جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ٣

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي

جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ٣

المؤلف:

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٩

ويقبض على أنفه ولا يقبض من الكريهة ، ويزيل ما أصاب الثوب منه.

د : الاكتحال بالسواد على رأي ، وبما فيه طيب.

هـ : النظر في المرآة على‌ رأي.

______________________________________________________

قوله : ( ويقبض على أنفه ).

أي : وجوبا ، فان لم يفعل وجبت الكفارة.

قوله : ( ولا يقبض من الكريهة ).

أي : لا يجوز ، فان فعل أثم ولا كفارة.

قوله : ( ويزيل ما أصاب الثوب منه ).

أي : وجوبا إن لم يمكن طرحه وأخذ غيره ، وحينئذ فيأمر الحلال بغسله ، أو يغسله بآلة (١) فإن تعذر غسله بيده ، وصرف الماء إليه أولى من صرفه إلى الطهارة وإزالة النجاسة ، ذكر ذلك كله في الدروس (٢).

لكن لو لم يجد طهورا أصلا ، فصرف الماء إلى الطهارة أولى ، لعدم منافاة الطيب الإحرام ، وامتناع فعل الصلاة بغير طهارة ، مع أفضليتها على الإحرام.

وجوز في المنتهى غسل الطيب بنفسه (٣) ـ وإن أمكن استنابة الحلال في ذلك ـ لأمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم محرما بغسل الطيب (٤) ، ولأنه ترك للتطيّب لا تطيّب ، فكان كالخروج من الأرض المغصوبة ، ومختار الدروس أحوط.

قوله : ( الاكتحال بالسواد على رأي ).

الأصح تحريمه ، وفي الرواية التعليل بكونه زينة (٥).

قوله : ( النظر في المرآة على رأي ).

__________________

(١) في « س » و « ه‍ » وردت جملة ( فإن تعذر. على الإحرام ) بعد جملة ( وجوز في المنتهى. الدروس أحوط ).

(٢) الدروس : ١٠٦.

(٣) المنتهى ٢ : ٧٨٥.

(٤) صحيح البخاري ٢ : ١٦٧.

(٥) الكافي ٤ : ٣٥٦ حديث ١ ، الفقيه ٢ : ٢٢١ حديث ١٠٢٩ ، التهذيب ٥ : ٣٠١ حديث ١٠٢٤ ، ١٠٢٥.

١٨١

و : الادهان بالدهن مطلقا ، وبما فيه طيب وإن كان قبل الإحرام إذا كانت رائحته تبقى الى بعد الإحرام ، ولو لم يبق جاز. ويجوز أكل ما ليس بطيب منه كالسمن والشيرج.

ز : إخراج الدم اختيارا على رأي وإن كان بحك الجلد أو السواك.

ح : قص الأظفار.

ط : إزالة الشعر وإن قل ، ويجوز مع الضرورة كما لو احتاج الى‌

______________________________________________________

تحريمه أصح أيضا ، وفي الرواية تعليله بكونه زينة أيضا (١).

قوله : ( الادهان بالدهن مطلقا اختيارا ).

أي : سواء كان طيب الرائحة أم لا ، بدليل قوله : ( وبما فيه طيب ) لكن سوق العبارة يقتضي أنّ ذلك في حال الإحرام ، لأن الكلام في تروكه.

لكن العطف بـ ( أن ) الوصلية في قوله : ( وإن كان قبل الإحرام ) يقتضي خلاف ذلك ، إذ المعطوف بـ ( أن ) الوصلية لا بد من اندراجه في الجملة التي قبلها.

قوله : ( ويجوز أكل ما ليس بطيب ).

الظاهر قراءته بتشديد الياء.

قوله : ( إخراج الدم اختيارا على رأي ).

هذا هو الأصح ، وتندرج فيه الحجامة والفصد ونحوهما.

قوله : ( وإن كان بحك الجلد ).

استثني في رواية عمار حك الأجرب جلده المفضي إلى خروج الدم ، ففيها : إنه لا يحرم (٢).

قوله : ( إزالة الشعر وإن قل ).

سواء كان بحك أو إمرار يد ، لا إن كان نابتا في العين ، ولا إن قطع من‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٣٥٦ حديث ١ ، الفقيه ٢ : ٢٢١ حديث ١٠٣١ ، التهذيب ٥ : ٣٠٢ حديث ١٠٢٩.

(٢) الكافي ٤ : ٣٦٧ حديث ١٢.

١٨٢

الحجامة المفتقرة إليه.

ى : قطع الشجر أو الحشيش ، إلاّ أن ينبت في ملكه ، وإلاّ شجر الفواكه والإذخر والنخل وعودتي المحالة.

يا : الفسوق ، وهو الكذب.

يب : الجدال ، وهو قول : لا والله وبلى والله ، والأقرب اختصاص المنع بهذه الصيغة ،

______________________________________________________

البدن نحو عضو وكان عليه شعر ، كما صرح به في المنتهى (١) وشيخنا في الدروس (٢).

قوله : ( الشجر والحشيش ).

المحرم قطع الأخضرين دون اليابسين ، كما صرح به المصنف (٣) وغيره (٤) ، وكذا الغصن المنكسر الذي هو في حكم المبان. ولا يجوز قلع أصول اليابس ، لأنه مما يرجى أن ينبت.

قوله : ( وعودي المحالة ).

هما العودان اللذان تجعل عليهما المحالة ليستقى بها ، والمحالة بكسر الأول : البكرة العظيمة.

قوله : ( والأقرب اختصاص المنع بهذه الصيغة ).

في حديثين : أحدهما معتبر الاسناد : أنّ مطلق اليمين جدال (٥) ، ولا ينافيهما ما روي صحيحا ، من أنّ الجدال إنما هو : لا والله ، وبلى والله (٦) ، لأنّ الحصر الواقع في هذا الحديث إضافي ، لأنّ في أوله : « إنّ لعمري » لا تعد جدالا ، مع أن‌

__________________

(١) المنتهى ٢ : ٧٩٣.

(٢) الدروس : ١٠٩.

(٣) التذكرة ١ : ٣٤٠ ـ ٣٤١.

(٤) منهم : الشهيد في الدروس : ١١١.

(٥) الكافي ٤ : ٣٣٨ حديث ٤ ، ٥ ، الفقيه ٢ : ٢١٤ حديث ٩٧٣.

(٦) الكافي ٤ : ٣٣٨ حديث ٣ ، التهذيب ٥ : ٣٣٦ حديث ١١٥٧.

١٨٣

وفي دفع الدعوى الكاذبة إشكال.

يج : قتل هوام الجسد كالقمل وغيره ، ويجوز النقل لا الإلقاء ، إلاّ القراد والحلم.

يد : لبس المخيط للرجال ، إلاّ السراويل لفاقد الإزار ، وإلاّ‌ الطيلسان المزرر ولا يزره.

______________________________________________________

دلالتها أصرح من دلالة الحصر ، وأرجحيتهما من جهة التعدد ظاهرة.

فالأصح عدم الاختصاص بالصيغة المذكورة ، وتعدية الحكم إلى كل ما يعد يمينا شرعا.

قوله : ( وفي دفع الدعوى الكاذبة إشكال ).

على ما اختاره المصنف ، من أنّ الحكم مختص بلا والله ( وبلى والله ) (١) ، لا وجه لهذا الاشكال ، والأصح الجواز ، للضرورة.

قوله : ( قتل هو أم الجسد ).

هي جمع هامة كالقمل والبراغيث والقراد ، فلا يجوز قتل شي‌ء منها على حال ، ولو بنحو الزئبق.

قوله : ( ويجوز النقل ، لا الإلقاء ).

أي : النقل من مكان إلى مكان آخر من الجسد ، لورود النص (٢) ، ولدفع شدة الضرورة ، ولا يجوز الإلقاء.

قوله : ( الا القراد والحلم ).

القراد مضموم الأول معروف ، والحلم محركة : كباره وصغاره ، فقد نص عليه في القاموس (٣) ، فيجوز إلقاؤها عن نفسه وبعيره لا قتلها.

قوله : ( وإلا الطيلسان ).

__________________

(١) لم ترد في « ن ».

(٢) الفقيه ٢ : ٢٣٠ حديث ١٠٩١ ، التهذيب ٥ : ٣٣٦ حديث ١١٦١.

(٣) القاموس ( قزد ) ١ : ٣٣٩ ، ( حلم ) ٤ : ٩٩.

١٨٤

يه : لبس الخفين ، وما يستر ظهر القدم اختيارا ، ولا يشقهما لو اضطر على رأي.

يو : لبس الخاتم للزينة لا للسنة ، ولبس الحلي للمرأة غير المعتاد أو للزينة ، ويجوز المعتاد ، ويحرم إظهاره للزوج.

ير : الحناء للزينة على رأي.

______________________________________________________

هو ثوب منسوج يحيط بالبدن ، ومعنى قوله : ( المزرر ) : الذي له أزرار ، شأنه أن يزر. ومنه يستفاد بالإيماء عدم جواز عقد ثوب الإحرام الذي يكون على المنكبين ونحو ذلك ، وكذا يحرم ما يشبه المخيط من الثياب المنسوجة.

قوله : ( ولا يشقهما لو اضطر على رأي ).

يجب الشق ، لورود الأمر به (١) ، ولوجوب كشف ظهر القدم بحسب الإمكان.

قوله : ( لبس الخاتم للزينة ).

أي : فلا يحرم لبسه للسنة ، فيكون المرجع إلى قصده.

قوله : ( غير المعتاد أو للزينة ).

أي : يحرم غير المعتاد مطلقا ، وكذا يحرم ما كان للزينة.

قوله : ( ويحرم إظهاره للزوج ).

ظاهر العبارة عدم تحريم إظهاره لغير الزوج من المحارم ، وتعليله في التذكرة بحدوث الشهوة إلى إيقاع المنهي عنه قد يشعر بذلك (٢) ، إلا أنّ في الرواية : « من غير أن تظهره للرجال في مركبها ومسيرها » (٣) وهو عام.

قوله : ( الحناء للزينة على رأي ).

الأصح التحريم ، ولا يحرم للسنة ، وحكم ما قبل الإحرام إذا قارنه حكمه ،

__________________

(١) الكافي ٤ : ٣٤٦ حديث ١ ، الفقيه ٢ : ٢١٨ حديث ٩٩٧.

(٢) التذكرة ١ : ٣٣٦.

(٣) الكافي ٤ : ٣٤٥ حديث ٤ ، التهذيب ٥ : ٧٥ حديث ٢٤٨ ، الاستبصار ٢ : ٣١٠ حديث ١١٠٤.

١٨٥

يح : تغطية الرأس للرجل ولو بالارتماس ، فان غطاه وجب الإلقاء ، واستحب تجديد التلبية ، ويجوز للمرأة وعليها أن تسفر عن وجهها ، ويجوز لها سدل القناع من رأسها إلى طرف أنفها إذا لم يصب وجهها.

يط : التظليل للرجل سائرا اختيارا ، ويختص المريض والمرأة به لو زاملهما ، ويجوز المشي تحت‌ الظلال ، والتظليل جالسا.

______________________________________________________

نص عليه في الدروس (١).

قوله : ( وعليها أن تسفر عن وجهها ).

بالنسبة إلى الإحرام ، لا بالنسبة إلى نظر الأجانب ، فستر الرأس واجب قطعا لأنه عورة ، بخلاف الوجه فإنه مختلف فيه.

ويتخير الخنثى بين الأمرين ، ولا تجب عليها الكفارة إلا إذا جمعت بين تغطية الرأس والوجه معا (٢).

قوله : ( التظليل للرجل سائرا ).

إذا جعل ما يتظلل به فوق رأسه حرم قطعا ، وإلا ففي التحريم نظر ، ونقل المصنف في المنتهى (٣) والشيخ في الخلاف الإجماع على الجواز (٤) ، وتردد في الدروس (٥). وظاهر إطلاق الأخبار التحريم (٦) ، وهو أحوط ، وإن كان نقل الشيخ والمصنف الإجماع على الجواز لا سبيل إلى رده.

قوله : ( ويجوز المشي تحت الظلال ).

__________________

(١) الدروس : ١١٠.

(٢) في « ن » : وحيث ان المرأة يحرم عليها ستر وجهها في الإحرام ، فلا بد من كشف شي‌ء من الرأس من باب المقدمة ، لكن حال الصلاة يجب عليها ستر جزء من الوجه ، لأن الرأس عورة ولا يتم ستره الا بستر جزء من الوجه فقد تعارضا ، فما الذي يقدم؟ لا يبعد تقديم حكم الصلاة لأن وجوبه أسبق ، ولا تقبل النيابة.

(٣) المنتهى ٢ : ٧٩٢.

(٤) الخلاف ١ : ٢٥٧ مسألة ١١٩ كتاب الحج.

(٥) الدروس : ١٠٧.

(٦) الفقيه ٢ : ٢٢٥ حديث ١٠٥٩ ، التهذيب ٥ : ٣١١ ، ٣١٢ حديث ١٠٦٧ ـ ١٠٧٠ ، الاستبصار ٢ : ١٨٥ باب المريض يظل على وجهه.

١٨٦

ك : لبس السلاح اختيار على رأي ، ويجوز لبس المنطقة وشد الهميان على الوسط.

الفصل الثاني : في الطواف.

قد بينا أن المتمتع يقدم عمرته ، فإذا أحرم من الميقات دخل مكة لطواف العمرة واجبا ، أما القارن ، والمفرد فيقدمان الوقوف عليه.

وفي الطواف مطالب :

الأول : في واجباته ، وهي أحد عشر :

______________________________________________________

إطلاق الأخبار يقتضي التحريم مطلقا ، إلا مع الضرورة مثل : « أضح لمن أحرمت له » (١) أي : ابرز للشمس ، ومثل : « لا يظلل » (٢) وغيرهما (٣) ، إلا أنّ المصنف نقل الإجماع على جواز التظلل بالمحمل ونحوه إذا لم يكن فوق رأسه (٤).

ونقل المصنف (٥) والشيخ الإجماع على جواز نصب ثوب والتظلل به إذا لم يصر فوق الرأس (٦) ، وتردد في الحكم في الدروس (٧) ، والتحريم أحوط.

قوله : ( لبس السلاح اختيارا على رأي ).

هذا هو الأصح ، لمفهوم الأخبار الدالة على تقييد الجواز بحال الضرورة (٨).

قوله : ( قد بينا ... ).

يريد بهذا : بيان وجه ذكر الطواف بعد الإحرام.

__________________

(١) الكافي ٤ : ٣٥٠ حديث ٢.

(٢) الكافي ٤ : ٣٥١ حديث ٦ ، التهذيب ٥ : ٣٠٩ حديث ١٠٦٠.

(٣) الفقيه ٢ : ٢٢٥ حديث ١٠٩٥ ، التهذيب ٥ : ٣١٣ حديث ١٠٧٥.

(٤) المنتهى ٢ : ٧٩٢.

(٥) المنتهى ٢ : ٧٩٢.

(٦) الخلاف ١ : ٢٧٥ مسألة ١١٩ كتاب الحج.

(٧) الدروس : ١٠٧.

(٨) الكافي ٤ : ٣٤٧ حديث ٤ ، الفقيه ٢ : ٢١٨ حديث ١٠٠٤ ، التهذيب ٥ : ٣٨٧ حديث ١٣٥١ ، ١٣٥٢.

١٨٧

أ : طهارة الحدث والخبث عن الثوب والبدن ، وستر العورة. وإنما يشترط طهارة الحدث في الواجب ، ويستحب في الندب.

ولو ذكر في الواجب عدم الطهارة استأنف معها ، ويعيد الصلاة واجبا مع وجوبه ، وندبا مع ندبه.

ولو طاف الواجب مع العلم بنجاسة الثوب أو البدن أعاد ، ولو علم في الأثناء أزاله وتمم ،

______________________________________________________

قوله : ( طهارة الحدث والخبث عن الثوب والبدن ).

هما شرط في الواجب قطعا ، ويعفى في النجاسة عما عفي عنه في الصلاة على الأصح ، لأنه كالصلاة إلا في الكلام ، ولا يشترط الطهارة من الحدث في المندوب على الأصح ، للرواية (١).

قوله : ( وستر العورة ).

أي : التي يجب سترها في الصلاة وبه رواية (٢) ، ويظهر من المصنف في المختلف التوقف في وجوبه (٣).

قوله : ( ولو ذكر في الواجب عدم الطهارة استأنف معها ).

ولو كان بتذكر يقين الحدث مع الشك في الطهارة.

قوله : ( ويعيد الصلاة واجبا مع وجوبه ).

كأنّ قوله : ( مع وجوبه ) مستدرك ، لأنّ تقييد الحكم السابق بكون الطواف واجبا يغني عنه.

قوله : ( ولو علم في الأثناء أزاله وأتم ).

أي : أزال الثوب النجس ، وقد كان المناسب أن يقول : أزالها ، فإن المعروف إزالة النجاسة. ويجب أن يقيّد بما إذا لم يحتج إلى فعل يستدعي قطع‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٤٢٠ حديث ٣ ، الفقيه ٢ : ٢٥٠ حديث ١٢٠٢ ـ ١٢٠٤ ، التهذيب ٥ : ١١٦ حديث ٣٨٠.

(٢) تفسير القمي ١ : ٢٨٢.

(٣) المختلف : ٢٩١.

١٨٨

ولو لم يعلم الاّ بعده أجزأ.

ب : الختان ، وهو شرط في الرجل المتمكن خاصة.

ج : النية ، وهي أن يقصد إلى إيقاع طواف عمرة التمتع أو غيرها ، لوجوبه أو ندبه ، قربة الى الله تعالى عند الشروع ، فلو أخل بها أو بشي‌ء منها بطل.

______________________________________________________

الطواف ، ولم يكمل أربعة أشواط ، وإلاّ لم يجز التتميم ، بل يجب الاستئناف.

قوله : ( ولو لم يعلم إلا بعده أجزأ ).

قيل عليه : تجب إعادة الجاهل بالنجاسة في الصلاة في الوقت ، فتجب الإعادة هنا.

قلنا : هناك وقت محدود شرعا ، وهنا وقت الطواف زمان فعله ، فإذا فرغ منه لم يبق وقت.

نعم ، لو وجب القضاء في الصلاة ـ كما في ناسي النجاسة ـ اتجهت الإعادة هنا مع احتمال العدم ، لانتفاء الأداء والقضاء معا المقتضي لانتفاء وقتيهما.

قوله : ( الختان ، وهو شرط في الرجل المتمكن خاصة ).

أي : دون المرأة ، للرواية (١) ، لكن يرد عليه الخنثى والصبي ، فإنّ النص يتناولهما ، ولا بعد فيه بالنسبة إلى الصبي ، فإن الختان شرط الطواف كالطهارة ، فيعتبر فيه كما تعتبر الطهارة.

قوله : ( النية ... ).

ويجب أن يقصد ما يطوف له من حج الإسلام أو غيره ، وعمرة الإسلام أو غيرها ، لأنّ « لكل امرئ ما نوى » (٢).

__________________

(١) الكافي ٤ : ٢٨١ حديث ١ ، ٢ ، الفقيه ٢ : ٢٥٠ حديث ١٢٠٥ ، ١٢٠٦ ، التهذيب ٥ : ١٢٥ ، ٤٦٩ حديث ٤١٢ ، ١٦٤٦.

(٢) أمالي الطوسي ٢ : ٢٣١ ، صحيح مسلم ٣ : ١٥١٥ حديث ١٥٥ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٤١٣ حديث ٤٢٢٧.

١٨٩

د : البدأة بالحجر الأسود ، فلو بدأ بغيره لم يعتد بذلك الشوط ، الى أن ينتهي إلى أول الحجر ، فمنه يبتدئ الاحتساب إن جدد النية عنده للإتمام

______________________________________________________

قوله : ( البدأة بالحجر الأسود ... ).

ويجب فيه أن يحاذي بأوّل مقاديم بدنه ، ـ حال كون البيت على يساره ـ ، أوّل الحجر الذي إلى جهة الركن اليماني ، مقارنا بالنية أوّل حركات الطواف بحيث تمر عليه كله ، ولا يجب أن يستقبله بوجهه ثم ينحرف ، بل يجزئه أن يجعله على يساره ابتداء ، وإن كان الأفضل استقباله أولا ، وقد نبه على ذلك في المختلف (١) ، والدروس (٢).

قوله : ( فمنه يبتدئ الاحتساب إن جدد النية عنده للإتمام ).

قال الشارح : إنّ قوله : ( للإتمام ) تعليل للصحة حينئذ ، والتقدير : ويصح ذلك لكونه طوافا تاما مستجمعا ما يعتبر فيه (٣). وفيه بعد ، لأنّ المتبادر من العبارة تجديد النية للإتمام.

وحكى ، أن على النسخة التي بخط المصنف قيدا بغير خطه ، حاصله : أنّ المقصود بالإتمام إكمال الشوط الناقص ، بحيث لا يجعل المبتدأ منتهى ، ويبتدئ الطواف منه ، ثم يأتي إلى الحجر (٤).

ولا محصل لهذا ، لأنه إن جعل ذلك تعليلا للصحة كان تقدير الكلام : ويصح لإتمام الشوط الناقص ، بحيث لا يجعل المبتدأ منتهى إلى آخره ، كان فساده ظاهرا ، فإنه لا رابطة بين الصحة وإتمام الشوط الناقص أصلا ، مع عدم انتظام قوله : « بحيث لا يجعل » الى آخره ، معه.

__________________

(١) المختلف : ٢٩٢.

(٢) الدروس : ١١٤.

(٣) إيضاح الفوائد ١ : ٢٩٨.

(٤) إيضاح الفوائد ١ : ٢٩٨.

١٩٠

مع احتمال البطلان ، ولو حاذى آخر الحجر ببعض بدنه في ابتداء الطواف لم يصح.

______________________________________________________

وإن جعل متعلق اللام فيه جدد بحيث يكون تتمة للكلام فأظهر في الفساد ، إذ لا معنى لتجديد النية الذي هو شرط لابتداء الاحتساب من الحجر ، لإتمام الشوط الناقص الى آخره أصلا.

وحكى ولد المصنف أنه كان قد اشتهر بين تلامذة المصنف أن المراد : أن ينوي عند الحجر الإتمام ، أي : يأتي بستة أشواط إتمام الشوط الأول ، ثم يأتي بنية أخرى عند تمام الستة بشوط سابع ، ويبطل ذلك الناقص ، فكأنه قد نوى الطواف بنيتين ، فاللام تتعلق ـ أي : إن جدد النية لإتمام الطواف ـ بستة أشواط أخر الى آخره.

وهذا أغرب ، لأنه مع وقوع العبادة بنيتين يقتضي أن لا يجزئ غيره ، كما هو مقتضى قوله : ( إن جدد النية ... ) ، بل يقتضي انّ ابتداء الاحتساب إنما يتحقق إذا جدد النية عند الحجر للإتمام على الوجه المذكور ، وهو أشد غرابة.

والحق أن العبارة لا تخلو من شي‌ء ، ومع كمال التعسف ، وحملها على ما اختاره الشارح تسلم من الفساد في المعنى.

قوله : ( مع احتمال البطلان ).

وجه هذا الاحتمال أنّ الطواف حينئذ مشتمل على الزيادة بحسب الصورة ، حيث لم يفصل بين الزيادة والطواف بسكون ، وضعفه أظهر من أن يحتاج إلى بيان.

قوله : ( ولو حاذى آخر الحجر ببعض بدنه في ابتداء الطواف لم يصح ).

المراد بآخر الحجر : الطرف الآخر الذي ( يلي الطرف الذي ) (١) يبتدئ منه الطائف ، والتقييد بآخر الحجر غير محتاج إليه ، فإنّ محاذاته بشي‌ء من بدنه غير‌

__________________

(١) لم ترد في « س ».

١٩١

هـ : الختم بالحجر ، فلو أبقى من الشوط شيئا وإن قل لم يصح ، بل يجب أن ينتهي من حيث ابتدأ.

و : جعل البيت على يساره ، فلو جعله على يمينه أو استقبله بوجهه لم يصح.

ز : خروجه بجميع بدنه عن البيت ، فلو مشى على شاذروان الكعبة لم يصح ، ولو كان يمس الجدار بيده في موازاة الشاذروان صح.

______________________________________________________

الطرف الأول لا يعتد به.

قوله : ( الختم بالحجر ).

يراد : الختم بموضع ابتدائه كما يدل عليه آخر كلامه.

قوله : ( أو استقبله بوجهه لم يصح ).

وكذا لو جعل ظهره إليه.

قوله : ( فلو مشى على شاذروان الكعبة ... ).

المراد به : أساسها الذي بقي بعد تعميرها أخيرا.

قوله : ( ولو كان يمس الجدار بيده في موازاة الشاذروان صح ).

إن كان متعلق ( في ) هو ( يمس ) ، كان المعنى : إنّ المس إذا وقع في موازاة الشاذروان ( صح ) (١) ، أي : مقابله يصح.

ويشكل ، بأنه غير خارج عن البيت بجميع بدنه حينئذ ، والأصح عدم الصحة على هذا التقدير (٢).

وإن كان متعلقة محذوفا على أنه حال من الجدار كان المعنى : أنه لو مس الجدار الكائن في موازاة الشاذروان صح ، وهو ظاهر لخروجه حينئذ بجميعه عن البيت.

__________________

(١) لم ترد في « ن » و « ه‍ ».

(٢) لم ترد في « س ».

١٩٢

ح : إدخال الحجر في الطواف ، فلو مشى على حائطه ، أو طاف بينه وبين البيت لم يصح.

ط : الطواف بين البيت والمقام ، فلو أدخل المقام فيه لم يصح.

ي : رعاية العدد ، فلو نقص عن سبعة ولو شوطا ، أو بعضه ولو خطوة لم يصح. ولو زاد على طواف الفريضة عمدا بطل ، ولو كان سهوا قطع إن ذكر قبل بلوغه الركن ، ولو كان بعده استحب إكمال أسبوعين ، وصلى للفريضة أولا ، وللنافلة بعد السعي.

ويكره الزيادة عمدا في النافلة ، فإن فعل استحب الانصراف على الوتر.

______________________________________________________

والأول هو السابق إلى الفهم من العبارة ، وإن كان ارتكاب المس في موازاة الشاذروان لا يخلو من تجوز.

قوله : ( الطواف بين البيت والمقام ... ).

وكذا يجب مراعاة النسبة من كل جانب ، كما دلت عليه الأخبار (١) ، حتى من جانب الحجر ، لما علم أنه من البيت.

قوله : ( قطع إن ذكر قبل بلوغه الركن ).

المراد به : العراقي ، وفي رواية أبي كهمش ، عن الصادق عليه‌السلام : « إن ذكر قبل أن يأتي الركن فليقطعه » (٢). وفسره بعض الأصحاب بالشامي.

قوله : ( استحب إكمال أسبوعين ).

فيمكن أن يقال : ينوي للثاني من الآن ، ولا بعد في أن يؤثر فيما مضى ، أو يكتفي بنية الأول ، وهو بعيد.

__________________

(١) الكافي ٤ : ٤١٣ حديث ١ ، التهذيب ٥ : ١٠٨ حديث ٣٥١.

(٢) الكافي ٤ : ٤١٨ حديث ١٠ ، التهذيب ٥ : ١١٣ حديث ٣٦٧ ، الاستبصار ٢ : ٢١٩ حديث ٧٥٣.

١٩٣

ولو نقص من طوافه ناسيا أتمه إن كان في الحال ، وإن انصرف فان كان قد تجاوز النصف رجع فأتم ، ولو عاد إلى أهله استناب. ولو كان دون النصف استأنف. وكذا لو قطع طوافه لدخول البيت ، أو للسعي في حاجة ، أو مرض في أثنائه ، فإن استمر مرضه وتعذر الطواف به طيف عنه وكذا لو أحدث في طواف الفريضة يتم مع تجاوز النصف بعد الطهارة ، وإلاّ استأنف.

ولو شرع في السعي ، فذكر نقصان الطواف رجع إليه فأتمه مع تجاوز النصف ، ثم أتم السعي. ولو لم يتجاوز استأنف الطواف ، ثم استأنف‌ السعي.

______________________________________________________

قوله : ( فان كان قد تجاوز النصف رجع فأتم ، ولو عاد إلى أهله استناب ).

لا يبعد جواز الاستنابة هنا اختيارا ، وبه صرح في الدروس في حكم طواف النساء (١).

قوله : ( وكذا لو قطع طوافه لدخول البيت ، أو للسعي في حاجة ... ).

أي : إن أكمل أربعة بنى وإلا استأنف ، وكذا لو قطعه لصلاة فريضة دخل وقتها ، وكذا النافلة إذا تضيق وقتها ، وقيل : يبني على شوط (٢) ، وهو ضعيف. وإنما يجوز القطع لواحد من الأسباب المذكورة ، لا بدونها (٣) ، ويجب أن يحفظ موضع القطع ليكمل منه ( إذا عاد ، فلو شك احتمل الأخذ بالأقل ، ويحتمل البطلان ) (٤).

قوله : ( ولو لم يتجاوز استأنف الطواف ثم استأنف السعي ).

__________________

(١) الدروس : ١١٦.

(٢) قاله الشيخ في التهذيب ٥ : ١٢١.

(٣) هكذا في نسخة « س » وفي « ن » و « ه‍ » ( فيحرم لا بدونها ). وهي كما ترى.

(٤) لم ترد في « ن ».

١٩٤

ولو شك في العدد بعد الانصراف لم يلتفت ، وكذا في الأثناء إن كان في الزيادة ويقطع ، وإن كان في النقصان أعاد ، كمن شك بين الستة والسبعة ، وفي النافلة يبني على الأقل.

ويجوز الإخلاد إلى الغير في العدد ، فان شكا معا فالحكم ما سبق.

______________________________________________________

فرع : لو سعى قبل الطواف أعادهما وإن كان ناسيا ، وهو في صحيحة منصور بن حازم عن الصادق عليه‌السلام (١).

قوله : ( وكذا في الأثناء إن كان في الزيادة ويقطع ).

هذا إذا بلغ ركن الحجر وإلا بطل ، للتردد بين الزيادة والنقصان ، فان كان بلغه قطع وجوبا ، حذرا من حصول الزيادة (٢).

قوله : ( ويجوز الإخلاد إلى الغير في العدد ).

للرواية (٣) ، ويشترط فيه البلوغ ، لا الذكورة ولا الحرية. وهل تشترط العدالة؟ وجهان ، وظاهر الأخبار العدم ، لأنه عليه‌السلام لما سئل عن ذلك لم يستفصل عنها (٤) ، وإن كان اعتبارها أحوط.

قوله : ( فان شكّا معا فالحكم ما سبق ).

أي : ينظر فإما أن يكون في الزيادة أو النقيصة ، وعلى الزيادة فاما أن‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٤٢١ حديث ٢ ، التهذيب ٥ : ١٢٩ حديث ٤٢٦ ، ٤٢٧.

(٢) في هامش النسخة « ه‍ » : أي وكذا الحكم لو شك في أثناء الفعل ، أي قبل الفراغ منه إن كان الشك في محض الزيادة ، بأن يتحقق السبعة ويشك في الزائد ، ولا يتصور هذا الفرض إلا إذا كان عند الحجر ، وإلاّ كان الشك في الزيادة والنقيصة أو كانت الزيادة مقطوعا بها ، فان كان الفرض الأول قطع وجوبا ، وان كان الفرض الثاني بطل ، وإن كان الثالث قطع وجوبا والابطل ، الا أن يكون في الشوط الثاني من الزيادة. بخطه رحمه‌الله ، وجاء في النسخة « ن » مدرجة في المتن. وأضاف الناسخ في الهامش ما لفظه : متن الزيادة من قوله : اي وكذا الى آخر الحاشية كتب في الحاشية بخطه ، منه.

(٣) الكافي ٤ : ٤٢٧ ، حديث ٢ ، الفقيه ٢ : ٢٥٤ ، ٢٥٥ حديث ١٢٣٣ ، ١٢٣٤ ، التهذيب ٥ : ١٣٤ حديث ٤٤٠.

(٤) المصدر السابق.

١٩٥

يا : الركعتان ، وتجبان في الواجب بعده في مقام إبراهيم عليه‌السلام حيث هو الان ، ولا تجوز في غيره ، فان زوحم صلى وراءه أو في أحد جانبيه ، ولو نسيهما وجب الرجوع ، فان شق قضاهما موضع الذكر ، ولو مات قضاهما الولي.

______________________________________________________

يكون قد بلغ ركن الحجر أولا ( الى آخره ) (١).

قوله : ( حيث هو الآن ).

نبه : بـ ( الآن ) على انتقال المقام ، وقد نقل أنه كان في عهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند الباب (٢).

قوله : ( ولا يجوز في غيره ).

قال في الدروس : إنّ معظم الأخبار ، وكلام الأصحاب ليس فيهما الصلاة في المقام ، بل عنده أو خلفه (٣).

وتعبير بعض الفقهاء بالصلاة في المقام مجاز (٤) ، تسمية لما حول المقام باسمه ، لأنّ المراد بالمقام حقيقة : هو الصخرة التي عليها أثر قدم إبراهيم عليه‌السلام ، ولا يصلى عليها ولا قدامها ، وهذا حق.

لكن المراد بالمقام : هو البناء المعد للصلاة ، الذي هو وراء الموضع ، الذي فيه هذه الصخرة بلا فصل ، ومع الزحام يصلي خلف هذا الموضع أو الى جانبيه.

ووقتهما عند الفراغ من الطواف ، لقول الصادق عليه‌السلام : « لا تؤخرها ساعة ، إذا طفت فصل » (٥).

قوله : ( ولو نسيهما وجب الرجوع ).

__________________

(١) لم ترد في « ن ».

(٢) الكافي ٤ : ٢٢٣ حديث ٢.

(٣) الدروس : ١١٣.

(٤) عبر عن ذلك ابن حمزة في الوسيلة : ١٩٠ ، والشيخ في المبسوط ١ : ٣٦٠ ، والنهاية : ٢٤٢ ، وسلار في المراسم : ١١٠.

(٥) الكافي ٤ : ٤٢٣ حديث ١ ، التهذيب ٥ : ٢٨٦ حديث ٩٧٣.

١٩٦

المطلب الثاني : في سننه ، يستحب الغسل لدخول مكة ، ولو تعذر فبعده. والأفضل من بئر ميمون بن الحضرمي بأبطح مكة ، أو فخ وهي على رأس فرسخ من مكة للقادم من المدينة ، والاّ فمن منزله ، ومضغ الإذخر ، ودخول مكة من أعلاها حافيا ، بسكينة ووقار ، والغسل لدخول المسجد الحرام ، ودخوله من باب بني شيبة

______________________________________________________

أي : إلى المقام ، قال في الدروس : فان تعذر فحيث شاء من الحرم ، فإن تعذر فحيث أمكن من البقاع (١). فان كان مراده وجوب الرجوع إلى الحرم إذا تعذر المقام ـ وهو الظاهر ـ توقف على النص الدال على ذلك.

وقال أيضا : إنّ الجاهل كالناسي (٢). وهو محتمل ، ويمكن إلحاقه بالعامد إن (٣) لم يجوّز له فعلهما في غير المقام ، لأنه مقصر بجهله.

قوله : ( من بئر ميمون الحضرمي ).

هو بالحاء المهملة.

قوله : ( وإلا فمن منزله ).

في العبارة مناقشة ، لأنّ هذا الحكم لا يستقيم على إطلاقه ، إذ ليس كل من لا يكون قادما من المدينة يستحب له الغسل من منزله لدخول مكة.

قوله : ( ودخول مكة من أعلاها ).

أي : لكل قادم ، سواء قدم على طريق المدينة أم لا ، تأسيا بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٤) وقيل : إنّ هذا مختص بالقادم من المدينة (٥).

قوله : ( ودخوله من باب بني شيبة ).

قيل : لأنّ هبل الصنم مدفون تحت عتبة باب بني شيبة ، فسن الدخول منه‌

__________________

(١) الدروس : ١١٣.

(٢) المصدر السابق.

(٣) في « ن » : أي.

(٤) الكافي ٤ : ٢٤٨ حديث ٤ ، التهذيب ٥ : ٤٥٧ حديث ١٥٨٨.

(٥) ذهب اليه سلار في المراسم : ١٠٩ ، وابن إدريس في السرائر : ١٣٤.

١٩٧

بعد الوقوف عندها ، والدعاء بالمأثور ، والوقوف عند الحجر ، والدعاء رافعا يديه به ، واستلامه ببدنه أجمع ، وتقبيله فان تعذر فببعضه ، فان تعذر فبيده ، ويستلم المقطوع بموضع القطع ، وفاقد اليد يشير ، والدعاء في أثنائه ، والذكر ، والمشي ، والاقتصاد فيه بالسكينة

______________________________________________________

ليطؤوه بأرجلهم (١).

قلت : سمعنا أنّ هذا الباب يدعى الآن بباب السلام ، وينبغي أن يعلم أنّ هذا الباب الآن غير معلوم ، لأنّ المسجد قد ثبت أنه زيد فيه.

نعم يراعى الدخول من الباب الذي يسامته الآن ، فعلى ما سمعناه يدخل من باب السلام المعروف الآن بذلك.

قوله : ( بعد الوقوف عندها ).

في حواشي الشهيد : لم يسمع تأنيث الباب في اللغة ، والصواب تذكيره.

قوله : ( واستلامه ببدنه أجمع ).

المراد : معظمه مجازا ، والاستلام بغير همز معناه : المس ، افتعال من السلام بالكسر : وهو الحجارة ، أو من السلام بالفتح ، ( أعني ) (٢) التحية ، أي : يحيي نفسه عند الحجر ، كما في قولهم : اختدم (٣) ، أي خدم نفسه إذا لم يكن له خادم.

وقيل : إنه بالكسر بهمز من اللاّمة : وهي الدرع ، فيكون معناه : اتخذه جنة وسلاحا.

قوله : ( والمشي والاقتصاد فيه ).

أي : في المشي بحيث يتوسط فيه.

وقوله : ( بالسكينة ).

أي : يكون ساكن الأعضاء.

__________________

(١) ورد هذا التفسير رواية عن الامام الصادق ( ع ) ، انظر : الفقيه ٢ : ١٥٤ حديث ٦٦٨.

(٢) لم ترد في « س ».

(٣) في « ن » : اختدم نفسه.

١٩٨

على رأي ، ويرمل ثلاثا ، ويمشي أربعا في طواف القدوم على رأي.

والتزام المستجار في السابع ، وبسط اليد على حائطه ، والصادق‌

______________________________________________________

وقوله : ( على رأي ).

يتعلق بالمشي ، أي : يستحب المشي في جميع الطواف ، ويستحب مع ذلك الاقتصاد والسكينة.

قوله : ( ويرمل ثلاثا ، ويمشي أربعا في طواف القدوم على رأي ).

الرمل ( محركا ) (١) : هو الإسراع في المشي مع تقارب الخطى ، دون الوثوب والعدو ، ويسمى الخبب.

والمراد بطواف القدوم : أول طواف يأتي به القادم إلى مكة ، ( واجبا كان أو مندوبا ) (٢) وسواء كان عقيبه سعي ، كطواف العمرة بالمتمتع بها وطواف الحج المقدم ، أم لا كطواف الحاج مفردا إذا قدم ندبا.

فلا رمل في طواف النساء والوداع إجماعا ، ولا في طواف الحج تمتعا ، ولا فيه إفرادا إذا كان المفرد قد دخل مكة أولا.

وإنما يستحب ـ على القول به ـ للرجل الصحيح ، دون المرأة والخنثى والمريض بشرط أن لا يؤذي غيره ، ولا يتأذى هو ، ولو كان راكبا حرك دابته ، ولا فرق بين الركنين اليمانيين وغيرهما عندنا.

والأصح في المذهب والمشهور بين الأصحاب عدم الاستحباب ، لقوله عليه‌السلام : « مشي بين المشيين » (٣).

قوله : ( والتزام المستجار في السابع ... ).

ويستحب الإقرار بالذنوب ، فإنه ليس عبد مؤمن يقر لربه بذنوبه في هذا المكان ، إلا غفر له (٤).

__________________

(١) لم ترد في « س ».

(٢) لم ترد في « ن ».

(٣) الكافي ٤ : ٤١٣ حديث ١ ، التهذيب ٥ : ١٠٩ حديث ٣٥٢.

(٤) انظر : الكافي ٤ : ٤١١ حديث ٥ ، التهذيب ٥ : ١٠٤ ، ١٠٧ حديث ٣٣٩ ، ٣٤٩.

١٩٩

البطن به ، والخد والدعاء ، فان تجاوزه رجع.

والتزام الأركان خصوصا العراقي واليماني ، وطواف ثلاثمائة وستين طوافا ، فان عجز جعل العدة أشواطا ، فالأخير

عشرة ، والتداني من البيت ، ويكره الكلام بغير الدعاء والقرآن.

______________________________________________________

قوله : ( فان تجاوزه رجع ... ).

قال في الشرائع : لم يرجع (١) ، فالمسألة ذات قولين ، يمكن حملها على اختيار كل قولا ، ويمكن حمل كلامه هنا على النسيان ، وكلام صاحب الشرائع على العمد ، أو يحمل كلام المصنف على من تجاوز ولم يبلغ الركن اليماني ، وكلام الشرائع على بلوغه ، كما دلت عليه صحيحة علي بن يقطين عن أبي الحسن عليه‌السلام (٢) وكيف كان فالعمل على الرواية.

قوله : ( واليماني ).

بتخفيف الياء ، لأنّ الألف عوض من ياء النسبة على اللغة المشهورة.

قوله : ( فان عجز جعل العدة أشواطا والأخير عشرة ).

هذا هو المشهور وقوفا مع ظاهر النقل ، وزاد ابن زهرة أربعة ، ليصير الأخير طوافا كاملا (٣).

قال شيخنا الشهيد : واستقر به العلماء (٤) ، وفي جامع البزنطي إشارة اليه ، لأنه ذكر في سياق أحاديثه عن الصادق عليه‌السلام أنّه اثنان وخمسون طوافا (٥).

__________________

(١) الشرائع ١ : ٢٦٩.

(٢) التهذيب ٥ : ١٠٨ حديث ٣٥٠.

(٣) الغنية ( الجوامع الفقيه ) : ٥١٥.

(٤) نسبه الفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٣٤٣ الى الشهيد في حاشيته على القواعد.

(٥) لم نجده في مستطرفات السرائر فيما استطرفه من كتاب جامع البزنطي ، لكن روى الشيخ في التهذيب ٥ : ٤٧١ حديث ١٦٥٥ عن أبي نصر عن علي عن أبي بصير عن أبي عبد الله ( ع ) قال : « يستحب أن يطاف بالبيت عدد أيام السنة كل أسبوع لسبعة أيام فذلك اثنان وخمسون أسبوعا ».

٢٠٠