جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ٦

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي

جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ٦

المؤلف:

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٠٤

ولو وجد عوض ثيابه أو مدارسه لم يكن له أخذه ، فإن أخذه عرفه سنة ثم ملكه إن شاء ، إلا أن يعلم بشاهد الحال أنه تركه عوضا فيجوز أخذه‌

______________________________________________________

والظاهر أنه لا فرق بين أن يلتقطه بنية الحفظ أبدا أو لا ، نعم لو عرف الحاكم منه أنه لا يريد أخذها حفظها هو أو تصدق بها ، ولا ريب أن للملتقط التخيير بين : التملك ، والصدقة ، والحفظ. لكن يحتمل أن الحاكم لا يجب عليه الدفع إليه لأجل مجرد الحفظ ، لأن حفظ أموال الغائبين إلى الحاكم ، ولعل المصنف إنما لم يذكره لذلك.

والتحقيق : إن أصل الرد واجب ، لأن للملتقط التملك فيجب الرد لأجله قطعا ، أما الرد لأجل الصدقة والحفظ ففي وجوبه لكل منهما نظر ، ينشأ : من أن ولي الغائبين الحاكم ، ومن أن للملتقط ولاية خاصة لكل من الأمرين.

قوله : ( ولو وجد عوض ثيابه أو مدارسه لم يكن له أخذه ، فإن أخذه عرفه سنة ثم ملكه إن شاء ).

لو كان في الحمام أو المسجد ونحوهما ، فلم يجد ثيابه أو مداسه أو فراشه ، ولكن وجد مثل المفقود لم يكن له تملكه عوضا عما ذهب له ، لأنه مال الغير فلا يحل من دون طيب نفسه.

وقول المصنف : ( ولو وجد عوض ثيابه ... ) لا يريد به العوض الحقيقي ، إذ لو تحقق كون مالكه قد عاوضه به جاز الأخذ قطعا.

وقوله : ( لم يكن له أخذه ) يريد به على قصد العوض ، أما أخذه لقطة فجائر قطعا ، فإن أخذه لم يكن إلا لقطة ، فيجب تعريفه سنة إن كان درهما فصاعدا ، فإذا عرفه تملكه إن شاء ، فإن جاء المالك قاصه بماله وتراد الفضل إن أوجبنا العوض ورضى الملتقط بجعل ماله عوضا ، وإلا ترادا وكان للملتقط المطالبة بالأجرة والنقص دون الآخر.

قوله : ( إلا أن يعلم بشاهد الحال إن تركه عوضا فيجوز أخذه حينئذ‌

١٨١

حينئذ من غير تعريف.

ولو مات الملتقط عرف الوارث حولا وملكها ، والبحث فيه كالمورث.

______________________________________________________

من غير تعريف ).

لو علم المأخوذ ماله أن الآخذ قصد المعاوضة لم يحتج الى التعريف ، لأن التعريف في الضائع ، ومع العلم بترك المالك قصدا لا يكون المال ضائعا. ويكتفي في هذا العلم شاهدا الحال ، بأن يكون الذي للآخذ أرادا من الذي أخذه ، ويكون المأخوذ مما لا يشتبه على الآخذ بالذي له. كذا أو نحوه ذكره المصنف في التذكرة ، قال : وحينئذ يباح للواجد استعمالها ، لأن الظاهر أن صاحبها تركها له باذلا له إياها عوضا عما أخذه فصار كالمبيع له أخذها بلسانه (١).

ولقائل أن يقول : إن تم ما ذكر من الدلالة على المعاوضة لم يكن للمأخوذ ماله التصرف في هذه الحالة ، إلا إذا رضي بتلك المعاوضة ، ومن الممكن أن لا يرضى ، لأن الفرض أن ماله أجود ، فكيف يستقيم إطلاقه جواز التصرف على ذلك التقدير.

ثم انه لم لا يجوز أن يتصرف بها مطلقا ، سواء شهد الحال بأخذ الآخذ على قصد المعاوضة أو غلطا ، لأن الآخذ غاصب فيجوز للمأخوذ ماله التصرف في مقداره للحيلولة ، فإن أمكنه إثبات ذلك عليه عند الحاكم رفع الأمر إليه ، ليأذن له في الأخذ على الوجه المذكور ، وإلا استقل به على وجه المعاوضة.

قال المصنف في التذكرة بعد أن حكى عن الحنابلة رفع الأمر إلى الحاكم ليبيعها ويدفع ثمنها اليه عوضا عن ماله : وما قلناه أولى ، لأنه أرفق بالناس ، لأن فيه نفعا لمن سرقت ثيابه لحصول عوضها له ، وللسارق بالتخفيف عنه من‌

__________________

(١) التذكرة ٢ : ٢٦٦.

١٨٢

ولو مات بعد الحول ونية التملك فهي موروثة ، ولو لم ينو كان للوارث التملك والحفظ.

ولو فقدت من التركة في أثناء الحول أو بعده من غير نية التملك احتمل الرجوع في مال الميت ، وعدمه.

______________________________________________________

الإثم ، وحفظ هذه الثياب المتروكة من الضياع ، وقد أبيح لمن له على انسان حق من دين أو غصب أو غير ذلك أن يأخذ من مال من عليه الحق بقدر ما عليه إذا عجز عن استيفائه بغير ذلك (١).

قلت : ما ذكرناه أنفع وأرفق ، لأنه شامل لجميع صور الأخذ كما لا يخفى. ثم ان الأخذ على جهة المقاصة لا يتوقف على رضى من عليه الحق ، فلا يشترط شهادة الحال بقصد المعاوضة كما ذكره ، وما استشهد به من إباحة أخذ من له على انسان دين أو حق إنما ينطبق على ما ذكرناه.

نعم إن جوز أن يكون الآخذ غير صاحب المتروك فالمتروك لقطة قطعا ، إلا أن مقتضى كلامه التعويل على القرينة الدالة على أن الآخذ هو المتروك ماله ، وما أحسن عبارة الدروس بالنسبة الى هذا فإنه قال : ومن وجد عوض ثيابه أو مداسه فليس له أخذه ، إلا مع القرينة الدالة على أن صاحبها هو الذي أخذ ثيابه لكونها أدون وانحصار المشتبهين ، ومع عدم القرينة فهو لقطة (٢).

قوله : ( وقد فقدت من التركة في أثناء الحول ، أو بعده من غير نية التملك احتمل الرجوع في مال الميت وعدمه ).

وجه الاحتمال الأول عموم قوله عليه‌السلام : « على اليد ما أخذت حتى تؤدي » (٣) والأصل بقاء العين ، فإذا تعذرت وجب المصير الى بدلها ، ومن أنها‌

__________________

(١) المصدر السابق.

(٢) الدروس : ٣٠٣.

(٣) مستدرك الوسائل ٢ : ٥٠٤ حديث ١٢ ، سنن البيهقي ٦ : ٩٥ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٨٠٢ حديث ٢٤٠٠ ، مسند أحمد ٥ : ٨ ، ١٣ ، مستدرك الحاكم ٢ : ٤٧ ، وفيها : حتى تؤديه ، سنن الترمذي ٢ : ٣٦٨ حديث ١٢٨٤ ، مسند أحمد ٥ : ١٢.

١٨٣

الرابع : الرد : ويجب مع قيام البينة ، ولا يكفي الواحد ولا الوصف إن ظن صدقه للإطناب فيه ، نعم يجوز ، فإن امتنع لم يجبر عليه فلو دفع الى الواصف وظهرت البينة لغيره انتزعها الغير ، فإن تلفت رجع على من شاء.

______________________________________________________

أمانة ، والأصل براءة الذمة من وجوب البدل ، والوجوب إنما هو متعلق بتسليم العين وذلك مع وجدانها. أما البدل فلا يجب إلا بالتلف مع التفريط وهو منتف بالأصل ، والأصح عدم أخذ شي‌ء من مال الميت ، وقد سبق نظيره في الوديعة.

قوله : ( الرابع : الرد ، ويجب مع قيام البينة ، ولا يكفي الواحد ولا الوصف ، وإن ظن صدقه للإطناب فيه ، نعم يجوز ).

أي : يجوز التسليم الى الواصف إذا ظن صدقه ، وهو المشهور بين الأصحاب ، لأن مناط أكثر الشرعيات هو الظن ، ولأنه لو لا ذلك لأدى الى عدم وصولها الى مالكها غالبا ، إذ من المستبعد إقامة البينة على ما يستصحبه الإنسان من أمواله.

ولأن في قوله عليه‌السلام للملتقط : « اعرف عقاصها » وهو وعاؤها الذي هي فيه من خرقة وقرطاس وغيرهما ، « ووكاؤهما » وهو الخيط الذي يشد به المال في الخرقة إيماء الى ذلك ، لأن فائدة معرفته تظهر إذا جوزنا الدفع بالوصف ، ومثله الإيغال في الإبهام حال تعريفها ، والاقتصار في الإشهاد على بعض الأوصاف.

وقال ابن إدريس : لا يجوز دفعها إلا بالبينة ، لاشتغال الذمة بحفظها ، وعدم ثبوت كون الوصف حجة شرعية في جواز الدفع والعمل بالمشهور (١).

وهل شهادة العدل الواحد كالوصف المفيد للظن في جواز الدفع وعدم‌

__________________

(١) السرائر : ١٨١.

١٨٤

ويستقر الضمان على الواصف ، إلا أن يعترف الدافع له بالملك فلا يرجع عليه لو رجع عليه المالك.

ولو أقام كل منهما بينة بعد الدفع إلى الأول ولا ترجيح أقرع ، فإن خرج الثاني انتزعت من الأول.

______________________________________________________

وجوبه؟ احتمله في التذكرة (١) ، وهو متوجه ، لأن شهادة العدل الموثوق به أقوى من الوصف.

قوله : ( ويستقر الضمان على الواصف ).

لأن التلف في يده ، ولأنه عاد غار.

قوله : ( إلا أن يعترف الدافع له بالملك فلا يرجع عليه لو رجع عليه المالك ).

لاعترافه بكون الأخذ منه ظلما.

قوله : ( ولو اقام كل منهما بينة بعد الدفع إلى الأول ولا ترجيح أقرع ).

لأنه أمر مشكل ، لانتفاء الأولوية وامتناع الحكم بهما ودفعهما.

قوله : ( فإن خرج الثاني انتزعت من الأول ).

إنما ينتزع بعد إحلافه ، فإن كل من خرج اسمه بالقرعة يستحقها بيمينه ، نص عليه في التذكرة (٢). فإن امتنع احلف الآخر ، فإن امتنع احتمل إبقاؤها أمانة عليهما حتى يصطلحا ، أو على غيرهما ، ذكره المصنف في التذكرة (٣).

__________________

(١) التذكرة ٢ : ٢٦٤.

(٢) التذكرة ٢ : ٢٦٥.

(٣) المصدر السابق.

١٨٥

ولو تلفت لم يضمن الملتقط إن كان قد دفع بحكم الحاكم ، وإن دفع باجتهاده ضمن.

ولو تملك بعد الحول فقامت البينة لم يجب دفع العين ، بل المثل أو القيمة إن لم تكن مثلية ، فإن رد العين وجب على المالك القبول ، وكذا لو عابت بعد التملك مع الأرش على اشكال.

______________________________________________________

قوله : ( ولو تلفت لم يضمن الملتقط إن كان دفع بحكم الحاكم )

إذ لا يقصر منه حينئذ ، لأن الدفع واجب عليه ، وحكم الحاكم يصيره بمنزلة المكره. وهل يضمن الحاكم في بيت المال بظهور الخطأ في دفع مال الغير الى غير مستحقه؟ لا اعلم به تصريحا.

وينبغي عدم الضمان لوجود القابض فيرجع عليه قوله : ( وإن دفع باجتهاده ضمن ) لأن الدفع مستند اليه وقد تبين كونه بغير حق.

قوله : ( ولو تملك بعد الحول فقامت البينة لم يجب دفع العين ، بل المثل أو القيمة إن لم تكن مثلية ).

هذا مبني على أنه إذا تملك بعد التعريف حولا يضمن العوض ولا يجب دفع العين ، وقد سبق أن الأصح وجوب ردها ، ويمكن أن يقال : إن الواجب في القيمي القيمة فلا يجزئ غيرها إلا بالتراضي.

قوله : ( فإن رد العين وجب على المالك القبول ).

تفريعا على مختاره ، ووجهه ان العين أقرب الى نفسها من البدل ، وقد سبق بيان مثله في القرض.

قوله : ( وكذا لو عابت بعد التملك مع الأرش على اشكال ).

ينشأ : من أن الواجب القيمة في القيمي ، والمثل في المثلي ، ومع وجود العيب فلا مماثلة. ومن أن العين مع الأرش الساد مسد الفائت أقرب إلى‌

١٨٦

والزيادة المنفصلة والمتصلة في الحول للمالك ، وفي تبعيته اللقطة نظر ، أقربه ذلك ، وبعده للملتقط إن تجددت بعد نية التملك ، وإلاّ فكالأول ولو رد العين لم يجب رد النماء ،

______________________________________________________

نفسها من القيمة ، وعلى ما اخترناه فالواجب رد العين مع الأرش فيجب قبولها.

قوله : ( والزيادة المنفصلة والمتصلة في الحول للمالك ).

لأنها نماء ملكه.

قوله : ( وفي التبعية للقطة نظر أقربه ذلك ).

ينشأ : من أن النماء تابع للأصل ، ومن اختصاص العين بمعنى الالتقاط بخلاف النماء. ووجه القرب : إن الفرع لا يزيد على أصله ، وقد استحق الملتقط تملك العين ، فمقتضى التبعية يستحق تملك النماء ، لأن الفرض تجدده بعد استحقاق تملك الأصل وإن كان التعريف شرطا ، فإذا عرّف الأصل حولا تملّك الجميع إن شاء على الأقرب.

قوله : ( وبعده للملتقط إن تجددت بعد نية التملك ، وإلا فكالأول ).

أي : وبعد الحول إذا تجددت الزيادة يكون للملتقط ، لأنها نماء ملكه وهذا إذا كان تجددها بعد نية التملك وإلا ـ أي : وإن لم يكن بعد نية التملك ـ فكالأول ، وهو المتجدد في الحول ، فيكون في التبعية الاشكال ، والأقرب هنا ما هو الأقرب هناك.

قوله : ( ولو رد العين لم يجب رد النماء ).

لأنه نماء ملكه وإن قلنا بوجوب رد العين إذا جاء المالك ، لأن تزلزل الملك لا ينافي ثبوته ، كما في البيع في زمان الخيار ، وهذا إنما هو في النماء المنفصل دون المتصل.

١٨٧

فلو دفع العوض لمن قامت له البينة ضمن الثاني مع البينة ، لأن المدفوع ليس نفس العين ، ويرجع على الأول ، لتحقق بطلان الحكم.

______________________________________________________

قوله : ( ولو دفع العوض لمن قامت له البينة ضمن للثاني مع البينة ، لأن المدفوع ليس نفس العين ، ويرجع على الأول لتحقق بطلان الحكم ).

هذا فيمن تملك بعد الحول وضمن العوض عند المصنف ، فإن الأول إذا أقام البينة بالاستحقاق فدفع اليه العوض ، ثم أقام الثاني البينة وانتفى المرجح ، فأقرع فخرج اسم الثاني ، فاحلف فإنه يجب على الملتقط الغرم ، لأن المدفوع لم يتعين كونه العوض الذي في ذمته ، لأنه لم يقبضه المستحق ، لكن يرجع به على الأول بظهور بطلان الحكم بأن العين له.

* * *

١٨٨

المقصد الرابع : في الجعالة : وفيه مطلبان :

الأول : في الأركان : وهي أربعة :

الأول : الصيغة : كقوله : من رد عبدي ، أو ضالتي ، أو فعل كذا ، وما أشبهه من اللفظ الدال على العمل فله كذا. فلو رد انسان ابتداء فهو متبرع لا شي‌ء له ، وكذا لو رد من لم يسمع الجعالة على قصد التبرع ، وإلا فإشكال.

______________________________________________________

قوله : ( المقصد الرابع : في الجعالة ، وفيه مطلبان : الأول : في الأركان وهي أربعة :

الأول : الصيغة كقوله : من رد عبدي ، أو ضالتي ، أو فعل كذا ، وما أشبهه من اللفظ الدال على العمل فله كذا ).

ظاهره انه لا قبول أصلا ، ومفهوم الجعالة يقتضي ذلك ، لكن ظاهرهم أن الجعالة من العقود ( الجائزة ) (١) فيكون القبول فيها فعليا ، ومفهوم قول المصنف بعد ذلك : ( ولا القبول نطقا ) يعطي هذا.

قوله : ( وكذا لو رد من لم يسمع الجعالة على قصد التبرع ، وإلا فإشكال ).

أي : وكذا لا شي‌ء لو رد من لم يسمع الجعالة على قصد التبرع قطعا ، لأنه لو سمع الجعل فرد متبرعا لا يستحق فهنا أولى ، وإن لم يكن رده على قصد التبرع بل على قصد الاستحقاق فإشكال ينشأ : من أنه قد فعل متعلق الجعل على قصد الاستحقاق مطابقا لصدور الجعل من المالك ، لأن الفرض شمول‌

__________________

(١) لم ترد في « م ».

١٨٩

ولو كذب المخبر فقال : قال فلان : من رد ضالته فله كذا لم يستحق الراد على المالك ولا المخبر ، لأنه لم يضمن ،

______________________________________________________

اللفظ له فيستحق ، ولأنه عمل محترم لم يقصد به فاعله التبرع ووقع بإذن الجاعل.

ولأن المقتضي للاستحقاق ـ وهو جعل المالك بصيغة تشمل العامل وعدم تبرعه ـ موجود ، والمانع ليس إلا عدم علمه بصدور الجعل لا يصلح للمانعية ، للشك في مانعيته فيعمل المقتضي عمله.

ومن أنه بالنسبة إلى اعتقاده متبرع ، إذ لا عبرة بقصده من دون جعل المالك.

ويمكن أن يقال : يفرق بين من رد كذلك عالما بأن العمل بدون الجعل تبرع وإن قصد العامل العوض ، وبين غيره ، لأن الأول لا يكاد ينفك من التبرع ، بخلاف الثاني فيستحق دون الأول ، وفيه قوة.

وأطلق شيخنا الشهيد (١) ، والفاضل الشارح الاستحقاق (٢) ، ( وما ذكرناه من التفصيل أولى وأعلم ان على عبارة الكتاب مؤاخذة ، فإن قوله : ( وإلا فإشكال ) يقتضي ثبوت الإشكال في كل من لم يرد على قصد التبرع ، فيتناول من رد لا على قصد التبرع ولا على قصد الاستحقاق ) (٣). وليس بجيد ، لأن هذا متبرع وإن لم يقصد التبرع.

قوله : ( ولا المخبر ، لأنه لم يضمن ).

وإنما الراد ادخل نفسه على عمل بدون تعين الاستحقاق ، فالتقصير من‌

__________________

(١) الدروس : ٣٠٥.

(٢) إيضاح الفوائد ٢ : ١٦٢.

(٣) ما بين القوسين لم يرد في « ق ».

١٩٠

ولو تبرع المخبر وقال : من رد عبد فلان فله درهم لزمه ، لأنه ضامن.

ولو قال : من رد عبدي من العراق في شهر كذا فله كذا ومن خاط ثوبي في يوم كذا فله كذا صح ، بخلاف الأجرة ، للزومها بخلاف الجعالة.

الثاني : الجاعل : وشرطه أن يكون أهلا للاستئجار ، وفي العامل إمكان تحصيل العمل. ولا يشترط تعيينه ولا القبول نطقا ، ولو عين فرد‌

______________________________________________________

قبله. وإن كان المالك قد جعل ، فرد طمعا في الجعل كفى في الاستحقاق إخبار المخبر وإن لم يكن ثقة.

قوله : ( ولو تبرع المخبر وقال : من رد عبد فلان فله درهم لزم ، لأنه ضامن ).

لا ريب في صحة الجعل من الأجنبي على العمل وإن كان العمل لا يرجع عليه بفائدة للتوسع في الجعالة.

لما كانت الإجارة لازمة لم يصح تقدير المنفعة بالعمل والزمان معا ، لأن اتفاقهما نادر فيخل بلزوم العقد ، ولأن تطبيق العمل على الزمان غير معلوم التحقق ، فيكون اشتراطه اشتراطا لما لا يوثق بالقدرة عليه فلم يصح.

أما الجعالة فإنها جائزة ، فإذا لم يتفق انطباق العمل على الزمان لم يخرج العقد عن مقتضاه. وفرق أيضا بأن التقدير بالأمرين معا يقتضي عدم الوثوق بحصول العوض ، وهو مغتفر في الجعالة دون الإجارة.

قوله : ( ولو قال : من رد عبدي من العراق في شهر فله كذا ، ومن خاط ثوبي في يوم فله كذا صح ، بخلاف الأجرة للزومها ، بخلاف الجعالة ).

قوله : ( الثاني : الجاعل ، وشرطه أن يكون أهلا للاستئجار ، وفي العامل إمكان تحصيل العمل ، ولا يشترط تعينه ).

أي : العامل ، بل الأصل والغالب جهالته ، لأن المطلوب في الجعالة تعيين عوض على عمل.

١٩١

غيره فهو متبرع.

الثالث : العمل : وهو كل ما يصح الاستئجار عليه ، وهو كل عمل مقصود محلل وإن كان مجهولا. ولا يشترط الجهل ، فلو قال : من خاط ثوبي أو حج عني فله دينار صح ، لأن جوازه مع الجهل يستلزم أولوية جوازه مع العمل.

______________________________________________________

قوله : ( الثالث : العمل ، وهو كل ما يصح الاستئجار عليه ، وهو كل عمل مقصود محلل وإن كان مجهولا ).

كلما صح الاستئجار عليه صحت الجعالة عليه ، ولا يشترط التطابق في الأوصاف ، فتصح الجعالة على المجهول ، لأنها عقد جائز لا يمتنع فيه الغرر ، لكن قوله : ( وإن كان مجهولا ) مقتضاه صحة الاستئجار على العمل وإن كان مجهولا ، من حيث أن ذلك وصلي للعمل المجعول عليه ، وصريح عبارته ان المجعول عليه هو الذي يصح الاستئجار عليه.

وأجيب عنه بأن المجهول تصح الإجارة عليه لا من حيث أنه مجهول ، ويرد عليه أن الوصلي في العبارة مقتضاها استواء الإجارة والجعالة فيه على أي تقدير كان.

وربما أجيب بأن المراد الحكم بالتساوي في ذوات الأعمال خاصة ، لكن الوهم بحاله ، إذ ليس في العبارة ما يدل على اختصاص الجهالة بالجعالة.

قوله : ( ولا يشترط الجهل ... ).

ذهب بعض الشافعية إلى اشتراط الجهالة ، وليس بشي‌ء.

١٩٢

الرابع : الجعل : وشرطه أن يكون معلوما بالكيل أو الوزن أو العدد ، ولو كان مجهولا كثوب غير معين ، أو دابة مطلقة ثبت بالرد اجرة المثل ، ولو قيل بجواز الجهالة إذا لم تمنع من التسليم كان حسنا كقوله : من رد عبدي فله نصفه ومن خاط ثوبي فله ثلثه.

______________________________________________________

قوله : ( الرابع : الجعل ، وشرطه أن يكون معلوما بالكيل أو الوزن أو العدد ، ولو كان مجهولا كثوب غير معين ، أو دابة مطلقة ثبت بالرد اجرة المثل ).

لأن المجعول غير معين ، والتفاوت فيه عظيم فلا يغتفر ، إذ لا ضرورة إلى اغتفاره بخلاف العمل.

قوله : ( ولو قيل بجواز الجهالة إذا لم يمنع من التسليم كان حسنا )

أطلق الأصحاب عدم جواز كون الجعل مجهولا ، لما قلناه من أن الضرورة اقتضت التسامح في جهالة العمل ، ولا ضرورة إلى التسامح في جهالة الجعل ، واستحسن المصنف التفصيل ، وحاصله ان الجهالة إذا كانت مانعة من تسليم الجعل لا يصح معها كثوب ، فإنه لا يدري أي ثوب.

فإن قيل : الأمر الكلي محمول على أقل فرد يقع عليه الكلي ، فأقل ثوب سلم وجب قبوله.

قلنا : لما كان مسمى الثوب متفاوتا تفاوتا عظيما كان مظنة التنازع والتجاذب والخصومة ، فلم يصح الجعل على هذا الوجه. أما إذا كانت الجهالة غير مانعة من التسليم ، كنصف العبد الآبق إذا رده فإنه لا يقبل الاختلاف ، ومسماه لتشخصه لا يقبل التعدد.

فإن قيل : يمكن التنازع في احتمال الجودة والرداءة ونحوهما فيكون كالثوب ، فإما أن يصح فيهما أو لا فيهما.

١٩٣

المطلب الثاني : في الأحكام : الجعالة جائزة من الطرفين ، فللعامل الفسخ قبل إتمام العمل ولا شي‌ء له ، لأنه أسقط حقه ،

______________________________________________________

قلنا : لما كانت الجهالة في الثوب باعتبار عدم تشخصه ، وشدة تفاوت افراده لم تغتفر جهالته ، بخلاف العبد المعين فإنه لتشخصه يتسامح بجهالة صفاته واحتماله الا على والأدون ، فإنه لا يقبل تعدد الذات والصفات إذ هي بحسب الواقع شي‌ء واحد ، غاية ما في الباب أنه غير معلوم الآن ، لكنه معين في حد ذاته ، ومختار المصنف قوي ، وعلى هذا فيصح جعل صبرة معينة من الطعام وإن لم يعلم قدرها ، فتكفي المشاهدة بطريق أولى.

واعلم أن المصنف في التذكرة قال في آخر هذا البحث : وهو قريب من استئجار المرضعة بجزء من الرضيع الرقيق بعد الفطام (١). وفي إحياء الموات من هذا الكتاب قال : ولو قال : اعمل ولك نصف الخارج بطل ، لجهالة العوض اجارة وجعالة ، وهو يقتضي عدم جواز الجعالة مع جهالة الجعل مطلقا.

قوله : ( المطلب الثاني : في الأحكام ، الجعالة جائزة من الطرفين فللعامل الفسخ قبل إتمام العمل ولا شي‌ء له ، لأنه أسقط حقه ).

قد يقال : إنه لم يسقط حقه مطلقا ، وإنما أسقطه بالنسبة الى ما بقي ، فكيف لا يستحق لما مضى؟ ويقوى هذا الإشكال في العمل الذي تقابل أجزاؤه بالأجرة ، كبناء الحائط مثلا. وقد احتمل في التذكرة الاستحقاق لما مضى ، وكأن آخر كلامه يقتضي ترجيح الاحتمال (٢). ويقوى الاحتمال لو مات أو شغله ظالم وفاقا للدروس (٣) ، لكن ظاهره أن ذلك في نحو خياطة الثوب لا في نحو رد العبد.

__________________

(١) التذكرة ٢ : ٢٨٧.

(٢) التذكرة ٢ : ٢٨٨.

(٣) الدروس : ٣٠٦.

١٩٤

وكذا للجاعل قبل التلبس في العمل مطلقا وبعده فيدفع اجرة ما عمل.

______________________________________________________

واعلم أنه لو فسخ العامل ثم أراد العمل بالجعل فهل ينفسخ العقد ، أو يقال : إن العبرة بإيجاب الجاعل وهو باق بحاله ولا يتعين القبول ، فمتى ردها استحق ، سواء فسخ ثم رد أم لا ، لأن اللفظ شامل.

قوله : ( وكذا للجاعل قبل التلبس في العمل مطلقا ).

أي : له الفسخ قبل التلبس في العمل ، لأن العقد جائز من الطرفين ، ولا موقع لقوله : ( مطلقا ) كما لا يخفى ، وفسره شيخنا الشهيد في حواشيه بأن معناه أن له ذلك من غير شرط بذل عوض ولا محصل له.

واعلم أنه إنما ينفسخ إذا علم العامل بالفسخ من الجاعل ، وإلا فهو على حكمه ، فلو عمل استحق ، واختاره في التذكرة (١) ، وما أشبهه بعزل الموكل الوكيل وتصرفه قبل علمه بالعزل.

قوله : ( وبعده فيدفع اجرة ما عمل ).

فإذا علم بالفسخ ثم عمل فلا شي‌ء له ، في المستقبل ، ويشكل على ذلك أنه إذا جعل له على رد الضالة ، ثم فسخ وقد صارت بيده فإنه لا يكاد يتحقق للفسخ معنى حينئذ ، إذ لا يجوز له تركها. وتسليمها الى وكيل المالك أو الحاكم بمنزلة ردها.

وكذا لو لم يجد واحدا منهما (٢) فإنه لا بد من تسليمها الى المالك أو وكيله ، فيكون هذا الفسخ بعد حصول ما يستلزم الرد فهو في حكمه ، فلا يكاد يتحقق وجهه.

__________________

(١) التذكرة ٢ : ٢٨٨.

(٢) في « ق » : أحدهما.

١٩٥

ويستحق العامل الجعل بالتسليم ، فلو جاء به الى باب منزله فهرب أو مات لم يستحق شيئا. ويحتمل الاستحقاق مع الموت بالنسبة ، ويعمل بالمتأخر من الجعالتين سواء زادت أو نقصت قبل التلبس ، وإلا فبالنسبة.

ولو حصلت الضالة في يد انسان قبل الجعل وجب دفعها الى مالكها ولا شي‌ء له ،

______________________________________________________

قوله : ( فلو جاء به الى باب منزله فهرب أو مات لم يستحق شيئا ويحتمل الاستحقاق مع الموت بالنسبة ).

وجه الأول : إنه لم يأت بالمجعول عليه فلم يستحق شيئا ، ووجه الثاني وهو الاستحقاق مع الموت دون الهرب ، لأن المانع ليس من قبله بل من قبل الله تعالى ، ولأن الرد الممكن عادة قد حصل ، وتسليمه من الموت ليس داخلا تحت قدرة البشر.

قوله : ( ويعمل بالمتأخر من الجعالتين ، سواء زادت أو نقصت قبل التلبس ).

لأن الجعالة جائزة ، وهذا إذا علم بالرجوع عن الاولى ، والا استحق الاولى.

قوله : ( وإلا فبالنسبة ).

أي : وإن كان بعد التلبس ، فما مضى من العمل استحق له بنسبة الجعالة الأولى ، لأنها لازمة من طرف المالك فيما مضى ، ويستحق لما بقي بنسبة الجعالة الثانية ، ويشكل بما سبق فيما إذا فسخ المالك بعد التلبس.

قوله : ( ولو حصلت الدابة في يد انسان قبل الجعل وجب دفعها الى مالكها ، ولا شي‌ء له ).

لوجوب الدفع من حصولها في اليد ، فلا يستحق أجرا حينئذ ، إذ لا عمل بالاذن يستحق به. والجعل بفتح الجيم وإسكان العين : الإتيان بصيغة‌

١٩٦

وكذا المتبرع ، سواء عرف برد الإباق أو لا. وسواء جعل المالك وقصد العامل التبرع أو لم يجعل وإن لم يقصد‌ التبرع.

______________________________________________________

الجعالة.

واعلم أن على ظاهر العبارة إشكالا ، وهو أن الدفع ليس بواجب إنما الواجب الاعلام والتخلية ، ولهذا قال في التذكرة : إنه لو قال : من رد عليّ مالي فله كذا فرده من كان المال في يده نظر فإن كان في رده من يده كلفة ومؤنة كالعبد الآبق استحق الجعل ، وإن لم يكن كالدراهم والدنانير فلا ، لأن ما لا كلفة فيه لا يقابل بالعوض ، وهذا متجه.

ثم قال : ولو قال : من دلني على مالي فله كذا ، فدله من المال في يده لم يستحق الجعل ، لأن ذلك واجب عليه بالشرع ، فلا يستحق أخذ العوض عليه أما لو كان في يد غيره فدله استحق ، لأن الغالب أن تلحقه مشقة في البحث (١) ، هذا كلامه وهو حسن.

قوله : ( وكذا المتبرع ، سواء عرف برد الإباق أو لا ).

وقال جماعة من الأصحاب : بأن من رد العبد أو البعير استحق من غير شرط (٢) ، وفي عبارة ابن حمزة : إذا لم يجعل وجرت في البلد عادة بشي‌ء استحق (٣) ، والمشهور خلافه ، ورواية مسمع بذلك محمولة على الاستحباب (٤).

قوله : ( وسواء جعل المالك وقصد العامل التبرع ، أو لم يجعل وإن لم يقصد التبرع ).

__________________

(١) التذكرة ٢ : ٢٨٧.

(٢) منهم المفيد في المقنعة : ٩٩ ، والطوسي في النهاية : ٣٢٣ ، وابن حمزة في الوسيلة : ٣٢٣.

(٣) الوسيلة : ٣٢٣.

(٤) التهذيب ٦ : ٣٩٨ حديث ١٢٠٣.

١٩٧

ولو بذل جعلا غير معيّن كقوله : من رد عبدي فله شي‌ء لزمه اجرة المثل ، إلاّ في رد الآبق أو البعير ففي رده من المصر دينار ، ومن غير مصره أربعة دنانير ، وإن نقصت قيمة العبد أو البعير فإشكال.

______________________________________________________

قد يقال : في العبارة مناقشة ، لأن هذا الوصل لا يتضح اندراجه في قوله : ( وكذا المتبرع ) لأن المتبادر من التبرع قد يخالف من لم يقصد التبرع ، إلا أن يقال : من لم يقصد واحدا من الأمرين متبرع ، فيكون من جملة أفراد المتبرع.

قوله : ( إلاّ في رد الآبق أو البعير ، ففي رده من المصر دينار ، ومن غير مصره أربعة دنانير ).

أما العبد فقد ورد حكمه في رواية مسمع ، وأما البعير فألحقه به الأصحاب ، قال المفيد : بذلك ثبتت السنة (١). ولا يخفى أن المراد بالدينار : المعروف شرعا ، وهو ما قيمته عشرة دراهم.

قوله : ( فإن نقصت قيمة العبد أو البعير فإشكال ).

ينشأ : من عموم النص ، ومن أن الظاهر أن الشارع بنى على الغالب من زيادة القيمة على المقدّر ، فيخرج هذا الفرد من عموم النص ، ولظاهر قوله عليه‌السلام : « لا ضرر ولا ضرار » (٢) فتجب حينئذ أجرة المثل ، لأنه عمل محترم له عوض ولم يعيّن.

لكن يشكل لو زادت اجرة المثل على المقدّر شرعا ، فينبغي أن يكون محل التخصيص ما إذا زاد المقدّر عن اجرة المثل ، وإلا وجب المقدّر لانتفاء المنافي حينئذ.

__________________

(١) المقنعة : ٩٩.

(٢) الكافي ٥ : ٢٩٢ حديث ٢ ، الفقيه ٣ : ٤٥ حديث ١٥٤ ، التهذيب ٧ : ١٦٤ حديث ٧٢٧.

١٩٨

ولو استدعى الرد ولم يبذل اجرة فالراد متبرع على اشكال أقربه ذلك إن استدعى مجانا.

ولو جعل الفعل للواجد فصدر عن الجماعة تشاركوا فيه ، ولو صدر عن كل منهم فعل تام فلكل منهم جعل كامل.

ولو جعل لكل من الثلاثة على الرد جعلا متفاوتا فمن جاء به منهم فله ما عينه له ، ولو جاء به اثنان فلكل نصف جعله ، ولو جاء به الثلاثة فلكل ثلث جعله ، وكذا لو عين لأحدهم وجهل لغيره فللمعين بنسبة عمله من‌

______________________________________________________

قوله : ( ولو استدعى الرد ولم يبذل اجرة فالراد متبرع على اشكال ، أقربه ذلك إن استدعى مجانا ).

لا ريب أن موضع الاشكال ما إذا استدعى الرد ولم يشترط اجرة ولا عدمها ، فالاستدعاء مجانا خارج عن محل النزاع ، إلا أن مفهوم الشرط يدل على الاستحقاق في محل النزاع.

ومنشأ الاشكال : من أصالة براءة الذمة ، ولم يحصل التزام للأجرة ، ولا ما يدل عليه ، إذ طلب الرد أعم من كونه بأجرة ومجانا. ومن أن العمل صدر بالاذن ، والفرض أن لمثله اجرة فتجب. ولا خفاء أن الدليل لا ينهض على الوجوب ، لأن نهايته أن يكون قد صرف مال نفسه في مصالح غيره بإذن الغير ، وهذا لا يستوجب ضمان الغير.

ويقوى في النفس انه إن دلت العادة على الأجرة في مثل هذا الفعل حمل الإطلاق عليه ، وإلا فلا ، وقد سبق مثله في الضمان بالاذن مع عدم اشتراط الرجوع.

قوله : ( ولو جعل الفعل فصدر عن جماعة تشاركوا فيه ).

إذا كانت الصيغة صالحة لهم.

١٩٩

المسمى ، وللآخر بنسبة عمله من اجرة المثل.

ولو عين لواحد فتبرع آخر فللمعين النصف ولا شي‌ء للمتبرع ، ولو قصد الثاني إعانة العامل فللعامل الجميع ، ولو قصد اجرة لنفسه فهو متبرع.

ولو جعل للرد من مسافة فرد من بعضها فله من الجعل بنسبة المسافة ، ولو رد من أبعد لم يستحق أزيد بل المسمى إن دخل الأقل دون ضد الجهة على الأقوى ، ولو لم يجده في المعين فإشكال.

______________________________________________________

قوله : ( ولو قصد اجرة لنفسه فهو متبرع ).

لأن عمله صدر بغير اذن.

قوله : ( بل المسمى إن دخل الأقل ).

أي : إن دخل الأقل الذي هو المجعول عليه في المأتي به ، لأنه قد أتى بمتعلق الجعل مع زيادة ، فلو قال : من رد عبدي من الحلة فله كذا ، فرده من بغداد بحيث جعل الحلة طريقه فله الجعل ، وإلا فلا ، لكون المأتي به غير مجعول عليه.

قوله : ( دون ضد الجهة على الأقوى ).

وجه القوة : إنه غير مأذون بالنسبة الى هذه الجهة ، فيكون متبرعا ، ويحتمل ضعيفا وجوب اجرة المثل ، للأمر بالرد في الجملة. ويضعف بأن الأمر كذلك لا يقتضي كون الرد من ضد الجهة مأذونا فيه ، والأصح عدم الاستحقاق.

قوله : ( ولو لم يجده في المعين فإشكال ).

ينشأ : من انتفاء المجعول عليه ، ومن الأمر بالرد في الجملة فيستحق اجرة المثل ، وهو ضعيف ، والأصح أنه لا شي‌ء له.

٢٠٠