جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ١٠

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي

جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ١٠

المؤلف:

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٦١

______________________________________________________

اعلم أن في عبارة المصنف التجوز في أمرين : أحدهما قوله : ( وأجازوا ) ، لأن مرجع الضمير مثنى ، والآخر في قوله : ( لو أوصى له بنصيب أحد ولديه ) ، فإن مراده الوصية بمثل النصيب ، لأنه ذكر في الوصية بالنصيب احتمالين ، أحدهما البطلان ولم يرجح واحدا منهما.

والفرض ينقسم إلى ثلاثة أقسام ، لأن الولدين اما أن يجيزا ، أو يردا ، أو يجيز أحدهما ويرد الآخر.

فإن أجازا فالمسألة دورية إذ لا يعرف قدر النصيب ـ وهو الوصية الأولى ـ إلاّ بعد الوصية الثانية ، ولا يعرف نصف ما يبقى ـ أعني الوصية الثانية ـ إلاّ بعد النصيب.

ويستخرج بالجبر والمقابلة ، فيصح من خمسة ، لأنا نأخذ للموصى له الأول نصيبا من المال كله فيبقى مال إلاّ نصيبا ، للثاني نصفه ، يبقى نصف مال إلاّ نصف نصيب يعدل نصيبين للولدين ، فإذا جبرت نصف مال إلاّ نصف نصيب بنصف نصيب وزدت على معادله مثله ، كان نصف مال يعدل نصيبين ونصفا ، فالمال كله يعدل خمسة هي الفريضة ، للأول سهم يبقى أربعة ، للثاني نصفها اثنان ، ولكل ابن سهم.

ويستخرج بالحشو ايضا ، فإنك تزيد سهما على سهام الولدين ، ثم تضرب ذلك في المخرج ـ وهو اثنان ـ وتسقط سهم الحشو ، يبقى خمسة هي المال ، والنصيب واحد على ما سبق. وإذ قد عرفت أن المقابلة هي إسقاط المشترك فقول المصنف هنا ـ فإذا جبرت وقابلت ـ لا يخلو من تسامح ، إذا لا إسقاط هنا.

وإن لم يجز الولدان بطلت الوصية الثانية ، لوجوب اختصاصها بالثلثين لكل منهما ثلث ، فيكون النصيب الموصى به للأول ثلثا ، لأن الوصية له بمثل نصيب أحد الولدين ، فلا يبقى للوصية الثانية شي‌ء ، فتكون باطلة لا محالة.

٣٢١

ولو أجاز أحدهما احتمل ضرب ثلاثة في خمسة فللمجيز الخمس ، وللآخر الثلث ، تبقى سبعة ، للأول أربعة ، لأنه مع الإجازة يأخذ ثلاثة ومع عدمها خمسة ، فإذا أجاز أحدهما نقص منه بالنسبة وللثاني ثلاثة.

ويحتمل أن يكون للأول مثل نصيب المجيز ، لأنه أقل الورثة سهاما فتصح من خمسة ، لأن للثاني نصف نصيب المجيز ، وللأول مثل نصفه أيضا وللآخر نصيب كامل. فالمال يعدل نصيبين ونصفا ، فللمجيز واحد من خمسة ، ولكل من الموصى لهما واحد ، وللآخر اثنان ، ويضعف بأخذه أكثر من الثلث.

ويحتمل من ستة ، لتجدد النقص بعد الوفاة ، فلم يكن مرادا للموصى ، فيكون للأول الثلث سهمان ، ولغير المجيز سهمان ، وسهم للمجيز ، وسهم للباقي.

والحق الأول ، لكن لكل من المجيز والأول ثلاثة ، ولغير المجيز خمسة ، و‌للثاني أربعة.

______________________________________________________

قوله : ( ولو أجاز أحدهما احتمل ضرب ثلاثة في خمسة ، فللمجيز الخمس ، ولأخيه الثلث ، يبقى سبعة للأول أربعة ، لأنه مع الإجازة يأخذ ثلاثة ومع عدمها خمسة ، فإذا أجاز أحدهما نقص منه بالنسبة ، وللثاني ثلاثة. ويحتمل أن يكون للأول مثل نصيب المجيز ، لأنه أقل الورثة سهاما ، فتصح من خمسة ، لأن للثاني نصف نصيب المجيز ، وللأول مثل نصفه أيضا ، وللآخر نصيب كامل ، فالمال يعدل نصيبين ونصفا ، فللمجيز واحد من خمسة ، ولكل من الموصى لهما واحد ، وللآخر اثنان ، ويضعف بأخذه أكثر من الثلث. ويحتمل من ستة ، لتجدد النقص بعد الوفاة ، فلم يكن مرادا للموصى ، فيكون للأول الثلث سهمان ، ولغير المجيز سهمان ، وسهم للمجيز ، وسهم للثاني. والحق الأول ، لكن لكل من المجيز والأول ثلاثة ولغير المجيز خمسة وللثاني أربعة ).

٣٢٢

______________________________________________________

هذا هو القسم الثالث من أقسام المسألة ، وهو ما إذا أجاز أحد الولدين وردّ الآخر وفي حكمه احتمالات ثلاثة :

أحدها : ضرب فريضة الإجازة ـ وهي خمسة ـ في فريضة الرد ـ وهي ثلاثة ـ تبلغ خمسة عشر ، فيدفع إلى المجيز سهمه من فريضة الإجازة ، وهو واحد مضروبا في فريضة الرد وذلك ثلاثة ، هي الخمس من مضروب الفريضتين ، وإلى أخيه الراد سهمه من فريضة الرد مضروبا في فريضة الإجازة ، وذلك خمسة هي الثلث ، عملا بمقتضى الإجازة والرد بالنسبة إلى كل منهما ، يبقى سبعة من خمسة عشر ، يدفع إلى الموصى له الأول أربعة.

ووجهه : إنه مع الإجازة من الولدين يأخذ ثلاثة مثل نصيب كل واحد منهما ، ومع ردهما يأخذ خمسة هي الثلث. فإذا أجاز أحدهما ورد الآخر حكمنا بتأثير إجازة واحد في نصف التفاوت الحاصل بالإجازتين ، فننقصه من الخمسة واحدا باعتبار اجازة واحد ، ونزيده على الثلاثة واحدا باعتبار رد الآخر فيبقى ثلاثة عن سهامهم ، فيدفع إلى الموصى له الثاني ، لأنه مؤخر عن الموصى له الأول ، فإن له نصف ما يبقى بعد النصيب. ويشكل ذلك بوجهين :

أحدهما : إن في ذلك تبديلا للوصية ، لأن الوصية للأول بمثل نصيب أحد الولدين ، ونصيب الوارث هو ما يصل إليه بالإرث من التركة بعد الوصايا ، ومع إطلاق الوصية فله مثل نصيب الأقل نصيبا ، والأربعة ليست مثل نصيب واحد منهما.

الثاني : إن هذا الحكم مبني على أن تأثير مجموع الإجازة ـ وهي اجازة الولدين ـ في تفاوت سهمين من خمسة من أصل خمسة عشر ، مضروب فريضة الإجازة في فريضة الرد ، يقتضي تأثير إجازة واحد في تفاوت واحد ، وهو ممنوع.

ولم لا يجوز أن يكون المقتضي لاستحقاق كل من السهمين هو ردهما من حيث هو كذلك ، وقد انتفى بإجازة واحد ، إذا المجموع ينتفي بانتفاء أي جزء كان من‌

٣٢٣

______________________________________________________

أجزائه ، فانتفى أصل استحقاقهما ، لانتفاء مقتضيه وأصالة عدمه ، وقد لحظ المصنف هذا فاختار آخرا هذا الاحتمال ، وردّ هذا الحكم خاصة.

الاحتمال الثاني : ان يكون للموصى له الأول مثل نصيب المجيز ، لأنه أقل الورثة سهاما ، وقد عرفت سابقا أن الموصى له بمثل نصيب وارث يستحق مثل نصيب الأقل ، وحينئذ فتصح من خمسة ، لأن للموصى له الثاني نصف نصيب المجيز ، لأن له نصف نصيب الولدين لو أجازا ، فإذا أجاز واحد كان له نصف نصيبه.

وقد عرفت أن للأول مثل نصف هذا النصيب ، لأنه يستحق مثل ما يصل إلى المجيز بالإرث ، وإنما يرث نصف النصيب المذكور ، وللولد الآخر نصيب كامل ، فالمال كله يعدل نصيبين ونصفا ، فإذا بسطته كان خمسة ، لكل من المجيز والموصى له الأول والثاني واحدا ، وللراد سهمان. ويضعف بأمرين :

أحدهما : ما ذكره المصنف ، وهو أن ذلك يستلزم أن يأخذ أزيد من الثلث ، وهو باطل ، لأن أقصى استحقاقه الثلث ، فإن ثلث التركة مع الوصية لا اختيار للورثة فيه. فإذا كانا ابنين كان لكل منهما ثلث من الثلثين الباقيين ، فاجازة أحدهما تؤثر في نصيبه ، ورد الآخر يقتضي توفير نصيبه عليه لا استحقاق شي‌ء زائد عليه.

الثاني : إنّ الموصى له الثاني لا يستحق نصف نصيب المجيز ، إنما يستحق نصف الباقي مع الإجازة ، وقد علمت أن المراد بالباقي ما يبقى بعد نصيب الموصى له الأول ، الذي هو مثل نصيب الوارث فنصيب الوارث هو ما كان بعد الوصية الثانية أيضا ، فكيف تكون الوصية الثانية نصفه؟

فإن قيل : هي النصف على تقدير الرد.

قلنا : إن كان المراد بالرد : ردهما معا ، فالنصيب هو المماثل لنصيبهما الحاصل بعد الوصيتين لا الأقل ، إذ لا أقل حينئذ ، وإن كان المراد : رد واحد فقد ، عرفت أن الوصية الثانية لا يتصور كونها نصفه ، كما أنها مع الإجازة منهما لا تكون نصف‌

٣٢٤

______________________________________________________

النصيبين.

الاحتمال الثالث : أن تكون المسألة من ستة للموصى له الأول الثلث سهمان ، ولغير المجيز سهمان ، وللمجيز سهم ، وللموصى له الثاني سهم. ووجهه : إنّ الوصية بمثل نصيب أحد الولدين ، المتبادر منها المماثل للنصيب المستحق له بأصل الشرع عند الوصية وعند الوفاة ، والمستحق لكل من الوارثين حينئذ هو الثلث ، ولذلك حجر على الموصى فيهما ونقص نصيب المجيز عن الثلث بسبب الإجازة طارئ بعد الوفاة ، فلا يكون مرادا للموصي ، فلا يقتضي نقصان نصيب الموصى له الأول فيكون له الثلث. وكذا غير المجيز ، وللموصى له الثاني نصف ما بقي بإجازة المجيز وللمجيز النصف الآخر ، فتضرب ثلاثة في مخرج النصف يبلغ ستة. وضعفه ظاهر ، فإن نصيب الوارث هو المستحق بعد الوصايا ، ثم انه كيف تجتمع ارادة الموصي إخراج الوصية الثانية ، وعدم ارادة النقص المتجدد بالإجازة ، فإن صحتها بدون الإجازة ممتنع ، على أن المجيز يجب أن يأخذ نصيبه من فريضة الإجازة مضروبا في فريضة الرد ، وذلك في هذا الفرض الخمس ، وعلى هذا الاحتمال فهو السدس.

ولضعف الاحتمالات كلها ـ سوى الأول ـ اختار المصنف الأول مصرحا بأنه الحق ، إلاّ في نصيب الموصى له الأول ، فاختار أن له مثل سهم المجيز ، نظرا إلى قوة مدركه ، وهذا في الحقيقة احتمال مغاير للاحتمالات كلها ، وإن أطلق عليه الأول توسعا.

واعلم أنه على ما سيأتي إن شاء الله تعالى في الفرض الذي بعد هذا ، من أنه على الاحتمال الثالث يجي‌ء احتمالان ، فهنا يجي‌ء احتمالان أيضا : أحدهما ما سبق ، والثاني : أن لكل من الموصى له الأول وغير المجيز الثلث ، وللمجيز الخمس ، وهو سهم من فريضة الإجازة مضروبا في فريضة الرد ، والباقي وهو سهمان للموصى له الثاني ، ويصح من خمسة عشر ، وهذان الاحتمالان وإن لم يكونا نظيرين للاحتمالين المذكورين‌

٣٢٥

ولو اوصى له بمثل نصيب أحد أولاده وهم ثلاثة ، ولآخر بثلث ما يبقى من جميع المال بعد إخراج النصيب. فطريقه أن تقدّر جميع المال ثلاثة أسهم ونصيبا مجهولا والنصيب المجهول للموصى له بالنصيب ، وسهم للموصى له بالثلث بقي سهمان لا ينقسمان على ثلاثة ، تضرب ثلاثة في ثلاثة تصير تسعة ونصيبا مجهولا ، فالنصيب المجهول للموصى له بالنصيب ، بقي تسعة ، ثلاثة للموصى له بالثلث ، ولكل ابن سهمان ، فظهر أن النصيب المجهول سهمان.

فالمسألة من أحد عشر ، سهمان للموصى له بالنصيب ، وثلاثة للموصى له بالثلث ، ولكل ابن سهمان.

أو نقول : ندفع إلى الموصى له الأول نصيبا ، يبقى مال إلاّ نصيبا ، ندفع ثلثه إلى الثاني وهو ثلث مال إلاّ ثلث نصيب ، يبقى ثلثا مال إلاّ ثلثي نصيب تعدل ثلاثة أنصباء الورثة.

______________________________________________________

هناك ، إلاّ أنهما آتيان لا محالة.

قوله : ( ولو أوصى له بمثل نصيب أحد أولاده وهم ثلاثة ، ولآخر بثلث ما يبقى من جميع المال بعد إخراج النصيب ، فطريقه : أن تقدر جميع المال ثلاثة أسهم ونصيبا مجهولا ، والنصيب المجهول للموصى له بالنصيب ، وسهم للموصى له بالثلث ، بقي سهمان لا يستقيمان على ثلاثة ، يضرب ثلاثة في ثلاثة يصير تسعة ونصيبا مجهولا ، فالنصيب المجهول للموصى له بالنصيب ، بقي تسعة : ثلاثة للموصى له بالثلث ، ولكل ابن سهمان ـ إلى قوله ـ أو نقول : ندفع إلى الموصى له الأول نصيبا يبقى مال إلاّ نصيبا ، ندفع ثلثه إلى الثاني ـ وهو ثلث مال إلاّ ثلث نصيب ـ يبقى ثلثا مال إلاّ ثلثي نصيب ، يعدل‌

٣٢٦

فإذا جبرت وقابلت بقي ثلثا مال يعدل ثلاثة أنصباء وثلثي نصيب ، فإذا أكملت المال بقي مال يعدل خمسة أنصباء ونصفا.

فإذا بسطت من جنس الكسر بقي المال أحد عشر والنصيب اثنان ، هذا مع اجازة الورثة.

ولو لم تجز الورثة فالفريضة من تسعة ، لكل ابن سهمان ، وللموصى له بالنصيب سهمان ، وللآخر سهم ، لأنا ندفع إلى الأول نصيبا ، وإلى الثاني تمام الثلث ، يبقى ثلثا مال يعدل ثلاثة أنصباء ، فالثلث نصيب ونصف ، فالمال بعد البسط تسعة والنصيب سهمان.

______________________________________________________

ثلاثة أنصباء الورثة فإذا جبرت وقابلت بقي ثلثا مال يعدل ثلاثة أنصباء وثلثي نصيب ، فإذا كملت المال بقي مال يعدل خمسة أنصباء ونصفا ، فإذا بسطت من جنس الكسر بقي المال أحد عشر والنصيب اثنان ، هذا مع اجازة الورثة. ولو لم تجز الورثة فالفريضة من تسعة لكل ابن سهمان ، وللموصى له بالنصيب سهمان وللآخر سهم ، لأنا ندفع إلى الأول نصيبا ، وإلى الثاني تمام الثلث ، يبقى ثلثا مال يعدل ثلاثة أنصباء ، فالثلث نصيب ونصف ، فالمال بعد البسط تسعة ، والنصيب سهمان ).

لو أوصى له بمثل نصيب أحد أولاده وهم ثلاثة ، ولآخر بثلث ما يبقى من جميع المال بعد إخراج النصيب ، فإما أن يجيز الورثة جميعهم ، أو لا يجيزوا أو يجيز واحد منهم ، فهذه أقسام ثلاثة ذكرها المصنف ولم يذكر غيرها ، مع أن هناك قسما رابعا ، وهو أن يجيز اثنان ويرد واحد.

فإن أجازوا فالمسألة دورية ، لتوقف معرفة النصيب على معرفة الوصية ، وبالعكس. ولاستخراجها طرق ، منها طريق الحشو وهي ظاهرة ، ولم يذكر المصنف سوى طريقين : طريق النصيب والسهام ، وطريق الجبر ، والعمل بهما ظاهر. وفي قوله :

٣٢٧

ولو أجاز أحدهم ضربت على الاحتمال الأول تسعة في إحدى عشر ، ثم ثلاثة في المجتمع تصير مائتين وسبعة وتسعين ، للأول اثنان وستون ، وللثاني تسعة وأربعون ، وللمجيز أربعة وخمسون ، ولكل ابن من الآخرين ستة وستون.

وعلى الثاني من أحد عشر ، لأنا نجعل المال تسعة ونصيبا ، ويأخذ‌

______________________________________________________

( فإذا جبرت وقابلت ) تجوّز قد نبهنا عليه مرارا.

ولو لم يجيزوا فظاهر عبارة المصنف أن المسألة دورية ، حيث أنه فرض النصيب مجهولا ، وساق استخراجها بطريق النصيب ـ الى آخره ـ وليس كذلك ، فإن الثلثين بين الورثة أثلاثا لكل تسعان ، وللموصى له الأول مثل أحدهم ، وللثاني ما يبقى وهو تسع. ولا تتوقف معرفة أنصباء الورثة على الوصايا ، لما عرفت من أن لهم الثلثين ، والأمر ظاهر.

واعلم ان المصنف إنما ذكر هذه المسألة في ذيل التاسعة ، لأن الغرض الأقصى منها هو بيان حكم ما إذا أجاز واحد من الورثة ، وتخريج ذلك على الاحتمالات المذكورة في التاسعة ، فكأنها من متمماتها ، حتى أنه لو قال : ولو كان البنون ثلاثة وأوصى بمثل نصيب أحدهم ، ولآخر بثلث ما يبقى من المال ، فإن أجازوا فكذا وإن لم يجيزوا فكذا وان أجاز واحد اطردت الاحتمالات الثلاثة ، فظهر كونها من متمماتها أكمل ظهور.

قوله : ( ولو أجاز أحدهم ضربت على الاحتمال الأول تسعة في أحد عشر ، ثم ثلاثة في المجتمع يصير مائتين وسبعة وتسعين ، للأول اثنان وستون ، وللثاني تسعة وأربعون ، وللمجيز أربعة وخمسون ، ولكل من الأخيرين ستة وستون. وعلى الثاني من أحد عشر ، لأنّا نجعل المال تسعة ونصيبا ، ويأخذ‌

٣٢٨

الثاني من نصيب المجيز سهما ، يبقى اثنان ، فالنصيب اثنان ، ويضعف بما تقدّم.

وعلى الثالث للأول تسعة من ستة وثلاثين ، وللثاني تمام الثلث ثلاثة ، ومن المجيز سهمان وله ستة ، ولكل من الآخرين ثمانية.

ويحتمل عليه أن يكون للأول اثنان وعشرون من تسعة وتسعين ، ولغير المجيز كذلك ، وللمجيز ثمانية عشر ، وللثاني خمسة عشر وعلى المختار للأول من الثلث ثمانية عشر وباقيه وأربعة من المجيز للثاني ، وللمجيز ثمانية عشر ، ولكل من الباقين اثنان وعشرون.

______________________________________________________

الثاني من نصيب المجيز سهما ، يبقى اثنان فالنصيب اثنان ، ويضعّف بما تقدم. وعلى الثالث للأول تسعة من ستة وثلاثين ، وللثاني تمام الثلث ثلاثة ، ومن المجيز سهمان وله ستة ، ولكل من الأخرين ثمانية ، ويحتمل عليه أن يكون للأول اثنان وعشرون من تسعة وتسعين ، ولغير المجيز كذلك ، وللمجيز ثمانية عشر ، وللثاني خمسة عشر ، وعلى المختار للأول من الثلث ثمانية عشر وباقيه وأربعة من المجيز للثاني ، وللمجيز ثمانية عشر ، ولكل من الباقين اثنان وعشرون ).

هذا هو القسم الثالث ، وهو ما إذا أجاز واحد منهم ، وفيه الاحتمالات التي في المسألة السابقة :

الأول : أن يكون للمجيز سهمه من فريضة الإجازة ، وهي أحد عشر ، سهمه فيها اثنان مضروبا في فريضة الرد وذلك تسعة ، فيكون له ثمانية عشر من تسعة وتسعين مضروب احدى الفريضتين في الأخرى ، ولكل من الآخرين نصيبه من فريضة الرد ، اثنان مضروبا في فريضة الإجازة ، فلكل منهما اثنان وعشرون ، وللموصى له الأول عشرون وثلثان ، لأن له حال رد الجميع اثنان وعشرون مثل نصيب أحدهم ،

٣٢٩

______________________________________________________

وحال إجازتهم ثمانية عشر ، فاجازة الجميع تنقصه أربعة.

فعلى هذا اجازة واحد تنقصه ثلث ذلك ـ وهو واحد وثلث ـ بناء على أن اجازة البعض مؤثرة بنسبة تأثير إجازة الكل ، فمن ثم احتيج إلى ضرب ثلاثة ـ مخرج الثلث ـ في تسعة وتسعين طلبا لزوال الكسر يبلغ مائتين وسبعة وتسعين فمن كان له شي‌ء في الفريضة الأولى أخذه مضروبا في ثلاثة ، فللمجيز أربعة وخمسون ، ولكل من الابنين الآخرين ستة وستون ، وللموصى له الأول اثنان وستون ، وللموصى له الثاني ما يبقى وهو تسعة وأربعون ، فإنه يجوز باقي الثلث بعد نصيب الموصى له الأول ، وذلك سبعة وثلاثون ، ومن نصيب المجيز اثني عشر.

وتنقيحه : إن للموصى له بالنصيب حال اجازة الكل سهمين من فريضة الإجازة ـ أحد عشر ـ مضروبين في فريضة الرد ، ثم في الثلاثة وذلك أربعة وخمسون ، وله حال رد الكل سهمان من فريضة الرد ـ تسعة ـ مضروبين في فريضة الإجازة ، ثم في ثلاثة وذلك ستة وستون ، فله حال اجازة واحد اثنان وستون ، لأن إجازة الكل تنقصه اثنا عشر ، فاجازة الواحد تنقصه أربعة.

وللموصى له الثاني حال اجازة الكل ثلاثة من فريضة الإجازة ، مضروبة في فريضة الرد ثم في ثلاثة ، وذلك أحد وثمانون ، وحال رد الكل واحد من فريضة الرد مضروبا في فريضة الإجازة ثم في ثلاثة وذلك ثلاثة وثلاثون ، فاجازة الكل تزيده ثمانية وأربعين ، فاجازة الواحد تزيده ثلثها وذلك ستة عشر ، فيكون له ما ذكر.

وحاصل هذا الاحتمال يرجع إلى اعتبار الإجازة من البعض والرد من البعض الآخر ، وقد عرفت ما فيه في المسألة السابقة فلا حاجة إلى إعادته.

الاحتمال الثاني : أن يكون للموصى له بالنصيب مثل نصيب المجيز ، وللثاني ثلثه ، ولكل من الابنين نصيب كامل فيدخلها الدور ، لأن للموصى له الأول مثل نصيب المجيز بعد الوصايا كلها ، فنفرض جميع المال نصيبا مجهولا وعددا له ثلث‌

٣٣٠

______________________________________________________

ولثلثه ثلث ، لأنه لا بد من انقسامه على البنين الثلاثة ، ولا بد من أن يكون لنصيب المجيز ثلث وذلك تسعة ، فيدفع النصيب المجهول للموصى له بالنصيب ، ولكل ابن ثلاثة إلاّ المجيز فإن ثلث نصيبه للموصى له الثاني سهم يبقى له سهمان ، فعرفنا أن النصيب المجهول سهمان ، فالمال كله أحد عشر.

ويضعف بأن كل واحد من الابنين الرادين يأخذ أزيد من حقه ، لأن حق كل واحد على تقدير الرد ثلث الثلثين ، إذ لا حق للوارث في ثلث التركة مع استغراق الوصايا إياها فيكون لكل منهم تسعا الأصل هما ثلث الثلثين ، وذلك من أحد عشر سهمان وأربعة أتساع فكيف يستحق ثلثه ، واجازة المجيز إنما تقتضي نقصان سهم لا زيادة سهم الآخرين. وأيضا فإن الثاني يجوز مع رد الجميع تسع المال ، فكيف يكون له مع اجازة واحد جزء من أحد عشر؟

الاحتمال الثالث : ان يكون للموصى له الأول مثل نصيب من رد ، لأن النقص الحاصل بالإجازة طرأ بعد الوفاة ، فلا يكون مرادا للموصي ، وعلى هذا الاحتمال فيجي‌ء احتمالان :

أحدهما : أن يكون له مثل نصيبه على تقدير عدم الوصية الثانية ، وذلك ربع الأصل ، لأن لكل واحد من البنين ثلث الأصل ، فإذا أضفنا إليها مثل أحدها للموصى له الأول كانت أربعة ، فيكون لكل واحد ربع ، لأن الموصي قد جعله بمنزلة أحدهم ، ولا ينقص عنه بسبب الوصية الثانية ، لأن النصيب مقدم عليها بنص الموصي.

ولا معنى للتقدم ، إلاّ أن المقدمة تنفذ بتمامها ويختص النقص بالمتأخرة ، فحينئذ يكون للموصى له الثاني فضل الثلث على الربع ، وهو نصف سدس ، ومخرج ذلك اثنا عشر ، ويقسم الثلثان بين البنين أثلاثا ، ويدفع من سهم المجيز من ذلك ما نفذت فيه الإجازة.

وليس للثلثين ثلث ، فيضرب ثلاثة في اثني عشر يبلغ ستة وثلاثين ، للموصى له‌

٣٣١

______________________________________________________

الأول الربع تسعة ، وللثاني تتمة الثلث ثلاثة ، ولكل من البنين ثمانية ، وندفع من سهم المجيز إلى الموصى له الثاني سهمان ، وذلك لأنه أوصى له بثلث الباقي بعد الوصية الاولى وهو تسعة ، فإن الباقي بعدها سبعة وعشرون وثلثه ذلك ، وقد أخذ تتمة الثلث ثلاثة ، فيبقى له ستة في يد كل ابن اثنان ، فيدفعان إليه من سهم المجيز خاصة فتكمل له خمسة ، وينقص أربعة برد الابنين الآخرين ، ونصيب المجيز ستة ، وكل من الرادين ثمانية.

ويضعف هذا الاحتمال بأن نصيب الموصى له بالنصيب يجب مماثلته لنصيب أقل الورثة نصيبا بعد الوصايا ، فلا يكون الربع.

وليس المراد من تقدمه على الوصية الثانية اعتباره بدونها ، بل يعتبر معها مماثل لنصيب الأقل ، فإذا علم قدره اخرج من الثلث أولا وكان النقص بهذا الاعتبار على الوصية الثانية. أما اعتباره بدونها بل زائدا على تقدير عدمها ، فإن تقديمه عليها لا يقتضيه الاحتمال الثاني من الاحتمالين الآتيين.

وعلى الثالث أن يكون للموصى له الأول مثل نصيب غير المجيز من الثلثين ، ووجهه ما سبق من أن النقص الحاصل بالإجازة طار بعد الوفاة ، فلا يعتبر في المماثلة بين النصيب ونصيب المجيز ، وضعفه معلوم.

وعلى هذا فيكون لكل من الرادين والموصى له الأول نصيبه من فريضة الرد اثنان مضروبا في فريضة الإجازة ، وذلك اثنان وعشرون من مجموع مضروب فريضة الإجازة في فريضة الرد وهو تسعة وتسعون. وللمجيز اثنان من فريضة الإجازة مضروبا في فريضة الرد فيكون له ثمانية عشر. وللموصى له الثاني خمسة عشر ، تتمة الثلث منها أحد عشر ، ومن نصيب المجيز أربعة.

وعلى الاحتمال الرابع المختار عند المصنف يخرج الثلث للوصايا ، للأول منه مثل نصيب المجيز ، لأنه أقل أنصباء الورثة ، وهو مضروب سهمين من أحد عشر في‌

٣٣٢

ولو قال : إن لم يجز الورثة فلا تقديم لأحدهما ، فالوجه عندي الجواز. ويحصل العول فيقسّم الثلث على نسبة الإجازة ، فنجعل المال ثلاثة أسهم ، الثلث للموصى لهما لا ينقسم على خمسة ، وسهمان للورثة لا ينقسم على ثلاثة ، نضرب ثلاثة في خمسة ، ثم ثلاثة في المجتمع تصير خمسة وأربعين ، ستة للموصى له بالنصيب ، وتسعة للآخر ، ولكل ابن عشرة.

______________________________________________________

تسعة تبلغ ثمانية عشر ، يبقى من الثلث خمسة عشر للثاني لأن الأول قد استوفى حقه منه ، وله من نصيب المجيز أربعة بالإجازة فيكمل له تسعة عشر. وقد علم أنه للمجيز ثمانية ، ولكل من الآخرين اثنان وعشرون ، مضروب اثنين من فريضة الرد في أحد عشر فريضة الإجازة.

قال الشارح الفاضل : وهذا الاحتمال مبني على تأثير إجازة الواحد كتأثير اجازة الكل ، واختصاص الثاني بما نقص من نصيب الأول بإجازة الكل (١). وهذا يوهم ان في تأثير إجازة الواحد هنا احتمالا ، وليس كذلك ، إذ لا شك في أن للإجازة أثرا في تنفيذ الوصية بحسبها. إذا عرفت ذلك فالمختار عند المصنف هو المختار.

قوله : ( ولو قال : إن لم يجز الورثة فلا تقديم لأحدهما ، فالوجه عندي الجواز ويحصل العول ، فنقسّم الثلث على نسبة الإجازة ، فنجعل المال ثلاثة أسهم ، الثلث للموصى لهما لا ينقسم على خمسة ، وسهمان للورثة لا ينقسمان على ثلاثة ، يضرب ثلاثة في خمسة ، ثم ثلاثة في المجتمع يصير خمسة وأربعين ، ستة للموصى له بالنصيب ، وتسعة للآخر ، ولكل ابن عشرة ).

قد علم أن الوصية بثلث ما يبقى بعد النصيب يقتضي ان يكون النصيب بعد معرفة قدره مقدما على الوصية الثانية من الثلث ، بمعنى ان الثلث لو ضاق عنهما يخرج النصيب ويدخل النقص على الوصية الثانية. ولفظ الموصي صريح في ذلك ، فإن‌

__________________

(١) إيضاح الفوائد ٢ : ٥٦٧.

٣٣٣

______________________________________________________

قوله : ( بعد النصيب ) صريح في التقديم ، إذ المتبادر من البعدية ذلك.

فلو قال الموصي : إن لم يجز الورثة فلا تقديم لواحد من الموصى لهما الأول والثاني على الآخر ففي الجواز وجهان :

أحدهما : ـ واختاره المصنف ـ الجواز ، للأصل ، ولعموم ( فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ ) (١).

والثاني : ونقله الشارح قولا (٢) البطلان ، لأن قوله : ( ثلث ما يبقى بعد النصيب ) نص على التقديم ، فإذا قال : لا تقديم ، كان تناقضا. كذا علل الشارح الفاضل ورده باختلاف الشرط ، فإن التقديم على تقدير الإجازة ، وعدمه على تقدير عدمها.

وفيه نظر ، لأنه إن ثبت التنافي بين أول كلام الموصي وآخره ، فإنما هو في تقديم إحدى الوصيتين وعدمه ، فيلزم بطلان اعتبار التقديم خاصة دون الوصيتين ، إذ لا تلازم بينهما وبين التقديم ، حتى انه لو كان بينهما تلازم لم يندفع البطلان باختلاف الشرط الذي ذكره.

والحق أن كلام الموصي ظاهر في التقديم ، إذ المتبادر من البعدية هذا المعنى ، مع احتمال أن يريد بها بعدية اعتبار ، بمعنى أن اعتبار قدر الوصية الثانية إنما هو مما يبقى بعد اقتطاع قدر النصيب.

فإذا نص على عدم التقديم تمحضت البعدية للمعنى الأخير ، فكأنه قال : قدر النصيب وثلث ما يبقى من المال بعد اعتباره ، إذ لم يجز الورثة ، ولم يبق لهما ما يخرجان منه إلاّ الثلث إذ لا أولوية لأحدهما على الآخر ، بل يقسط الثلث عليهما بالنسبة ، وهذا صحيح لا مانع منه.

فعلى هذا يقسط الثلث عليهما بمجموعهما ، وهو المراد من قول المصنف :

__________________

(١) البقرة : ١٨١.

(٢) إيضاح الفوائد ٢ : ٥٦٩.

٣٣٤

ي : لو اوصى له بمثل نصيب أحد بنيه الخمسة ، ولآخر بثلث ما يبقى من الربع صح.

ولو كان البنون ثلاثة لم تصح ، وإنما تصح في أربعة فصاعدا.

وطريقه أن نجعل ربع المال ثلاثة أسهم ونصيبا مجهولا ، نعطي واحدا لصاحب الثلث من الربع ، يبقى سهمان ، نضمها إلى ثلاثة أرباع المال وهو تسعة وثلاثة أنصباء فيصير أحد عشر سهما وثلاثة أنصباء ، فندفع الأنصباء الثلاثة إلى ثلاثة بنين ، يبقى أحد عشر للابنين الباقيين ، لكل واحد خمسة ونصف ، فعرفنا أن النصيب المجهول في الابتداء خمسة ونصف ، فنقول من رأس : كنا قد جعلنا ربع المال ثلاثة أسهم ونصيبا مجهولا ، وقد ظهر أن النصيب المجهول خمسة ونصف ، فالربع ثمانية ونصف فنبسطها انصافا فهي سبعة عشر ، للموصى له بالنصيب أحد عشر ، وهو مبسوط خمسة ونصف ، وللموصى له بثلث ما يبقى من الربع سهمان ، يبقى معنا أربعة ، نضمها إلى ثلاثة أرباع المال وهو أحد وخمسون تصير خمسة وخمسين ، نقسم على خمسة بنين لكل ابن أحد عشر مثل حصة صاحب النصيب.

______________________________________________________

( فنقسّم الثلث على نسبة الإجازة ، فنجعل المال ثلاثة أسهم ، الثلث للموصى لهما ) يجب أن يقسّم على مجموع الوصيتين ، وهما سهمان للموصى له الأول وثلث ما يبقى ثلاثة وجملة ذلك خمسة ولا ينقسم ، والثلثان للورثة لا ينقسمان على ثلاثة ، فتضرب ثلاثة في خمسة ، والمجتمع في أصل الفريضة يبلغ خمسة وأربعين ، ستة للموصى له بالنصيب ، وتسعة للآخر ، ولكل ابن عشرة.

قوله : ( العاشر : لو أوصى له بمثل نصيب أحد بنيه الخمسة ، ولآخر بثلث ما يبقى من الربع صح ، ولو كان البنون ثلاثة لم يصح وإنما يصح في أربعة فصاعدا ).

٣٣٥

ولو كان البنون ستة واوصى لواحد بمثل أحدهم ولآخر بربع ما يبقى من المال بعد النصيب ، فتأخذ مالا وتعطي صاحب النصيب منه نصيبا ، يبقى مال إلاّ نصيبا تعطى ربعه للثاني وهو ربع مال إلاّ ربع نصيب ، يبقى من المال ثلاثة أرباع إلاّ ثلاثة أرباع نصيب تعدل أنصباء البنين الستة ، فاجبر ذلك بثلاثة أرباع نصيب. وزد مثله على أنصباء البنين ، يكون ثلاثة أرباع مال يعدل ستة أنصباء وثلاثة أرباع نصيب ، فكمّل المال بأن تزيد عليه ثلثه ، وتزيد على الأنصباء ثلثها يكون مالا كاملا يعدل تسعة أنصباء ، والنصيب‌

______________________________________________________

وجهه : ان الوصيتين معا منحصرتان في الربع ، ويجب أن يبقى منه بعدهما بقية.

فإذا كان البنون ثلاثة كان الباقي ـ وهو ثلاثة أرباع المال ـ مع ما يبقى من الربع لهم ، فنصيب كل واحد منهم أزيد من ربع المال ، والنصيب الموصى به يجب أن يكون بقدر نصيب أحدهم ، فكيف يبقى ربع المال به وبالوصية الثانية ، فمتى كان كذلك بطلت الوصية الثانية خاصة ، لعدم بقاء شي‌ء من الربع بعد النصيب يصرف إليها ، بخلاف الأولى ، إذ لا مانع من صحتها.

أما إذا كان البنون أربعة فإن لكل واحد منهم ثلاثة أرباع ربع المال ، وللموصى له بالنصيب كذلك ، فيبقى بعد نصيبه من الربع بقية تصرف منها الوصية الثانية.

قوله : ( ولو كان البنون ستة ، وأوصى لواحد بمثل أحدهم ، ولآخر بربع ما يبقى من المال بعد النصيب ، فنأخذ مالا ونعطي صاحب النصيب منه نصيبا ، يبقى مال إلاّ نصيبا ، نعطي ربعه للثاني ـ وهو ربع مال إلاّ ربع نصيب ـ يبقى من المال ثلاثة أرباع إلاّ ثلاثة أرباع نصيب يعدل أنصباء البنين الستة ، فاجبر ذلك بثلاثة أرباع نصيب ، وزد مثله على أنصباء البنين يكون ثلاثة أرباع مال يعدل ستة أنصباء وثلاثة أرباع نصيب ، فكمّل المال بأن تزيد عليه ثلاثة ، وتزيد على الأنصباء ثلثها يكون مالا كاملا يعدل تسعة‌

٣٣٦

واحد ، فأعط صاحب النصيب نصيبه من المال يبقى ثمانية ربعه سهمان للثاني ، يبقى ستة لكل ابن سهم.

أو تضرب ستة الأنصباء وثلاثة أرباع النصيب في مخرج المال وهو أربعة يكون سبعة وعشرين ، وتجعل النصيب عدد ما كان بقي من اجزاء المال وهو ثلاثة ، وهذه الطريقة تطرد في جميع المسائل.

يا : لو ترك ثمانية بنين واوصى لرجل بمثل نصيب أحدهم ، ولآخر بخمس ما يبقى من المال بعد النصيب ، فخذ مالا وانقص منه نصيبا ، يبقى مال إلاّ نصيبا ، انقص منه خمسة للثاني ، وهو خمس مال إلاّ خمس نصيب ، يبقى أربعة أخماس مال إلاّ أربعة أخماس النصيب يعدل أنصباء البنين وهي ثمانية ، اجبر ذلك بأربعة أخماس نصيب وزده على الأنصباء تصير أربعة أخماس مال تعدل ثمانية أنصباء وأربعة أخماس نصيب ، فكمل المال بأن تزيد عليه ربعه ، فزد على ما معك ربعه فيصير مالا يعدل أحد عشر نصيبا ، ومنها تصح. والنصيب واحد تدفعه إلى الأول تبقى عشرة تدفع خمسها الى الثاني تبقى ثمانية بين البنين.

______________________________________________________

أنصباء ، والنصيب واحد ، فأعط صاحب النصيب نصيبه من المال يبقى ثمانية ، ربعه سهمان للثاني ، يبقى ستة لكل ابن سهم. أو تضرب الستة إلاّ نصيبا وثلاثة أرباع النصيب في مخرج المال ـ وهو أربعة ـ يكون سبعة وعشرين ، وتجعل النصيب عدد ما كان بقي من أجزاء المال وهو ثلاثة ، وهذا الطريق يطرد في جميع المسائل ).

اعلم أن قوله : ( أو تضرب ) معطوف على قوله : ( فكمّل المال ). ومحصله أن العمل يتحقق بكل من الأمرين ، فإن شئت كملت ما معك من أجزاء المال مالا كاملا ، وزدت على معادله بالنسبة من المعادل.

٣٣٧

أو تضرب الثمانية والأربعة الأخماس الذي هو النصيب في مخرج المال وهو خمسة تصير أربعة وأربعين ، ومنها تصح. والنصيب اجزاء المال الذي هو أربعة ، ولو كان البنون أربعة فالفريضة من ستة بالطريق الأول.

يب : لو اوصى بمثل أحد بنيه الأربعة ، ولآخر بنصف باقي الثلث بعد النصيب ، فخذ ثلث مال وانقص منه نصيبا ، يبقى ثلث مال إلاّ نصيبا ، تنقص نصفه للثاني ، يبقى من الثلث سدس مال إلاّ نصف نصيب ، تزيده على ثلثي المال يصير خمسة أسداس مال إلاّ نصف نصيب يعدل أنصباء البنين ، فاجبر ذلك يكون خمسة أسداس مال يعدل أربعة أنصباء ونصفا ، فكمّل المال بأن تزيد على ما معك خمسه ، تصير مالا يعدل خمسة أنصباء وخمسي نصيب ، فابسطها أخماسا تكون سبعة وعشرين ، والنصيب خمسة.

______________________________________________________

وإن شئت ضربت الأنصباء الستة وثلاثة أرباع النصيب في مخرج أجزاء المال بعد الجبر ، وذلك أربعة ، فإنها ثلاثة أرباع مال ، ومخرج الربع أربعة ، وتجعل حاصل الضرب هو المال ، والنصيب عدد ما كان بقي معك من أجزاء المال بالقلب والتحويل.

وهذا الطريق يطرد في جميع المسائل ، حتى أنه لو انتهى العمل إلى أن يكون المعادل أزيد من مال ـ كما في السابقة ـ ، فإن المعادل مال وسدس ثمن مال ، فإنك تضرب المعادل الآخر ـ وهو ثمانية وربع ـ في مخرج المال ـ وهو ثمانية وأربعون ـ وتجعل حاصل الضرب هو المال ، والنصيب عدد ما كان معك من أجزاء المال ، وهو تسعة وأربعون.

قوله : ( ولو كان البنون أربعة فالفريضة من ستة بالطريق الأول ).

وذلك لأنه بعد الجبر يكون أربعة أخماس مال يعدل أربعة أنصباء وأربعة أخماس نصيب ، فإذا كملت المال بأن زدت على ما معك ربعه كان مالا يعدل ستة أنصباء ، فالفريضة من ستة.

وإن تركت التكميل ، وضربت الأنصباء الأربعة وأربعة الأخماس في مخرج‌

٣٣٨

يج : لو ترك أبوين وابنين وبنتين ، واوصى لرجل بمثل نصيب ابن ، ولآخر بتكملة السدس بنصيب بنت ولآخر بتكملة الخمس بنصيب الام ، ولآخر بثلث ما بقي من الثلث بعد الوصايا ، فالمسألة من ثمانية عشر ، للأبوين ستة ، وللابنين ثمانية ، وللبنتين أربعة. ثم تجعل التركة شيئا ، ثم تأخذ السدس وهو سدس شي‌ء فتلقي منه نصيب احدى البنتين ، وذلك سهمان فيبقى سدس شي‌ء إلاّ نصيبين.

فهذا هو التكملة الاولى ، ثم خذ خمس شي‌ء فألق منه نصيب الام وهو ثلاثة أسهم ، يبقى خمس شي‌ء إلاّ ثلاثة أنصباء.

فهذا هو التكملة الثانية ، ثم خذ مثل نصيب أحد الابنين وذلك أربعة أنصباء للموصى له بالمثل. ثم اجمع ذلك كله فيكون خمس شي‌ء‌

______________________________________________________

المال ـ وهو خمسة ـ بلغت أربعة وعشرين فهي المال ، والنصيب أربعة عدد ما كان بقي من أجزاء المال ، فالفريضة بالطريق الثاني أربعة وعشرون.

قوله : ( الثالث عشر : لو ترك أبوين وابنين وبنتين ، وأوصى لرجل بمثل نصيب ابن ، ولآخر بتكملة السدس بنصيب بنت ، ولآخر بتكملة الخمس بنصيب الام ، ولآخر بثلث ما بقي من الثلث بعد الوصايا فالمسألة من ثمانية عشر ، للأبوين ستة ، وللابنين ثمانية ، وللابنتين أربعة ، ثم تجعل التركة شيئا ، ثم تأخذ السدس ـ وهو سدس شي‌ء ـ فتلقي منه نصيب إحدى البنتين ، وذلك سهمان ، فيبقى سدس شي‌ء إلاّ نصيبين ، فهذا هو التكملة الاولى. ثم خذ خمس شي‌ء وألق منه نصيب الام ـ وهو ثلاثة أسهم ـ يبقى خمس شي‌ء إلاّ ثلاثة أنصباء ، فهذا هو التكملة الثانية. ثم خذ مثل نصيب أحد الابنين وذلك أربعة أنصباء للموصى له بالمثل ، ثم اجمع ذلك كله فيكون‌

٣٣٩

وسدس شي‌ء إلاّ نصيبا فألق ذلك من الثلث فيبقى نصيب إلاّ ثلث عشر شي‌ء ، فخذ ثلثه وهو ثلث نصيب إلاّ تسع عشر شي‌ء ، فيبقى ثلثا نصيب إلاّ تسعي عشر شي‌ء ، فزد ذلك على ثلثي المال وهو ثلثا شي‌ء فيصير ثمانية وخمسين جزء من تسعين جزء من شي‌ء ، وثلثي نصيب ، فهذا يعدل أنصباء الورثة وهي ثمانية عشر نصيبا فألق ثلثي نصيب بمثلها ، يبقى سبعة عشر وثلث نصيب يعدل ثمانية وخمسين جزء من تسعين جزء.

فاضرب جميع ما معك في المخرج وهو تسعون ، فتصير الأنصباء ألف نصيب وخمسمائة وستين ، والأشياء وخمسين ، فاقلب وحول ، واجعل الشي‌ء ألفا وخمسمائة وستين ، والنصيب ثمانية وخمسين.

______________________________________________________

خمس شي‌ء وسدس شي‌ء إلاّ نصيبا ، فألق ذلك من الثلث فيبقى نصيب إلاّ ثلث عشر شي‌ء ـ إلى قوله ـ فزد ذلك على ثلثي المال ـ وهو ثلث شي‌ء ـ فيصير ثمانية وخمسين جزءا من تسعين جزءا من شي‌ء وثلثي نصيب ، فهذا يعدل أنصباء الورثة ـ وهي ثمانية عشر ـ ، فألق ثلثي نصيب بمثلها يبقى سبعة عشر وثلث نصيب ، يعدل ثمانية وخمسين جزءا من تسعين جزءا من شي‌ء ، فاضرب جميع ما معك في المخرج وهو تسعون فتصير الأنصباء ألف نصيب وخمسمائة وستين ، والأشياء ثمانية وخمسين ، فاقلب وحول واجعل الشي‌ء ألفا وخمسمائة وستين والنصيب ثمانية وخمسين ).

أراد بقوله : ( فالمسألة من ثمانية عشر ) مسألة الورثة ، فإن أصل فريضتهم من ستة ، للأبوين السدسان ، يبقى أربعة للأولاد توافق سهامهم الستة بالنصف ، فيضرب الوفق من السهام ـ وهو ثلاثة ـ في الفريضة يبلغ ثمانية عشر.

وإنما احتيج إلى تصحيح مسألة الورثة ، لأن معرفة تكملة السدس بنصيب بنت ، وتكملة الخمس بنصيب الام بدون ذلك غير ممكن.

٣٤٠