جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ٢

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي

جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ٢

المؤلف:

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٤

والوتيرة بعد العشاء وتمتد كوقتها.

وصلاة الليل بعد انتصافه إلى طلوع الفجر ، وكلّما قرب من الفجر كان أفضل ،

______________________________________________________

لأنها تابعة (١) لها ، وظاهر كلامه في المنتهى أنّ توقيتها بما ذكره الشيخ إجماعي (٢) ، واحتج له بروايات (٣) لا تدل على ذلك دلالة ظاهرة ، إلا أنّ مخالفة كلام الشّيخ والجماعة أمر مستهجن.

فعلى هذا لو شرع في ركعتين منها ثم زالت الحمرة أتمهما ، سواء كانتا الأوليين أو الأخريين ، للنّهي عن إبطال العمل ، وهو في النّافلة للكراهية ، ولأنّ الصّلاة على ما افتتحت عليه ، ولأنّ الأصل بقاء الصّحة فيستصحب.

وحكى في الذّكرى على ظاهر ابن إدريس (٤) انّه إن كان قد شرع في الأربع أتمها ، وإن ذهب الشّفق (٥).

قوله : ( والوتيرة بعد العشاء ، وتمتد كوقتها ).

أي : ويمتدّ وقتها كما يمتد وقت العشاء لتبعيّتها الفريضة ، فعلى هذا لو انتصف اللّيل ولم يأت بها صارت قضاء.

ولم يصرّحوا بالفرق بين ما إذا شرع فيها ثم خرج الوقت ، وبين خروجه قبل الشّروع ، والفرق لا يخلو من وجه.

قوله : ( وصلاة اللّيل بعد انتصافه إلى طلوع الفجر ، وكلّما قرب من الفجر كان أفضل ).

هذا مذهب الأصحاب ، ونقل الشّيخ في الخلاف (٦) ، والمحقّق نجم الدّين (٧)

__________________

(١) الذكرى : ١٢٤.

(٢) المنتهى ١ : ٢٠٧.

(٣) انظر : الفقيه ١ : ١٤٦ حديث ٦٧٨ ، الكافي ٣ : ٤٤٣ حديث ٥ ، التهذيب ٢ : ٤ حديث ٤ ، الاستبصار ١ : ٢١٨ حديث ٧٧٤.

(٤) السرائر : ٤١.

(٥) الذكرى : ١٢٤.

(٦) الخلاف ١ : ١١٨ مسألة ٢١٩ كتاب الصلاة.

(٧) المعتبر ٢ : ٥٤.

٢١

وركعتا الفجر بعد الفجر الأول إلى طلوع الحمرة المشرقية.

______________________________________________________

عليه الإجماع ، وفي الأخبار ما يدلّ عليه (١).

والمراد بالفجر هو الثّاني خلافا للمرتضى ، فإنّه جعل آخر وقتها طلوع الفجر الأوّل (٢).

وأراد بصلاة اللّيل ما يعم الوتر ، فإنّه يفعل بعد الثّماني ، وأفضل أوقاته بعد الفجر الأوّل ، للرّواية عن أمير المؤمنين عليه‌السلام (٣) وعن الرّضا عليه‌السلام (٤).

قوله : ( وركعتا الفجر بعد الفجر الأوّل إلى طلوع الحمرة المشرقيّة ).

قال المرتضى (٥) ، والشّيخ في المبسوط (٦) : إن وقتهما بعد طلوع الفجر الأوّل ، والمشهور في الأخبار (٧) وكلام الأصحاب فعلهما قبل طلوع الفجر ، (٨) وفي بعض الأخبار التّصريح بأنّهما من صلاة اللّيل (٩) ، وتسميان بالدساستين لدسهما في صلاة اللّيل ، ويمتد وقتهما إلى طلوع الحمرة.

وظاهر كلام الشّيخ في التّهذيب (١٠) والاستبصار (١١) عدم جواز فعلهما بعد طلوع الفجر الثّاني ، حيث حمل الأخبار بفعلهما بعد الفجر على الفجر الأوّل ، أو على فعلهما أول ما يبدو الفجر الثّاني استظهارا لتيقنه ، أو على التّقية ، والمشهور الأوّل ، وعلى ما بيناه فأفضل وقتهما بين الفجرين.

__________________

(١) الفقيه ١ : ٣٠٢ حديث ١٣٧٨ ، ١٣٨١ ، التهذيب ٢ : ٣٣٩ حديث ١٤٠٠ ، الاستبصار ١ : ٢٧٩ حديث ١٠١٣.

(٢) الناصريات : ٢٣٠ مسألة ٧٦ ( ضمن الجوامع الفقهية ).

(٣) الذكرى : ١٢٥ ، السنن الكبرى ٢ : ٤٧٩.

(٤) التهذيب ٢ : ٣٣٩ حديث ١٤٠١.

(٥) كتب السيد المتوفرة خالية من ذلك إلا أن المختلف : ٧١ ومفتاح الكرامة ٢ : ٣٥ والجواهر ٧ : ٢٣٧ والحدائق ٦ : ٢٤٠ حكوا ذلك عن السيد والبعض عن جملة.

(٦) المبسوط ١ : ٧٦.

(٧) الكافي ٣ : ٤٤٨ حديث ٢٥ ، التهذيب ٢ : ١٣٢ و ١٣٣ حديث ٥٠٩ و ٥١٣ و ٥١٤ ، والاستبصار ١ : ٢٨٢ حديث ١٠٢٧.

(٨) منهم : ابن إدريس في السرائر : ٣٩ ، والمحقق في المعتبر ٢ : ٥٥.

(٩) التهذيب ٢ : ١٣٢ حديث ٥٠٩ ـ ٥١٣ ، الاستبصار ١ : ٢٨٢ باب ١٥٥.

(١٠) التهذيب ٢ : ١٣٥.

(١١) الاستبصار ١ : ٢٨٤ ـ ٢٨٥.

٢٢

ويجوز تقديمها بعد صلاة الليل فتعاد استحبابا.

وتقضى فوائت الفرائض في كل وقت ما لم تتضيق الحاضرة ، والنوافل ما لم يدخل.

______________________________________________________

قوله : ( ويجوز تقديمها بعد صلاة الليل فتعاد استحبابا ).

الضّمير في قوله : ( فتعاد ) يعود الى الرّكعتين بتأويل إلى النّافلة ، نظرا إلى المعنى ، والمراد بجواز تقديمهما بعد صلاة اللّيل : جوازه قبل الفجر الأوّل ، وفيه إشعار بأنّ ذلك رخصة ، والمفهوم من كثير من الأخبار خلافه (١) ، والمتبادر من العبارة استحباب إعادتهما بعد الفجر الأوّل ، لأنّه وقتهما على ما سبق في أوّل كلامه.

ويلوح من رواية زرارة ـ عن الباقر عليه‌السلام : « إنّي لأصلّي صلاة اللّيل وأفرغ من صلاتي وأصلي الرّكعتين ، وأنام ما شاء الله تعالى قبل أن يطلع الفجر ، فان استيقظت عند الفجر أعدتهما » (٢) ـ أنّ المراد الفجر الثّاني.

قوله : ( وتقضى فوائت الفرائض في كلّ وقت ما لم تتضيّق الحاضرة ).

لأن وقت الفائتة الواجبة ذكرها لقوله تعالى ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي ) (٣) ، أي : لذكر صلاتي ، قال جمع من المفسرين : إنّها في الفائتة ، لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من نام عن صلاة أو نسيها فليقضها إذا ذكرها ، إن الله تعالى يقول ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي ) (٤) ، وفي معناه أخبار أخرى (٥). ولو تضيق وقت الحاضرة فهي أحقّ بوقتها اتفاقا.

قوله : ( والنّوافل ما لم يدخل ).

أي : وتقضى النّوافل ـ وهو ظاهر العبارة ، ولو قدّرت وتصلى النّوافل لكان أشمل ـ ما لم يدخل وقت الفريضة ، فإن دخل فظاهر العبارة عدم الجواز ، وهو المشهور بين‌

__________________

(١) التهذيب ٢ : ١٣٣ حديث ٥١٦ ، الاستبصار ١ : ٢٨٣ حديث ١٠٢٨ و ١٠٢٩ وغيرها.

(٢) التهذيب ٢ : ١٣٥ حديث ٥٢٨ ، الاستبصار ١ : ٢٨٥ حديث ١٠٤٥.

(٣) طه : ١٤.

(٤) مجمع البيان ٤ : ٥ ـ ٦ ، تفسير ابن كثير ٣ : ١٥١ وانظر : تفسير أبو الفتوح الرازي ٧ : ٤٥.

(٥) التهذيب ٢ : ٢٦٨ حديث ١٠٧٠ ، الاستبصار ١ : ٢٨٧ حديث ١٠٥١.

٢٣

المطلب الثاني : في الأحكام : تختص الظهر من أول الزوال بقدر أدائها. ثم تشترك مع العصر إلى أن يبقى للغروب قدر أدائها فيختص‌ بالعصر.

______________________________________________________

متأخّري الأصحاب (١) ، لما روي عنهم عليهم‌السلام : « لا صلاة لمن عليه صلاة » (٢) ، وغيره من الاخبار (٣) ، وحملها على نفي الكمالية أوجه ، جمعا بينها وبنى غيرها من الأخبار الدّالة على جواز التطوّع أمام الفريضة مع سعة الوقت ، كمقطوع سماعة (٤) وغيره (٥).

قوله : ( المطلب الثّاني : في الأحكام : تختصّ الظهر من أوّل الزّوال بقدر أدائها ).

هذا هو أصحّ القولين للأصحاب (٦) ، وأشهرهما ، وتشهد له رواية داود بن فرقد ، المرسلة عن الصّادق عليه‌السلام (٧) ، وقال ابنا بابويه باشتراك الوقت بين الصّلاتين من أوله إلى آخره (٨) ، تمسكا بظاهر رواية عبيد بن زرارة ، عن الصّادق عليه‌السلام : « إذا زالت الشّمس دخل وقت الظّهر والعصر جميعا ، إلا أنّ هذه قبل هذه ، ثم أنت في وقت منهما حتّى تغيب » (٩) ، وهي منزّلة على شدّة قرب دخول وقت العصر جدّا مجازا فإنّه لا بد من ارتكاب المجاز ، إمّا بـ ( هذا ) أو بـ ( ثم ) والشهرة والرواية تعيّن الأوّل ، والمراد بـ ( قدر أدائها ) : قدر أداء أقل ما يجب ، على ما سبق بيانه.

قوله : ( ثم تشترك مع العصر إلى أن يبقى للغروب قد أدائها فيختصّ بالعصر ).

__________________

(١) منهم : الشهيد في الذكرى : ١٣٠.

(٢) الكافي ٣ : ٢٩٢ حديث ٣ ، الاستبصار ١ : ٢٨٦ حديث ١٠٤٦ وهي بالمضمون وليس بالنص.

(٣) التهذيب ١ : ٢٦٥ حديث ١٠٥٧ و ٢٦٦ حديث ١٠٥٩ ، الاستبصار ١ : ٢٨٦ حديث ١٠٤٧.

(٤) الكافي ٣ : ٢٨٨ حديث ٣ ، التهذيب ٢ : ٢٦٤ حديث ١٠٥١.

(٥) الكافي ٣ : ٣٨٩ حديث ٤ و ٥.

(٦) منهم : الشيخ في النهاية : ٥٨ ، وأبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه : ١٣٧ وابن حمزة في الوسيلة : ٧٩ ، والشهيد في اللمعة : ٢٨.

(٧) التهذيب ٢ : ٢٥ حديث ٧٠ ، الاستبصار ١ : ٢٦١ حديث ٩٣٦.

(٨) الهداية : ٢٩.

(٩) الفقيه ١ : ١٣٩ حديث ٦٤٧ ، التهذيب ٢ : ٢٦ حديث ٧٣ ، الاستبصار ١ : ٢٤٦ حديث ٨٨١.

٢٤

ويختص المغرب من أول الغروب بقدر ثلاث ، ثم تشرك مع العشاء إلى أن يبقى للانتصاف مقدار أدائها ، فيختص بها.

وأول الوقت أفضل ، إلا المغرب والعشاء للمفيض من عرفات ، فإنّ تأخيرهما إلى المزدلفة أفضل ولو تربع الليل.

______________________________________________________

المراد بقدر أداء العصر ما سبق مثله في الظّهر ، والضّمير في قوله : ( فيختصّ ) يعود إلى قدر الأداء ، ولو قال : ( فيختصّ العصر به ) لكان أوفق لما ذكره في الظّهر ، وإن كان هذا أيضا جائزا توسعا لظهور المراد ، فانّ المراد عدم جواز فعل الظّهر فيه ، فالاختصاص للعصر.

قوله : ( ويختصّ المغرب من أوّل الغروب بقدر أدائها ، ثم تشترك مع العشاء إلى أن يبقى للانتصاف قدر أدائها فيختصّ بها ).

المراد بقدر أداء المغرب والعشاء ما سبق بيانه ، وكذا قوله : ( فيختص بها ). أي : قدر أداء العشاء يختصّ بها مثل ما سبق في قدر أداء العصر.

قوله : ( وأوّل الوقت أفضل ، إلاّ المغرب والعشاء للمفيض من عرفات ، فإنّ تأخيرهما إلى المزدلفة أفضل ولو تربع اللّيل ).

لا ريب في أفضليّة أوّل وقت الصّلاة على آخره ، والأخبار في ذلك لا تحصى ، روي عن النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : « أفضل الأعمال الصّلاة لأوّل وقتها » (١) ، وعن الصّادق عليه‌السلام : « إن فضل أوّل الوقت على الآخر كفضل الآخرة على الدّنيا » (٢) ، وغير ذلك من الأخبار (٣) ، واستثني من ذلك مواضع :

الأوّل : المغرب والعشاء للمفيض من عرفة ، فإنّه يستحبّ تأخيرهما إلى مزدلفة ـ بكسر اللام ـ وهي : المشعر الحرام ، وإن تربع اللّيل ، أي : مضى ربعه ، وفي رواية محمّد بن مسلم الصّحيحة ، عن أحدهما عليهما‌السلام : « لا تصل المغرب حتّى تأتي‌

__________________

(١) الخصال ١ : ١٦٣ حديث ٢١٣ ، المحاسن ١ : ٢٩٢ حديث ٤٤٥ ، الذكرى : ١١٩.

(٢) الكافي ٣ : ٢٧٤ حديث ٦ ، ثواب الأعمال : ٥٨ حديث ٢ ، التهذيب ٢ : ٤٠ حديث ١٢٩. وفي الجميع : ( ان فضل الوقت الأول ... ).

(٣) الكافي ٣ : ٢٧٤ حديث ٣ ، ٤ ، ٥ ، ٧ ، ٨ ، التهذيب ٢ : ٣٩ ـ ٤٠ حديث ١٢٤ ـ ١٢٧ ، الاستبصار ١ : ٢٤٤ حديث ٨٧٠ ـ ٨٧٢.

٢٥

والعشاء يستحب تأخيرها إلى ذهاب الشفق ، والمتنفل يؤخر بقدر‌

______________________________________________________

جمعا ، وإن ذهب ثلث اللّيل » (١) وجمع ـ بفتح الجيم وإسكان الميم ـ : هي المزدلفة ، ونقل في المنتهى إجماع أهل العلم على ذلك (٢) ، وقال الحسن : يجب التأخير (٣).

الثّاني : العشاء ، فإنّه يستحبّ تأخيرها إلى ذهاب الشّفق ، لأنّه وقت فضيلتها كما دلّت عليه الأخبار (٤) ، وقد ذكره المصنّف بقوله : ( والعشاء يستحب تأخيرها إلى ذهاب الشّفق ) ، ولم يذكر استحباب تأخير العصر إلى أن يمضي مقدار المثل أو الأقدام ، مع أنّه مستحبّ ، وقد نبّه عليه في التذكرة ، حيث قال : إنّ التّعجيل المستحبّ للعصر هو فعلها بعد مضي أربعة أقدام (٥).

وفي الذّكرى قال : الأقرب استحباب تأخير العصر إلى أن يخرج وقت فضيلة الظّهر ، إمّا المقدار بالنافلتين والظّهر ، وإمّا المقدر بما سلف من المثل والاقدام وغيرهما ، واحتجّ عليه بأنّه معلوم من حال النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ونقله عن المفيد (٦) ، وابن الجنيد (٧) ، والشّيخ (٨) ، وقال : إن الأصحاب في المعنى قائلون به ، وإنّما لم يصرّح به بعضهم اعتمادا على صلاة النّافلة بين الفريضتين ، ثم قال بعد ذلك : وبالجملة كما علم من مذهب الإمامية جواز الجمع بين الصّلاتين مطلقا ، علم منه استحباب التّفريق بينهما ، فيكون موضعا ثالثا (٩).

فان قلت : قوله : ( والمتنفل يؤخّر بقدر نافلة الظّهرين ) دال على ذلك ، قلت : ليس هو ما ذكرناه ، لأنّ ظاهره استحباب التأخير للمتنفل دون غيره ، وهو خلاف ما‌

__________________

(١) التهذيب ٥ : ١٨٨ حديث ٦٢٥ ، الاستبصار ٢ : ٢٥٤ حديث ٨٩٥.

(٢) المنتهى ٢ : ٧٢٣.

(٣) قال العلامة في المختلف : ٢٩٩ ما نصه : ( وكلام ابن أبي عقيل يوهم الوجوب فإنه قال حيث حكى صفة سنة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فأوجب بسنته على أمته ان لا يصلي أحد منهم المغرب والعشاء بعد منصرفهم من عرفات حتى يأتوا المشعر الحرام ).

(٤) الكافي ٣ : ٢٧٩ حديث ٦ ، التهذيب ٢ : ٣١ حديث ٩٥ ، الاستبصار ١ : ٢٦٧ حديث ٩٦٥.

(٥) التذكرة ١ : ٨٥.

(٦) المقنعة : ٢٧.

(٧) نقله في الذكرى : ١١٩.

(٨) المبسوط ١ : ٧٢ ، الخلاف ١ : ٨٣ مسألة ٥ كتاب الصلاة.

(٩) الذكرى : ١١٩.

٢٦

نافلة الظهرين ، والمستحاضة تؤخر الظهر والمغرب للجمع.

______________________________________________________

دلّت عليه عبارة التّذكرة آخرا ، وعبارة الذّكرى ، والأخبار أيضا تشهد له ، فعن الصّادق عليه‌السلام : « إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان في السّفر يجمع بين المغرب والعشاء ، والظّهر والعصر ، وإنّما يفعل ذلك إذا كان مستعجلا » ، قال عليه‌السلام : « وتفريقهما أفضل » (١) ، وحديث إتيان جبرئيل إلى النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صريح في ذلك (٢).

قوله : ( والمستحاضة تؤخر الظّهر والمغرب للجمع ).

المراد : تأخير الظّهر والمغرب إلى آخر وقتيهما لتجمع بينهما ، وبين العصر والعشاء في أوّل وقتيهما بغسل واحد ، وهذا هو الموضع الرابع ، ويستحب التّأخير أيضا لقاضي الفرائض إلى آخر الوقت للإجزاء ، وعلى القول بأن القضاء على الفور يجب.

وكذا تأخير الظّهر في الحرّ لمن يصلّي جماعة في المسجد للإبراد بها ، لقوله عليه‌السلام : « إذا اشتد الحر فأبردوا بالصّلاة » (٣) ، ومثلها الجمعة على الأقرب ، صرّح به في التّذكرة (٤) : وكذا يستحبّ التّأخير لأصحاب الأعذار لرجاء زوال عذرهم ، وقيل : بالوجوب. (٥) ، وهذا في غير المتيمّم ، إذ قد سبق وجوب التّأخير إذا رجي زوال العذر ، وكذا الصائم إذا نازعته نفسه ، أو كان ممّن يتوقع إفطاره ، كما سيأتي ان شاء الله تعالى.

وفي المنتهى : لو قيل باستحباب تأخير الظّهر والمغرب في الغيم كان وجها ليحصل اليقين بدخول الوقتين (٦) ، ولا بأس به.

__________________

(١) الذكرى : ١١٩.

(٢) التهذيب ٢ : ٢٥٢ حديث ١٠٠١ ، الاستبصار ١ : ٢٥٧ حديث ٩٢٢.

(٣) العلل : ٢٤٧ حديث ٢ ، صحيح البخاري ١ : ١٤٢ ، صحيح مسلم ١ : ٤٣٠ حديث ٦١٥ سنن ابن ماجة ١ : ٢٢٢ حديث ٦٧٧.

(٤) التذكرة ١ : ٨٥.

(٥) قاله ابن الجنيد ، كما في المختلف : ٧٣.

(٦) المنتهى ١ : ٢١١.

٢٧

ويحرم تأخير الفريضة عن وقتها ، وتقديمها عليه ، فتبطل عالما أو جاهلا أو ناسيا ،

______________________________________________________

قوله : ( ويحرم تأخير الفريضة عن وقتها وتقديمها عليه ).

هذا الحكم إجماعي ، ولا يجزئ ما فعله في التّقديم ، بل تجب الإعادة بخلاف التّأخير ، وقيّد بالفريضة ، لأنّ بعض النّوافل يجوز تقديمها.

والمراد : بالوقت وقت الاجزاء. وكما يحرم تأخير جميعها عن الوقت ، كذا يحرم تأخير بعضها ، وكونها أداء لا ينافي التحريم ، ولا يخفى أنّه يلزم من ذلك وجوب معرفة الوقت لتوقف الامتثال عليه.

قوله : ( فتبطل عالما أو جاهلا أو ناسيا ).

أي : فلو خالف تبطل صلاته ، وهذا إنّما هو في التقديم ، أمّا في التّأخير فلا إذا فعلها قضاء ، ولا فرق في ذلك بين كونه عالما ، أو ناسيا ، أو جاهلا.

والمتبادر من الجاهل ، هو الجاهل بالوقت ، وإن كان الجاهل بالحكم أيضا كذلك ، ولا يخفى أنّ الناسي لا إثم عليه ، بخلاف من سواه.

والمراد بالنّاسي : ناسي مراعاة الوقت ، وأطلقه في الذّكرى على من جرت منه الصّلاة حال عدم خطور الوقت بالبال (١) ، وهذا إن كان مراده به غير المعنى الأوّل ، ففي إطلاق النّاسي عليه شي‌ء.

ولا خلاف في عدم إجزاء الصّلاة المقدمة على وقتها إذا وقعت جميعها خارج الوقت ، ولو وقع بعضها في الوقت فللشيخ قول بالاجزاء في العامد والنّاسي (٢) ، ورواية إسماعيل بن رباح ـ عن الصّادق عليه‌السلام : « إذا صلّيت وأنت ترى أنّك في وقت ، ولم يدخل الوقت ، فدخل وأنت في الصّلاة فقد أجزأت عنك » (٣) ، ـ ظاهرة في الظان ، وحديث « رفع عن أمّتي الخطأ والنسيان » (٤) ، لا دلالة فيه ، لأن الوقت سبب في الوجوب ، ولم يتحقق الخروج من العهدة بالمأتي به قبله ، فالأصحّ الإعادة.

__________________

(١) الذكرى : ١٢٨.

(٢) النهاية : ٦٢.

(٣) الكافي ٣ : ٢٨٦ حديث ١١ ، التهذيب ٢ : ٣٥ حديث ١١٠.

(٤) الخصال : ٤١٧ حديث ٩.

٢٨

فإن ظنّ الدخول ولا طريق إلى العلم صلى ، فإن ظهر الكذب استأنف ، ولو دخل الوقت ولمّا يفرغ أجزأ.

______________________________________________________

وإن وقعت جميعها في الوقت ( أمكن الإجزاء لوجود سبب الوجوب ، وتحقق حصول الشروط في نفس الأمر وهو الوقت ، غاية ما في الباب انتفاء علم المكلّف ، وهو غير قادح ، إذ لا دليل على كونه شرطا ، والأصل ينفيه. وما أشبهها بمسألة ما لو توضأ قبل الوقت بنية الوجوب بالنسبة الى ما عدا الصلاة الاولى ... ) (١).

امّا العامد ، فالقول بالاجزاء فيه بعيد لثبوت النّهي المقتضي للفساد.

قوله : ( فان ظنّ الدّخول ولا طريق إلى العلم صلّى ، فان ظهر الكذب استأنف ).

لا يخفى أنّه لو كان هناك طريق إلى العلم لا يجوز التعويل على الظّن ، لوجوب الأخذ بالأقوى ، ولأن يقين البراءة موقوف عليه ، فإذا تعذر العلم جاز التّعويل على الأمارات المفيدة للظّنّ ، مثل الأوراد المفيدة لذلك من صلاة ، أو درس علم ، أو قراءة قرآن ، أو صنعة ، ومثله تجاوب الدّيكة ، لروايتين عن الصّادق عليه‌السلام (٢) ، ونفاه في التذكرة (٣) ، وينبغي أن يكون ذلك حيث تشهد به العادة ، وان كان النّص مطلقا.

قوله : ( ولو دخل الوقت ولمّا يفرغ أجزأ ).

هذا أصحّ القولين للأصحاب (٤) للرّواية السابقة ، ولأنّه متعبّد بظنه وقد توجّه إليه الأمر في أثنائها فيخرج من العهدة ، وفي لزوم ذلك عن المقدّمات المذكورة نظر ، والمعتمد في الفتوى الرّواية المتأيدة بالشّهرة.

وقال السيّد المرتضى (٥) وجماعة (٦) بوجوب الإعادة ، واختاره المصنّف في‌

__________________

(١) لم ترد في « ع » و « ح » ، ولأجل اقتضاء الموضوع لها أثبتت من نسخة « ن ».

(٢) الكافي ٣ : ٢٨٤ ، ٢٨٥ حديث ٢ ، ٥ ، الفقيه ١ : ١٤٣ ، ١٤٤ حديث ٦٦٨ ، ٦٦٩ ، التهذيب ٢ : ٢٥٥ حديث ١٠١٠ ، ١٠١١.

(٣) التذكرة ١ : ٨٥.

(٤) قاله الشيخ في النهاية : ٦٢ ، وابن إدريس في السرائر : ٤١ ، والشهيد في اللمعة : ٢٨.

(٥) جوابات المسائل الرسيّة ( ضمن رسائل الشريف المرتضى ) ٣ : ٣٥٠.

(٦) نقله العلامة في المختلف : ٧٤ عن ابن ابي عقيل ، والسيد العاملي في مفتاح الكرامة : ٢ : ٤٣ عن أبي علي وأبي العباس.

٢٩

ولا يجوز التعويل في الوقت على الظن مع إمكان العلم ، ولو ضاق الوقت إلاّ عن الطهارة وركعة صلّى واجبا مؤدّيا للجميع على رأي ،

______________________________________________________

المختلف (١) ، لفقد الشّرط. ويمكن الجواب بمنع الشّرط حينئذ ، وفي الرّواية دلالة على عدمها.

ويتحقق عدم الفراغ ببقاء جزء من أجزاء الصّلاة ، حتّى التّسليم على القول بوجوبه ، أمّا على الاستحباب فلا ، لأنّ آخر الصّلاة هو التّشهّد ، لقوله عليه‌السلام في المحدث قبل التّسليم : « تمت صلاته » (٢).

قوله : ( ولو ضاق الوقت إلا عن الطّهارة وركعة صلّى واجبا ، مؤدّيا للجميع على رأي ).

اختلف الأصحاب في ذلك على أقوال ثلاثة :

أحدها : ما ذكره المصنّف وهو المشهور بين الأصحاب ، ونقل فيه الشّيخ.

الإجماع (٣) ، ويستدل له بقوله عليه‌السلام : « من أدرك ركعة من الصّلاة فقد أدرك الصّلاة » (٤) ، والمراد : فكمن أدرك الصّلاة في الوقت.

الثّاني : أن يكون قاضيا للجميع ، ـ وهو اختيار المرتضى (٥) ـ لأن آخر الوقت مختصّ بالركعة الأخيرة ، فإذا وقعت فيه الاولى وقعت في غير وقتها ، ولا نعني بقضاء العبادة إلا ذلك ، وهو مدفوع بالنص.

الثّالث : التوزيع ، على معنى أن ما وقع في الوقت يكون أداء ، وما وقع في خارجه قضاء ، لوجود معنى الأداء والقضاء فيهما ، وهو أضعفها ، إذ لم يثبت التّعبد بمثله ، والأصح الأوّل.

وتظهر فائدة الخلاف في النية ، وفي التّرتيب على الفائتة السّابقة ، فعلى القضاء يترتب دون الأداء ويشكل في التّوزيع ، وهو أحد دلائل ضعفه ، وكذا في تفريع كون‌

__________________

(١) المختلف : ٧٤.

(٢) التهذيب ٢ : ٣٢٠ حديث ١٣٠٦ ، الاستبصار ١ : ٣٤٥ حديث ١٣٠١.

(٣) الخلاف ١ : ٤٩ مسألة ١٣ من كتاب الصلاة.

(٤) صحيح البخاري ١ : ١٥١ ، صحيح مسلم ١ : ٤٢٣ حديث ١٦١.

(٥) جوابات المسائل الرسية ( ضمن رسائل الشريف المرتضى ) ٢ : ٣٥٠.

٣٠

ولو أهمل حينئذ قضى.

ولو أدرك قبل الغروب مقدار أربع وجب العصر خاصة.

ولو كان مقدار خمس ركعات والطهارة وجب الفرضان ،

______________________________________________________

الأربع للظّهر أو للعصر ، فإنّه إنما يأتي على القول الأوّل خاصّة.

فرع :

لو وجب الاحتياط ، أو تدارك جزء فائت في الفرض المذكور ، فهل ينوي فيه الأداء أم القضاء؟ يحتمل الأوّل ، لظاهر : « فقد أدرك الصّلاة » (١) ، والمأتي به جزء من أجزائها ، وهو بعيد. وكونه عوض الجزء لا يقتضي جزئيته ، ومن ثم تجب له نية مستأنفة ، فقد صرّح الأصحاب في باب السّهو بوجوب نية القضاء في الاجزاء المنسية ، والاحتياط لو خرج الوقت فتتحتم نية القضاء.

قوله : ( ولو أهمل حينئذ قضى ).

أي : حين ضاق الوقت إلا عن الطّهارة وركعة.

واعلم أنّ اعتبار إدراك الطّهارة إنّما هو حيث لا يكون المكلّف متطهّرا ، فإنّه حينئذ يكفي إدراك ركعة ، وليس الحكم مقصورا على الطّهارة ، بل باقي الشروط أيضا كذلك ، ولعل ذكر الطّهارة جرى على طريق التّنبيه على أنّ إدراك الشّرط معتبر أيضا.

واعلم أيضا أنّ المعتبر في إدراك الرّكعة ـ أقلّ ما يمكن ـ أخف ما يمكن مع وجوب ما يجب في الصّلاة مع السّعة من السّورة وغيرها ، فلو ضاق الوقت عن السّورة فلا أداء ، وقد نبّه على ذلك في التّذكرة (٢). ولا يكفي إدراك التّكبير ولا ما دون الرّكعة عندنا ، وإن كان المصلّي من ذوي الأعذار.

قوله : ( ولو أدرك قبل الغروب مقدار أربع وجوب العصر خاصّة ).

لما سبق من أنّ آخر الوقت بهذا المقدار مختصّ بها.

قوله : ( ولو كان مقدار خمس ركعات والطّهارة وجوب الفرضان ).

لإدراك إحداهما ، وركعة من وقت الأخرى.

__________________

(١) إشارة الى الحديث المتقدم هامش رقم ٢ صفحة ٣٢.

(٢) التذكرة ١ : ٧٨.

٣١

وهل الأربع للظهر أو للعصر؟ فيه احتمال.

وتظهر الفائدة في المغرب والعشاء ،

______________________________________________________

قوله : ( وهل الأربع للظّهر أو للعصر؟ فيه احتمال ، وتظهر الفائدة في المغرب والعشاء ).

قد عرفت ابتناء هذه المسألة على القول بأنّ الجميع أداء ، وفي عبارة المصنّف تسامح ، فإنّ الأربع لا يتصور كونها للعصر ، لأن الرّكعة الأولى للظهر قطعا ، ولا يستقيم أن يريد بها الثلاثة مع الرّكعة الأولى تارة ، ومع الأخيرة أخرى.

لأنّ مقتضى هذا التركيب كون الأربع الّتي يأتي فيها الاحتمالان واحدة ، إلا أن يحمل على أنّ المراد الأربع من هذا المجموع ، فيكون المعنى حينئذ : وهل الأربع للظّهر وللعصر واحدة ، أم بالعكس؟ ولا بدّ في العبارة من تقدير شي‌ء ، وهو مقدار الأربع من الوقت ، إذ الأربع للظّهر قطعا ، وهو الّذي نواه المصلي.

ومنشأ الاحتمالين الالتفات إلى ما كان عليه ، وإلى ما صار اليه ، والثّاني أقوى ، لأنّ وقوع شي‌ء من الظّهر فيه لا يصيّره وقتا لها ، كما في ثلاث من العصر إذا وقعت في وقت المغرب ، وركعة من الصّبح بعد طلوع الشّمس ، والأخبار ليس فيها إلاّ إدراك الصّلاة المقتضي لكونها أداء ، وذلك لا يستلزم كون الوقت لها ، فلعلّه لكونها افتتحت على الأداء.

وأراد المصنّف بقوله : ( فيه احتمال ) الجنس ، لأنّ المحتمل اثنان ، أو أنّ المراد في كلّ منهما احتمال.

وتظهر فائدة الاحتمالين وثمرة كل واحد منهما في المغرب والعشاء ، وكأن هذا جواب سؤال يرد هنا ، هو : أنّ البحث عن كون مقدار الأربع للظّهر أو للعصر خال عن الفائدة ، لأن الظّهر قد تعين فعلها فيه على كلّ تقدير ، فما الفائدة؟ وجوابه ما ذكر.

وتحقيق الجواب : أنّ المكلّف لو أدرك من وقت العشاء مقدار أربع ركعات ، يجب أن يؤدي المغرب والعشاء جميعا على الاحتمال الأوّل ، لأنّ ضيق الوقت لما صيّر ما به تؤدّى الصّلاة الاولى ـ من وقت الثّانية ـ وقتا لها في الظّهرين وجب أن يطّرد في العشاءين لوجود المقتضي بخلاف الثّاني ، لأنّ الوقت على هذا التّقدير للعشاء.

٣٢

وترتب الفرائض اليومية أداء وقضاء ، فلو ذكر سابقة في أثناء لا حقة عدل مع الإمكان ،

______________________________________________________

والتّحقيق ـ كما نبه عليه الفاضل السيّد عميد الدين رحمه‌الله ـ أن هذه الفائدة ليس بشي‌ء ، لأنّ المقتضي لصيرورة ذلك وقتا للظّهر ليس هو ما ذكر ، بل مع إدراك ركعة من وقت الظّهر ، وذلك منتف في المغرب في الفرض المذكور.

قوله : ( وتترتّب الفرائض اليوميّة أداء وقضاء ).

التقييد باليوميّة يشعر بعدم ترتيب غيرها ، فلا ترتيب بين الكسوفين مثلا ، ولا بينهما وبين اليوميّة للأصل ، مع احتمال الترتيب لاستقرار السّابق في الذّمّة أوّلا.

والجمعة هاهنا من اليوميّة تغليبا بالنّسبة إلى الأداء ، إذ لا قضاء لها.

والمراد بترتّبها أداء : أنّه إذا اجتمع فرضان أداء ترتب اللاحق على السّابق ، بمعنى تحتم تقديم السّابق ، وكذا القول في فرضين فصاعدا ، فان تقديم الأسبق محتوم.

و ( أداء وقضاء ) في العبارة مصدر وقع موقع الحال ، ومقتضاه كون الفرائض الّتي تترتّب كلّها أداء ، أو كلّها قضاء ، فلو كان بعضها أداء والبعض الآخر قضاء ففي ترتّب الأداء على القضاء خلاف ـ سيأتي ان شاء الله تعالى في باب القضاء ـ والعبارة خالية عن التّعرض إليه نفيا وإثباتا.

ونقل في الذّكرى خلافا لبعض الأصحاب (١) في ترتّب القضاء ، محتجّا بأنّ ذلك من توابع الوقت وقد فات (٢) ، وهو محجوج بالنّصّ (٣) ، وكلام الأصحاب (٤).

قوله : ( فلو ذكر سابقة في أثناء لاحقة عدل مع الإمكان ).

هذا متفرّع على ما ذكره من الترتيب السّابق ، وأراد بـ ( السّابقة واللاحقة ) : ما يعم المقتضيتين وغيرهما ، ومن ثمّ عبر بـ ( السّابقة واللاحقة ) ليعمّ الجميع.

والمراد بالعدول : أن ينوي بقلبه أنّ هذه الصّلاة بمجموعها ـ ما مضى منها وما بقي ـ هي السّابقة المعيّنة ، مقضية أو مؤداة ، وباقي النيّة لا يجب التعرّض إليه لسبق صحّتها ،

__________________

(١) منهم : الشيخ في المبسوط ١ : ١٢٦ والنهاية : ١٢٨ ، وابن إدريس في السرائر : ٤١.

(٢) الذكرى : ١٣٦.

(٣) الكافي ٣ : ٢٩١ حديث ١ ، التهذيب ٣ : ١٥٨ حديث ٣٤٠.

(٤) منهم المحقق في الشرائع ١ : ٦٤ ، والشهيد في الذكرى : ١٣٦.

٣٣

وإلاّ استأنف.

ويكره ابتداء النوافل عند طلوع الشمس ، وغروبها ، وقيامها إلى أن تزول ، إلاّ يوم الجمعة ، وبعد صلاتي الصبح والعصر ،

______________________________________________________

وصلاحيته للمعدول إليها ، ولا يجوز أن ينوي ذلك بلسانه ، فان فعل بطلت صلاته.

والعدول واجب إن اتفقتا في الأداء ، أو القضاء تحصيلا للترتيب ، وإنّما يعدل مع الإمكان ، وذلك حيث لا تتحقّق زيادة الركوع على عدد السّابقة ، فلو كانت اثنتين أو ثلاثا ، فركع في الثّالثة أو الرّابعة ، ثم تذكّر الفائتة امتنع العدول لزيادة الرّكن ، بخلاف ما قبل الرّكوع ، لوقوع زيادة ذلك على ما في ذمته سهوا ، وهي غير مبطلة.

والأصل في العدول ـ قبل الإجماع المنقول في كلام الشّيخ (١) ـ ما روي عن الباقر عليه‌السلام : « إذا ذكرت انّك لم تصلّ الاولى وأنت في صلاة العصر ، فصلّ الرّكعتين الباقيتين ، وقم فصلّ العصر » (٢).

قوله : ( والا استأنف ).

أي : وإن لم يكن العدول ممكنا وجوب أن يستأنف السّابقة بعد إكمال ما هو فيها ، ويغتفر التّرتيب لأنّ النّسيان عذر ، وعبارة الكتاب لا تخلو من إيهام ، والمراد هو ما ذكرناه.

قوله : ( ويكره ابتداء النّوافل عند طلوع الشّمس وغروبها ، وقيامها إلى أن تزول ، إلاّ يوم الجمعة ، وبعد صلاتي الصّبح والعصر ).

كراهية النّوافل المبتدأة في هذه الأوقات عليه أكثر علماء الإسلام ، لثبوت النّهي عن الصّلاة فيها عن النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٣) ، وتستمر الكراهية عند الطّلوع إلى أن ترتفع الشّمس ، وحكى في الذّكرى ، عن المفيد (٤) أنّ الكراهية عند‌

__________________

(١) الخلاف ١ : ٥٩ مسألة ٦ كتاب مواقيت الصلاة.

(٢) الكافي ٣ : ٢٩١ حديث ١ ، التهذيب ٣ : ١٥٨ حديث ٣٤٠ وفيهما : (. صلاة العصر وقد صليت منها ركعتين ).

(٣) الفقيه ١ : ٣١٥ حديث ١٤٣٠ ، التهذيب ٢ : ١٧٤ حديث ١٥٢ ، ١٥٣ ، الاستبصار ١ : ٢٩٠ حديث ١٠٦٥ ، ١٠٦٦.

(٤) المقنعة : ٢٣.

٣٤

______________________________________________________

الطّلوع إلى أن تذهب الحمرة (١).

والمراد بالكراهية النّافلة عند الغروب : ما قارب الغروب وشارفه ـ وهو ميل الشّمس الى الغروب ، وذلك عند اصفرارها حتّى تذهب الحمرة المشرقيّة ـ لنهي النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الصّلاة إذا تضيفت الشّمس للغروب (٢) ، ـ بالضاد المعجمة والفاء ـ ، أي : مالت ، ومنه سمي الضّعيف.

والمراد بقيامها : وقت الاستواء الّذي ينتهي فيه نقصان الظّلّ قبل أن يأخذ في الزّيادة مستمرا ذلك إلى أن تزول الشّمس ، إلاّ يوم الجمعة فإنّه يستحبّ التنفل بركعتين نصف النّهار ، لأنّ النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى عن الصّلاة نصف النّهار إلاّ يوم الجمعة (٣) ، والأخبار في ذلك كثيرة (٤) ، وعلل بأن النّاس ينتظرون الجمعة ، ويشق عليهم مراعاة الشّمس ، وربما غلبهم النّوم.

وعلى هذا قال المصنّف في التّذكرة : إن عللنا بغلبة النعاس ، أو مشقة المراقبة ، وعدم العلم بدخول الوقت جاز أن ينتفل بأكثر من ركعتين ، وإلاّ اقتصرنا على المنقول (٥) ، هذا كلامه.

وفي الاعتداد بهذا التّعليل بعد ، والّذي يقتضيه النّظر أنّ النّص إن اقتضى حصر الجواز في ركعتين اقتصر عليهما ، وإلاّ فلا.

والمراد بما بعد صلاة الصّبح والعصر استمرار الكراهيّة إلى وقت الطّلوع والغروب ، ولا يرد تداخل الأقسام ، لأنّ الكراهية في اثنين منها متعلّقة بفعل الصّلاة ، وثلاثة للوقت ، وقد روي أنّ النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : « إنّ الشّمس تطلع ومعها قرن الشّيطان ، فإذا ارتفعت فارقها ، ثم إذا استوت قارنها ، فإذا زالت فارقها ، وإذا دنت للغروب قارنها ، فإذا غربت فارقها » (٦) ، ونهى عن الصّلاة في هذه الأوقات ،

__________________

(١) الذكرى : ١٢٦.

(٢) صحيح مسلم ١ : ٥٦٨ حديث ٢٩٣ ، سنن النسائي ١ : ٢٧٧.

(٣) الكافي ٣ : ٤٥٣ حديث ٩.

(٤) منها : ما رواه الكليني في الكافي ٣ : ٤٥٢ حديث ٨ ، والصدوق في الفقيه ١ : ٣٥٧ باب نوادر الصلاة.

(٥) التذكرة ١ : ٨١.

(٦) سنن النسائي ١ : ٢٧٥ ، سنن البيهقي ٢ : ٤٥٤ ، سنن ابن ماجة ١ : ٣٩٨ حديث ١٢٥٣.

٣٥

إلاّ ما له سبب.

______________________________________________________

وروي نحوه من طرقنا (١).

وفسّر قرن الشيطان بحزبه ، وهم عبدة الشّمس ، يسجدون لها في هذه الأوقات.

وفي مرفوع إلى الصّادق عليه‌السلام ، انّ رجلا قال له عليه‌السلام : إنّ الشّمس تطلع بين قرني الشّيطان؟ ، قال : « نعم ، إنّ إبليس اتخذ عريشا بين السماء والأرض ، فإذا طلعت الشّمس وسجد ـ في ذلك الوقت ـ النّاس ، قال إبليس لشياطينه : إنّ بني آدم يصلون لي » (٢).

واحترز في العبارة بـ ( النّوافل ) عن الفرائض ، فلا يكره حينئذ ، أداء كانت أو قضاء ، وإن كره تأخير الأداء إلى قرب الطّلوع والغروب.

ولو طلعت الشّمس في أثناء الصّبح ، أو غربت في أثناء العصر وجب إتمامها ، خلافا للحنفيّة ، وكذا المنذورة والمعادة.

قوله : ( إلا ما له سبب ).

أي : تكره النّوافل في هذه الأوقات إلاّ ما له سبب متقدّم على هذه الأوقات ، أو مقارن لها فلا تكره ، لأنّ ذوات الأسباب اختصت بورود النصّ على فعلها ، والخاص مقدم.

كذا قيل في التّوجيه ، وهو وإن كان خاصّا بالنسبة إلى تلك الصّلاة ، الا أنه عام في الأوقات ، فيقع التعارض ، والتّرجيح معنا بالأصل.

واستثناء ذوات السبب صرّح به الشيخ (٣) ، وجمع من الأصحاب (٤).

إذا تقرّر هذا ، فمن ذوات السّبب صلاة تحيّة المسجد ، والزيارة ، والحاجة ، والاستخارة ، والشّكر ، والإحرام ، وصلاة الطّواف ، وقضاء النّوافل ، وصلاة ركعتين عقيب فعلا الطّهارة عن حدث ، لما روي أنّ النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لبلال : « حدّثني بأرجى عمل عملته في الإسلام ، فإني سمعت دق نعليك بين يدي في الجنّة » ‌

__________________

(١) التهذيب ٢ : ١٧٤ حديث ٦٩٤ و ٦٩٥ ، الاستبصار ١ : ٢٩٠ حديث ١٠٦٥ و ١٠٦٦.

(٢) الكافي ٣ : ٢٩٠ حديث ٨ ، التهذيب ٢ : ٢٦٨ حديث ١٠٦٨ وفيهما : ( عرشا ).

(٣) المبسوط ١ : ٧٦ ـ ٧٧.

(٤) منهم : الشهيد في الذكرى : ١٢٦.

٣٦

______________________________________________________

قال : ما علمت عملا أرجى عندي من أنّني لم أتطهّر طهورا في ساعة من ليل أو نهار إلاّ صلّيت بذلك الطّهور ما كتب لي أنّ أصلي ، وأقرّه النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على ذلك (١).

ولو تعرّض لسبب النافلة في هذه الأوقات ، كما لو زار مشهدا ، أو دخل مسجدا لم تركه لصيرورتها ذات سبب ، ولو تحرّى بذات السّبب هذه الأوقات كانت كالمبتدأة ، قاله في التّذكرة (٢) ، لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « لا يتحرى أحدكم فيصلي عند طلوع الشّمس ، ولا عند غروبها » (٣).

ولا يكره سجود الشّكر ، ولا سجود التلاوة في هذه الأوقات لعدم كونه صلاة ، ولوجود السّبب ، وفي رواية عمّار ، عن الصّادق عليه‌السلام النّهي عن فعل سجود السّهو حتّى تطلع الشّمس ، ويذهب شعاعها (٤).

قال في الذّكرى : وفيه إشعار بكراهية مطلق السجدات (٥) ، وفي العمل به إشكال ، وخصوصا إذا أوجبنا الفوريّة ، ومراعاة الأداء والقضاء في سجود السّهو ، ويمكن الحمل على التّقية ، وليست هذه الكراهيّة للتحريم ، فتنعقد النّافلة المبتدأة حينئذ ، لعدم منافاة الكراهيّة للانعقاد ، إذ المراد بالكراهية في العبادات كونها خلاف الأولى ، فعلى هذا ينعقد نذرها.

ولا يكره الطواف في هذه ، لما روي عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انّه قال : « يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلّى في أي ساعة شاء من ليل أو نهار » (٦) ، ولأنّه ليس صلاة وإن كان كالصّلاة ، وقد نبّه عليه كلامه في المنتهى (٧).

فان قلت : قول المصنّف أوّلا : ( ويكره ابتداء النّوافل ) مستدرك ، لأنّ‌

__________________

(١) صحيح البخاري ٢ : ٦٧ ، مسند أحمد ٢ : ٣٣٣ و ٤٣٩.

(٢) التذكرة ١ : ٨١.

(٣) صحيح البخاري ١ : ١٥٢ ، الموطأ ١ : ٢٢٠.

(٤) التهذيب ٢ : ٣٥٣ حديث ١٤٦٦.

(٥) الذكرى : ١٢٨.

(٦) سنن الترمذي ٢ : ١٧٨ حديث ٨٦٩ ، سنن النسائي ١ : ٢٨٤ ، مسند أحمد ٤ : ٨٠ و ٨١.

(٧) المنتهى ١ : ٢١٥.

٣٧

ويستحب تعجيل قضاء فائت النافلة فيقتضي نافلة النهار ليلا وبالعكس.

______________________________________________________

استثناء ذات السبب أغنى عن ذكر الابتداء ، لأنّ المراد بالمبتدأة ما لا سبب لها ، والابتداء فعلها.

قلت : يمكن أن يراد بكراهيّة ابتداء النوافل في هذه الأوقات الاحتراز عن استدامة فعلها فيها ، بأن يدخل عليه أحد الأوقات وهو في أثناء نافلة لا سبب لها فإنّه لا يكره إتمامها ، لأنّ قطع النّافلة مكروه ، ولأنّ المنهي عنه الصّلاة لا بعضها.

قوله : ( ويستحبّ تعجيل قضاء فائت النّافلة فيقضي نافلة النّهار ليلا ، وبالعكس ).

هذا هو المشهور بين الأصحاب ، لإطلاق الأمر بالمسارعة إلى المغفرة ، أي : إلى سببها في قوله تعالى (١) ، ولقوله تعالى ( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً ) (٢) ، فعنهم عليهم‌السلام : « هو لمن جعل على نفسه شيئا من الخير من صلاة أو ذكر ، فيفوته ذلك من اللّيل فيقضيه بالنّهار ، أو يشتغل بالنّهار فيقضيه باللّيل » (٣) وفي معناه أخبار أخرى (٤).

وقال المفيد (٥) ، وابن الجنيد (٦) : إنّ صلاة اللّيل يستحبّ قضاؤها ليلا ، وصلاة النّهار نهارا ، ويشهد له حديث إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر عليه‌السلام (٧) ، والترجيح للأوّل بالكثرة والشّهرة.

__________________

(١) آل عمران : ١٣٣.

(٢) الفرقان : ٦٢.

(٣) الفقيه ١ : ٣١٥ حديث ١٤٢٨ مع اختلاف في ترتيب الرواية.

(٤) التهذيب ٢ : ١٦٣ حديث ٦٣٩ ـ ٦٤٢.

(٥) المقنعة : ٢٣.

(٦) حكاه عنه العلامة في المختلف : ١٤٩.

(٧) الكافي ٣ : ٤٥٢ حديث ٥ ، التهذيب ٢ : ١٦٣ حديث ٦٣٨.

٣٨

فروع :

أ : الصلاة تجب بأول الوقت موسعا ، فلو أخر حتى مضى إمكان الأداء ومات لم يكن عاصيا ، ويقضي الولي.

______________________________________________________

قوله : ( فروع : الأوّل : الصّلاة تجب بأوّل الوقت وجوبا موسعا ، فلو أخر حتّى مضى إمكان الأداء ومات لم يكن عاصيا ).

المراد بالوجوب الموسع : طلب فعلها في الحال ، أو في ما بعده إلى آخر الوقت ، فلو أخرها عن أول الوقت ، فان كان يعزم عدم الفعل في جميعه أثم قطعا ، وإن كان بعزم الفعل بعد ذلك لم يأثم.

وقال المفيد : إن أخرها ثم اخترم في الوقت قبل أن يؤديها كان مضيعا لها ، وإن بقي حتّى يؤديها في آخر الوقت ، أو فيما بين الأوّل والآخر عفي عن ذنبه (١) ، قال في المنتهى : وفيه تعريض بالتضييق (٢).

ولو أهمل ، فقد قال في الذّكرى : الظاهر الإثم (٣) ويشكل بأنّ وقت الواجب في الموسع أمر كلّي ، فلا يختصر فردا بخصوصه.

ولا يشترط لجواز التأخير العزم على الفعل بعد ذلك خلافا للمرتضى (٤) ، وقد حقق في الأصول ، أمّا تأخيرها عن جميع الوقت فحرام إجماعا. ولو أخر إلى أن خرج بعضها عنه فكذلك ، وإدراك الأداء بإدراك ركعة للتّغليب.

ويكره التّأخير عن وقت الفضيلة ، للأخبار الدالة على المنع (٥) ، وأقل أحواله الكراهيّة ، فيتعدد الوقت باعتبار الأفضليّة والفضيلة ، والجواز والاجزاء ، والكراهية.

قوله : ( ويقضي الوليّ ).

لاستقرار الوجوب في ذمّة الميّت ، وإن لم يتعلّق به الإثم.

__________________

(١) المقنعة : ١٤.

(٢) المنتهى ١ : ٢٠٩.

(٣) الذكرى : ١٣١.

(٤) الذريعة ١ : ١٤٥.

(٥) الكافي ٣ : ٢٧٤ حديث ٣ ، التهذيب ٢ : ٣٩ حديث ١٢٣ ، ١٢٤ ، الاستبصار ١ : ٢٤٤ حديث ٨٦٨.

٣٩

ولو ظن التضيق عصى لو أخر ، ولو ظنّ الخروج صارت قضاء ، فلو كذب ظنه فالأداء باق.

ب : لو خرج وقت نافلة الظهر قبل الاشتغال بدأ بالفرض ، ولو تلبس بركعة زاحم بها ، وكذا نافلة العصر.

______________________________________________________

قوله : ( ولو ظن التضيّق عصى لو أخر ).

لأنّه متعبّد بظنه ، سواء كان ظن التضيق بغلبة ظن الموت قبل آخر الوقت ، أو بنحو حصول ظلمة موهمة ذلك.

قوله : ( ولو ظنّ الخروج صارت قضاء ، فلو كذب ظنّه فالأداء باق ).

أمّا الحكم الأوّل : فلما قلناه من انه متعبّد بظنه ، وأمّا الثّاني : فلأن الظّن إذا ظهر بطلانه لا عبرة به ، فلا يقتضي نقل صفة العبادة الثّانية لها بتعيين الشارع ، على أنّ ظنّه لم يستلزم كونها قضاء في نفسها ، بل بالنّسبة إليه بحسب ظاهر الحال ، وقال بعض العامّة : يكون قضاء بعد انكشاف فساد الظنّ ، وهو معلوم الفساد.

ولو أنّه صلّى بنيّة القضاء ، ثم انكشف فساد الظّن ففي الإعادة وجهان ، أصحّهما العدم ، لأن امتثال المأمور به يقتضي الاجزاء ، والإعادة على خلاف الأصل. والثّاني : يعيد ، لانكشاف فساد الظنّ. ولا دلالة فيه ، لأن انكشاف فساد الظنّ لا يقتضي فساد ما حكم بصحته.

وعورض بفعلها قبل الوقت ظانا دخوله. وجوابه : الفرق ، فانّ دخول الوقت بعد ذلك سبب لشغل الذّمة ، فلا تسقط بالفعل السّابق ، بخلاف ما هنا.

قوله : ( الثّاني : لو خرج وقت نافلة الظّهر قبل الاشتغال بدأ بالفرض ، ولو تلبس بركعة زاحم بها ، وكذا نافلة العصر ).

لما رواه عمّار السّاباطي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (١) ، وهذه الرّواية وإن كان فيها تحديد وقت نافلة الظّهر بزيادة قدمين ، والعصر بأربعة ، إلا أنّ الحكم منزّل على المثل والمثلين ، لدلالة غيرها من الرّوايات (٢) على ذلك كما تقدّم.

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٢٧٣ حديث ١٠٨٦.

(٢) التهذيب ٢ : ٢٢ حديث ٦٢ ، الاستبصار ١ : ٢٤٨ حديث ٨٩١.

٤٠