جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ٣

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي

جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ٣

المؤلف:

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٩

المقصد الثالث : في كيفية القتال ، والنظر في تصرف الإمام فيهم بالقتال ، والاسترقاق ، والاغتنام : وفيه فصول :

الاول : في القتال :

وينبغي أن يبدأ بقتال الأقرب ، ثم القريب ، ثم البعيد ، ثم الأبعد. فإن كان الأبعد أشد خطرا قدم ، وكذا لو كان الأقرب مهادنا.

ومع ضعف المسلمين عن المقاومة يجب الصبر ، فإذا حصلت الكثرة المقاومة وجب النفور.

وإنما يجوز القتال بعد دعاء الإمام ، أو من يأمره إلى محاسن الإسلام ، إلاّ فيمن عرف الدعوة.

وإذا التقى الصفان لم يجز الفرار إذا كان المشركون ضعف المسلمين أو أقل ، إلاّ المتحرف لقتال كطالب السعة ، واستدبار الشمس ، وموارد المياه ، وتسوية لامة الحرب ، ونزع شي‌ء أو لبسه ،

______________________________________________________

قوله : ( وينبغي أن يبدأ بقتال الأقرب ثم القريب ).

لقوله تعالى ( قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفّارِ ) (١) وهو للوجوب فيكون قوله : ( ينبغي ) مرادا به الوجوب.

قوله : ( وكذا لو كان الأقرب مهادنا ).

أي : لا ضرر فيه.

قوله : ( إلى محاسن الإسلام ).

هي الشهادة ، والتزام أحكام الإسلام.

قوله : ( وتسوية لامة الحرب ).

هي بالهمزة : الدرع.

__________________

(١) التوبة : ١٢٣.

٣٨١

أو متحيّزا الى فئة يستنجد بها في القتال ، بشرط صلاحيتها للاستنجاد على اشكال ، قليلة كانت أو كثيرة ، قريبة أو بعيدة على اشكال.

فان بدا له عن القتال مع الفئة البعيدة فالوجه الجواز مع عدم التعيين.

______________________________________________________

قوله : ( أو متحيّزا إلى فئة يستنجد بها في القتال ).

ولو كان مراده أن ينجدها فعموم الآية (١) يتناوله ، والذي في كلام الأصحاب هو الاستنجاد.

قوله : ( بشرط صلاحيتها للاستنجاد على إشكال ).

المتبادر من اشتراط الصلاحية للاستنجاد أن لا يكونوا مرضى ، ولا زمنى ونحو ذلك ، فان كان هذا هو المراد ضعف الإشكال ، لأن من كان بهذه الحالة لا يعدّ فئة بحسب العادة ، وهو كسائر ما لا غناء عنده ، فجواز التحيّز إليه حينئذ بعيد جدّا.

ويمكن أن يراد بالصلاحية : كونهم بحيث يرجح حصول الظفر بهم عادة ، إلا أنه يبعد اشتراط ذلك أيضا ، فإن مطلق المدد كاف في جواز الاستنجاد. والظاهر أنه يجوز الاستنجاد بكل من يرجى منه دفاع ومدد مطلقا ، لإطلاق الآية ، ولا يتقيد الحكم بغير ذلك ، أما من لا يعدّ فئة بحسب العادة كالزمنى فلا يجوز التحيز إليه.

قوله : ( قريبة أو بعيدة على إشكال ).

إن بعدت عنه بحيث يخرج بالتحيز إليها عن كونه مقاتلا لم يجز ، وإلاّ جاز لإطلاق الآية.

قوله : ( فإن بدا له عن القتال مع الفئة البعيدة فالوجه الجواز مع عدم التعيين ... ).

أي : إذا أراد ترك القتال بعد الخروج إلى الفئة ، والانفصال عن الجيش‌

__________________

(١) الأنفال : ١٦.

٣٨٢

ولا يشارك فيما غنم بعد مفارقته ، ويشارك في السابق ، وكذا يشارك مع القريبة لعدم فوات الاستنجاد به.

ولو زاد الضعف على المسلمين جاز الهرب.

وفي جواز انهزام مائة بطل عن مائتي ضعيف وواحد نظر ، ينشأ : من صورة العدد ، والمعنى. والأقرب المنع إذ العدد معتبر مع تقارب‌

______________________________________________________

الذي كان فيه إلى آخره. والأصح عدم الجواز ، لانحصار الجواز في التحرف والتحيز لا في ترك القتال ، ولوجوب التحيز إليها ، باعتبار كونه أحد الأمرين الواجبين : من القتال مع الجيش ، والتحيز إلى الفئة ، والأصل بقاء الوجوب.

قوله : ( ولا يشارك فيما غنم بعد مفارقته ).

هذا إذا كانت الفئة التي تحيّز إليها بعيدة ، بدليل قوله : ( وكذا يشارك مع القريبة ) ، وبه صرح في التذكرة (١). وفي حاشية الشهيد : أن الفئة إن كانت من العسكر يشارك ، وإلا لم يجز التحيز إليها. وقد عرفت فيما تقدم أن البعد إن خرج به عن كونه مقاتلا منع التحيز ، وإلا فلا ، فيبني عليه ما هنا ، ويكون حينئذ مشاركا إذا جاز التحيّز مطلقا ، لأن جواز التحيز إليها منوط بصلاحيتها للاستنجاد ، ومنى خرجت بكثرة البعد عن الصلاحية لم يجز التحيز ، ومع بقاء الصلاحية هي كسرية الجيش.

قوله : ( وفي جواز انهزام مائة بطل عن مائتي ضعيف وواحد نظر ، ينشأ من صورة العدد والمعنى ).

لا نظر إلى المعنى مع وجود الدلائل الدالة على اعتبار العدد من غير تقييد ، والأصح جواز الانهزام حينئذ ، فيكون قوله : ( والأقرب المنع ) خلاف المفتي به ، وقوله : ( [ إذ ] (٢) العدد معتبر مع تقارب الأوصاف ) ، دعوى تقييد إطلاق النصوص بغير حجة معتبرة.

__________________

(١) التذكرة ١ : ٤١١.

(٢) في نسخ جامع المقاصد ( إن ) ، وما أثبتناه من نسخة القواعد ، وهو الصحيح.

٣٨٣

الأوصاف ، فيجوز هرب مائة ضعيف من المسلمين من مائة بطل مع ظن العجز على رأي. وكذا لو زاد الكفار عن الضعف وظن السلامة استحب الثبات.

ولو ظن العطب وجب الانصراف ، ولو انفرد اثنان بواحد من المسلمين لم يجب الثبات.

وتجب مواراة الشهيد دون الحربي ، فإن اشتبها فليوار من كان كميش الذكر.

ويجوز المحاربة بكل ما يرجى فيه الفتح ، كنصب المناجيق وإن كان فيهم نسوة وصبيان ، وهدم الحصون والبيوت ، والحصار ، ومنع‌

______________________________________________________

قوله : ( فيجوز هرب مائة ضعيف من المسلمين من مائة بطل مع ظن العجز على رأي ).

أي : إذا كان اعتبار العدد إنما هو مع تقارب الأوصاف يبنى عليه جواز ما ذكر ، وقد عرفت أن اعتبار ذلك منظور فيه ، ولكن يجوز الهرب هاهنا بدليل آخر وهو : قوله تعالى ( وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) (١) فيكون ما ذكره من التفريع غير واضح.

قوله : ( ولو انفرد اثنان بواحد من المسلمين لم يجب الثبات على رأي ).

الوجوب قوي ، للرواية (٢).

قوله : ( وتجب مواراة الشهيد دون الحربي ).

بل الكافر مطلقا ولو كان ذميا ، وكذا المؤلفة.

قوله : ( فإن اشتبها فليوار من كان كميش الذكر ).

أي : صغيره ، وهذا هو الأصح ، فيجوز النظر إلى العورة حينئذ.

__________________

(١) البقرة ٢ : ١٩٥.

(٢) الكافي ٥ : ٣٤ حديث ١ ، التهذيب ٧ : ١٧٤ حديث ٣٤٢.

٣٨٤

السابلة من الدخول والخروج.

ويكره بإرسال الماء ، وإضرام النار ، وقطع الأشجار إلاّ مع الضرورة ، وإلقاء السم على رأي.

تتمة : لا يجوز قتل المجانين ، ولا الصبيان ، ولا النساء منهم وإن أعنّ إلاّ مع الحاجة ، ولا الشيخ الفاني ولا الخنثى المشكل.

ويقتل الراهب والكبير إن كان ذا رأي أو قتال.

ولو تترسوا بالنساء ، أو الصبيان ، أو آحاد المسلمين جاز رمي الترس في حال القتال ، ولو كانوا يدفعون عن أنفسهم واحتمل الحال تركهم فالأقرب جواز رمي الترس غير المسلم.

______________________________________________________

قوله : ( وإلقاء السم على رأي ).

يحرم إن أمكن الفتح بدونه.

قوله : ( إلا مع الحاجة ).

لو أخر الاستثناء عن الشيخ والخنثى لكان أحسن.

قوله : ( والكبير إن كان ذا رأي أو قتال ).

هذا بمنزلة التقييد [ لقوله ] (١) : ( ولا الشيخ الفاني ) لأن كونه فانيا لا يخرجه عن كونه ذا رأي.

قوله : ( ولو كانوا يدفعون عن أنفسهم ).

أي : الكفار ، بأن يكون المسلمون قد قصدوهم ، بخلاف ما لو قصد الكفار المسلمين بالحرب.

قوله : ( واحتمل الحال تركهم ).

إن لم يكن على المسلمين ضرر بالترك.

قوله : ( فالأقرب جواز رمي الترس غير المسلم ).

هذا هو الأصح ، ووجه القرب : أن أولاد الكفار ونساءهم وإن منع من‌

__________________

(١) لم ترد في نسخ جامع المقاصد ووردت في النسخة الحجرية ، وأثبتناها لاقتضاء السياق.

٣٨٥

ولو أمكن التحرز عن الترس المسلم فقصده الغازي وجب القود والكفارة ، ولو لم يمكن التحرز فلا قود ، ولا دية وتجب الكفارة.

ويكره التبيت ، والقتال قبل الزوال لغير حاجة ، وتعرقب الدابة وإن وقفت به ،

______________________________________________________

قتلهم إلا أنهم يذهبون هدرا ، وليس لدمهم حرمة ، فيجوز عند الحاجة دفعهم ، ولأنهم ربما اتخذوا ذلك عادة ، فيمتنع الوصول إليهم ، ولفعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالطائف ، حيث رماهم بالمنجنيق وفيهم الأطفال والنساء (١) ، أما المسلم فيجب الاحتياط في دمه.

قوله : ( وجب القود والكفارة ).

هي : كفارة الجمع ، لأنه قتل عمدا عدوانا.

قوله : ( ولو لم يمكن التحرز فلا قود ولا دية وتجب الكفارة ).

هي كفارة واحدة ، لظاهر قوله تعالى ( فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ ) (٢) وكما أنها دليل على ذلك فهي دليل على عدم وجوب القود والدية.

قوله : ( وتعرقب الدابة وإن وقفت به ).

أي : يكره للمسلم أن يعرقب دابته ، بدليل قوله : ( وإن وقفت به ) ومرجع الضمير مدلول عليه بالمصدر وهو تعرقب ، ولا يحرم ذلك ، أما الكراهية فلثبوت النهي عن ذلك (٣) ، وأما عدم التحريم فلأن « الناس مسلطون على أموالهم » (٤).

فإن قيل : يحرم تعذيب الدابة ، وعدم إطعامها وسقيها وتحميلها فوق الطاقة ، فكيف جازت العرقبة؟

__________________

(١) المغازي للواقدي ٣ : ٩٢٧.

(٢) النساء : ٩٢.

(٣) الكافي ٥ : ٤٩ حديث ٨.

(٤) عوالي اللآلي ٢ : ١٣٨ حديث ٣٨٣.

٣٨٦

ونقل رؤوس الكفار إلاّ مع نكاية الكفار به ، والمبارزة من دون إذن الإمام على رأي ، ويحرم لو منع ، وتجب لو الزم.

ولو طلبها مشرك استحب الخروج اليه للقوي الواثق من نفسه بالنهوض ، ويحرم على الضعيف على اشكال ، فإن شرط الانفراد لم تجز المعاونة إلاّ إذا فر المسلم وطلبه الحربي فيجوز دفعه.

______________________________________________________

قلنا : حال الحرب مخالف لغيره ، وإتلاف الدابة وإضعافها أمر مطلوب ، لأن إبقاءها بحالها ربما أدّى إلى استعانة الكفار بها ، وقد فعل ذلك جعفر بن أبي طالب عليه‌السلام في مؤتة (١) ، حيث علم أنه مقتول. وأما دابة الكفار فيجوز أن تعرقب ، لأنه يفضي إلى أضعافهم. ويجوز إتلاف الدابة بالذكاة على كل حال قطعا.

قوله : ( إلا مع نكاية الكفار به ).

أي : إذ لا لهم.

قوله : ( والمبارزة من دون إذن الإمام على رأي ).

هذا أصح ، للأخبار الدالة على الجواز (٢) ، لكن يحرم طلبها ، لما ورد من النهي عنه ( وأنه بغي ) (٣) (٤).

قوله : ( وتحرم لو منع ، وتجب لو الزم ، ولو طلبها مشرك استحب الخروج إليه للقوي الواثق من نفسه بالنهوض ).

لكن بإذن الإمام ، فيستحب له أن يستأذنه ، ويستحب للإمام أن يأذن له ، فتجي‌ء فيها الأحكام الأربعة.

قوله : ( وتحرم على الضعيف على إشكال ).

الترك أولى ، فإن قيل : هل الإشكال مع الإذن أم بدونه؟ والأول‌

__________________

(١) الكافي ٥ : ٤٩ حديث ٩.

(٢) التهذيب ٦ : ١٦٩ حديث ٣٢٣.

(٣) الكافي ٥ : ٣٤ حديث ٢ ، التهذيب ٦ : ١٦٩ حديث ٣٢٤.

(٤) ما بين القوسين لم يرد في « س » و « ن » وورد في « ه‍ ».

٣٨٧

ولو لم يطلبه فالأقوى المنع من محاربته ، فان استنجد أصحابه نقض أمانه ، فان تبرعوا بالإعانة فمنعهم فهو على عهدة الشرط ، وإن لم يمنعهم جاز قتاله معهم.

ولو لم يشرط الانفراد جاز إعانة المسلم.

وتجوز الخدعة في الحرب للمبارز ، وغيره. ويحرم الغدر بالكفار ، والغلول منهم ، والتمثيل بهم.

ولا ينبغي أن يخرج الإمام معه المخذّل ، كمن يزهد في‌

______________________________________________________

مشكل ، لأنه مع الاذن كيف يحرم أو يكره؟ وهل يأذن الإمام في الحرام؟!

قلنا : يحتمل أن يأذن عليه‌السلام ولا يعلم حال المستأذن ، فيكون التحريم أو الكراهة على المستأذن باعتبار ما يعلم من نفسه ، أو يقال : الحكم في ذلك بدون الاذن ، فيكون الحال متردّدا بين التحريم والكراهة ، بناء على أن المبارزة بدون الإذن مكروهة.

قوله : ( ولو لم يطلبه فالأقوى المنع من محاربته ).

الأقوى أقوى ، وفاء بالشرط.

قوله : ( وتجوز الخدعة في الحرب ).

نص في القاموس أن المروي من « أن الحرب خدعة » (١) : مثلث الخاء المعجمة وكهمزة (٢).

قوله : ( ويحرم الغدر بالكفار ).

أي : بعد الأمان.

قوله : ( والغلول منهم ).

أي : السرقة من أموالهم للحديث.

قوله : ( ولا ينبغي أن يخرج الامام معه المخذّل ... ).

__________________

(١) الفقيه ٤ : ٢٧٢ حديث ٨٢٨ ، التهذيب ٦ : ١٦٢ ، حديث ٢٩٨ ، ٢٩٩.

(٢) القاموس ( خدع ) ٣ : ١٦.

٣٨٨

الخروج ، ويعتذر بالحر وشبهه ، ولا المرجف ، وهو : من يقول : هلكت سرية المسلمين ، ولا من يعين على المسلمين بالتجسيس واطلاع الكفار على عورات المسلمين ، ولا من يوقع العداوة بين المسلمين ، ولا يسهم له لو خرج.

وتجوز له الاستعانة بأهل الذمة ، والمشرك الذي تؤمن غائلته ، والعبد المأذون له فيه ، والمراهق.

ويجوز استئجار المسلم للجهاد من الإمام وغيره ، وأن يبذل الإمام من بيت المال ما يستعين به المحارب.

ولو أخرجه الإمام قهرا لم يستحق اجرة ، وإن لم يتعين عليه لتعينه بإلزامه وإن كان عبدا أو ذميا.

ولو عيّن شخصا لدفن الميت وغسله فلا اجرة له ، وإن كان للميت تركة ، أو في بيت المال اتساع.

______________________________________________________

المراد : لا يجوز ذلك بدليل قوله : ( ولا من يعين على المسلمين. ) ووجهه أن في ذلك ضررا للمسلمين.

قوله : ( والمشرك الذي تؤمن غائلته ).

أي : يؤمن غدرة ، ولو لم يؤمن لم يجز إخراجه.

قوله : ( لم يستحق أجرة وإن لم يتعين عليه ).

أي : بسبب آخر غير الإلزام.

قوله : ( ولو عين شخصا لدفن الميت وغسله فلا اجرة له ).

وكذا لو لم يعينه ، نعم لو أريد به تعيينه للأفعال المندوبة فإنه يظهر فائدة التعيين في سقوط الأجرة.

٣٨٩

ولو استأجر للجهاد فخلى سبيله قبل المواقفة استحق اجرة الذهاب.

ولو وقفوا من غير قتال ففي استحقاق كمال الأجرة نظر ، ينشأ من مساواة الوقوف للجهاد ولهذا يسهم له.

ويكره للغازي أن يتولى قتل أبيه الكافر ، ولا يجوز له قتل صبيان الكفار ، ولا نسائهم مع عدم الحاجة.

الأسارى إن كانوا إناثا أو أطفالا ملكوا بالسبي وإن كانت الحرب قائمة.

والذكور البالغون إن أخذوا حال المقاتلة حرم إبقاؤهم ما لم‌ يسلموا ،

______________________________________________________

قوله : ( ولو استأجر للجهاد فخلى سبيله قبل المواقفة استحق اجرة الذهاب ).

ولو ذهب بغير إذنه ، كما لو هرب ، فكما لو فعل الأجير بعض ما استؤجر عليه.

قوله : ( ولو وقفوا من غير قتال ففي استحقاق كمال الأجرة نظر ... ).

إن تحقق صحة الاستئجار على الجهاد لم يثبت له من الأجرة إلا بنسبة ما فعل ، وإن لم نجوّز ذلك ، وجعلنا الإجارة إنما هي في مقابل المواقفة ـ كما نقله الشارح قولا ـ (١) ، لزمه تمامها. والقول بأن استحقاق تمام الأجرة مستند إلى صدق اسم الجهاد بذلك ، لاستحقاق السهم بالمواقفة ، بعيد ، والمسألة موضع تردّد.

قوله : ( والذكور البالغون إن أخذوا حال المقاتلة حرم إبقاؤهم ما لم يسلموا ).

__________________

(١) إيضاح الفوائد ١ : ٣٦٠.

٣٩٠

______________________________________________________

فإن أسلموا فظاهر عبارة التذكرة (١) والمنتهى (٢) والتحرير (٣) تشعر بالتوقف في الحكم ، والشيخ رحمه‌الله حكم بكون الامام عليه‌السلام مخيرا بين المنّ والفداء والاسترقاق (٤) ، ولم يصرح المصنف هنا بتوقف ولا ضدّه.

وفي الحواشي المنسوبة إلى شيخنا الشهيد على التحرير : إنّ توقف المصنف يحتمل شيئين :

الأول : منع هذه الأحكام إلاّ المنّ لأنه لم يكن له استرقاق ولا فداء في حال الكفر ففي حال الإسلام أولى ، وهو قوي متين لو لا ما سيأتي من الرواية.

الثاني : تعين استرقاقه وتحتمه ـ كما هو قول بعض العامة ـ (٥) لأن المن مضيع للمالية الثابتة بالاستيلاء ، والفداء لم يثبت قبل الإسلام ، فكذا بعده استصحابا لما كان ، لكن روي الشيخ بإسناده عن الزهري ، عن علي بن الحسين عليهما‌السلام قال : « الأسير إذا أسلم فقد حقن دمه وصار فيئا » (٦) ، وهي مشعرة بأن المراد : من أخذ والحرب قائمة ، لأن الآخر محقون الدم على الأصح.

ولا دلالة فيه ظاهرة ، لأنه من أخذ بعد الحرب لا يعد محقون الدم ، ولهذا لو أسر مرة أخرى في الحرب قتل ، فلا دلالة فيها ، لإمكان تنزيلها على من أخذ بعد الحرب ، ومع ذلك فهي دالة على الاسترقاق حتما ، ولا قائل به من الأصحاب إلا ما يحتمله توقف المصنف.

وكذا روى الشيخ مفاداة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذي أسره أصحابه (٧) ، ولا دلالة فيها أيضا ، لأنها واقعة عين لا عموم لها ، ولا نعلم حال‌

__________________

(١) التذكرة ١ : ٤٢٤.

(٢) المنتهى ٢ : ٩٢٨.

(٣) تحرير الأحكام ١ : ١٤٠.

(٤) المبسوط ٢ : ٢٠.

(٥) المجموع ١٩ : ٣١٣.

(٦) الكافي ٥ : ٣٥ حديث ١ ، التهذيب ٦ : ١٥٣ حديث ٢٦٧.

(٧) المبسوط ٢ : ٢٠.

٣٩١

ويتخير الإمام بين ضرب رقابهم ، وقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ويتركهم حتى ينزفوا ويموتوا.

وإن أخذوا بعد انقضاء الحرب حرم قتلهم.

ويتخير الإمام بين المن ، والفداء ، والاسترقاق. ومال الفداء ورقابهم مع الاسترقاق كالغنيمة.

______________________________________________________

ذلك الأسير كيف كان ، والتمسك بالاستصحاب قوي.

قوله : ( ويتخير الامام بين ضرب رقابهم ... ).

هذا التخيير في صنف القتلة ، وهل هذا تخيير مصلحة واجتهاد ، أم تخيير شهوة؟ لم أجد به تصريحا ، والظاهر أنه تخيير شهوة.

قوله : ( وتركهم حتى ينزفوا ويموتوا ).

ينزفوا بضم الياء ، وفتح الزاء ، وفيه قوله : ( ويموتوا ) تنبيه على أنه لا بد من موتهم ، وإلا لم يتحقق الامتثال ، فلو لم يموتوا بذلك فلا بد من الإجهاز عليهم.

قوله : ( ويتخير الامام بين المنّ والفداء والاسترقاق ).

هنا أحكام :

أ : هذا التخيير اجتهاد في المصلحة لا تخيير شهوة ، كما صرح به المصنف في التذكرة (١) والمنتهى (٢) ، لأنه وليّ المسلمين ووكيلهم ، فلا بد من تحرّي المصلحة لهم.

ب : لا فرق بين الكتابي وغيره على الأصح للعموم ، وفرّق الشيخ ، فلم يثبت ذلك في غير الكتابي ، بل جوز المنّ والمفاداة ومنع من الاسترقاق ، لأنه لا يقرّ على دينه (٣) ، وهو ضعيف.

__________________

(١) التذكرة ١ : ٤٢٤.

(٢) المنتهى ٢ : ٩٢٨.

(٣) المبسوط ٢ : ٢٠.

٣٩٢

ولا يسقط هذا التخيير بإسلامهم بعد الأسر.

ويجوز استرقاق امرأة كل كافر أسلم قبل الظفر به ، ولا يمنع من ذلك كونها حاملا بولد مسلم ، سواء وطأها المسلم أو أسلم زوجها لكن لا يسترق الولد.

وينفسخ النكاح بأسر الزوجة مطلقا وإن كانت كبيرة ، وبأسر الزوج الصغير مطلقا ، وبأسر الزوجيين وإن كانا كبيرين ، وباسترقاق الزوج الكبير ، لا بأسره خاصة.

______________________________________________________

ج : لا يثبت القتل في هذا القسم ، وأثبته بعض الأصحاب (١) ، وهو ضعيف.

قوله : ( سواء وطأها المسلم ، أو أسلم زوجها ).

وطء المسلم لها إما بشبهة مطلقا ، أو بملك اليمين ، أو بالعقد إذا كانت كتابية وهو ظاهر.

قوله : ( وينفسخ النكاح بأسر الزوجة مطلقا ).

وفي التذكرة (٢) والمنتهى (٣) : أنه إذا أسر الزوجين معا واحد ، وتملكهما ـ بحيث صارا رقا له ـ يبقى النكاح ، لكنه يتخير في الفسخ. وهو ممكن ، والعموم يقتضي عدم الفرق ، وينتقض بالمملوكين كما سيأتي.

ويجاب بأن الحكم في المملوكين لا يعرف فيه مخالف بخلاف ما هنا.

قوله : ( وبأسر الزوج الصغير مطلقا ).

لأنه كالزوجة يملك بالأسر.

قوله : ( وباسترقاق الزوج الكبير لا بأسره خاصة ).

لأنه لا يصير رقا بمجرد الأسر.

__________________

(١) منهم : ابن البراج في المهذب ١ : ٣١٦.

(٢) التذكرة ١ : ٤٢٦.

(٣) المنتهى ٢ : ٩٢٩.

٣٩٣

ولو كانا مملوكين تخيّر الغانم.

ولو صولح أهل المسبية على إطلاقها بإطلاق أسير مسلم في يدهم فأطلقوه لم تجب إعادة المرأة.

ولو أطلقت بعوض جاز ، ما لم يكن قد استولدها مسلم.

ويجوز سبي منكوحة الذمي فينفسخ النكاح ، ومعتقه ، ومعتق المسلم.

ولا تنقطع اجارة المسلم في العبد المسبي ، ولا الدار المغنومة.

ولا يسقط الدين للمسلم والذمي عن الحربي بالسبي والاسترقاق ، إلاّ أن يكون الدين للسابي فيسقط ، كما لو اشترى عبدا له عليه دين ،

______________________________________________________

قوله : ( ولو كانا مملوكين تخير الغانم ).

لأنه لم يحدث رقا يقتضي الانفساخ. وفيه نظر ، إذ لا نسلم أن المقتضي للانفساخ إنما هو حدوث الرق ، وحديث أوطاس عام ، إلا أن يثبت خروج الرقيقين بالإجماع.

قوله : ( ولو صولح أهل المسبية ـ إلى قوله : ـ لم تجب إعادة المرأة ).

وجهه أن الحر لا عوض له شرعا.

قوله : ( ومعتق المسلم ).

إما مطلقا على القول به ، أو بالنذر على الوجه الذي يتصور.

قوله : ( ولا تنقطع إجارة المسلم في العبد المسبي والدار المغنومة ).

قد يفهم من هذا وما بعده أن الذمي تنقطع إجارته ، وليس بواضح.

قوله : ( إلا أن يكون الدين للسابي فيسقط كما لو اشترى عبدا له عليه دين ).

هذا تمثيل لا حمل وقياس ، ومستند ذلك الإجماع ، وأنّ ذمة العبد مملوكة حينئذ ، فلا يعقل استحقاق شي‌ء فيها.

٣٩٤

ويقضى الدين من ماله المغنوم إن سبق الاغتنام الرق على اشكال.

وقدم حق الدين على الغنيمة وإن زال ملكه بالرق ، كما يقضى دين المرتد.

______________________________________________________

قوله : ( ويقضى الدين من ماله المغنوم إن سبق الاغتنام الرق على إشكال ).

يجب أن يقرأ الاغتنام بالنصب على أنه مفعول به مقدم ، والرق فاعل مؤخر فيكون مرفوعا. ومنشأ الاشكال : من أن المال يخرج بالاسترقاق عن الملك ، ومحل الدين الذمة لا المال ، فينقطع تعلق الدين بالمال بالاسترقاق ، ومن أن حق المال أن يقضى منه الدين وجوبا عند المطالبة ، ومن ثمّ يأخذه الحاكم قهرا إذا امتنع من الأداء ، والامتناع من أخذه بخصوصه إذا أراد الأداء ارتفاقا بحاله ، من حيث أنه مخير في جهات الأداء وذلك لا ينفي التعلق ، والأصل بقاء هذا التعلق بعد الاسترقاق استصحابا لما كان ، فلا يزول بمجرد ذلك ، وهذا التعلق سابق على حق الاغتنام فيجب تقديمه ، وهو الأصح.

قوله : ( وقدّم حق الدين على الغنيمة وإن زال ملكه بالرق ... ).

جواب عن سؤال مقدر تقديره : إن الاسترقاق مزيل للملك ، فكيف يقضى الدين منه ، بخلاف الموت ، فإنه لا يزيله بالكلية ، فإن جمعا من الفقهاء يقولون بأن الميت يملك بعد الموت ، حيث يقولون : بأن التركة على حكم مال الميت.

وجوابه : أن زوال الملك لا يقتضي زوال جميع آثاره كما في المرتد عن فطرة ، فإن ماله يخرج حكما عن ملكه ، ومع ذلك تقضى ديونه منه ، وفي هذا الكلام نظر من وجهين :

الأول بأن الإشكال يقتضي تعادل الطرفين ، كما هو المتفاهم ، وجواب أحد الوجهين يقتضي ترجيح الآخر ، وقد تضمنت العبارة الأمرين ، ومقتضاهما التنافي.

٣٩٥

ولو استرق بعد الاغتنام تبع بالدين بعد العتق ، وقدم حق الغنيمة في ماله.

ولو اقترنا فأقوى الاحتمالين تقديم حق الغنيمة المتعلق بالعين ، ولو كان الدين لحربي فاسترق المديون فالأقرب‌ سقوطه.

______________________________________________________

الثاني : أن ثبوت الحكم المذكور في المرتد إن كان محل وفاق فلا يلزم من ثبوت الحكم فيه ثبوته هاهنا ، وإن كان محل خلاف احتيج إلى دليل من خارج يرجح أحد الحكمين على الآخر ، وبمجرد ذلك لا يندفع الوجه الأول هاهنا ، إلا أن يقال : العبارة تشعر بالفتوى بالمذكور فيها ، ولا ينافيه وجود تردد ما ، فيكون الإشكال تعبيرا عن ذلك التردد ، وذكر المرتد على سبيل التمثيل والإيضاح ، لا على سبيل الحمل والقياس (١).

قوله : ( ولو استرق بعد الاغتنام تبع بالدين بعد العتق وقدم حق الغنيمة ).

لأن ذمته حينئذ بحالها ، وهي محل الدين ، وله صلاحية الأداء بوجه آخر ، فان له أن يخرج المال عنه بجميع أسباب النقل ، ولغيره انتزاعه بدين سابق باذن الحاكم حيث يمكن ، وبدونه حيث يتعذر ، وليس لصاحب الدين بعد وقوع ذلك منازعة. وذهب الشارح إلى وجوب القضاء من المال هنا ، وظاهره أن هذه المسألة محل تردّد (٢) ، وهو بعيد ، ومختار المصنف هنا هو الأصح.

قوله : ( ولو اقترنا فأقوى الاحتمالين تقديم حق الغنيمة المتعلق بالعين ).

والأصح تقديم الدين لسبق تعلقه بالعين كما بيناه ، ولا يضرّ كون محله الذمة ، لأن ذلك لا يقتضي نفي التعلق.

قوله : ( ولو كان الدين لحربي فاسترق المديون فالأقرب سقوطه ).

__________________

(١) العبارة من ( قوله : وقدم. إلى نهاية الصفحة ) لم ترد في « ن » ، ووردت في « س » و « ه‍ ».

(٢) إيضاح الفوائد ١ : ٣٦٢.

٣٩٦

ولو أسلما أو أسلم المالك فهو باق ، إلاّ أن يكون خمرا.

هذا إذا كان الدين قرضا أو ثمنا وشبهه ، أما لو كان إتلافا أو غصبا فالأقرب السقوط بإسلام المديون.

______________________________________________________

هذا قسيم ما إذا كان الدين لمسلم أو ذمي ، ووجهه أن الدين في ذمة المسترق ، وذمته تحت سلطنة المسلم وقهره ، وما فيها تحت السلطنة تبعا ، والحربي وماله يملكان للمسلم بالقهر ، لأنهما في‌ء ، وقد يناقش في تحقق القهر المقتضي للتملك ، ولا شبهة في ثبوته في الدين تبعا لا مباشرة ، لعدم تعين الدين ووجوده وكونه محقّقا.

قوله : ( ولو أسلما ).

أي : المالك والمديون.

( أو أسلم المالك خاصة ، فهو باق ).

أي : الدين باق بحاله ، لأنه مال لمسلم ، إلا أن يكون ما لا يملكه المسلم كالخمر ، واكتفى به لظهور الأمر في أن الخنزير كذلك.

قوله : ( أو ثمنا وشبهه ).

كالصداق وعوض الإجارة.

قوله : ( أما لو كان إتلافا أو غصبا فالأقرب السقوط بإسلام المديون ).

وجه القرب : أن الحربي في‌ء للمسلم ، فإذا قهره أو أتلف عليه شيئا لم يثبت له عليه شي‌ء. وينبغي أن يقال : إن التقييد بإسلام المديون ضائع ، لأن الحربي إذا قهر حربيا ملكه ، وجاز شراؤه منه ، كما سيأتي ، فإذا قهره على ماله ملكه أيضا ، وإتلافه نوع من القهر ، وحينئذ فلا يثبت في ذمته شي‌ء إن أسلم وإن لم يسلم ، فلا حاجة إلى هذا القيد.

٣٩٧

ولو سبيت امرأة وولدها الصغير كره التفريق بينهما.

ولو عجز الأسير عن المشي لم يجب قتله ، للجهل بحكم الإمام فيه ، فان قتله مسلم فهدر. ويجب إطعامه وسقيه وإن أريد قتله بعد لحظة ، ويكره قتله صبرا.

وحكم الطفل المسبي تابع لحكم أبويه ، فإن أسلم أحدهما تبعه ، ولو سبي منفردا ففي تبعيته للسابي في الإسلام اشكال ، أقربه ذلك‌

______________________________________________________

قوله : ( كره التفريق بينهما ).

الحق التحريم ، وفي تعيين مدته خلاف ، فقيل : إلى سبع سنين (١) ، وقيل : إلى مدة الرضاع (٢) ، وقيل : إلى البلوغ (٣) ، وهل يتعدى الحكم لي الجدة والأب؟ فيه نظر.

قوله : ( ولو عجز الأسير عن المشي لم يجب قتله للجهل بحكم الامام فيه ).

ينبغي أن يراد بنفي الوجوب : نفي الجواز ، فيراد بالأعم الأخص. والمراد بالأسير هنا : هو المأخوذ والحرب قائمة ، لا بعد انقضائها ، وإن كان كل منهما لا يعلم حكم الامام فيه ، لأن الأول مخير فيه بين أنواع القتل ، وأما الثاني فإنما يتخير فيه بين الأمور التي ليس القتل واحدا منها على الأصح.

قوله : ( فان قتله مسلم فهدر ).

وكذا لو قتله كافر.

قوله : ( ويكره قتله صبرا ).

القتل صبرا هو الحبس ليقتل ، وقيل غير ذلك.

قوله : ( ففي تبعيته للسابي في الإسلام إشكال ، أقربه ذلك في‌

__________________

(١) قاله أحمد والشافعي وسعيد بن عبد العزيز وأصحاب الرأي ، انظر : المغني لابن قدامة ١ : ٤٦٠.

(٢) ذهب اليه ليث والأوزاعي كما في المغني لابن قدامة ١ : ٤٦٠.

(٣) ذهب إليه الشافعي في أحد قوليه ، انظر : المغني ١ : ٤٦٠.

٣٩٨

في الطهارة ، لأصالتها السالمة عن معارضة يقين النجاسة.

وكل حربي أسلم في دار الحرب قبل الظفر به فإنه يحقن دمه ، ويعصم ماله المنقول دون الأرضين والعقارات فإنها للمسلمين ، ويتبعه أولاده الأصاغر وإن كان فيهم حمل ، دون زوجاته وأولاده الكبار.

ولو وقع الشك في بلوغ الأسير اعتبر بالشعر الخشن على العانة ، فإن ادعى استعجاله بالدواء ففي القبول اشكال. ويعول على إنبات الشعر الخشن تحت الإبط ، لا باخضرار الشارب.

والخنثى إن بال من فرج الذكور ، أو سبق ، أو انقطع آخرا منه فذكر ، وبالعكس امرأة ، ولو اشتبه لم يجز قتله.

______________________________________________________

الطهارة ... ).

التبعية في هذا خاصة دون غيره أقرب إلى الاحتياط ، وإن كان الحديث قد يشعر بأن المقتضي للكفر الموجب لأحكامه هو كونه مع أبويه ، بحيث يتمكنان من إفساد اعتقاده (١).

قوله : ( فان ادعى استعجاله بالدواء ففي القبول إشكال ).

الأصح القبول للاحتياط في الدم.

قوله : ( ويعول على إنبات الشعر تحت الإبط ).

يشكل ذلك بأن الرواية وردت باعتبار شعر العانة (٢).

قوله : ( والخنثى إن بال من فرج الذكر ).

أي : دون الآخر.

( أو سبق ).

ينبغي أن يراد : ولم يتأخر من الآخر ، أو تأخر ولم يسبق من الآخر.

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٢٦ حديث ٩٦.

(٢) التهذيب ٦ : ١٧٣ حديث ٣٣٩.

٣٩٩

ولو أسلم عبد الحربي في دار الحرب قبل مولاه ، فان قهر مولاه بالخروج إلينا قبله تحرر ، وإلاّ فلا.

الفصل الثالث : في الاغتنام : ومطالبه ثلاثة :

الأول : المراد بالغنيمة هنا كل مال أخذته الفئة المجاهدة على سبيل الغلبة ، دون المختلس ، والمسروق فإنه لآخذه ، ودون ما ينجلي عنه الكفار بغير قتال فإنه‌

______________________________________________________

قوله : ( ولو أسلم عبد الحربي في دار الحرب قبل مولاه ، فإن قهر مولاه بالخروج إلينا قبله تحرر ، وإلاّ فلا ).

هذا أصح ، لأن مجرد الإسلام لا يصيره حرّا وإن ذهبت عنه سلطنة الكافر ، فما دام لا يتحقق القهر والغلبة لا يصير حرّا.

قوله : ( المراد بالغنيمة هنا كل مال ... ).

إنما قال : ( هنا ) لأن الغنيمة هي : كل ما يغتنم بسبب من الأسباب : كتجارة ، وزراعة ، وحيازة مباح ، وقهر ، وغلبة بالإيجاف بالخيل والركاب ، وهي قسمان :

أ : تقدم في باب الخمس.

ب : المراد هنا ، فعلى هذا : الغنيمة في موضوعها اللغوي لم ينقل إلى المعنى الثاني كما يراه العامة ، وصدقها على كل من المعنيين صدق العام على أفراده.

قوله : ( دون المختلس والمسروق ).

المختلس : المأخوذ وصاحبه حاضر متيقظ بالحيلة ، والمسروق : المأخوذ خفية بخلاف ذلك ، وهذا القسم يختص به آخذه.

فان قيل : قد سبق تحريم الغلول من الكفار. قلنا : يمكن الجمع ، لأنه لا منافاة بين تحريم الفعل والاختصاص بالملك ، مع إمكان الحمل على تخصيص التحريم بحال الأمان أو بحال الحرب.

قوله : ( دون ما ينجلي عنه الكفار بغير قتال فإنه للإمام ).

٤٠٠