جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ٣

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي

جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ٣

المؤلف:

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٩

فإن عاد ففي قبوله قولان ، فإن أصر فقتل قيل : لا يملك أطفاله للاستصحاب.

ولو فعل الذمي السائغ عندهم خاصة لم يتعرض ، إلاّ أن يتجاهر فيعمل معه بمقتضى شرع الإسلام ، ولو فعل ما ليس بسائغ عندهم أيضا فالحكم فيه كالمسلم ، وللحاكم دفعه الى أهل ملته ليقيموا عليه الحد بمقتضى شرعهم.

ولا يصح للكافر شراء المصحف وإن كان ذميا ، والأقرب كراهية كتب الأحاديث.

______________________________________________________

وهذا هو الأصح.

قوله : ( فان عاد ففي قبوله قولان ).

أي : إن عاد إلى دينه الذي كان عليه ، والأصح أنه لا يقبل ، لأنه قد خوطب بالإسلام ، وتحتم عليه ، وزال ما كان ثابتا له بمفارقة دينه الأول.

قوله : ( فإن أصرّ فقتل قيل : لا يملك أطفاله للاستصحاب ) (١).

أي : فان أصر على ترك الإسلام وقد خوطب به ، وهذا من المصنف ، إما بناء على الترجيح لعدم القبول ، وإما على التنزيل ، والأصح أنهم لا يملكون.

قوله : ( فيعمل معه بمقتضى شرع الإسلام ).

أي : يتحتم ذلك لئلا يتعطل حق الله.

قوله : ( ولا يصح للكافر شراء المصحف وإن كان ذميا ).

لأنه لا يؤمن على كتاب الله وكلامه العزيز ، ولمنافاته التعظيم.

قوله : ( والأقرب كراهية كتب الأحاديث ).

للأصل ولأنّ تعظيمها لا يبلغ مرتبة تعظيم كلام الله ، وإن كان الحكم بالتحريم ، وبطلان البيع ، طريقا إلى الاحتياط.

__________________

(١) قاله فخر المحققين في إيضاح الفوائد ١ : ٣٩٦.

٤٨١

ولا تصح وصيته ببناء بيعة ، أو كنيسة ، أو بصرف شي‌ء في كتابة التوراة والإنجيل ، ولو أوصى للراهب جاز.

ومانع الزكاة مستحلا مرتد ، وغيره يقاتل حتى يدفعها.

المطلب الخامس : في أحكام البغاة : كل من خرج على إمام عادل فهو باغ ، ويجب قتاله على كل من يستنفره الإمام ، أو من نصبه عموما‌

______________________________________________________

قوله : ( ولا تصح وصيته ببناء بيعة أو كنيسة ).

إلا أن يجعلها منزلا للمارة من أهل الذمة خاصة (١) ، لأنّ ذلك لا يعد معصية ، بخلاف ما لو أراد منها المقصود الأصلي ، وهو كونها بيتا لعبادتهم الفاسدة.

وفي حواشي شيخنا الشهيد : إنّ هذا ليس على إطلاقه ، بل هو في موضع ليس لهم الاستحداث. وليس بشي‌ء ، لأنه وإن ثبت لهم جواز الاستحداث ليس لنا تنفيذ هذه الوصية ( لأنها وصية ) (٢) في أمر محرّم. نعم ، ليس لنا أن نتعرض لهم ما لم يترافعوا إلينا ، ولو أرادوا إنفاذها بالبناء في موضع ليس لهم ذلك منعناهم من البناء خاصة.

وهكذا لو أوصى أحدهم في شراء الخمر والخنزير ، أو أوصى بالوقف عليهما ، فإنهم ما لم يترافعوا إلينا ، أو يتظاهروا بالمنكر لا نتعرض لهم.

قوله : ( أو بصرف شي‌ء في كتابة التوراة والإنجيل ).

لأنهما محرفان مع نسخهما ، فهما باطلان لا يجوز لنا تنفيذ الوصية بكتابهما.

قوله : ( ولو أوصى للراهب جاز ).

ولنا أن ننفذه ، لأنه ليس وصية في محرم.

قوله : ( ومانع الزكاة ... ).

قيل : إنه انتقال إلى حكم الزكاة بغير علاقة.

قوله : ( كل من خرج على إمام عادل ).

__________________

(١) في « س » : من أهل الذمة والمسلمين ، أو من أهل الذمة خاصة.

(٢) لم ترد في « ن » و « ه‍ ».

٤٨٢

أو خصوصا على الكفاية ، فمن امتنع فعل كبيرة إن عينه الإمام ، أو لم يقم به من فيه كفاية.

والفرار هنا كالفرار في حرب المشركين ، بل يجب الثبات لهم الى أن يفيئوا أو يقتلوا ، وهم قسمان :

من له فئة يرجع إليها ، فيجوز أن يجهز على جريحهم ويتبع على مدبرهم ويقتل أسيرهم.

ومن لا فئة له ، فلا يتبع لهم مدبر ، ولا يقتل لهم أسير ، ولا يجهز على جريحهم ، ولا تسبى ذراري الفريقين ولا نساؤهم ، ولا تملك أموالهم الغائبة وإن كانت مما ينقل ويحوّل.

______________________________________________________

ظاهر العبارة يقتضي اعتبار خروجه بالسيف ، لأنه المتبادر من قوله : ( خرج على إمام عادل ). وهي بعمومها تتناول الآحاد ، وما فوقهم.

واعتبر الشيخ (١) ، وابن إدريس كثرتهم بحيث يكونون في منعة (٢). وقوى المصنف في المنتهى الأول حتى لو كان واحدا ، كما في عبد الرحمن بن ملجم عليه اللعنة (٣). واعتبروا خروجهم عن قبضة الامام وأحكامه ، وانفرادهم عنه ببلد أو بادية ، وفي التأليف بينه وبين اختيار المنتهى تأمل.

واعتبروا ـ أيضا ـ أن يكون لهم تأويل سائغ عندهم ، وإلا فهم قطاع الطريق ، وإنما يقاتلون بعد سؤالهم ، وحل شبههم إن كانت (٤).

قوله : ( على الكفاية ).

أي : يجب قتاله على كل من يستنفره الامام على الكفاية.

__________________

(١) المبسوط ٧ : ٢٦٤.

(٢) السرائر : ١٥٨.

(٣) المنتهى ٢ : ٩٨٣.

(٤) جملة : « وإنما » إلخ لم ترد في « س » و « ه‍ ».

٤٨٣

وفي قسمة ما حواه العسكر بين الغانمين قولان ، أقربهما المنع.

وعلى الجواز يقسم للراجل سهم ، وللفارس سهمان ، ولذي الأفراس ثلاثة.

وساب الإمام العادل يقتل ، وإذا عاون الذمي البغاة خرق الذمة ، وللإمام الاستعانة بأهل الذمة في قتل البغاة.

ولو أتلف الباغي مال عادل ، أو نفسه حال الحرب ضمن.

ولو فعل ما يوجب حدا ، واعتصم بدار الحرب أقيم عليه مع الظفر.

المقصد الخامس : في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

ولا خلاف في وجوبهما مع وجوب المعروف ، وإنما الخلاف في مقامين :

______________________________________________________

قوله : ( وفي قسمة ما حواه العسكر بين الغانمين قولان : أقربهما المنع ).

بل الأصح الجواز ، وهو الأشهر بين الأصحاب ، واختاره المصنف في المختلف (١).

قوله : ( ولو أتلف الباغي مال عادل ... ).

أي : شخص متابع للإمام العادل ولو كان ذميّا.

قوله : ( وإنما الخلاف في مقامين ... ).

لا دلالة لقوله تعالى ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ ، وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ ) (٢) الآية ، لأنّ إيجابه على بعض لا ينافي إيجابه على البعض الآخر بدليل آخر.

وسره أنّ الامتثال أمر واحد ، فربما كفى فيه البعض ، على أنه لو كان كفائيا لم يجب على امة ، ويكفي فيه ما دون ذلك ، مع أنّ الوجوب الكفائي يتعلق‌

__________________

(١) المختلف : ٣٣٧.

(٢) آل عمران : ١٠٤.

٤٨٤

أحدهما : أنهما واجبان على الكفاية ، أو على الأعيان.

والثاني : أنهما واجبان عقلا أو سمعا. والأول في المقامين أقوى.

ثم الأمر بالمعروف ينقسم بانقسام متعلقة الى واجب ، وندب باعتبار وجوب متعلقة وندبيته. ولما لم يقع المنكر إلاّ على وجه القبح كان النهي عنه كله واجبا.

______________________________________________________

بجميع المكلفين. والفرق بينه وبين العيني ، أنّ الثاني يتعلق بالمكلفين نظرا إلى خصوص كل واحد ، والأول يتعلق بهم لا باعتبار عينهم ، بل باعتبار وجوب إيجاد الماهية ، ولا أولوية.

قوله : ( والأول في المقامين أقوى ).

بل الأصح أنّ الوجوب عيني لظاهر( وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ ) (١) وغير ذلك ، ولا محذور ، لأنّ الواجب على الجميع المبادرة إلى الأمر والنهي ، ولا يكفي بعض عن بعض ، فلو تخلف بعض كان آثما وإن حصل المطلوب بالبعض الآخر ، ولا كذلك الوجوب الكفائي ، وليس المراد أنه بعد التأثير يبقى وجوب الأمر والنهي على الباقين.

وأما أنّ الوجوب عقلي ، نظرا إلى كونه لطفا ، فإن أريد في كل معروف فمشكل والظاهر خلافه ، وإن أريد في بعض أفراد المعروف والمنكر فمسلّم ، إلا أنّ الظاهر أن المبحوث عنه في المسألة خلافه ، ولعل الأظهر أنّ الوجوب سمعي.

قوله : ( ولمّا لم يقع المنكر إلا على وجه القبح ، كان النهي عنه واجبا ).

خالف بعضهم في ذلك ، فجعل المنكر قسمين : الحرام والمكروه (٢) ، وهو خلاف المتبادر من المنكر ، فما ذكره المصنف أوجه.

__________________

(١) الأعراف : ١٩٩.

(٢) منهم : ابن حمزة في الوسيلة : ٢٣٢.

٤٨٥

وإنما يجبان بشروط أربعة :

أ : علم الآمر والناهي بوجه الفعل ، لئلا يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف.

ب : تجويز التأثير ، فلو عرف عدم المطاوعة سقط.

______________________________________________________

قوله : ( وإنما يجبان بشروط أربعة ).

مقتضاه : أنّ الوجوب مشروط بجميع هذه الأمور ، وفي اشتراطه بالأول نظر ، فانّ من علم أن زيدا قد صدر منه منكر ، وترك معروفا في الجملة بنحو شهادة عدلين ، ولا يعلم المعروف والمنكر ، يتعلق به وجوب الأمر والنهي ، ويجب تعلم ما يصح معه الأمر والنهي ، كما يتعلق بالمحدث وجوب الصلاة ، ويجب عليه تحصيل شروطها.

والأصل في ذلك أنه لا دليل يدل على اشتراط الوجوب بهذا الأمر الواقع ، بخلاف غيره ، وتقييد الأمر المطلق بشي‌ء ليصير الواجب مشروطا بالنسبة إلى ذلك الشي‌ء يتوقف على الدليل.

قوله : ( فلو عرف عدم المطاوعة سقط ).

يشكل إذا جعلنا أدنى مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اعتقاد وجوب المتروك وتحريم المفعول ، فانّ هذا لا يعقل سقوطه بمعرفة عدم المطاوعة.

والذي يقتضيه التحقيق هو أن يقال : إنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يعقل كونه بالقلب وحده ، إذ لا يعد ذلك أمرا ولا نهيا ، لا لغة ولا عرفا ، إذ لا يعد من اعتقد ذلك آمرا ولا ناهيا ، فوجوبه من هذا الباب لا يتجه ، وإنما هو اعتقاد ذلك بالقلب من توابع الإيمان بجميع ما جاء به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلا بد من اعتبار أمر آخر في المرتبة الأولى بضميمته يعد في الأمر والنهي ، وهو إظهار عدم الرضى بضرب من الإعراض ، وإظهار الكراهة أو الهجران.

واعلم أنه يكفي في معرفة عدم المطاوعة الظن الغالب ، كما صرح به‌

٤٨٦

ج : إصرار المأمور ، والمنهي على ما يستحق بسببه أحدهما ، فلو ظهر الإقلاع سقط.

د : انتفاء المفسدة عن الآمر والناهي ، فلو ظن ضررا في نفسه ، أو ماله ، أو بعض المؤمنين سقط الوجوب.

فيجبان بالقلب مطلقا ، وأقله اعتقاد وجوب ما تركه ، وتحريم ما يفعله ، وعدم الرضى به.

______________________________________________________

المصنف في التذكرة (١) والمنتهى (٢) ، ولا بعد في ذلك ، فإنّ إطلاق المعرفة على ما غلب عليه الظن أمر شائع في الشرعيات.

قوله : ( ويجبان بالقلب مطلقا ).

أي : غير مقيد الوجوب بتجويز التأثير وانتفاء المفسدة وعدمهما (٣). ويرد عليه منافاته لقوله : ( فلو عرف عدم المطاوعة سقط ) ، لأنّ معناه : سقط كل من الأمر والنهي ( لانتفاء ) (٤) فائدتهما ، إلاّ أن يتكلف متكلف تقييد السقوط بما عدا المرتبة الأولى ، أو كون الإطلاق في مقابل اشتراط الإضرار ، وانتفاء المفسدة خاصة.

وفيه من التكلف ما لا يخفى ، مع أنه غير صحيح ، لأنّ الاعتقاد لا يسقط بعدم ( تجويز ) (٥) التأثير للأمر والنهي وهو ظاهر. والصحيح ما قدمناه من اعتبار شي‌ء زائد ليصدق الأمر والنهي ، والأوجه أن يسقط قوله : ( ويجبان بالقلب ) فلا يبقى في العبارة كلام.

قوله : ( وعدم الرضى به ).

ينبغي تنزيله على إرادة إظهار عدم الرضى ، ليتحقق ما قلناه من اعتبار‌

__________________

(١) التذكرة ١ : ٤٥٨.

(٢) المنتهى ٢ : ٩٩٣.

(٣) في « س » : وعدمها.

(٤) لم ترد في « ن » و « ه‍ ».

(٥) لم ترد في « ن » و « ه‍ ».

٤٨٧

وكما لو علم الطاعة بضرب من الاعراض ، وإظهار الكراهية ، أو الهجران فيجب.

وباللسان بأن يعرف عدم الاكتفاء بذلك فيأمره نطقا ، وينهاه كذلك بالأيسر من القول فالأيسر متدرجا ، مع عدم القبول إلى الأخشن منه.

وباليد مع الحاجة بنوع من الضرب والإهانة ، فلو افتقر الى الجراح ، أو القتل ففي الوجوب مطلقا أو بإذن الإمام قولان.

وأما إقامة الحدود فإنها الى الإمام خاصة ، أو من يأذن له ، ولفقهاء الشيعة في حال الغيبة ذلك.

______________________________________________________

أمر زائد على الاعتقاد القلبي.

قوله : ( كما لو علم المطاوعة بضرب من الاعراض ).

هذا مثال للمرتبة الأولى ، التي هي أقل الأمر والنهي ، المشروطة بإظهار عدم الرضى كما حققناه.

قوله : ( فلو افتقر إلى الجراح ، أو القتل ففي الوجوب مطلقا ، أو بإذن الإمام قولان ).

أحدهما قول السيد : لا يشترط إذن الامام (١) ، وقواه المصنف في المنتهى (٢) لأنّ الجرح والقتل غير مقصودين ، إنما المقصود الائتمار والانزجار ، وهما غير مشروطين لوجوبهما على جميع المكلفين. وإذا لم يكن الواجب مشروطا ، فكذا ما يتوقف عليه أما القتل والجرح المقصودين بذاتهما ، لا لتوقف شي‌ء آخر عليهما ، فيشترطان قطعا ، وتوجه هذا الكلام ظاهر.

والثاني : الاشتراط لما يخشى من ثوران الفتنة وهو الأصح ، فعلى هذا هل‌

__________________

(١) ذهب الى الأول السيد المرتضى كما نقله عنه الشيخ في الاقتصاد : ١٥٠ ، ونقله أيضا في الإيضاح ١ : ٣٩٨ ، وذهب اليه ابن إدريس في السرائر. وذهب الى الثاني الشيخ في النهاية : ٣٠٠ ، والاقتصاد : ١٥٠ ، وابن البراج في المهذب ١ : ٣٤١ ، وسلار في المراسم : ٢٦٠.

(٢) المنتهى ٢ : ٩٩٣.

٤٨٨

وللمولى في حال الغيبة إقامة الحد على مملوكه ، وفي إقامته على ولده وزوجته قول بالجواز.

ولو ولي من قبل الجائر ، عالما بتمكنه من وضع الأشياء في مظانها ، ففي جواز إقامة الحد بنية أنه نائب عن سلطان الحق نظر ، فإن ألزمه السلطان بها جاز ما لم يكن قتلا ظلما فلا تقية وإن بلغ حد تلف نفسه.

______________________________________________________

يجوز للفقيه الجامع للشرائط أن يتولاه في زمان الغيبة؟ ينبغي بناؤه على جواز إقامة الحدود.

قوله : ( وللمولى في حال الغيبة إقامة الحد على مملوكه ).

ذكر أصحابنا : أنه قد ورد في ذلك رخص ، وإطلاقهم يقتضي عدم اشتراط اتصاف المولى بصفات الحاكم ، وهو قول الأكثر ، بل كاد يكون إجماعا. وعلى ما ذكرناه من الإطلاق فإنما يجوز له ذلك حيث لا يحتاج إلى إثبات الموجب بالبينة ، لأن ذلك إنما يتولاه الحاكم ، ولا بأس بالقول بذلك.

قوله : ( وفي إقامته على ولده وزوجته قول بالجواز ).

عبارتهم في ذلك مطلقة أيضا ، ومقتضاه عدم اشتراط أهلية الحكم ، ويلوح من عبارة المختلف الاشتراط في الجميع حتى في العبد (١) ، وعلى هذا فيكون استثناء هذه من عموم المنع من إقامة الحدود.

والأصح : أنه لا يجوز إقامة الحد على الولد والزوجة إلا مع الأهلية ، وأما المملوك فان الحكم فيه كاد يكون إجماعيا ، وقد ذكروا استفاضة النقل في الترخيص فيه ، وما هذا شأنه فتقييده لا يكون إلاّ بدليل.

قوله : ( ولو ولي من قبل الجائز عالما بتمكّنه من وضع الأشياء في مظانها ، ففي جواز إقامة الحدّ له بنيّة أنه نائب عن سلطان الحق نظر ).

ظاهر عبارة الكتاب : أنّ هذا الحكم فيمن ليس بصفات الحكم ، لأنه قد‌

__________________

(١) المختلف : ٣٣٩.

٤٨٩

وللفقهاء الحكم بين الناس مع الأمن من الظالمين ، وقسمة الزكوات والأخماس ، والإفتاء بشرط استجماعهم لصفات المفتي ، وهي : الايمان ، والعدالة ، ومعرفة الأحكام بالدليل ، والقدرة على استنباط المتجددات من الفروع من أصولها.

ويفتقر في معرفة الأحكام الى معرفة الآيات المتعلقة بالشرع ، وهي نحو من خمسمائة آية ، والى ما يتعلق بالأحكام من الأحاديث ، ومعرفة الرواة ، وأقاويل الفقهاء لئلا يخرج عن الإجماع ، ومعرفة أصول الفقه والكلام ، وشرائط البرهان ، وما يتعلق بالأخبار من النحو واللغة والتصريف.

ولا يشترط حفظ الآيات والأحاديث ، بل قدرته على الرجوع إليها من مظانها ، والإخلاد إلى أصل مصحح ، وروايتها عن عدل بإسناد متصل كذلك الى إمام.

ويجب على الناس مساعدتهم ، والترافع إليهم في الأحكام ، فمن امتنع على خصمه وأثر المضي إلى حكام الجور كان مأثوما. ولا يحل لفاقد الشرائط أو‌

______________________________________________________

جزم بأن للفقهاء في حال الغيبة إقامة الحدود ، فلو اعتبر صفات الحكم هنا لم يكن للنظر وجه. وقد استدل له : بأنه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وليس بواضح ، لأن الحكم والإفتاء واقامة الحدود باب منفرد عن باب الأمر والنهي ، وقد سبق في الأمر والنهي ما ينبه على ذلك ، والأصح : أنه إنما يجوز إذا كان بصفات الحكم.

قوله : ( ومعرفة الأحكام بالدليل ).

إن أراد به : معرفتها بالفعل منعناه ، فان ذلك غير شرط في تحقق الاجتهاد ، وإن أراد : بالقوة القريبة من الفعل أغنى عنه اشتراط قدرته ( على استنباط المتجددات من الفروع من أصولها ) والجار الأول : متعلق بالمتجددات ، والثاني : بـ ( استنباط ).

٤٩٠

بعضها الحكم ولا الإفتاء ، ولا ينفذ حكمه ، ولا يكفيه فتوى العلماء ، ولا تقليد المتقدمين ، فان الميت لا قول له وان كان مجتهدا.

ولا يقدح في العدالة ولاية القضاء من قبل الظالمين بالإكراه.

ويعتمد الحق ما أمكن ، فإن أكره على الحكم بمذاهب أهل الخلاف جاز ، ما لم يبلغ قتلا ظلما فلا يجوز ارتكابه وإن خاف التلف.

______________________________________________________

قوله : ( ولا الإفتاء ).

أي : مسندا ذلك إلى نفسه ، فأما إذا حكاه عن المجتهد فإنه صحيح ، ويجوز التمسك به ، ولا تعدّ الحكاية فتوى.

قوله : ( ولا ينفذ حكمه ).

أي : لا يعتدّ به ، فلا يمنع من تأثير رجوع الشاهد ، ولا من نقضه بالاجتهاد ، وإن كان ما حكم به حقا ، لأنه لا أثر لعبارته.

قوله : ( فان الميت لا قول له وإن كان مجتهدا ).

مما يدل على ذلك : أنّ الإجماع لا ينعقد مع خلافه حيّا ، وينعقد بعد موته ، ولا يعتد حينئذ بخلافه.

قوله : ( فلا يجوز ارتكابه وإن خاف التلف ).

ظاهره المنع وإن خاف القتل بطريق أشد.

٤٩١

فهرس الموضوعات

الموضوع

الصفحة

كتاب الزكاة

الشرائط العامة لوجوب الزكاة ............................................................... ٥

الشرائط الخاصة لوجوب زكاة الأنعام ...................................................... ١٠

الشرائط الخاصة لوجوب زكاة الغلات ..................................................... ١٢

الشرائط الخاصة لوجوب زكاة النقدين ..................................................... ١٣

نصب زكاة الأنعام ......................................................................... ١٤

حكم الأشناق .............................................................................. ١٦

الصفات التي يجب توفرها في الفريضة ....................................................... ١٦

نصب زكاة النقدين ........................................................................ ١٨

نصيب زكاة الغلات ....................................................................... ٢٠

أحكام زكاة الغلات ....................................................................... ٢٢

استحباب الزكاة في مال التجارة ............................................................ ٢٥

استحباب الزكاة في الخيل ، والعقار المتخذ للنماء ........................................... ٢٩

المستحقون للزكاة : الفقراء ، والمساكين ................................................... ٣٠

: العاملون عليها ، والمؤلفة قلوبهم ، وفي الرقاب ........................................... ٣١

: الغارمون ............................................................................. ٣٢

: في سبيل الله ، وابن السبيل ............................................................. ٣٣

ما يشترط توفره في المستحقين للزكاة ...................................................... ٣٣

٤٩٢

وقت اخراج الزكاة ........................................................................ ٣٤

أحكام المخرج ............................................................................. ٣٧

حكم النية في اخراج الزكاة ................................................................ ٣٨

أقل ما يعطى الفقير من الزكاة .............................................................. ٤٠

حكم اجره الكيال والوزان ................................................................. ٤١

زكاة الفطرة : من تجب عليه ومن لا تجب .................................................. ٤٢

: وقت وجوبها ......................................................................... ٤٦

: ما يجب فيها .......................................................................... ٤٨

الخمس : الأشياء التي يجب فيها الخمس ..................................................... ٥٠

: شرائط وجوبه ......................................................................... ٥٢

: المستحقون له .......................................................................... ٥٣

: حكم الأنفال ............................................................................. ٥٥

كتاب الصوم نية الصوم .................................................................... ٥٧

ما يجب الامساك عنه ....................................................................... ٦٢

ما يوجب الافطار ومالا يوجب ............................................................ ٦٤

ما يوجب القضاء أو الكفارة ............................................................... ٦٩

استحباب الامساك للمفطر تشبها بالصائمين ................................................ ٧٤

استحباب الامساك للمسافر والمريض والحائض والنفساء تشبهاً بالصائمين .................. ٧٥

كفارة الافطار .............................................................................. ٧٥

أحكام الفدية ............................................................................... ٧٦

وقت الامساك وشرائطه .................................................................... ٨١

استحباب تمرين الصبي والصبية بالصوم ...................................................... ٨٤

أقسام الصوم ............................................................................... ٨٥

حكم ما لو قيد ناذر الدهر بالسفر .......................................................... ٨٧

أقسام الصوم الواجب ...................................................................... ٨٩

كيفية العلم بدخول شهر رمضان ........................................................... ٩٢

٤٩٣

الاعتكاف : تعريفه ........................................................................ ٩٤

: شرائطه ................................................................................ ٩٥

: أحكامه .............................................................................. ١٠٠

: نذر الاعتكاف ....................................................................... ١٠٣

كتاب الحج تعريف الحج لغة وشرعا ..................................................... ١٠٨

شرائط وجوب الحج ..................................................................... ١٠٩

أنواع الحج : التمتع ...................................................................... ١١٠

: القران ............................................................................... ١١١

: الافراد ............................................................................... ١١١

شرائط أنواع الحج : شروط التمتع ....................................................... ١١٢

: شروط الافراد ...................................................................... ١١٤

: شروط القران ...................................................................... ١١٤

تفصيل شرائط الحج : البلوغ والعقل ..................................................... ١١٩

: الحرية .............................................................................. ١٢٢

: الاستطاعة .......................................................................... ١٢٦

: امكان المسير ....................................................................... ١٣١

حكم ما لو اجتمعت شرائط الحج في شخص فأهمل ....................................... ١٣٦

حكم ما لو مات الحاج بعد الاحرام ودخول الحرم ....................................... ١٣٦

حكم ما لو ارتد الحاج بعد احرامه ....................................................... ١٣٧

اشتراط اذن الزوج والمولى في حج العبد والمرأة ............................................ ١٣٨

شرائط الحج المنذور وشبهه ............................................................... ١٣٨

شرائط النيابة ............................................................................. ١٤١

مسائل تتعلق بأحكام النيابة .............................................................. ١٤٧

أفعال المتمتع : الاحرام

: تعيين المواقيت ................................................................ ١٥٧

: مقدمات الاحرام .............................................................. ١٦٣

: كيفية الاحرام ................................................................. ١٦٥

٤٩٤

: ما يستحب فيه وما يكره ...................................................... ١٦٩

: أحكام الاحرام ................................................................ ١٧١

: تروك الاحرام ................................................................. ١٧٥

: الطواف

: واجباته ....................................................................... ١٨٧

: سننه .......................................................................... ١٩٧

: أحكامه ....................................................................... ٢٠١

: السعي : أفعاله ...................................................................... ٢٠٥

: أحكامه ....................................................................... ٢٠٨

: التقصير ............................................................................ ٢١٠

: احرام الحج : وقته ومحله ............................................................. ٢١٤

: كيفيته ........................................................................ ٢١٦

: أحكامه ....................................................................... ٢١٨

: نزول منى ........................................................................... ٢١٩

: الوقوف بعرفة : الوقت والمحل ........................................................ ٢٢٠

: الكيفية ........................................................................ ٢٢٢

: الاحكام ...................................................................... ٢٢٣

: الوقوف بالمشعر : الوقت والمحل ...................................................... ٢٢٤

: الكيفية ........................................................................ ٢٢٥

: الاحكام ...................................................................... ٢٢٨

: مناسك منى : رمي الجمار ........................................................... ٢٣٢

: الذبح : أصناف الدماء ........................................................ ٢٣٦

: صفات الهدي وكيفية الذبح ................................................ ٢٤٠

: هدي القران والأضحية ..................................................... ٢٤٥

: مكان إراقة الدماء وزمانه ................................................... ٢٥٣

: الحلق والتقصير ................................................................ ٢٥٥

: باقي المناسك : طواف الزيارة ................................................. ٢٦١

: العود إلى منى ............................................................... ٢٦٢

: الرجوع إلى مكة ........................................................... ٢٧٠

٤٩٥

: المصلى إلى المدينة ........................................................... ٢٧٣

حكم من التجأ إلى الحرم وعليه حد أو تعزير ............................................. ٢٧٨

أقسام العمرة وأحكامها .................................................................. ٢٧٩

معنى الصد وأحكامه ...................................................................... ٢٨٣

معنى الحصر وأحكامه ..................................................................... ٢٩٥

كفارات الاحرام عدم وجوب الكفارة في قتل السباع ..................................... ٣٠١

جواز قتل البرغوث ورمي الحدأة .......................................................... ٣٠٢

جواز شراء القماري والدباسي واخراجها من مكة للمحل فقط ........................... ٣٠٣

حرمة قتل القماري والدباسي واكلها ..................................................... ٣٠٣

كفارة قتل الزنبور ........................................................................ ٣٠٤

كفارة قتل النعامة ........................................................................ ٣٠٤

كفارة قتل بقرة الوحش وحماره .......................................................... ٣٠٦

كفارة قتل الثعلب والأرنب ............................................................... ٣٠٧

كفارة كسر بيض النعام .................................................................. ٣٠٧

كفارة كسر بيض القطاة والقبج والدراج ................................................. ٣٠٨

وجوب درهم على المحل إذا قتل شاة في الحرم ............................................. ٣١٠

كفارة قتل القطاة أو الحجل أو الدراج .................................................... ٣١١

كفارة قتل القنفذ أو الضب أو اليربوع .................................................... ٣١٢

كفارة قتل العصفور أو القبرة أو الصعوة .................................................. ٣١٣

كفارة قتل الجرادة ورمي القملة ........................................................... ٣١٣

إجزاء الصغير والمعيب عن مثله ............................................................ ٣١٤

استواء الحمام الأهلي والحرمي في القيمة .................................................. ٣١٤

حكم ما لو ضرب المحرم الحيوان وهو حامل فسقط حمله .................................. ٣١٥

حكم ما لو ضرب المحرم ظيباً فنقصت قيمته .............................................. ٣١٦

حكم ما لو قتل المحرم ما لا تقدير لفديته .................................................. ٣١٧

الوقت الذي يقوم فيه الجزاء .............................................................. ٣١٨

حكم ما لو فقد العاجز عن البدنة البر دون قيمته .......................................... ٣١٩

يتحقق الضمان ب‍ : المباشرة ............................................................... ٣٢١

: التسبيب ............................................................................ ٣٢٦

٤٩٦

: اليد ................................................................................ ٣٣٣

الحكم صيد المحل في الحرم ................................................................. ٣٣٦

كراهية صيد ما بين البريد والحرم ......................................................... ٣٣٧

حكم ما لو رمى المحل من الحل صيداً في الحرم فقتله ، أو بالعكس ......................... ٣٣٨

حكم ما لو نتف المحرم ريشة من حمام الحرم .............................................. ٣٣٩

حكم فداء الحيوان المملوك ................................................................ ٣٤٠

تكرار الكفارة بتكرر القتل ............................................................... ٣٤٣

حكم ما لو اشترى محل بيض نعام لمحرم فأكله ............................................ ٣٤٤

حكم ما لو جامع المحرم زوجته عامداً عالماً ................................................ ٣٤٦

حكم ما لو استمنى المحرم ................................................................. ٣٤٦

حكم ما لو أكره المحرم زوجته المحرمة على الجماع ........................................ ٣٤٩

حكم ما لو جامع في احرام العمرة المفردة عامداً عالما ..................................... ٣٥٠

فيما لو قبل المحرم زوجته بغير شهوة ...................................................... ٣٥١

فيما لو عقد المحرم لمثله على امرأة فدخل بها ............................................... ٣٥١

كفارة لبس المخيط ....................................................................... ٣٥٢

كفارة استعمال الطيب ................................................................... ٣٥٣

كفارة تقليم الأظافر ...................................................................... ٣٥٤

كفارة حلق الشعر ........................................................................ ٣٥٦

كفارة نتف الإبطين وتغطية الرأس ........................................................ ٣٥٧

كفارة الجدال ثلاث مرات ................................................................ ٣٥٨

كفارة قلع الشجرة الكبيرة أو ابعاضها ................................................... ذ ٣٥٩

كفارة قلع الضرس ........................................................................ ٣٦١

عدم وجوب الكفارة على الجاهل والناسي إلا الصيد ...................................... ٣٦١

تعدد الكفارة بتعدد الأسباب ............................................................. ٣٦٢

كراهية القعود عند العطار المباشر للطيب .................................................. ٣٦٣

حكم ما لو توشح بالمخيط ............................................................... ٣٦٤

كتاب الجهاد تعريف الجهاد لغة وشرعا ................................................... ٣٦٥

الحالات التي يكون فيها الجهاد واجباً كفائيا .............................................. ٣٦٥

من يجب عليه الجهاد ، ومن لا يجب ...................................................... ٣٦٨

٤٩٧

يشترط في الجهاد حضور الامام أو نائبه .................................................. ٣٧٠

الحالات التي يكون الجهاد فيها واجباً عينيا ............................................... ٣٧٠

يستحب للعاجز الموسر أن يستأجر الفقير القادر .......................................... ٣٧٢

حكم ما لو زال العذر المسقط للجهاد بعد الشروع في القتال .............................. ٣٧٣

حكم الإقامة في بلاد الشرك .............................................................. ٣٧٤

معنى الرباط وأحكامه .................................................................... ٣٧٤

من يجب قتالهم ........................................................................... ٣٧٦

شرائط الذمة ............................................................................. ٣٧٧

كيفية القتال .............................................................................. ٣٨١

أحكام الاسترقاق ......................................................................... ٣٩٠

معنى الغنيمة واقسامها .................................................................... ٤٠٠

كيفية قسمة الغنائم ....................................................................... ٤١٣

السلب الذي يستحقه القاتل .............................................................. ٤٢٣

شرائط استحقاق القاتل السلب ........................................................... ٤٢٤

أحكام النفل .............................................................................. ٤٢٤

أركان الأمان : العاقد .................................................................... ٤٢٨

: المعقود ............................................................................. ٤٢٩

: العقد .............................................................................. ٤٢٩

: الوقت ............................................................................. ٤٣١

أحكام الأمان ............................................................................ ٤٣٢

عقد الجزية : المعقود له ................................................................... ٤٤١

: العاقد .............................................................................. ٤٥٠

: حكم العقد ......................................................................... ٤٥٩

: أحكام المهادنة ...................................................................... ٤٦٦

: أحكام البغاة ........................................................................ ٤٨٢

وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر كفائي وسمعي .................................. ٤٨٤

شروط وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ......................................... ٤٨٦

مراتب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ................................................. ٤٨٧

حكم إقامة الحد على العبد والزوجة والولد من قبل الوالد والزوج والمولى .................. ٤٨٨

حكم إقامة الحد من قبل من تولى القضاء من قبل الجائر ................................... ٤٨٩

يجب على المفتي معرفة الاحكام بالدليل ................................................... ٤٩٠

٤٩٨

لا يحل الافتاء لفاقد شرائط الافتاء ولا ينفذ حكمه ........................................ ٤٩١

فهرس الموضوعات ........................................................................ ٤٩٢

* * *

٤٩٩