جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ١١

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي

جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ١١

المؤلف:

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٥٤

و : لو اوصى له بمثل نصيب ابن إلاّ نصف سدس المال ، وخلّف ابنين وزوجة وأبوين وبنتا وخنثى ، فالفريضة من أربعة وعشرين ، للزوجة ثلاثة ، ولكل من الأبوين والابنين أربعة وللبنت سهمان ، وللخنثى ثلاثة ، تضيف إليها أربعة وتضربها في اثني عشر مخرج نصف السدس تصير ثلثمائة وستة وثلاثين ، فتعطي الورثة ما استثني لكل واحد بحصته ، فلكل ابن بحصته في المستثنى لأربعة ثمانية وعشرون ، وذلك سبعة أمثال حقه ، وهو‌

______________________________________________________

بمثل نصيبه إليه ثم استرداد الجزء المستثنى مما دفع إليه ، وقسمته عليه وعلى الورثة على نسبة فريضتهم ، وذلك أن حاصل الفريضة وهو مضروب خمسة مخرج الجزء المستثنى في سبعة عشر خمسة وثمانون ، للزوجة ثلاثة من سبعة عشر مضروبة في خمسة وذلك خمسة عشر ، وللأم أربعة مضروبة كذلك عشرون ، وللأب خمسة مضروبة كذلك خمسة وعشرون ، وكذا للموصى له.

ثم نسترد منه خمس المال ـ وهو سبعة عشر ـ ونقسّمه على الجميع ، للزوجة ثلاثة فيجتمع لها ثمانية عشر ، وللأم أربعة فيجتمع لها أربعة وعشرون ، وللأب خمسة فيجتمع له ثلاثون ، وللموصى له خمسة وبقي معه بعد الاسترداد ثمانية فاجتمع له ثلاثة عشر ، فكان له مثل الأب إلاّ خمس المال.

قوله : ( لو أوصى له بمثل نصيب ابن إلاّ نصف سدس المال ، وخلّف ابنين وزوجة وأبوين وبنتا وخنثى ، فالفريضة من أربعة وعشرين ، للزوجة ثلاثة ولكل من الأبوين والابنين أربعة ، وللبنت سهمان ، وللخنثى ثلاثة ، نضيف إليها أربعة ونضربها في اثني عشر مخرج نصف السدس يصير ثلاثمائة وستة وثلاثين ، فيعطي الورثة ما استثنى لكل واحد بحصته ، فلكل ابن لحقه في المستثنى لأربعة ثمانية وعشرون ، وذلك سبعة أمثال حقه ، وهو نصف‌

٢١

نصف سدس المال.

وكذا لكل من الأبوين ولكل من الزوجة والخنثى أحد وعشرون ، وللبنت أربعة عشر ، تقسم الباقي وهو مائة وثمانية وستون على الجميع والموصى له ، وسهامهم ثمانية وعشرون ، لكل سهم ستة فلكل ابن أربعة وعشرون.

وكذا لكل من الأبوين ولكل من الزوجة والخنثى ثمانية عشر ، وللبنت اثنا عشر ، وللموصى له أربعة وعشرون ، فلكل ابن اثنان وخمسون من الأصل المستثنى ومن الباقي ، وللموصى له كذلك إلاّ نصف سدس المال وهو ثمانية وعشرون يبقى أربعة وعشرون.

______________________________________________________

سدس المال ، وكذا لكل من الأبوين ، ولكل من الزوجة والخنثى أحد وعشرون وللبنت أربعة عشر يقسم الباقي وهو مائة وثمانية وستون على الجميع ، والموصى له سهامهم ثمانية وعشرون ، ولكل سهم ستة ، فلكل ابن أربعة وعشرون ، وكذا لكل من الأبوين ، ولكل من الزوجة والخنثى ثمانية عشر ، وللبنت اثنا عشر ، وللموصى له أربعة وعشرون ، فلكل ابن اثنان وخمسون من الأصل المستثنى ومن الباقي ، وللموصى له كذلك إلاّ نصف سدس المال وهو ثمانية وعشرون ، يبقى له أربعة وعشرون ).

إنما كانت الفريضة من أربعة وعشرين ، لأن للزوجة الثمن ، وللأبوين السدسان ، والمخرج المشترك للسدس والثمن أربعة وعشرون ، وسهام الأولاد ثلاثة عشر ، بناء على أن للخنثى نصف نصيب ذكر ونصف نصيب أنثى ، وهو الطريق الثاني من طرق توريثه الأربعة ، فللانثى سهمان ليكون نصيبها نصف ، وللابنين ثمانية لكل أربعة ، وللخنثى ثلاثة نصف النصيبين ، ومجموع ذلك ثلاثة عشر والباقي من أربعة وعشرين بعد الثمن للزوجة ، والسدسين للأبوين ثلاثة عشر.

٢٢

ز : لو أوصى له بمثل نصيب أحد ابنيه مع زوجة إلاّ ربع المال فالفريضة من ستة عشر ، وتضيف إليها سبعة وتضرب المجتمع في مخرج الربع فيصير اثنين وتسعين ، ومنها تصح ، للموصى له اثنا عشر ، ولكل ابن خمسة وثلاثون ، وللزوجة عشرة ، لأنا نأخذ مالا ونخرج منه نصيبا ونستثني منه‌

______________________________________________________

وقوله : ( فيعطى الورثة ما استثنى لكل واحد بحصته ) المراد منه : انك تعطي الموصى بمثل نصيبه الجزء المستثنى وباقي الورثة بالحساب نظرا إلى حصته في أصل الفريضة ، ففي قوله : ( فيعطى الورثة ما استثنى ) توسع اعتمادا على ما سبق بيانه.

وقوله : ( فلكل ابن لحقه في المستثنى لأربعة ثمانية وعشرون ) المراد منه : إنّ المستثنى ـ وهو نصف سدس المال وذلك ثمانية وعشرون ـ مما صارت إليه الفريضة حق لكل من الابنين ، لأن الوصية بمثل نصيب ابن إلاّ نصف سدس المال ، ولا اختصاص لأحد الابنين بذلك فمتعلق اللام الاولى والباء واحد ، ومتعلق ( في ) من‌ قوله : ( في المستثنى ) محذوف ، على أن الجار والمجرور حال من المضاف في قوله : ( بحقه ).

فان قيل : ليس حقه في المستثنى ، وإنما جميع المستثنى حقه.

قلنا : لا امتناع في أن يكون الشي‌ء مملوكا وحق المالك ثابت فيه ، ولهذا يحسن أن نقول : حق المالك في ملكه اقتضى تقديمه على غيره.

وقوله : ( فلكل ابن اثنان وخمسون من الأصل المستثنى ومن الباقي ) المراد بـ ( الأصل المستثنى ) هو نفس المستثنى وهو المدفوع أولا ، وكأنه إنما سمّاه أصلا لدفعه أولا.

قوله : ( لو أوصى له بمثل أحد ابنيه مع زوجة إلاّ ربع المال فالفريضة ستة عشر ، وتضيف إليها سبعة وتضرب المجتمع في مخرج الربع فيصير اثنين وتسعين ومنها تصح ، للموصى له اثنا عشر ، ولكل ابن خمسة وثلاثون ، وللزوجة عشرة ، لأنا نأخذ مالا ونخرج منه نصيبا ونستثني منه الربع ، يبقى‌

٢٣

الربع ، يبقى مال وربع مال إلاّ نصيبا يعدل أنصباء الورثة ، وهي نصيبان وسبعا نصيب.

فإذا جبرت وقابلت يصير مالا وربع مال ، يعدل ثلاثة أنصباء وسبعي نصيب ، فالمال يعدل نصيبين وخمسي نصيب وأربعة أخماس سبعي نصيب ، فالنصيب خمسة وثلاثون ، لأنه مضروب سبعة في خمسة ، فالمال اثنان وتسعون ، فإذا استثنيت ربعه ـ وهو ثلاثة وعشرون من النصيب ـ بقي اثنا عشر.

______________________________________________________

مال وربع مال إلاّ نصيبا يعدل أنصباء الورثة ، وهي نصيبان وسبعا نصيب ، فإذا جبرت وقابلت يصير مالا وربع مال يعدل ثلاثة أنصباء وسبعي نصيب ، فالمال يعدل نصيبين وخمسي نصيب وأربعة أخماس سبعي نصيب ، فالنصيب خمسة وثلاثون ، لأنه مضروب سبعة في خمسة ، فالمال اثنان وتسعون. فإذا استثنيت ربعه ـ وهو ثلاثة وعشرون ـ من النصيب يبقى اثنا عشر ) (١).

__________________

(١) بما أن حصة الزوجة فنفرض أن المال ٨ حصص ، ١ حصة للزوجة ، والباقي ٧ لا يقسم على الابنين ، فنضرب المال ٢ * ١٦ حصة ، ٢ للزوجة و ٧ لكل ابن.

بما أن حصة الموصى له هي مثل حصة أحد الأبناء إلاّ ربع المال ، فنضيف ٧+ ١٦= ٢٣ نضربها ٤ هي مخرج ربع المال ٢٣ * ٤ =٩٢ مجموع الحصص.

نفرض أن حصة كل ابن س ، فتكون حصة الموصى له س ـ ٢٣ ، وحصة الزوجة سبع حصة الابنين.

٢ س+ + س ـ ٢٣ = ٩٢.

٣ س+ = ١١٥.

= ١١٥ ـ س = = ٣٥ فتكون حصة كل ابن ٣٥.

حصة الزوجة = ١٠.

حصة الموصى له ٣٥ ـ ٢٣ = ١٢.

٢٤

______________________________________________________

إنما كانت الفريضة ستة عشر لأن للزوجة الثمن ومخرجه ثمانية ، والباقي ـ وهو سبعة ـ لا ينقسم على ابنين ، فتضرب عددهما في أصل الفريضة يبلغ ستة عشر ، تضيف إليها سبعة للموصى له هي مثل سهام من أوصى بمثل نصيبه ، ويرتقى بالضرب إلى اثنين وتسعين.

ومنها يصح ، لأنك إذا دفعت إلى كل ابن ربع المال ـ ثلاثة وعشرين هي ثلاثة أمثال نصيبه في أصل الفريضة ـ وسبعا مثل ، فقد دفعت إلى الزوجة بهذا الحساب ستة وأربعة أسباع فيبقى تسعة وثلاثون وثلاثة أسباع ، تقسمها على ثلاثة وعشرين نصيب ، كل ابن اثنا عشر ، وكذا الموصى له. ونصيب الزوجة ثلاثة وثلاثة أسباع فيجتمع لكل ابن خمسة وثلاثون ، وللزوجة عشرة ، فيكون للموصى له مثل نصيب ابن إلاّ ربع المال.

وإن شئت أن تستخرجها بالجبر ، فكما ذكر المصنف تأخذ مالا وتخرج منه نصيبا ، وتستثني منه ربع المال يكون مال وربع مال إلاّ نصيبا يعدل أنصباء الورثة ، وهي نصيبان وسبعا نصيب ، فإن للزوجة بقدر سبعي ما لكل واحد من الابنين ، فإذا جبرت كان مال وربع مال معادلا لثلاثة أنصباء وسبعي نصيب.

فإذا أردت معادل المال أخذت أربعة أخماس ثلاثة أنصباء وسبعي ، لأن أجزاء المال بعد البسط أربعة هي أربعة أخماس المجموع ، وذلك ـ أعني أربعة أخماس ثلاثة أنصباء وسبعي نصيب ـ نصيبان وخمسا نصيب وأربعة أخماس سبعي نصيب ، هي خمس وسبع خمس ، وذلك لأن مخرج خمس وسبع خمسة وثلاثون ، وأربع أخماس سبعي نصيب هي سبع وثلاثة أخماس سبع ، وهي أيضا خمس وسبع خمس ، لأنها ثمانية من خمسة وثلاثين.

وكان الأولى أن يقول المصنف : إنّ معادل المال نصيبان وثلاثة أخماس نصيب وسبع خمس ، فالنصيب خمسة وثلاثون ، لأنها مخرج الكسر كما قلنا ، فيكون المال اثنين وتسعين فيقسّم كما تقدم. ولا يخفى أن في قوله : ( فإذا جبرت وقابلت ) مسامحة ، إذ لا‌

٢٥

لكن معين الدين المصري قال : فإذا أعطت كل ابن بسهامه السبعة الربع المستثنى من هذه المسألة وهو ثلاثة وعشرون انكسرت السبعة في ثلاثة وعشرين ، لأنه لا يمكن إخراج حق الزوجة من هذه المسألة على هذا الحساب صحيحا ، فاضرب جميع المسألة في سبعة فتصير ستمائة وأربعة وأربعين ، لكل ابن بسهامه السبعة الربع مائة وأحد وستون ، وتعطي الزوجة بحساب سهمها ستة وأربعين ، يبقى مائتان وستة وسبعون تقسّم على سهام الورثة والموصى له ، وهو ثلاثة وعشرون ، لكل سهم اثنا عشر ، فيكون للزوجة أربعة وعشرون ولكل واحد من الابنين أربعة وثمانون ، وللموصى له أربعة وثمانون ، فله مثل ما لأحد الابنين إلا ربع المال.

______________________________________________________

مقابلة هنا على ما قد علم.

قوله : ( لكن معين الدين المصري قال : فإذا أعطيت كل ابن بسهامه السبعة الربع المستثنى من هذه المسألة وهو ثلاثة وعشرون ، انكسرت السبعة في ثلاثة وعشرين ، لأنه لا يمكن إخراج حق الزوجة من هذه المسألة على هذا الحساب صحيحا ، فاضرب جميع المسألة في سبعة فيصير ستمائة وأربعة وأربعين ، لكل ابن بسهامه السبعة الربع مائة وأحد وستون ، وتعطى الزوجة بحساب سهمها ستة وأربعين ، يبقى مائتان وستة وسبعون يقسّم على سهام الورثة والموصى له ، وهي ثلاثة وعشرون ، لكل سهم اثنا عشر فيكون للزوجة أربعة وعشرون ، ولكل واحد من الابنين أربعة وثمانون ، ( وللموصى له أربعة وثمانون ) ، فله ما لأحد الابنين إلاّ ربع المال ).

لما كان تقسيم المسألة الحاصل بالعمل بالطريقين اللذين ذكرهما مشتملا على كسر أشار الى طريق التخلص منه ، وإنما أسنده إلى معين الدين المصري ـ وهو بدر ابن سالم من علماء أصحابنا رحمهم‌الله ـ لأن مثل هذا الكسر غير قادح في صحة‌

٢٦

______________________________________________________

الفريضة ، فإن الفريضة الصحيحة هي عبارة عن أقل عدد يخرج منه سهام ذوي الاستحقاق صحيحة لا كسر فيها ، وهي هنا كذلك ، لأن ذوي الاستحقاق هنا الابنان والزوجة والموصى له ، وكل منهم سهامه من اثنين وتسعين صحيحة. وإنما يحصل الكسر إذا أعطيت كل ابن ربع المال وأردت إعطاء الزوجة بالنسبة ، فإنه يلزم الكسر كما سبق.

وكذا إذا قسمت الفاضل من الفريضة على الابنين والزوجة والموصى له ، إلاّ أنك إذا ضممت الحاصل من القسمة في المرتبتين كان الجميع صحاحا ، ومثل هذا لا يخل بصحة الفريضة ، لأن الكسر واقع في الطريق. على أن التخلص منه ممكن باستعمال الطريق المذكور في الخامسة ، وكذا المسألة التي ذكرناها في آخر البحث قبل المقام الأول.

وقوله : ( فإذا أعطيت كل ابن بسهامه السبعة الربع المستثنى من هذه المسألة ، وهو ثلاثة وعشرون ، انكسرت السبعة في ثلاثة وعشرين ، لانه لا يمكن إخراج حق الزوجة من هذه المسألة على هذا الحساب ) تحقيقه معلوم مما سبق ، لأن سهم الزوجة باعتبار ثلاثة وعشرين ستة وأربعة أسباع ، فلم يخرج صحيحا ، وكذا من فاضل الفريضة الذي يقسم بين الورثة والموصى له كما بينّاه.

إلاّ أن قوله : ( انكسرت السبعة في ثلاثة وعشرين ) لا يخلو من توسع ، لأن المنكسر هو نصيب الزوجة من ثلاثة وعشرين في مخرج السبع لا السبعة.

ويمكن أن يكون مراده بذلك : إنه إذا كان لكل ابن ثلاثة وعشرون كان للزوجة من ثلاثة وعشرين سبعة منكسرة ، لأن لها ستة وبعض السابع. أو ان المراد أن للزوجة مثل سبعي ما للابن ، فلا بد من تجزئة ثلاثة وعشرين على سبعة ليخرج منها ما للزوجة ، ولا يمكن تجزئتها صحاحا فانكسرت السبعة الأجزاء المطلوبة في ثلاثة وعشرين إذا لم تخرج منها صحيحة.

٢٧

ح : لو اوصى له بمثل نصيب أحد بنيه الثلاثة إلاّ مثل ما ينقص نصيب أحدهم بالوصية ، جعلنا المال ثلاثة أنصباء ووصية ، فندفع إلى الموصى له نصيبا ونسترجع منه ثلث وصية ، لأن نقصان كل نصيب ثلث وصية ، فيبقى من المال نصيبان ووصية وثلث يعدل أنصباء البنين وهي ثلاثة أنصباء ، فتقابل نصيبين بمثلهما ، فيبقى نصيب يعدل وصية وثلثا ، فالنصيب أربعة والوصية ثلاثة ، فللموصى له ثلاثة من خمسة عشر ، ولكل ابن أربعة.

______________________________________________________

أو إن هذا من مقلوب الكلام ، والمراد فانكسرت ثلاثة وعشرون في سبعة التي هي مخرج السبع ، عندما أريد أخذ سبعيها ، وكيف كان فالمراد ظاهر والخطب في ذلك يسير.

وأما تقسيم ستمائة وأربعة وأربعين فظاهر ، لأن كل من كان له شي‌ء من اثنين وتسعين أخذه مضروبا في سبعة في المرتبة الاولى والثانية.

قوله : ( لو أوصى له بمثل نصيب أحد بنيه الثلاثة إلاّ مثل ما ينقص نصيب أحدهم بالوصية جعلنا المال ثلاثة أنصباء ووصية ، فندفع إلى الموصى له نصيبا ، ونسترجع منه ثلث وصية ، لأن نقصان كل نصيب ثلث وصية فيبقى من المال نصيبان ووصية وثلث يعدل أنصباء البنين ـ وهي ثلاثة أنصباء ـ تقابل نصيبين بمثلهما ، فيبقى نصيب يعدل وصية وثلثا ، فالنصيب أربعة والوصية ثلاثة فللموصى له ثلاثة من خمسة عشر ، ولكل ابن أربعة ).

هذه وإن لم تكن على نهج المسائل السابقة ، إذ ليس الاستثناء فيها بجزء معين من المال ، إلاّ أن الباب ليس معنونا بذلك ، وإن كان تقديم القاعدة مشعرا بكونه عنوان الباب ، وليس بلازم ، إذ يكفي لتقديم القاعدة كون معظم المسائل كذلك ، ليتوقف عليها ، فكأنها هي المقصودة دون ما سواها. لكن يرد عليه إن مسائل المقام الثاني لا يتخرج شي‌ء منها على القاعدة المذكورة ، ففي كلامه شي‌ء.

٢٨

المقام الثاني : أن يكون الاستثناء من الباقي ، وفيه مسائل :

أ : لو اوصى له بمثل نصيب أحد ولديه إلاّ ثلث ما يبقى بعد إخراج النصيب ، فطريقه أن نجعل المال كله ثلاثة أسهم ونصيبا مجهولا.

وإنما جعلناه ثلاثة أسهم ليكون له ثلث بعد النصيب ، ثم نسترد‌

______________________________________________________

إذا عرفت ذلك فقوله : ( لو أوصى له بمثل نصيب أحد بنيه الثلاثة إلا مثل ما ينقص نصيب أحدهم بالوصية ) يسأل عند فيقال : إن النصيب الموصى بمثله إن كان هو النصيب الحاصل بعد إخراج الوصية فهذا لا ينقص بالوصية شيئا ، لأنه معتبر بعدها ، وإن كان هو النصيب الثابت لكل منهم لولا الوصية ـ وهو ثلث المال ـ لم يستقم أن يكون للموصى له ثلاثة من خمسة عشر ، إذ ليس ذلك مثل النصيب الذي هو الثلث إلا ثلث الوصية ، مع أن المتبادر من النصيب هو الثابت بعد إخراج الوصية.

ويجاب بأن المراد بمثل النصيب الثابت بعد الوصية والمستثنى ، قدر ما ينقص هذا النصيب بالوصية عن النصيب الثابت بدون الوصية ، وذلك ثلث وصية لا محالة ، ولذلك فرض المال ثلاثة أنصباء ووصية ، ودفع نصيبا من هذه الثلاثة التي مع الوصية واسترجع ثلث وصية.

وقوله : ( لأن نقصان كل نصيب ثلث وصية ) المراد نقصان كل نصيب من هذه الأنصباء عن الأنصباء المستحقة لولا الوصية. والمراد من وقوله : ( نقابل نصيبين بمثلهما ) إسقاط النصيبين بمثلهما ، كما قد علم غير مرة. وإنما كان النصيب أربعة ، لأن معادله إذا بسط كان أربعة فتكون الوصية ثلاثة.

قوله : ( أن يكون الاستثناء من الباقي ، وفيه مسائل :

الأولى : لو أوصى له بمثل نصيب أحد ولديه إلا ثلث ما يبقى بعد إخراج النصيب ، فطريقه أن يجعل المال كله ثلاثة أسهم ونصيبا مجهولا ، وإنما جعلناه ثلاثة أسهم ليكون له ثلث بعد النصيب ، ثم نسترد من النصيب‌

٢٩

من النصيب سهما كاملا ، فإنه ثلث باقي المال ، ونضمه الى السهام الثلاثة فيصير معنا أربعة أسهم ، فنقسمها بين الولدين ، فظهر أن النصيب المجهول سهمان ، لأنه بقدر النصيب.

ثم نعود فنقول : إن المال كان خمسة أسهم ، والنصيب منه سهمان ، فنصرف الى الموصى له سهمين يبقى ثلاثة فنسترد منه مثل ثلث الباقي بعد النصيب وهو سهم ، فإن الباقي بعد النصيب ثلاثة ، ونضمه إلى الثلاثة ، فيصير معنا أربعة بين الابنين ، لكل واحد سهمان مثل النصيب المخرج ابتداء.

______________________________________________________

سهما كاملا فإنه ثلث باقي المال ، ونضمه إلى السهام الباقية فيصير معنا أربعة أسهم ، نقسمها بين الولدين ، فظهر أن النصيب المجهول سهمان ، لأنه بقدر النصيب ، ثم نعود فنقول : إن المال كان خمسة أسهم والنصيب منه سهمان ، فنصرف إلى الموصى له سهمين يبقى ثلاثة ، نسترد منه ثلث الباقي بعد النصيب ـ وهو سهم ـ فإن الباقي بعد النصيب ثلاثة ، ونضمه إلى الثلاثة فيصير معنا أربعة بين الابنين ، لكل واحد سهمان مثل النصيب المخرج ابتداء ).

الاستثناء من النصيب هنا بقدر جزء من باقي المال بعد النصيب وهو ثلث الباقي ، وحاصل الوصية انه فضّل كل ابن على الموصى له بقدر ثلث الباقي بعد إخراج قدر نصيب الابن ، وطريقه ما ذكره.

وأراد بقوله : ( ثم نسترد من النصيب سهما كاملا ) استرداد قدر ثلث الباقي بعد النصيب من النصيب ، فان ثلثه سهم كامل. وأراد بقوله : ( فإنه ثلث المال ) إن السهم الكامل ثلث المال الباقي ، إذ لا يراد انه ثلث المال كله لظهور انه ليس كذلك.

وقوله : ( فظهر أن النصيب المجهول سهمان ، لأنه بقدر النصيب ) المراد به : إن‌

٣٠

ب : لو قال : أعطوه مثل نصيب أحدهما إلا ثلث ما يبقى بعد الوصية لا بعد النصيب ، ـ والوصية هي التي يتقرر الاستحقاق عليها بعد الاستثناء ـ فطريقه أن نجعل المال سهمين ونصيبا مجهولا ، وإنما جعلناه سهمين ونصيبا بحيث إذا أخرجنا النصيب يبقى من المال ما إذا زيد عليه مثل نصفه يصير ثلاثة ، حتى نسترد من النصيب مثل نصف الباقي بعد النصيب ، فيكون قد‌

______________________________________________________

النصيب المجهول بقدر نصيب الابن الحاصل له بعد الوصية ، وقد علم أن نصيب الابن سهمان ، فالنصيب المجهول يجب أن يكون سهمين أيضا.

وفائدة قوله : ( ثم نعود ونقول ... ) تقسيم التركة على الابنين والموصى له ، وذلك انه لما فرض المال ثلاثة أسهم ونصيبا مجهولا وساق الكلام إلى آخره ، تبين به قدر النصيب المجهول ، فكان الغرض الأقصى منه معرفة قدر النصيب. وأما تقسيم المال على الوارث والموصي له على وجه يطابق مراد الموصي ، فهو مفاد قوله : ( ثم نعود فنقول ).

وإن أردت استخراجه بالجبر فخذ مالا وادفع منه نصيبا إلى الموصى له ، واسترجع من النصيب بقدر ثلث الباقي من المال بعده ، وهو ثلث مال إلا ثلث نصيب ، فيصير مالا وثلث مال إلا نصيبا وثلث نصيب يعدل أنصباء الورثة ـ وهي نصيبان ـ ، فإذا جبرت كان مال وثلث مال يعدل ثلاثة أنصباء وثلثا ، فالمال اثنان ونصف إذا بسطتها كانت خمسة.

قوله : ( لو قال : أعطوه مثل نصيب أحدهما إلا ثلث ما يبقى بعد الوصية لا بعد النصيب ، والوصية هي التي يتقرر الاستحقاق عليها بعد الاستثناء ، فطريقه أن يجعل المال سهمين ونصيبا مجهولا ، وإنما جعلناه سهمين ونصيبا بحيث إذا أخرجنا النصيب يبقى من المال ما إذا زيد عليه مثل نصفه يصير ثلاثة ، حتى نسترد من النصيب مثل نصف الباقي بعد النصيب ، فيكون قد استرجعنا مثل ثلث الباقي بعد الوصية ، فإذا جعلنا المال‌

٣١

استرجعنا مثل ثلث الباقي بعد الوصية.

فإذا جعلنا المال سهمين ونصيبا مجهولا استرجعنا من النصيب سهما كاملا ، فصار معنا ثلاثة ونصيب مجهول ، فنقسم الثلاثة على الاثنين فلكل واحد سهم ونصف ، فظهر لنا أن النصيب المقدر أولا كان سهما ونصفا ، فنعود ونقول : ظهر أن المال كله قد كان ثلاثة أسهم ونصفا ، فنبسطها انصافا تصير سبعة ، والنصيب منها ثلاثة ، فنصرف الى الموصى له ، ونسترد مثل نصف الباقي بعد النصيب ، فالباقي بعد النصيب أربعة ومثل نصفه سهمان ، فنستردهما ونضمهما إلى الأربعة وفقسمهما على الاثنين ، لكل واحد ثلاثة ، فقد حصل الموصى له على ثلاثة إلا مثل ثلث الباقي بعد تجرد الوصية وهو سهمان ، فيبقى له واحد.

______________________________________________________

سهمين ونصيبا مجهولا استرجعنا من النصيب سهما كاملا ، فصار معنا ثلاثة ونصيب مجهول ، فنقسم الثلاثة على الاثنين ، فلكل واحد سهم ونصف ، فظهر لنا أن النصيب المقدر أولا كان سهما ونصفا ، فنعود ونقول :

ظهر أن المال كله قد كان ثلاثة أسهم ونصفا ، فنبسطها أنصافا تصير سبعة ، والنصيب منها ثلاثة فنصرف إلى الموصى له ، ونسترد مثل نصف الباقي بعد النصيب ، والباقي بعد النصيب أربعة ، ومثل نصفه سهمان ، فنستردهما ونضمهما إلى الأربعة ونقسمهما على الاثنين ، لكل واحد ثلاثة ، فقد حصل الموصى له على ثلاثة إلا مثل ثلث الباقي بعد تجرد الوصية ، وهو سهمان ، فيبقى له واحد ).

الفرق بين هذه المسألة وبين التي قبلها : إن الاستثناء في السابقة من النصيب بقدر ثلث ما يبقى بعد إخراج النصيب ، وفي هذه بقدر ثلث ما يبقى بعد إخراج الوصية. والنصيب أكثر من الوصية ، لأن الوصية هي ما يتقرر عليها الاستحقاق ، بخلاف‌

٣٢

______________________________________________________

النصيب ، فان ما يبقى بعد إخراج المستثنى منه هو الوصية ، ولا شك أن الباقي بعد الوصية أكثر من الباقي بعد النصيب ، فالوصية الثانية أقل من الاولى. وقد أشار المصنف إلى هذا الفرق بقوله : ( والوصية هي التي يتقرر الاستحقاق عليها ).

وقوله : ( وإنما جعلناه سهمين ونصيبا ، بحيث إذا أخرجنا النصيب يبقى من المال ما إذا زيد عليه مثل نصفه يصير ثلاثة ، حتى نسترد من النصيب مثل نصيب الباقي بعد النصيب ، فيكون قد استرجعنا مثل ثلث الباقي بعد الوصية ) المراد منه بيان وجه جعل المال سهمين نصيبا مجهولا ، ومعناه : إنا جعلناه كذلك ليكون بحيث إذا أخرجنا النصيب يبقى من المال ما إذا زيد عليه زيادة لا كسر فيها ، تكون الزيادة ثلث المجموع ـ أعني المزيد عليه والزيادة ـ فإن الزيادة في مثل هذا يجب أن تكون قدر نصف المزيد عليه ، فلا بد أن يكون له نصف صحيح.

وإنما قلنا إنها يجب أن تكون قدر نصف المزيد عليه ، لأن كل عدد حذفت منه ثلاثة فإن المحذوف بقدر نصف الباقي ، وكل عدد زدت عليه مثل نصفه فان المزيد ثلث المجموع الحاصل بعد الزيادة ، فقوله : ( بحيث ) وقع موقع التعليل ، وقوله : ( حتى نسترد ... ) غاية لما قبله وفائدته المترتبة عليه.

وقوله ـ : ( فصار معنا ثلاثة ونصيب مجهول ) ـ فيه تسامح ، فان النصيب لا يبقى بعد إخراج السهم الكامل منه ، إنما يبقى من النصيب ما زاد على السهم المخرج ، ولعله أراد بالنصيب المجهول الوصية ، لأن الباقي بعد السهم هو الوصية المستحقة.

وقوله : ( فظهر ) لنا أن النصيب المقدر أولا كان سهما ونصفا معطوف على ما قبله ، فيكونان معا نتيجة السابق ، فإنه إذا قسم الثلاثة على الابنين كان لكل منهما سهم ونصف ، وكان النصيب المفروض مثل نصيب أحدهما أيضا سهما ونصفا ، وحيث حصل المطلوب بالبيان ـ وهو معرفة قدر النصيب المجهول ـ وجب العود إلى بيان تقسيم المال على الوارث والموصى له على الوجه المطابق المراد الموصى ، فكذلك قال :

٣٣

ولو أطلق وقال : أعطوه مثل نصيب أحد ولدي إلا ثلث ما يبقى من المال ولم يقتل بعد الوصية أو بعد النصيب نزل على الوصية فإنها الأقل واللفظ متردد.

______________________________________________________

( فنعود ونقول ... ).

وقوله آخرا : ( فقد حصل الموصى له على ثلاثة ... ) حصل في معنى استولى ، وفي بعض النسخ : حصل للموصى له ثلاثة ، وكل منهما صحيح.

وإن أردت استخراجه بالجبر أخذت مالا ودفعت منه نصيبا إلى الموصى له ، واسترجعت من النصيب قدر ثلث الباقي بعد الوصية ـ وهو قدر نصف الباقي بعد النصيب ، وهو نصف مال إلا نصف نصيب ـ فيصير مالا ونصف مال إلا نصيبا ونصف نصيب يعدل أنصباء الورثة ، وهي نصيبان.

فإذا جبرت كان مال ونصف مال يعدل ثلاثة ، أنصباء ونصفا ، فالمال يعدل نصيبين وثلثا والثلث هو الوصية ، وبعد البسط يكون الجميع سبعة والوصية واحدا.

وإن شئت أخذت نصيبين وأضفت إليهما قدر نصيب إلا ثلث النصيبين ، وذلك ثلث نصيب ، لأن نصيبا إلا ثلث نصيبين ثلث نصيب لا محالة ، فيكون الجميع نصيبين وثلثا ، فالنصيبان للابنين ، والثلث المزيد عليهما للموصى له ، وبعد البسط فالجميع سبعة.

قوله : ( ولو أطلق وقال : أعطوه مثل نصيب أحد ولدي إلا ثلث ما يبقى من المال ، ولم يقل : بعد الوصية أو بعد النصيب ، نزل على الوصية فإنها الأقل ، واللفظ متردد ).

قد علم فيما سبق أنه إذا أوصى بمثل نصيب أحد الورثة ، وفيهم من نصيبه أقل ولم يعيّن ، كان للموصى له مثل الأقل نصيبا ، ومقتضاه تنزيل الوصية هنا على الأقل ، لأن اللفظ هنا متردد بين الأمرين وصالح لهما من غير ترجيح لأحدهما على الأخر ، فيتمسك بأصالة عدم استحقاق الزائد.

٣٤

ج : لو استثنى جزء مقدّرا من جزء مقدّر كأن يقول : أعطوه مثل نصيب أحد أولادي الثلاثة إلا ثلث ما يبقى من الثلث بعد إخراج النصيب ، فطريقه أن يجعل ثلث المال ثلاثة ونصيبا مجهولا ، ثم نسترد من النصيب المجهول سهما كاملا ، فيحصل معنا أربعة أسهم نضمها إلى ثلثي المال ـ وهو ستة أسهم ونصيبان ـ يصير عشرة أسهم ونصيبين ، فنصرف النصيبين إلى الابنين ، تبقى عشرة أسهم للابن الثالث ، فعرفنا أن النصيب كان عشرة ، فنعود ونقول : كنا قد جعلنا ثلث المال ثلاثة أسهم ونصيبا ، وقد ظهر أن ثلث المال ثلاثة عشر سهما ، فالنصيب عشرة وثلثاه ستة وعشرون ، وجملة المال تسعة وثلاثون ، فنأخذ عشرة من الثلاثة عشرة سهما لصاحب النصيب ،

______________________________________________________

ولا يخفى أن مثل نصيب أحدهما إلا ثلث ما يبقى بعد الوصية ، أقل من مثل النصيب إلا ثلث ما يبقى بعد النصيب ، لأن الباقي في الأول أكثر من الباقي في الثاني ، فيكون الاستثناء في الأول أكثر ، والموصى به أقل فينزل عليه.

قوله : ( لو استثنى جزءا مقدرا من جزء مقدر ، كأن يقول : مثل نصيب أحد أولادي الثلاثة إلا ثلث ما يبقى من الثلث بعد إخراج النصيب ، فطريقه أن يجعل ثلث المال ثلاثة ونصيبا مجهولا ، ثم يسترد من النصيب المجهول سهما كاملا فيحصل معنا أربعة أسهم نضمها إلى ثلثي المال ـ وهو ستة أسهم ونصيبان ـ يصير عشرة أسهم ونصيبين ، فيصرف النصيبين إلى الابنين فيبقى عشرة للابن الثالث ، فعرفنا أن النصيب كان عشرة ، فنعود ونقول : كنا جعلنا ثلث المال ثلاثة أسهم ونصيبا ، وقد ظهر أن ثلث المال ثلاثة عشر سهما ، والنصيب عشرة ، وثلثاه ستة وعشرون ، وجملة المال تسعة وثلاثون ، فنأخذ عشرة من الثلاثة عشر سهما لصاحب النصيب ، ونسترد منه‌

٣٥

ونسترد منه ثلث ما بقي من الثلث بعد النصيب وهو واحد ، لأن الباقي ثلاثة ، فيصير معنا أربعة ، نضمها إلى ثلثي المال فيصير ثلاثين ، لكل ابن عشرة مثل النصيب المخرج ابتداء.

ولو قال : ثلث ما يبقى من الثلث بعد الوصية ، فنجعل ثلث المال سهمين ونصيبا مجهولا ونسترد من النصيب سهما ، ونضمه الى سهمين فيصير ثلاثة أسهم ، فنضمها إلى ثلثي المال وهو أربعة ونصيبان فيصير سبعة ونصيبين ، نعطي النصيبين الابنين ، فتبقى سبعة لابن واحد.

فظهر أن النصيب كان سبعة ، فنرجع ونقول : ثلث المال كان تسعة ، والنصيب سبعة نخرجه الى الموصى له ، ونسترد من النصيب ما إذا ضم إلى الباقي كان ثلاثة ، وهو سهم واحد ، ونضمه الى السهمين الباقيين يصير ثلاثة ، ونضمها إلى ثلثي المال وهو ثمانية عشر فيصير أحدا وعشرين ، لكل‌

______________________________________________________

ثلث ما يبقى من الثلث بعد النصيب وهو واحد ، لأن الباقي ثلاثة فيصير معنا أربعة نضمها إلى ثلثي المال فيصير ثلاثين ، لكل ابن عشرة مثل النصيب المخرج ابتداء.

ولو قال إلا ثلث ما يبقى من الثلث بعد الوصية ، فنجعل ثلث المال سهمين ونصيبا مجهولا ، ونسترد من النصيب سهما ونضمه إلى سهمين فيصير ثلاثة أسهم ، فنضمها إلى ثلثي المال ـ وهو أربعة ونصيبان ـ فيصير سبعة ونصيبين ، نعطي النصيبين ابنين ، فيبقى سبعة لابن واحد ، فظهر أن النصيب كان سبعة ، فنرجع ونقول :

ثلث المال كان تسعة والنصيب سبعة نخرجه الى الموصى له ، ونسترد من النصيب ما إذا ضم إلى الباقي كان ثلاثة وهو سهم واحد ، ونضمه إلى السهمين الباقيين يصير ثلاثة ، ونضمها إلى ثلثي المال ـ وهو ثمانية عشر ـ

٣٦

ابن سبعة ، وهو مثل النصيب المخرج ابتداء ، والباقي في يد الموصى له ستة ، وهو مثل نصيب الابن إلا ثلث ما يبقى من الثلث بعد الوصية ، وذلك ما أردنا أن نبين.

______________________________________________________

فيصير أحدا وعشرين ، لكل ابن سبعة ، وهو مثل النصيب المخرج ابتداء ، والباقي في يد الموصى له ستة ، وهو مثل نصيب الابن إلا ثلث ما يبقى من الثلث بعد الوصية ، وذلك ما أردنا أن نبين ).

أي : لو أوصى بمثل نصيب وارث واستثنى منه جزءا مقدرا من جزء مقدر ، كثلث ما يبقى من ثلث المال بعد النصيب ، فالجار في قوله : ( من جزء مقدّر ) متعلق بمقدر أو أجزاء من قوله : ( لو استثنى جزءا مقدّرا ) لا باستثنى ، بل صلته محذوفة كما بيّناه.

والفرق بين هاتين المسألتين وما قبلهما : ان الاستثناء في المسألتين السالفتين من الباقي من المال بعد النصيب أو بعد الوصية ، وهنا من الباقي من الثلث بعد أحدهما ، ومن ثم فرض المال في الأولى ثلاثة أسهم ونصيبا مجهولا ، وفي الثانية سهمين ونصيبا ، وهنا جعل الثلث في الفرض الأول ثلاثة ونصيبا مجهولا ، وفي الفرض الثاني سهمين ونصيبا مجهولا ، وباقي ما ذكره ظاهر.

فإن أردت استخراج الفرض الأول بالجبر أخذت ثلث مال ودفعت منه نصيبا إلى الموصى له ، واسترجعت من النصيب قدر ثلث الباقي بعد النصيب ، وهو تسع مال إلا ثلث نصيب ، فتضم ذلك كله إلى الباقي من المال ، فيصير مالا وتسع مال إلا نصيبا ، وثلث نصيب يعدل أنصباء الورثة ، وهي ثلاثة.

فإذا جبرت كان مال وتسع مال يعدل أربعة أنصباء وثلثا ، فالمال ثلاثة أنصباء وأربعة أخماس نصيب ونصف خمس ، إذ بسطت كانت تسعة وثلاثين والنصيب عشرة.

وفي الفرض الثاني نأخذ ثلث مال وندفع منه نصيبا إلى الموصى له ، ونسترجع من النصيب قدر ثلث الباقي بعد الوصية ـ وهو قدر نصف الباقي بعد النصيب ، وذلك سدس مال إلاّ نصف نصيب ـ ، فنضم باقي الثلث والمسترجع من النصيب إلى باقي‌

٣٧

أو نقول : نجعل المال ثلاثة أنصباء ووصية ، فنأخذ ثلث ذلك نصيبا وثلث وصية ، وندفع إلى الموصى له نصيبا ، فيبقى معنا ثلث وصية ، نسترجع من النصيب نصف الباقي سدس وصية فيحصل معنا نصف وصية وهو الباقي من الثلث بعد الوصية. ونزيد ذلك على الثلثين ، فيحصل معنا نصيبان ووصية وسدس وصية تعدل ثلاثة أنصباء ، ألق نصيبين بنصيبين فيبقى وصية وسدس تعدل نصيبا ، فالوصية ستة ، والنصيب سبعة والمال كله سبعة وعشرون.

______________________________________________________

المال يكون مالا وسدس مال إلاّ نصيبا ونصف نصيب يعدل أنصباء الورثة ـ وهي ثلاثة.

فإذا جبرت كان مال وسدس مال يعدل أربعة أنصباء ونصفا ، فالمال ثلاثة أنصباء وستة أسباع نصيب ، إذا بسطت كانت سبعة وعشرين.

وقد بيّن المصنف الفرض الثاني بطريق الجبر لكن بوجه آخر ، وهو ما أشار إليه بقوله : ( أو نقول : نجعل المال ثلاثة أنصباء ووصية ، فنأخذ ثلث ذلك نصيبا وثلث وصية ، وندفع إلى الموصى له نصيبا فبقي معنا ثلث وصية ، نسترجع من النصيب نصف الباقي سدس وصية ، فيحصل معنا نصف وصية ، وهو الباقي من الثلث بعد الوصية ، ونزيد ذلك على الثلثين فيحصل معنا نصيبان ووصية وسدس وصية يعدل ثلاثة أنصباء ، ألق نصيبين بنصيبين فيبقى وصية وسدس يعدل نصيبا ، فالوصية ستة ، والنصيب سبعة والمال كله سبعة وعشرون ).

وإنما جعل المال ثلاثة أنصباء ووصية : لأن الأنصباء حق البنين والوصية حق الموصى له ، وهو ظاهر ، وإنما كان ما يحصل بعد زيادة نصف الوصية على الثلثين نصيبين ووصية وسدس وصية ، لأن الثلثين نصيبان وثلثا وصية ، فإذا ضممت نصف وصية إلى ثلثيها كان ما ذكره.

وإنما كان النصيب سبعة والوصية ستة ، لأنك إذا بسطت الوصية من جنس السدس كان المجموع سبعة ، وذلك كله ظاهر.

٣٨

ولو قال : مثل نصيب أحدهم إلا ما أنقصت الوصية أحدهم من الثلث ، فاجعل ثلث المال نصيبا وشيئا ، والشي‌ء هو ما انقص كل ابن من الثلث ، والمال ثلاثة أنصباء وثلاثة أشياء ، وانقص من المال الوصية وهو نصيب إلا شيئا ، يبقى نصيبان وأربعة أشياء تعدل أنصباء البنين وهي ثلاثة أنصباء ، فألق نصيبين بنصيبين ، يبقى نصيب يعدل أربعة أشياء ، فالشي‌ء يعدل ربع نصيب ، فاجعل النصيب أربعة أسهم والشي‌ء سهما.

وقد كنا جعلنا المال ثلاثة أنصباء وثلاثة أشياء ، فهو إذن خمسة عشر سهما ، للموصى له من ذلك نصيب إلا شيئا ، وهو ثلاثة أسهم ، والشي‌ء هو ما انتقص أحدهم من الثلث سهم واحد إذا استثنيته من نصيب أحدهم بقي ثلاثة أسهم وهو الوصية ، فانقص الوصية من المال يبقى‌ اثنا عشر للبنين.

______________________________________________________

قوله : ( ولو قال : مثل نصيب أحدهم إلا ما أنقصت الوصية أحدهم من الثلث ، فاجعل ثلث المال نصيبا وشيئا ـ والشي‌ء هو ما انقص كل ابن من الثلث ـ ، والمال ثلاثة أنصباء وثلاثة أشياء ، وانقص من المال الوصية ـ وهو نصيب إلا شيئا ـ يبقى نصيبان وأربعة أشياء يعدل أنصباء البنين ـ وهي ثلاثة أنصباء فألق نصيبين بنصيبين يبقى نصيب يعدل أربعة أشياء ، فالشي‌ء يعدل ربع نصيب ، فاجعل النصيب أربعة أسهم والشي‌ء سهما ، وكنا قد جعلنا المال ثلاثة أنصباء وثلاثة أشياء ، فهو إذن خمسة عشر سهما ، للموصى له من ذلك نصيب إلا شيئا ـ وهو ثلاثة أسهم ـ ، والشي‌ء هو ما انتقص أحدهم من الثلث سهم واحد ، إذا استثنيته من نصيب أحدهم بقي ثلاثة أسهم وهو الوصية ، فانقص الوصية من المال يبقى‌).

٣٩

وإن شئت أخذت مالا ونقصت منه نصيبا ، واسترجعت من النصيب ثلث مال إلا نصيبا ، وهو ما انقص أحدهم من الثلث ، وزدت ذلك على المال ، فيكون مالا وثلث مال إلا نصيبين يعدل أنصباء البنين وهي ثلاثة.

______________________________________________________

لو كان له ثلاثة بنين ، وأوصى لأجنبي بمثل نصيب أحدهم إلا ما أنقصت الوصية أحدهم من الثلث ، فمعناه : إنه أوصى بمثل نصيب أحدهم بعد الوصية إلا ما أنقصت الوصية أحدهم من نصيبه ، الذي كان يصيبه بدون الوصية ، وهو الثلث.

والحاصل انه فضل كل ابن على الموصى له بمقدار التفاوت بين نصيب الابن بدون الوصية وبين نصيبه معها ، وهذه المسألة هي الثامنة المذكورة قبل المقام الثاني.

قوله : ( فاجعل ثلث المال نصيبا وشيئا ) إنما جعل كذلك ، لأن الثلث مشتمل على نصيب بعد الوصية وما نقص بها عن النصيب بدونها. وإنما بقي نصيبان وأربعة أشياء بعد إخراج الوصية من المال ، لأن الوصية نصيب إلا شيئا ، فإذا استرجعت من النصيب شيئا وزدته على نصيبين وثلاثة صار ما ذكره.

وقد أعادها المصنف بعنوان مغاير للأولى ، إلا أن الفرض وحاصل بيانه واحد ، وكأنه إنما أعادها ليزيدها بيانا بذكر الطرق المختلفة ، ويبني عليها أيضا الفرض الذي ذكره آخرا.

واعلم أن ( نقص ) جاء لازما ومتعديا كما نص عليه في القاموس وغيره ، ويعدّى بالهمزة والتضعيف ، قال فيه : وانقصه وانتقصه ونقصته فانتقص (١) ، فقول المصنف : ( إلا ما أنقصت الوصية أحدهم ... ) عربي صحيح.

قوله : ( وإن شئت أخذت مالا ونقصت منه نصيبا واسترجعت من النصيب ثلث مال إلا نصيبا ، وهو ما انتقص أحدهم من الثلث وزدت ذلك على المال فيكون مالا وثلث مالا إلا نصيبين يعدل أنصباء البنين ـ وهي ثلاثة ـ

__________________

(١) القاموس المحيط ٢ : ٣٢٠ « نقص ».

٤٠