جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ٢

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي

جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ٢

المؤلف:

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٤

ولو تعسّر الإتيان بالباقي للنسيان انتقل مطلقا ، ومع الانتقال يعيد البسملة ، وكذا لو سمّى بعد الحمد من غير قصد سورة معينة ،

______________________________________________________

قوله : ( ولو تعسّر الإتيان بالباقي للنسيان انتقل مطلقا ، ومع الانتقال يعيد البسملة ).

أراد بقوله : ( مطلقا ) في التّوحيد والجحد وغيرهما تجاوز النّصف أم لا ، ومثله ما لو شرع في سورة بظنّ سعة الوقت لها ، فتبين ضيقه عنها ، فإنّه يعدل عنها أيضا مطلقا ، وكذا خوف فوت الرفقة ، ونزول ضرر به وجوبا في هذه المواضع ، لما فيه من تحصيل الواجب ودفع الضّرر ، ولو سكت المصنّف عن قوله : ( للنّسيان ) أي : نسيان باقي السّورة ، لكان أخصر وأشمل.

ويجب عليه إذا انتقل إعادة البسملة للسورة الّتي يريدها بناء على وجوب سورة كاملة في كلّ ركعة ، وأنّ البسملة آية من كلّ سورة ، وانّما تجب البسملة والقصد إذا لم يكن مريدا تلك السّورة الّتي انتقل إليها قبل ذلك ، ولم يكن قد قرأ بعضها ، أمّا معه فلا يجب بل ينتقل الى موضع قطع ، لمقطوعة البزنطي ، عن أبي العباس : في الرّجل يريد أن يقرأ السّورة فيقرأ من اخرى؟ قال : « يرجع إلى الّتي يريد وإن بلغ النّصف » (١) ومن ذلك يعلم أنّ بلوغ النّصف إنّما يمنع الانتقال في الّتي لم يكن مريدا لها.

فان قلت : قد سبق أنّه لو قرأ خلال القراءة غيرها نسيانا انقطعت الموالاة ووجبت إعادة القراءة ، فكيف لم تجب هنا؟

قلت : لما كان في نيته أنّ ذلك من قراءة الصّلاة لم يكن من غيرها ، وهكذا في نظائره.

قوله : ( وكذا لو سمّى بعد الحمد من غير قصد سورة معيّنة ).

أي : وكذا يعيد البسملة بقصد سورة معيّنة لو لم يقصد لعدم تحقق إكمال السّورة من دونها ، وهي صالحة لكلّ سورة فلا تتعيّن الاّ بمعيّن ، ولا كذلك البسملة للحمد لتعينها ، فيحمل إطلاق النيّة على ما في ذمّته.

__________________

(١) رواه في الذكرى : ١٩٥.

٢٨١

ومريد التقدم خطوة أو اثنتين يسكت حالة التخطي.

______________________________________________________

وهذا إنّما هو إذا لم تلزمه سورة بعينها أمّا لنذر وشبهه ، أو لضيق الوقت بحيث لا يسع إلاّ أقصر سورة ، أو لكونه لا يعلم الاّ تلك السّورة ونحو ذلك ، فان وجوب القصد يسقط حينئذ ، لأنّ ما في الذّمة لمّا صار متعيّنا كان مقصودا من أوّل الصّلاة ، قال في الذّكرى : لو جرى لسانه على بسملة وسورة فالأقرب الاجزاء (١).

واحتجّ برواية أبي بصير السّالفة المتضمّنة : أنّه لو قرأ نصف سورة ثم نسي فقرأ أخرى ، ثم تذكر بعد الفراغ قبل الرّكوع : « يجزئه » (٢).

وظاهر هذا أنّه لا فرق بين أن يعلم قصده بالبسملة إلى السورة الأخرى وقت نسيانه ، وبين أن يجهل الحال ، ولا بعد في ذلك فان غايته الشّك في القصد بالبسملة بعد تجاوز محلّها ، وحقّه أن لا يلتفت مع ظاهر الرّواية (٣).

ولو قصد سورة من أوّل الصّلاة ، فهل يكفي عن القصد عند قراءتها؟ لا أعلم فيه شيئا يقتضي الاكتفاء ولا عدمه ، وكذا لو كان معتادا قراءة سورة مخصوصة بحيث يسبق لسانه إليها عند القراءة ، والاقتصار على موضع اليقين هو الوجه.

قوله : ( ومريد التقدم خطوة أو اثنتين يسكت حالة التخطي ).

لأنّه حينئذ غير واقف ولرواية السّكوني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال في الرّجل يصلّي في موضع ثم يريد أن يتقدّم ، قال : « يكف عن القراءة في مشيه حتّى يتقدم إلى الموضع الّذي يريد » (٤) ، وفي رواية : « أنّه يجر رجليه ولا يرفعهما » (٥) ، ويؤيّده الخروج عن هيئة المصلّي بالقيام على قدم واحدة.

__________________

(١) الذكرى : ١٩٥.

(٢) التهذيب ٢ : ١٩٠ حديث ٧٥٤.

(٣) التهذيب ٢ : ١٩٠ حديث ٧٥٤.

(٤) الكافي ٣ : ٣١٦ حديث ٢٤ ، التهذيب ٢ : ٢٩٠ حديث ١١٦٥.

(٥) الفقيه ١ : ٢٥٤ حديث ١١٤٨ ، وفيه : « يجر رجليه ولا يتخطى ».

٢٨٢

الفصل الخامس : في الركوع : وهو ركن في الصلاة تبطل بتركه عمدا وسهوا.

ويجب في كل ركعة مرة إلاّ الكسوف وشبهه ، ويجب فيه الانحناء بقدر وضع يديه على ركبتيه ،

______________________________________________________

قوله : ( الفصل الخامس : في الرّكوع : وهو ركن في الصّلاة تبطل بتركه عمدا وسهوا ).

الرّكوع في اللغة : الانحناء ، وفي الشرع كذلك ، إلاّ أنه انحناء مخصوص ، ووجوبه ثابت بالنّص (١) والإجماع ، وهو ركن بغير خلاف.

والأخبار الصّحيحة دالة على أنّ من تركه نسيانا يستقبل صلاته (٢) ، وذهب الشّيخ إلى أنّه ركن في الصّبح ، والمغرب ، وصلاة السّفر ، وأوليي الرّباعيّات (٣) ، وسيأتي ردّ كلامه ان شاء الله تعالى.

قوله : ( ويجب في كلّ ركعة مرّة ، إلاّ الكسوف وشبهه ).

كلّ ذلك بالنّص (٤) والإجماع ، والمراد بشبه الكسوف باقي صلاة الآيات.

قوله : ( ويجب فيه الانحناء بقدر وضع يديه على ركبتيه ).

إنّما يتحقّق الرّكوع بالانحناء بحيث تبلغ يدا المصلّي عيني ركبتيه ، بحيث لو أراد وضع يديه عليهما لأمكنه ذلك بالإجماع ، وتأسّيا بالنّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما روي أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يمسك راحتيه على ركبتيه في الرّكوع كالقابض عليهما (٥) وفي صحيحة زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام : « وتمكّن راحتيك من ركبتيك » (٦). ولا يكفي بلوغ اليدين الرّكبتين من دون الانحناء ، كما لو انخنس (٧) أو جمع بين الانحناء‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٤٧ حديث ١ ، التهذيب ٢ : ١٤٦ حديث ٥٦٩ ، الاستبصار ١ : ٣٥٣ حديث ١٣٣٥.

(٢) الكافي ٣ : ٣٤٨ حديث ٢ ، التهذيب ٢ : ١٤٨ ، ١٤٩ حديث ٥٨٠ ـ ٥٨٤ ، الاستبصار ١ : ٣٥٥ حديث ١٣٤٣ ـ ١٣٤٧.

(٣) التهذيب ٢ : ١٤٩ ذيل حديث ٥٨٤ ، المبسوط ١ : ١٠٩.

(٤) الفقيه ١ : ٣٤٢ حديث ١٥١٣.

(٥) سنن الترمذي ١ : ١٦٣ حديث ٢٥٩.

(٦) الكافي ٣ : ٣١٩ حديث ١ ، التهذيب ٢ : ٧٧ حديث ٢٨٩.

(٧) انخنس : انقبض وتأخر ، انظر : الصحاح ( خنس ) ٣ : ٩٢٥.

٢٨٣

والطمأنينة فيه بقدر الذكر الواجب ،

______________________________________________________

والانخناس ، بحيث لو لا الانخناس لم تبلغ الراحتان ، لعدم حصول الرّكوع المعتبر حينئذ.

ولا فرق في هذا الحكم بين الرجل والمرأة ، وفي أكثر الأخبار اعتبار وصول الراحتين والكفين الى الركبتين (١).

وفي بعضها الاكتفاء بوصول أطراف الأصابع إليهما ، فإن حمل على الأطراف الّتي تلي الكفّ لم يكن بينها اختلاف ، ولم أقف في كلام لأحد يعتد به على الاجتزاء ببلوغ رؤوس الأصابع في حصول الرّكوع.

قوله : ( والطمأنينة فيه بقدر الذّكر الواجب ).

الطّمأنينة فيه : عبارة عن استقرار الأعضاء وسكونها في هيئة الرّكوع ، بحيث ينفصل هويّة عن ارتفاعه منه ، وهي واجبة بإجماع علمائنا ، وفي حديث الأعرابي المسي‌ء صلاته ، لما علّمه النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « ثم اركع حتّى تطمئن راكعا » (٢) ، ولفعل النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والأئمة عليهم‌السلام ، والتّأسي واجب.

وهي واجبة غير ركن ـ خلافا للشّيخ في الخلاف (٣) وهو ضعيف ـ لأنّ الرّكوع الّذي هو الرّكن يتحقق الانحناء ، ولا دليل على ركنية ما سواه ، وهي مقدرة بقدر الذّكر الواجب في الرّكوع لتوقفه عليها ، إذ لا يعتد به من دونها عندنا ، ولا تجزئ عنها مجاوزة الانحناء أقل الواجب ثم يعود إلى الرّفع مع اتصال الحركات ، وإن ابتدأ بالذكر عند بلوغ حدّ الراكع وأكمله قبل الخروج عنه.

نعم لو تعذرت الطمأنينة لمرض ونحوه أجزأ ذلك مع مراعاة فعل الذكر راكعا ، وهل يجب؟ قال في الذّكرى الأقرب لا ، للأصل (٤) ، فحينئذ يتم الذكر رافعا رأسه ، وفيه إشكال ، لأنّ الذكر في حال الرّكوع واجب ، والطمأنينة واجب آخر ، ولا يسقط أحد الواجبين بتعذر الآخر ، إذ « لا يسقط الميسور بالمعسور » فالأقرب حينئذ الوجوب.

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٣٤ حديث ١ ، الفقيه ١ : ١٩٦ حديث ٩١٦ ، التهذيب ٢ : ٧٨ حديث ٢٨٩ ، ٣٠١ ، ٣٠٨.

(٢) صحيح البخاري ١ : ٢٠١ ، صحيح مسلم ، ١ : ٢٩٨ حديث ٤٥.

(٣) الخلاف ١ : ٦٩ مسألة ٤٥ كتاب الصلاة.

(٤) الذكرى : ١٩٧.

٢٨٤

والذكر من تسبيح وشبهه على رأي ،

______________________________________________________

قوله : ( والذكر من تسبيح وشبهه على رأي ).

يجب الذّكر في الرّكوع بإجماعنا ، وأكثر الأصحاب قالوا بتعيّن التّسبيح ، واختاره الشّيخ في الخلاف (١) ، لما رواه هشام بن سالم قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن التّسبيح في الرّكوع والسّجود؟ قال : « يقول في الرّكوع : سبحان ربّي العظيم ، وفي السّجود : سبحان ربّي الأعلى ، الفريضة من ذلك تسبيحة واحدة ، والسنة ثلاث ، والفضل في سبع » (٢). وفي صحيحتي زرارة ، عن الباقر عليه‌السلام (٣) ، وعليّ بن يقطين ، عن أبي الحسن الأوّل عليه‌السلام ما يقتضي وجوب ثلاث تسبيحات في ترسل واحد : سبحان الله ، سبحان الله ، سبحان الله (٤). وفي رواية عقبة بن عامر أنّه لما نزلت( فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ) (٥) ، وقال النّبي :صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « اجعلوها في ركوعكم » ، ولما نزلت( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ) (٦) قال : « اجعلوها في سجودكم » (٧) ، والأمر للوجوب ، ولقول كثير من المفسرين : إن معنى ( فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ) و ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ) قل : سبحان ربّي العظيم سبحان ربّي الأعلى (٨) ، والأمر للوجوب ، ولا وجوب في غير الصّلاة.

وعلى هذا قيل بوجوب ثلاث تسبيحات صغرى ، أو واحدة كبرى للمختار وواحدة صغرى للمضطر ، والمستعجل والمريض (٩) ، وقيل بتعين واحدة كبرى‌

__________________

(١) الخلاف ١ : ٦٩ مسألة ٤٦ كتاب الصلاة.

(٢) التهذيب ٢ : ٧٦ حديث ٢٨٢ ، الاستبصار ١ : ٣٢٣ حديث ١٢٠٤.

(٣) التهذيب ٢ : ٧٦ حديث ٢٨٣ ، الاستبصار ١ : ٣٢٣ حديث ١٢٠٥.

(٤) التهذيب ٢ : ٧٦ حديث ٢٨٤ ، ٢٨٥ ، الاستبصار ١ : ٣٢٣ حديث ١٢٠٦ ، ١٢٠٧.

(٥) الواقعة : ٧٤.

(٦) الأعلى : ١.

(٧) التهذيب ٢ : ٣١٣ حديث ١٢٧٣.

(٨) منهم : أبو الفتوح الرازي في تفسيره ٥ : ٥١١ ، والطبرسي في مجمع البيان ٥ : ٢٢٤ ، والسيوطي في الدر المنثور ٦ : ٣٣٨.

(٩) قاله المحقق في المعتبر ٢ : ١٩٥.

٢٨٥

______________________________________________________

اختيارا (١) ، وقال أبو الصلاح : يجب الثّلاث على المختار ، والواحدة على المضطر ، ثم قال : أفضله سبحان ربّي العظيم وبحمده ، ويجوز سبحان الله (٢) ، ومقتضاه أنّه لو قال المختار : سبحان ربّي العظيم وبحمده ثلاثا كانت واجبة ، والأمر بتكرار التّسبيحة الكبرى ثلاثا في رواية زرارة (٣) ، وابي بكر الحضرمي (٤) ، عن الباقر عليه‌السلام ، فيمكن جعله حجة له. واختار الشّيخ في المبسوط (٥) وغيره (٦) ، وابن إدريس (٧) ، والمصنّف (٨) ، وجماعة : إجزاء مطلق الذكر ، لصحيحتي هشام بن الحكم ، وهشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : أيجزئ أن أقول مكان التّسبيح في الرّكوع والسّجود لا إله إلاّ الله والحمد لله والله أكبر؟ فقال : « نعم كل هذا ذكر الله تعالى » (٩) ، وفيه إيماء إلى العلّة ، فيجزئ كل ما يعد ذكرا لله ويتضمن ثناء عليه ، وهذا أصحّ.

والجواب عن استدلال الأوّلين : امّا عن رواية هشام بن سالم ، فانا نقول بموجبها ، لأنّ الفريضة صادقة بالواجب التخييري ، ولا ريب أنّ الواحدة الكبرى تعد ذكرا فيجب تخييرا جمعا بين الأخبار ، وهو الجواب عن رواية عقبة بن عامر ، وكلام المفسّرين في الآية بعد ثبوتهما. وأما صحيحة زرارة فالمسؤول عنه فيها ما يجزئ من القول في الرّكوع والسّجود ، ولا دلالة فيها على تحتم ذلك ، والمسؤول عنه في صحيحة‌

__________________

(١) قاله السيد المرتضى في جمل العلم والعمل : ٦٠.

(٢) الكافي في الفقه : ١١٨.

(٣) التهذيب ٢ : ٧٧ حديث ٢٨٩.

(٤) التهذيب ٢ : ٨٠ حديث ٣٠٠ ، الاستبصار ١ : ٣٢٤ حديث ١٢١٣.

(٥) المبسوط ١ : ١١١.

(٦) النهاية : ٨١.

(٧) السرائر : ٤٦.

(٨) المختلف : ٩٥.

(٩) الكافي ٣ : ٣٢١ حديث ٨ ، و ٣٢٩ حديث ٥ ، التهذيب ٢ : ٣٠٢ حديث ١٢١٧ ، ١٢١٨.

٢٨٦

______________________________________________________

علي بن يقطين أخف ما يكون من التّسبيح ، وهو صالح للوجوب والاستحباب.

تنبيهان :

في كثير من الأخبار ليس فيه : « وبحمده » (١) ، وقد تضمنته رواية حذيفة : أنّ النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقول في ركوعه : « سبحان ربّي العظيم وبحمده » وفي سجوده : « سبحان ربّي الأعلى وبحمده » (٢) ، ومن طريق الأصحاب رواية حماد ، عن الصّادق عليه‌السلام المتضمنة قوله عليه‌السلام له في ركوعه وسجوده (٣) ، وغيرها (٤) ، فالقول بوجوبه أوجه.

الثّاني : معنى سبحان ربّي العظيم وبحمده : تنزيها له من النقائص ، قال في القاموس (٥) : سبحان الله تنزيها لله من الصاحبة والولد معرفة ، ونصب على المصدر ، أي : أبرئ الله تعالى من السوء براءة. وقال النحاة : انّه علم المصدر وهو التّسبيح ، وعامله محذوف كما في نظائره ، وهو متعلق الجار في وبحمده ، والمعطوف عليه محذوف يشعر به العظيم ، كأنه أريد تنزيها لربي العظيم بصفات عظمته وبحمده ، أو وبحمده انزهه ، فيكون عطفا لجملة على جملة (٦).

وقيل : معناه : والحمد لله (٧) على حدّ ما قيل في قوله تعالى ( ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ ) (٨) اي : والنّعمة لربّك والعظيم في صفته ، من يقصر كلّ شي‌ء سواه عنه (٩) ، وقيل : من انتفت عنه صفات النقص ، وقيل : من حصل له جميع صفات الكمال.

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٧٦ حديث ٢٨٢ ، الاستبصار ١ : ٣٢٢ حديث ١٢٠٤.

(٢) سنن البيهقي ٢ : ٨٦.

(٣) الكافي ٣ : ٣١١ حديث ٨ ، الفقيه ١ : ١٩٦ حديث ٩١٦ ، التهذيب ٢ : ٨١ حديث ٣٠١.

(٤) الكافي ٣ : ٣٢٩ حديث ١ ، التهذيب ٢ : ٨٠ حديث ٣٠٠ ، الاستبصار ١ : ٣٢٤ حديث ١٢١٣.

(٥) القاموس المحيط ( سبح ) ١ : ٢٢٦.

(٦) شذور الذهب : ٤١٢.

(٧) مجمع البيان ٣ : ٤٢٠.

(٨) القلم : ٢.

(٩) مجمع البيان ٥ : ٣٣٣.

٢٨٧

والرفع منه ، والطمأنينة فيه ، وطويل اليدين ينحني كالمستوي ، والعاجز عن الانحناء يأتي بالممكن ، فإن عجز أصلا أومأ‌ برأسه ،

______________________________________________________

قوله : ( والرفع منه والطمأنينة فيه ).

إجماعا منّا ، ولقول النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للأعرابي : « ثم ارفع حتّى تعتدل قائما » (١) ، ولقول الصّادق عليه‌السلام في رواية أبي بصير : « إذا رفعت رأسك من الرّكوع فأقم صلبك ، فإنّه لا صلاة لمن لا يقيم صلبه » (٢). وقد سبق تفسير الطمأنينة ، إلا أنه لا حد لها هنا ، بل ما يصدق به الاستقرار والسّكون ، وجعلها الشّيخ في الخلاف ركنا (٣) ، لظاهر الأخبار (٤) والأكثرون على خلافه.

ويجب أن لا يطيلها بحيث يخرج عن كونه مصلّيا ، وفي الذّكرى حكى عن بعض متأخري الأصحاب أنّه لو طوّلها عمدا بذكر أو قراءة بطلت صلاته ، لأنّه واجب قصير ، فلا يشرع فيها التطويل (٥). ثم ردّه بالأخبار الدالة على الحث على ذكر الله والدعاء في الصّلاة من غير تقييد بمحل مخصوص (٦) ، وكلامه متجه ، ويلوح من كلام المبسوط الأوّل (٧).

قوله : ( وطويل اليدين ينحني كالمستوي ).

وكذا قصيرهما ومقطوعهما حملا لألفاظ النّصوص على الغالب ، لأنّه الراجح.

قوله : ( والعاجز عن الانحناء يأتي بالممكن ).

لأنّ « الميسور لا يسقط بالمعسور » ، واللام في الانحناء للعهد ، والمعهود ما سبق ، فلا يرد أنّ العاجز عن الانحناء كيف يمكنه الانحناء ليأتي به؟

قوله : ( فان عجز أصلا أومأ برأسه ).

__________________

(١) صحيح البخاري ١ : ٢٠١ ، سنن أبي داود ١ : ٢٢٦.

(٢) الكافي ٣ : ٣٢٠ حديث ٦ ، التهذيب ٢ : ٧٨ حديث ٢٩٠.

(٣) الخلاف ١ : ٦٩ مسألة ٤٩ كتاب الصلاة.

(٤) الكافي ٣ : ٣٢٠ حديث ٤ ، ٦ ، التهذيب ٢ : ٧٨ حديث ٢٩٠.

(٥) الذكرى : ٢٠٠.

(٦) التهذيب ٢ : ١٠٤ حديث ٣٩٤.

(٧) المبسوط ١ : ١٠٩.

٢٨٨

والقائم على هيئة الراكع لكبر أو مرض يزيد انحناء يسيرا للفرق.

ولو شرع في الذكر الواجب قبل انتهاء الركوع أو شرع في النهوض قبل‌

______________________________________________________

لعل المراد بقوله : ( أصلا ) : العجز عن جميع حالاته المتصوّرة إلى الحدّ المعين ، ودونه استقلالا واعتمادا ، إذ لو أمكن الاعتماد وجب ولو بعوض ، توصلا إلى الواجب بحسب المقدور ، كما تقدّم في القيام.

قوله : ( والقائم على هيئة الراكع لكبر أو مرض يزيد الانحناء يسيرا للفرق ).

أي : تحصيلا للفرق بين القيام والرّكوع ، لأنّ المعهود من صاحب الشّرع الفرق بينهما ، ولا دليل على السّقوط ، ولظاهر قوله عليه‌السلام : « فاتوا منه بما استطعتم » (١) ، وما سبق في باب القيام من الدلائل الدالة على وجوب كون الإيماء للسجود أخفض إذا بلغ الحال إليه تنبيه على ذلك. وقال الشّيخ (٢) وتبعه المصنّف في هذا الكتاب ، وصاحب المعتبر : يستحب ولا يجب ، لأنّ ذلك حدّ الرّكوع فلا يلزم الزّيادة عليه (٣). وجوابه : أنه لا يلزم من كونه حد الرّكوع أن يكون ركوعا ، لأنّ الرّكوع هو فعل الانحناء المخصوص ، ولم يتحقق ، ولما سبق من وجوب الفرق. ولو أمكن نقص الانحناء حال القيام باعتماد أو نحوه تعيّن قطعا ، فيجزئ ذلك الانحناء للرّكوع حينئذ لحصول الفرق.

فرع :

لو كان انحناؤه على أقصى مراتب الرّكوع بحيث لو زاد يسيرا خرج عمّا يعد ركوعا ففي ترجيح الفرق ، أو هيئة الرّكوع تردد.

قوله : ( ولو شرع في الذكر الواجب قبل انتهاء الرّكوع أو شرع في‌

__________________

(١) مجمع البيان ٢ : ٢٥٠ ، صحيح البخاري ٧ : ١١٧ ، صحيح مسلم ٢ : ٩٧٥ حديث ٤١٢ ، سنن النسائي ٥ : ١١٠ ـ ١١١.

(٢) المبسوط ١ : ١١٠.

(٣) المعتبر ٢ : ١٩٤.

٢٨٩

إكماله بطلت صلاته.

ولو عجز عن الطمأنينة سقطت ، وكذا لو عجز عن الرفع ،

______________________________________________________

النهوض قبل إكماله عامدا ولم يعده بطلت صلاته ).

لمّا وجب في ذكر الرّكوع الطمأنينة وجب وقوعه بعد بلوغ حدّ الرّاكع ، وحصول الاستقرار بحيث ينتهي وهو كذلك ، فلو شرع فيه قبل انتهاء الرّكوع وحصول الطمأنينة عامدا بطلت صلاته ، لكونه منهيّا عنه حينئذ.

وكذا لو شرع في النّهوض قبل الإكمال عامدا تبطل الصلاة ، وتقريبه ما سبق. ولو كان ساهيا فان تذكّر قبل خروجه عن حد الراكع في الحالين وجب التّدارك على الوجه المعتبر ، فإن أخلّ حينئذ به فالظاهر بطلان الصّلاة ، وتصويره في الثّاني أن ينحني زيادة على أقل مراتب الرّكوع ثم يشرع في النهوض قبل الإكمال ، ويتذكر قبل الخروج عن حد الراكع ، وإن لم يتذكّر حتّى خرج عن حدّ الرّاكع مضى في صلاته.

ويفهم من قول المصنّف : ( عامدا ولم يعده ) أنّ الناسي لا تبطل صلاته ، وكذا العامد إذا أعاد الذّكر. وليس بجيد لثبوت النّهي ـ المقتضي للفساد ـ في العامد (١) ، والإخلال بالواجب لو تذكر النّاسي في حال الرّكوع ، ولم يعد الذّكر ، مع احتمال الإجزاء بالمأتي به هنا ، لأنّ النّاسي معذور ، ولو ترك المصنّف قوله : ( ولم يعده ) (٢) لكان أسلم للعبارة.

قوله : ( ولو عجز عن الطّمأنينة سقطت ).

لامتناع التّكليف بما لا يطاق ، لكن ينحني زيادة ليأتي بالذّكر في حال الرّكوع كما سبق.

قوله : ( وكذا لو عجز عن الرّفع ).

لما قلناه من امتناع التّكليف بما لا يطاق.

__________________

(١) المحاسن : ٧٩ حديث ٥ ، الكافي ٣ : ٢٦٨ حديث ٦ ، التهذيب ٢ : ٢٣٩ حديث ٩٤٨.

(٢) لم ترد في نسختنا الخطية لقواعد الأحكام ، إلا أنها واردة في النسخ الخطية لجامع المقاصد ، مما يدل على أنها موجودة في نسخة القواعد التي اعتمدها المصنف.

٢٩٠

فإن افتقر إلى ما يعتمد عليه وجب.

ويستحب التكبير قبله رافعا يديه بحذاء أذنيه ، وكذا عند كل تكبير ، وسمع الله لمن حمده ناهضا ،

______________________________________________________

قوله : ( فان افتقر إلى ما يعتمد عليه وجب ).

ويعود إلى الطّمأنينة والرّفع جميعا ، أي : فان لم يقدر على الطّمأنينة إلا بالاستعانة بشي‌ء يعتمد عليه وجب ذلك من باب المقدّمة ، ولو افتقر الى عوض وجب بذله وإن زاد إذا كان مقدورا ما لم يضرّ بحاله ، وكذا القول في الرّفع إذا تعذر عليه إلاّ باعتماد ، ولو افتقر في طمأنينته إلى ذلك فكذلك.

قوله : ( ويستحبّ التكبير قبله رافعا يديه بحذاء أذنيه وكذا عند كلّ تكبير ).

استحباب التّكبير للرّكوع هو مذهب أكثر علمائنا ، وقال بعضهم بالوجوب. ويستحبّ أن يكبر قائما ثم يركع ، لما رواه حماد في صفة صلاة الصّادق عليه‌السلام : ثم رفع يديه حيال وجهه وقال الله أكبر وهو قائم ثم ركع (١) ، وقال الشّيخ في الخلاف : ويجوز أن يهوي بالتّكبير (٢) ، فإن أراد المساواة في الفضل فليس كذلك ، وإن أراد الأجزاء فهو حقّ ، لأنّ ذلك مستحبّ. ويستحبّ رفع اليدين فيه وفي كلّ تكبير.

وقال المرتضى في الانتصار : يجب رفع اليدين في تكبيرات الصّلاة كلّها (٣) ، وليبدأ برفع يديه عند ابتدائه بالتّكبير وينتهي الرّفع عند انتهائه ، ويرسلهما بعد ذلك.

قوله : ( وسمع الله ناهضا ).

يستحب أن يقول بعد انتصابه من الرّكوع : سمع الله لمن حمده ، لصحيحة زرارة ، عن الباقر عليه‌السلام : « قل : سمع الله لمن حمده وأنت منتصب قائم ، ـ الى أن‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣١١ حديث ٨ ، الفقيه ١ : ١٩٦ حديث ٩١٦ ، التهذيب ٢ : ٨١ حديث ٣٠١.

(٢) الخلاف ١ : ٦٨ مسألة ٤٣ كتاب الصلاة.

(٣) الانتصار : ٤٤.

٢٩١

والتسبيح سبعا أو خمسا أو ثلاثا صورته سبحان ربي العظيم وبحمده

______________________________________________________

قال ـ تجهر بها صوتك » (١) وفيه دلالة على استحباب الجهر بها ، ولعلّه لغير المأموم لاستحباب الإخفات في جميع أذكاره ، وفي رواية حماد ، عن الصّادق عليه‌السلام لما علّمه الصّلاة. فلما استمكن من القيام قال : « سمع الله لمن حمده » (٢). ولا فرق في استحباب ذلك بين الامام والمأموم والمنفرد عند علمائنا.

ولو قال المأموم : ربّنا لك الحمد ، عند تسميع الإمام كان جائزا ، وقد تضمّن قوله إيّاه خبر محمّد بن مسلم ، عن الصّادق عليه‌السلام ، أورده في الذّكرى (٣). قال الشّيخ : لو قال : ربّنا ولك الحمد لم تفسد صلاته (٤) ، وهو حقّ لأنّ الواو قد تزاد لغة.

إذا تقرّر ذلك فمقتضى عبارة الكتاب أنه يقول ذلك في نهوضه.

وعبارة غيره وألفاظ النّصوص أنّه يقول : بعد الانتصاب ، ففي العبارة تسامح.

ويستحب أن يزيد على ذلك ما روي في الاخبار (٥) ، وذكره الأصحاب : « الحمد لله ربّ العالمين إلى آخره ».

ولو عطس عند رفعه فقال : الحمد لله ربّ العالمين ونوى بذلك التّحميد عند العطسة ، والمستحبّ بعد الرّفع جاز ، لأنّها عبادة ذات سببين.

وهنا شي‌ء ، وهو أن ( سمع الله لمن حمده ) هل هو دعاء أو ثناء؟ كلّ محتمل ، ولم أظفر في كلام أحد بتصريح بأحدهما.

قوله : ( والتّسبيح سبعا ، أو خمسا ، أو ثلاثا ، صورته : سبحان ربّي العظيم وبحمده ).

ظاهر هذه العبارة وكثير من العبارات أنّ السّبع نهاية الكمال ، وتشهد له‌

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٧٧ حديث ٢٨٩.

(٢) الكافي ٣ : ٣١١ حديث ٨ ، الفقيه ١ : ١٩٦ حديث ٩١٦ ، التهذيب ٢ : ٨١ حديث ٣٠١.

(٣) الذكرى : ١٩٩.

(٤) المبسوط ١ : ١٢٢.

(٥) الكافي ٣ : ٣٢٠ حديث ٢.

٢٩٢

والدعاء بالمنقول قبل التسبيح ، وردّ ركبتيه إلى خلفه ، وتسوية ظهره ، ومد عنقه موازيا‌ لظهره ،

______________________________________________________

رواية هشام بن سالم السّالفة (١) ، لكن روى حمزة بن حمران ، والحسن بن زياد أنّهما عدّا على الصّادق عليه‌السلام في ركوعه وهو يصلّي بقوم العصر سبحان ربّي العظيم أربعا ، أو ثلاثا وثلاثين مرّة ، وقال أحدهما في حديثه : وبحمده في الرّكوع والسّجود (٢).

وقال أبان بن تغلب : دخلت على أبي عبد الله عليه‌السلام وهو يصلّي ، فعددت له في الرّكوع والسّجود ستين تسبيحة (٣).

والوجه استحباب ما لا يحصل معه السأم ، إلا أن يكون اماما ، كما ذكره في المعتبر (٤) ، أما الامام فيستحب له التّخفيف ، فيقتصر على الثّلاث ، ولو انحصر المأمومون وعلم منهم حبّ الإطالة استحبّ له التّكرار ، ولا ينبغي ان ينقص المصلّي من الثّلاث ما لم يعرض له ما يقتضي ذلك.

قوله : ( والدعاء المنقول قبل التّسبيح ).

لأنّه موضع إجابة ، وقد روي عن النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : « أما الرّكوع فعظّموا الرّب ، وأمّا السّجود فاجتهدوا في الدّعاء ، فقمن (٥) أن يستجاب لكم » (٦). وصورة الدعاء ما رواه زرارة في الصّحيح ، عن الباقر عليه‌السلام : « رب لك ركعت ، ولك أسلمت ، وبك آمنت ، وعليك توكّلت إلى آخره » (٧).

قوله : ( وردّ ركبتيه إلى خلفه ، وتسوية ظهره ، ومدّ عنقه موازيا لظهره ).

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٧٦ حديث ٢٨٢ ، الاستبصار ١ : ٣٢٢ حديث ١٢٠٤.

(٢) الكافي ٣ : ٣٢٩ حديث ٣ ، التهذيب ٢ : ٣٠٠ حديث ١٢١٠ ، الاستبصار ١ : ٣٢٥ حديث ١٢١٤.

(٣) الكافي ٣ : ٣٢٩ حديث ٢ ، التهذيب ٢ : ٢٩٩ حديث ١٢٠٥.

(٤) المعتبر ٢ : ٢٠٢.

(٥) قمن : أي جدير وخليق. انظر : مجمع البحرين ٦ : ٣٠١ ( قمن ).

(٦) صحيح مسلم ١ : ٣٤٨ ذيل حديث ٢٠٧ ، سنن أبي داود ١ : ٢٣٢ ذيل حديث ٨٧٦ ، سنن النسائي ٢ : ١٩٠ ، سنن الدارمي ١ : ٣٠٤ ، مسند أحمد ١ : ١٥٥.

(٧) الكافي ٣ : ٣٢١ حديث ١.

٢٩٣

ورفع الإمام صوته بالذكر ، والتجافي ووضع اليدين على ركبتيه مفرجات الأصابع.

______________________________________________________

لأنّه أبلغ في الخضوع ، ورواه حماد ، عن الصّادق عليه‌السلام في صفة صلاته : وردّ ركبتيه إلى خلفه ، ثم سوّى ظهره ، ومدّ عنقه (١) ، وروي عن النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه كان يستوي في الرّكوع بحيث لو صب الماء على ظهره لاستمسك (٢) ، ومثله عن عليّ عليه‌السلام (٣).

ويستحبّ أن يصفّ في ركوعه بين قدميه لا يقدم أحدهما على الأخرى ، ويجعل بينهما قدر شبر ، وقد تضمنه صحيح زرارة ، عن الباقر عليه‌السلام (٤).

قوله : ( ورفع الإمام صوته بالذكر ).

أي : بالذكر الواجب ، والمندوب في الرّكوع وبعده كسائر أذكار الصّلاة ليتابعه المأموم ، ويستحبّ للمأموم الإسرار كسائر الأذكار كما سبق غير مرّة ، ويتخير المنفرد إلاّ التّسميع فإنّه جهر ، لإطلاق الرّواية السّالفة (٥).

قوله : ( والتجافي ووضع اليدين على الركبتين مفرجات الأصابع ).

أمّا استحباب التجافي ـ وهو أن لا يضع شيئا من أعضائه على شي‌ء إلاّ اليدين ـ ، فيدلّ عليه مع الإجماع ما رواه حماد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام لمّا علمه الصّلاة من أنه لم يضع شيئا من بدنه على شي‌ء منه في ركوع ولا سجود ، وكان متجنحا (٦).

وأمّا استحباب وضع اليدين على عيني الرّكبتين مفرّجات ، فتدلّ عليه رواية حماد ـ أيضا ـ وغيرها (٧).

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣١١ حديث ٨ ، الفقيه ١ : ١٩٦ ، حديث ٩١٦ ، التهذيب ٢ : ٨١ حديث ٣٠١ باختلاف يسير في الجميع.

(٢) رواه في الذكرى : ١٩٧.

(٣) رواه في الذكرى : ١٩٧.

(٤) الكافي ٣ : ٣٣٤ حديث ١ ، التهذيب ٢ : ٨٣ حديث ٣٠٨.

(٥) الكافي ٣ : ٣١٩ حديث ١ ، التهذيب ٢ : ٧٧ حديث ٢٨٩.

(٦) الكافي ٣ : ٣١١ حديث ٨ ، الفقيه ١ : ١٩٦ حديث ٩١٦ ، التهذيب ٢ : ٨١ حديث ٣٠١.

(٧) الكافي ٣ : ٣١٩ حديث ١ ، التهذيب ٢ : ٧٧ حديث ٢٨٩.

٢٩٤

وتختص ذات العذر بتركه ، ويكره جعلهما تحت ثيابه.

______________________________________________________

قوله : ( وتختص ذات العذر بتركه ).

فيضع الأخرى مستحبا ، لأنه فعل تعلق بهما ، فلا يسقط عن إحداهما بحصول العذر في الأخرى.

قوله : ( ويكره جعلهما تحت ثيابه ).

أي : يكره جعلهما كذلك في حال الرّكوع ، بل تكونان بارزتين ، أو في كمّيه ، قاله الجماعة. وروى عمّار عن الصّادق عليه‌السلام في الرّجل يدخل يديه تحت ثوبه؟ قال : « إن كان عليه ثوب آخر فلا بأس ، وإن لم يكن فلا يجوز ذلك ، وإن أدخل يدا وأخرج أخرى فلا بأس » (١) ، وكثير من العبارات مطلقة ليس فيها تقييد للكراهة بما إذا لم يكن ثم ثوب آخر.

فروع :

أ : لو لم يضع راحتيه على ركبتيه فشك بعد الانتصاب ، هل بلغ بالرّكوع حد الإجزاء؟ احتمل العود ، وعدم الالتفات ، نظرا الى أنّ الشّك في نفس الرّكوع أم في هيئته؟ فإن كان الأوّل فهو شك في الفعل قبل تجاوز محلّه ، وإن كان الثّاني كان شكّا بعد تجاوز المحل فلا التفات معه.

والوجهان ذكرهما المصنّف ولم يرجح منهما شيئا ، وكذا شيخنا الشهيد (٢) ، وهو محل التردّد ، والتّحقيق : انّه في مبدأ الأمر شك في كيفية الرّكوع ، للقطع بأنه شرع فيه ، إلاّ انّه يبول إلى الشّك فيه ، لأنّه إذا لم تتحقّق الهيئة المخصوصة لم يتحقّق الرّكوع.

وقد يرجح عدم الالتفات نظرا إلى أنّ الظاهر أنّه بعد أن شرع فيه أكمله ، ويجي‌ء مثله في السّجود.

ب : لو قال بعد الرّفع : من حمد الله سمع له لم يأت بالمستحب ، وهل تبطل به الصّلاة؟ فيه نظر ، ولا شبهة في البطلان لو اعتقد شرعيّته.

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٩٥ حديث ١٠ ، التهذيب ٢ : ٣٥٦ حديث ١٤٧٥ ، الاستبصار ١ : ٣٩٢ حديث ١٤٩٤.

(٢) الذكرى : ١٩٧.

٢٩٥

الفصل السادس : في السجود : وهو واجب في كل ركعة سجدتان ، هما ركن معا لو أخل بهما معا عمدا أو سهوا بطلت صلاته ، لا بالواحدة سهوا.

______________________________________________________

ج : لا ينبغي مدّ التّكبير قصدا لبقائه ذاكرا الى تمام الهوي ، لما روي عن النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انّه قال : « التكبير جزم » (١) ، ويستحبّ رفع اليدين به للقاعد والمضطجع ، كما يستحبّ للقائم.

د : يجب أن لا يقصد بهويّة غير الرّكوع ، فلو هوى لسجدة العزيمة أو غيرها في النّافلة ، أو لنحو قتل حيّة مطلقا ، أو ظن أنّه ركع ، فهوى ليسجد ثم تذكر فنوى الرّكوع في ذلك كلّه بعد بلوغ حدّه لم يجزئه ، « فإنّما لكل امرئ ما نوى » (٢) ، بل ينتصب ثم يركع ، ولا يعد ذلك زيادة ركوع.

هـ : لو سقط قبل الرّكوع عاد إلى القيام ليركع ، أو بعده قبل الطمأنينة فقد قيل : لا يعيد ، لحصول الرّكوع (٣) ، فلو عاد لزاد ركوعا ، ولمانع أن يمنع تحقق الرّكوع الواجب حينئذ.

وكذا في لزوم تعدد الرّكوع لو قام منحنيا نظر ، وقريب منه لو سقط بعد الطمأنينة قبل الذّكر ، أمّا بعدهما فينتصب معتدلا ثم يهوي إلى السجود.

قوله : ( الفصل السّادس : السّجود ).

هو لغة : الخضوع والانحناء.

وشرعا : وضع الجبهة على الأرض ونحوها ، فهو خضوع وانحناء خاص.

قوله : ( وهو واجب في كلّ ركعة سجدتان هما معا ركن لو أخلّ بهما عمدا أو سهوا بطلت صلاته لا بالواحدة سهوا ).

أمّا وجوب السّجدتين معا في كلّ ركعة فبالنّص (٤) والإجماع ، وأمّا كونهما‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ١٨٤ حديث ٨٧١.

(٢) صحيح البخاري ١ : ٢ ، سنن أبي داود ٢ : ٢٦٢ حديث ٢٢٠١.

(٣) قاله الشيخ في المبسوط ١ : ١١٢.

(٤) الكافي ٣ : ٣٣٤ حديث ١ ، الفقيه ١ : ١٩٦ حديث ٩١٦ ، التهذيب ٢ : ٨١ ، ٨٣ حديث ٣٠١ ، ٣٠٨ ، صحيح البخاري ١ : ٢٠٠ ـ ٢٠١.

٢٩٦

______________________________________________________

معا ركنا ـ تبطل الصّلاة بزيادتهما ونقصانهما معا مطلقا لا بالواحدة سهوا ـ فهو مذهب أكثر علمائنا ، والخلاف في موضعين :

أحدهما : أنّ الإخلال بالسّجدتين معا مبطل في الرّكعتين الأوليين دون الأخيرتين عند الشّيخ (١) ، تعويلا على رواية البزنطي (٢) ، ولا دلالة فيها على ما يريده ، مع معارضتها بأقوى منها شهرة ودلالة (٣).

الثّاني : نقل في الذّكرى (٤) والمختلف عن ظاهر كلام ابن أبي عقيل : أنّ الإخلال بالسّجدة الواحدة مبطل وإن كان سهوا ، من غير فرق بين الرّكعتين الأوليين والأخيرتين (٥) ، نظرا إلى أنّ ذلك إخلال بالرّكن ، فإنّ الإخلال بأي جزء كان من أجزاء الماهيّة المركبة يقتضي الإخلال بالماهية.

وقد تقرر أنّ الرّكن مجموع السّجدتين ، ولرواية معلى بن خنيس ، عن أبي الحسن الماضي عليه‌السلام في رجل نسي السجدة من صلاته قال : « إذا ذكرها قبل ركوعه سجدها وبنى على صلاته ثم يسجد بسجدتي السّهو بعد انصرافه ، وإن ذكرها بعد ركوعه أعاد الصّلاة ، ونسيان السجدة في الأوليين والأخيرتين سواء » (٦).

وأجاب عن ذلك شيخنا في الذّكرى : بأنّ انتفاء الماهيّة هنا غير مؤثر وإلاّ لكان الإخلال بعضو من أعضاء السّجود مبطلا (٧). وليس بشي‌ء ، لأنّ الرّكن على تقدير كونه هو المجموع يجب أن يكون الإخلال به مبطلا ، فاللازم إمّا عدم ركنيّة المجموع أو بطلان الصلاة بكلّ ما يكون إخلال به. وما ادعاه من لزوم البطلان بالإخلال بعضو من أعضاء السجود غير ظاهر ، لأنّ وضع ما عدا الجبهة لا دخل له في‌

__________________

(١) التهذيب ٢ : ١٥١ ـ ١٥٢.

(٢) الكافي ٣ : ٣٤٩ حديث ٣ ، التهذيب ٢ : ١٥٤ حديث ٦٠٥ ، الاستبصار ١ : ٣٦٠ حديث ١٣٦٤.

(٣) الفقيه ١ : ٢٢ ، ٢٢٥ حديث ٦٦ ، ٩٩١ ، التهذيب ٢ : ١٥٢ حديث ٥٩٧.

(٤) الذكرى : ٢٠٠.

(٥) المختلف : ١.

(٦) التهذيب ٢ : ١٥٤ حديث ٦٠٦ ، الاستبصار ١ : ٣٥٩ حديث ١٣٦٣.

(٧) الذكرى : ٢٠٠.

٢٩٧

ويجب فيه الانحناء بحيث يساوي موضع جبهته موقفه أو يزيد بقدر لبنة لا غير ،

______________________________________________________

نفس السّجود كالذكر والطمأنينة. وفي بعض حواشيه على الكتاب أجاب بما هو أضعف من ذلك : ثم قال في الذّكرى : ولعلّ الركن مسمّى السّجود ، ولا يتحقّق الإخلال به إلاّ بترك السّجدتين معا (١).

وهذا ـ لو تم ـ خروج عن مورد السؤال ، على أنّه يرد عليه لزوم الإبطال بزيادة الواحدة سهوا ، كما هو مقتضى الرّكن ، ولو قيل : مراد الأصحاب : أنّ الرّكن مسمّى السّجود من السّجدتين ، لم يسلم أيضا ، لأنّ زيادة السّجدتين معا سهوا مبطل قطعا ، فلا يختصّ الرّكن بما كان من السّجدتين.

والجواب عن الرّواية : أنّها مع ضعف سندها ـ بالإرسال وبالمعلى لأنّ فيه كلاما ـ معارضة بما هو أقوى منها وأشهر ، مما يدل على أنّ نسيان السّجدة الى أن يركع يوجب فعلها بعد الصّلاة ، كرواية إسماعيل بن جابر (٢) ، وغيره عن الصّادق عليه‌السلام (٣). والحقّ أنّ الحكم لا شبهة فيه ، وإن كان ما ذكره الأصحاب من ضابط الرّكن في ذلك لا يخلو من مناقشة.

قوله : ( ويجب فيه الانحناء بحيث يساوي موضع جبهته موقفه ، أو يزيده بقدر لبنة لا غير ).

لمّا كان حقيقة السّجود شرعا الانحناء ، بحيث يضع جبهته على موضع من الأرض أو غيرها على وجه مخصوص لا مطلقا لم يكن بدّ من بيانه.

وتنقيحه : أنّه لا بد أن يكون موضع جبهته مساويا لموقفه أو زائدا عليه بمقدار لبنة موضوعة على أكبر سطوحها لا أزيد عند جميع أصحابنا ، لرواية عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن السّجود على الأرض المرتفعة؟ فقال :

__________________

(١) الذكرى : ٢٠٠.

(٢) التهذيب ٢ : ١٥٣ حديث ٦٠٢ ، الاستبصار ١ : ٣٥٩ حديث ١٣٦١.

(٣) التهذيب ٢ : ١٥٣ حديث ٦٠٣ ، ٦٠٤ الاستبصار ١ : ٣٥٩ حديث ١٣٦٢.

٢٩٨

______________________________________________________

« إذا كان موضع جبهتك مرتفعا عن موضع بدنك قدر لبنة فلا بأس » (١) ، ومفهوم الشّرط يدل على المنع من الزائد. والمراد باللّبنة : المعتادة في بلد صاحب الشّرع عليه‌السلام ، وقدرت بأربع أصابع مضمومة تقريبا. وصرّح شيخنا باعتبار ذلك في الانخفاض أيضا (٢) ، لو كان موضع الجبهة أخفض من الموقف بلبنة فما دون جاز لا أزيد.

ويمكن الاحتجاج له بظاهر صحيحة معاوية بن عمّار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام وقد سأله عن موضع جبهة السّاجد ، أيكون أرفع من مقامه؟ فقال : « لا ، ولكن ليكن مستويا » (٣) ، فإنّ الأمر للوجوب إلاّ ما أخرجه الدليل. وفي رواية عمّار ، عنه عليه‌السلام في المريض يقوم على فراشه ويسجد على الأرض؟ فقال : « إذا كان الفراش غليظا قدر آجرة أو أقلّ استقام له أن يقوم عليه ويسجد على الأرض ، وإن كان أكثر من ذلك فلا » (٤) ، وهي صريحة في المطلوب.

وهل يعتبر ذلك في بقية المساجد؟ اعتبره شيخنا الشّهيد (٥) ، ولعلّه استفاده من رواية معاوية بن عمّار السّالفة ، وللنّظر فيه مجال.

فروع :

لو وقعت جبهته على موضع مرتفع جاز له أن يرفع رأسه ويسجد على المساوي لعدم تحقّق السّجود حينئذ ، ولرواية الحسين بن حماد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قلت له : أسجد فتقع جبهتي على الموضع المرتفع؟ فقال : « ارفع رأسك ثم ضعه » (٦).

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٣٣ حديث ٤ ، وفيه : موضع رجليك ، التهذيب ٢ : ٣١٣ حديث ١٢٧١.

(٢) الذكرى : ٢٠١.

(٣) الكافي ٣ : ٣٣٣ حديث ٤ ، التهذيب ٢ : ٨٥ حديث ٣١٥ ، وفيهما : عن عبد الله بن سنان.

(٤) الكافي ٣ : ٤١١ حديث ١٣ ، التهذيب ٣ : ٣٠٧ حديث ٩٤٩.

(٥) الذكرى : ٢٠٢.

(٦) التهذيب ٢ : ٣٠٢ حديث ١٢١٩ ، الاستبصار ١ : ٣٣٠ حديث ١٢٣٧ وفيه : عن الحسن بن حماد.

٢٩٩

ووضعها على ما يصح السجود عليه ، والسجود عليها وعلى الكفين والركبتين وإبهامي الرجلين ،

______________________________________________________

ولو وقعت الجبهة على ما لا يصحّ السّجود عليه وكان مساويا لموقفه أو أعلى بلبنة لا أزيد جرّها إلى ما يسجد عليه ، ولا يرفعها حذرا من تعدد السّجود ، وعليه تنزّل صحيحة معاوية بن عمّار ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : « إذا وضعت جبهتك على نبكة فلا ترفعها ، ولكن جرها على الأرض » (١) ، والنبكة ـ بالنون والباء الموحّدة مفتوحتين ـ : واحدة النبك ، وهي أكمة حديدة الرّأس ، وغيرها من الأخبار الّتي في معناها (٢) جمعا بينها وبين الرواية السّالفة.

قوله : ( ووضعها على ما يصحّ السّجود عليه ، والسجود عليها وعلى الكفّين والركبتين وإبهامي الرّجلين ).

قد سبق في باب المكان بيان ما يصحّ السّجود عليه ، وأمّا السّجود على الأعضاء السّبعة فبإجماعنا ـ وإن كان المرتضى يجتزئ عن الكفين بمفصلهما عند الزّندين (٣) ـ ولقوله تعالى ( وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلّهِ ) (٤) فإنّها مفسّرة بذلك (٥) ، ولصحيحة زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. السّجود على سبعة أعظم : الجبهة واليدين والركبتين والإبهامين » (٦) وفي رواية حمّاد ، عن الصّادق عليه‌السلام لما علمه الصّلاة وسجد على ثمانية أعظم ، وعد أنامل إبهامي الرّجلين والأنف ، وقال : « إن وضع الأنف على الأرض سنة » (٧).

وظاهر ذلك تعيّن الإبهامين ، وقد أطلق عدّة من الأصحاب الأصابع‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٣٣ حديث ٣ ، التهذيب ٢ : ٣٠٢ حديث ١٢٢١ ، الاستبصار ١ : ٣٣٠ حديث ١٢٣٨.

(٢) الاستبصار ١ : ٣٣٠ ، ٣٣١ حديث ١٢٣٩ ، ١٢٤٠.

(٣) جمل العلم والعمل : ٦٠.

(٤) الجن : ١٨.

(٥) انظر تفسير القمي ٢ : ٣٩٠ ، التبيان ١٠ : ١٥٥ ، مجمع البيان ٥ : ٣٧٢ ، تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٤ : ٤٦٠ ، التفسير الكبير للرازي ٣٠ : ١٦٣ ، تفسير أبي السعود ٩ : ٤٦.

(٦) التهذيب ٢ : ٢٩٩ حديث ١٢٠٤ ، الاستبصار ١ : ٣٢٩ حديث ١٢٣٢.

(٧) الكافي ٣ : ٣١١ حديث ٨ ، الفقيه ١ : ١٩٦ حديث ٩١٦ ، التهذيب ٢ : ٨١ حديث ٣٠١.

٣٠٠