جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ٧

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي

جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ٧

المؤلف:

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٠٣

ثوب معين.

ويصح هذان في الذمة ومعيناً ، فإذا عيّنه بالمحل وجب تعيين الثوب ، وطوله ، ونوع التفصيل ، ونوع الخياطة.

______________________________________________________

بمحل العمل كأن يستأجره بخياطة ثوب معين ).

هذان طريقان لتعين المنفعة في الإجارة ، ولا يشترط كون اليوم معيناً لتعينه في نفسه ، بخلاف الثوب فإنه يختلف باختلاف الأمور التي ستأتي ، فلا بد من تعيينه.

وقد يقال : إنّ الأيام تختلف اختلافاً بيّناً بطول الزمان وقصره فيفتقر إلى التعيين ، على أن في بعض البلاد لا يستوفى النهار كله في العمل زمان شدة الحر وطول النهار.

وفي حواشي شيخنا الشهيد إشكال على خياطة اليوم في الذمة من جهة الاختلاف في الصنّاع ، وهو إشكال آخر.

قوله : ( ويصح هذان في الذمة ، ومعيناً ).

أي : ويصح تعيين المنفعة بكل من الأمرين ، سواء كان العمل في الذمة أو معيناً بتعيين الأجير.

قوله : ( فإذا عيّنه بالمحل وجب تعيين الثوب ، وطوله ، ونوع التفصيل ، ونوع الخياطة ).

لاختلاف الحال والأجرة باختلاف ذلك اختلافاً بيناً ، وتعيين الثوب يتحقق بالمشاهدة ، وبالوصف الرافع للجهالة. ولا بد من بيان الطول ، والعرض ، ونوع التفصيل من قميص وقباء وغيرهما ، ونوع الخياطة رومية أو فارسية ، وغير ذلك ولو كان هناك عادة مطردة بنوع حمل الإطلاق عليه.

فرع : لو دفع إلى خياط ثوباً وقال له : إن كان يكفيني قميصاً‌

١٦١

ولو جمع بين الزمان والمحل بطل للغرر.

ويعيّن في تعليم القرآن السّور ، أو الزمان.

______________________________________________________

فاقطعه ، فقال الخياط : هو كاف وقطعه ضمن أرش القطع ، بخلاف ما لو قال : أيكفيني؟ فقال : نعم ، فقال : اقطعه. فلم يكفه لم يلزمه شي‌ء ، لأنه لم يشترط في قطعه أن يكون كافياً ، بل غاية ما هناك أنه غشّه وكذب عليه فلا يضمن ، وبه صرح في التذكرة (١).

قوله : ( ولو جمع بين الزمان والمحل بطل للغرر ).

وجه كونه غرراً أن المستأجر عليه هو إيقاع ذلك العمل في الزمان المخصوص ، وذلك غير معلوم الانطباق ، لإمكان كون الفعل في أقل من ذلك الزمان أو أكثر ، فلا يكون المستأجر عليه معلوماً ولا محقق الحصول. ولأن صحة الإجارة هنا قد تفضي إلى بطلانها ، لأنه إذا لم ينطبق العمل على المدة امتنع حصول المستأجر عليه ، فيجب أن تنفسخ الإجارة.

واختار المصنف في المختلف الصحة ، لأن الغرض إنما يتعلق في ذلك غالباً بفراغ العمل ، ولا ثمرة مهمة في تطبيقه على الزمان ، والفراغ أمر ممكن لا غرر فيه.

فعلى هذا إن فرغ قبل آخر الزمان ملك الأجرة ، لحصول الغرض وهو التعجيل ، ولا يجب شي‌ء آخر. وإن فرغ الزمان قبله فللمستأجر الفسخ ، فإن فسخ قبل حصول شي‌ء من العمل فلا شي‌ء ، أو بعد شي‌ء فأجرة مثل ما عمل. وإن اختار الإمضاء ألزمه بالعمل خارج المدة لا غير ، وليس للأجير الفسخ. ولا يخفى ما في هذا عن التعسف الذي هو خلاف مقتضى عقد الإجارة ، والأصح ما هنا.

قوله : ( وتعيّن في تعليم القرآن السور ، أو الزمان ).

__________________

(١) التذكرة ٢ : ٣٠١.

١٦٢

وفي الإرضاع تعيين الصبي ، ومحل الإرضاع أهو بيتها فهو أسهل أو بيت الصبي فهو أوثق للولي في حفظه ، ومدته ، ولا تدخل الحضانة فيه.

وهل يتناول العقد اللبن ، أو الحمل ووضع الثدي في فيه ويتبعه اللبن كالصبغ في الصباغة ، وماء البئر في الدار؟ الأقرب الأول ، لاستحقاق الأجر به بانفراده دون الباقي بانفرادها ، والرخصة سوّغت تناول الأعيان.

______________________________________________________

سيأتي في كلامه عن‌ قريب إن شاء الله تعالى إشكال في جواز تعيين التعليم بالزمان.

قوله : ( وفي الإرضاع تعيين الصبي ومحل الإرضاع ، أهو بيتها فهو أسهل ، أو بيت الصبي فهو أوثق للولي في حفظه؟ ).

لتفاوت الغرض في ذلك كلّه تفاوتاً مؤثراً في الرغبة والأجرة ، وقد بين مصلحة المرضعة في بعض الأمكنة ، والمرتضع مع الولي في بعض آخر.

وكذا يجب تعيين مدة الإرضاع للجهالة بدونه ، وإليه أشار بقوله : ( ومدته ) بالجر عطفاً على محل الإرضاع المعطوف على المضاف إليه.

قوله : ( ولا تدخل فيه الحضانة ).

لاختلاف مدلول كل من اللفظين ، فلا يتناول أحدهما الآخر.

قوله : ( وهل يتناول العقد اللبن أو الحمل ووضع الثدي في فيه ويتبعه اللبن كالصبغ في الصباغة وماء البئر في الدار؟ الأقرب الأول لاستحقاق الأجر به بانفراده دون الباقي بانفرادها ، والرخصة سوغت تناول الأعيان ).

لا ريب أن الإجارة للإرضاع وللصبغ ثبتت على خلاف الأصل ، لثبوت‌

١٦٣

______________________________________________________

المعاوضة على عين اللبن وعين الصبغ ، والمقتضي لصحتها في الإرضاع نص الكتاب (١) ، وفي الصبغ الإجماع.

لكن ما المستأجر عليه؟ أهو نفس اللبن فقط؟ وهو الذي أراده بقوله : ( وهل يتناول العقد اللبن ) بدليل قوله بعد : ( لاستحقاق الأجر به بانفراده ... ) أم هو حمل الصبي ووضع الثدي في فيه ، واللبن تابع كالصبغ في الصباغة فإنه تابع ، والمستأجر عليه هو الفعل ، ومثله ماء البئر في استئجار الدار؟ والأقرب عند المصنف الأول ، ودليله استحقاق الأجر به بانفراده دون الباقي بانفرادها.

وقوله : ( والرخصة سوّغت تناول الأعيان ) كأنه جواب عن سؤال من يقول : كيف جازت الإجارة على الأعيان؟ وفي الاستدلال نظر ، لأنا لا نسلّم استحقاق الأجرة باللبن بانفراده ما لم تصيره المرضعة في معدة الصبي. ولا يلزم من عدم استحقاق الأجرة بالأمور الباقية بانفرادها استحقاقها في مقابل اللبن وحده ، ولم لا يجوز أن يكون في مقابل كلّ من الأمور الباقية مع اللبن؟ كما اختاره الشارح (٢).

وكذا في الصبغ مع الفعل ، ولهذا لا يستحق الأجر ببذل العين من دون الفعل وبالعكس ، وهذا حسن.

ولو قيل : إن المستأجر هو الفعل الذي لا ينفك عن إتلاف العين ، وهو إيصال اللبن إلى معدة الصبي ، وتلوين الثوب الذي يجعل الصبغ في حكم التالف فتكون العين حينئذ تابعة ، ولا تخرج الإجارة عن مقتضاها أمكن ، إلاّ أنّ من المعلوم القطعي أنّ الركن الأعظم في الرضاع والصباغة هو اللبن والصبغ ، وأما ماء البئر في إجارة الدار فقد سبق أنه لا يصح وقوع الإجارة‌

__________________

(١) الطلاق : ٦.

(٢) إيضاح الفوائد ٢ : ٢٥٩.

١٦٤

وعلى المرضعة تناول ما يدر به لبنها من المأكول والمشروب ، فإن سقته لبن الغنم لم تستحق أجراً ، ولو دفعته إلى خادمتها فالأقرب ذلك أيضاً.

______________________________________________________

عليه ، لعدم الدليل ، وجواز التصرف به حينئذ جاز أن يكون لاستفادته من العرف المستقر ، أو لدخوله تبعاً.

قوله : ( وعلى المرضعة تناول ما يدر به لبنها من المأكول والمشروب ).

لأنّ مقدمة الواجب واجبة.

قوله : ( فإن سقته لبن الغنم لم تستحق أجراً ).

لأن حقيقة الإرضاع غير ذلك ، فيكون غير المستأجر عليه ، فتكون متبرعة.

قوله : ( ولو دفعته إلى خادمتها فالأقرب ذلك أيضاً ).

أي : عدم استحقاقها أجراً ، ووجه القرب أن الرضاع يختلف باختلاف حال المرضعة ، فيحمل مطلقه على المباشرة ، فيكون ما أتت به خلاف المعقود عليه. ويحتمل الاستحقاق ، لحصول مسمى الإرضاع.

والتحقيق أن يقال : إن الاستئجار للإرضاع هل يشترط فيه تعيين المرضعة أم لا؟ ظاهر كلام المصنف فيما سبق ، ـ وكلامه في التذكرة حيث قال : إن شروط الاستئجار للإرضاع أربعة (١) ، ولم يعد من جملتها تعيين المرضعة ـ عدم اشتراط التعيين.

وقد صرح المصنف في كلامه الآتي عن قريب إن شاء الله تعالى بعدم الاشتراط ، وهو الأصح. فعلى هذا إن عينت المرضعة فاسترضعت اخرى‌

__________________

(١) التذكرة ٢ : ٢٩٥.

١٦٥

ويقدّم قولها لو ادعته ، لأنها أمينة.

وله أن يؤجر أمته ومدبرته وأم ولده للإرضاع دون مكاتبته ، فإن كان لإحداهن ولد لم يجز له أن يؤجرها ، إلا أن يفضل عن ولدها.

______________________________________________________

خادماً أو غيرها لم تستحق أجراً ، وإن جعل ذلك في الذمة استحقت لحصول مسمى الإرضاع ، وإن لم يوجد تصريح ولكن استؤجرت للإرضاع أمكن أن يحمل هذا الإطلاق على إرضاعها ، لأنه المتبادر إلى الفهم ، والعرف جارٍ عليه. فإذا استرضعت خادمها لم تستحق اجرة. وفيه ما فيه ، فإن كان مراد المصنف هو هذا الفرد فهو محل الكلام.

قوله : ( ويقدم قولها لو ادعته لأنها أمينة ).

قد يقال : لا يلزم من أمانتها تقديم قولها خصوصاً ، وإنما يريد بذلك إثبات استحقاق الأجرة لها. ويمكن أن يحتج بأن ذلك فعلها وهي أعلم به ، ويعسر الإشهاد عليه في الأوقات المتكررة ليلاً ونهاراً ، فلو لم يقبل يمينها لأدى ذلك إلى عدم الرغبة في الإرضاع ، وهو حسن.

قوله : ( وله أن يؤجر أمته ، ومدبرته ، وأم ولده للإرضاع ).

لأنهن مملوكات له ، وأراد بأمته القنّة ، لأن الكل إماء.

قوله : ( دون مكاتبته ).

لانقطاع سلطنته عنها بالكتابة ، ولا فرق بين المطلقة وغيرها.

قوله : ( فإن كان لإحداهن ولد لم يجز له أن يؤجرها ، إلاّ أن يفضل عن ولدها ).

أو يقيم له غيرهن لترضعه ، وكذا القول في كل مرضعة ، وإنما خص المملوكات لأنهن محكوم عليهن ، فهن مظنة عدم ملاحظة حال ولدهن ، بخلاف الحرة بالنسبة إلى ولدها ، لاقتضاء الشفقة الجبلّيّة خلاف ذلك.

١٦٦

ولو كانت مزوجة افتقر المولى إلى إذن الزوج ، فإن تقدم الرضاع صح العقدان ، وللزوج ووطؤها وإن لم يرض المستأجر ، فإن مات المرتضع أو المرضعة بطلت الإجارة إن كانت معيّنة ، ولو كانت مضمونة فالأقرب إخراج أجرة المثل من تركتها.

______________________________________________________

قوله : ( ولو كانت مزوجة افتقر المولى إلى إذن الزوج ).

قد سبق أن أذن الزوج إنما يفتقر إليه فيما يمنع حقوق الزوج له لا مطلقاً ، فينبغي أن يكون هنا كذلك ، وفي التحرير استشكل الصحة إذا لم يمنع شيئاً من حقوق الزوج (١).

قوله : ( فإن تقدم الرضاع صح العقدان ).

لعدم منافاة الإرضاع للزوجية.

قوله : ( وللزوج ووطؤها وإن لم يرض المستأجر ).

لاختلاف المنفعتين ، لأن الإرضاع لا ينافي الوطء ، وإنما يجوز الوطء في ما يفضل من الزمان عن الإرضاع ، ولو أضر الوطء باللبن فالظاهر تقديم حق الإرضاع.

قوله : ( فإن مات المرتضع أو المرضعة بطلت الإجارة إن كانت معينة ).

هذا قيد في المرضعة حيث إنه لا يشترط فيها التعيين ، أما الرضيع فقد علم أنه لا تصح الإجارة من دون تعيينه.

واعلم أن الضمير في ( كانت ) يعود إلى ما دل عليه السياق ، وهو منفعة الإرضاع.

قوله : ( ولو كانت مضمونة فالأقرب إخراج أجرة المثل من‌

__________________

(١) تحرير الأحكام ١ : ٢٤٧.

١٦٧

ويكفي في العمل مسمّاه.

ولو اختلف فالأقرب وجوب اشتراط الجودة وعدمها.

______________________________________________________

تركتها ).

وجه القرب أن ذلك دين في ذمتها غير مقيد بمحل مخصوص ، فلا تنفسخ الإجارة بموتها ، وتجب اجرة المثل لأنها قيمة الواجب في الذمة فيخرج من تركتها.

ولو قيل بوجوب الاستئجار للإرضاع المستأجر عليه من تركتها كان وجهاً ، لأن الواجب في الذمة هو الإرضاع ولم يتعذر ، وإلاّ لانفسخت الإجارة.

ويحتمل انفساخ الإجارة كما اختاره ابن إدريس ، فإنه حكم بالبطلان بموت المرتضع ، والمرضعة والأب المستأجر (١). مع أنه اختار في موضع آخر من كتابه : إن موت المستأجر لا يبطل الإجارة (٢) ، ولعل مراده بالبطلان بموت المرضعة ما إذا كانت معينة ، وما قرّ به المصنف هو الأصح.

قوله : ( ويكفي في العمل مسماه ).

أي : لغة ، أو عرفاً ، أو شرعاً ، والمراد أن أقل مراتب ما صدق عليه الاسم كافية في البراءة.

قوله : ( ولو اختلف فالأقرب اشتراط الجودة وعدمها ).

وجه القرب اختلاف الأغراض باختلاف العمل ، وكذا الأجرة اختلافاً ظاهراً ، فيكون ترك الاشتراط مفضياً إلى الجهالة والغرر.

ويحتمل العدم ، وينزل الإطلاق على ما يقع عليه الاسم ، والأقرب‌

__________________

(١) السرائر : ٢٧٣.

(٢) السرائر : ٢٧٠.

١٦٨

ولو مرض الأجير ، فإن كانت مضمونة لم تبطل وألزم بالاستئجار للعمل ، وإن كانت معينة بطلت ، وكذا لو مات.

ولو اختلف العمل باختلاف الأعيان فالأقرب أنه كالمعينة ، مثل النسخ لاختلاف الأغراض باختلاف الأعيان.

______________________________________________________

أقرب.

قوله : ( ولو مرض الأجير ، فإن كانت مضمونة لم تبطل وألزمه بالاستئجار للعمل ، وإن كانت معينة بطلت ).

إنما تبطل إذا تعين زمان الإجارة واستوعبه المرض ، وإلا فإن لم يتعين الزمان تخير المستأجر بالتأخير ، وإن تعين ومرض البعض بطلت فيه وتخير في الباقي.

قوله : ( ولو اختلف العمل باختلاف الأعيان فالأقرب أنه كالمعينة مثل النسخ ، لاختلاف الأغراض باختلاف الأعيان ).

أي : لو اختلف العمل اختلافاً بيناً باختلاف الأعيان ، وقد عيّن بالوصف فالأقرب عند المصنف أن الحكم فيه كالمعينة. ووجه القرب عدم حصول المستأجر عليه إلا من الناسخ المعين فتبطل الإجارة بموته. ويحتمل العدم ، لأن العمل الموصوف في الذمة.

واعلم أن هذه العبارة غير مستقيمة ، وذلك لأن الذي يمكن تنزيل العبارة عليه ، هو أنه إذا استأجره للكتابة الموصوفة بأوصاف لا تنطبق إلا على كتابة كاتب مخصوص فإنها كالمعينة به ، لعدم انطباق الوصف إلاّ عليه ، فإذا مات بطلت.

ويحتمل العدم ، لأنها في الذمة ، فهي أمر كلي في الواقع ، وإن لم يكن له إلا فرد واحد فلا ينفسخ بالموت ، لأن الكلي في الذمة ، فتخير المستأجر بين الفسخ ، والصبر إلى أن يوجد كاتب بذلك الوصف. والأول‌

١٦٩

ويجوز الاستئجار لحفر الآبار والأنهار والعيون ، فيفتقر إلى معرفة الأرض بالمشاهدة وإن قدّر العمل بالمدة.

______________________________________________________

أقوى ، لأن الكاتب وإن لم يتعين بتسميته ، إلا أن أوصاف الكتابة مثلاً اقتضت تشخيصه ، خصوصاً إذا علم انحصار الوصف في عمل ذلك الكاتب ، فإن ظاهر الحال والمتعارف إرادته بالإطلاق ، إذ يبعد أن يستأجر لكتابة يتوقع لها حدوث كاتب على مرور الأزمان وتراخي الأوقات.

وهذا الحكم حسن ، إلا أن تنزيل العبارة عليه لا يخلو من شي‌ء ، لأن‌ قوله : ( لو اختلف العمل باختلاف الأعيان ) بمجرده لا يقتضي انحصار العمل الموصوف في فرد مخصوص. وكذا دليله وهو قوله : ( لاختلاف الأغراض باختلاف الأعيان ) لا يرتبط بالمدعى ، فإن ذلك لا ينتج كون هذا كالمعينة ينفسخ بموت الكاتب الموجود حينئذ (١) بالأوصاف كما هو معلوم.

والحق أن العبارة غير حسنة ، ولا يتأدى المطلوب منها إلا بكمال التكلف.

قوله : ( ويفتقر إلى معرفة الأرض بالمشاهدة ).

المراد : مشاهدة ظاهرها والباطن تابع ، لعدم إمكان الاطلاع عليه بالمشاهدة.

قوله : ( وأن يقدّر العمل بالمدة ).

أي يفتقر إلى ذلك ، ويكتفي به مع المشاهدة. ولو قدّره بتعيين المحفور لم يكف ذلك ، بل يجب في البئر معرفة الدور والعمق ، وفي النهر طوله وعرضه وعمقه ، وقد أشار إليه بقوله : ( ولو قدر بتعيين المحفور ... ).

__________________

(١) لم ترد في « ك ».

١٧٠

ولو قدّر بتعين المحفور كالبئر وجب معرفة دورها ، وعمقها ، وطول النهر ، وعمقه ، وعرضه.

ويجب نقل التراب عن المحفور.

ولو تهوّر تراب من جانبيه لم تجب إزالته كالدابة.

ولو وصل إلى صخرة لم يلزم حفرها.

______________________________________________________

قوله : ( ويجب نقل التراب عن المحفور ).

أي : المحفور من البئر والنهر ، لأنه لا يمكنه الحفر إلا بذلك ، فقد تضمنه العقد. ثم إن نقله إلى أي موضع يكون لم يتعرض إليه المصنف ، ولا وجدت به تصريحاً. ولعلهم اعتمدوا على رد ذلك إلى العرف ، وهو واضح. وهل يكفي إلقاؤه على حافة البئر أو النهر ، أم يجب إبعاده؟ فيه احتمال.

قوله : ( ولو تهوّر تراب من جانبه لم تجب إزالته ).

أي : لو انهدم تراب من الجانب لم يجب على الحافر نقله ، بل يجب ذلك على صاحب البئر أو النهر ، لأنه سقط من ملكه ، ولم يتضمن عقد الإجارة إخراجه. فلو امتنع المالك من إخراجه كان التقصير من قبله ، كما لو لم يفتح باب الدار لبناء جدار فيها.

قوله : ( ولو وصل إلى صخرة لم يلزم حفرها ).

ومثل الصخرة الشجرة ، والأرض الصلبة زيادة على المشاهد من الأرض ، لمخالفة ذلك لما شاهده. وإنما اعتبرت مشاهدة الأرض لاختلافها ، فإذا ظهر فيها ما يخالف المشاهد كان له الخيار في الفسخ.

وينبغي أن يكون هذا إذا لم يقطع عادة باشتمال تلك الأرض على صخرة ، لاطّراد ذلك في جميعها ، فإنه حينئذ يجب حفرها. ولا يجوز‌

١٧١

فله من الأجر بنسبة ما عمل ، وروي تقسيط أجر عشر قامات على خمسه وخمسين جزءاً ، فما أصاب واحداً فهو للأولى ، والاثنين للثانية ، وهكذا.

______________________________________________________

الفسخ ، ومتى فسخ كان له من الأجرة بنسبة ما عمل ، أي : بمثل نسبة أجرة ما عمل إلى أجرة المثل ، لأن التقسيط إنما يكون باعتبار ( القيمة ) (١) ، وقيمة المنافع أجرة أمثالها ، فحينئذ ينظر اجرة المثل للمجموع ، ولما عمل ، وينسب الثاني إلى الأول ، وبنسبته منه يؤخذ لما عمل من المسمى ، وإلى ذلك أشار بقوله : ( فله من الأجرة بنسبة ما عمل ) ، وفي العبارة حذف معلوم.

قوله : ( وروي تقسيط أجر عشر قامات على خمسة وخمسين جزءاً ، فما أصاب واحداً فهو للأولى ، والاثنين للثانية ، وهكذا ).

هذه رواية أبي شعيب المحاملي ، عن الرفاعي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٢) ، وأفتى الشيخ في المبسوط (٣) وابن إدريس بتقسيط المسمى على اجرة المثل (٤) ، وهو الأصح.

وتحمل الرواية على ما إذا تناسبت القامات بعضها إلى بعض على هذه النسبة ، بحيث تكون نسبة الاولى إلى الثانية أنها بقدر نصفها في المشقة ، وإلى الثالثة بقدر ثلثها ، وإلى الرابعة بقدر الربع ، وعلى هذا ، مع أنها واقعة خاصة فلا عموم لها.

وإنما قسّط ذلك على خمسة وخمسين ، نظراً إلى أن التناسب على الوجه الذي ذكرناه يقتضي جمع الأعداد الواقعة في العشرة ، فما بلغت‌

__________________

(١) لم ترد في « ك‍ ».

(٢) الكافي ٧ : ٤٣٣ حديث ٢٢ ، التهذيب ٦ : ٢٨٧ حديث ٧٩٤.

(٣) المبسوط ٣ : ٢٣٧.

(٤) السرائر : ١٩٩.

١٧٢

فإن عمل به احتمل تعديه ، فتقسّم الخمسة على خمسة عشر.

ولو استأجره لعمل اللبن ، فإن قدّره بالعمل احتيج إلى عدده ، وموضع ضربه ، وذكر قالبه ، فإن قدّره بقالب معروف ، وإلا احتيج إلى تقدير الطول والعرض والسمك ، ولا تكفي الحوالة على قالب مشاهد غير معروف.

______________________________________________________

قسّطت عليه الأجرة.

ولا ريب أن الأعداد في العشرة إذا جمعت بلغت ذلك. وطريق ضابط ذلك أن تضرب عدد القامات في نفسه ، فما بلغ زدت عليه جذره ونصّفته. ففي المسألة مضروب العشرة في نفسها مائة ، وجذر ذلك عشرة ، إذا نصفتهما كان خمسة وخمسين ، وذلك مجموع الأعداد التي تضمنتها العشرة.

قوله : ( فإن عمل به احتمل تعدّيه فتقسم الخمسة على خمسة عشر ).

أي : فإن عمل بهذا الحكم في العمل (١) المخصوص احتمل تعديته إلى غيره ، نظراً إلى المشاركة في العلة ، والعدم اقتصاراً على مورد النص.

وعلى ما اخترناه من اعتبار التناسب لا شبهة في التعدية معه ، وحينئذٍ فإذا استأجره لحفر خمس قامات فحفر البعض ثم عجز قسطت الأجرة على خمسة عشر ، لأن مضروب الخمسة في نفسها خمسة وعشرون ، فإذا زدت عليها الخمسة وهي الجذر كان نصفها خمسة عشر. واعلم أن في بعض النسخ ( احتمل تعديته ).

قوله : ( ولو استأجره لعمل اللبن ، فإن قدّره بالعمل احتيج إلى عدده وموضع ضربه وذكر قالبه ، فإن قدره بقالب معروف ، وإلا احتيج إلى تقدير الطول والعرض والسمك ، ولا تكفي الحوالة على قالب‌

__________________

(١) في « ك‍ » : المحل.

١٧٣

ولو قدّر البناء بالعمل وجب ذكر موضعه ، وطوله ، وعرضه ، وسمكه ، وآلة البناء من لبن وطين ، أو حجر وجص.

______________________________________________________

مشاهد غير معروف ).

يجوز التقدير في ضرب اللبن بالزمان ، فيجب تعيين موضع الضرب.

وفي تعيين الموضع الذي يضرب فيه إشكال ، ينشأ من وجود كثرة الاختلاف ، وعدمه. وفي التحرير ذكر إشكالاً في موضع الضرب (١) ، والظاهر أن مراده به المعنى الثاني.

والظاهر وجوب تعيينه كالأرض المحفورة ، وإنما يكون ذلك بالمشاهدة ، لعدم انضباط ذلك بالصفة ، وقد صرح المصنف بذلك في التذكرة في مسألة حفر النهر والبئر ونحوهما (٢) ، ولا يجب شي‌ء سوى ذلك.

وعبارة التحرير لا تخلو من مؤاخذة ، حيث قال : ولو قرنه بالزمان لم يفتقر إلى ذلك سوى تعيين موضع الضرب على أشكال (٣) ، فإنه باعتبار تفاوت الأمكنة في القرب والبعد ، وموافقة العرض ومباينته ، والاحتياج إلى كلفة النقل وعدمه يتحقق الغرر بالإخلال بالتعيين.

وإن قدّره بالعمل فلا بد من العدد ، وتعيين موضع الضرب ، وذكر القالب. فإن قدّر بقالب معروف فلا بحث ، وإلا احتيج إلى تقدير الأبعاد الثلاثة ، والسّمك ـ بفتح أوله ـ ارتفاع الجسم. ولا تكفي الحوالة على قالب مشاهد غير معروف بأحد الطريقين لإمكان تلفه ، فتتعذر معرفة القدر. وينبغي أن يعين الموضع الذي يضرب منه وذلك بالمشاهدة كما سبق ، واللبن.

قوله : ( ولو قدّر البناء بالعمل وجب ذكر موضعه ، وطوله ، وعرضه ، وسمكه ، وآلة البناء من لبن وطين أو حجر وجص ).

__________________

(١) التحرير ١ : ٢٤٦.

(٢) التذكرة ٢ : ٣٠٣.

(٣) التحرير ١ : ٢٤٦.

١٧٤

فإن سقط بعد البناء استحق الأجر إن لم يكن لقصور في العمل ، كما لو بناه محلولاً.

ولو شرط ارتفاع الحائط عشرة أذرع فسقط قبلها لرداءة العمل وجب عليه الإعادة.

ولو استأجره لتطيين السطح أو الحائط جاز وإن قدّره بالعمل.

______________________________________________________

ولو قدره بالزمان فظاهر عبارتهم أن تعيين ما ذكر مختص بالتقدير بالعمل. ويحتمل وجوب تعيين المحل والآلة للاختلاف.

قوله : ( فإن سقط بعد البناء استحق الأجر إن لم يكن لقصور في العمل ، كما لو بناه محلولاً ).

هو مثال القصور في العمل ، والمراد بالمحلول : الذي لا تكون أجزاء العمارة فيه متداخلة.

قوله : ( ولو شرط ارتفاع الحائط عشرة أذرع ، فسقط قبلها لرداءة العمل وجب عليه الإعادة ).

ويجب أيضاً تنظيف الموضع وتهيئته للبناء ، لأن شغله بتلك الآلات بفعله على وجه غير مأذون فيه.

قوله : ( ولو استأجره لتطيين السطح ، أو الحائط جاز وإن قدره بالعمل ).

لأن ذلك مضبوط عرفاً ، ولا أثر لرقة الطين وغلظه إذا لم يخرج عن العادة.

ومنع في التذكرة من تقديره بالعمل لاختلاف الطين بالرقة والثخن ، وأرض السطح تختلف ، فبعضها عالٍ وبعضها نازل ، وكذا الحيطان (١).

__________________

(١) التذكرة ٢ : ٣٠٣.

١٧٥

ويتقدر النسخ بالمدة والعمل ، فيفتقر في الثاني إلى عدد الورق والسطور والحواشي ودقة القلم ، فإن عرف وصف الخط وإلا وجبت المشاهدة.

ويجوز تقدير الأجر بأجزاء الفرع ، أو الأصل ، والمقاطعة على الأصل.

______________________________________________________

وهو ضعيف ، لعدم التفاوت المقتضي للغرر ، نعم لا بد من تعيين المحل والآلة.

قوله : ( ويتقدر النسخ بالمدة والعمل فيفتقر الثاني إلى عدد الورق والسطور والحواشي ودقة القلم ، فإن عرف وصف الخط وإلا وجب المشاهدة ).

لم يتعرض لذكر تعيين النسخ بالزمان وما يشترط فيه ، وظاهر أن تعيينه بالزمان كاف في زوال الغرر ، وهو مشكل ، للتفاوت البيّن في ذلك ، فيمكن أن يقال : يجب التعرض لوصف الخط وقدر السطور والحواشي.

وقوله : ( فإن عرف وصف الخط ... ) معناه : أنه بعد اشتراط ما ذكره إن كان وصف الخط معروفاً وضبطه بالوصف ممكناً كفى وصفه ، وإلا وجبت المشاهدة ليندفع الغرر.

وجزاء الشرط في قوله : ( فإن عرف ) محذوف تقديره : كفى وصفه ، ونحوه.

قوله : ( ويجوز تقدير الأجر بأجزاء الفرع ، أو الأصل ، والمقاطعة على الأصل ).

كل من الطرق الثلاث محصل للعلم بالثمن ، فيكفي التقدير به. وعلى التقدير بالأجزاء هل يشترط العلم بها حين العقد؟ أم يكفي العلم بها بعده؟ فيه ما سبق في البيع من جواز بيع استحقاقه من التركة وهو محصور ، إلا أنه‌

١٧٦

ويعفى عن الخطأ اليسير ، للعادة ، لا الكثير ، وليس له محادثة غيره وقت النسخ.

ويجوز على نسخ المصحف ، وعلى تعليم القرآن إلا مع الوجوب.

______________________________________________________

غير معلوم القدر عند البيع ، وقد سبق ترجيح عدم الصحة ، فيجي‌ء هنا مثله للغرر.

قوله : ( ويعفى عن الخطأ اليسير للعادة لا الكثير ).

والمرجح في اليسير والكثير إلى العادة.

قوله : ( وليس له محادثة غيره وقت النسخ ).

لأن ذلك يوجب غلطه ، ولو كان من عادته عدم الغلط بسببها لم يجز أيضاً ، لأن المحادثة معرضة للغلط. وكذا ليس له التشاغل بما يشغل سره ويوجب غلطه ، ولا لغيره محادثته وشغل سره. وكذلك الأعمال التي تفتقر إلى حضور القلب فيها ، ذكره في التذكرة (١).

قوله : ( ويجوز على نسخ المصحف ).

في قول أكثر العلماء حكاه في التذكرة (٢) ، وكذا كتب السير والأخبار الصادقة والشعر الحق دون الكاذب ، ولا بأس بالأمثال والحكايات وما وضع على ألسن العجماوات. صرح به في التذكرة ، قال فيها : ويستحب الاستئجار في كتب العلوم من الأحاديث (٣). الفقه وتفسير القرآن العزيز وغير ذلك من العلوم الدينية.

قوله : ( وعلى تعليم القرآن إلا مع الوجوب ).

__________________

(١) التذكرة ٢ : ٣٠٥.

(٢) المصدر السابق.

(٣) المصدر السابق.

١٧٧

فيقدّره بالعمل بعدد السور ، أو بالزمان على إشكال ينشأ : من تفاوت السور في سهولة الحفظ.

______________________________________________________

أي : يجوز الاستئجار‌ على تعليم القرآن ، لكن مع الكراهية إذا شرط الأجرة ، فلو علمه فدفع إليه أجراً لم يكره قبوله ، لما دلت عليه رواية جراح المدائني عن الصادق عليه‌السلام (١).

وهذا إذا لم يجب التعليم ، فإن وجب لم يجز أخذ الأجر سواء كان الوجوب عينياً أو كفاية ، وسواء وجب التعلّم على المتعلم عيناً كالفاتحة والسورة ، أو كفاية كباقي القرآن.

فرع : لا يجوز تعليم الكافر القرآن إلا إذا رجي إسلامه ، صرح به في التذكرة (٢) (٣).

قوله : ( فيقدره بالعمل بتعدد السور ).

أي : يقع الاستئجار مقدراً بالعمل ، فلا بد من تعداد السور (٤). وينبغي أن يراد من تعدادها تعيينها ، فإن التعيين لا بد منه ـ كما صرح به في التذكرة (٥) ـ لامتناع الصحة مع الغرر ، ولا معنى للتعداد مع التعيين.

قوله : ( أو بالزمان على إشكال ينشأ من تفاوت السور في سهولة الحفظ ).

ومن أن طريق التعيين في الإجارة أحد أمرين : الزمان أو العمل ، فأيهما تحقق التعيين به كفى.

__________________

(١) التهذيب ٦ : ٣٦٥ حديث ١٠٤٧ ، الاستبصار ٣ : ٦٦ حديث ٢١٨.

(٢) التذكرة ٢ : ٣٠٢.

(٣) لم يرد هذا الفرع في « ك‍ ».

(٤) في « ك‍ » : أداء السور.

(٥) التذكرة ٢ : ٣٠٢.

١٧٨

ولو قال : عشر آيات ولم يعيّن السورة لم يصح ، ويكفي إطلاق الآيات منها وحده الاستقلال بالتلاوة ، ولا يكفي تتبعه نطقه.

______________________________________________________

وهذا أقوى ، لأن التفاوت لا يضر حينئذ لحصول التعيين المعتبر. وقد سبق في كلامه قريباً الجزم بالاكتفاء فالتعيين بتقدير المدة ، وبه صرح في التذكرة (١).

قوله : ( ولو قال : عشر آيات ولم يعين السورة لم يصح ، ويكفي إطلاق الآيات منها ).

المراد أنه يكفي في التعيين أحد أمرين : إما تعيين الآيات ، أو تعيين السورة التي فيها الآيات. وإن لم يعيّن السورة ، فلو لم يعين واحداً منهما لم يصح للجهالة ، بخلاف ما إذا عيّن الآيات ، أو عيّن السورة ، وإن أطلقها لتقارب آيات السورة الواحدة.

وفيه نظر ، فإن التفاوت بينها في الطول والقصر ، والسهولة والصعوبة حاصل فيتحقق الغرر. وكيف يتقارب الأمر في قوله تعالى ( وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ ) (٢) الآية. وآية الدين (٣) مثلاً. وقد ذهب المصنف في التذكرة إلى اشتراط تعيين الآيات أيضاً مع السورة (٤) ، وهو الأصح.

وهل يشترط تعيين القراءة؟ قال في التذكرة : الأولى وجوب تعيين قراءة أحد السبعة (٥). وما ذكره محتمل ، ويحتمل العدم ، فيجب تعليم الجائز ، لأن الأمر في القرآن قريب.

قوله : ( وحدّه الاستقلال بالتلاوة ، ولا يكفي تتبعه نطقه ).

__________________

(١) المصدر السابق.

(٢) البقرة : ١٦٣.

(٣) البقرة : ٢٨٢.

(٤) التذكرة ٢ : ٣٠٢.

(٥) المصدر السابق.

١٧٩

ولو استقل بتلاوة الآية ثم لقنه غيرها ، فنسي الأولى ففي وجوب إعادة التعليم نظر.

ويجوز جعله صداقاً ، فلو استفادته من غيره كان لها أجر التعليم.

______________________________________________________

لعدم صدق اسم‌ التعليم من دون الاستقلال بها ، قال في التذكرة : ولو كان المستأجر على تعليمه يتعلم الشي‌ء بعد الشي‌ء ثم ينساه فالأقرب الاعتبار بالعادة ، فإن كان يسمى في العادة تعليماً لم يجب على المؤجر إعادة التعليم.

ثم حكى عن بعض الأصحاب أنه إن تعلم آية ثم نسيها لا تجب إعادة التعليم ، وإن كان دون الآية وجب. ونفى عنه البأس (١) ، واستشكله في القواعد هنا ، وفي النكاح حيث قال : ولو استقل بتلاوة الآية ثم لقّنه غيرها فنسي الأولى ففي وجوب إعادة التعليم نظر.

وليس ببعيد الرجوع إلى العادة ، بل إن اقتضت العادة صدق اسم التعليم على التدريب للقراءة في المصحف كفى ، وإن لم يتحقق في العادة شي‌ء بخصوصه فالتعيين طريق إلى البراءة. ولا ريب أن وجوب إعادة التعليم إذا نسي الأولى بتلقين الثانية أولى ، إذ يبعد وقوع اسم التعليم على ذلك.

قوله : ( ويجوز جعله صداقاً ).

للرواية عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في التي عرضت نفسها عليه (٢) ، وهذا استطراد.

قوله : ( فلو استفادته من غيره كان لها أجر التعليم ).

لتعذر وصول التعليم إليها فيعدل إلى قيمته ، لأنها أقرب شي‌ء إليه.

__________________

(١) التذكرة ٢ : ٣٠٢.

(٢) الكافي ٥ : ٣٨٠ حديث ٥ ، التهذيب ٧ : ٣٥٤ حديث ١٤٤٤.

١٨٠