جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ٢

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي

جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ٢

المؤلف:

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٤

والتوجه بست تكبيرات غير تكبيرة الإحرام بينها ثلاثة أدعية.

______________________________________________________

بوجوبه (١) ضعيف. والأفضل أن يحاذي بهما شحمتي الأذنين ، لرواية أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : قال : « إذا افتتحت الصّلاة وكبّرت فلا تتجاوز أذنيك » (٢) وقال ابن أبي عقيل : يرفعهما حذو منكبيه أو حيال خديه ولا يتجاوز بهما أذنيه (٣) ، وابن بابويه : يرفعهما إلى النحر ولا يتجاوز بهما الأذنين حيال الخدّين (٤).

ويستحب أن تكونا مبسوطتين ، مضمومتي الأصابع إلاّ الإبهام ـ على أحد القولين ـ (٥) وليستقبل بباطن كفّيه القبلة ، ويكره أن يتجاوز بهما رأسه للرّواية عن النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٦).

قوله : ( والتوجّه بست تكبيرات غير تكبيرة الإحرام بينها ثلاثة أدعية ).

لا خلاف عندنا في استحباب ذلك ، وأدون منه التوجّه بأربع ثم اثنتين ، لرواية أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : يكبر ثلاثا ثم يدعو : اللهم أنت الملك الحقّ ـ إلى آخره ـ ثم اثنتين ، ويقول : لبّيك وسعديك ـ الى آخره ـ ، ثم واحدة ويقول : يا محسن قد أتاك المسي‌ء ـ الى آخره ـ ثم يكبر للإحرام ، ويجوز فعلها ولاء ، لما روي من فعل الباقر عليه‌السلام (٧).

ويستحب في سبعة مواطن : أول كلّ فريضة ، وأوّل صلاة اللّيل والوتر ، وأوّل نافلة الزّوال ، وأوّل نافلة المغرب ، وأوّل ركعتي الإحرام ، والوتيرة. قاله الجماعة ، والظّاهر أنّ المراد بأوّل نافلة الزوال : أول كلّ ركعتين ، وكذا أوّل نافلة المغرب لعدم الأولوية ، ويحتمل أن يراد : أوّل المجموع تنزيلا له منزلة أوّل الصّلاة ، قال في الذّكرى : الأقرب عموم‌

__________________

(١) الانتصار : ٤٤.

(٢) التهذيب ٢ : ٦٥ حديث ٢٣٣.

(٣) نقله عنه في الذكرى : ١٧٩.

(٤) الفقيه ١ : ١٩٨ حديث ٩١٧.

(٥) ذهب اليه المحقق في المعتبر ٢ : ١٥٦.

(٦) المعتبر ٢ : ١٥٧ ، المنتهى ١ : ٢٦٩.

(٧) الخصال : ٣٤٧ حديث ١٧ ، التهذيب ٢ : ٢٨٧ حديث ١١٥٢.

٢٤١

الفصل الرابع : القراءة : وليست ركنا بل واجبة تبطل الصلاة بتركها عمدا.

وتجب الحمد ثم سورة كاملة في ركعتي الثنائية ، والأوليين من غيرها.

______________________________________________________

استحباب السّبع في جميع الصلوات ، لأنّه ذكر لله (١) ، والأخبار (٢) مطلقة فالتخصيص يحتاج إلى دليل.

قوله : ( الفصل الرّابع : القراءة : وليست ركنا بل واجبة تبطل الصّلاة بتركها عمدا ).

هذا أشهر القولين لأصحابنا ، وادعى الشّيخ فيه الإجماع (٣) ، وتدل عليه رواية منصور بن حازم أنّه سأل الصّادق عليه‌السلام : إنّي صلّيت المكتوبة ونسيت أن أقرأ في صلاتي كلّها ، فقال : « أليس قد أتممت الرّكوع والسّجود » قلت : بلى فقال : « تمت صلاتك » (٤) وغيرها (٥). ونقل الشّيخ في المبسوط (٦) عن بعض أصحابنا القول بركنيّتها تمسكا بظاهر قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب » (٧) ، وقول الباقر عليه‌السلام في صحيحة محمّد بن مسلم في الّذي لا يقرأ الفاتحة : « لا صلاة له إلا أن يقرأ بها في جهر أو إخفات » (٨) ويجاب بالحمل على العامد جمعا بين الأدلّة.

قوله : ( وتجب الحمد ثم سورة كاملة في ركعتي الثّنائية والأوليين من غيرها ).

أمّا وجوب الحمد فلا خلاف فيه عندنا ، وعند أكثر العامّة ، وأمّا وجوب السّورة‌

__________________

(١) الذكرى : ١٧٩.

(٢) الكافي ٣ : ٣١٠ حديث ٣ ـ ٧ ، التهذيب ٢ : ٦٧ حديث ٢٣٩.

(٣) الخلاف ١ : ٦٣ مسألة ٢٨ كتاب الصلاة.

(٤) الكافي ٣ : ٣٤٨ حديث ٣ ، التهذيب ٢ : ١٤٦ حديث ٥٧٠.

(٥) الكافي ٣ : ٣٤٧ حديث ١ ، ٢ ، التهذيب ٢ : ١٤٦ حديث ٥٦٩ ، ٥٧٢.

(٦) المبسوط ١ : ١٠٥.

(٧) تفسير أبي الفتوح الرازي ١ : ٢٢ ، سنن البيهقي ٢ : ٣٨.

(٨) الكافي ٣ : ٣١٧ حديث ٢٨ ، التهذيب ٢ : ١٤٦ حديث ٥٧٣.

٢٤٢

______________________________________________________

فهو أشهر القولين عندنا ، والآخر الاستحباب ذهب إليه ابن الجنيد (١) ، وسلاّر (٢) ، والشّيخ في النّهاية (٣) ، ونجم الدّين في المعتبر (٤).

لنا : قوله تعالى ( فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ ) (٥) ، فإنّ الأمر حقيقة في الوجوب و « ما » للعموم إلا ما أخرجه الدّليل ، ولا تجب القراءة في غير الصّلاة ، ورواية منصور بن حازم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : لا تقرأ في المكتوبة بأقل من سورة ولا بأكثر » (٦) ، وغير ذلك.

احتجوا بصحيحة علي بن رئاب (٧) ، وصحيحة الحلبي (٨) ، عن الصّادق عليه‌السلام وغيرهما (٩).

وجوابه : الحمل على من أعجلته حاجة أو تخوّف شيئا ، حملا لإطلاقها على ما اقتضته صحيحة الحلبي عنه عليه‌السلام (١٠) من التقييد بذلك ، على أنّ الرّواية بإجزاء السّورة الواحدة في الركعتين لا صراحة فيها بتبعيضها (١١) ، لجواز إرادة تكرارها.

نعم تقييدها بكونها ثلاث آيات يشعر بذلك ، فالحمل على اقتضاء الضّرورة التّبعيض أولى مع إمكان الحمل على التقية نظرا الى مخالفة أكثر الأصحاب ، وموافقة ما عليه العامة.

والأوليين بضم الهمزة ، ثم اليائين المثناتين من تحت ، تثنية الاولى ، وما اشتهر‌

__________________

(١) نقله عنه في المختلف : ٩١.

(٢) المراسم : ٧٠.

(٣) النهاية : ٧٥.

(٤) المعتبر ٢ : ١٧١.

(٥) المزمل : ٢٠.

(٦) الكافي ٣ : ٣١٤ حديث ١٢ ، التهذيب ٢ : ٦٩ حديث ٢٥٣ ، الاستبصار ١ : ٣١٤ حديث ١١٦٧.

(٧) التهذيب ٢ : ٧١ حديث ٢٥٩ ، الاستبصار ١ : ٣١٤ حديث ١١٦٩.

(٨) التهذيب ٢ : ٧١ حديث ٢٦٠ ، الاستبصار ١ : ٣١٥ حديث ١١٧٢.

(٩) نحو ما روي في الكافي ٣ : ٣١٤ حديث ٧ ، والتهذيب ٢ : ٧٠ حديث ٢٥٥ ، والاستبصار ١ : ٣١٥ حديث ١١٧٠.

(١٠) التهذيب ٢ : ٧١ حديث ٢٦١ ، الاستبصار ١ : ٣١٥ حديث ١١٧٢.

(١١) التهذيب ٢ : ٧١ حديث ٢٦٢ ، الاستبصار ١ : ٣١٥ حديث ١١٧٣.

٢٤٣

والبسملة آية منها ومن كل سورة ، ولو أخل بحرف منها عمدا أو من السورة أو ترك إعرابا أو تشديدا ، أو موالاة أو أبدل حرفا بغيره وإن كان في الضاد والظاء ، أو أتى بالترجمة مع إمكان التعلّم وسعة الوقت ، أو غيّر الترتيب أو قرأ في الفريضة عزيمة أو ما يفوت الوقت به ، أو قرن ، أو خافت في الصبح أو أوليي المغرب والعشاء عمدا عالما ، أو جهر في البواقي كذلك ، أو قال آمين آخر الحمد لغير التقية بطلت صلاته.

______________________________________________________

على ألسنة كثير من الطلبة من قرائها بتاء مثنّاة من فوق الظّاهر أنّه غلط ، لأن أوّله غير مسموع.

قوله : ( والبسملة آية منها ومن كل سورة ).

المراد : البسملة في أوّل السّورة ، لأنّ الّتي في وسط النّمل بعض آية ، ويستثني من ذلك براءة ، وهذا الحكم مجمع عليه بين الأصحاب ، والأخبار في ذلك من طرقنا (١) وطرق العامة كثيرة ، عن ابن عبّاس أنّه قال : سرق الشّيطان من النّاس مائة وثلاث عشرة آية ، حين ترك بعضهم قراءة بسم الله الرّحمن الرّحيم في أوائل السّور (٢) ، والمراد بقول المصنّف : إنّها ( آية من كل سورة ) : الغالب لما عرفت من استثناء براءة.

قوله : ( ولو أخلّ بحرف منها عمدا ، أو من السّورة ، أو ترك إعرابا ، أو تشديدا ، أو موالاة أو أبدل حرفا بغيره وإن كان في الضّاد والظّاء ، أو أتى بالترجمة مع إمكان التّعلم وسعة الوقت ، أو غير الترتيب أو قرأ في الفريضة عزيمة ، أو ما يفوت الوقت به ، أو قرن ، أو خافت في الصّبح وأوليي المغرب والعشاء عمدا عالما ، أو جهر في البواقي كذلك ، أو قال : آمين آخر الحمد لغير التقية بطلت صلاته ).

يجب في القراءة إكمال الحمد والسّورة مراعيا في ذلك الوجه المنقول ، فلا يجوز‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣١٢ ـ ٣١٣ حديث ١ ، ٢ ، التهذيب ٢ : ٦٩ حديث ٢٥٠ ـ ٢٥٢ ، وللمزيد راجع الوسائل ٤ : ٧٤٥ باب ١٠ من أبواب القراءة.

(٢) سنن البيهقي ٢ : ٥٠ ، ونقله السيوطي في الدر المنثور ١ : ٧ عن ابن منصور في سننه ، وابن خزيمة في كتاب البسملة.

٢٤٤

______________________________________________________

الإخلال بحرف منهما عمدا ، ولو لكونه جاهلا بطلت صلاته لعدم الإتيان بالمأمور به ، والجهل ليس عذرا.

ولا فرق في الحرف بين كونه أحد حرفي المشدّد إذا خففه ، أو غير ذلك ، حتّى أنّه لو ترك المدّ المتصل تحقق إخلاله بحرف ، وكذا لا يجوز الإخلال بالإعراب وتبطل به الصّلاة لو تعمّده. والمراد بالإعراب : الرّفع والنّصب والجرّ والجزم ، ومثله صفات البناء وهي : الضمّ والفتح والكسر والسّكون ، وكذا ما يتعلق ببنية الكلمة.

ولعلّ المصنّف اكتفى بذكر الإعراب عن البناء أو أراد به الأمرين معا توسعا ، ولا فرق في البطلان بالإخلال بالإعراب بين كونه مغيّرا للمعنى مثل ضم تاء ( أنعمت ) أو لا كفتح دال الحمد أول الفاتحة. كذا قالوا ، ولا يكاد يتحقق ذلك ، لأنّ اختلاف الحركة يقتضي اختلاف العامل فيتغيّر المعنى لا محالة.

وإنّما لم يكتف المصنّف بذكر الحرف عن ذكر التّشديد ، لأنّ الإخلال به يقتضي الإخلال بشيئين أحدهما : الحرف ، والآخر : إدغامه في حرف آخر ، وهو بمنزلة الإعراب حتى لو فك الإدغام ، وإن لم يسقط عمدا بطلت صلاته ، ومثله ما لو ترك الإدغام الصغير ، كما صرّح به في البيان (١).

ووجه البطلان في هذه المواضع كلّها : أنّه مع تعمّده يكون منهيّا عما قرأه ، فلا يكون محسوبا قرآنا ، بل من كلام الآدميّين فتبطل به الصّلاة ، ومثله ما لو أبدل حرفا بغيره ، ولو كان ممّا يخفى كالضاد إذا أبدله ظاء بأن أخرجه من مخرجها وبالعكس ، ولو استند في ذلك إلى جهله لأنّ الجاهل غير معذور ، وكذا لو أخرج حرفا من غير مخرجه المختصّ به المعلوم بالتواتر. وإنّما اختصّ المصنّف الضاد والظاء بالذكر لالتباسهما واحتياج الضاد إلى زيادة تكلّف في إصابة مخرجه ، بخلاف باقي الحروف فإنّها وإن احتاجت الى توقيف لغير العالم بها إلاّ أنّ أصابتها أسهل.

ويمكن أن يستفاد من قوله : ( أو ترك إعرابا ) وجوب القراءة بالمتواتر لا بالشواذّ ، فقد اتفقوا على تواتر السّبع ، وفي الثلاث الآخر الّتي بها تكمل العشرة ـ وهي‌

__________________

(١) البيان : ٨٢.

٢٤٥

______________________________________________________

قراءة أبي جعفر ، ويعقوب ، وخلف ـ تردد ، نظرا إلى الاختلاف في تواترها ، وقد شهد شيخنا في الذّكرى بثبوت تواترها (١) ، ولا يقصر عن ثبوت الإجماع بخبر الواحد ، فحينئذ تجوز القراءة بها ، وما عداها شاذ كقراءة ابن محيصن ، وابن مسعود ، فلو قرأ بشي‌ء من ذلك عمدا بطلت صلاته.

وأمّا الإخلال بالموالاة في القراءة فإنّه غير جائز ، وفي إبطال الصّلاة به تفصيل سيأتي إن شاء الله تعالى ، فحكم المصنّف بالإبطال بالإخلال بها مطلقا لا يخلو من مناقشة.

وتجب القراءة بالعربية قطعا ، للتأسّي ، ولأنّ القرآن عربي ، فلا يجوز الترجمة ، ولا مرادف القرآن من العربيّة لعدم صدق اسم القرآن عليه ، لأنّ النظم المخصوص الّذي به الإعجاز لا يوجد في غيره وإن اتحد المعنى ، لأنّ ذلك تفسير لا قرآن ، فهو من كلام الآدميين ، ولو اضطرّ إلى ذلك لكونه لا يعلم العربية وضاق الوقت عن التعلم ، ففي الاكتفاء بالترجمة قولان ، أصحّهما : العدم ، لما قلناه من أنّ ذلك لا يعد قرآنا ، فيجب التّعويض بالذّكر ـ الّذي سيأتي بيانه ـ حتّى لو قدر على ترجمة القرآن والذكر تعين الإتيان بترجمة الذّكر ، لأنّ الذكر لا يخرج عن كونه ذكرا باختلاف الألسنة بخلاف القرآن.

ويفهم من قول المصنّف : ( أو أتى بالتّرجمة مع إمكان التّعلم ... ) عدم الإبطال لو أتى بها مع العجز ، ويلزم منه الاجتزاء بها في القراءة ، وهو القول الثّاني وقد عرفت ضعفه. ولا يخفى أنّ قوله : ( مع إمكان التعلم ) قد يستغنى به عن قيد سعة الوقت ، إذ لا إمكان شرعا لانتفائه مع ضيق الوقت ، فإنّه مخاطب بفعل الصّلاة حينئذ بحسب الممكن ، ولا ريب أنّ التقييد به أدل على المراد.

وكذا تبطل الصّلاة لو غيّر ترتيب القرآن بين الكلمات والجمل والآيات ، لأنّ الإعجاز منوط بالنّظم المعين ، والأسلوب المخصوص ، وبفوات الترتيب يفوت القرآن لا محالة ، فيصير من كلام الآدميين فتبطل به الصّلاة.

__________________

(١) الذكرى : ١٨٧.

٢٤٦

______________________________________________________

وكذا لو قرأ في الفريضة عزيمة من العزائم الأربع ، لأنّ وجوب السّجود فوري وزيادته عمدا مبطلة للصّلاة ، فتعمد فعلها في الفريضة يستلزم أمّا الزّيادة الممنوع منها ، أو ترك الواجب ، وكلاهما محرّم ، فيكون فعلها محرما مبطلا ، لرواية زرارة ، عن أحدهما عليهما‌السلام : « لا يقرأ في المكتوبة شي‌ء من العزائم ، فإنّ السّجود زيادة في المكتوبة » (١). وقيل بالجواز ، ويومئ بالسّجود عند بلوغه فإذا فرغ سجد ، والأوّل هو المذهب.

وكذا لو قرأ ما يفوت الوقت به إما بإخراج جميع الصّلاة عن الوقت المضروب لها ، أو بإخراج بعضها عنه كما لو قرأ سورة طويلة يعلم أنّ الوقت لا يسعها مع باقي الصلاة ، فإنه إذا كان عامدا تبطل صلاته لثبوت النّهي عن قراءتها المقتضي للفساد ، إذ إخراج شي‌ء من الصّلاة ـ وإن قل عن وقتها ـ ممنوع منه كما سبق. ولو قرأها ناسيا عدل إذا تذكّر. ولو ظنّ السّعة فشرع في سورة طويلة ثم تبيّن الضّيق وجب العدول إلى غيرها ، وإن تجاوز النّصف ، محافظة على فعل الصّلاة في وقتها.

وكذا تبطل الصّلاة لو قرن بين سورتين في ركعة واحدة ، إلا ما سنذكره على أحد القولين ، لما رواه منصور بن حازم ، عن الصّادق عليه‌السلام : « لا يقرأ في المكتوبة بأقل من سورة ولا أكثر » (٢) وفي معناها رواية محمّد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما‌السلام (٣) ، والنّهي يدل على التّحريم ويقتضي بطلان الصّلاة.

وقيل : يكره ذلك (٤) ، لرواية عليّ بن يقطين ، عن أبي الحسن عليه‌السلام في القران بين السّورتين في المكتوبة والنّافلة قال : « لا بأس » (٥) ، وقريب منها رواية زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام (٦) ، فالجمع بين ما سبق وبين هاتين بالحمل على‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣١٨ حديث ٦ ، التهذيب ٢ : ٩٦ حديث ٣٦١.

(٢) الكافي ٣ : ٣١٤ حديث ١٢ ، التهذيب ٢ : ٦٩ حديث ٢٥٣ ، الاستبصار ١ : ٣١٤ حديث ١١٦٧.

(٣) التهذيب ٢ : ٧٠ حديث ٢٥٤ ، الاستبصار ١ : ٣١٤ حديث ١١٦٨.

(٤) ذهب اليه الشيخ في الاستبصار ١ : ٣١٧ ، وابن إدريس في السرائر : ٤٥ ، والمحقق في الشرائع ١ : ٢٨٢.

(٥) التهذيب ٢ : ٢٩٦ حديث ١١٩٢ ، الاستبصار ١ : ٣١٧ حديث ١١٨١.

(٦) التهذيب ٢ : ٧٠ حديث ٢٥٨ ، الاستبصار ١ : ٣١٧ حديث ١١٨٠.

٢٤٧

______________________________________________________

الكراهة أوجه ، وهو الأصحّ. وقراءة سورة وبعض أخرى كقراءة سورتين ، بل تكرار السورة مرتين ، وكذا الفاتحة بل الآية الواحدة إلاّ لغرض صحيح كإصلاح ، ولو قرن على قصد التوظيف شرعا وجوبا أو استحبابا حرم وأبطل قطعا.

وكذا لو قصد بالسّورة الثّانية الواجبة في الركعة دون الّتي قبلها إذا قرأها بعد الحمد ، لتحقق قطع الموالاة بها عمدا ، وكذا لو خافت في الصبح وأوليي المغرب والعشاء عمدا عالما بوجوب الجهر فيها ، بشرط أن يكون رجلا أو خنثى مع قدرته على الجهر ، بحيث لا يسمع أجنبي ، فإنّ ذلك مبطل للصّلاة على المشهور بين الأصحاب.

واحترز بقوله : ( عمدا ) ، عما لو خالف نسيانا ، وبقوله : ( عالما ) عما لو خالف جاهلا بالوجوب ، فإنه لا شي‌ء عليه ، ومثله ما لو جهر فيما سوى ذلك ، أعني : الظهرين وأواخر المغرب والعشاء كذلك ، أي عمدا عالما لتعين الإخفات في ذلك ، وقيل : إنّ الجهر والإخفات في هذه المواضع مستحب (١) ، والأصحّ : الأوّل.

تدل على ما قلناه رواية زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام : في رجل جهر فيما لا ينبغي الجهر فيه ، أو أخفى فيما لا ينبغي الإخفات فيه فقال : « ان فعل ذلك متعمدا فقد نقض صلاته وعليه الإعادة ، وإن فعل ذلك ناسيا أو ساهيا أو لا يدري فلا شي‌ء عليه وقد تمت صلاته » (٢).

وكذا تبطل لو قال : آمين آخر الحمد على المشهور ، لرواية الحلبي ، عن الصّادق عليه‌السلام : أنّه سأله أقول آمين إذا فرغت من فاتحة الكتاب؟ قال : « لا » (٣) ولقول النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « إنّ هذه الصّلاة لا يصح فيها شي‌ء من كلام الادميّين » (٤) ، وآمين من كلام الآدميين إذ ليست بقرآن ولا ذكر ، ولا دعاء ، وإنّما هي اسم للدعاء ، أعني : استجب ، والاسم مغاير لمسماه الوضعي ، وعلى هذا ، فلا فرق في البطلان بين أن يقولها في آخر الحمد أو غير ذلك كالقنوت وغيره من حالات‌

__________________

(١) ذهب اليه ابن الجنيد ، والسيد المرتضى في المصباح كما في المختلف : ٩٣.

(٢) الفقيه ١ : ٢٢٧ حديث ١٠٠٣ ، الاستبصار ١ : ٣١٣ حديث ١١٦٣.

(٣) التهذيب ٢ : ٧٥ حديث ٢٧٦ ، الاستبصار ١ : ٣١٨ حديث ١١٦٣.

(٤) رواه في الذكرى : ١٩٤.

٢٤٨

ولو خالف ترتيب الآيات ناسيا استأنف القراءة إن لم يركع ، فان ذكر بعده لم يلتفت.

وجاهل الحمد مع ضيق الوقت يقرأ منها ما تيسر ، فإن جهل الجميع قرأ من غيرها بقدرها ، ثم يجب عليه التعلم.

______________________________________________________

الصّلاة ، ولا بين أن يقولها سرّا أو جهرا.

ولو كان في موضع تقية فأتى بها للتقية لم تبطل صلاته مطلقا واحتمل في المعتبر القول بكراهتها (١) ويظهر من كلام ابن الجنيد جوازها (٢) ، وليس بشي‌ء لأنّ أكثر الأصحاب قائلون بالتحريم ، بل كاد يكون إجماعا.

قوله : ( ولو خالف ترتيب الآيات ناسيا استأنف القراءة إن لم يركع فان ذكر بعده لم يلتفت ).

فانّ محل القراءة باق إلى أن يبلغ الانحناء إلى حدّ الراكع ، والإخلال بالترتيب إخلال بالقراءة الواجبة ، فإذا ذكر قبل صيرورته راكعا فقد ذكر في محلّها فوجب تداركها بخلاف ما لو صار راكعا.

قوله : ( وجاهل الحمد مع ضيق الوقت يقرأ منها ما تيسّر ، فان جهل الجميع قرأ من غيرها بقدرها ثم يجب عليه التعلّم ).

جاهل الحمد يجب عليه التّعلم بإجماعنا ، فإن ضاق الوقت عنه فلا يخلو إما أن يعلم من الفاتحة شيئا وهو إمّا آية فما زاد ، أو بعض آية ، أو لا يعلم شيئا منها ، وعلى التّقديرات فامّا أن يعلم من غيرها شيئا أو لا فهذه صور ستّ :

الاولى : أن يعلم آية فما زاد ويعلم من غيرها شيئا فيجب الإتيان بما يعلمه منها قطعا ، وهل يجب أن يعوض عن الفائت؟ فيه قولان : أقربهما نعم ، لعموم ( فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ ) (٣) إلا ما أخرجه دليل ، ولا دليل على الاكتفاء ببعض الفاتحة ، ولظاهر « لا صلاة إلاّ‌

__________________

(١) المعتبر ٢ : ١٨٦.

(٢) نقله عنه الشهيد في الدروس : ٣٦.

(٣) المزمل : ٢٠.

٢٤٩

______________________________________________________

بفاتحة الكتاب » (١) خرج عنه ما إذا اتى بالبدل أو لم يعلم شيئا ، فيبقى الباقي على أصله. وقيل : لا ، لعدم المقتضي (٢) ، وهو ضعيف. فعلى هذا هل يعوض عن الفائت بتكرار ما يعلمه منها بحيث يساوي الفاتحة ، أم يأتي ببدله من سورة أخرى؟ فيه قولان ، أحدهما : التّكرار ، وهو مختار التّذكرة (٣) ، لأنّ الآية منها أقرب إليها من غيرها ، والثّاني : التعويض بغيرها ، لأنّ الشي‌ء الواحد لا يكون أصلا وبدلا ، وفيه قوة ، واختاره المصنّف في النّهاية (٤) ، فعلى هذا هل تجب مراعاة مساواة البدل لها في الحروف ، أم في الآيات؟ كلّ محتمل ، والأول أقوى للقطع بالمساواة معه بخلاف الثّاني. وتجب مراعاة التّرتيب ، فإن علم الأوّل أخّر البدل ، وبالعكس لو علم الآخر ، ولو علم الطرفين وسطه ، وينعكس الحكم لو انعكس الفرض.

الثّانية : الصورة بحالها ولا يعلم من غيرها شيئا ، فهل يجب تكرار ما يعلمه منها ليساويها ، لأنّ بعض القرآن أقرب إليه من الذكر ، أم يعوض عن الفائت بالذكر؟ كلّ محتمل ، واختار الأوّل في النّهاية (٥)

وقد يحتج للثاني بأنّ النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علّم السائل الكلمات ، وفيها : الحمد لله ، ولم يأمره بتكرارها ، مع أنّها بعض الفاتحة (٦). ويرد عليه عدم تسمية ذلك قرآنا ، ومع ذلك ففي الثّاني قوّة لأنّ ما يقع عوضا عن المجموع يقع عوضا عن البعض بطريق أولى ، ووقوع التكرار عوضا غير معلوم فلا يصار إليه ، وحينئذ فيجب أن يراعى ما سبق من المساواة والتّرتيب.

الثّالثة : أن يعلم بعض آية ، وجب قراءته إن سمي قرانا إذ « لا يسقط الميسور بالمعسور » ويراعى في الباقي ما سبق ، وإلا لم يعتد به ، وعدل الى غيرها ، فان علم من‌

__________________

(١) تفسير أبي الفتوح الرازي ١ : ٢٢ ، صحيح مسلم ١ : ٢٩٥ حديث ٣٩٤ ، سنن البيهقي ٢ : ٣٨ ، وفيهما : لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب.

(٢) هو المحقق في المعتبر ٢ : ١٧٠.

(٣) التذكرة ١ : ١١٥.

(٤) نهاية الأحكام ١ : ٤٧٥.

(٥) المصدر السابق.

(٦) سنن البيهقي ٢ : ٣٨٠.

٢٥٠

______________________________________________________

القرآن ما يعوض به تعين ، وإلاّ عدل الى الذكر ، وهي الصّورة الرابعة مع احتمال التكرار في الموضعين.

الخامسة : أن لا يعلم منها شيئا ، فيجب أن يقرأ من غيرها بقدرها مراعيا للحروف وعدد الآيات إن أمكن بغير عسر ، لأنّ زيادة المشابهة تقتضي زيادة القرب ، ولا يجب أن يعدل كل آية آية من الفاتحة لشدّة ندور ذلك ، فان عسر اكتفى بالمساواة في الحروف ، أو زيادة حروف البدل ، ولو كان المأتي به آية واحدة.

وتجب مراعاة التتالي قطعا مع إمكانه ، فإن تعذر أجزأ التّفريق ، ولو كان التّفريق مخلا بتسمية المأتي به قرآنا فكما لو لم يعلم شيئا أصلا ، [ وهي الصّورة السادسة ] (١) ، وحينئذ فيجب عليه أن يسبّح الله ويحمده ويهلله ويكبره لأمر النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الأعرابي بذلك.

وهل تجب مساواته للفاتحة قدرا؟ فيه إشكال ينشأ من إطلاق الأمر ، ومن أنّه أقرب إلى الفاتحة ، ولا ريب أنّه أحوط ، واختار في الذّكرى (٢) وغيرها (٣) وجوب ما يجزئ في الأخيرتين من الذّكر ، وهو : سبحان الله ـ الى آخره ـ بالتّرتيب المخصوص ، لأنّ بدليته في الأخيرتين إنّما تكون مع التّرتيب ، فلا يقصر البدل في الأوليين عنهما ، ونقل ذلك عن ابن الجنيد (٤) ، والجعفي (٥) ، وتردّد المصنّف في النّهاية (٦) ، ومختار الذّكرى أقوى ، وتكراره ليساوي الفاتحة أحوط.

ويجب أن ينوي بالبدل البدلية في جميع الصّور ، لعدم تعينه لذلك بدون النيّة ، كما قلناه في الإيماء بدل الرّكوع والسّجود ، ويحتمل العدم كبدل الفاتحة في الأخيرتين ، وتردّد فيه المصنّف في النّهاية (٧). ولو تعلّم الفاتحة في الأثناء بان حضر من يلقنه‌

__________________

(١) هذه الزيادة في الطبعة الحجرية ويقتضيها السياق.

(٢) الذكرى : ١٨٧.

(٣) الدروس : ٣٥.

(٤) نقله عنه في الذكرى : ١٨٧.

(٥) المصدر السابق.

(٦) نهاية الأحكام ١ : ٤٧٤.

(٧) نهاية الأحكام ١ : ٤٧٥.

٢٥١

ويجوز أن يقرأ من المصحف ، وهل يكفي مع إمكان التعلم؟ فيه نظر ،

______________________________________________________

القراءة ، أو وجد من يقرأ في صلاة ونحوها فتابعه ، أو وجد مصحفا يقرأ منه ، فان كان قبل الشّروع في البدل فلا بحث في وجوب قراءتها ، وإن كان في الأثناء وجب الإتيان بالقراءة كملا ، سواء ما أتى ببدله وغيره.

وكذا لو فرغ من البدل ولمّا يركع ، وفاقا للمصنّف في التّذكرة (١) ، وشيخنا في الذكرى (٢) وإن كان قد نقل فيها عن التّذكرة خلاف ذلك. هذا كله في الفاتحة ، أمّا السّورة فيجب تعلمها على من جهلها ، فان ضاق الوقت أتى بما يحسنه ، فلو لم يحسن شيئا لم يعوض بالذّكر اقتصارا على موضع الوفاق ، ولأنّ السّورة تسقط مع الضّرورة ، فمع الجهل بها أولى. ولو جهل الفاتحة وتعذر التّعلم قرأ عوض الفاتحة كما سبق ثم أتى بالسّورة ، فلو لم يعلم إلاّ سورة واحدة عوّض بها عن الحمد ثم كرّرها عن السّورة ، قاله في الذّكرى (٣) وهو محتمل.

قوله : ( ويجوز أن يقرأ من المصحف ).

لما رواه الحسن الصّيقل عن الصّادق عليه‌السلام : في المصلّي يقرأ في المصحف يضع السراج قريبا منه ، قال : « لا بأس » (٤) ، ولو لم يقدر على القراءة إلا به تعين عليه ، ولو افتقر إلى تقريب سراج وجب ، ولو احتاج إلى بذل عوض لزم بذله ، كل ذلك من باب المقدّمة ، ولو تمكن من الائتمام أو متابعة من يقرأ فكالقراءة من المصحّف.

قوله : ( وهل يكفي مع إمكان التعلّم؟ فيه نظر ).

ينشأ من وجوب القراءة عن ظهر القلب تأسّيا بالنّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والأئمة من بعده ، ولأن المتعارف في قراءة الصّلاة ذلك ، فيحمل الأمر بالقراءة عليه ، ولان من يقرأ من المصحف بمعرض بطلان الصّلاة إمّا بذهاب المصحف من يده. أو بعروض ما لا يعلمه أو يشك في صحّته ونحو ذلك. ومثله الاكتفاء بالاقتداء ، إذ ربما‌

__________________

(١) التذكرة ١ : ١١٥.

(٢) الذكرى : ١٨٧.

(٣) الذكرى : ١٨٨.

(٤) التهذيب ٢ : ٢٩٤ حديث ١١٨٤.

٢٥٢

فإن لم يعلم شيئا كبر الله تعالى وهلله وسبحه بقدرها ثم يتعلم.

ولو جهل بعض السورة قرأ ما يحسنه منها ، فإن جهل لم يعوض بالتسبيح ، والأخرس يحرك لسانه بها ويعقد قلبه.

______________________________________________________

عرض للإمام ما يبطل صلاته أو يمنع من الاقتداء به في الأثناء فيفتقر المأموم إلى إبطال الصّلاة ، ومن أنّ المقصود ـ وهو القراءة في الصّلاة ـ حاصل بذلك ، وفيه منع ظاهر ، والأصحّ عدم الاكتفاء.

قوله : ( فان لم يعلم شيئا كبّر الله تعالى وهلّله وسبّحه بقدرها ، ثم يتعلم ).

المراد : فان لم يعلم شيئا من الفاتحة وغيرها أتى بالذكر ، وقد سبق بيانه مستوفى. ولو لم يعلم شيئا من القرآن ، ولا من الأذكار وضاق الوقت عن التّعلم ، فقد قال المصنّف في النّهاية : وجب أن يقوم بقدر الفاتحة ثم يركع ، إذ لا يلزم من سقوط واجب سقوط غيره (١) ، وهو متّجه.

وفي وجود هذا الفرض ونحوه في كلام الفقهاء بعد ، إذ لا بدّ من العلم بباقي الأفعال الّتي تعدّ أركانا على وجهها ، وجميع الشّروط من أصول الدّين وفروعه ، وأخذ الأحكام على وجه يجزئ الأخذ به ، كما سبق التنبيه عليه ، والعلم بأنّ من لا يحسن القراءة مطلقا ، أو على الوجه المعتبر ما الّذي يجب عليه إلى آخره ، وإلاّ لم يعتد بصلاته أصلا ، ومع العلم بهذه الأمور كلّها لا يكاد يتحقق فرض عدم علمه بالقراءة ، أو بها وبالذّكر معا.

قوله : ( ولو جهل بعض السّورة قرأ ما يحسنه منها فان جهل لم يعوض بالتّسبيح ).

اقتصارا على موضع الوفاق ، كما سبق بيانه آنفا.

قوله : ( والأخرس يحرّك لسانه بها ويعقد قلبه ).

أي : بمعناها ، لأنّ « الميسور لا يسقط بالمعسور » وقد سبق تفسير عقد القلب‌

__________________

(١) نهاية الأحكام ١ : ٤٧٥.

٢٥٣

______________________________________________________

بمعناها في التّكبير ، وفي الذّكرى : أنّه لو تعذّر إفهامه جميع معانيها أفهم البعض وحرك لسانه به ، وأمر بتحريك اللسان بقدر الباقي تقريبا ، وإن لم يفهم معناه مفصلا قال : وهذه لم أر فيها نصّا صريحا (١) ، فمقتضى كلامه وجوب فهم معاني القراءة مفصّلا وهو مشكل ، إذ لا دليل على وجوب ذلك على الأخرس ولا غيره ، ولو وجب ذلك لعمت البلوى أكثر الخلائق.

والّذي يظهر لي أنّ مراد القائلين بوجوب عقد قلب الأخرس بمعنى القراءة من الأصحاب وجوب القصد بحركة اللّسان إلى كونها حركة للقراءة ، إذ الحركة صالحة لحركة القراءة وغيرها ، فلا تتخصص إلا بالنيّة ، كما نبهنا عليه في جميع الأبدال السّابقة ، وقد صرّح المصنّف بذلك في المنتهى فقال : ويعقد قلبه لأنّ القراءة معتبرة وقد تعذرت ، فيأتي ببدلها وهو حركة اللّسان (٢) ، ولا يكون بدلا إلا مع النّية ، ورواية السّكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « تلبية الأخرس ، وتشهده ، وقراءته للقرآن في الصلاة ، تحريك لسانه وإشارته بإصبعه » (٣) دلّت على اعتبار الإشارة بالإصبع في حصول ذلك ، ولا بأس به لعدم المنافي.

وعلى هذا فينسحب في الباقي الأذكار كتكبيرة ، نظرا إلى أنّ البدلية منوطة بحكم الشّارع ، وقد جعل لإشارته بإصبعه دخلا في البدلية عن نطقه فيتوقّف الثّبوت عليها ، ولا فرق بين الأخرس ومن عجز عن النطق لعارض ، وكذا من عجز عن النطق ببعض القراءة وإن قل.

ولا يخفى أنّه يجب بذلك الجهد في تحصيل النطق ، ولو في البعض بحسب المقدور.

ومن يبدل حرفا بغيره أو إعرابا أو بناء ، أو يدغم في غير موضعه ونحوهم يجب عليهم بذل الجهد في إصلاح اللّسان ، ولا يصلّون وفي الوقت سعة مهما أمكن التّعلم ، ومع اليأس يأتون بمقدورهم.

__________________

(١) الذكرى : ١٨٨.

(٢) المنتهى ١ : ٢٧٤.

(٣) الكافي ٣ : ٣١٥ حديث ١٧ ، التهذيب ٥ : ٩٣ حديث ٣٠.

٢٥٤

ولو قدم السورة على الحمد عمدا أعاد ، ونسيانا يستأنف القراءة.

ولا تجوز الزيادة على الحمد في الثالثة والرابعة ،

______________________________________________________

والظّاهر عدم وجوب الائتمام حينئذ ، بخلاف ما لو ضاق الوقت عن التعلّم مع إمكانه فإنّ الظّاهر الوجوب هنا ، والفرق أنّ الإصلاح هنا ممكن وهذا بدله ، وفي الأوّل ساقط بالكليّة فلا بدل له.

قوله : ( ولو قدّم السورة على الحمد عمدا أعاد ).

المراد : إعادة الصّلاة لثبوت النّهي في المأتي به جزءا من الصّلاة المقتضي للفساد ، وجاهل الحكم عامد ، وليس الجهل عذرا كما سبق غير مرّة.

قوله : ( ونسيانا يستأنف القراءة ).

ظاهر هذه العبارة وغيرها كعبارة التّذكرة (١) والنّهاية (٢) استئناف القراءة من أوّلها ، فيعيد الحمد والسّورة معا ، وهو بعيد ، لأنّ الحمد إذا وقعت بعد السّورة كانت قراءتها صحيحة ، فلا مقتضي لوجوب إعادتها ، بل تبنى عليها ويعيد السّورة خاصّة.

أمّا لو خالف ترتيب الآيات نسيانا ، فلا بدّ من الإعادة لفوات الموالاة ، نعم لو قرأ آخر الحمد ، ثم قرأ أوّلها مع النّسيان ، ثم تذكر بنى على ما قرأه آخرا ، ويستأنف ما قبله لحصول التّرتيب والموالاة معا.

قوله : ( ولا تجوز الزّيادة على الحمد في الثّالثة والرّابعة ).

بإجماع أصحابنا ، وأكثر أهل العلم ، خلافا للشّافعي (٣) ، لوجوب التّأسّي بالنّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٤) ، وورود الأخبار عن الأئمة عليهم‌السلام بالفاتحة ، وبالتخيير بينها وبين التّسبيح (٥).

__________________

(١) التذكرة ١ : ١١٦.

(٢) نهاية الأحكام ١ : ٤٦٣.

(٣) الأم ١ : ١٠٩.

(٤) سنن البيهقي ٢ : ٦٣.

(٥) التهذيب ٢ : ٩٨ حديث ٣٦٩ ، الاستبصار ١ : ٣٢١ حديث ١٢٠٠.

٢٥٥

ويتخير فيهما بينها وبين : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر مرة ، ويستحب ثلاثا ،

______________________________________________________

قوله : ( ويتخير فيهما بينها وبين : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر مرّة ، ويستحبّ ثلاثا ).

التخيير بين الأمرين في الثّالثة والرّابعة بإجماع أصحابنا ، والثّالثة شاملة بإطلاقها لثالثة المغرب وغيرها ، وأصحّ الأقوال عندنا الاجتزاء بالتّسبيحات الأربع مرّة واحدة ، وهو قول المفيد (١) ، وأحد أقوال الشّيخ (٢) لصحيحة زرارة ، قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : ما يجزئ من القول في الرّكعتين الأخيرتين؟ قال : « أن يقول : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر ، ويكبر ويركع » (٣).

والقول الثّاني له : أن يكرر ذلك ثلاثة مرّات ، فتكون اثنتي عشرة تسبيحة (٤).

والقول الثّالث له : عشر تسبيحات يقول : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله ثلاث مرّات ، ويقول في الثّالثة : والله أكبر (٥) ، وتبعه على ذلك جماعة (٦).

ولعل حجته رواية حريز ، عن زرارة ، عن الباقر عليه‌السلام ، قال : « إن كنت إماما فقل : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله ثلاث مرّات ، ثم تكبر وتركع » (٧).

واجتزأ بعضهم بتسع بأن يكرر التّسبيحات الثّلاث الأول ثلاثا ، والأصحّ الأوّل ، والثّاني أحوط وأفضل ، فإذا أتى بالثلاث كان على قصد الوجوب ، مخيّرا بينها وبين المرة ، إذ لا محذور في التخيير بين الأقل والأكثر كتخيير المسافر في القصر والإتمام في المواضع الأربعة ، لأنّ صدق الكلّي على أفراده بالقوة والضّعف لا بعد فيه. ولا يرد أنّه بالإتيان بأقل الفردين تتحقّق البراءة فلا يعقل الوجوب بعده ، لأنّ المتحقّق هو البراءة‌

__________________

(١) المقنعة : ١٨.

(٢) الاستبصار ١ : ٣٢١.

(٣) الكافي ٣ : ٣١٩ حديث ٢ ، التهذيب ٢ : ٩٨ حديث ٣٦٧ ، الاستبصار ١ : ٣٢١ حديث ١١٩٨.

(٤) النهاية : ٧٦.

(٥) المبسوط ١ : ١٠٦.

(٦) منهم : سلار في المراسم : ٧٢ ، وابن إدريس في السرائر : ٤٦.

(٧) الفقيه ١ : ٢٥٦ حديث ١١٥٨.

٢٥٦

______________________________________________________

في ضمن الأقل لا مطلقا ، فلا يمتنع إضافة ما به يتحقّق الفرد الأقوى ، ويكون هو طريق البراءة.

إذا عرفت ذلك فقول المصنّف : ( ويستحبّ ثلاثا ) لا ينافي الإتيان بها على قصد الوجوب ، لأنّ الاستحباب العيني لا ينافي الوجوب التخييري ، إلا أنّه خلاف المتبادر ، ومقتضى العبارة وجوب التّرتيب على الوجه المذكور.

وجوّز ابن الجنيد تقديم ما شاء من التّحميد والتّسبيح والتّكبير (١) ، وهو ضعيف ، وإن ورد في بعض الأخبار (٢) عملا بالمشهور.

فروع :

أ : الظّاهر وجوب الإخفات فيه كالقراءة خلافا لابن إدريس (٣) ، وكذا العربيّة والاعراب والموالاة جزما.

ب : لو نسي القراءة في الأوليين فالتخيير بين الحمد والتّسبيح بحاله ، واحتاط في الخلاف بالقراءة (٤) استنادا إلى رواية الحسين بن حماد ، عن الصّادق عليه‌السلام (٥) وليس فيها دلالة صريحة مع معارضتها بغيرها.

ج : تجوز قراءة الحمد في إحدى الأخيرتين ، والتّسبيح في الأخرى لانتفاء المانع.

د : لا بسملة فيه إذ ليس بقراءة ، ولا يستحبّ لعدم التّوقيف.

هـ : لا يشترط القصد إلى واحد منهما ، لأنّ أفعال الصّلاة لا تفتقر إلى النيّة.

و: لو شرع في أحدهما فهل له تركه ، والعدول إلى الآخر؟ فيه تردّد ، يلتفت الى لزومه بالشروع نظرا إلى أنّ العدول عنه يتضمّن إبطال العمل وعدمه ، ومنع منه في‌

__________________

(١) نقله عنه في المختلف : ٩٢.

(٢) التهذيب ٢ : ٩٨ حديث ٣٦٨ ، الاستبصار ١ : ٣٢١ حديث ١١٩٩.

(٣) السرائر : ٤٦.

(٤) الخلاف ١ : ٦٧ مسألة ٤٠ كتاب الصلاة.

(٥) الفقيه ١ : ٢٢٧ حديث ١٠٠٤ ، التهذيب ٢ : ١٤٨ حديث ٥٧٩.

٢٥٧

وللإمام القراءة.

______________________________________________________

الذّكرى ، سواء شرع فيه قاصدا إليه أم لم ينو واحدا بخصوصه (١). نعم لو قصد إلى أحدهما فسبق لسانه إلى الآخر لم يعتد بما أتى به لوجود الصارف له عن اعتباره في أفعال الصّلاة ، فيعود إلى أحدهما كما كان.

ز : المشهور أنّ استحباب تكراره لا يزيد على ثلاث ، أو سبع ، أو خمس.

قوله : ( وللإمام القراءة ).

أي : يستحبّ للإمام القراءة ، فهي أفضل من التّسبيح لصحيحة منصور بن حازم ، عن ابي عبد الله عليه‌السلام : « إذا كنت إماما فاقرأ في الرّكعتين الأخيرتين بفاتحة الكتاب ، وإن كنت وحدك ، فيسعك فعلت أو لم تفعل » (٢) ، وعن أبي الحسن عليه‌السلام : « القراءة أفضل » (٣) ، وحملها الشّيخ على الإمام (٤) جمعا بينها وبين رواية علي بن حنظلة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن الرّكعتين ما أصنع فيهما؟ فقال : « إن شئت فاقرأ فاتحة الكتاب وإن شئت فاذكر الله فهو سواء » ، قال : قلت : فأيّ ذلك أفضل؟ قال « هما والله سواء إن شئت سبّحت ، وإن شئت قرأت » (٥).

ويفهم من قوله : ( ويستحبّ للإمام القراءة ) أنّها لا تستحب لغيره ، أمّا المأموم فسيأتي ، وأمّا المنفرد فالمساواة بينهما بالنّسبة إليه هو قول الشّيخ في الاستبصار (٦) ، وظاهر كلامه في أكثر كتبه المساواة مطلقا (٧). وقال ابن أبي عقيل التّسبيح أفضل وأطلق (٨) ، ويلوح من عبارة ابن الجنيد مثل قول الاستبصار ، إلا أن يتيقّن الإمام أنّه‌

__________________

(١) الذكرى : ١٨٩.

(٢) التهذيب ٢ : ٩٩ حديث ٣٧١ ، الاستبصار ١ : ٣٢٢ حديث ١٢٠٢.

(٣) التهذيب ٢ : ٩٨ حديث ٣٧٠ ، الاستبصار ١ : ٣٢٢ حديث ١٢٠١.

(٤) التهذيب ٢ : ٩٨ ، الاستبصار ١ : ٣٢٢ ذيل حديث ١٢٠١.

(٥) التهذيب ٢ : ٩٨ حديث ٣٦٩ ، الاستبصار ١ : ٣٢١ حديث ١٢٠٠.

(٦) الاستبصار ١ : ٣٢٢ ذيل حديث ١٢٠١.

(٧) المبسوط ١ : ١٠٦ ، النهاية : ٧٦ ، الخلاف ١ : ٦٧ مسألة ٤٠ كتاب الصلاة ، الاقتصاد : ٢٦١.

(٨) نقله عنه في المختلف : ٩٢.

٢٥٨

ويجزئ المستعجل والمريض في الأوليين الحمد ، وأقل الجهر إسماع القريب تحقيقا أو تقديرا ، وحد الإخفات إسماع نفسه‌ كذلك ،

______________________________________________________

ليس معه مسبوق فيستحبّ له التّسبيح (١) ، وفي رواية معاوية بن عمّار ، عن الصّادق عليه‌السلام في ناسي القراءة في الأوليين ، فيذكر في الأخيرتين قال : « إنّي أكره أن أجعل آخر صلاتي أوّلها » (٢).

ويمكن حمل هذه على المنفرد ، فيكون التّسبيح له أفضل جمعا بينها وبين رواية منصور بن حازم ، إلاّ أنّه يلزم اطراح رواية علي بن حنظلة ، ولا نجد الآن قائلا باستحباب التّسبيح للمنفرد والقراءة للإمام ، وإن كان القول به وجها ، فحينئذ قول الاستبصار هو المفتي به. ولو كان المصلّي يتخيّر القراءة لعدم سكون نفسه إلى التّسبيح فالتّسبيح أفضل مطلقا.

قوله : ( ويجزئ المستعجل والمريض في الأوليين الحمد ).

المراد بالمستعجل : من أعجلته حاجة ، كغريم يخشى فوته ، ورفقة يشق اللحاق بهم ونحو ذلك ، وقد سبق بيانه.

وهل يعد ضيق الوقت سببا مسقطا للسورة؟ يلوح من كلام صاحب المعتبر ذلك (٣) ، ولم أجد في كلام أحد إشعار بذلك ، ولا في كلامه تصريح به ، والأخبار الواردة بجواز ترك السّورة محمولة على الضّرورة (٤) ، ولا يعد ضيق الوقت ضرورة خصوصا بالنسبة إلى الحائض إذا طهرت وقد بقي من الوقت ركعة بدون السّورة ، وقد سبق كلام في ذلك.

قوله : ( وأقل الجهر إسماع القريب تحقيقا أو تقديرا ، وحدّ الإخفات إسماع نفسه كذلك ).

__________________

(١) المصدر السابق.

(٢) التهذيب ٢ : ١٤٦ حديث ٥٧١ ، الاستبصار ١ : ٣٥٤ حديث ١٣٣٧.

(٣) المعتبر ٢ : ١٧١.

(٤) الكافي ٣ : ٣١٤ حديث ٧ ، التهذيب ٢ : ٧٠ حديث ٢٥٥ ، الاستبصار ١ : ٣١٥ حديث ١١٧٠.

٢٥٩

______________________________________________________

الجهر والإخفات حقيقتان متضادتان ، ـ كما صرّح به المصنّف في النّهاية ـ (١) عرفيتان ، يمتنع تصادقهما في شي‌ء من الأفراد ، ولا يحتاج في كشف مدلولهما إلى شي‌ء زائد على الحوالة على العرف.

وربّما وقع في عبارات الفقهاء التنبيه على مدلولهما من غير التزام ، لكون ذلك التّنبيه ضابطا ، فتوهم من زعم أنّ مرادهم من ذلك الضّابط أنّ بينهما تصادقا في بعض الأفراد ، وبطلانه معلوم ، فإنّ تعيّن الجهر في بعض الصلوات والإخفات في بعض آخر بحيث لا يجزئ في كل من البعضين إلاّ ما عيّن له يقتضي عدم التصادق.

وما وقع في عبارة المصنّف من قبيل ما ذكرناه ، فقوله : ( أقل الجهر إسماع القريب تحقيقا أو تقديرا ) يريد بالقريب : من يعد كذلك عرفا وإسماعه تحقيقا ، حيث لا مانع له ، وتقديرا مع المانع كصمم أو صوت نحو الماء والهواء.

وينبغي أن يزاد فيه قيد آخر وهو تسميته جهرا عرفا ، وذلك بأن يتضمن إظهار الصوت على الوجه المعهود.

وأكثر الجهر المجزئ في القراءة ما لم يبلغ العلو المفرط ، وحدّ الإخفات إسماع نفسه تحقيقا مع عدم المانع وتقديرا معه.

ولا بدّ من زيادة قيد آخر ، وهو تسميته مع ذلك إخفاتا بأن يتضمّن إخفاء الصوت وهمسه ، وإلاّ لصدق هذا الحدّ على الجهر ، وليس المراد إسماع نفسه خاصّة لأنّ بعض الإخفات قد يسمعه القريب ولا يخرج بذلك عن كونه إخفاتا ، ولا يجزئ في الإخفات مثل حديث النّفس ، ورواية عليّ بن جعفر ، عن أخيه عليه‌السلام بذلك محمولة على ما إذا كان في موضع تقيّة (٢) ، كما دلّت عليه مرسلة محمّد بن أبي حمزة ، عنه عليه‌السلام (٣) ، ونبّه على ما قلناه رواية زرارة ، عن الباقر عليه‌السلام قال : « لا يكتب من القراءة والدعاء الاّ ما أسمع نفسه » (٤).

__________________

(١) نهاية الأحكام ١ : ٤٧٠ ـ ٤٧١.

(٢) التهذيب ٢ : ٩٧ حديث ٣٦٥ ، الاستبصار ١ : ٣٢١ حديث ١١٩٦.

(٣) التهذيب ٢ : ٩٧ حديث ٣٦٦ ، الاستبصار ١ : ٣٢١ حديث ١١٩٧.

(٤) الكافي ٣ : ٣١٣ حديث ٦ ، التهذيب ٢ : ٩٧ حديث ٣٦٣ ، الاستبصار ١ : ٣٢٠ حديث ١١٩٤.

٢٦٠