جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ٧

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي

جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ٧

المؤلف:

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٠٣

ويجوز الاستئجار على تعليم الخط ، والحساب ، والآداب. وهل يجوز على تعليم الفقه؟ الوجه المنع مع الوجوب ، والجواز لا معه.

______________________________________________________

قوله : ( ويجوز الاستئجار على تعليم الخط ، والحساب ، والآداب ).

لأن ذلك من الأمور المقصودة المتقومة المحللة.

قوله : ( وهل يجوز على تعليم الفقه؟ الوجه المنع مع الوجوب ، والجواز لا معه ).

لا ريب أن الفقه قد يراد به المسائل المدونة في الكتب ، وقد يراد به الملكة التي يكون العلم معها بجميع المسائل بالقوة القريبة من الفعل ، وقد يراد به التصديقات.

وعلى كل حال فتعليم الفقه إن كان واجباً على المعلم أو المتعلم عيناً أو كفاية لم يجز أخذ الأجرة عليه ، لأن المعلم مأخوذ بالتعليم ومؤدِّبه واجباً فيمتنع أخذ الأجرة كسائر الواجبات العينية والكفائية ، وإلا جاز.

والمراد بكونه واجباً أعم من الوجوب العيني كأحكام الصلاة بالنسبة إلى المكلف بفعلها ، والكفائي كجميع الفقه. فمتى كان في القطر من هو قائم بالواجب الكفائي جاز أخذ الأجرة حينئذ.

وذهب الشارح الفاضل إلى أن الوجوب إن كان عينياً امتنع أخذ الأجرة على الواجب تعليماً كان أو غيره ، وإن كان كفائياً وأريد الفعل على وجه القربة لم يجز أخذ الأجرة على ذلك الفعل كصلاة الجنازة ، وإن كان كفائياً ولم يرد على وجه القربة جاز أخذ الأجرة عليه ، إلا ما نص الشارع على تحريمه كأجرة الدفن (١). وفيه نظر ، فإن الوجوب مطلقاً مانع من جواز أخذ‌

__________________

(١) إيضاح الفوائد ٢ : ٢٦٣.

١٨١

وعلى الختان ، والمداواة ، وقطع السلع ، والحجامة على كراهية أجره مع الشرط ، وعلى الكحل فيقدّر بالمدة خاصة ، ويفتقر إلى تعيين المرة في اليوم أو المرتين.

______________________________________________________

الأجرة ، كما سبق في كتاب البيع ، وهو صريح كلام الأصحاب.

وما ذكره من الجواز إذا لم يكن الواجب مشروطاً بالنية مخالف لما عليه الأصحاب ، ومع ذلك فإن المانع ليس هو اعتبار النية ، بل هو تحقق الوجوب بدون الإجارة.

فعلى هذا كل ما كان من الواجبات الكفائية إنما يجوز الاستئجار عليه عند عدم وجوبه بحال ، فإن وجب لم يجز كائناً ما كان. لكن قد جوّز الأصحاب الاستئجار للجهاد مع عدم تعيين المؤجر والمستأجر له ، وذلك يشمل ما إذا وجب كفاية. ويمكن حمله على ما إذا علم أو ظن قيام من فيه كفاية ، أو كان المؤجر ممن لا تجب عليه أصلاً.

قوله : ( وعلى الختان ، والمداواة ، وقطع السّلع ، والحجامة على كراهية أجرة مع الشرط ).

ينبغي أن يراد بذلك كله ما إذا لم يجب شي‌ء منها ولو كفاية ، وذلك حيث لا يجب على الأجير فعل الختان ، فإن وجب لم يجز أخذ الأجر ، ولا يخفى أن كراهية أجر الحجام إنما هو مع الشرط.

قوله : ( وعلى الكحل فيقدر بالمدة خاصة ).

أي : يجوز الاستئجار على الكحل ، وهو واضح ، لأنه عمل مقصود متقدم محلل ، ولا يقدّر إلا بالمدة خاصة ، أي : دون العمل لعدم انضباطه. ولا يبعد جواز التقدير بالعمل أيضاً ، لإمكان ضبط النوبات ، وقد نبه عليه شيخنا الشهيد في بعض الحواشي.

قوله : ( ويفتقر إلى تعيين المرة في اليوم أو المرتين ).

١٨٢

والكحل على المريض ، ويجوز اشتراطه على الأجير. والأقرب جواز اشتراط الأجر على البنّاء ، ولو لم يحصل البرء في المدة استقر الأجر.

______________________________________________________

وكذا ما فوق‌ ذلك إذا كان اليوم بحيث يسعها قطعاً وإنما افتقر إلى ذلك ، لأن من المعلوم أنه لا يستوعب أجزاء اليوم بالكحل ، فلا بد من التعيين ، نعم لو كان هناك عادة مضبوطة نزل الإطلاق عليها.

قوله : ( والكحل على المريض ).

أي : مع الإطلاق ، لأن الإجارة إنما تكون على العمل.

قوله : ( ويجوز اشتراطه على الأجير ).

لعدم منافاة الشرط لعقد الإجارة ، ولا مخالفته للكتاب ولا السنة ، ويكون استحقاق العين بالشرط على جهة التبعية ، كما يشترط سكنى الدار مدة معينة في البيع.

قوله : ( والأقرب جواز اشتراط الأجر على البناء ).

وجه القرب : إنه شرط سائغ فيكون داخلاً تحت عموم قوله عليه‌السلام : « المؤمنون عند شروطهم » (١).

ويحتمل عدم الجواز ، لأن الإجارة إنما ترد على المنافع دون الأعيان.

وجوابه : إن أصل الإجارة ذلك كما أن أصل البيع أن يرد على الأعيان دون المنافع ، لكن قد ثبت خلاف ذلك تبعاً ، كشرط السكنى والرهن والضمان ، والأصح الجواز.

قوله : ( ولو لم يحصل البرء في المدة استقر الأجر ).

__________________

(١) الكافي ٥ : ٤٠٤ حديث ٨ ، وفيه : المسلمون ، التهذيب ٧ : ٣٧١ حديث ١٥٠٣ ، الاستبصار ٣ : ٢٣٢ حديث ٨٣٥.

١٨٣

ولو برئ في الأثناء انفسخ العقد في الباقي ، فإن امتنع مع عدمه من الاكتحال استحق الأجير أجره بمضي المدة.

ولو جعل له عن البرء صح جعالةً لا اجارةً.

ولو اشترط الدواء على الطبيب فالأقرب الجواز.

______________________________________________________

لأنه في مقابل‌ العمل لا في مقابل البرء.

قوله : ( ولو بري‌ء في الأثناء انفسخ العقد في الباقي ).

لتعذر المعقود عليه ، قد يقال : إنه إذا تعلمت المرأة القرآن المعين تعليمه صداقاً من غير الزوج استحقت اجرة المثل ، وهنا ينفسخ العقد في الباقي ، مع أنه في الموضعين قد تعذر المعقود عليه ، فإما أن ينفسخ فيهما ، أو تجب أجرة المثل فيهما.

وجوابه : إن الانفساخ هنا لا يستدعي إلاّ بطلان المعاوضة ، بخلافه هناك فإنه يستلزم وجوب مهر المثل ، لامتناع خلو الوطء المحترم عن مهر : ولا ريب أن مهر المثل أبعد من أجرة المثل عن المسمى ، ولا ريب أن المصير إلى الأقرب مع تعذر المعقود عليه أولى.

قوله : ( ولو جعل له عن البرء صح جعالة لا إجارة ).

أما عدم صحته إجارة فإن ذلك ليس من مقدور الكحّال ، وإنما هو من فعل الله تعالى. وأما صحته جعالة فلأن السبب إلى حصوله كاف في استحقاق الجعل إذا حصل ، وإن كان من فعل الله تعالى ، ولو بري‌ء من غير كحل ، أو تعذر لا من جهة المؤجر استحق اجرة مثله ، كما لو عمل الجعالة ثم فسخ العقد ، صرح بذلك في التذكرة (١).

قوله : ( ولو شرط الدواء على الطبيب فالأقرب الجواز ).

__________________

(١) التذكرة ٢ : ٣٠٤.

١٨٤

ولو قدّر الرعي بالعمل افتقر إلى تعيين الماشية ، فتبطل بموتها ، ويحتمل عدمه ، لأنها ليست المعقود عليها ، وإنما يستوفي المنفعة بها.

______________________________________________________

وجه القرب ما‌ سبق بيانه في اشتراط الآجر على البنّاء ، والأصح هنا مثل ما هناك. والفرق بينه وبين الكحل جريان العادة بكونه الكحّال. كذا قيل وفيه نظر ، لأنه لو سلّم ذلك لورد عليه أن الإجارة إنما ترد على المنافع دون الأعيان فيفتقر إلى الجواب.

قوله : ( ولو قدّر الرعي بالعمل افتقر إلى تعيين الماشية فيبطل بموتها ، ويحتمل عدمه ، لأنها ليست المعقود عليها ، وإنّما يستوفي المنفعة بها ).

قال في التذكرة : إن الرعي لا يمكن تقديره بالعمل ، بل إنما يتقدر بالزمان ، لأن العمل لا ينحصر (١). والذي ذكره هنا مخالف لما في التذكرة.

وظاهر كلام المبسوط (٢) موافق لما هنا ، ومثله كلام التحرير (٣). وتحقيق الحال : أنه إذا استأجر للرعي جاز ، ثم إما أن يقدّر بالعمل أو بالزمان ، فإن قدّر بالعمل بأن يكون المرعى معلوم القدر ، فيستأجره لرعيه ، فهل يفتقر إلى تعيين الماشية؟.

مختار المصنف أنه يفتقر لاختلاف العمل باختلافها في الصعوبة والسهولة ، وطول الزمان وقصره. ويحتمل عدمه إذا عيّن الجنس والقدر لزوال الجهالة بذلك ، فإذا عيّنها بطلت الإجارة بموتها قطعاً.

ولو قلنا بعدم اشتراط التعيين فاقتصر على الجنس والقدر لم تبطل بموت ما استرعاه إياها ، لأنها ليست المعقود عليها ، وإنما هي كالآلة في‌

__________________

(١) التذكرة ٢ : ٣٠٤.

(٢) المبسوط ٣ : ٢٥٠ ـ ٢٥١.

(٣) التحرير ١ : ٢٥٥.

١٨٥

______________________________________________________

استيفاء المنفعة بها.

واعلم أن عبارة المصنف لا تخلو من مؤاخذة ، لأن قوله : ( ويحتمل عدمه ) إن أراد به عدم الافتقار إلى تعيين الماشية ـ وهو الظاهر ـ لم يرتبط به‌ قوله : ( لأنها ليست المعقود عليها ) ، فإن ذلك لا يكون دليل عدم الافتقار إلى التعيين كما هو ظاهر.

وإن أراد به عدم البطلان بموتها ففساده أظهر ، لأنه على تقدير وقوع التعيين تبطل الإجارة بموت ذلك المعين قطعاً وإن لم يكن التعيين شرطاً. وفساد قوله : ( لأنها ليست المعقود عليها ) حينئذ أظهر.

ويمكن تكلّف حذف شي‌ء في العبارة ، ويكون الضمير في قوله : ( ويحتمل عدمه ) عائداً إلى مصدر ( افتقر ) والتقدير : ويحتمل عدم الافتقار إلى التعيين ، فإذا لم يعين لم تبطل الإجارة بموتها ، لأنها ليست المعقود عليها. وهذا وإن كان صحيحاً إلا أن فيه من التعسف ما لا يخفى.

وقد اضطرب كلام الشارح هنا : حيث جعل الاحتمال قولاً للشيخ في المبسوط (١) ، حيث جوز الاستئجار لرعي الغنم من غير تعيين للغنم ولا للقدر (٢). وليس بشي‌ء ، لأن الشيخ جوّز هذا إذا كان الاستئجار مدة معلومة لا مقدراً بالعمل.

إذا تقرر هذا فاعلم أن الذي يقتضيه النظر : أنه إن قدّر الرعي بالعمل أو بالمدة ، وعيّن جنس الماشية وقدرها كفى ذلك في صحة الإجارة ، ولا حاجة إلى تعيين شخصها ، لأن الغرر يندفع بما ذكرناه ، فإن عين بطلت الإجارة بموتها وإلا لم تبطل.

__________________

(١) المبسوط ٣ : ٢٥٠.

(٢) إيضاح الفوائد ٢ : ٢٦٥.

١٨٦

وإن تلف بعضها بطل فيه.

ولو ولدت لم يجب عليه رعيها ، ولو قدّره بالمدة افتقر إلى ذكر جنس الحيوان.

______________________________________________________

قوله : ( فإن تلف بعضها بطل فيه ).

أي : على تقدير التعيين ، لكن يتخير الأجير في الفسخ لتبعض الصفقة ـ ويحتمل تخيير المستأجر أيضاً لتبعض الصفقة على كل منهما.

قوله : ( ولو ولدت لم يجب عليه رعيها ).

لأن العقد لم يتناولها ، وهذا اتفاق.

قوله : ( ولو قدره بالمدة افتقر إلى ذكر الحيوان ).

لا شك أن تقدير الرعي بالمدة جائز فلا حاجة إلى تعيين العلف حينئذ ، لكن يشترط ذكر الحيوان ـ أي : تعيين الجنس الذي يريد رعيه ـ من إبل ، وبقر ، وغنم ، ونحو ذلك ، لأن لكل نوع أثراً في إتعاب الراعي.

ويشترط أيضاً أن يذكر العدد للتفاوت البيّن باختلافه ، وكذا الصغر والكبر خلافاً للشيخ ، فإنه جوّز الاستئجار لرعي جنس من الحيوان مدة (١) ، فيسترعي الأجير القدر الذي يرعاه الواحد من ذلك الجنس في العادة ، فإذا كانت العادة مائة مثلاً استرعاه مائة.

وعلى هذا فلا يجب تعيين الصغر والكبر بل يعول على العادة. والأصح اشتراط التعيين ، لأن العادة تختلف وتتباين كثيراً ، والعمل يختلف باختلافها.

واعلم أن قول المصنف آخراً : ( ويذكر الكبر والصغر والعدد ) جملة معطوفة على جملة : ( افتقر إلى ذكر الحيوان ) رد به على الشيخ.

__________________

(١) المبسوط ٣ : ٢٥١.

١٨٧

ولا تدخل الجواميس والبخاتي في إطلاق البقر والإبل ، لعدم التناول عرفاً على إشكال ، ويذكر الكبر والصغر والعدد.

______________________________________________________

وقوله : ( ولا تدخل الجواميس ولا البخاتي في إطلاق لفظ البقر والإبل لعدم التناول عرفاً على أشكال ) معترض بين المتعاطفين.

وتحقيق المبحث : أنه إذا استأجره لرعي البقر هل تدخل الجواميس ، وكذا لو استأجره لرعي الإبل فهل تدخل البخاتي؟ وهي الإبل الخراسانية.

فيه إشكال ينشأ : من التردد في استقرار العرف على عدم التناول ، وعدمه ـ فعلى هذا تقدير عبارة المصنف لا تدخل هذه ، لعدم تناول اللفظ لها عرفاً ، على إشكال في عدم التناول.

ويمكن أن يكون التقدير : على إشكال في عدم الدخول ، ويكون‌ قوله : ( لعدم التناول عرفاً ) على ظاهره ، لكنه يرد عليه : إن الحقيقة العرفية مقدمة على اللغوية وناسخة لها ، فلا يكون للإشكال وجه.

ويمكن أن يريد بعدم التناول عرفاً : كون ذلك هو الغالب ولم يبلغ حد الحقيقة ، فإن في ترجيح المجاز العرفي الغالب ، أو الحقيقة اللغوية ( المغلوبة ) (١) ، أو التردد بينهما كلاماً للأصوليين.

وقد ذكر الشارح الفاضل في حل الإشكال (٢) ما لا يخلو من شي‌ء عند الملاحظة ، والتحقيق أن يقال : إن العرف جار على عدم دخول الجواميس في البقر عند الإطلاق ، حتى أن المتبادر إلى الفهم عند الإطلاق إنما هو ما عدا الجواميس. أما الإبل فإن تناولها للبخاتي أمر لا يكاد يدفع ، وقد اعترف به في التذكرة (٣).

__________________

(١) زيادة من « ك‍ ».

(٢) إيضاح الفوائد.

(٣) التذكرة ٢ : ٣٠٤.

١٨٨

ويجوز الاستئجار للزرع ، ولحصاده ، وسقيه ، وحفظه ، ودياسه ، ونقله ، وعلى استيفاء القصاص في النفس والأعضاء.

______________________________________________________

فعلى هذا الأصح دخول البخاتي في لفظ الإبل دون الجواميس في لفظ البقر.

قوله : ( ويجوز الاستئجار للزرع ، وحصاده ، وسقيه ، وحفظه ، ودياسه ، ونقله ).

لأن جميع ذلك عمل مقصود مقوّم محلل ، والمراد بالاستئجار للزرع : كونه مدة معلومة ، ولزرع قدر معين فيعين تارة بالزمان وتارة بالعمل ، فإذا عيّن بالعمل فلا بد مع بيان القدر من بيان جنس ما يزرع من حنطة وأرز ونحوهما ، للتفاوت في ذلك تفاوتاً كثيراً. ( ولو عيّن ) (١) بالزمان فالظاهر أنه لا بد من تعيين الجنس.

وفي الاستئجار للحصاد إن عيّن بالعمل ، فلا بد من مشاهدة الزرع أو وصفه وصفاً يرفع الجهالة ، وإن عيّن بالمدة فلا بد من تعيين جنس الزرع ونوعه ومكانه ، فإنه يتفاوت بالطول والقصر ، والثخانة وعدمها ، ويتفاوت بذلك التعب والراحة ، صرح به في التذكرة (٢).

وفي الحفظ والدياس والنقل إن عيّن بالعمل ، فلا بد من الضبط بالمشاهدة أو الوصف الرافع للجهالة مع ذكر ( القدر ، وإن عيّن بالزمان لم يحتج إلى ذكر القدر بل يجب تعيين الجنس إن تفاوت النعت باختلافه. وفي النقل لا بد من تعيين أمر ) (٣) زائد وهو المحل المنقول عنه والمنقول إليه ، أو وصف ذلك وصفاً يرفع الجهالة.

قوله : ( وعلى استيفاء القصاص في النفس والأعضاء ).

__________________

(١) زيادة من « ك‍ ».

(٢) التذكرة ٢ : ٣٠٥.

(٣) لم ترد في « ك‍ ».

١٨٩

وعلى الدلالة على الطريق ، وعلى البذرقة فيجب تعينهما بالعمل ، ولا تكفي المدة. وعلى الكيل ، والوزن ، والعدد ، فيتعيّن بالعمل أو المدة.

______________________________________________________

وكذا في الحدود‌ والتعزيرات ، والأجرة على المقتصّ منه ، لأنه أجر يجب لإيفاء حق فيجب على من عليه الحق ، واختاره في التذكرة (١) ، وقوّاه في التحرير (٢).

إذا عرفت هذا فتقدير ذلك يكون بالعمل بتعين المحل ، وبالمدة إذا كان كثيراً بحيث يقطع بزيادته على المدة ، وأطلق المصنف في التحرير اعتبار الكثرة (٣).

قوله : ( وعلى الدلالة على الطريق وعلى البذرقة ، ويجب تعيينهما بالعمل ولا يكفي المدة ).

البذرقة بالذال المعجمة : الخفارة ، ووجهه إنهما (٤) عمل مقصود محلل ، ويتقدر بالمدة والعمل ، كما صرح به في التذكرة (٥). ولا مانع من تعيينهما بالزمان ، فما ذكره هنا ضعيف.

قوله : ( وعلى الكيل والوزن والعدد فيتعين بالعمل أو المدة ).

في بعض النسخ : ( والعدّ ) بدال واحدة مشددة ، وهو أولى ، لأن المطلوب المصدر لا الاسم. وكذا يجوز على التقدير بالعمل والمدة ، لكن في العمل يجب تعيين القدر والوصف مع ذكر الجنس ، وفي المدة لا يجب ذكر القدر ، ويجب ذكر ما يرفع الجهالة من الوصف والجنس.

__________________

(١) التذكرة ٢ : ٣٠٥.

(٢) التحرير ١ : ٢٤٧.

(٣) التحرير ١ : ٢٤٧.

(٤) في « ك‍ » : ووجههما أنه.

(٥) التذكرة ٢ : ٣٠٥.

١٩٠

وعلى ملازمة الغريم فتعيّن بالمدة ، وعلى الدلالة على بيع ثياب معينة وشرائها ، وعلى السمسرة ، وعلى الاستخدام سواء كان الخادم رجلاً أو امرأة ، حراً أو عبداً ، لكن يحرم عليه النظر إلى الأمة من دون إذن والى الحرة مطلقاً.

______________________________________________________

قوله : ( وعلى ملازمة الغريم فيتعين بالمدة ).

أي : دون العمل ، لعدم قبوله التعيين. ولو استأجره لاستيفاء دينه منه لم يبعد صحته ، وإن اختلف زمان الاستيفاء بالطول والقصر باختلاف حال الغريم ، فإنه يجوز الاستئجار على المحاكمة ، وإقامة البينات ، وإثبات الحجج والمنازعة ، وذلك غالباً لا يتقدر بالزمان. وربما لم يكن تقديره بالزمان مثمر الفائدة.

قوله : ( وعلى الدلالة على بيع ثياب معينة وشرائها ).

ولو لم تكن الثياب معينة لم يجز للجهالة ، إلا أن يستأجره مدة معلومة فيصح.

قوله : ( وعلى السمسرة ).

السّمسار ـ بكسر السين المهملة ـ : المتوسط بين البائع والمشتري ، الجمع سماسرة ، والمصدر السمسرة ، ذكره في القاموس (١).

قوله : ( وعلى الاستخدام سواء كان الخادم رجلاً أو امرأة ، حراً أو عبداً ، لكن يحرم عليه النظر إلى الأمة من دون إذن وإلى الحرة مطلقاً ).

وتحرم عليه الخلوة بالأجنبية لئلا تغريه الشهوة ، ذكره في التذكرة (٢).

__________________

(١) القاموس ( سمر ) ٢ : ٥٢.

(٢) التذكرة ٢ : ٣٠٣.

١٩١

الثاني : الدواب ، فإذا استأجر للركوب وجب معرفة الراكب بالمشاهدة ، وفي الاكتفاء بوصفه في الضخامة والنحافة ليعرف الوزن تخميناً نظر.

ويركّبه المؤجر على ما شاء من سرج ، وإكاف ، وزاملة ، على ما يليق بالدابة.

______________________________________________________

وينبغي أن يكون ذلك حيث لا يتمكن من عقد النكاح عليها أو لا يريده ، والحاصل أن كلا ما يحرم من الحرة والأمة قبل الإجارة فتحريمه باق بعدها.

ويجوز النظر إلى الأمة إذا أذن المولى ، وإلى الحرة بالعقد. ولا فرق في جواز الإجارة بين كون المرأة حسناء أو قبيحة المنظر عجوزاً أو شابة.

قوله : ( وفي الاكتفاء بوصفه بالضخامة والنحافة ليعرف الوزن تخميناً نظر ).

لا يخفى أن كلا من مشاهدة الراكب ووزنه مع ذكر أوصافه من الطول والقصر ، والضخامة والنحافة ، وسرعة الحركة وبطئها ، وخفتها وثقلها ، وغير ذلك مما له دخل في تأثر الدابة ، طريق إلى معرفته المعتبرة في الاستئجار لركوبه.

وهل يكون وصفه الموجب لمعرفة وزنه تخميناً طريقاً إلى ذلك؟ نظر ينشأ : من التردد في إفادة الوصف ما تفيده المشاهدة ، وعدمه ، والأصح أن الوصف التام كافٍ.

قوله : ( ويركبه المؤجر على ما شاء من سرج ، وإكاف ، وزاملة على ما يليق بالدابة ).

إكاف الحمار ككتاب وغراب ، ووكافه برذعته ، قاله في القاموس (١).

__________________

(١) القاموس ( أكف ) ٣ : ١١٨.

١٩٢

فإن كان يركب على رحل المستأجر وجب تعيينه ، فيجب أن يشاهد

______________________________________________________

والزاملة : هو الذي يحمل عليه من الإبل وغيرها ، والزميل : العديل ، والزِّمل ـ بالكسر ـ الحمل ، وما في جوالقك إلاّ زمل إذا كان نصف الجوالق ، ذكر ذلك في القاموس (١).

ولعل المراد بالمزاملة هنا نوع من الحمل ، أو مما يوطأ به على الدابة ، وقوله : ( على ما يليق بالدابة ) منزّل على ما إذا لم يشترط شيئاً بعينه لوجوب اتباع الشرط. ولا ينظر إلى حال الراكب وما يليق به ، بل إلى ما يليق بالدابة.

والسرج للفرس ، وإلا كاف للبغل والحمار ، ولو صلحت الدابة للأمرين من سرج وغيره بحسب العادة ، فهل ينظر إلى حال الراكب وما يليق به أم يجب التعيين؟.

كل محتمل ، ولو اقتضت العادة شيئاً حمل عليه ، قال في التذكرة : وقال بعضهم : الزاملة تمتحن باليد لتعرف خفتها وثقلها ، بخلاف الراكب فإنه لا يمتحن بغير المشاهدة (٢).

قوله : ( فإن كان يركب على رحل للمستأجر وجب تعيينه ).

الرحل يقال لمركب البعير ، وهو ما يركب عليه ولما يستصحبه من الأثاث ، ذكره في القاموس (٣). ولا ريب أن المستأجر إذا كان يركب على رحل له بأي معنى قدرته فلا بد من تعيينه ، لأن إطلاق الإجارة لا يقتضيه فينزل عليه.

قوله : ( ويجب أن يشاهد المؤجر الآلات ).

__________________

(١) القاموس ( زمل ) ٣ : ٣٩٠.

(٢) التذكرة ٢ : ٣٠٩.

(٣) القاموس ( رحل ) ٣ : ٣٨٣.

١٩٣

المؤجر الآلات ، فإن شرط المحمل وجب تعيينه بالمشاهدة أو الوزن ، وذكر الطول والعرض ، والغطاء وجنسه أو عدمه. فلو عهد اتفاق المحامل كفى ذكر جنسها.

______________________________________________________

يمكن أن يراد‌ به الآلات التي للمستأجر ، ويريد الركوب فوقها يجب أن يشاهدها المؤجر ليندفع الغرر ، وهو المطابق لما في التذكرة (١) ، والمناسب للمقام ، لأن رحل المستأجر إذا أراد الركوب عليه تجب مشاهدة المؤجر له لتصح الإجارة ، فلو لم يجعل هذا بياناً لحكمة لبقي بغير بيان.

ولو كان هناك معهود مطّرد لا يختلف إلا قليلاً كفى الإطلاق ، ونزّل على المعهود.

قوله : ( فإن شرط المحمل وجب تعيينه بالمشاهدة أو الوزن ، وذكر الطول والعرض ).

المحمل كمجلس : شقان على البعير يحمل فيهما العديلان قاله في القاموس (٢). ولا ريب أنه إذا شرط المحمل وجب تعيينه حذراً من الغرر. ويعين بالمشاهدة ، وبذكر الوزن مع الطول والعرض ، لأن معظم الاختلاف ناشى‌ء عن ذلك.

قوله : ( والغطاء وجنسه أو عدمه ).

أي : ويجب تعيين الغطاء فوق المحمل أو ذكر عدمه ، لأن الحال يختلف فلا بد من التعيين بالمشاهدة أو الوصف ، وهو المراد بقوله : ( وجنسه ).

قوله : ( فإن عهد اتفاق المحامل كفى ذكر جنسها ).

__________________

(١) التذكرة ٢ : ٣٠٨.

(٢) القاموس ( حمل ) ٣ : ٣٦١.

١٩٤

والوطاء وجنسه أو عدمه ، ووصف المعاليق إن شرط بما يرفع الجهالة ، والوزن أو المشاهدة.

ولا بد من تعيين الراكبين في المحمل ، ولا بد من مشاهدة الدابة المركوبة ، أو وصفها ، وذكر جنسها كالإبل ، ونوعها كالبخاتي أو العراب ، والذكورة والأنوثة.

______________________________________________________

أي : إن عهد اتفاق‌ أفراد جنس من أجناس المحامل كالبغدادية ، كفى ذكر الجنس عن ذكر الوزن والطول والعرض ، نظراً إلى المعهود المتعارف.

قوله : ( والوطاء وجنسه أو عدمه ).

عطف على الغطاء ، وما بينهما اعتراض ، أي : ويجب تعيين الوطاء ـ بكسر أوله : وهو الذي يفرش في المحمل ليجلس عليه ـ بالرؤية أو الوصف ، أو ذكر عدمه للسلامة من الغرر.

قوله : ( ووصف المعاليق إن شرط بما يرفع الجهالة ، والوزن ، والمشاهدة ).

المعاليق يراد بها نحو القربة ، والسطيحة ، والسفرة ، والإداوة ، والقدر ، والقمقمة ، فإذا شرط حملها وجب تعيينها إما بالمشاهدة ، أو الوصف الرافع للجهالة من الكبر والصغر ونحوهما ، مع ذكر الوزن للتفاوت باختلاف ذلك ، وإن لم يشترط حملها لم يجب إلا أن تقتضيها العادة.

قوله : ( ولا بد من تعيين الراكبين في المحمل ).

للاختلاف ، وقد سبق اشتراط تعيين الراكب مطلقاً ، وهو مغنٍ عن هذا.

قوله : ( ولا بد من مشاهدة الدابة المركوبة ، أو وصفها بذكر جنسها كالإبل ونوعها كالبخاتي أو العراب ، والذكورة والأنوثة ).

١٩٥

فإن لم يكن السير إليهما لم يذكر. وكذا إذا كانت المنازل معروفة.

______________________________________________________

وإن كان في‌ النوع ما يختلف وجب وصفه أيضاً ، فإن في الخيل القطوف (١) وغيره ، ولا بد من ذكر الذكورة والأنوثة ، فإن الأنثى أسهل والذكر أقوى. ويحتمل العدم ، لأن التفاوت بينهما يسير لا يمكن ضبطه ، فلم يكن معتبراً في نظر الشرع.

وإذا كانت الإجارة للمركوب في الذمة غير مقيدة بعين شخصية فلا بد من ذكر الجنس ، والنوع ، والوصف الذي تختلف العادة في السير والركوب به.

قوله : ( فإن لم يكن السير إليهما لم يذكر ).

إذ لا فائدة في ذكره ، ولو ذكر فربما لم يطابق ، بخلاف ما إذا كان السير باختيارهما فليبينا قدر السير كل يوم.

ولقائل أن يقول : إن كان بيان السير له دخل في صحة الإجارة ، وبدونه يتحقق الغرر لا تصح الإجارة إذا لم يكن السير إليهما لتعذر الشرط ، ولامتناع تعيين ما لا يغرمان على فعله ، ولا يتفقان على حصوله.

ومثله ما إذا استأجر دابة إلى مكة ، فإن تعيين أول المدة ليس إليهما ، لأن الخروج منوط بغير المتآجرين ، والإخلال به موجب للغرر ، فليتأمل.

واعترف في التذكرة بتعذر الاستئجار في الطريق الذي ليس له منازل مضبوطة ، إذا كان مخوّفاً لا يمكن ضبطه (٢).

قوله : ( وكذا إن كانت المنازل معروفة ).

__________________

(١) في « ك‍ » : النطوق ، وفي « ه‍ » : العطوف ، وما أثبتناه من الحجري ، وهو الصحيح والقطوف : البطي‌ء ، الصحاح ( قطف ) ٤ : ١٤١٧.

(٢) التذكرة ٢ : ٣٠٩.

١٩٦

فإذا اختلفا فيه ، أو في السير ليلاً أو نهاراً حمل على العرف ، وإن لم تكن معروفة وجب ذكرها.

وإذا شرط حمل الزاد وجب تقديره ، وليس له إبدال ما فني بالأكل المعتاد إلا مع الشرط.

______________________________________________________

أي : وكذا لا يذكر‌ السير إذا كانت المنازل معروفة ، لأن الإطلاق منزل على المتعارف فلا حاجة إلى ذكره. ولا فرق في ذلك بين كون السير دائماً في الليل ، أو دائماً في النهار ، أو في الصيف ليلاً وفي الشتاء نهاراً ، وغير ذلك إذا ضبطت العادة.

قوله : ( فإذا اختلفا فيه ، أو في السير ليلاً أو نهاراً حمل على العرف ).

وحيث إن إطلاق العقد منزّل على العرف فلا بد من الرجوع إليه عند الاختلاف.

قوله : ( وإن لم تكن معروفة وجب ذكرها ).

لأن ذلك مما تتفاوت به الرغبات وتختلف اختلافاً كثيراً ، ويزيد وينقص بحسب الأغراض ، فمتى أخل بذكرها ولم تكن عادة معروفة حصل الغرر الموجب للفساد.

قوله : ( وإذا شرط حمل الزاد وجب تقديره ، وليس له إبدال ما فني بالأكل المعتاد ، إلا مع الشرط ).

إنما لم يكن له إبدال الزاد ، لأن المتبادر من الزاد ما يفنى في الطريق بالأكل ، فلا يستحق عليه حمل ما يبقى ، وجواز اشتراط ذلك مع أنه لا يعلم وقت فنائه ، تنزيلاً على العادة التي لا تختلف غالباً اختلافاً يعتدّ به.

نعم لو شرط الإبدال فلا إشكال في الصحة ووجوب الوفاء بالشرط ،

١٩٧

وإن ذهب بسرقة أو سقوط أو بأكل غير معتاد فله إبداله. وإن شرط عدم الإبدال مع الأكل.

ويجب على المؤجر كلما جرت العادة أن يوطأ للركوب به للراكب من الحداجة ، والقتب ، والزمام أو السرج ، واللجام ، والحزام ، أو البرذعة.

______________________________________________________

ومنه يعلم أنه لو اشترط حمل زاد زائد على العادة فليس له حكم الزاد ، بل له إبدال الزائد نظراً إلى العادة.

قوله : ( وإن ذهب بسرقة ، أو سقوط ، أو بأكل غير معتاد فله إبداله وإن شرط عدم الإبدال مع الأكل ).

أي : وإن ذهب الزاد بسرقة ، أو سقوط في الطريق ، أو بأكل خارج عن العادة فله إبداله ، لأن عدم الإبدال إنما يكون إذا فني بالأكل المعتاد دون غيره من المذكورات.

ولا فرق في ذلك بين اشتراط عدم الإبدال أو لا ، لأن المراد باشتراط عدم الإبدال حينئذ إنما هو على تقدير الفناء بالأكل المعتاد ، تنزيلاً للإطلاق على العادة المستمرة المضبوطة.

قوله : ( ويجب على المؤجر كلما جرت العادة أن يوطأ للركوب به للراكب من الحداجة ، والقتب ، والزمام ، والسرج ، واللجام والحزام ، والبرذعة ).

أي : يجب على المؤجر بذل الآلات التي جرت العادة أن توطأ للركوب بها لأجل الراكب من الحداجة : وهي رحل البعير ، والقتب : وهو الخشب الذي يعمل فوقه ، ويجب زمام البعير وليس مما يوطأ به كما هو ظاهر ، لكنه لأنه مذكور من جملة الواجب. وكذا يجب السرج إذا كان حال الدابة يقتضيه ، وكذا اللجام ، والحزام ، والبرذعة إذا اقتضاها الحال.

١٩٨

ورفع المحمل وحطه وشده على الجمل ، ورفع الأحمال وشدها وحطها ، والقائد والسائق إن شرط مصاحبته.

______________________________________________________

واعلم أن الجار في قوله : ( للراكب ) يتعلق بقوله : ( يجب على المؤجر ) فلو قدّمه لاندفع اللبس والتعقيد عن العبارة ، فيكون التقدير حينئذ : ويجب للراكب على المؤجر كل ما جرت العادة أن يوطأ للركوب به.

قوله : ( ورفع المحمل وحطه ، وشده على الجمل ، ورفع الأحمال ، وشدها وحطها ).

أي : يجب على المؤجر ذلك لاقتضاء العادة إياه ، ولأنه من أسباب تهيئة الركوب والتحميل الواجب على المؤجر. فيجب ، وهذا إذا لم يشترط ضدها فإن شرط اتبع.

قوله : ( والقائد والسائق ).

أي : ويجب على المؤجر السائق للدابة والقائد لها ، وينبغي أن يكون ذلك إذا اقتضت ذلك العادة أحدهما.

قوله : ( إن شرط مصاحبته ).

أي : يجب ذلك كله على المؤجر إن شرط المستأجر مصاحبته للدابة.

وإن آجره الدابة ليذهب بها المستأجر فجميع الأفعال على الراكب ، لاقتضاء الشرط ذلك ، وقد صرح به المصنف بقوله : ( وإن آجره ... ).

ولو اقتضت العادة شيئاً بخصوصه ، وكانت مضبوطة حمل الإطلاق عليه ، ولو لم يقتض شيئاً ، ولم يشترط أمراً بخصوصه أمكن الفرق بين ما إذا كانت الإجارة للركوب في الذمة ، فيجب ، لأنه طريق إلى إيصال الحق الواجب. أو معيّنة بدابة مخصوصة فتجب التخلية بين المستأجر وبينها. والمصنف في التذكرة أطلق الوجوب فيما إذا كانت الإجارة في الذمة ، وعدمه‌

١٩٩

وإن آجره الدابة ليذهب بها المستأجر فجميع الأفعال على الراكب ، وأجرة الدليل والحافظ على الراكب ، وعلى المؤجر إركاب المستأجر إما برفعه ، أو ببروك الجمل إن كان عاجزاً كالمرأة والكبير ، وإلا فلا.

______________________________________________________

إذا كانت معينة (١). ولعله يريد بذلك ما إذا لم تقتض العادة أمراً معيناً ، ولم يشترطا شيئاً بخصوصه.

ومقتضى قول المصنف : ( وإن آجره الدابة ليذهب بها ) أنه لو آجره إياها وأطلق لا يكون الأمر هكذا ، وكلام التذكرة أعم من ذلك.

قوله : ( وأجرة الدليل والحافظ على الراكب ).

أي : أجرة الدليل على الطريق على الراكب ، لأنه ليس من مقدمات الركوب فلا يجب على المؤجر. وكذا أجرة الحافظ ، لأنه ليس من مقدمات تحميل المتاع ، وهذا سواء شرط مصاحبة المؤجر أم آجره الدابة ليذهب بها.

قوله : ( وعلى المؤجر إركاب المستأجر إما برفعه أو ببروك الجمل إن كان عاجزاً كالمرأة والكبير وإلا فلا ).

لأنه يصعب على المرأة ، والعاجز كالشيخ والمريض الركوب بدون ذلك ولا يؤمن على المرأة التكشف. ومثل بروك الجمل تقريب البغل والحمار من نشز ليسهل معه الركوب. وإن احتاج إلى أن يركبه بنفسه فعل ، ولو كان المستأجر قوياً يتمكن من الركوب لم يجب له ذلك.

ولا يخفى أن هذا إنما هو إذا كانت الإجارة في الذمة ، أو شرط ذلك على المؤجر وإلا لم يجب. ومن هذا يعلم أن العبارة غير حسنة ، إذ كان حقه أن يذكر هذا قبل قوله : ( وإن آجره الدابة ... ).

__________________

(١) التذكرة ٢ : ٣١٤.

٢٠٠