جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ٣

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي

جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ٣

المؤلف:

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٩

وفي قلع الضرس شاة ، ويجوز أكل ما ليس بطيب من الأدهان كالسمن ، والشيرج ، ولا يجوز الادهان به.

خاتمة : لا كفارة على الجاهل ، والناسي ، والمجنون في جميع ما تقدم ، إلاّ الصيد فإن الكفارة تجب على الساهي والمجنون.

______________________________________________________

والأصح : أنه بالقلع تجب عليه الكفارة ، وتسقط لو أعادها إلى الحرم فثبتت أو نبتت في موضع آخر منه ، وان جفت فالكفارة بحالها ، وبذلك صرح في الدروس (١).

قوله : ( وفي قلع الضرس شاة ).

والرواية به مقطوعة (٢) ، وظاهر كلام المصنف في المنتهى أنه مع الحاجة المجوزة لا شي‌ء عليه (٣) ، وتشهد له رواية الحسن الصيقل (٤) ، وهل السن كالضرس؟ يحتمله.

قوله : ( ويجوز أكل ما ليس بطيب من الأدهان ـ إلى قوله : ـ ولا يجوز الادهان به ).

ولو فعل ذلك مختارا أو مضطرا فهل تجب الكفارة؟ قال الشيخ : لست أعرف به نصا (٥) ، والأصل براءة الذمة ، واختاره المصنف في المنتهى (٦).

قوله : ( لا كفارة على الجاهل والناسي والمجنون ـ إلى قوله : إلا الصيد ، فإن الكفارة تجب على الساهي والمجنون ).

لم يذكر الصبي ، فظاهره أنه ليس كالمجنون ، وهو مقتضى كلامه السابق ، حيث قال : ( ولو كان الغلام محرما وطاوع ففي إلحاق الأحكام به إشكال ).

__________________

(١) الدروس : ١١١.

(٢) التهذيب ٥ : ٣٨٥ حديث ١٣٤٤.

(٣) المنتهى ٢ : ٨٤٦.

(٤) الفقيه ٢ : ٢٢٢ حديث ١٠٣٦.

(٥) قاله الشيخ في الخلاف ١ : ٢٥٣ مسألة ٩١ كتاب الحج.

(٦) المنتهى ٢ : ٧٨٧.

٣٦١

ولو تعددت الأسباب تعددت الكفارة ، اتحد الوقت أو اختلف ، كفر عن السابق أو لا.

ولو تكرر الوطء تعددت الكفارة.

ولو تكرر الحلق تعددت الكفارة إن تغاير الوقت ، والاّ فلا.

وكل محرم لبس أو أكل ما لا يحل له لبسه واكله فعليه شاة.

______________________________________________________

قوله : ( ولو تكرر الحلق تعددت الكفارة إن تغاير الوقت ، وإلا فلا ).

المراد من تغايره : اختلافه عرفا ، قال في التحرير : كأن يحلق بعض رأسه غدوة ، وبعضه عشية ، وجبت فديتان (١). ومستند ذلك صدق التعدد العرفي ، فالمرجع في التعدد إلى العرف ، وهو ظاهر الوجه.

قوله : ( وكل محرم أكل أو لبس ما لا يحل له لبسه وأكله فعليه شاة ).

لا شبهة في هذا الحكم ، لكن هل يتكرر كلما كرره؟ لا ريب أن الأكل للصيد يتكرر كما سبق ، وإن كان بشي‌ء من الطيب أو تطيب به ، وإن لم يأكله فظاهر عبارات الأصحاب اعتبار تراخي الزمان عادة كساعة ثم ساعة أخرى ، كذا في عبارة الشيخ (٢).

ويظهر من الدروس اختياره (٣) ، واعتبر ابن سعيد تغاير المجلس (٤) ، قال في الدروس : وتبع في اللبس النهاية (٥). وفي رواية محمد بن مسلم ، عن الباقر عليه‌السلام : إنّ لكل صنف من الثياب فداء (٦).

__________________

(١) التحرير ١ : ١٢٢.

(٢) المبسوط ١ : ٣٥١.

(٣) الدروس : ١١١.

(٤) الجامع للشرائع : ١٩٤.

(٥) الدروس : ١١١.

(٦) الكافي ٤ : ٣٤٨ حديث ٢ ، التهذيب ٥ : ٣٨٤ حديث ١٣٤٠.

٣٦٢

ويكره القعود عند العطار المباشر للطيب ، وعند الرجل المتطيب إذا قصد ذلك ، ولا يشمه ولا فدية.

ويجوز شراء الطيب لأمسّه ، والشاة تجب في الحلق بمسماه ، ولو كان أقل تصدق بشي‌ء.

وليس للمحرم ولا للمحل حلق رأس المحرم ، ولا فدية عليهما لو خالفا ، ولو أذن المحلوق لزمه الفداء ، وللمحرم حلق المحل.

______________________________________________________

وفي المنتهى : لو لبس قميصا وعمامة وسراويل وجب عليه لكل واحد فدية (١) ، وهو مقتضى رواية محمد بن مسلم السالفة ، وليس ببعيد ، فعلى هذا يقال : لكل صنف كفارة.

ومع الاتحاد يعتبر اتحاد الوقت ، واختلافه اعتبار صدق اسم التعدد عرفا.

أما القلم فيعتبر فيه اتحاد المجلس ، واختلافه للنص (٢).

قوله : ( ويكره القعود عند العطار المباشر للطيب ـ إلى قوله : ـ إذا قصد ذلك ولم يشمه ).

أي : إذا قصد القعود عند هذا الشخص بخصوصه ، فلو قصد بالقعود أمرا آخر لم يكره ، ولو شم الطيب حرم ، فيجب القبض على الأنف أو ترك القعود.

قوله : ( ولو كان أقل تصدق بشي‌ء ).

كحلق شعره ، فيتصدق بكف من طعام ونحوه.

قوله : ( ولو أذن المحلوق لزمه الفداء ).

مفهومه : أنه لو لم يأذن لم يلزمه شي‌ء ، ويشكل فيما لو مكن من نفسه حتى حلق رأسه ، ولا يبعد أن يجعل الاذن الفعلي كالقولي ، لأن من ترك شخصا يحلق رأسه وهو عالم بذلك ومتمكن من دفعه يقال له : حالق ، لغة وعرفا.

ولو البس مخيطا ، أو جرّع ما لا يجوز شربه من غير أن يأذن مع قدرته على‌

__________________

(١) المنتهى ٢ : ٨١٣.

(٢) الكافي ٤ : ٣٦٠ حديث ٥ ، التهذيب ٥ : ٣٣٢ حديث ١١٤١.

٣٦٣

ويجوز أن يخلي ابله لرعي الحشيش في الحرم ، والتحريم في المخيط متعلق باللبس ، فلو توشح به فلا كفارة على اشكال.

______________________________________________________

الدفع يشبه أن يكون كذلك.

قوله : ( فلو توشح به فلا كفارة على إشكال ).

تسمية ذلك لبسا مشكل ، والأحوط التحريم.

* * *

٣٦٤

كتاب الجهاد

وفيه مقاصد :

الأول : من يجب عليه : وهو واجب في كل سنة مرة ، إلاّ لضرورة على الكفاية ، ويراعي الإمام النصفة في المناوبة بين الناس.

وفروض الكفايات كثيرة مذكورة في مواضع : وهو كل مهم ديني يتعلق غرض الشرع بحصوله ، ولا يقصد عين من يتولاه.

______________________________________________________

قوله : ( كتاب الجهاد ).

الجهاد فعال ، وهو في اللغة : إما من الجهد ـ بالفتح ـ وهو : التعب والمشقة ، أو من الجهد ـ بالضم ـ وهو : الطاقة ، وفي الشرع كذلك ، لكن في قتال الكفار ومن جرى مجراهم لإعلاء كلمة الإسلام.

ويرد عليه قتال الكفار للأمر بالمعروف ، فإنه إعلاء لكلمة الإسلام ، إلا أن يراد بإعلاء كلمة الإسلام الإقرار بالشهادة ، فيخرج عنه جهاد نحو البغاة.

قوله : ( وهو واجب في كل سنة مرة إلاّ لضرورة ).

فمع الضرورة قد لا يجب في السنة أصلا ، وقد يجب أزيد من مرة ، والمستند النص والإجماع.

قوله : ( ويراعي الامام النّصفة في المناوية بين الناس ).

أي : حقه وشأنه ذلك ، أو يجب عليه مراعاة النصفة ولا محذور ، لأنه مكلف ، ولأن حكم الامام يشمل نائبه.

قوله : ( وهو كل مهم ديني تعلق غرض الشرع بحصوله ولا يقصد عين من يتولاه ).

مرجع الضمير الفرض الكفائي ، وهو مذكور ضمنا ، لكن يشكل عليه‌

٣٦٥

ومن جملته اقامة الحجج العلمية ، ودفع الشبهات ، وحل المشكلات ،

______________________________________________________

قوله : ( كل ) لأنها لا تصلح للتعريف إلا أن يقال : أراد بيان ضابط الواجب الكفائي ، لا تعريف المصطلح ، ولو قال : وهي لكان أظهر.

وبالقيد الأخير يخرج الواجب العيني. وفي التقييد بقوله : ( مهم ديني ) مناقشة ، لأن الصناعات المهمة من المهمات الدنيوية ، وهي واجبة على الكفاية ، كما سيأتي في كلامه ، وإن كانت قد ترجع بالأخرة إلى المهمات الدينية باعتبار كونها وسيلة إليها.

قوله : ( ومن جملته إقامة الحجج العلمية ).

المراد بها : حجج العلوم الإسلامية على سبيل العموم ، فان جملتها واجبة على الكفاية ، وإن كان فيها ما يجب على الأعيان كحجج أصول الاعتقاد.

قوله : ( ودفع الشبهات ).

هي جمع شبهة ، وهي قياس فاسد ، إما في مادته ، أو في صورته ، أو فيهما ، سميت شبهة : لأنها تشبه الحق.

ولا ريب أن بلوغ رتبة يتمكن المكلف معها من دفع شبه الضالين واجب على الكفاية ، حذرا من تطرق الخلل بالشبهة في الاعتقادات.

قوله : ( وحل المشكلات ).

أي : الأمور المشكلة على المكلفين فيما يجب عليهم معرفته ، أو يضطرون إليه.

وهنا كلام وهو : أن الواجب في الدليل على أصول الاعتقاد هو أن يكون مثمرا لليقين ، وإنما يثمره البرهان ودلائل الكلام أكثرها إقناعية لا تثمر اليقين ، فكيف يكلف فيها من لا يحصل عن دلائلها؟

وجوابه : أن المثمر لليقين باللزوم هو البرهان خاصة دون غيره من الدلائل ، لكن قد يثمر غيره اليقين بضميمة أمر خارجي ، كاقناعيّ آخر ، فإنه إذا‌

٣٦٦

والأمر بالمعروف ، والصناعات المهمة التي بها قوام المعاش ـ حتى الكنس والحجامة ـ ولو امتنع الكل عنها لحقهم الإثم ، ودفع الضرر عن المسلمين ، وازالة فاقتهم كإطعام الجائعين ، وستر العراة ، واعانة المستغيثين في النائبات.

______________________________________________________

انضم إقناعيّ إلى آخر بما أثمر اليقين ولا يمتنع ذلك ، كما في الخبر المتواتر فإنه يفيد العلم ، مع أنه إنما يتحقق عن إخبارات متعددة كل واحد منها ظنيّ بانفراده ، ولما لم يكن هذا بطريق اللزوم لم يكن مطردا ، فمتى أثمر اليقين الذي لا يزول بتشكيك المشكك حصل الواجب. ثم إنّ من حصل له هذا قد يعجز عن ردّ الشبهة ، فيجب على الكفاية كون المكلف بهذه المرتبة.

قوله : ( والأمر بالمعروف ).

والنهي عن المنكر داخل فيه ، لأن كل ما يعد منكرا فتركه معروف ، والأمر والنهي متعاكسان.

قوله : ( ودفع الضرر عن المسلمين ).

في كون دفع كل ضرر عن المسلمين واجبا كفائيا نظر ، بل ينبغي قصر ذلك على ضرر مخصوص ، وهذا إذا لم يكن دفعه بضرر آخر فإنه لا يجب ، لأن الضرر لا يزال بالضرر.

قوله : ( وإزالة فاقتهم ).

هو من عطف الخاص على العام.

قوله : ( كإطعام الجائعين ).

المراد به : الجوع الذي يأتي على النفس ، أو على العضو ، أو يبلغ في الجهد إلى مرتبة لا يتحمل مثلها عادة.

قوله : ( وإعانة المستغيثين في النائبات ).

يمكن أن يكون المراد : الإعانة بالعين المهملة والنون ، وأن يكون : بالغين المعجمة والثاء المثلثة.

٣٦٧

على ذوي اليسار مع قصور الصدقات الواجبة ، وكالقضاء ، وتحمل الشهادة.

وإنما يجب الجهاد على كل مكلف حر ، ذكر غير همّ ، ولا أعمى ، ولا مقعد ، ولا مريض يعجز عن الركوب والعدو ، ولا فقير يعجز عن نفقة عياله وطريقه وثمن سلاحه.

فلا يجب على الصبي ، ولا المجنون ، ولا العبد وإن انعتق بعضه أو أمره سيده إذ لا حق له في روحه ، ولا يجب عليه الذب عن سيده عند الخوف ، ولا المرأة ، ولا الخنثى المشكل ، ولا الشيخ الهم ، ولا على‌

______________________________________________________

قوله : ( على ذوي اليسار ).

الظاهر ارتباطه بجميع ما قبله من قوله : ( ودفع الضرر ... ).

قوله : ( ولا مريض يعجز عن الركوب والعدو ).

أي : يعجز عنهما معا ، وبالعجز عن واحد ، لأن قدرته على الركوب لا تفيد ، إذ قد يصير ماشيا لقتل دابته ونحو ذلك ، فيحتاج إلى العدو.

قوله : ( ولا العبد وان انعتق بعضه أو أمره سيده ، إذ لا حقّ له في روحه ).

يمكن أن يكون قوله : ( إذ لا حقّ له ... ) تعليلا لعدم وجوبه على العبد ، ويكون قوله : ( وإن انعتق بعضه أو أمره سيده ) معللين بأمر آخر ، وهو : أن استحقاق السيد باق مع عتق البعض خاصة ، وأمر السيد لا يقتضي شغل الذمة بالتكليفات الشرعية ، وإنما له حق الاستخدام خاصة.

ويمكن أن يكون تعليلا لقوله : ( أو أمره سيده ) أي : فلا يجب عليه بأمره ، إذ لا حقّ للسيد في روحه. والأول أولى وأظهر ، لأن ربطه بأول الكلام الذي هو المسبوق بالذات أولى.

قوله : ( ولا يجب عليه الذب عن سيده عند الخوف ).

أي : إذا خاف العبد على نفسه لا يجب عليه الذب عن سيده ، لأن ذلك‌

٣٦٨

الأعمى وإن وجد قائدا ، ولا الزمن كالمقعد وان وجد مطية ، ولا المريض ، ولا الفقير ، ويختلف بحسب الأحوال والأشخاص ، والمدين المعسر فقير ، وليس لصاحب الدين منعه لو أراده وإن كان حالا ، وكذا الموسر قبل الأجل ، وله منعه بعده حتى يقبض ، وكذا ليس له منعه عن سائر الأسفار قبل الأجل.

______________________________________________________

ليس من الخدمة الواجبة ، أما إذا لم يخف فإنه يجب لوجوب دفع الضرر. وينبغي تقييد ذلك بما إذا لم يكن سيده كافرا غير محقون الدم.

قوله : ( ولا الزمن كالمقعد ) (١).

قوله : ( ويختلف بحسب الأحوال والأشخاص ).

يمكن أن يكون المراد : ويختلف الفقر المانع بحسب اختلاف الأحوال والأشخاص ، فكم من شخص يعد فقيرا باعتبار ، وآخر بذلك الاعتبار لا يعد فقيرا ، ورب حالة لا يمنع فيها الفقر من الجهاد ، كمن يجاهد في بلده حيث لا يلزم فوات حرفته ونحوها.

ويمكن أن يكون الضمير راجعا إلى كل من الفقر والمرض ، فان قوله : ( ولا المريض ) المراد به : عدم وجوب الجهاد على المريض الذي يعجز عن الركوب والعدو ، وهذا إنما يمنع في حق من يحتاج إلى تردد ، أو لا يطيق المصابرة ، فان لم يحتج إلى ذلك وأطاق المصابرة وجب عليه. وكذا القول في الفقر.

قوله : ( والمدين المعسر فقير ).

أي : فيعلم حكمه من حكم الفقير.

قوله : ( وليس لصاحب الدين منعه وإن كان حالاّ ).

وقيل : له منعه ، لأن في الجهاد ذهاب نفسه (٢) ، وهو ضعيف.

قوله : ( وكذا الموسر قبل الأجل ).

__________________

(١) كذا في نسخ جامع المقاصد المعتبرة من دون شرح.

(٢) قاله الشيخ في المبسوط ٢ : ٦.

٣٦٩

وللأبوين المنع من عدم التعيين ، وفي الجدين نظر.

وإنما يجب بشرط الإمام أو نائبه ، وإنما يتعين بتعين الإمام أو النائب لمصلحة ، أو لعجز القائمين عن الدفع بدونه ، أو بالنذر وشبهه ، أو‌

______________________________________________________

على الأصح ، ولبعض العامة تفصيل : وهو : إن كان الأجل يحل قبل عوده فله المنع ، وإلاّ فلا.

وفي هذا التفصيل ظهور إذا علم ذلك بحسب العادة ، ويجري ذلك في جميع الأسفار ، ولا أعلم به قائلا من الأصحاب.

قوله : ( وللأبوين المنع ).

يشترط كونهما مسلمين عاقلين ، وهل يشترط كونهما حرين؟ فيه وجهان ، وحكم أحدهما حكمهما.

قوله : ( وفي الجدين نظر ).

أي : الجد والجدة ، فهو من تثنية التغليب كالأبوين. ويحتمل أن يراد : جد الأب وجد الام ، والأول أولى. والأصح : أنه لا منع لهما ، تمسكا بالأصل ، وبعموم دلائل الجهاد.

قوله : ( أو نائبه ).

المراد : نائبه المنصوب بخصوصه حال ظهور الامام وتمكنه ، لا مطلقا.

قوله : ( وإنما يتعين بتعيين الإمام أو النائب لمصلحة ، أو لعجز القائمين عن الدفع ).

ظاهره أن المراد : أن تعيين الامام إما للمصلحة أو للعجز. ويرد عليه : أن التعيين للعجز تعيين للمصلحة ، فالأولى أن يكون المراد : يتعين بأمور : منها : تعيين الامام ، ومنها عجز القائمين ، ومنها : النذر الى آخره. والمراد : انه يتعين على المكلف بحيث يصير واجبا عينيّا بهذه الأمور ، وهذا تعين بالعارض ، فان الواجب الكفائي بالذات قد يتعين بالعارض.

٣٧٠

بالخوف على نفسه مطلقا ، وإن كان بين أهل حرب إذا صدمهم عدو يخشى منه على نفسه ، ويقصد بمساعدتهم الدفع عن نفسه لا عن أهل الحرب ، ولا يكون جهادا.

وإذا وطأ الكفار دار الإسلام وجب على كل ذي قوة قتالهم ، حتى العبد والمرأة ، وانحل الحجر عن العبد مع الحاجة إليه.

______________________________________________________

قوله : ( أو بالخوف على نفسه مطلقا ).

أي : ويتعين الجهاد بخوف المكلف على نفسه مطلقا ، أي : سواء كانت الأسباب المذكورة أم لا ، فيكون هذا سببا آخر مستقلا.

واعلم أن تقييد المصنف بالخوف على نفسه يشعر بأن الخوف على المال ليس كذلك ، وفي عبارة الشيخ تقييد العدوّ الذي دهم أهل الحرب بكونه كافرا (١) ، فعلى هذا لو دهمهم المسلمون ، فليس له المدافعة ، وعبارة التحرير مثل عبارة الشيخ (٢) ، وكذا المنتهى (٣) ، والرواية مشعرة به (٤) ، لأن فيها جواز المدافعة لأجل المال ، ولا يجوز ذلك إذا كان العدوّ الذي دهم المشركين هم المسلمون.

قوله : ( ويقصد بمساعدتهم الدفع عن نفسه ).

أي : يجب ذلك.

قوله : ( ولا يكون جهادا ).

فلا تسقط عنه أحكام الغسل والتكفين لو قتل ، ولا يحرم عليه الفرار حينئذ. وفي العبارة رائحة التنافي ، لأنه ذكر أن الجهاد يتعين بهذه الأمور ، ثم قال : ( لا يكون جهادا ).

قوله : ( وانحل الحجر عن العبد ... ).

وكذا القول في المرأة بطريق أولى.

__________________

(١) المبسوط ٢ : ٨.

(٢) تحرير الأحكام ١ : ١٣٣.

(٣) المنتهى ٢ : ٩٠٠.

(٤) التهذيب ٦ : ١٣٥ حديث ٢٢٩.

٣٧١

ويستحب للعاجز الموسر الاستئجار له على رأي ، ويجوز للقادر فيسقط عنه ما لم يتعين.

______________________________________________________

قوله : ( ويستحب للعاجز الموسر الاستئجار له على رأي ).

أي : إذا نفر الناس إلى الجهاد ، وهناك عاجز موسر ، وفقير قادر ، فهل يجب على الموسر الاستئجار لذلك الفقير على الكفاية إن لم يتوقف الدفع عليه ، وعينا إن توقف ولم يستطع من دون بذل الهبة؟ (١) فيه قولان ، الأصح الوجوب (٢) ، لظاهر قوله تعالى ( وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ) (٣) وقوله : « لا يسقط الميسور بالمعسور » (٤) « إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم » (٥).

وقوله تعالى ( لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ ) إلى قوله ( وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ ) (٦) محمول على نفي الحرج عن جهاده بنفسه ، لكثرة الأوامر الدالة على الوجوب. وعبارة المختلف تدل على الوجوب إذا كان محتاجا إليه ، وعدمه مع عدم الحاجة (٧). وهو مشكل ، فان الوجوب كفائي حينئذ ، والدليل جار فيه أيضا (٨).

قوله : ( ويجوز للقادر ).

أي : الاستئجار.

__________________

(١) قال الجوهري : « وأهبه الحرب : عدتها ، والجمع أهب » الصحاح ( أهب ) ١ : ٨٩.

(٢) ذهب اليه الشيخ في النهاية : ٢٨٩ ، وابن البراج في المهذب ١ : ٢٩٨ ، وابن إدريس في السرائر : ١٥٦.

(٣) التوبة : ٤١.

(٤) عوالي اللآلي ٤ : ٥٨ حديث ٢٠٥ وفيه : لا يترك. ، وفي الهامش عن علي ـ عليه‌السلام ـ : « الميسور لا يسقط بالمعسور ».

(٥) صحيح مسلم ٢ : ٩٧٥ حديث ٤١٢ و ٤ : ١٨٣٠ حديث ١٣٠ ، سنن النسائي ٥ : ١١٠ ، سنن ابن ماجة ١ : ٣ حديث ٢.

(٦) التوبة : ٩١.

(٧) المختلف : ٣٢٤.

(٨) العبارة من ( وقوله لا يسقط. جار فيه أيضا ) لم ترد في « ن ».

٣٧٢

ولو تجدد العذر الذي هو العمى ، والزمن ، والمرض ، والفقر بعد الشروع في القتال لم يسقط على اشكال ، فإن عجز سقط.

ولو بذل للفقير حاجته وجب. ولا يجب أن يؤجر نفسه بالكفاية.

ويحرم القتال في أشهر الحرم ـ وهي : ذو القعدة ، وذو الحجة ، والمحرم ، ورجب ـ إلاّ أن يبدأ العدو بالقتال أو لا يرى لها حرمة ، ويجوز في الحرم.

______________________________________________________

قوله : ( ولو تجدد العذر ـ الذي هو : العمى ، والزمن ، والمرض ، والفقر ـ بعد الشروع في القتال لم يسقط على إشكال ).

ينشأ من الأمر بالثبات حينئذ ، ومن عموم ترخيص المعذور. والأصح السقوط إلا أن يلزم في المسلمين انكسار وتخاذل فلا يسقط حينئذ.

قوله : ( ولو عجز سقط ).

أي : لو عجز عن القتال أصلا ورأسا مع العذر المذكور سقط قطعا ، لامتناع التكليف بغير الوسع.

قوله : ( ولو بذل للفقير حاجته وجب ).

إن قبل على جهة البذل ، أو كان على وجه لازم كالنذر وشبهه ، وإلا فيشكل الوجوب ، لأنه واجب مشروط ، فلا يجب تحصيل شرطه كالحج.

قوله : ( ولا يجب أن يؤجر نفسه بالكفاية ).

لو كان المستأجر الإمام وجب قطعا ، وليس ببعيد الوجوب مع الاحتياج إليه ، بحيث يلزم غلبة الكفار على المسلمين بدونه ، خصوصا إذا وطؤوا بلاد الإسلام (١).

__________________

(١) هذه الفقرة ( قوله. الإسلام ) وردت متأخرة عن هذا الموضع في نسخ جامع المقاصد ، وأثبتناها هنا اعتمادا على نسخة القواعد.

٣٧٣

ويحرم المقام في بلاد الشرك على من يضعف عن إظهار شعائر الإسلام ، مع القدرة على المهاجرة.

وفي الرباط فضل كثير ، وهو الإقامة في الثغر لتقوية المسلمين على الكفار ، ولا يشترط فيه الإمام ، لأنه لا يشتمل قتالا ، بل حفظا واعلاما ، وله طرفا قلة وهو ثلاثة أيام ، وكثرة وهو أربعون يوما ، فان زاد

______________________________________________________

قوله : ( ويحرم المقام في بلاد الشرك على من يضعف عن إظهار شعائر الإسلام مع القدرة على المهاجرة ).

المقام بضم الميم : الإقامة ، والأصل في ذلك قوله تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ) الآية (١).

وقوله عليه‌السلام : « لا هجرة بعد الفتح » (٢) إما أن يراد به : لا هجرة من مكة ، لأنها بلد الإسلام حينئذ ، أو لا هجرة ثوابها كثواب ما قبل الفتح.

ويعلم من العبارة أن من لا يضعف عن إظهار شعائر الإسلام ، أو لا يقدر على المهاجرة لا يجب عليه ، وهل يجب الخروج من البلاد التي يعجز عن إظهار شعائر الإيمان؟ ينقل عن شيخنا الشهيد ذلك (٣). وهو حسن ، لكن الظاهر أنّ هذا إنما يكون حيث يكون الامام عليه‌السلام موجودا ، وترتفع التقية بالكلية ، أما مع غيبته وبقاء التقية فهذا الحكم غير ظاهر ، لأن جميع البلاد لا تظهر فيها شعائر الإسلام ، ولا يكون إنفاذها إلا بالمساترة وإن تفاوتت في ذلك.

قوله : ( وهو الإقامة بالثغر ).

كل موضع يخاف منه يقال له : ثغر.

قوله : ( وله طرفا قلة وهو ثلاثة أيام ).

__________________

(١) النساء : ٩٧.

(٢) مسند أحمد ١ : ٢٢٦.

(٣) اللمعة الدمشقية : ٨٦.

٣٧٤

فله ثواب المجاهدين.

ولو عجز عن المباشرة للرباط فربط فرسه لإعانة المرابطين ، أو غلامه ، أو أعانهم بشي‌ء فله فيه فضل كثير.

ولو نذر المرابطة وجب عليه الوفاء سواء كان الإمام ظاهرا أو مستورا ، وكذا لو استؤجر.

وأفضل الرباط الإقامة بأشد الثغور خطرا ، ويكره نقل الأهل والذرية إليه.

______________________________________________________

وقال ابن الجنيد : يوم (١) ، والأصح الأول ، للرواية (٢).

قوله : ( ولو نذر المرابطة وجب عليه الوفاء ، سواء كان الامام ظاهرا أو مستورا ).

هذا هو الأصح ، لعموم الأمر بالوفاء بالنذر ، وهي فعل مستحب مطلقا.

وقيل : إن كان الإمام مستورا ، ولا يخاف الشنعة لو تركها لا يجب عليه ، ولو نذر للمرابطين شيئا والحالة هذه يصرفه في وجوه البر (٣) ، والرواية (٤) لا تنهض حجة على ذلك ، والأصح وجوب الوفاء مطلقا.

قوله : ( وكذا لو استؤجر ).

أي : للمرابطة ، وقيل : يجب ردّ العوض مع غيبة الإمام على المالك ، فإن لم يكن ، فعلى الوارث ، فإن لم يكن وفي بها (٥) ، وهو ضعيف.

قوله : ( ويكره نقل الأهل والذرية إليه ).

لما يخاف من استيلاء الكفار عليهم.

__________________

(١) نقله عنه في المختلف : ٣٢٥.

(٢) التهذيب ٦ : ١٢٥ حديث ٢١٨.

(٣) قاله الشيخ في المبسوط ٢ : ٨ ـ ٩ ، النهاية : ٢٩١ ، ولكن القول مرتبط بالشق الثاني دون الأول.

(٤) التهذيب ٦ : ١٢٦ حديث ٢٢١.

(٥) قاله الشيخ في المبسوط ٢ : ٩.

٣٧٥

المقصد الثاني : فيمن يجب قتاله : وهم ثلاثة :

الأول : الحربي : وهو من عدا اليهود والنصارى والمجوس من سائر أصناف الكفار ، سواء اعتقد معبودا غير الله تعالى كالشمس والوثن والنجوم ، أو لم يعتقد كالدهري. وهؤلاء لا يقبل منهم إلا الإسلام ، فإن امتنعوا قوتلوا الى أن يسلموا أو يقتلوا ، ولا يقبل منهم بذل الجزية.

الثاني : الذمي : وهو من كان من اليهود والنصارى والمجوس ، إذا خرجوا من شرائط الذمة الآتية ، فإن التزموا بها لم يجز قتالهم.

الثالث : البغاة : والواجب قتال هؤلاء الأصناف مع دعاء الإمام أو نائبه إلى النفور ، اما لكفهم أو لنقلهم إلى الإسلام.

ولو اقتضت المصلحة المهادنة جازت ، لكن لا يتولاها غير الإمام أو نائبه.

ولا فرق بين أن يكون الوثني ، ومن في معناه عربيا أو‌ عجميا.

______________________________________________________

قوله : ( إما لكفهم أو لنقلهم إلى الإسلام ).

قيل : يمكن أن يكون لفا ونشرا غير مرتب ، على أن يكون لكفهم للبغاة ، ولنقلهم إلى الإسلام للقسمين الآخرين ، لأن

البغاة مسلمون ، وإنما يطلب كفهم عن الخروج عن طاعة الامام. وفيه شي‌ء ، لأن البغاة عندنا كفار مرتدون.

فان قيل : فكيف قبل أمير المؤمنين عليه‌السلام توبة من تاب من الخوارج ، مع أن المرتد لا تقبل توبته عندنا؟ قلنا : يمكن أن تكون الشبهة عذرا في قبول التوبة قبل دفعها.

والذي ينبغي : تعلق الحكمين بالأقسام الثلاثة ، فإنه يطلب نقل كل منهم إلى الإسلام مع التمكن منه ، وإلاّ فيطلب كفهم عن المسلمين.

قوله : ( ولا فرق بين أن يكون الوثني ، ومن في معناه ، عربيّا أو عجميّا ).

٣٧٦

وشرائط الذمة :

أ : بذل الجزية.

ب : التزام أحكام المسلمين.

وهذان لا يتم عقد الذمة إلاّ بهما ، فإن أخل بأحدهما بطل العقد ، وفي معناه ترك قتال المسلمين.

ج : ترك الزنى بالمسلمة.

د : ترك أصابتها باسم نكاح ، وكذا الصبيان من المسلمين.

هـ : ترك فتن مسلم عن دينه.

و : قطع الطريق عليه.

ز : إيواء جاسوس المشركين.

ح : المعاونة على المسلمين ، بدلالة المشركين على عوراتهم أو مكاتبتهم.

______________________________________________________

قال بعض العامة : الوثني العجمي كالذمي (١) ، وقال بعضهم : تؤخذ الجزية من جميع الكفار إلا مشرك قريش (٢).

قوله : ( التزام أحكام المسلمين ).

لأن الصّغار في الآية (٣) مفسر بذلك على الأصح.

قوله : ( وفي معناه ترك قتال المسلمين ).

أي : في معنى التزام أحكام المسلمين من حيث أنه صغار ، ويحتمل أن يكون المراد في معنى العقد ، إذ هو مقتضاه باعتبار أنه يقتضي الأمان ، وهو ينافي القتال ، وكذا ينافي معاونة المشركين على المسلمين.

__________________

(١) المجموع ١٩ : ٣٩٠ ـ ٣٩١.

(٢) الوجيز ٢ : ١٩٩ ، المجموع ١٩ : ٣٩٠ ـ ٣٩١.

(٣) التوبة : ٢٩.

٣٧٧

وهذه الستة إن شرطت في عقد الذمة انتقض العهد بمخالفة أحدها والاّ فلا ، نعم يحد أو يعزر بحسب الجناية.

ولو أراد أحدهم فعل ذلك منع منه فان مانع بالقتال نقض عهده.

ط : ما فيه غضاضة على المسلمين ، وهو ذكر ربهم ، أو نبيهم عليه‌السلام بسب ، ويجب به القتل على فاعله وينقض العهد ، ولو ذكرهما بما دون السب ، أو ذكر دينه ، أو كتابه بما لا ينبغي نقض العهد إن شرط عليه الكف عنه ، وإلاّ فلا ويعزر.

ي : إظهار منكر في دار الإسلام ولا ضرر فيه على المسلمين ،

______________________________________________________

قوله : ( وهذه الستّة إن شرطت في عقد الذمة انتقض العهد بمخالفة أحدها وإلاّ فلا ).

لعموم قوله عليه‌السلام : « المؤمنون عند شروطهم » (١) ، ولأن عقد الذمة يكفي فيه الأولان.

قوله : ( فان مانع بالقتال نقض عهده ).

يريد : وإن لم يشرط في العقد.

قوله : ( ما فيه غضاضة على المسلمين ، وهو ذكر ربهم ... ).

ظاهره أن الغضاضة بهذا القسم دون القسم الآخر ، وليس كذلك ، وإنما وجب القتل بهذا القسم وإن لم يشرط ، لأنه لو فعل ذلك مسلم أو غيره استحق به القتل.

قوله : ( أو ذكر دينه أو كتابه ).

أي : دين النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو كتابه ، وإنما اعتبر في هذه التفصيل لما ذكر في الأقسام الستة.

__________________

(١) التهذيب ٧ : ٣٧١ حديث ١٥٠٣ ، الاستبصار ٣ : ٢٣٢ حديث ٨٣٥.

٣٧٨

كإدخال الخنازير ، وإظهار شرب الخمر في دار الإسلام ، ونكاح المحرمات ، وروى أصحابنا أنه ينقض العهد.

يا : إحداث البيع ، والكنائس ، وإطالة البنيان ، وضرب الناقوس يجب الكف عنه ، سواء شرط في العقد أو لا ، فإن خالفوا لم ينتقض العهد وان شرط ، لكن يعزر فاعله. وكل موضع حكم فيه بنقض العهد فإنه يستوفي أولا ما يوجبه الجرم ، ثم يتخير الإمام بين القتل ، والاسترقاق ، والمن ، والفداء.

وينبغي للإمام أن يشترط في العقد التميّز عن المسلمين بأمور‌

______________________________________________________

قوله : ( وروى أصحابنا أنه ينقض العهد ) (١).

ظاهره أن الرواية واردة بنقضه العهد مطلقا ، والذي يظهر منها النقض مع الشرط ، وكيف كان فالأصح النقض به معه لا بدونه.

قوله : ( فإن خالفوا لم ينتقض العهد وإن شرط ).

هذا قول الشيخ (٢) ، والمتجه النقض به مع الشرط ، واختاره المصنف في التحرير (٣) ، لعموم : « المسلمون عند شروطهم » (٤).

قوله : ( ثم يتخير الامام بين القتل والاسترقاق ... ).

قيل : وبين الرّد إلى المأمن ، وهو قول الشيخ (٥) ، ويضعف بانتفاء الشبهة.

فرع : لو فعل واحد من الكفار شيئا من ذلك جاهلا ، فالذي ينبغي أن لا يترتب عليه نقض العهد للشبهة.

قوله : ( وينبغي للإمام ان يشترط في العقد ).

هذا على طريق الاستحباب.

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٢٧ حديث ٩٧ ، التهذيب ٦ : ١٥٨ حديث ٢٨٤.

(٢) المبسوط ٢ : ٤٤.

(٣) تحرير الأحكام ١ : ١٥٠.

(٤) الكافي ٥ : ٤٠٤ حديث ٨ ، صحيح البخاري ٣ : ١٢٠ ، سنن الترمذي ٢ : ٤٠٣ حديث ١٣٦٣.

(٥) المبسوط ٢ : ٤٤.

٣٧٩

أربعة : في اللباس ، والشعر ، والركوب ، والكنى.

أما الثوب ، فيلبسون ما يخالف لونه لون غيره ، ويشد الزنار فوق ثوبه إن كان نصرانيا ، ويجعل لغيره خرقة في عمامته ، أو يختم في رقبته خاتم رصاص أو حديد أو جلجل ، ولا يمنعون من فاخر الثياب ، ولا العمائم.

وأما الشعور ، فإنهم يحذفون مقاديم شعورهم ، ولا يفرقون شعورهم.

وأما الركوب ، فيمنعون من ركوب الخيل خاصة ، ولا يركبون السروج ، ويركبون عرضا رجلاهم الى جانب واحد ويمنعون تقليد السيوف ، ولبس السلاح واتخاذه.

وأما الكنى ، فلا يكنوا بكنى المسلمين.

______________________________________________________

قوله : ( ويجعل لغيره خرقة في عمامته ).

ولتكن صفراء إذا كان يهوديا ، وزرقاء إذا كان نصرانيا ، ويتخير في المجوس بين السواد والزرقة ، كذا في حواشي الشهيد.

قوله : ( أو يختم في رقبته خاتم رصاص أو حديد ).

أي : يجعل علامة له الخاتم في عنقه من أحد هذين ، ويمكن أن يكون المراد : ربط الخاتم منهما في العنق بشي‌ء ، أو يكون ذلك كناية عن الطوق للعنق.

قوله : ( ويمنعون تقليد السيوف ).

أي : لبسها ، لأنها في الأصل كانت تقليد حمائلها في العنق.

قوله : ( وأما الكنى فلا يكنّوا بكنى المسلمين ).

كأبي القاسم ، وأبي عبد الله ، ولا يمنعون من الكنى مطلقا ، لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال للاسقف : « أسلم أبا الحارث » (١).

__________________

(١) نقله ابن قدامة في المغني ١٠ : ٦١٠.

٣٨٠