ، وتفسير القرطبي : ١٠ / ٢٠٤.
(٣) في صحيح البخاري : (٤ / ١٤٠ ، ١٤١) ، كتاب الأنبياء ، باب قوله تعالى : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها).
وصحيح مسلم : ١ / ١٥٤ ، كتاب الإيمان ، باب «الإسراء برسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى السماوات وفرض الصلوات».
وانظر تفسير الطبري : (١٥ / ٦ ، ٧) ، ودلائل النبوة للبيهقي : ٢ / ٣٥٨ ، والدر المنثور : (٥ / ١٩٨ ، ١٩٩).
(٤) ينظر مسند أحمد : ٥ / ٣٨٧ ، وسنن الترمذي : ٥ / ٣٠٧ ، كتاب تفسير القرآن «سورة الإسراء» حديث رقم (٣١٤٧) ، قال الترمذي : «هذا حديث حسن صحيح».
ومستدرك الحاكم : ٢ / ٣٥٩ ، كتاب التفسير ، وقال : «حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه» ، ووافقه الذهبي.
ودلائل النبوة للبيهقي : ٢ / ٣٦٤ ، والدر المنثور : ٥ / ٢١٦.
(٥) نقل ابن إسحاق عن عائشة رضياللهعنها أنها قالت : «ما فقد جسد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولكن الله أسرى بروحه».
والحسن أوّل قوله (١) : (وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ) بالمعراج (٢).
وقد رويت الروايتان بطرق صحيحة ، فالأولى الجمع والقول بمعراجين : أحدهما في النّوم ، والآخر في اليقظة (٣).
وروي أنّ المشركين سألوه عن بيت المقدس وما رآه في طريقه فوصفه لهم شيئا فشيئا ، وأخبرهم أنّه رأى في طريقه قعبا (٤) مغطى مملوء ماء فشرب منه ، ثم غطّاه كما كان ، ووصف لهم إبلا كانت في طريق الشّام يقدمها جمل أورق (٥) ، فوجدوا الأمر كما وصف.
__________________
وأخرج عن معاوية رضي الله تعالى عنه أنه كان إذا سئل عن مسرى رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «كانت رؤيا من الله تعالى صادقة». قال ابن إسحاق : «فلم ينكر ذلك من قولهما ...» السيرة : (١ / ٣٩٩ ، ٤٠٠).
وعلق الحافظ ابن كثير على نقل ابن إسحاق بقوله : «وقد توقف ابن إسحاق في ذلك ، وجوز كلّا من الأمرين من حيث الجملة ، ولكن الذي لا يشك فيه ولا يتمارى أنه كان يقظانا لا محالة لما تقدم ، وليس مقتضى كلام عائشة رضياللهعنها ـ أن جسده صلىاللهعليهوسلم ما فقد وإنما كان الإسراء بروحه أن يكون مناما كما فهمه ابن إسحاق ، بل قد يكون وقع الإسراء بروحه حقيقة وهو يقظان لا نائم وركب البراق وجاء بيت المقدس وصعد السماوات وعاين ما عاين حقيقة ويقظة لا مناما. لعل هذا مراد عائشة أم المؤمنين رضياللهعنها ، ومراد من تابعها على ذلك ، لا ما فهمه ابن إسحاق من أنهم أرادوا بذلك المنام ، والله أعلم» اه.
ينظر البداية والنهاية : (٣ / ١١٢ ، ١١٣).
(١) سورة الإسراء : آية : ٦٠.
(٢) ينظر قوله في السيرة لابن هشام : ١ / ٤٠٠ ، وتفسير الماوردي : ٢ / ٤٢١ ، وتفسير ابن كثير : ٥ / ٤١ ، والدر المنثور : ٥ / ٣٠٩.
وأخرج البخاري في صحيحه : ٥ / ٢٢٧ ، كتاب التفسير ، باب (وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ) عن ابن عباس رضياللهعنهما قال : «هي رؤيا عين أريها رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليلة أسرى به ...».
(٣) ذكره ابن العربي في أحكام القرآن : ٣ / ١١٩٤ ، ورجحه السهيلي في الروض الأنف :٢ / ١٤٩ ، وأبو شامة المقدسي في نور المسرى : ١١٧.
(٤) أي قدحا.
اللسان : ١ / ٦٨٣ (قعب).
(٥) الأورق : الأسمر.