جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ٢

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي

جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ٢

المؤلف:

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٤

ولو صلّى منفردا ثم نوى الائتمام لم يجز ، ولو نوى المأموم الانفراد جاز.

ولو أحرم مأموما ثم صار إماما ، أو نقل إلى الائتمام بآخر صحّ في موضع واحد ، وهو الاستخلاف.

ولو تعدد المسبوق أو ائتم المقيمون بالمسافر جاز لهم الائتمام بأحدهم بعد تسليم الإمام.

الثامن : توافق نظم الصلاتين ، فلا يقتدي في اليومية بالجنازة ، والكسوف والعيد.

ولا يشترط توافقهما في النوع والعدد ، فللمفترض الاقتداء بالمتنفل وبالعكس ، والمتنفل بمثله في مواضع ، ولمن يصلّي العصر أو المغرب أو الصبح الاقتداء بمن يصلي الظهر وبالعكس ، ثم يتخير مع نقض عدد صلاته بين التسليم والانتظار.

ولو قام الإمام إلى الخامسة سهوا لم يكن للمسبوق الائتمام فيها.

ويستحب للمنفرد إعادة صلاته مع الجماعة إماما أو مأموما.

المطلب الثاني : في الأحكام : الجماعة مستحبة في الفرائض خصوصا اليومية.

______________________________________________________

ولو شك أحدهما مع علم الآخر أنّه نوى الائتمام فصلاة الثّاني باطلة ، إلا أن يتذكر في الأثناء قبل مضي محلّ القراءة ، ويأتي في الآخر ما سبق ، ولو انعكس الفرض فصلاة الإمام صحيحة على كلّ حال ، وفي الآخر التفصيل السّابق.

قوله : ( ولو صلّى منفردا ثم نوى الائتمام لم يجز ).

سيأتي في كلامه إنّ هذا أقرب القولين خلافا للشيخ (١) ، وهو المعتمد.

قوله : ( ويستحبّ للمنفرد إعادة صلاته مع الجماعة ).

وكذا الجامع مع جماعة أخرى.

__________________

(١) الخلاف ١ : ١٢٣ مسألة ١٥ كتاب الجماعة.

٥٠١

ولا يجب في غير الجمعة والعيدين ، ولا تجوز في النوافل إلاّ الاستسقاء والعيدين المندوبين.

وتحصل بإدراك الإمام راكعا ، ويدرك تلك الركعة ، فإن كانت آخر الصلاة بنى عليها بعد تسليم الإمام وأتمها ، ويجعل ما يدركه معه أول صلاته.

ولو أدركه بعد رفعه فاتته تلك الركعة ، وانتظره حتى يقوم إلى ما بعدها فيدخل معه.

ولو أدركه رافعا من الأخيرة تابعه في السجود ، فإذا سلّم استأنف بتكبيرة الافتتاح على رأي.

ولو أدركه رافعا من الأخيرة تابعه في السجود ، فإذا سلّم استأنف بتكبيرة الافتتاح على رأي.

ولو أدرك بعد رفعه من السجدة الأخيرة كبّر ناويا وجلس معه ، ثم يقوم بعد سلام الإمام فيتم من غير استئناف تكبير.

وفي إدراك فضيلة الجماعة في هذين نظر.

ولو وجده راكعا وخاف الفوات كبّر وركع ومشى في ركوعه إلى الصف ، أو سجد موضعه ، فإذا قام إلى الثانية التحق.

______________________________________________________

قوله : ( والعيدين المندوبين ).

وفي الغدير خلاف.

قوله : ( استأنف بتكبيرة الافتتاح على رأي ).

يستأنف ، وكذا مع السّجدة الواحدة.

قوله : ( وفي إدراك فضيلة الجماعة ... ).

يدرك من فضل الجماعة بحسب ما يأتي به.

قوله : ( كبّر وركع ومشى ).

بشرط صلاحية الموضع للاقتداء ، وأن لا يفعل فعلا كثيرا ، ويجرّ رجليه ولا يرفعهما.

٥٠٢

ولو أحس بداخل طوّل استحبابا ، ولا يفرّق بين داخل وداخل.

ولا يقرأ خلف المرضي إلاّ في الجهرية مع عدم سماع الهمهمة ، والحمد في الإخفاتية ، ويقرأ وجوبا مع غيره ولو سرا في الجهرية.

وتجب المتابعة ، فلو رفع أو ركع أو سجد قبله عامدا استمر إلى أن يلحقه الإمام ، والناسي يعود.

ويستحب أن يسبّح لو أكمل القراءة قبل الإمام إلى أن يركع ، وإبقاء آية يقرأها حينئذ.

ويقدم الفضلاء في الصنف الأول ، والقيام إلى الصلاة عند قد قامت ، وإسماع الإمام من خلفه الشهادتين ، وقطع النافلة لو أحرم الإمام في الأثناء إن خاف الفوات وإلاّ أتم ركعتين ، ونقل نية الفريضة إليها وإكمالها ركعتين‌

______________________________________________________

قوله : ( طوّل استحبابا ).

بقدر ركوعه.

قوله : ( مع عدم سماع الهمهمة ).

فيقرأ الحمد والسورة استحبابا.

قوله : ( والحمد في الإخفاتية ).

لا يقرأها على الأصحّ ، لعدم الدليل.

قوله : ( عامدا استمر ).

ولا يبطل على الأصحّ.

قوله : ( وإبقاء آية ).

أي : إذا علم أنّه يتم قراءته قبل قراءة الامام.

قوله : ( وإسماع الإمام من خلفه الشّهادتين ).

وكذا غيرهما.

٥٠٣

والدخول في الجماعة ، والقطع للفريضة مع إمام الأصل ، واستنابة من شهد الإقامة لو فعل ، وملازمة الإمام موضعه حتى يتم المسبوق.

ويكره تمكين الصبيان من الصف الأول ، والتنفل بعد الإقامة ، وأن يأتم حاضر بمسافر في رباعية ، وصحيح بأبرص مطلقا ، أو أجذم ، أو محدود تائب ، ومفلوج ، وأغلف ، ومن يكرهه المأموم ، والمهاجر بالأعرابي ، والمتطهر بالمتيمم ، وأن يستناب المسبوق ، فيومى بالتسليم ويتم لو حصل.

فصاحب المسجد ، والمنزل ، والإمارة ، والهاشميّ مع الشرائط ، ومن يقدمه المأمومون مع التشاح ، والأقرأ لو اختلفوا ، فالأفقه ، فالأقدم هجرة ، فالأسن ، فالأصبح أولى من غيرهم.

ويستنيب الإمام مع الضرورة وغيرها ، فلو مات أو أغمي عليه استناب المأمومون.

ولو علموا الفسق أو الكفر أو الحدث بعد الصلاة فلا إعادة ، وفي الأثناء ينفردون.

ولا يجوز المفارقة لغير عذر ، أو مع نية الانفراد ، وله أن يسلّم قبل الإمام

______________________________________________________

قوله : ( واستنابة من شهد الإقامة لو فعل ).

منه أو منهم.

قوله : ( وأن يأتم حاضر بمسافر في رباعية ).

وكذا العكس.

قوله : ( أو أغلف ).

إذا لم يتمكن من الختان.

قوله : ( مع الضّرورة وغيرها ).

إذا كان قبل التلبّس في غير الضّرورة.

قوله : ( وأن يسلّم قبل الإمام ).

بناء على استحباب التسليم ، وإلاّ فلا بدّ من العذر.

٥٠٤

وينصرف اختيارا.

فروع :

أ : لو اقتدى بخنثى أعاد ، وإن ظهر بعد ذلك أنّه رجل.

ب : الأقرب عدم جواز تجدد الائتمام للمنفرد ، ومنع إمامة الأخس في حالات القيام للأعلى كالمضطجع للقاعد ، ومنع إمامة العاجز عن ركن للقادر عليه.

ج : لو كانا أميين لكن أحدهما يعرف سبع آيات دون الآخر ، جاز ائتمام الجاهل بالعارف دون العكس.

والأقرب وجوب الائتمام على الأمي بالعارف ، وعدم الاكتفاء بالائتمام مع إمكان التعلّم.

د : لو جهلت الأمة عتقها فصلت بغير خمار جاز للعالمة به الائتمام بها ، وفي انسحابه على العالم بنجاسة ثوب الإمام نظر أقربه ذلك إن لم نوجب الإعادة مع تجدد العلم في الوقت.

هـ : الصلاة لا توجب الحكم بالإسلام.

______________________________________________________

قوله : ( لو اقتدى بخنثى ... ).

إذا لم يكن قد اجتهد فظنّه رجلا.

قوله : ( الأقرب ... ).

المعتمد ذلك كلّه.

قوله : ( والأقرب وجوب الائتمام ... ).

المعتمد ذلك في الحكمين معا.

قوله : ( وفي انسحابه ... ).

لا ينسحب ، لأنّا لا نقول (١) بذلك.

__________________

(١) في « س » و « ه‍ » : نقول.

٥٠٥

الفصل الرابع : في صلاة الخوف : وفيه مطلبان :

الأول : الكيفية : وهي أنواع :

الأول : صلاة ذات الرقاع : وشروطها أربعة :

أ : كون الخصم في غير جهة القبلة ، أو الحيلولة بينهم وبين المسلمين بمانع من رؤيتهم لو هجموا.

ب : قوته بحيث يخاف هجومه على المسلمين.

ج : كثرة المسلمين بحيث يفترقون فرقتين ، تقاوم كل فرقة العدو.

د : عدم الاحتياج إلى زيادة التفريق ، فينحاز الإمام بطائفة إلى حيث لا تبلغهم سهام العدوّ ـ فيصلّي بهم ركعة ، فإذا قام إلى الثانية انفردوا واجبا وأتموا ، ـ والأخرى تحرسهم ، ثم تأخذ الأولى مكان الثانية وتنحاز الثانية إلى الإمام ، وهو ينتظرهم فيقتدون به في الثانية ، فإذا جلس في الثانية قاموا فأتموا ولحقوا به وسلّم بهم.

ويطوّل الإمام القراءة في انتظار إتيان الثانية ، والتشهد في انتظار فراغها ، وفي المغرب يصلّي بالأولى ركعتين وبالثانية ركعة ، أو بالعكس ، والأول أجود لئلا تكلّف الثانية زيادة جلوس ، وللإمام الانتظار في التشهد أو في القيام الثالث.

وتخالف هذه الصلاة غيرها في انفراد المؤتم ، وانتظار الإمام إتمام المأموم ، وائتمام القائم بالقاعد.

الثاني : صلاة بطن النخل : وهي أن لا يكون العدو في جهة القبلة فيفرقهم فرقتين يصلّي بإحداهما ركعتين ويسلم بهم ، والثانية تحرسهم ، ثم‌

______________________________________________________

قوله : ( والأول أجود ).

بل الثّاني أجود مع التخيير.

٥٠٦

يصلّي بالثانية ركعتين نافلة له وهي لهم فريضة ، ولا يشترط في هذه الخوف.

الثالث : صلاة عسفان : بأن يكون العدو في جهة القبلة ، فيرتبهم الإمام صفين ويحرم بهم جميعا ويركع بهم ، ويسجد بالأول خاصة ، ويقوم الثاني للحراسة ، فإذا قام الإمام بالأول سجد الثاني ، ثم ينتقل كل من الصفين إلى مكان صاحبه ، فيركع الإمام بهما ، ثم يسجد بالذي يليه ، ويقوم الثاني الذي كان أولا لحراستهم ، فإذا جلس بهم سجدوا وسلّم بهم جميعا.

الرابع : صلاة شدة الخوف : وذلك عند التحام القتال وعدم التمكن من تركه ، فيصلّي على حسب الإمكان وإن كان راكبا مستدبرا.

ولو تمكن من الاستقبال وجب ، وإلاّ فبالتكبير ، وإلاّ سقط ، ويسجد على قربوس سرجه إن لم يمكن النزول ، ولو عجز عنه أومأ.

ولو اشتد الحال عن ذلك صلّى بالتسبيح ، عوض كل ركعة سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر ، ويسقط الركوع والسجود.

ولا بدّ من النية والتكبيرة الإحرام والتشهد.

المطلب الثاني : في الأحكام : صلاة الخوف مقصورة سفرا وحضرا إن صلّيت جماعة ، وفرادى على أقوى القولين.

ولو شرطنا في القصر السفر صلّى بالأولى ركعتين وأتموا ، وبالثانية ركعتين ، وانتظار الثانية في الثالثة والتشهد الثاني.

ولو فرقهم أربعا جاز ، فيجوز التثليث في المغرب سفرا ، ويجوز أن تكون الفرقة واحدا.

______________________________________________________

قوله : ( مقصورة سفرا وحضرا ).

المعتمد أنّها مقصورة مطلقا.

قوله : ( ولو فرقهم أربعا جاز ).

أي : بعدد الركعات ، فلذلك يجوز التثليث في المغرب.

٥٠٧

وإذا عرض الخوف الموجب للإيماء في الأثناء أتمّ مومئا ، وبالعكس استدبر أولا.

ولو ظن سوادا عدوا ، أو لم يعلم بالحائل ، أو خاف لصا أو سبعا ، أو هرب من غرق أو حرق ، أو مطالب بدين عاجز عنه ، أو كان محرما خاف فوت الوقوف فقصّر أو أومأ لم يعد.

ويجوز أن تصلّى الجمعة على صفة ذات الرقاع ، دون بطن النخل ، بشرط الحضر ، والخطبة للأولى ، وكونها كمال العدد وان قصرت الثانية ، ويغتفر التعدد لوحدة صلاة الإمام. وكذا صلاة العيد والآيات والاستسقاء.

والموتحل والغريق يومئان مع الضرورة ولا يقصران لغير خوف أو سفر.

ولا حكم لسهو المأمومين حال المتابعة بل حالة الانفراد ، ومبدؤه رفع الإمام من سجود الاولى مع احتمال الاعتدال في قيام الثانية.

______________________________________________________

قوله : ( أو كان محرما خاف فوت الوقوف فقصّر أو أومأ لم يعد ).

أي : وقوف عرفة.

قوله : ( ويغتفر التعدّد ).

لا تعدّد في هذا الموضع.

قوله : ( وكذا صلاة العيد والآيات والاستسقاء ).

يشكل عليه الآيات ، فإن إعادتها جائز ، ويمكن عود التشبيه الى صفة صلاة ذات الرّقاع خاصّة ، ولا يخفى ما فيه.

قوله : ( مع احتمال الاعتدال ).

كلّ جائز ، والثاني أولى ، والرّواية إنّما تدلّ عليه (١) ، لأنّ دلالتها على الأوّل بمفهوم العدد.

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٧٩ حديث ١ ، الفقيه ١ : ٢٥١ حديث ١١٣٢ ، التهذيب ٣ : ٥٠ حديث ١٧٦.

٥٠٨

والأقرب إيقاع نية الانفراد. ولو سها الإمام في الأولى لم تتابعه الثانية في سجوده.

ويجب أخذ السلاح في الصلاة ، ويجوز مع النجاسة ، ولو منع واجبا لم يجز اختيارا.

الفصل الخامس : في صلاة السفر : وفيه مطالب :

الأول : محلّ القصر : وهو من الفرائض الرباعية اليومية خاصة ونوافل النهار والوتيرة ، مع الأداء في السفر ، فلا قصر في فوائت الحضر ، ويثبت في فوائت السفر.

ولو سافر في أثناء الوقت أتم على رأي ، وكذا لو حضر من السفر في الأثناء ، والقضاء تابع ، ولا قصر في غير العدد.

وهو واجب إلاّ في مسجد مكة ، والمدينة ، وجامع الكوفة ، والحائر ،

______________________________________________________

قوله : ( والأقرب إيقاع نية الانفراد ).

هو المعتمد وجوبا.

قوله : ( ويجب أخذ السّلاح ) الى قوله : ( ويجوز مع النّجاسة ).

مع الاضطرار ، وفي الاختيار كلام ، وفي الجواز قوّة.

قوله : ( ونوافل النّهار ).

في العبارة ـ باعتبار هذا العطف ـ شي‌ء.

قوله : ( مع الأداء ).

راجع الى الرباعيّة والنّوافل.

قوله : ( ولو سافر في أثناء الوقت أتم على رأي ).

المعتمد يتم ، وكذا بعد عوده.

قوله : ( إلاّ في مسجد مكّة ... ).

التخيير في المساجد خاصّة.

٥٠٩

فإنّ الإتمام فيها أفضل ، فإن فاتت احتمل وجوب قصر القضاء مطلقا ، وفي غيرها ، والتخيير مطلقا.

ولو بقي للغروب مقدار أربع احتمل تحتم القصر فيهما ، وفي الظهر ، وضعّف قضاؤه.

ولو شكّ بين الاثنين والأربع لم يجب الاحتياط ، بخلاف ما لو شك بين الاثنتين والثلاث.

ويستحب جبر كل مقصورة بقول : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر ، ثلاثين مرة عقيبها.

ولو ائتم مسافر بحاضر لم يتم معه ، ولو سافر بعد الزوال قبل التنفل استحب قضاؤه ولو سفرا.

المطلب الثاني : الشرائط : وهي خمسة :

الأول : قصد المسافة : وهي ثمانية فراسخ ، كلّ فرسخ اثنا عشر ألف ذراع ، كل ذراع أربعة وعشرون إصبعا ، فلو قصد الأقل لم يجز القصر.

______________________________________________________

قوله : ( وفي غيرها ).

هذا أقوى ، ويحتمل التخيير مطلقا احتمالا ليس بالبعيد ، لأنّ القضاء تابع.

قوله : ( احتمل تحتّم القصر فيهما ).

هذا أجود.

قوله : ( ولو شك ... ).

هذا مبنيّ على عدم اشتراط التعيين في النيّة ، وقد سبق اشتراطه.

قوله : ( بخلاف ما لو شكّ ).

أي : فإنّه يحتاط حينئذ وجوبا.

٥١٠

ولو قصد مضيّ أربعة والرجوع ليومه وجب القصر ، ولو قصد التردد ثلاثا في ثلاثة فراسخ لم يجز القصر.

ولو سلك أبعد الطريقين وهو مسافة قصّر وإن قصر الآخر ، وإن كان ميلا إلى الترخص ، ويقصر في البلد والرجوع وإن كان بالأقرب.

ولو سلك الأقصر أتم وإن قصد الرجوع بالأبعد ، إلاّ في الرجوع.

ولو انتفى القصد فلا قصر ، فالهائم لا يترخص ، وكذا طالب الآبق وشبهه ، وقاصد الأقل إذا قصد مساويه وهكذا ـ ولو زاد المجموع على المسافة ـ إلاّ في الرجوع ، ولو قصد ثانيا مسافة ترخص حينئذ لا قبله.

ومنتظر الرفقة إذا خفي عليه الجدران والأذان قصّر إلى شهر إن جزم بالسفر دونها ، وإلاّ اشترطت المسافة.

الثاني : الضرب في الأرض : فلا يكفي القصد بدونه ، ولا يشترط الانتهاء إلى المسافة بل ابتداؤه بحيث يخفى عليه الجدران والأذان ، فلو أدرك أحدهما لم يجز القصر ، وهو نهاية السفر.

ولو منع بعد خروجه قصّر مع خفائهما واستمرار النيّة ، ولو ردته الريح فأدرك أحدهما أتم.

الثالث : استمرار القصد : فلو نوى الإقامة في الأثناء عشرة أيام أتم وإن بقي العزم ، وكذا لو كان له في الأثناء ملك قد استوطنه ستة أشهر متوالية أو متفرقة.

ولا يشترط استيطان الملك ، بل البلد الذي هو فيه ، ولا كون الملك‌

______________________________________________________

قوله : ( والرّجوع ليومه ).

ورجوعه ليلته كذلك.

قوله : ( إن جزم بالسّفر دونها ، وإلاّ اشترط المسافة ).

يشكل بالجازم بسفرها ، فإنّه يجب القصر حينئذ وإن لم يكن بلغ المسافة.

قوله : ( ولا يشترط استيطان الملك ، بل البلد الّذي هو فيه ).

أي : زمان الملك.

٥١١

صالحا للسكنى ، بل لو كان له مزرعة أتم.

ولو خرج الملك عنه ساوى غيره ، ولو كان بين الابتداء والملك أو ما نوى الإقامة فيه مسافة قصّر في الطّريق خاصة ، ثم يعتبر ما بين الملك والمنتهى فإن قصر عن المسافة أتم.

ولو تعددت المواطن قصّر بين كل موطنين بينهما مسافة خاصة ، فلو اتخذ بلدا دار إقامته كان حكمه حكم الملك.

الرابع : عدم زيادة السفر على الحضر : كالمكاري ، والملاح ، والتاجر ، والبدوي.

والضابط أن لا يقيم أحدهم في بلده عشرة أيام ، فلو أقام عشرة في بلده مطلقا أو في غيره مع النية قصّر إذا سافر ، وإلاّ فلا ، والمعتبر صدق اسم المكاري ومشاركيه في الحكم.

______________________________________________________

قوله : ( ولو خرج الملك عنه ساوى غيره ).

ولو عاد عاد.

قوله : ( ولو اتخذ بلدا دار إقامته كان حكمه حكم الملك ).

ويشترط الإقامة المخصوصة (١).

قوله : ( والمعتبر صدق اسم المكاري ومشاركيه في الحكم ).

اشتهر على ألسنة الفقهاء أنّ كثير السّفر يجب عليه الإتمام ، والّذي في الأخبار أنّ المكاري والبدوي والملاح والتاجر ونحوهم لا يقصّرون (٢).

واختلف كلام الأصحاب في تحديد الكثرة ، فقال ابن إدريس : يعتبر توالي السّفر ثلاث دفعات ، لا يقطعها بإقامة عشرة أيام ، محتجا بأنّ ذلك مقتضى‌

__________________

(١) في « س » : والمدة.

(٢) الكافي ٣ : ٤٣٦ ، التهذيب ٣ : ٢١٤ ، ٢١٥ ، حديث ٥٢٤ ـ ٥٢٧ ، وللمزيد راجع الوسائل ٥ : ٥١٥ باب ١١ من أبواب صلاة المسافر.

٥١٢

______________________________________________________

العرف ، وقال : إنّ صاحب الصّنعة مثل المكاري والملاح والتاجر يجب عليهم الإتمام بنفس خروجهم إلى السّفر (١).

ويضعف ذلك ، بأنّ المناط هو الصنعة ، فإن تحقق بدون كثرة السّفر فلا دخل للكثرة في الإتمام ، لعدم الدليل حينئذ ، وإلا فلا وجه للفرق.

واكتفى المصنّف في المختلف بالسّفرة الثّانية (٢) ، ويضعف بعدم صدق الاسم عليه ، واعتبر في النّهاية صدق الاسم بالصّنعة المخصوصة ولو بمرة ، وتوقف في تعدية الحكم إلى سوى من ذكر (٣) ، وكأنه يلحظ ظاهر النّصوص.

واعتبر شيخنا الشّهيد في كتبه الدّفعات الثلاث مطلقا (٤) ، وهو الأوجه ، نظرا الى اشتهاره.

وتحريره : أنّه إذا سافر إلى مسافة ثلاث مرّات ، بحيث ينقطع سفره في كلّ مرّة ، إما بوصوله إلى بلده ، أو إلى موضع يعزم فيه الإقامة ، ثم يتجدد له بعد الصّلاة تماما (٥) عزم السّفر ، ولا يفصل بين هذه الدّفعات الثلاث بإقامة عشرة أيام في بلده مطلقا وفي غير بلده مع النية ، فإنه يجب عليه التمام في الدّفعة الثالثة ، ويبقى هذا الحكم مستمرّا إلى أن يقيم العشرة على الوجه السّابق.

ولو أقام ثلاثين يوما على التردّد ، فهل يجري مجرى العشرة ، أم لا بدّ من عشرة بعدها؟ قولان : أقواهما الأوّل.

ولو أنشأ بعد الكثرة سفرا آخر طويلا كالمكاري يحج ، أو غيّر فيه صنعته ، كما لو صار ( المكاري ) (٦) ، ملاحا ، فالظاهر وجوب القصر ، اقتصارا في الحكم‌

__________________

(١) السرائر : ٧٦.

(٢) المختلف : ١٦٣.

(٣) نهاية الأحكام ٢ : ١٧٩.

(٤) الذكرى : ٢٥٧.

(٥) في « س » : ثم.

(٦) لم ترد في « س » و « ن ».

٥١٣

الخامس : إباحة السفر : فلا يقصّر العاصي به كتابع الجائر ، والمتصيد لهوا دون المتصيد للقوت والتجارة على رأي.

ولا يشترط انتفاء المعصية ، ولو قصد المعصية بسفره في الأثناء انقطع الترخيص ، ويعود لو عادت النية إن كان الباقي مسافة.

وسالك المخوف مع انتفاء التحرز عاص.

المطلب الثالث : في الأحكام : الشرائط واحدة في الصلاة والصوم ، وكذا الحكم مطلقا على رأي.

وإذا نوى المسافر الإقامة في بلد عشرة أيام أتم ، فإن رجع عن نيته قصّر ما لم يصلّ تماما ولو فريضة.

ولو رجع في الأثناء فإن تجاوز فرض التقصير فكالناوي ، وإلاّ فكالراجع.

ولو لم يصلّ حتى خرج الوقت لعذر مسقط صح رجوعه ، وإلاّ فلا ،

______________________________________________________

المخالف على موضع الوفاق.

قوله : ( أو التجارة على رأي ).

هذا هو المعتمد.

قوله : ( وكذا الحكم مطلقا على رأي ).

هذا هو المعتمد.

قوله : ( فان تجاوز فرض التقصير فكالنّاوي ).

يتحقق بالركوع في الثالثة ، ويحتمل ـ قويا ـ بالقيام في الثالثة.

قوله : ( صح رجوعه وإلا فلا ) (١).

__________________

(١) في « س » وردت جملة غير واضحة القراءة والظاهر أنها : أي كما يلي.

٥١٤

وفي الناسي إشكال.

والأقرب أنّ الشروع في الصوم كالإتمام ، ولو أحرم بنية القصر ثم عنّ له المقام أتم.

ولو لم ينو المقام عشرة قصّر إلى ثلاثين يوما ، ثم يتم ولو صلاة واحدة.

ولو عزم العشرة في غير بلده ثم خرج إلى ما دون المسافة عازما على العود والإقامة أتم ، ذاهبا وعائدا وفي البلد ، وإلاّ قصر.

ولو قصّر في ابتداء السفر ثم رجع عنه لم يعد ، ولا اعتبار بأعلام البلدان ، ولا المزارع ، والبساتين وإن كان ساكن قرية.

______________________________________________________

قوله (١) : ( وفي الناسي إشكال ).

سيجي‌ء مثله في العامد ، والأصح لزوم الإتمام ، نظرا إلى ما يقتضيه أصول المذهب من انقطاع حكم السّفر ، وإن خالف ظاهر الرّواية ، فإن العمل بذلك أقوى.

قوله : ( والأقرب أنّ الشروع في الصّوم كالإتمام ).

إذا كان الصوم واجبا لا مطلقا ، وينبغي التقييد بزوال الشّمس ، للزومه حينئذ ، وقبله يكون كالقيام في الثّالثة.

قوله : ( وإلاّ قصر ).

يندرج فيه من قصد المفارقة من حينه ، والحكم فيه صحيح ، ومن قصد العود من دون الإقامة (٢) ، وفيه قولان : هذا أحدهما.

والأصحّ وجوب الإتمام في ذهابه وفي مقصده ، والقصر في عوده ، ولا بدّ أن يكون قد صلّى على التمام ، وإلاّ لزم القصر مطلقا ، وفيمن تردّد عزمه ، أو ذهل (٣) وجهان.

__________________

(١) لم ترد في « س ».

(٢) في « س » : نية الإتمام.

(٣) في « س » : أو جهل.

٥١٥

ولو جمع سور قرى لم يشترط مجاوزة ذلك السور ، ولو كانت القرية في وهدة اعتبر بنسبة الظاهرة ، وفي المرتفعة إشكال.

ولو رجع لأخذ شي‌ء نسيه قصّر في طريقه إن كان مسافة ، وإلاّ فلا ، ولو أتم المقصّر عامدا أعاد مطلقا.

والجاهل بوجوب التقصير معذور لا يعيد مطلقا ، والناسي يعيد في الوقت خاصة.

ولو قصّر المسافر اتفاقا أعاد قصرا.

______________________________________________________

قوله : ( وفي المرتفعة إشكال ).

هي كالمنخفضة من غير فرق (١).

قوله : ( ولو رجع لأخذ شي‌ء نسيه قصر في طريقه إن كان مسافة ).

يمكن أن يقال : يجري مجرى من سلك أربعة فراسخ ، وأراد الرّجوع ليومه.

ودفعه بأنّ ذلك مفقود هنا ، لأنّ قصد المسافة انقطع ، والآخر غير مقصود من أوّل السّفر.

* * *

__________________

(١) في « ن » : وهي كالوهدة من غير فرق.

٥١٦

فهرس الموضوعات

الموضوع

الصحفة

مقدمة الصلاة

اعداد الصلوات ................................................................. ٥

تعيين أوقات الصلوات ......................................................... ١١

أحكام أوقات الصلوات ........................................................ ٢٤

القبلة

ماهية القبلة ................................................................... ٤٧

المستقبل ...................................................................... ٥٩

المستقبل ...................................................................... ٦٨

لو رجع الأعمى إلى رأيه مع وجود المبصر ......................................... ٧٣

حكم ما لو تبين انحرافه عن القبلة ................................................ ٧٣

لو ظهر خطأ الاجتهاد بالاجتهاد ................................................. ٧٥

لو تضاد اجتهاد اثنين .......................................................... ٧٥

لباس المصلي

ما تجوز الصلاة فيه ............................................................. ٧٧

ما لا تجوز الصلاة فيه .......................................................... ٨٠

حكم اللباس المتخذ من الحرير ................................................... ٨٢

٥١٧

حكم الصلاة في الثوب المغصوب ................................................ ٨٧

وجوب ستر العورة في الصلاة ................................................... ٩٢

تحديد العورة .................................................................. ٩٣

دوران الامر بين ستر القبل أو الدبر .............................................. ٩٥

بدن المرأة كله عورة ........................................................... ٩٦

إجزاء ورق الشجر والطين وغيرهما عند فقد التراب ................................. ٩٩

حكم ما لو لم يجد ساتراً مطلقاً ................................................ ١٠١

حكم الستر في الصلاة على الجنازة ............................................. ١٠٣

حكم ما لو كان الثوب واسع الجيب ........................................... ١٠٤

حكم الشمشك والخف ....................................................... ١٠٥

استحباب الصلاة في النعل العربية .............................................. ١٠٧

ما تكره الصلاة فيه ........................................................... ١٠٧

مكان المصلي

ما يشترط في المكان الذي تجوز الصلاة فيه ....................................... ١١٤

حكم الصلاة في المكان المغصوب ............................................... ١١٥

حكم صلاة الرجل والى جانبه أو أمامه امرأة ..................................... ١١٩

حكم ما لو لم تتعد نجاسة المكان إلى بدن المصلي أو ثوبه .......................... ١٢٦

الأماكن التي تكره الصلاة فيها ................................................. ١٢٩

المساجد

استحباب اتخاذ المساجد وقصدها ............................................... ١٤٠

ما يستحب فعله في المسجد ................................................... ١٤٢

ما يكره فعله في المسجد ...................................................... ١٤٤

ما يحرم فعله في المسجد ....................................................... ١٥٢

جواز نقض المستهدم من المساجد .............................................. ١٥٥

حكم اتخاذ المسجد في المنزل ................................................... ١٥٦

ما يصح السجود عليه ........................................................ ١٥٨

٥١٨

مالا يصح السجود عليه ....................................................... ١٦٠

الأذان والإقامة

ما يستحب له الأذان والإقامة .................................................. ١٦٦

كراهية الأذان والإقامة للجماعة الثانية .......................................... ١٧٢

ما يشترط توفره في المؤذن ..................................................... ١٧٤

ما يستحب توفره في المؤذن .................................................... ١٧٥

حكم ارتزاق المؤذن من بيت المال .............................................. ١٧٧

حكم تعدد المؤذنين .......................................................... ١٧٨

كيفية الأذان والإقامة ......................................................... ١٨١

ما يستحب في الأذان والإقامة ................................................. ١٨٣

ما يكره في الأذان والإقامة .................................................... ١٨٨

حرمة التثويب ............................................................... ١٨٩

استحباب حكاية قول المؤذن .................................................. ١٩١

إجتزاء الامام بأذان المنفرد ..................................................... ١٩٢

حكم المصلي خلف من لا يقتدى به ............................................ ١٩٤

كراهة الكلام والالتفات بعد : قد قامت الصلاة .................................. ١٩٥

أفضلية الإمامة على الاذان ..................................................... ١٩٦

أفعال الصلاة

القيام

ركنية القيام في الصلاة الواجبة ................................................. ١٩٩

حد القيام وأحكامه .......................................................... ٢٠٢

حكم ما لو كان بالمصلي رمدا ................................................. ٢١١

حكم ما لو عجز المصلي أثناء الصلاة ، أو العكس ................................ ٢١٢

عدم وجوب القيام في النافلة ................................................... ٢١٥

النية

ركنيتها في الصلاة ........................................................... ٢١٧

٥١٩

معنى النية ................................................................... ٢١٨

عدم وجوب اللفظ فيها ....................................................... ٢١٩

ما يجب في النية .............................................................. ٢١٩

حكم تغيير النية ............................................................. ٢٢١

نية فعل المنافي ، والرياء ....................................................... ٢٢٥

المواضع التي يجوز نقل النية فيها ................................................ ٢٢٨

حكم الشك في النية .......................................................... ٢٢٩

تكبيرة الاحرام

ركنيتها في الصلاة ........................................................... ٢٣٤

صورتها ..................................................................... ٢٣٥

حكم الأعجمي والأخرس ..................................................... ٢٣٨

أحكام تتعلق بالتكبير ......................................................... ٢٣٩

القراءة

عدم ركنيتها ................................................................ ٢٤٢

وجوب الحمد وسورة ........................................................ ٢٤٢

حكم الاخلال في الحمد أو السورة ............................................. ٢٤٤

حكم جاهل الحمد ........................................................... ٢٤٩

جواز القراءة في المصحف ..................................................... ٢٥٢

حكم جاهل بعض السورة .................................................... ٢٥٣

حكم تقديم السورة على الحمد ................................................ ٢٥٥

التخيير بين الحمد والتسبيح في الأخيرتين ........................................ ٢٥٦

إجزاء الحمد في الأوليين للمستعجل والمريض ..................................... ٢٥٩

تحديد الجهر وأحكامه ........................................................ ٢٥٩

الضحى وألم نشرح سورة واحدة ، وكذا الفيل ولايلاف .......................... ٢٦٢

حكم قراءة العزيمة في الصلاة ................................................... ٢٦٣

حكم الاخلال بالموالاة ........................................................ ٢٦٥

٥٢٠