إبراهيم إبراهيم بركات
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار النشر للجامعات
الطبعة: ١
ISBN: 977-316-204-4
الصفحات: ٦٠٨
إما أن يكون (ما) ، واللام حرف جر زائد.
وإما أن يكون مضمرا لدلالة الكلام عليه ، ويقدر بالتصديق ، أو الصحة ، أو :إخراجكم وبعثكم.
ومنه قول الشاعر :
هيهات ناس من أناس ديارهم |
|
دماق ودار الآخرين الأوامن (١) |
فاعل (هيهات) هو (ناس).
حيّهل (بفتح ففتح مشدد ففتح فسكون ، وبفتح اللام ، وبفتحها مع المد مع التنوين أو بدونه وبسكون الهاء مع فتح اللام أو مدها) : بمعنى : قدّم وعجّل.
وقد جاء معدى بنفسه ، كما جاء معدى بحرف الجر : الباء ، وعلى ، وإلى ، وحينئذ ينوع حرف الجر دلالته.
ومن ذلك أن تقول : حيّهل الثريد ، أى : أحضره وقرّبه. ويكون (الثريد) مفعولا به منصوبا ؛ لأن (حيهل) اسم لفعل معتد ، فتعدى تعديته.
وتقول : حيّهل بمحمود ، أى : ائت به ، أو : حيّهل بالثريد ، أى : عجّل به.
ويكون فى الموضعين اسم فعل لازما.
وتقول : حيّهل على الخير أى : أقبل عليه ، وحيّهل إلى الصلاة ، أى : أقبل إليها. فتكون (حيّهل) بمعنى : ائت أو أقبل أو عجّل ، وهو على الأول متعد ، وعلى الثانى متعد بعلى أو إلى ، وعلى الثالث متعد بالباء أو إلى.
(حيّهل) مركبة من (حىّ) بمعنى : أقبل ، وهل : بمعنى : عجّل ، وجمع بينهما للدلالة على الحثّ والاستعجال مبالغة ؛ لأن كلّا منهما قد يستعمل بمفرده ، ومنه قول المؤذن : حىّ على الصلاة ، حىّ على الفلاح ، وهو دعاء إلى الصلاة ، وإلى الفلاح.
كما قد تستعمل (هلا) ، كما ورد فى قول النابغة الجعدى.
__________________
(١) الدر المصون ٥ ـ ١٨٤. الدماق : الشىء المتحطم.
ألا حيّيا ليلى وقولا لها هلا |
|
فقد ركبت أمرا أغرّ محجّلا (١) |
أى : أقبلى ، وتعالى. (هلا) اسم فعل أمر مبنى ، وفاعله ضمير مستتر تقديره :أنت.
هلمّ الحجازية (بفتح فضم فتشديد بالفتح) : بمعنى : أقبل ، فيكون لازما ، أو قرّبه وأحضره ، فيكون متعديا إذا قلت : هلمّ زيدا (٢).
أما (هلمّ) التميمية فهى عندهم فعل (٣) ، ونفصل القول فى ذلك فى نهاية الدراسة.
وهى مركبة ـ عند جمهور النحاة ـ وينقسمون فى ذلك إلى قسمين :
أحدهما : يجعلها مركبة من (ها) للتنبيه ، و (لمّ) ، أى : اجمع ، أمرا ، فحذفت الألف ، وكأن المعنى ؛ اجمع نفسك إلينا ، أى : أقرب ، وهذا ما ذهب إليه البصريون ...
والآخر : ما يذهب إليه الفراء من أنها مركبة من : (هل) للزجر ، و (أمّ) بمعنى اقصد ، فألقيت حركة الهمزة على الساكن قبلها ، وحذفت الهمزة (٤) ...
أفّ (بضم مع تشديد الفاء ، وتكون الفاء مثلثة ، بالتنوين وبعدمه ، وفيها تخفيف الفاء بالسكون ، وقد تمال : (أفى) ، وهو بمعنى أتضجر. والمشهور تشديد الفاء مع الكسر المنون (أفّ) ؛ وفيها لغات كثيرة (٥).
ومنه قوله ـ تعالى ـ : (أُفٍّ لَكُمْ وَلِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) [الأنبياء ٦٧]. (أف) اسم فعل مضارع ، مبنى لا محل له من الإعراب. فاعله ضمير مستتر ، تقديره (أنا).
فإذا أنث (أف) بالتاء فإنه ينتصب على المصدرية ، يقال فى الدعاء : أفّة تفّة ؛ فيكون مصدرا منصوبا بدلا من فعله ؛ مثل : عقرا ، وتبّا ... ، وقد يرفع ـ حينئذ ـ ويكون مرفوعا على الابتدائية ، ويكون خبره محذوفا ، ومعناه الدعاء.
__________________
(١) ديوانه ١٢٣ / شرح ألفية ابن معطى ٢ ـ ١٠١٩ / المفصل ١٥٤ / شرح المفصل لابن يعيش ٤ ـ ٤٧.
(٢) شرح المفصل لابن يعيش ٤ ـ ٣٠.
(٣) المساعد على التسهيل ٢ ـ ٦٤٤.
(٤) السابق ٢ ـ ٦٤٥.
(٥) ينظر الدر المصون ٤ ـ ٣٨٥.
آمين (بالمد والقصر) : بمعنى : استجب. فيكون على وزن : فاعيل وفعيل ، وقد ورد باللغتين ، فمن المدّ قول الشاعر :
يا ربّ لا تسلبنى حبّها أبدا |
|
ويرحم الله عبدا قال آمينا (١) |
وبالقصر ورد قوله :
تباعد منى فطحل وابن أمّه |
|
أمين فزاد الله ما بيننا بعدا (٢) |
(آمين) اسم فعل أمر مبنى على الفتح ، لا محلّ له من الإعراب ، وفاعله ضمير مستتر ، تقديره : أنت.
هيت ، (بفتح فسكون ففتح) ، بمعنى : أسرع ، وفيها تثليث التاء ، وهيّا وبكسر الهاء ، وهيت ، وهيك ، وهيّك ... ولغات أخر.
ومنه قول الشاعر :
أبلغ أمير المؤمنين |
|
أخا العراق إذا أتيتا |
أنّ العراق وأهله |
|
سلم إليك فهيت هيتا |
أى : أسرع ، أسرع ، (هيت) الأولى اسم فعل أمر مبنى ، لا محل من الإعراب ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت ، و (هيت) الثانية توكيد لفظى للأولى. والألف للإطلاق.
ها ، هاء ، وتلحقها كاف المخاطب ، بمعنى : خذ. فيكونان : هاك ، هاءك.
وتكون الكاف ـ حينئذ ـ حرف خطاب ، لا محلّ له من الإعراب ، وفى كل اسم فعل ضمير مستتر ، بحسب كل مخاطب ، ويكون فاعله.
فإذا قلنا : هاكما الكتاب ، أو : هاءكما الكتاب ، فإن (هاكما) اسم فعل أمر مبنى ، لا محل له من الإعراب ، وفيه ضمير مستتر ، تقديره : أنتما ، فى محل
__________________
(١) شرح ابن يعيش ٤ ـ ٣٤ / الصبان على الأشمونى ٣ ـ ١٩٧.
(٢) شرح ابن يعيش ٤ ـ ٣٤ / الصبان على الأشمونى ٣ ـ ١٩٧.
رفع ، فاعل ، و (كما) حرف خطاب مبنى ، لا محل له من الإعراب. (الكتاب) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة
وتخلف الكاف الهمزة مصرفة تصريف الكاف بحسب المعنى (١) ، نحو : هاء ، هاء ، هاؤما ، هاؤما ، هاؤن ، هاؤم ، وهى أفصح ، وبها جاء القرآن الكريم فى قوله تعالى ـ (هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ)(٢) [الحاقة : ١٩].
ومن العرب من يجعلها فعلا ، فيقول : هاء يا رجل ، هائى يا امرأة ، (ياء المخاطبة فاعل) ، هائيا يا رجلان ، ويا امرأتان ، (ألف الاثنين فاعل) ، هاءوا يا رجال ، (واو الجماعة فاعل) ، هائين (٣) يا نساء (نون النسوة فاعل).
تيد ، تيدخ (بفتح فسكون ففتح ففتح) : بمعنى : أمهل. تقول : تيد محمدا بعض الوقت. فيكون (تيد) اسم فعل أمر مبنيا ، لا محلّ له من الإعراب ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت. (محمدا) مفعول به منصوب.
أوه (بفتح فسكون فكسر) : بمعنى : أتوجع وأتألّم ، وفيها لغات أوه ، آه ، أوّه ، أوّه ـ ومنه قول امرأة من بنى قريظ :
أوّه من ذكرى حصينا ودونه |
|
نقا هائل جعد الثّرى وصفيح (٤) |
(أوه) بفتح ففتح مشدد فكسر ، اسم فعل مضارع مبنى على الكسر ، لا محل له من الإعراب ، وفاعله ضمير مستتر ، تقديره : أنا.
صه (بفتح فسكون) : بمعنى : اسكت.
__________________
(١) المساعد على التسهيل ٢ ـ ٦٤٤.
(٢) (هاؤم) اسم فعل أمر مبنى لا محل له من الإعراب ، وفاعله ضمير مستتر تقديره (أنتم) ، ويتنازع مع الفعل (اقرأ) المفعول به (كتاب).
(٣) المساعد على التسهيل ٢ ـ ٦٤٤ ، وكتب فيه (هائنّ) ، وهذا لا يساير قواعد التصريف ، فهذا المكتوب إنما يكون حال تأكيد الفعل بالنون ، وعند ما يستعمل بلا توكيد فإن الياء تثبت ، حيث استعمال (هاء) فعلا ، وكى يناسب التصريف المذكور مع المثنى ، يفترض أنه معتل الآخر بالياء ، مثل : عادى ، وفى إسناد الأمر منه يكون : عاد ، عادى ، عاديا ، عادوا ، عادين.
(٤) شرح ابن يعيش ٤ ـ ٣٩.
حصين : اسم رجل ، النقا : القطعة المحدود بة من الرمل ، الصفيح : السماء ووجه كل شىء.
مه (بفتح فسكون) ، إيها (بالتنوين بالفتح ، وبالبناء على السكون : إيه) : بمعنى :انكفف.
إيه (بكسر طويل فسكون) : بمعنى : حدّث. أو : امض فى حديثك ومنهم من يكسر مع التنوين ، ودونه (١).
وي : (بفتح فسكون) ، بمعنى : أعجب.
قال تعالى : (وَيْكَأَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ) [القصص : ٦٢].
فى (ويكأن) عدة آراء ، أشهرها : أن (وى) كلمة بمفردها ، اسم فعل مضارع ، معناه (أعجب) ، وفاعله ضمير مستتر تقديره (أنا) ، والكاف للتعليل ، والتقدير : أعجب لأن الله ...
وعند الخليل وسيبويه ، (كأن) للتشبيه ، دخلت عليها (وى) ، ومن ذلك قول زيد بن عمرو بن نفيل :
سألتانى الطلاق أن رأتانى |
|
قلّ مالى قد جئتما بنكر |
وى كأن من يكن له نشب يح |
|
بب ومن يفتقر يعش عيش ضرّ (٢) |
وقد ذكر محقق الكتاب ما ذكره السيرافى فى (ويكأن) ، وهى ثلاثة أقوال (٣) :
ـ ما ذكر من رأى الخليل من أن (وى) كلمة تندم ، يقولها المتندم لغيره ، ومعنى (كأن) التحقيق.
ـ تكون (ويك) موصولة بالكاف ، و (أن) منفصلة ، ومعناها تقرير ، وهو قول الفراء. وتكون كقولك : أما ترى؟
__________________
(١) المساعد على التسهيل ٢ ـ ٦٤٨.
(٢) الكتاب ١ ـ ١٥٥ / الخصائص ٣ ـ ٤١. شرح ابن يعيش ٤ ـ ٧٦ / الدر المصون ٥ ـ ٣٥٤ / الصبان على الأشمونى ٣٣ ـ ١٩٩.
(٣) يرجع إلى : الكتاب ٢ ـ ١٥٤ ، هامش (٦).
ـ (ويك) بمعنى (ويلك) ، و (أن) مفتوحة بفعل مضمر ، والتقدير : ويلك اعلم أن الله.
ومنهم من يرى أن (ويكأن) كلمة مستقلة بسيطة ، معناها : ألم تر؟
واها ، واها : بمعنى : أعجب.
ومنه أن تقول : واها لما فعلته!!
قد ، قط ، بجل : بمعنى : اكتف ، انته ، يكفى. أسماء أفعال فى أحد أوجهها فى التركيب ، وهى تشترك فى المعنى ، وهو : أكتفى ، وتكون أسماء أفعال إذا كان ما بعدها منصوبا ، فتقول : قد عبد الله عشرة جنيهات ، أو : قط عبد الله ، أو : بجل عبد الله. فيكون كلّ من : قد ، وقط ، وبجل اسم فعل مضارع مبنيا ، لا محل له من الإعراب ، وفاعله : عشرة ، و (عبد) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.
فإذا أوصلت بها ضمير المتكلم فإنه يجب أن يلحق بها نون الوقاية ، فتقول : قدنى ، قطنى ، بجلنى. ويكون ضمير المتكلم مفعولا به.
وإذا قلت : قدك وقطك يكونان بمعنى : اكتف وانته ، ويكونان لازمين.
لكن لكل من الكلمات الثلاثة أوجه أخرى فى التركيب ، حيث :قد : تكون :
أ ـ اسم فعل ـ كما ذكرنا ـ بمعنى : أكتفى.
ب ـ اسما مرادفا لـ (حسب) ، ويذكر ابن هشام (١) أنها ـ حينئذ ـ قد تستعمل مبنية على السكون ، حرصا على بنائها ، فتقول : قد زيد جنيه. وتدخلها نون الوقاية للمحافظة على السكون ، فتقول : قدنى جنيه. وتكون (قد) فى الموضعين مبتدأ ، وهو مضاف ، وما بعده مضاف إليه ، و (جنيه) خبر المبتدإ.
وقد تستعمل معربة ، فتقول : قد زيد جنيه ، بضم (قد) ، وتقول : قدى ، بدون نون الوقاية. كما تقول : حسب. (بالضم) ، وحسبى.
__________________
(١) مغنى اللبيب ١ ـ ١٧٠.
ج ـ حرفا مختصا بالفعل المتصرف الخبرى المثبت المجرد من الناصب والجازم وحرفى التنفيس. نحو : قد أفعل ، وقد فعلت.
ومنه قول الشاعر :
قدنى من نصر الخبيبين قدى |
|
ليس الإمام بالشّحيح الملحد (١) |
حيث (قد) الأولى اسم فعل مضارع ، مبنى لا محل له من الإعراب ، والتقدير : يكفينى من نصر .. ، والنون للوقاية ، وضمير المتكلم مبنى فى محل نصب ، مفعول به.
وتحتمل كذلك ـ على تحليل ابن هشام السابق ـ أن تكون مرادفة لحسب ، على لغة البناء ، ويكون مبتدأ ، أما (قد) الثانية فليس فيها إلا مرادفتها لحسب ، حيث عدم وجود نون الوقاية ، وقد تحتمل أن تكون اسم فعل على حذف نون الوقاية للضرورة ، أو على حذف الضمير ، والياء الموجودة للإطلاق.
قط : تكون :
أ ـ اسم فعل ـ كما ذكرنا ـ بمعنى أكتفى.
ب ـ اسما بمعنى (حسب) ، حيث يجر ما بعدها ، فتقول : قط عبد الله جنيه ، ويكون مبتدأ.
ومنهم من يذهب إلى أن (قط) اسم بمعنى (حسب) ، أى : اكتف ، ولا يذكر غيره. فتقول : قطنى ، وقطى ، وقط بالكسر للدلالة على الياء. وتقول : قطك ، وقطك ، وقطكما ، وقطكم ، وقطكن.
بجل : تكون :
أ ـ اسم فعل ـ كما ذكرنا ـ بمعنى أكتفى.
__________________
(١) الكتاب ٢ ـ ٣٧١ / أمالى ابن الشجرى ١ ـ ١٤ / شرح ابن يعيش ٣ ـ ١٢٤ ، ٧ ـ ١٤٣ / شرح التصريح ١ ـ ١١٢ / الصبان على الأشمونى ١ ـ ١٢٥.
ب ـ اسما مرادفا لحسب ، فلا تلحقها نون الوقاية ، تقول : بجلى. ومنه قول الشاعر :
ألا إننى أشربت أسود حالكا |
|
ألا بجلى من ذا الشراب ألا بجل |
ج ـ حرفا للجواب بمعنى (نعم) فى الطلب والخبر.
سرعان ، وشكان (بتثليث الأول ، فسكون) ، بمعنى : سرع. وقد يكون واو الثانى همزة (أشكان). وقد يكون معنى (وشكان) قرب. ذكر فى المثل : سرعان ذا إهالة (١) ، حيث (سرعان) اسم فعل ماض مبنى على الفتح ، لا محل له من الإعراب ، واسم الإشارة (ذا) فاعله مبنى فى محل رفع ، و (إهالة) تمييز منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.
وتقول : وشكان (أشكان) ذا خروجا.
وقد يستعمل (سرعان) خبرا فيه معنى التعجب ، ومنه قولهم : سرعان ما صنعته كذا ، إى : ما أسرع ما صنعته .. (٢)!
وقد يستعمل (وشكان) مصدرا ، نحو : عجبت من وشكان ذلك ، أى : من سرعته (٣).
بطآن ، (بضم فسكون) ، بمعنى : أبطأ ، فيقال : بطآن هذا الأمر ، فيكون (بطآن) اسم فعل ماضيا مبنيا على الفتح. فاعله اسم الإشارة (هذا). وقد يكون فيه معنى التعجب ، فتقول : بطآن ذا خروجا ، ويكون (خروجا) منصوبا على التمييز.
ويها : (بفتح فسكون) ، بمعنى : أغر ، الإغراء هو التسليط ، وهو راجع لمعنى اللصوق ، وبعصهم يجعله اسم فعل لا نزجر ، أو : اغر (٤).
__________________
(١) المقتصد فى شرح الإيضاح ١ ـ ٥٧٥.
(٢) المساعد على التسهيل ٢ ـ ٦٥٠.
(٣) الموضع السابق.
(٤) المساعد على التسهيل ٢ ـ ٦٤٩.
ويذكرون من أسماء الأفعال التى وضعت كذلك من أول الأمر :
بسّ ، (بفتح فتشديد بالكسر) ، بمعنى : أرفق (١). ويذكرون : قال أبو عبيدة : بسست الإبل وأبسستها لغتان ، إذا قلت لها : بس بس. وهذا صوت يدعى به الغنم ، وصوت للراعى يسكن به الناقة عند الحلب ، ولهذا فإننى أرى أنها اسم صوت للفعل المسمى به.
إخّ ، كخّ ، بكسر الهمزة والكاف ، وتشديد الخاء مع الكسر ، أو سكونها ، بمعنى : أتكرّه.
ومنه أن الحسن أخذ تمرة من تمر الصدقة ، فجعلها فى فيه ، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ (كخّ كخّ) ، حتى ألقاها من فيه. ويبدو أنهما اسما صوت.
لعا ، (بفتح ففتح منون) ، بمعنى : انتعش.
ومنه قول الأعشى :
فالسوط أدنى لها من أن أقول لعا (٢)
والتنوين الموجود فيه للتنكير.
دع ، دعدعا ، بمعنى : انتعش.
ثانيها : ما ثقل عن غيره :
من أسماء الأفعال المسموعة ما نقل عن غيره ، أى : إنه قبل أن يستخدم اسم فعل كان يستعمل فى التركيب غير ذلك ، أى : إن معنى اسم الفعل اقترضه من التراكيب الأخرى ، ولذلك فإنهم يطلقون عليه (المنقول).
وقد يسميه النحويون بالإغراء ، حيث إنه يكون فى معنى الأمر أو النهى.
وهو قسمان :
١ ـ ما نقل عن شبه جملة ، وهو قسمان :
__________________
(١) المساعد على التسهيل ٢ ـ ٦٤٩.
(٢) شرح ألفية ابن معطى ٢ ـ ١١٦٣ / تهذيب اللغة ٣ ـ ١٩٢.
أ ـ ما كان جارا ومجرورا.
ب ـ ما كان ظرفا ومضافا إليه.
٢ ـ ما نقل عن مصدر.
١ ـ ما نقل عن شبه جملة :
أ ـ ما كان جارا ومجرورا.
تكون أسماء الأفعال فى هذه المجموعة حرف جر ومجرورها ، وقد قصره الجمهور على السماع ، وأجازه الكوفيون بجميع الحروف ، وما سمع منه هو :إليك ، بمعنى تنحّ.
فتقول : إليك عنى ، أى : تنحّ عنى ، فيكون (إليك) اسم فعل أمر مبنيا ، لا محلّ له من الإعراب ، وفاعله ضمير مستتر ، تقديره : أنت.
إلىّ ، أى : أتنحىّ.
يقال : إليك (أى : تنحّ) ، فيردّ عليه : إلىّ ، (أى : أتنحّى) (١) والفاعل ضمير مستتر ، تقديره : أنا. وقد يكون مسماه : تنحّيت.
عليك ، أى : الزم.
فيقال : عليك أخاك ، أى : الزم أخاك ، فيكون (عليك) اسم فعل أمر مبنيا ، وفاعله ضمير مستتر ، تقديره : أنت ، (أخا) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الألف ؛ لأنه من الأسماء الستة.
وقد يعدّى بالباء ، ومنه : عليكم بالصدق ، وعليك بذات الدّين.
والكاف فى كل هذا إما فى محل جر بالحرف ، وإما للخطاب فقط ، وسواء أكان هذا أم ذاك فإن اسم الفعل لا يؤدّى إلا بالاثنين معا ، والأرجح كونه مجرورا بالحرف.
__________________
(١) ينظر : الكتاب ١ ـ ٢٥٠ / المساعد على التسهيل ٢ ـ ٦٥٥.
فالفاعل المأمور والفاعل المنهّى فى هذا الباب يكونان مضمرين.
يلح سيبويه على أن يبين أن الكاف والياء ليستا إلا للمخاطبة والتكلم وليستا فاعلين ، فيقول : «ويدلك على أنك إذا قلت : عليك فقد أضمرت فاعلا فى النية ، وإنما الكاف للمخاطبة ؛ قولك : علىّ زيدا ، وإنما أدخلت الياء على مثل قولك للمأمور أولنى زيدا ، فلو قلت : أنت نفسك لم يكن إلا رفعا ، ولو قال : أنا نفسى ، لم يكن إلا جرا ، ألا ترى أن الياء والكاف إنما جاءتا لتفصلا بين المأمور والأمر فى المخاطبة ، وإذا قال : عليك زيدا فكأنه قال له : ائت زيدا ، ألا ترى أن للمأمور اسمين ، اسما للمخاطبة مجرورا ، واسمه الفاعل المضمر فى النيّة ، كما كان له اسم مضمر فى النية حين قلت : علىّ» (١).
علىّ : ، أى : أولنى.
فتقول : علىّ هذا الأمر ، أى : أولنيه ، فيكون اسم الإشارة (هذا) مفعولا به فى محل نصب باسم الفعل (علىّ) ، وتلمس أن فى معناه التعدى إلى اثنين.
عليه ، أى ، ليلزم.
حيث أجاز بعضهم إغراء الغائب ، كما جاز أمره. والأكثر على أن هذا شاذ ، يذكر سيبويه : «حدّثنى أن سمعه أن بعضهم قال : عليه رجلا ليسنى ، وهذا قليل ، شبّهوه بالفعل» (٢) ، وعند ما يجاز هذا التعبير يكون الفاعل ضميرا مستترا ، تقديره :هو.
وحكى بعض اللغويين النصب بـ (كذاك) ؛ بمعنى : دع. ومنه قول جرير :
يقلن وقد تلاحقت المطايا |
|
كذاك القول إنّ عليك عينا |
«أى : دع القول ، وهى مركبة من كاف التشبيه ، واسم الإشارة ، والكاف بعدها للخطاب» (٣) فيكون (القول) منصوبا على المفعولية باسم الفعل (كذاك).
__________________
(١) الكتاب ١ ـ ٢٥٠ ، ٢٥١.
(٢) الكتاب ١ ـ ٢٥٠.
(٣) المساعد على التسهيل ٢ ـ ٦٤٨.
ب ـ ما نقل عن ظرف :
قصر بعضهم هذا على السماع ، وهى تختصّ بظروف أمكنة ، وهى :دونك ، أى : خذ.
فتقول : دونك الكتاب ، أى : خذ الكتاب ، فتكون (دونك) اسم فعل أمر مبنيا ، وفاعله ضمير مستتر ، تقديره : أنت. (الكتاب) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. ويقال : أن معناه : خذه من تحت.
يحكى أن امرأة من العرب قالت لابنتها :وفيشيّة قد استقرّ جوفها
فقالت لها :دونكها يا أمّ لا أطيقها (١)
فتكون (دونك) اسم فعل أمر مبنيا ، وفاعله ضمير مستتر ، و (ها) الغائبة ضمير مبنى فى محل نصب ، مفعول به.
عندك ، أى : الزمه من قرب ، أو : خذ ، أو : إذا كنت تحذره من بين يديه شيئا.
فتقول : عندك محمودا. (محمودا) مفعول به.
مكانك ، أى : اثبت.
قال الله تعالى : (ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ) [يونس : ٢٨]. (مكانكم) اسم فعل أمر مبنى ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنتم ، أما الضمير المذكور (أنتم) فهو ضمير مؤكد للفاعل المستتر ، من أجل عطف الاسم الظاهر (شركاء) عليه.
ومنه قول الشاعر المذكور سابقا :
وقولى كلّما جشأت وجاشت |
|
مكانك تحمدى أو تستريحى |
__________________
(١) شرح ألفية ابن معطى ٢ ـ ١٠٢٩.
أى : اثبتى تحمدى.
وراءك ، وبعدك ، أى : تأخّر ، أو : إذا كنت تحذّره شيئا خلفه.
أمامك ، وفرطك ، أى : تقدّم ، أو : إذا كنت تحذره شيئا من بين يديه.
ملحوظة :
يختلف النحاة فى الكاف الملحقة بالظروف السابقة ، حيث يجعلها بعضهم فى محلّ جر بالإضافة إلى الظروف ، ويرى آخرون أنها دالة على الخطاب ، وسواء كان هذا أم ذلك فالظرف وما ألحق به دالان بكمالهما على اسم الفاعل ومعناه ، فهما معا اسمه. والأرجح كونه مضافا إلى الظرف ، كما رجحناه مجرورا بالحرف (١) فى القسم السابق.
٢ ـ ما نقل عن المصدرية :
أسماء الأفعال المنقولة عن مصادر يعنى أنها مصادر فى الأصل الوضعى البنيوى لها ، وفى الاستخدام اللغوى فى التركيب ، وهى تنقسم إلى قسمين بالنظر إلى فعل المصدر الذى نقل إلى اسم فعل ، حيث إن الفعل قد يكون مستعملا ، وقد يكون مهملا.
واسم الفعل الذى من مصدر مستعمل فعله هو :
رويد ، (بضم ففتح فسكون ففتح) ، أى أمهل. وهو متعد إلى مفعول واحد ، فتقول : رويد محمودا ، حيث ، (رويد) اسم فعل أمر مبنى على الفتح ، لا محل له من الإعراب ، وفيه فاعل ضمير مستتر تقديره : أنت ، (محمودا) مفعول به.
و (رويد) إذا كان اسم فاعل فإنه يكون مبنيّا على الفتح.
وهو تصغير ترخيم عند البصريين للمصدر (إرواد) ، وفعله (أرود) ، وعند الفرّاء تصغير (رود) ، وهو المهل ؛ لكنه لو كان بمعنى المهل لكان لازما. وجعل هذا الحذف والتغيير بسبب تصغير الترخيم دليلا على أنه قد خلع منه المصدرية ، وبنى كما أن فعل الأمر مبنى (٢).
__________________
(١) يرجع إلى : المقتصد فى شرح الإيضاح ١ ـ ٥٧٢.
(٢) المقتصد فى شرح الإيضاح ١ ـ ٥٧٠.
وقيل : إنه ليس منقولا عن شىء ، بل هو مرتجل ؛ لأنه وأخواته لمّا كانت كالأعلام على الأفعال ، وكان المرتجل منها هو الغالب ، كان حمله عليها أولى (١).
ومنه قول مالك بن خالد الهذلى ، أو للمعطل :
رويد عليا جدّ ما ثدى أمّهم |
|
إلينا ولكن بغضهم متماين (٢) |
حيث (عليا) مفعول به لاسم الفعل (رويد).
يذكر سيبويه : «وسمعنا من العرب من يقول : لو أردت الدراهم لأعطيتك رويد ما الشعر ، كقول القائل : لو أردت الدراهم لأعطيتك فدع الشعر» (٣) ، حيث (ما) زائدة ، و (الشعر) مفعول به لرويد ، (وهو) اسم فعل ، بدليل بنائه على الفتح.
قد تدخله كاف الخطاب ، وتتوافق مع المخاطب نوعا وعددا ، فتقول : رويدك ، يا محمد ، بفتح الكاف ، رويدك يا فاطمة. بكسر الكاف ، رويدكما ، رويدكم ، رويدكن.
ويختلف النحاة فيما بينهم فى هذه الكاف ، حيث يذهب بعضهم إلى أنها فى محل رفع ، وآخرون يذهبون إلى أنها فى محلّ نصب ، ويذهب سيبويه إلى أنها حروف للدلالة على تخصيص المخاطب (٤) أو المأمور. وهذا الرأى هو الأرجح ؛ لأن اسم الفعل بمثابة الفعل وبمنزلته ، والفعل لا تصحّ إضافته ؛ لأنه نكرة لا يفارقه التنكير (٥).
فإذا عطفت على فاعل (رويد) ذكرت الضمير الفاصل أو المؤكد ، فتقول : رويدكم أنتم وعبد الله ، رويدك أنت وصديقك.
__________________
(١) شرح ألفية ابن معطى ٢ ـ ١٠١٦.
(٢) الكتاب ١ ـ ٢٤٣ المقتصد فى شرح الإيضاح ١ ـ ٥٧٠ شرح ابن يعيش ٤ ـ ٤٠.
عليا : قبيلة ، جدّ : قطع ، الثدى : كناية عن القرابة.
(٣) الكتاب ١ ـ ٢٤٣.
(٤) الكتاب ١ ـ ٢٤٤ ، ٢٤٥.
(٥) المقتصد فى شرح الإيضاح ١ ـ ٥٧١.
وإذا أكدته بالنفس أو العين ذكرت الضمير ، فتقول ، رويدكم أنتم أنفسكم.
وإذا لم يكن (رويد) اسم فعل فإنه يكون معربا ، ويستعمل فى التركيب كما يأتى :
ـ أن يكون مصدرا بمعنى : إرواد ، ويكون قائما مقام الفعل ، فتقول : رويدا محمودا وتقديره : أرود محمودا رويدا ، فحذف الفعل ، وأقيم المصدر مقامه ويكون (محمودا) مفعولا به للمصدر ، يلاحظ الفرق بين (رويد) المبنى ، وهو اسم فعل ، و (رويدا) المعرب ، وهو مصدر.
ومنه قول وداك بن ثميل المازنى :
رويدا بنى شيبان بعض وعيدكم |
|
تلاقوا غدا خيلى على سفوان (١) |
حيث (رويدا) مصدر أقيم مقام فعله ، وهو منصوب.
وفيه رواية (رويد) بدون تنوين ، وحينئذ يحتمل أن يكون اسم فعل مبنيا ، و (بنى) منصوب به.
فإذا كان (رويدا) مصدرا فإنك تفرده وتضيفه ، فهو كسائر المصادر (٢). فتقول :رويدك نفسك (٣) ، بجر (نفس) على أنه توكيد للكاف المضاف إلى (رويد).
ـ أن يكون صفة ، كقولك : ساروا سيرا رويدا ، ضعه وضعا رويدا.
حيث (رويدا) فى الموضعين نعت لما قبله ، وهو من قبيل النعت بالمصدر ، كما يقال :رجل عدل ... تلحظ إعرابه.
ـ أن يكون حالا ، كما تقول : ساروا رويدا ، أى : مرودين ، فتكون (رويدا) حالا منصوبة.
__________________
(١) شرح ألفية ابن معطى ٢ ـ ١٠١٧ شرح المفصل لابن يعيش ٤ ـ ٤١ الحماسة للمرزوقى ١٢٧ المحتسب ١ ـ ١٥٠ / لسان العرب ، مادة : (رود).
(٢) يرجع إلى : المقتضب ٣ ـ ٢٠٩ ، ٢٧٩.
(٣) الكتاب ١ ـ ٢٥١.
فإذا قدرته : ساروا سيرا رويدا (١) ، فإن (رويدا) تكون نائبة عن المصدر منصوبة. وعند سيبويه تكون حالا (٢).
وتقول : أؤدى الواجب رويدا ، أى : مرودا ... بمعنى : متمّهلا.
ملحوظة :
إذا قلت : رويدك أحمد ، فإن (رويد) فى مثل هذا التركيب تحتمل :
ـ أن تكون اسم فعل مبنيا لا محل له من الإعراب ، وفيه فاعل ضمير مستتر ، تقديره : أنت ، والكاف حرف خطاب ، لا محل له من الإعراب ، (أحمد) مفعول به لاسم الفعل منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، ولا ينون ؛ لأنه ممنوع من الصرف.
ـ أن تكون مصدرا مضافا إلى فاعله منصوبا ، والكاف ضمير مخاطب مبنى فى محل جر بالإضافة ، وهو الفاعل ، وتكون (أحمد) منادى مبنيا على الضم فى محل نصب ، والتقدير : يا أحمد.
وقد يكون اسم الفعل منقولا عن مصدر فعله مهمل ، وهو :بله ، بفتح فسكون ففتح ، بمعنى : اترك ، أو : دع.
فيقال : بله ما يشغلك الآن ، أى : دع ما يشغلك ، ويكون (بله) اسم فعل أمر مبنيا على الفتح ، لا محل له من الإعراب ، وفيه فاعل ضمير مستتر تقديره : أنت ، وأمّا (ما) فهو اسم موصول مبنى فى محل نصب ، مفعول به لاسم الفعل ، وصلته جملة (يشغلك).
قد يجرّ ما بعد (بله) ، فتقول : بله زيد ، فيكون مصدرا عند سيبويه (٣) ، مضافا إلى مفعوله ، ويكون حرف جر عند الأخفش ، والجمهور على ما ذهب إليه سيبويه.
وقد يرفع ما بعد (بله) ، فتقول : بله زيد ، والمعنى : كيف زيد؟ ، وتكون جملة اسمية ، من خبر مقدم ، ومبتدإ مؤخر (٤).
__________________
(١) يرجع إلى : التسهيل ٢١١.
(٢) الكتاب ١ ـ ٢٤٤.
(٣) الكتاب ٤ ـ ٢٣٢.
(٤) شرح التصريح ٢ ـ ١٩٩.
ومنه يتبين لنا أن (بله) تستخدم فى التركيب على ثلاثة استعمالات :
ـ أن يكون اسم فعل متعديا ، اسما لفعل الأمر المهمل الذى هو مرادف لفعل الأمر المستعمل : دع ويكون مبنيا ، وما بعده منصوبا.
ـ أن يكون مصدرا مرادفا للترك ، فيكون مضافا إلى مفعوله.
ـ أن يكون مرادفا لـ (كيف) الاستفهامية.
وقد جاء على الاستعمالات الثلاثة قول كعب بن مالك :
تذر الجماجم ضاحيا هاماتها |
|
بله الأكفّ كأنها لم تخلق (١) |
بنصب (الأكف) على المفعولية لاسم الفعل (بله).
ورويت بالجر ـ كذلك ـ على أن (بله) مصدر ، والأكف مضاف إليه ، فى محل نصب على المفعولية.
ومن رواها بالرفع فإنها تخرّج على أنها استفهامية ، وتكون مع (بله) جملة استفهامية ، وهو شاذ.
ثالثها : ما كان قياسيا : وهو ما كان على وزن (فعال):
ذكرت أسماء أفعال على وزن فعال ، بفتح ففتح طويل فكسر بدون تنوين ، فيكون مبنيّا على الكسر.
ويبنى من الفعل الثلاثى التّامّ المتصرف ، والجمهور على أنه ينقاس من كلّ فعل توافرت فيه هذه الشروط ، فيدلّ على الأمرية.
وقد يطلق على هذا النوع من اسم الفعل (المشتق).
تقول : دراك ، أى : أدرك. نزال ، أى : انزل. لحاق : الحق. خراج ، أى :اخرج.
__________________
(١) الكامل ١ ـ ٦٨ / شرح الشذور ٤٠ / الجنى الدانى ٤٢٥ / شرح التصريح ٢ ـ ١٩٩ / الأشمونى على الصبان ٣ ـ ٢٠٣.
ومنه قول أبى النجم العجلى :
حذار من أرماحنا حذار (١)
أى : احذر من أرماحنا ، فيكون (حذار) اسم فعل أمر ، مبنيا على الكسر ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت.
وقول رؤبة :
نظار كى أركبها نظار (٢)
أى : انتظر حتى أركبها.
وقول الطفيل بن يزيد الحارثى :
تراكها من إبل تراكها |
|
أما ترى الموت لدى أوراكها (٣) |
أى : اتركها. (تراك) اسم فعل أمر مبنى لا محل له من الإعراب ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت ، وضمير الغائبة مبنى محل نصب مفعول به.
وقول الشاعر :
مناعها من إبل مناعها |
|
أما ترى الموت لدى أرباعها (٤) |
أى : امنعها.
وهكذا يمكن بناء اسم فعل على وزن (فعال) مبنيا على الكسر من كل فعل ثلاثى تامّ متصرف.
لكن من النحاة ـ وعلى رأسهم المبرد ـ من لا يجيزون القياس فى ذلك ، ويقصرونه على ما هو مسموع.
__________________
(١) الكتاب ٣ ـ ٢٧١ / شرح الشذور ٩٠.
(٢) الكتاب ٣ ـ ٢٧١ / المقتضب ٣ ـ ٣٧٠ / أمالى ابن الشجرى ٢ ـ ١١٠.
(٣) الكتاب ٣ ـ ٢٧٠ / المقتضب ٣ ـ ٣٦٩ / أمالى ابن الشجرى ٢ ـ ١١١ ، ١٣٥ / شرح ابن يعيش ٤ ـ ٥٠ / شرح ألفية ابن معطى ٢ ـ ١٠٢٣.
(٤) الكتاب ١ ـ ٢٤٢ / ٣ ـ ٢٧٠ / ابن الشجرى ٢ ـ ١١١ / شرح ابن يعيش ٤ ـ ٥١ / شرح ألفية ابن معطى ٢ ـ ١٠٢٣. الأرباع : جمع ربع ، وهو ولد الناقة الذى تلده فى الربيع.
لكنّ لهذا الوزن استعمالات أخرى فى التركيب ، لا يكون فيها اسم فعل ، حيث لا يسمّى بها الفعل فى حدثيته وزمنه وتضمنه فاعلا مستترا أو ظاهرا ، وفى عمله ، فلا يكون معناها فعلا ـ كما ذكرنا ـ فى القسم السابق ، ويكون لها مواقعها الإعرابية من الفاعلية والمفعولية والابتدائية والجر .. إلخ ، ويلزم أحدها حرف النداء.
ويستعمل هذا الوزن فى التركيب على أربعة أوجه أخرى ، غير ما ذكرناه من الوجه السابق. وهى :
١ ـ أن تكون اسما للمصدر علما عليه ، مثل : فجار ، أى : الفجور وهو معدول عن فجرة ، علما على الفجور.
بداد : بمعنى متبددة أو التبدد. جماد : بمعنى الجمود.
يسار : بمعنى الميسرة. حماد : بمعنى المحمدة.
بوار : هلاك.
وهذه ليست من أسماء الأفعال ؛ لأنها تقع فاعلة ومفعولة ، وغير ذلك.
٢ ـ أن تكون صفة مذمومة لمؤنث بعد نداء مذكور أو مقدر ، وهذا المثال فيه معنى المبالغة فى الصفة. نحو :
يا فساق : أى : يا فاسقة. يا فجار ، يا خباث.
ومنه قول الحطيئة :
أطوّف ما أطوّف ثمّ آوى |
|
إلى بيت قعيدته لكاع (١) |
لكاع أى : لئيمة.
__________________
(١) شرح ابن يعيش ٤ ـ ٥٧.
(لكاع) منادى مبنى فى محل نصب ، وجملة النداء فى محل نصب مقول لقول محذوف ، وجملة القول فى محل رفع ، خبر المبتدإ (قعيدة). والجملة الاسمية فى محل جر ، نعت لبيت.
ومنها : يا حباق. (الحبق : الضرط) يا حذاق. (من معنى البخل) ، وقيل :يا خزاق ، بالخاء من القذر. يادفار : من النتن ، والدنيا كنوها أم دفار ذمّا لها ـ يا رطاب ، ذم للأمة رطبة الفرج.
يا خضاف ، من الحبق ، وهو الضرط.
وهذه ليست اسم فاعل حيث إنها تلزم النداء. إن كان مذكورا ، وإن كان مقدرا.
٣ ـ فى غير النداء دلالة على المبالغة.
وردت صفات على مثال (فعال) دالة على المبالغة فى الصفة ، وقد خرجت مخرج الأعلام ، فلذلك كانت معارف على هذه الصفات ، وهى مبنية على الكسر ، منها (١) :
ـ حلاق وجباذ للمنية.
ـ ضرام للحرب ، وهو من تأجج النار.
ـ جداع ، وكلاح ، وأزام للسّنة المجدبة الشديدة.
وهو من جدع المال وذهابه ، وهو من العبوس والتكشير عن الأنياب ، ومن الأزمة الشديدة.
ـ حناذ للشمس ، وهو من شدة الحر وإحراقها.
ـ براح للشمس ، من البوارح ، وهى الرياح الحارة.
ـ سباط للحمّى ، من الانبساط لشدة الضرب والتألم.
ـ طمار للمكان المرتفع ، من الطمور ، وهو شبه الوثوب نحو السماء ، وقد يعرب.
ـ بنات طمار ، وهى الدواهى.
__________________
(١) شرح المفصل لابن يعيش ٤ ـ ٥٩.