جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ٧

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي

جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ٧

المؤلف:

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٠٣

ويكره استعمال الأجير قبل أن يقاطع على الأجرة ، وأن يضمن مع انتفاء التهمة.

______________________________________________________

العقد عدم الأجرة على العمل فعمل فلا شي‌ء ، لتبرعه بعمله.

واعلم أن عبارة الكتاب سليمة عن المؤاخذة التي ذكرها شيخنا الشهيد ، إلاّ أن الاستيفاء إنما يتحقق حيث يباشر المستأجر المنفعة ، أما منفعة من يعمل باختياره فإن المباشر لإتلافها هو ، فلا تحتاج العبارة إلى التقييد.

نعم ، يمكن أن يجعل الاستيفاء احترازاً من هذا القسم.

قوله : ( ويكره استعمال الأجير قبل أن يقاطع على الأجرة ).

لما يتضمن ذلك من التجاذب والتنازع غالباً.

قوله : ( وأن يضمّن مع انتفاء التهمة ).

أوّل بأمرين :

أ : أن يشهد شاهدان على تفريطه ، فإنه يكره تضمينه إذا لم يكن متهماً.

ب : لو نكل عن اليمين وقضينا بالنكول كره تضمينه مع عدم التهمة.

كذا قيل ، وينبغي أن يقال : إذا لم يقض بالنكول يكره له تضمينه باليمين المردودة ، وهذا إذا قلنا بعدم التضمين إلا بالتفريط.

أما على ما يراه كثير من الأصحاب من تضمينهم إلا مع ثبوت ما يقتضي العدم فظاهر (١) ، لأن الأجير إذا لم يكن متهماً يكره تضمينه إذا لم يقم البينة بما يسقط الضمان. وربما فسر ذلك بكراهية اشتراط الضمان ، وليس بشي‌ء للفساد حينئذ.

__________________

(١) منهم المحقق في الشرائع ٢ : ١٨٢ ولم يذكر الكراهة ، والشهيد في اللمعة : ١٦٤.

١٢١

المطلب الثالث : في المنفعة ، وشروطها ثمانية :

الأول : أن تكون مباحة ، فلو استأجر بيتاً ليحرز فيه خمراً ، أو دكاناً ليبيعه فيه ، أو أجيراً ليحمل إليه مسكراً سواء كان لمسلم أو كافر ، أو جارية للغناء ، أو كلباً للصيد لهواً ، أو ناسخاً ليكتب كفراً أو غناء ، أو استأجر الكافر مسلماً للخدمة ، أو مصحفاً للنظر فيه لم يصح.

______________________________________________________

قوله : ( فلو استأجر بيتاً ليحرز فيه خمراً ).

أي : لا تصح الإجارة في ذلك كله ، والمراد إذا صرح في عقد الإجارة بكونها لذلك.

أما لو أجر الدار ممن يحوز (١) الخمر فإنه لا يحرم على الأصح ، وإن كره. وقد سبق في البيع.

قوله : ( أو دكاناً ليبيعه فيه ).

حقه أن يقول : ليبيعها فيه ، لأن الخمر مؤنث سماعي.

قوله : ( أو أجيراً ليحمل له مسكراً ، سواء كانت لمسلم أو كافر ).

أي : سواء كانت الإجارة هذه ، والمنع في المسلم ظاهر.

أما إذا كانت لكافر : فلأن المسلم لا يجوز أن يكون أجيراً لكافر ، وحمله الخمر حرام بغير الإراقة أو التخليل ، ومع ذلك فخمر الكافر إنما تكون محترمة إذا لم يتظاهر بها بين المسلمين ، فإذا أظهرها فلا حرمة لها.

قوله : ( أو مصحفاً للنظر فيه لم يصح ).

__________________

(١) في « ه‍ » : يحرز.

١٢٢

الثاني : أن تكون مملوكة إما بالتبعية كمالك العين ، أو بالاستقلال كالمستأجر ، فلا تصح اجارة الغاصب.

ولو عقد الفضولي وقف على الإجازة.

ولو شرط المالك المباشرة لم يكن له أن يؤجر ، فإن. فعل وسلم العين حينئذ ضمن

______________________________________________________

لمنافاته تعظيم‌ شعائر الله تعالى.

قوله : ( الثاني : أن تكون مملوكة : إما بالتبعية كمالك العين ).

فإنه يملك المنفعة لكونها تابعة للملك.

قوله : ( أو بالاستقلال كالمستأجر ).

أراد بملكها بالاستقلال : حصول سبب من الأسباب الموجبة للملك ، واقتضى حكم المنفعة ، وذلك كما في المستأجر والموصى له المنفعة.

قوله : ( فلا تصح إجارة الغاصب ).

أي : لا يترتب عليها أثر الإجارة ، لكن تقع موقوفة ، كما يقع بيعه موقوفاً.

قوله : ( ولو عقد الفضولي وقف على الإجازة ).

كما في بيعه ، وفي التحرير قال : الأقرب وقوفه على الإجازة (١) ، ووجهه عموم ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (٢) ، ويحتمل العدم لقبح التصرف في مال الغير بغير إذنه.

قوله : ( ولو شرط المالك المباشرة لم يكن له أن يؤجر ، فإن‌

__________________

(١) التحرير ١ : ٢٤٥.

(٢) المائدة : ١.

١٢٣

ويجوز مع عدم الشرط أن يؤجر لمثله أو أقل ضرراً ، سواء كان قبل القبض أو بعده ، وسواء كان المستأجر هو المؤجر أو غيره ، ويضمن العين بالتسليم.

______________________________________________________

فعل وسلّم العين حينئذ ضمن ).

إنما يضمن مع تسليم العين ، أما بدونه فلا. فلو أجره ولم يسلمه ، أو استوفى المنفعة له بوكالته فلا ضمان قطعاً ، لعدم التعدي.

قوله : ( ويجوز مع عدم الشرط أن يؤجر لمثله ، أو أقل ضرراً ).

أي : أن يؤجر لركوب مثله مثلاً ، أو سكنى مثله ، أو يؤجر لمثل العمل الذي استأجر لأجله ، وكذا للأقل (١) ضرراً ، لأن المنفعة تصير ملكاً له بالإجارة ، والناس مسلطون على أموالهم (٢).

قوله : ( سواء كان قبل القبض أو بعده ).

بخلاف البيع فإنه يحرم أو يكره.

قوله : ( وسواء كان المستأجر هو المؤجر أو غيره ).

ومنع بعض الشافعية من استئجار المؤجر ، لأنه يملك المنفعة بالتبعية ، فلا يتصور ملكها بسبب آخر. ولأنه إذا استأجر ثم اشترى العين يجب أن تنفسخ الإجارة ، كما لو نكح الجارية ثم اشتراها ، وما ينفسخ ـ إذا كان سابقاً ـ يجب أن لا يصح إذا طرأ ، وهو ضعيف ، وقد سبق صحة الشراء بعد الاستئجار.

قوله : ( ويضمن العين بالتسليم ).

__________________

(١) في « ه‍ » : الأقل.

(٢) عوالي اللآلي ٢ : ١٣٨ حديث ٣٨٣.

١٢٤

الثالث : أن تكون مقوّمة ، فلو استأجر تفاحة للشم ، أو طعاماً لتزيين المجلس ، أو الدراهم والدنانير والشمع لذلك ، أو الأشجار‌

______________________________________________________

لأن تسليط شخص‌ على مال غيره بغير إذن المالك تعدٍ ، فيكون موجباً للضمان. وقوّى شيخنا الشهيد في حواشيه عدم الضمان ، لأن القبض من ضرورات الإجارة للعين ، وقد حكم بجوازها ، والإذن في الشي‌ء إذن في لوازمه.

وفيه نظر ، إذ ليس من لوازم الإجارة القبض ، لإمكان استيفاء ذلك بجعل المؤجر وكيلاً في الاستيفاء ، وباستيفاء المنفعة والعين في يده ، كما لو أسكنه في الدار معه ، أو حمل المتاع على الدابة وهي في يده ، أو أركبه إياها وهي في يده ، فلم يتم ما ادعاه.

فإن قيل : إن لم يجز التسليم لم تصح الإجارة ، لأن إجارة ما لا يقدر على تسليمه غير صحيحة :

قلنا : هو مقدور على تسليمه بالإذن المتوقع حصوله ، على أن المراد من التسليم حصول المنفعة ، وحصولها متصور مع كون العين في يد المستأجر الأول كما ذكرنا. لكن روى علي بن جعفر في الصحيح عن أخيه موسى عليه‌السلام : عدم ضمان الدابة المستأجرة بالتسليم إلى الغير (١).

ولعل المراد بها حيث يكون هناك إذن ، أو يراد تسليم لا يخرج به عن كونها في يد المستأجر تمسكاً بعموم تحريم مال المسلم إلا عن طيب نفس منه (٢) ، إلى أن يوجد المخصص.

قوله : ( الثالث : أن تكون مقومة ، فلو استأجر تفاحة للشم ، أو طعاماً لتزيين المجلس ، أو الدراهم والدنانير أو الشمع لذلك ، أو‌

__________________

(١) الكافي ٥ : ٢٩١ حديث ٧ ، التهذيب ٧ : ٢١٥ حديث ٩٤٢.

(٢) انظر : عوالي اللآلي ٢ : ١١٣ حديث ٣٠٩ ، مسند أحمد ٣ : ٤٢٣ و ٥ : ٧٢.

١٢٥

للوقوف في ظلها ففي الجواز نظر ، ينشأ : من انتفاء قصد هذه المنافع ، ولهذا لا تضمن منفعتها بالغصب.

______________________________________________________

الأشجار للوقوف في ظلها ففي الجواز نظر ، ينشأ : من انتفاء قصد هذه المنافع ، ولهذا لا يضمن منفعتها بالغصب ).

في قوله : ( لا يضمن منفعتها بالغصب ) نظر ، لأنه إذا ثبت كون هذه المنفعة مقومة وجب ضمانها بالغصب.

يشترط لجواز بذل العوض المالي في مقابل المنفعة أن تكون متقومة ، أي : أن يكون لها قيمة عند أهل العرف غالباً ، لأن ما لا قيمة له لا يجوز بذل المال في مقابله ، ولا يحسن وقوع المعاوضة عليه.

فلو استأجر نحو التفاحة للشم ، أو طعاماً لتزيين المجلس به ، أو الدراهم والدنانير للتزيين بها ، أو الشمع كذلك ، أو الأشجار للوقوف في ظلها ، ففي صحة الإجارة نظر ينشأ : من التردد في كون هذه المنافع مقومة أم لا.

وهذا أولى من قول المصنف : ( ينشأ من انتفاء قصد هذه المنافع ، ولهذا لا يضمن منفعتها بالغصب ) فإنه لو تم ذلك لم يكن للتردد مجال ، بل وجب الجزم بعدم الصحة.

واحترز بـ ( التفاحة ) عن التفاح الكثير ، فإن استئجاره أظهر صحة ، لصحة استئجار المسك والرياحين. كذا قال الشارح (١) ، وفيه مناقشة ، لأن الظاهر أن المانع ليس هو وحدتها ، بل كون مثل هذه المنفعة لم تثبت لها قيمة عرفاً بحيث تقابل بمال ، بخلاف المسك فحينئذ يكون اختيار الشارح الفرق بينهما لا يخلو من شي‌ء.

واعلم أن المصنف جوّز في التذكرة استئجار الدراهم والدنانير للتزيين‌

__________________

(١) إيضاح الفوائد ٢ : ٢٥١.

١٢٦

وكذا لو استأجر حائطاً مزوقاً للتنزه بالنظر إليه.

أما لو استأجر شجراً ليجفف عليها الثياب ، أو يبسطها عليها ليستظل بها فالوجه الجواز.

______________________________________________________

بها ، وللضرب على طبعها ، ونثرها في العرس ثم جمعها ، والتحلي بها ، والوزن بها (١) ، والأصح جواز استئجارها. ولا يشترط تعيين جهة الانتفاع كاستئجار الدار ، فإنه تجوز معه السكنى وإحراز المتاع فيها.

ولو أجرها لإتلاف لم يجز ، ولم يكن قرضاً. وكذا يصح استئجار الأشجار للاستظلال ، والتفاح للشم ، والشمع للتزيين لا للضوء إن صح مقابلة ذلك بمال عرفاً. أما الطعام ونحوه للتزيين فلا ، فإن مثل ذلك لا يبذل العوض في مقابله.

والضابط : إن المنفعة التي يحسن عرفاً مقابلتها بمال يجوز استئجار العين المشتملة عليها ، دون غيرها.

قوله : ( وكذا لو استأجر حائطاً مزوقاً للتنزه بالنظر إليه ).

أي : يجي‌ء فيه النظر السابق ، وما سبق آت هنا.

قوله : ( أما لو استأجر شجراً ليجفف عليها الثياب ، أو يبسطها عليها ليستظل بها فالوجه الجواز ).

ينبغي أن يقرأ بسطها بفتح الباء وإسكان السين وكسر الطاء عطفاً على يجفف ، وأن كان عطفا للاسم على الفعل وهو غير حسن ، لأنه أولى من جعله فعلاً.

وعطف الجملة على جملة ( ليجفف ) أو على جملة ( استأجر ) لعدم حصول المعنى المراد حينئذ ، لأن المعنى على الأول : أنه لو استأجر شجراً فبسط الثياب عليها ، وعلى الثاني : أنه لو بسطها عليها فالوجه الجواز ، وهو‌

__________________

(١) التذكرة ٢ : ٢٩٤.

١٢٧

الرابع : انفرادها بالتقويم ، فلو استأجر الكرم لثمره ، أو الشاة لنتاجها ، أو صوفها ، أو لبنها لم ينعقد ، لما يتضمن من بيع الأعيان قبل وجودها ، والاستئجار إنما يتعلق بالمنافع.

______________________________________________________

خلاف المعنى المراد.

ووجه الجواز : أن هذه المنفعة متقومة في العادة ، ومثل هذا النفع مقصود للعقلاء ، والحاجة تدعو إليه ، وهو مختار الشيخ (١). ويحتمل العدم لتخيل عدم كون ذلك مما يقصد في العادة ويعدّ متقوماً ، ولهذا لا يضمنها الغاصب.

واختار الشارح البطلان (٢) ، والصحة أقوى. والمناط للصحة في ذلك ونظائره هو الضابط السابق.

قوله : ( الرابع : انفرادها بالتقويم ، فلو استأجر الكرم للثمرة ، أو الشاة لنتاجها أو صوفها أو لبنها لم ينعقد لما يتضمن من بيع الأعيان قبل وجودها ، والاستئجار إنما يتعلق بالمنافع ).

لا ريب أنه يشترط لصحة الإجارة كون المنفعة وحدها ذات قيمة ، لأن مورد الإجارة هي المنفعة التي ليست بعين.

فلو لم يكن للمنفعة وحدها قيمة من دون ضميمة عين إليها فحقها أن لا تصح ، لأنه خلاف مقصود الإجارة شرعاً ، لأن القصد بها نقل المنافع ، كما أن القصد بالبيع نقل الأعيان. لكن في تفريع استئجار الكرم للثمرة والشاة للنتاج على هذا مناقشة ، فإنه ليس هنا منفعة استؤجر لها ولا قيمة لها بدون العين ، إذ المستأجر له هو الثمرة والنتاج وهما عينان.

ثم إن تعليله ـ بكونه يتضمن بيع الأعيان قبل وجودها ـ فيه مناقشتان :

__________________

(١) المبسوط ٣ : ٢٥١.

(٢) إيضاح الفوائد ٢ : ٢٥٢.

١٢٨

ولو استأجر الظئر لإرضاع الولد مع الحضانة جاز ، والأقرب جوازه مع عدمها ، للحاجة.

______________________________________________________

إحداهما : أن هذه الإجارة لا تتضمن بيعاً ، لكن لما اشتملت على نقل العين ـ وذلك مقصود بالبيع ـ صار مقصود البيع مقصوداً بالإجارة. وحقه أن لا يصح ، لأن لكل عقد حداً لا يتعدّاه.

الثانية : قوله : ( قبل وجودها ) غير محتاج إليه ، بل ولا ينبغي ، لأنه يقتضي أن المانع من الصحة هو مجموع الأمرين ، مع أن الأول وحده كاف في المنع عندنا.

واعتذر شيخنا الشهيد : بأن المصنف حاول صحة التعليل عند المخالف من العامة القائل بأن الإجارة بيع (١) ، فإنّ بيع الأعيان قبل وجودها عنده لا يجوز ، فوجب أن لا يجوز عنده هذا العقد أيضاً لهذا التعليل.

لكن في هذا الاعتذار مناقشة ، لأن ذلك لا يرتبط بالشرط الرابع ، وهو كون المنفعة مقوّمة بانفرادها. وكذا قوله بعد : ( والاستئجار إنما يتعلق بالمنافع ) فيكون قبل وجودها مما ينبغي تركه.

قوله : ( ولو استأجر الظئر لإرضاع الولد مع الحضانة جاز ).

الظئر : هي المرضعة ، ولا ريب ان استئجارها للحضانة جائز ، لأنه عمل مقصود محلل متقوم ، فيكون دخول اللبن بالتبعية جائزاً اشتراطه.

واعلم أن الحضانة ـ بكسر أوله ـ هي : حفظ الولد ، وتربيته ، ودهنه ، وكحله ، وغسل خرقه وتنظيفه ، وجعله في سريره وربطه إلى آخر سائر ما يحتاج إليه. ولا يخفى أن الاستئجار للحضانة لا يدخل فيه الإرضاع ، وبالعكس.

قوله : ( والأقرب جوازه مع عدمها للحاجة ).

__________________

(١) انظر : المجموع ١٥ : ١٣.

١٢٩

وهل يتعدى إلى الشاة لإرضاع السخلة؟ الأقرب ذلك. وكذا يجوز استئجار الفحل للضراب على كراهية.

______________________________________________________

وجه القرب‌ قوله تعالى ( فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ) (١) والمراد سقي اللبن قطعاً ، أطلق اسم الأجر على ما يقابل ذلك ، فوجب أن يكون الاستئجار جائزاً. ويحتمل المنع لتناوله الأعيان ، ومع ذلك فهي مجهولة وليست موجودة ، ولا وجه لهذا بعد ثبوت النص.

واعلم أن المصنف قال في التذكرة : إن الخلاف بين المختلفين في صحة هذا العقد إنما هو إذا قصر الإجارة على صرف اللبن إلى الصبي ، وقطع عنه وضعه في الحجر ونحوه (٢). ولكن هذا إنما يجي‌ء على قول العامة المجوزين نقل الأعيان بالإجارة (٣) ، وإلا فيجب أن لا يختلف الحال بين إدخال ذلك وعدمه نظراً إلى أن هذا الفعل وحده غير مقصود من دون اللبن.

واعلم أيضاً : إن قوله : ( للحاجة ) ينبغي أن لا يجعل دليل المسألة ، لأن مطلق الحاجة لا يجوّز ما لا يجوز. نعم يناسب أن يكون سر الشرعية ، وكيف كان فالأصح الجواز.

قوله : ( وهل يتعدى إلى الشاة لإرضاع السخلة؟ الأقرب ذلك ).

وجه القرب الحاجة كالطفل ، ويحتمل العدم لوجود المنافي ، وعدم الصحة أقوى ، ويمكن الصلح على ذلك ، ولا تضر الجهالة.

قوله : ( وكذا يجوز استئجار الفحل للضراب على كراهية ).

وليس محرّماً عند علمائنا ، قاله في التذكرة (٤). والقصد من الضراب‌

__________________

(١) الطلاق : ٦.

(٢) التذكرة ٢ : ٢٩٥.

(٣) انظر : المجموع ١٥ : ٦.

(٤) التذكرة ٢ : ٢٩٦.

١٣٠

وفي جواز استئجار البئر للاستسقاء منها إشكال ، ويجوز استئجار الأطياب للشم وإن نقصت أعيانها ، بخلاف الشمع للإشعال ، والطعام للأكل ،

______________________________________________________

وإن كان هو الماء إلا أنه جوّز للضرورة ، وليوقع العقد على العمل ويقدره بالمرة والمرتين ونحوهما.

وحكى المصنف في التذكرة عن بعض العامة التقدير بالمدة (١) ، ورده بأن تطبيق الفعل على المدة غير مقدور (٢).

قوله : ( وفي جواز استئجار البئر للاستسقاء منها إشكال ).

ينشأ : من أنه نقل للعين ، ومن دعاء الضرورة إليه ، والأقوى العدم ، فإذا استأجرها مع شي‌ء وشرط دخول الماء جاز.

وفي التذكرة منع من استئجارها لذلك ثم قال : نعم لو استأجر الدار وفيها بئر ماء جاز له الاستسقاء منها للعادة ، ودخول الماء بالتبعية. ولو استأجر قناة ، فإن قصد موضع جريان الماء جاز وكان الماء تابعاً يجوز الانتفاع به كما نقول في الرضاع اللبن تابع (٣).

قوله : ( ويجوز استئجار الأطياب للشم وإن نقصت أعيانها ).

كالثوب للّبس وإن نقص به ، لانسحاق بعض أجزائه.

قوله : ( بخلاف الشمع للإشعال والطعام للأكل ).

فإنه لا يجوز فيهما ذلك ، لأن الانتفاع بهما في المذكور إنما يكون بالإتلاف ، بخلاف الثوب فإن الذاهب بعض أجزائه التي لا يخل ذهابها ببقاء‌

__________________

(١) انظر : المغني لابن قدامة ٦ : ١٤٨ ـ ١٤٩.

(٢) التذكرة ٢ : ٢٩٦.

(٣) المصدر السابق.

١٣١

والإجارة في الاستحمام للّبث فيه واستعمال الماء تابع للاذن.

الخامس : إمكان وجودها ، فلو استأجر الأرض للزراعة ولا ماء لها‌

______________________________________________________

ثوب.

قوله : ( والإجارة في الاستحمام للّبث فيه واستعمال الماء تابع للإذن ).

يناسب أن يكون هذا جواباً عن سؤال مقدّر هو : أن الحمام يجب أن لا يصح استئجاره ، لأن الانتفاع بالماء إنما يكون غالباً بإراقته التي هي إتلاف له.

وجوابه : إن الإجارة في الاستحمام إنما هي على اللبث في الحمام ، وأما استعمال الماء فإنه تابع لذلك ، للإذن فيه عادة ، فإن العادة مستمرة بأنّ من دخل الحمام للاستحمام أراق الماء. واعترف في التذكرة بأن الاستئجار للحمام اشتمل على استعمال الماء وإتلافه للضرورة (١).

وفي موضع أخر تردد بين كون المدفوع إلى الحمّامي ثمن الماء ، ويتطوع بحفظ الثياب وإعادة السطل ، وكونه اجرة الحمام والسطل والإزار وحفظ الثياب ، وأما الماء فلا يقابل بعوض لكونه غير مضبوط.

وفي رواية عن علي عليه‌السلام : أنه اتي بصاحب حمام وضعت عنده الثياب فلم يضمنه وقال : « إنما هو أمين » (٢) ، ولا دلالة فيها على شي‌ء ، لأنه على الأول مستودع ، وعلى الثاني أجير ، فهو أمين على كلّ من التقديرين.

قوله : ( الخامس : إمكان وجودها ، فلو استأجر الأرض للزراعة‌

__________________

(١) التذكرة ٢ : ٢٩٥.

(٢) الفقيه ٣ : ١٦٣ حديث ٧١٦ ، التهذيب ٧ : ٢١٨ حديث ٩٥٤.

١٣٢

بطلت ، أما لو لم يعيّن الزرع انصرف إلى غيره من المنافع ولو كان نادراً. وكذا لو استأجر عبداً مدة يعلم موته قبل انقضائها ، أو استأجر أعمى للحفظ ،

______________________________________________________

ولا ماء لها بطلت ، أما لو لم يعين الزرع انصرف إلى غيره من المنافع ولو كان نادراً ).

أي : ولو كان غير الزرع نادراً ، لكن ينبغي التصريح بأن لا ماء لها إذا لم يكن المتعاقدان عالمين ، لأن أغلب وجوه الانتفاعات بالأرض زرعها ، إلا أن يشهد الحال بأن مثلها لا يراد للزرع ، وفي التذكرة ما قد يقرب من ذلك (١).

والظاهر أن حفر الساقية القريبة السهلة ، وعمل الدولاب بسهولة لا يخل ـ بصحة إجارة الأرض للزراعة ـ عدمه إذا كانت محققة السقي به وكان عمله سهلاً لوجود الماء بالقوة القريبة من الفعل ، وعد ذلك ماء في العادة ، ومثله احتياج الساقية إلى التنقية.

وينبغي أن لا يراد بقول المصنف : ( ولو كان نادراً ) أن تكون المنفعة لندرتها غير مقصودة عادة ولا متقومة ، بل كون قصدها نادراً بالإضافة إلى قصد الزراعة.

قوله : ( وكذا لو استأجر العبد مدة يعلم موته قبل انقضائها ).

للجهل بزمان الإجارة حينئذ فلا يصح.

قوله : ( أو استأجر أعمى للحفظ ).

أي : لحفظ الأمتعة ، حيث يكون حفظها موقوفاً على وجود البصر (٢).

__________________

(١) التذكرة ٢ : ٢٩٦.

(٢) في « ك‍ » : النظر.

١٣٣

أو أخرس للتعليم ، أو استأجر حيواناً لعمل لم يخلق له ويمتنع حصوله منه ، كما لو استأجر الشاة للحرث أو الحمل.

أما لو استأجر ما يمكن منه وإن لم يخلق له جاز ، كالإبل للحرث والبقر للحمل.

السادس : القدرة على تسليمها ، فلو استأجر الآبق منفرداً لم يصح.

ولو آجر للسنة القابلة صح ،

______________________________________________________

قوله : ( أو أخرس للتعليم ، أو استأجر حيواناً لعمل لم يخلق له ويمتنع حصوله منه ، كما لو استأجر شاة للحرث أو للحمل. أما لو استأجر ما يمكن منه وإن لم يخلق له جاز ، كالإبل للحرث والبقر للحمل ).

يصح بفتح الحاء مصدراً ، وبكسرها اسماً.

قوله : ( السادس : القدرة على تسليمها ، فلو استأجر الآبق منفرداً لم يصح ).

يفهم من قوله : ( منفرداً ) أنه لو استأجره منضماً صح ، وقد صرح به شيخنا الشهيد في بعض حواشيه ، معللاً بأنه إذا جاز بيعه كذلك جازت إجارته كذلك بطريق أولى ، لأن الإجارة تحتمل من الغرر ما لا يحتمله البيع.

وتردد المصنف في التحرير (١) ، ومنع في التذكرة (٢) لمنافاة عدم القدرة على التسليم مقصود الإجارة ، وهو الأصح. والحكم في البيع ثبت بالنص على خلاف الأصل فلا يتعدى.

قوله : ( ولو أجر للسنة القابلة صح ).

__________________

(١) تحرير الأحكام ١ : ٢٤٨.

(٢) التذكرة ٢ : ٢٩٦.

١٣٤

وكذا لو آجر سنة متصلة بالعقد ، ثم أخرى له أو لغيره.

ولو استأجر الدابة ليركبها نصف الطريق صح ، واحتيج إلى المهاياة إن قصد التراوح ، وإلاّ افتقر إلى تعيين أحد النصفين.

______________________________________________________

أي : لو لم يكن‌ زمان الإجارة متصلاً بزمان العقد ، كما لو أجر للسنة القابلة صح ، لأنه عقد صدر من أهله في محله ، ولا مانع إلا تأخر زمان الإجارة عن زمان وقوع العقد ، وذلك لا يصلح للمانعية.

وقال الشيخ في الخلاف : لا يصح (١) ، وأبو الصلاح تبعه (٢) ، محتجين بأن الإجارة حكم شرعي لا تثبت إلا بدليل وهو منتفٍ ، ولأن صحة الإجارة تتوقف على التسليم ، وهو منتف حينئذ.

وجوابه : الدليل قائم وهو ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (٣) ( إلا أن تكون تجارة عن تراض ) (٤) ، والتسليم واجب زمان الإجارة لا مطلقاً.

قوله : ( وكذا لو أجر سنة متصلة بالعقد ، ثم اخرى له أو لغيره ).

أي : تصح ، ويجي‌ء خلاف الشيخ ها هنا. والصحة هنا بطريق أولى ، خصوصاً إذا كان العقد الثاني للمستأجر الأول.

قوله : ( ولو استأجر دابة ليركبها نصف الطريق صح ، واحتيج إلى المهاياة إن قصد التراوح ، وإلا افتقر إلى تعيين أحد النصفين ).

نصف الطريق صادق على النصف الموزع أجزاء ، وهو الذي يقصد به التراوح ، وهو حصول الراحة بالركوب كلما تعب. وعلى النصف المتصل‌

__________________

(١) الخلاف ٢ : ١٢١ مسألة ١٢ كتاب الإجارة.

(٢) الكافي في الفقه : ٣٤٩.

(٣) المائدة : ١.

(٤) النساء : ٢٩.

١٣٥

والمنع الشرعي كالحسي ، فلو استأجر لقلع ضرس صحيح ، أو قطع يد صحيحة ، أو استأجر جنباً أو حائضاً لكنس المسجد لم يصح.

______________________________________________________

الأجزاء ، فإن قصد الأول فلا بد من تعيين مقدار ما يركب وما يمشي ، إما بالفراسخ إن عينت الإجارة بالمسافة ، وإلا فبالزمان كركوب يوم ، ومشي يوم إن عينت بالزمان.

ولا بد من تعيين محل الركوب ، ومحل النزول ، أو زمانهما. ولو كان هناك عادة مستمرة غالبة مضبوطة نزّل الإطلاق عليها ، صرح به في التذكرة (١).

وإن قصد الثاني فلا بد من تعيين النصف الذي يستأجر لركوبه ، أهو الأول أم الثاني؟ وهل يكفي تعيين أول النصف إلى حيث ينتهي؟ أم لا بد من تعيين آخره؟ قد سبق في البيع أنه لو باعه جريباً من هنا إلى حيث ينتهي لم يصح لجهالة البيع ، بل لا بد أن يعين آخره ، ومقتضاه أن لا يصح هنا إلا إذا عيّن الآخر.

وقد يتخيل إن قضية الاكتفاء في التراوح بالتعيين بالأيام عدم اشتراط ذكر الآخر هنا ، وليس كذلك ، لأن تعيين المنفعة يكون بأمرين ، فلا بد من ضبط الأول والآخر في كل منهما ، وتشخيص الزمان أو المسافة ، وبأيهما عين فلا تعيين بالآخر.

واعلم أن قوله : ( واحتيج إلى المهاياة ) ليس صريحاً في وجوب ذكر ذلك في العقد وإن كان هو المراد.

قوله : ( والمنع الشرعي كالحسي ، فلو استأجر لقلع ضرس صحيح ، أو قطع يد صحيحة ، أو استأجر جنباً أو حائضاً لكنس المسجد لم يصح ).

__________________

(١) التذكرة ٢ : ٢٩٧.

١٣٦

ولو كانت السن وجعة ، أو اليد متأكلة صحت ، فإن زال الألم قبل القلع انفسخت الإجارة.

ولو استأجر منكوحة الغير بدون إذنه فيما يمنع حقوق الزوج لم يصح ،

______________________________________________________

لتعذر صدور الفعل‌ في نظر الشارع ، فهو غير مقدور التسليم ولا يخفى أنه إنما يتحقق ذلك في استئجار الجنب والحائض لكنس المسجد كون زمان الكنس زمان الحيض والجنابة.

قوله : ( ولو كانت السن وجعة ، واليد متأكلة صحت ).

بشرط صعوبة الألم ، وقول أهل المعرفة إن القلع مزيل له ، وإلا فلا. ولا بد في قطع اليد المتآكلة من أن يكون القطع نافعاً ، ولا يخاف معه التلف ، ذكر ذلك في التذكرة (١) ، وكذا ما يجري مجرى التلف.

قوله : ( ولو استأجر منكوحة الغير بدون إذنه فيما يمنع حقوق الزوج لم يصح ).

أطلق الشيخ القول بالمنع من إجارة المرأة نفسها لغير الزوج بغير إذنه ، محتجاً بأن المرأة معقود على منافعها بعقد النكاح ، فلا يجوز لها أن تعقد على نفسها فتخل بحقوق الزوج (٢). وتبعه ابن إدريس (٣) ، وفصل المصنف في المختلف بما ذكره : وهو أن الإجارة إن لم تمنع شيئاً من حقوقه صحت وإلا لم تصح إلا بإذنه (٤).

ولك أن تقول : إن جميع أوقات المرأة محل لاستمتاع الزوج ، فهي‌

__________________

(١) التذكرة ٢ : ٢٩٨.

(٢) الخلاف ٢ : ١٢٢ مسألة ١٨ كتاب الإجارة.

(٣) السرائر : ٢٧٣.

(٤) المختلف : ٤٦٤.

١٣٧

ولو كان للرضاع فإن منع بعض حقوقه بطل ، وإلاّ فلا.

ولو استأجرها الزوج أو غيره بإذنه صح ،

______________________________________________________

مستغرقة في كونها مستحقة ، فلا يتصور إجارتها نفسها لشي‌ء من الأعمال من دون إذن الزوج.

ويمكن الجواب : بأنه وإن كان كذلك ، إلا أن العادة قد ثبتت واستقرت بأن الزوج لا يستغرق الأوقات في الاستمتاع ، خصوصاً في النهار وإذا كان مسافراً. ومعلوم أن جميع منافع المرأة غير مملوكة له ، بل ولا شي‌ء منها ، بل إنما يستحق الاستمتاع بها. فالزمان الذي وثق بعدم استمتاعه فيه للعادة ، أو لغيبته يجوز للزوجة إجارة نفسها فيه لمنفعة مملوكة لها لغيره ، وهذا واضح فإن الأمور المعتادة على وجه الاستمرار موثوق بها.

لكن ينبغي ـ إذا أراد الزوج الاستمتاع على خلاف الغالب في ذلك الزمان المخصوص بالإجارة ـ انفساخ الإجارة إذا تشخص زمانها ، لوجوب تقديم حق الزوج. واعلم أن قوله : ( لم يصح ) ينبغي أن يراد به الوقوف على إجازته ، لأن العقد فضولي.

قوله : ( ولو كان للرضاع فإن منع بعض حقوقه بطل وإلا فلا ).

لا فرق بين الاستئجار للرضاع وغيره على ما سبق ، وينبغي أن يكون المراد بالبطلان عدم اللزوم.

قوله : ( ولو استأجرها الزوج أو غيره بإذنه صح ).

أما إذا استأجرها الغير بإذنه فواضح ، فإن المانع حقه وقد أسقطه.

وأما إذا كان المستأجر هو ، فلأنه لا يستحق جميع منافعها ، إنما يستحق الاستمتاع ، وكون الزمان مستحقاً صرفه في الاستمتاع له ، لا ينافي صحة الإجارة إذا رضي بصرفه في المنفعة التي لا يستحقها ، ولأن فاضل‌

١٣٨

وإن كان لإرضاع ولده منها في حباله.

ولو تلفت العين المستأجرة قبل القبض بطلت الإجارة ،

______________________________________________________

الزمان عن الاستمتاع عادة قد أعرض عنه ، ولهذا تجوز الإجارة لغيره ، فيجوز له. ويجي‌ء على قول الشيخ منعه من استئجارها ، وسيأتي.

قوله : ( وإن كان لإرضاع ولده منها في حباله ).

منع الشيخ من استئجار الزوج الزوجة لإرضاع ولده ، لأنها أخذت منه عوضاً في مقابلة الاستمتاع ، وآخر في مقابلة التمكين (١). وسوغه المرتضى (٢) ، وابن إدريس (٣) ، والمصنف لقوله تعالى ( فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ) (٤) ، وقوله تعالى ( وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ ) (٥).

والعوض المأخوذ ليس في مقابلة التمكين بل في مقابلة الإرضاع ، ولا فرق بين أن يمنع شيئاً من حقوق الزوج وعدمه ، لأنه قد رضي بذلك.

واعلم أن الشافعي في أحد قوليه منع من استئجار الزوج زوجته لإرضاع ولده منها (٦) ، ودليله هو ما سبق ، وهذا لا يختص بكون الولد منها كما هو ظاهر ، فلو استأجرها لإرضاع ولده من غيرها فكذلك. وكلام الشيخ أعم ، فيكون ما ذكره هنا رداً على الشافعي وإن تضمن الرد على الشيخ.

قوله : ( ولو تلفت العين المستأجرة قبل القبض بطلت

__________________

(١) المبسوط ٣ : ٢٣٩.

(٢) المختلف : ٤٦٤.

(٣) السرائر : ٢٧٣.

(٤) الطلاق : ٦.

(٥) البقرة : ٢٣٣.

(٦) المغني لابن قدامة ٦ : ٨٦.

١٣٩

وكذا بعده بلا فصل.

ولو تلفت في الأثناء انفسخت في الباقي ، فإن تساوت أجزاء المدة فعليه بقدر ما مضى ، وإلاّ قسّط المسمّى على النسبة ودفع ما قابل الماضي.

______________________________________________________

الإجارة ).

لتعذر تسليم‌ العوض ، وهي قبل القبض من ضمان المؤجر. ولا يخفى أن هذا مع تشخص العين ، فلو كانت الإجارة في الذمة فسلّمه عيناً فتلفت فالإجارة باقية ، وقد سبق ذكره.

قوله : ( وكذا بعده بلا فصل ).

أي : من غير أن يمضي زمان يمكن استيفاء شي‌ء من المنفعة. ووجه البطلان إن المنفعة التي هي المعقود عليه لم يتسلمها المستأجر ، إنما تسلّم العين ، فإذا تلفت العين والإجارة واردة عليها تعذر استيفاؤها ، فامتنعت المعاوضة بتعذر العوض فبطلت.

قوله : ( ولو تلفت في الأثناء انفسخت في الباقي ).

لتعذر الإجارة فيه بتعذر العوض.

قوله : ( فإن تساوت أجزاء المدة فعليه بقدر ما مضى ).

إذا تساوت أجزاء المدة بالنسبة إلى المنفعة ، وعرض التلف للعين في أثناء المدة فعلى المستأجر من الأجرة المسماة بقدر ما مضى من الزمان ، فإن كان نصفه فنصف الأجرة ، أو أقل أو أكثر فكذلك ، ولا فرق بين كون المنفعة مقدرة بالزمان أولا.

قوله : ( وإلا قسِّط المسمى على النسبة ودفع ما قابل الماضي ).

١٤٠