جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ١

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي

جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ١

المؤلف:

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٤

______________________________________________________

والمراد بقوله : ( أولا ) تقدمه على كلّ حق ، وهو واضح في الديون المتعلّقة بالذمة قبل الموت ، فان تعلّقها بالتركة متأخر عن الموت ، فلا تزاحم الكفن وإن كان الميّت مفلّسا.

أما المرهون والجاني ففي أخذ الكفن منهما تردّد من أن مقتضى الرّهن والجناية الاختصاص ، ومن بقائهما على الملك ، وإطلاق تقديم الكفن على الدّين في الأخبار (١) وكلام الأصحاب ، ويمكن الفرق بين المرهون والجاني ، لأن المرتهن إنّما يستحق من قيمته ولا يستقل بالأخذ بخلاف المجني عليه.

ويمكن الفرق بين كون الجناية ، خطأ وعمدا والحكم موضع تردّد ، وإن كنت لا أستبعد تقديم الكفن في الرّهن ، وهذا إذا لم تكن الجناية أو الرّهن بعد الموت ، فانّ الكفن مقدم حينئذ جزما.

ولا يخفى أن المراد بقوله : ( من صلب المال ) أنّه لا يحسب من الثّلث ، وهذا في الواجب خاصة دون ما زاد ، فإنّه مع الوصيّة من الثّلث ، وبدونها موقوف على تبرّع الوارث.

ولو أوصى بإسقاطه فالوارث بالخيار ، وقيل : تنفذ وصيته ، والمعقول منه منع النّدب من الوارث وغيره ، وليس بشي‌ء.

ولو ضاقت التركة عن الكفن فالممكن ، ولو أمكن ثوبان فاللفافة لا بدّ منها ، ويبقى تقديم كل من الآخرين محتملا ، المئزر لسبقه ، والقميص لأنه مئزر وزيادة. ولو قصر عنه غطى رأسه وجعل على رجليه حشيش ونحوه كما فعل النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ببعض أصحابه (٢). ولو كثر الموتى وقلت الأكفان ، قيل : يجعل اثنان وثلاثة في ثوب واحد ، ومال إليه في المعتبر (٣) ، وهو مرويّ عن فعل النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في قتلي أحد من طرق العامّة (٤) ، ولا يخفى أن الدّيون مقدّمة على الوصايا ، وهما مقدّمان على‌

__________________

(١) الكافي ٧ : ٢٣ باب أنه يبدأ بالكفن ثم بالدين ثم بالوصية ، والفقيه ٤ : ١٤٣ حديث ٤٨٨ ، التهذيب ٩ : ١٧١ حديث ٦٩٨.

(٢) صحيح البخاري ٢ : ٩٨ كتاب الجنائز.

(٣) المعتبر ١ : ٣٣١.

(٤) سنن الترمذي ٢ : ٢٤١ حديث ١٠٢١ كتاب الجنائز.

٤٠١

ولو لم يخلف شيئا دفن عاريا ، ولا يجب على المسلمين بذل الكفن بل يستحب. نعم يكفّن من بيت المال إن كان. وكذا الماء والكافور والسدر وغيره.

______________________________________________________

الميراث.

فرع : لو وجد الكفن ويئس من الميّت فهو ميراث ، ولو كان من بيت المال ، أو الزّكاة ، أو تبرع به متبرّع عاد كما كان لعدم سبب ناقل.

قوله : ( ولو لم يخلّف شيئا دفن عاريا ، ولا يجب على المسلمين بذل الكفن ، بل يستحبّ ، نعم يكفن من بيت المال ... ).

صرّح كثير من الأصحاب بأنّه إذا لم يخلف الميت شيئا يدفن عاريا (١) ، ويجب ستر عورته بشي‌ء والصّلاة عليه قبل الدّفن ، فان تعذّر وضع في القبر وستر بنحو تراب وصلّي عليه ، ولا يجب على المسلمين بذل الكفن لأصالة البراءة ، بل يستحبّ استحبابا مؤكّدا لرواية سعيد بن طريف عن أبي جعفر عليه‌السلام : « من كفن مؤمنا كان كمن ضمن كسوته إلى يوم القيامة » (٢) ، وكذلك القول في باقي مؤن تجهيزه من نحو السدر والكافور والماء.

ولو كان بيت مال المسلمين موجودا أخذ الكفن منه ، وكذا باقي المؤن ، والظاهر أنّه على طريق الوجوب ، لأن بيت المال معدّ لمصالح المسلمين.

والمراد ببيت المال : الأموال الّتي تستفاد من خراج الأرضين المفتوحة عنوة ، وسهم سبيل الله من الزّكاة ، على القول بأن المراد به كل قربة لا الجهاد وحده ، ولو أمكن الأخذ من سهم الفقراء والمساكين من الزّكاة جاز ، لأن الميّت أشدّ فقرا من غيره. وهل يجب؟ الظاهر نعم ، روى الفضل بن يونس ، عن أبي الحسن عليه‌السلام : « كان أبي يقول : إنّ حرمة بدن المؤمن ميّتا كحرمته حيّا ، فوار بدنه وعورته ، وجهزه ، وكفنه ، وحنطه ، واحتسب بذلك من الزّكاة » (٣) ، وفي هذا الخبر الأمر بإعطاء عيال‌

__________________

(١) منهم : ابن حمزة في الوسيلة : ٥٧.

(٢) الكافي ٣ : ١٦٤ حديث ١ ، الفقيه ١ : ٩٢ حديث ٤١٩ وهو عن الصادق ( ع ) ، التهذيب ١ : ٤٥٠ حديث ١٤٦١.

(٣) التهذيب ١ : ٤٤٥ حديث ١٤٤٠.

٤٠٢

ويجب طرح ما سقط من الميت من شعره أو لحمه معه في الكفن.

الفصل الثالث : في الصلاة عليه ومطالبه خمسة :

الأول : الصلاة واجبة على الكفاية على كل ميت مظهر للشهادتين وان كان ابن ست سنين ممن له حكم الإسلام ، سواء الذكر والأنثى ، والحر والعبد.

______________________________________________________

الميّت قدر ما يجهزونه ، فان لم يكن له من يقوم بأمره جهزه غيرهم ، فيكون الدّفع إلى الوارث أفضل إن وجد.

وفيه أنّه لو خلّف كفنا فتبرّع متبرّع بآخر يكفن بالمتبرّع به ، والآخر للورثة لا يقضى منه الدّين ، لو كان معللا بأنّه شي‌ء صار إليه بعد الوفاة فلا يعد تركة ، ولا يخفى أن للنظر فيه مجالا.

قوله : ( ويجب طرح ما سقط من الميّت من شعره أو لحمه معه في الكفن ).

وليكن بعد الغسل ، نقل المصنّف في التذكرة إجماع العلماء على ذلك (١).

قوله : ( الفصل الثّالث : في الصّلاة عليه ومطالبه خمسة :

الأوّل : الصّلاة واجبة على الكفاية على كلّ ميّت مظهر للشّهادتين وإن كان ابن ستّ سنين ممن له حكم الإسلام ... ).

الميّت لا يتناول الأبعاض ، فلا يصلّى عليها إلا الصدر ، وسيأتي ذكره ، وكذا القلب وأبعاضهما على ما سبقت الإشارة إليه من كونهما كالميّت.

أمّا عظام الميّت فيصلي عليها ، للخبر عن الكاظم عليه‌السلام في أكيل السّبع (٢) ، وما الّذي يراد بعظام الميّت جميعها ، حتّى لو نقصت عظما لم يصل عليها ، أم المعظم؟ كلّ منهما محتمل ، وفي الثّاني قرب ، نظرا إلى الصدق ، فلا أثر لفقد عظم نحو اليد والرّجل ، وعن المصنّف أن مجموع ما عدا الصّدر كالميّت ، محكي في حواشي الشّهيد.

__________________

(١) التذكرة ١ : ٤٥.

(٢) الفقيه ١ : ٩٦ حديث ٤٤٤.

٤٠٣

______________________________________________________

ولا يصلّى على العضو الواحد وإن كان تامّا سوى ما ذكر في أشهر الاخبار (١) ، وقال في التّذكرة إن الرّأس لا يصلّى عليه ، ولا نعرف فيه خلافا للأصحاب (٢).

ولو تعذّر تغسيل الصّدر ونحوه ممّا يغسّل ، فالظاهر ان تيمّمه مشروط بوجود محلّ التيمّم ، وحيث حكم بالصّلاة على الأبعاض فلا بدّ من العلم بموت صاحبها إجماعا ، وهل ينوي الصّلاة عليه خاصّة ، أم على الجملة؟ ظاهر المذهب الأوّل ، لعدم الصّلاة على الغائب عندنا ، وعلى هذا فتجب الصّلاة على الباقي لو وجد.

والمراد بمظهر الشّهادتين : من لم يعلم إنكاره ما علم من الدّين ضرورة ، فلا يصلّى على الكافر أصليّا كان أو مرتدا ، ولو ذمية حاملا من مسلم ، ومنه الخوارج والغلاة والنواصب والمجسّمة ، وغيرهم ممّن خرج عن الإسلام بقول أو فعل.

ولو وجد ميّت لا يعلم إسلامه ألحق بالدّار ، إلا أن يغلب الظّن بإسلامه في دار الكفر لعلامة قوية ، وفي المعتبر نفى الحكم ، وإن كان فيه علامات المسلم ، معللا بأنه لا علامة إلا ويشارك فيها بعض أهل الكفر (٣).

ويمكن أن يقال : لو اجتمع عدّة علامات تنتفي المشاركة في مجموعها ثبت الحكم ، ولم يرد ما ذكره.

وفي ولد الزّنى ما سبق في الغسل ، ولقيط دار الإسلام بحكم المسلم ، وكذا لقيط دار الكفر إذا كان فيها مسلم يمكن تولده عنه.

ومنع جمع من الأصحاب الصّلاة على المخالف إلاّ لتقية (٤) ، فيلعن حينئذ ، وظاهر كلام المتأخّرين يقتضي اختصاص ذلك بالنّاصب ، وجوزوا الانصراف بالتكبيرة الرّابعة من غير لعن ، ولم يصرّحوا بحكم الصّلاة على المخالف ، وكيفيتها وإن كان ظاهر إطلاقهم الوجوب ، وينبغي أن يصلّى عليه بمذهب أهل الخلاف كتغسيله‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ١٠٤ حديث ٤٨٣ ، ٤٨٤ ، التهذيب ١ : ٣٣٧ حديث ٩٨٦.

(٢) التذكرة ١ : ٤٦.

(٣) المعتبر ١ : ٣١٥.

(٤) منهم : المفيد في المقنعة : ١٣ ، وأبو الصلاح في الكافي في الفقه : ١٥٧ ، والشهيد في الذكرى : ٥٤.

٤٠٤

ويستحب على من نقص سنّه عن ذلك إن ولد حيا ،

______________________________________________________

إلزاما له بمذهبه ، أمّا المستضعف فإنّه كالمؤمن في غير الدّعاء. ويكفي في إظهار الشّهادتين إشارة الأخرس إذا عقلت.

وقول المصنّف : ( وإن كان ابن ستّ سنين ممن له حكم الإسلام ).

حاول به إدراج الصّبي والمجنون اللذين هما بحكم المسلم في وجوب الصّلاة عليه ، كما هو المشهور ، ونفي جمع من الأصحاب الصّلاة على الصّبي ، امّا إلى ان يبلغ (١) ، أو إلى أن يعقل الصّلاة (٢) ، والفتوى على المشهور لكثرة الأخبار الدّالة عليه (٣) ، والمراد بـ ( ابن السّت ) من استكملها ، لا من طعن فيها ، فعلى هذا يتناول كل من حكم بإسلامه ممّن سبق ، لكن على ظاهر العبارة مؤاخذتان :

إحداهما : أنّ الطفل الّذي بحكم المسلم ، وإن لم يكن مظهرا للشّهادتين ، على أن إظهاره لهما غير معتبر ، فإن إظهاره وعدمه سواء ما لم يبلغ ، إلا أن يقال : أن المراد إظهار الشّهادتين حقيقة أو حكما ، وغايته استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه معا.

الثّانية : ان عطف جملة ( إن ) الوصلية في العبارة يقتضي وجوب الصّلاة على من لم يبلغ السّت ، إذ التقدير : إن لم يكن ابن ست أو كان ، ولو قدرت الواو حالية لأشكل من حيث أنّ من زاد على السّت لا يقال له : ابن ست ، نعم ، يقال : بلغها.

ويمكن أن يقال : العطف بـ ( ان ) يشعر بأن أبعد الأفراد وأخفاها ، ونهايتها في ثبوت الحكم الفرد الّذي في حيّزها ، فيقتضي هنا أن من له دون السّت لا يصلّى عليه. ولو حذف الواو وأتى بـ ( بلغ ) مكان ( ابن ) لكان أولى ، ويسلم عن التّكليف ، ولا يخفى أنّه لا فرق في ذلك بين الذكر والأنثى ، والحرّ والعبد.

قوله : ( ويستحبّ على من نقص سنه عن ذلك إن ولد حيّا ).

منع بعض متقدّمي الأصحاب من الصّلاة على الصبي إلى أن يعقل‌

__________________

(١) ذهب الى ذلك ابن ابي عقيل كما في المختلف : ١١٩ ، والحسن بن عيسى كما في مفتاح الكرامة ١ : ٤٦٢.

(٢) ممن ذهب اليه الصدوق في المقنع : ٢١ ، والمفيد في المقنعة : ٣٨ ، والجعفي كما في مفتاح الكرامة ١ : ٤٦٢.

(٣) الكافي ٣ : ٢٠٦ ، ٢٠٧ حديث ٢ ، ٤ ، الفقيه ١ : ١٠٤ ، ١٠٥ حديث ٤٨٦ ، ٤٨٧ ، التهذيب ٢ : ١٩٨ حديث ٤٥٦ ، الاستبصار ١ : ٤٧٩ حديث ١٨٥٥.

٤٠٥

ولا صلاة لو سقط ميتا وان ولجته الروح ،

______________________________________________________

الصّلاة (١) ، وأوجبها ابن الجنيد على المستهل (٢) ، وهو الّذي ولد حيّا ، يقال : استهل الصّبي إذا صاح عند الولادة ، والمشهور الاستحباب ، لقول الصّادق عليه‌السلام : « إذا استهل فصلّ عليه » (٣).

قوله : ( ولا صلاة لو سقط ميّتا وإن ولجته الرّوح ).

لو خرج شي‌ء منه حيّا فاستهل ثم مات قبل خروج جميعه ، فمقتضى قوله عليه‌السلام : « إذا استهل فصل عليه ، وورّثه » (٤) تعلق الحكم من استحباب الصّلاة والإرث به ، ومقتضى قوله عليه‌السلام عن آبائه عليهم‌السلام : « يورث الصّبي ويصلّى عليه إذا سقط من بطن أمه فاستهل صارخا » (٥) العدم.

ومفهوم الشّرط في الثّاني يقيّد به إطلاق الأوّل ، لكن قال المصنّف في التّذكرة : لو خرج بعضه واستهل ، ثم مات استحب الصّلاة عليه ، ولو خرج أقله لحصول الشّرط وهو الاستهلال (٦) ، وبه صرّح في المعتبر (٧) والذّكرى (٨) محتجا بدخوله في قوله عليه‌السلام : « إذا استهل السّقط صلّي عليه » (٩) ، وكأنه لم يعتبر الخبر الثّاني ، فإنّه رواية السّكوني (١٠) وهو ضعيف.

ولا فرق في عدم الصّلاة عليه إذا ولد ميّتا ، بين أن تلجه الرّوح ببلوغ أربعة أشهر كما ورد انّه تنفخ فيه الرّوح بعد الأربعة (١١) أو لا.

__________________

(١) منهم : الصدوق في المقنع : ٢١ ، والمفيد في المقنعة : ٣٨ ، والجعفي كما في مفتاح الكرامة ١ : ٤٦٢.

(٢) نقله عنه في المختلف : ١١٩.

(٣) التهذيب ٣ : ١٩٩ حديث ٤٥٩.

(٤) التهذيب ٣ : ١٩٩ حديث ٤٥٩.

(٥) التهذيب ٣ : ٣٣١ حديث ١٠٣٥.

(٦) التذكرة ١ : ٤٥.

(٧) المعتبر ٢ : ٣٤٥.

(٨) الذكرى : ٥٤.

(٩) مضمون رواية في التهذيب ٣ : ١٩٩ حديث ٤٥٩.

(١٠) التهذيب ٣ : ٣٣١ حديث ١٠٣٥.

(١١) تفسير القمي ٢ : ٩١.

٤٠٦

والصدر كالميت. والشهيد كغيره ، ولا يصلّى على الأبعاض غير الصدر وان علم الموت ، ولا على الغائب. ولو امتزج قتلي المسلمين بغيرهم صلّي على الجميع وأفرد المسلمون بالنية.

______________________________________________________

قوله : ( ولا يصلى على الأبعاض غير الصّدر وإن علم الموت ).

ردّ بذلك قول جمع من العامة ، بأن الصّلاة على الأبعاض ـ ولو غير الصّدر ـ واجبة.

قوله : ( ولا على الغائب ).

المراد به من لم يشاهده المصلّي حقيقة ولا حكما ، أو من كان بعيدا بما لم تجر العادة به ، والمتبادر من الغائب هو المعنى الثّاني ، وإن كان قد ذكر كلاّ من المعنيين في الذّكرى (١) واعتبرنا في المعنى الأوّل نفي المشاهدة بالاعتبارين ، لئلا ترد الصّلاة على القبر ، فان الميّت في حكم المشاهد.

لكن لا بدّ أن يعلم أن الصّلاة مع الحائل المانع من المشاهدة نحو القبر لا يجوز اختيارا ، ولو اضطر إلى الصّلاة على الميّت من وراء جدار ففي الصّحة تردد نظرا الى المعهود ، والتفاتا إلى جواز الصّلاة على القبر.

قوله : ( ولو امتزج قتلي المسلمين بغيرهم صلّي على الجميع وأفرد المسلمين بالنّية ).

المراد بذلك عند الاشتباه ، وإن كان قوله : ( امتزج ) مطلقا ، والمراد بأفراد المسلمين بالنية إيقاع الصّلاة على المسلمين من هؤلاء ، وفي إطلاق كون ذلك صلاة على الجميع توسع ، وإنّما وجب ذلك لتوقّف الواجب عليه ، والمروي عن الصّادق عليه‌السلام انّ النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في يوم بدر أمر بمواراة كميش الذّكر ، أي صغيره ، وقال : « لا يكون إلا في كرام النّاس » (٢) قال في الذّكرى : فحينئذ يمكن العمل به في الصّلاة في كلّ مشتبه ، لعدم تعقل معنى في اختصاص الشّهيد (٣).

__________________

(١) الذكرى : ٥٤.

(٢) التهذيب ٦ : ١٧٢ حديث ٣٣٦.

(٣) الذكرى : ٥٤.

٤٠٧

المطلب الثاني : في المصلي

والأولى بها هو الأولى بالميراث ، فالابن أولى من الجد ، والأخ من الأبوين أولى من الأخ لأحدهما ، والأب أولى من الابن ،

______________________________________________________

واختار في المبسوط الصّلاة على الجميع ، واحتاط بالصّلاة على كل واحد واحد بشرط إسلامه (١) ، والأوّل أقرب إلى الجزم بالنية ، ويظهر من المعتبر (٢) ترجيح الصّلاة على الجميع ، حيث صوّب مواراة الجميع ترجيحا لجانب حرمة المسلم ولعله إنما لم يلتفت الى الرواية لضعفها ، ولا تعتبر القرعة هاهنا.

قوله : ( والأولى بها هو الأولى بالميراث ).

يدل على ذلك آية أولوا الأرحام (٣) ، وقول الصّادق عليه‌السلام : « يصلّي على الجنازة أولى النّاس بها » (٤) ، ولا خلاف في أنّ الزوج أولى من كل أحد بالصّلاة على الزّوجة لخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « الزّوج أحق بالصّلاة على الزّوجة مطلقا ومن الأب والأخ والولد » (٥) والظاهر أن الزّوجة ليست كذلك ، وهل يفرّق بين المستمتع بها وغيرها ، والحرة والمملوكة؟ إطلاق النّص يقتضي عدم الفرق.

ولو فقد الزّوج فالأب ، ثم الولد ، ثم ولد الولد ، ثم الجدّ للأب ، ثم الأخ للأبوين ، ثم للأب ، ثم للأم ، ثم العم ، ثم الخال ، ثم ابن العم ، ثم ابن الخال ، ثم المعتق ، ثم الضامن ، ثم الحاكم ، ثم عدول المسلمين.

وهذا التّرتيب لا يتمّ تعليله بأولويّة الإرث لتخلفه في الأب ، والولد ، والجدّ ، والأخ ، والعمّ ، والخال ، فإنّ الأبوين والأولاد في مرتبة ، وكذا الباقون ، ولو أريد بالأولويّة كثرة النّصيب تخلف ذلك في الأب مع الولد ، ولهذا عدوه في باب الغرقى‌

__________________

(١) المبسوط ١ : ١٨٢.

(٢) المعتبر ١ : ٣١٥.

(٣) الأنفال : ٧٥.

(٤) الكافي ٣ : ١٧٧ حديث ١ ، ٥ ، التهذيب ٣ : ٢٠٤ حديث ٤٨٣.

(٥) الكافي ٣ : ١٧٧ حديث ٢ ، ٣ ، الفقيه ١ : ١٠٢ حديث ٤٧٤ ، التهذيب ٣ : ٢٠٥ حديث ٤٨٤ ، الاستبصار ١ : ٤٨٦ حديث ١٨٨٣.

٤٠٨

والزوج أولى من كل أحد ، والذكر من الوارث أولى من الأنثى ، والحر أولى من العبد.

______________________________________________________

أضعف ، والجد مساو للأخ في الإرث.

ويمكن التّعليل به أكثري ، وعارض في الأب قوة جانبه بثبوت الولاية له على الولد ، مع المساواة في مرتبة الإرث ، وفي الجدّ اختصاصه بالتولد ، وعن ابن الجنيد تقديم الجدّ ، ثم الأب ، ثم الولد (١) ، والمشهور الأوّل.

واعلم أنّ في عبارة المصنّف لطيفة ، وهي تأخير أولوية الأب على الابن ، والزّوج على من سواه ، لأن كلا من الاولويتين غير متفرّعة على الأولويّة في الإرث ، فمن ثم ابتدأ بأولويّة الابن على الجدّ وأخر الأب.

واعلم أن ظاهر العبارة حصر الولاية فيمن ذكر ، فالموصى إليه بالصّلاة من الميّت لا ولاية له إلا أن يقدمه الولي لإطلاق الآية (٢).

ويمكن أن يقال : إطلاق وجوب الوفاء بالوصيّة يقتضي ثبوت الولاية له ، ولأن الميّت ربما آثر شخصا لعلمه بصلاحه فطمع في إجابة دعائه ، فمنعه من ذلك وحرمانه ما أمله بعيد ، وهو منقول عن ابن الجنيد (٣).

وقوله : ( والزّوج أولى من كل أحد ).

يريد به أولويته مطلقا ، حتّى على سيّد الأمة لو كانت مملوكة على ما سبق.

قوله : ( والذّكر من الوارث أولى من الأنثى ).

فالأب أولى من الأم ، والأخ أولى من الجدّة ، وكذا في كلّ مرتبة ، ولو كان الذّكر ناقصا ـ بنحو صغر وجنون ـ لم يكن بعيدا القول بأن الولاية للأنثى من طبقته لأنه في حكم المعدوم ، وعند عدمه فالولاية لها جزما ، ومع فقد الكامل في تلك الطبقة ففي الانتقال إلى الأبعد تردّد ، فان لم نقل به فالولاية إلى وليّه.

قوله : ( والحرّ أولى من العبد ).

لا ولاية للعبد أصلا ، لانتفاء الإرث في حقّه.

__________________

(١) حكاه عنه في المختلف : ٤٥.

(٢) الأنفال : ٧٥.

(٣) حكاه عنه في المختلف : ١٢٠.

٤٠٩

وانما يتقدّم الولي مع اتصافه بشرائط الإمامة ، وإلاّ قدّم من يختار ، ولو تعددوا قدّم الأفقه ، فالأقرأ ،

______________________________________________________

قوله : ( وإنّما يتقدّم الوليّ مع اتصافه بشرائط الإمامة ).

أي : من العدالة وطهارة المولد ، وغير ذلك من الشّرائط الّتي ستأتي في الجماعة ، لإطلاق اعتبارها في جواز الاقتداء ، ولا بدّ مع ذلك من علمه بالأحكام الواجبة في صلاة الجنازة.

قوله : ( وإلاّ قدّم من يختاره ).

أي : وإن لم يتّصف بتلك الشرائط قدم من يختاره ممن يتّصف بذلك ، فان لم يختر أحدا سقط اعتباره لأنّ الجماعة أمر مهمّ مطلوب فلا يتعذر بامتناعه من الاذن ، بل يصلّي الحاكم ، أو يأذن إن كان موجودا ، وإلاّ قدّم عدول المسلمين من يختارونه. ولا يخفى أنّ إذن الوليّ إنّما يعتبر في الجماعة لا في أصل الصّلاة لوجوب ذلك على الكفاية ، فكيف يناط برأي أحد من المكلّفين؟ فلو صلّوا فرادى بغير إذن أجزأ.

قوله : ( ولو تعدّدوا ).

أي : الأولياء ، بأن كانوا في مرتبة واحدة وتشاحوا ، أو تحمل العبارة على ما هو أعمّ من ذلك لتكون المسائل الآتية جميعها تفصيلا لها ، فينزّل على من له حق الإمامة إمّا بكونه وليا ، أو بصلاحيته لها باستجماع الشّرائط.

قوله : ( قدّم الأفقه ، فالأقرأ ).

أي : إن كان وليّا ، وإلا فالأولى للولي تقديمه ، هذا هو مختار المحقق في الشّرائع (١) ، لأن القراءة هنا ساقطة وفيه ضعف ، لأن كثيرا من مرجّحات القراءة معتبرة في الدّعاء ، ولأن اعتبار سقوط القراءة يقتضي عدم ترجيح الأقرأ أصلا ، ولعموم قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « يؤمكم أقرؤكم » (٢) ، فيرجح الأقرأ ، وهو المشهور بين الأصحاب وعليه الفتوى.

والمراد بالأفقه : الأعلم بفقه الصّلاة ، وبالأقرإ : الأعلم بمرجحات القراءة لفظا‌

__________________

(١) الشرائع ١ : ١٠٥.

(٢) الكافي ٣ : ٣٧٦ حديث ٥ ، التهذيب ٣ : ٣٢ حديث ١١٣ وفيهما : ( يؤمهم أقرؤهم ).

٤١٠

فالأسن ، فالأصبح.

______________________________________________________

ومعنى.

قوله : ( فالأسن ، فالأصبح ).

لعلّ تقديمه لما روي عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « إنّ الله لا يردّ دعوة ذي الشّيبة المسلم » (١) ، والمراد به الأسنّ في الإسلام ، كما صرّحوا به في باب الجماعة ، فلو كان واحد سنه خمسون في الإسلام ، وآخر سبعون منها عشرون في الإسلام ، فالأوّل هو الأسنّ ، وقد اقتصر الشّيخ (٢) والجماعة (٣) على تقديم الأسنّ ، ودلائلهم تقتضي اعتبار مرجحات الإمامة في اليومية ، كما صرّح به المصنّف في التذكرة (٤) وشيخنا الشّهيد (٥) ، فعلى هذا يقدم الأسبق هجرة على الأصبح.

واعلم أنّ الهجرة في الأصل الخروج من دار الحرب إلى دار الإسلام ، فأما في زماننا فأحسن ما قيل فيها إن المراد بها : سكنى الأمصار لأنها مقابل سكنى البادية ، مجازا عن الهجرة الحقيقة ، لأن ذلك مظنة الاتصاف بشرائط الإمامة واكتساب كمالات النّفس ، بخلاف البوادي وما يشبهها من القرى الّتي يغلب على أهلها البعد عن العلوم وكمالات النّفس.

وأما الصباحة ، فقد روى بعض الأصحاب تقديم الأصبح وجها بعد التّساوي (٦) فيما سبق ، وقال صاحب المعتبر : لا أرى لهذا أثرا في الأولوية ، ولا وجها في شرف الرّجال (٧) ، وعلّله المصنّف في المختلف بالدلالة على عناية الله تعالى بصاحبه (٨) ، وربما فسّر بالأحسن ذكرا بين النّاس مجازا لقول علي عليه‌السلام : « إنّما يستدل على الصّالحين بما يجري الله لهم على ألسن عباده » (٩) ، وهو حسن.

__________________

(١) الذكرى : ٥٧.

(٢) المبسوط ١ : ١٨٤ ، الخلاف ١ : ١٦٨ مسألة ٧٢ كتاب الجنائز.

(٣) منهم : ابن إدريس في السرائر : ٨١ ، والشهيد في الدروس : ١٢.

(٤) التذكرة ١ : ٤٧.

(٥) الذكرى : ٥٧.

(٦) منهم : المحقق في الشرائع ١ : ١٠٥ ، والعلامة في التحرير ١ : ١٩ ، والشهيد في البيان : ٢٨.

(٧) المعتبر ٢ : ٤٤٠.

(٨) المختلف : ١٥٦.

(٩) نهج البلاغة ٣ : ٩٣ كتاب ٥٣ عهده الى مالك الأشتر.

٤١١

والفقيه العبد أولى من غيره الحر ، ولو تساووا أقرع.

ولا يجوز لجامع الشرائط التقدّم بغير إذن الولي المكلّف وان لم يستجمعها ، وإمام الأصل أولى من كل أحد. والهاشمي الجامع للشرائط أولى إن قدّمه الولي.

______________________________________________________

قوله : ( والفقيه العبد أولى من غيره الحرّ ).

هذا الحكم مذكور في كلام الأصحاب هكذا ، وهو مشكل إن أريد به الأولويّة المستندة إلى ثبوت الولاية ، إذ العبد لا إرث له ، فلا ولاية له ، وإن أريد بأولويّته أفضلية تقديم الوليّ له فهو صحيح ، إلا أنّه خلاف المتبادر من كلامهم ، والظاهر أن مرادهم الأوّل ، بدليل أنّهم في ترجيح الهاشمي اشترطوا تقديم الوليّ له ، لكن يتعيّن إرادة المعنى الثّاني ليصح الكلام ، ولا يمتنع تنزيل العبارة عليه ، باعتبار ما فسرنا به ضمير ( ولو تعدّدوا ).

قوله : ( ولا يجوز لجامع الشرائط التقدم بغير إذن الوليّ المكلّف وإن لم يستجمعها ).

أي : لا يجوز ذلك وإن لم يستجمع الوليّ الشرائط ، لاختصاص حق التقدم بالوليّ ، والتقييد بالمكلّف ليخرج غيره ، فإنه إذا لم يكن الوليّ مكلفا لكونه صغيرا ونحو ذلك يسقط اعتبار إذنه ، وربّما أشعرت العبارة بعدم اعتبار إذن من في طبقة أخرى بعدي (١) ممن له استحقاق الولاية والإرث ، وقد سبق الكلام على ذلك.

قوله : ( وإمام الأصل أولى من كلّ أحد ، فلا يحتاج إلى إذن الولي ).

لقول الصّادق عليه‌السلام : « إذا حضر الإمام الجنازة ، فهو أحق النّاس بالصّلاة عليها » (٢) ، وقال الشّيخ في المبسوط يحتاج (٣) لخبر السكوني (٤) ، وفي الدّلالة والسّند ضعف.

__________________

(١) هكذا وردت في النسخ الخطية ، ولعل الصحيح : بعد من ، أو : بعدها ممن.

(٢) الكافي ٣ : ١٧٧ حديث ٤ ، التهذيب ٣ : ٢٠٦ حديث ٤٨٩.

(٣) المبسوط ١ : ١٨٣.

(٤) التهذيب ٣ : ٢٠٦ حديث ٤٩٠.

٤١٢

وينبغي له تقديمه. ويقف العراة في صف الامام وكذا النساء خلف المرأة ، وغيرهم يتأخّر عن الإمام في صف وان اتحد ،

______________________________________________________

قوله : ( وينبغي له تقديمه ).

أي : يستحبّ ، ذكره جمع من الأصحاب (١) ، وقال المفيد : يجب (٢) ، قال في الذّكرى : ولم أقف على مستنده (٣) ، وربّما احتجّ للاستحباب بقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « قدّموا قريشا ولا تقدموها » (٤) وطعن فيه في الذّكرى بأنه غير مستثبت في روايتنا (٥) ، وبأنّه أعم من المدّعى ، وربّما احتج بان فيه إكراما لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نظرا إلى رعاية قربة. ولا يخفى أنّه ليس لنائب الولي الاستنابة بدون الإذن ، لعدم جواز تجاوز المأذون.

ولو اجتمع جنائز فتشاح أولياؤهم ، قدّم أولاهم بالإمامة في المكتوبة للعموم ، ويحتمل تقديم ولي من سبق ميتة ، لأنّه استحقّ الإمامة فيبقى ، ولو أراد كلّ إفراد ميّته بصلاة جماعة جاز.

قوله : ( ويقف العراة في صف الامام ، وكذا النّساء خلف المرأة وغيرهم يتأخر عن الإمام في صفّ وان اتحد ).

أمّا وقوف العراة في صف الامام فقد علل بالمحافظة على أن لا تبدو عورته لهم ، قاله الشّيخ (٦) والأصحاب (٧) ، مع أنّهم صرّحوا بأن العراة يجلسون في اليوميّة ، وكأنّه بناء على أن السّتر ليس شرطا في صلاة الجنازة كما صرّح به المصنّف لأنّها دعاء ، أو الفرق بالاحتياج إلى الرّكوع والسّجود هناك بخلافه هنا ، وفيه ضعف لوجوب الإيماء لهما.

__________________

(١) منهم : أبو الصلاح في الكافي في الفقه : ١٥٦ ، والشيخ في المبسوط ١ : ١٨٣ وابن سعيد في الجامع للشرائع : ١٢٠ ، والشهيد في البيان : ٢٨.

(٢) المقنعة : ٣٨.

(٣) الذكرى : ٥٧.

(٤) الجامع الصغير للسيوطي ٢ : ٢٥٣ حديث ٦١٠٨.

(٥) الذكرى : ٥٧.

(٦) النهاية : ١٤٧ وليس فيها التعليل.

(٧) منهم : ابن حمزة في الوسيلة : ١١٠ ، وابن إدريس في السرائر : ٦٣ ، والشهيد في البيان : ٢٨.

٤١٣

وتقف النساء خلف الرجال ، وتنفرد الحائض بصف خارج.

المطلب الثالث : في مقدماتها

يستحب إعلام المؤمنين بموت المؤمن ليتوفّروا على تشييعه ،

______________________________________________________

وأمّا وقوف المرأة وسط النّساء فلخبر زرارة عن الباقر عليه‌السلام (١) وأمّا تأخر المأموم الواحد عن الامام هنا فلخبر اليسع عن الصّادق عليه‌السلام (٢).

قوله : ( وتقف النّساء خلف الرّجال ، وتنفرد الحائض بصف خارج ).

أما الحكم الأوّل فلأن موقف النّساء في الجماعة خلف الرّجال ، وأمّا الثّاني فلما رواه محمّد بن مسلم عن الصّادق عليه‌السلام في الحائض تصلّي على الجنازة؟ قال : « نعم ، ولا تقف معهم ، وتقف منفردة » (٣) والظاهر أنّها تنفرد مع النّساء أيضا كما صرّح به جماعة (٤) لأن ظاهر الخبر أنّ انفرادها لكونها حائضا ، فإنّها تنفرد عن الرّجال مطلقا. والنّفساء كالحائض على الأقرب لمساواتها لها في جميع الأحكام ، إلاّ ما استثني.

قوله : ( يستحبّ إعلام المؤمنين بموت المؤمن ليتوفروا على تشييعه ).

روي عن النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انّه قال : « لا يموت منكم أحد إلا آذنتموني » (٥) ، وعن الصّادق عليه‌السلام : « ينبغي لأولياء الميّت منكم أن يؤذنوا إخوان الميّت ، يشهدون جنازته ، ويصلّون عليه ، ويستغفرون له ، فيكتب لهم الأجر ، وللميّت الاستغفار ، ويكتسب هو الأجر فيهم وفيما اكتسب له من الاستغفار » (٦).

وهذا الاعلام كيف اتفق لا كلام في استحبابه ، انّما الكلام في النداء ، قال‌

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٢٠٦ حديث ٤٨٨ ، الاستبصار ١ : ٤٢٧ حديث ١٦٤٨.

(٢) الكافي ٣ : ١٧٦ حديث ١ ، الفقيه ١ : ١٠٣ حديث ٤٧٧.

(٣) الكافي ٣ : ١٧٩ حديث ٤ ، الفقيه ١ : ١٠٧ حديث ٤٩٦ ، التهذيب ٣ : ٢٠٤ حديث ٤٧٩ مع اختلاف يسير في الجميع.

(٤) منهم : الشيخ في المبسوط ١ : ١٨٤ ، وابن إدريس في السرائر : ٨١.

(٥) مسند أحمد ٤ : ٣٨٨.

(٦) الكافي ٣ : ١٦٦ حديث ١ ، التهذيب ١ : ٤٥٢ حديث ١٤٧٠.

٤١٤

ومشي المشيع خلف الجنازة أو الى أحد جانبيها ، وتربيعها ، والبدأة بمقدم السرير الأيمن ، ثم يدور من ورائها إلى‌ الأيسر ،

______________________________________________________

الشّيخ في الخلاف : لا أعرف فيه نصّا (١) ، وفي المعتبر (٢) والتذكرة (٣) لا بأس به ، وهو الوجه لما فيه من الفوائد ، وانتفاء المنع الشرعيّ.

قوله : ( ومشي المشيّع خلف الجنازة أو إلى أحد جانبيها ).

روى إسحاق بن عمّار ، عن الصّادق عليه‌السلام : « أول ما يتحف به في قبره أن يغفر لمن شيع جنازته » (٤) ، وعن الباقر عليه‌السلام : « من مشى مع جنازة حتّى يصلّى عليها ، ثم رجع كان له قيراط ، فإذا مشى معها حتّى تدفن فله قيراطان ، والقيراط : مثل جبل (٥) أحد ».

قال في القاموس الجنازة بالكسر : الميّت ، وبالفتح : السّرير أو عكسه ، أو بالكسر السّرير مع الميّت (٦) ، وفي الصّحاح : الجنازة واحدة الجنائز ، والعامة تقول الجنازة بالفتح ، والمعنى الميّت على السّرير ، فإذا لم يكن عليه ميّت فهو سرير ونعش (٧).

ويستحبّ أن يكون مشي المشيع خلف الجنازة ، أو الى أحد جانبيها لا أمامها ، بإجماع علمائنا ، روى العامّة عن علي عليه‌السلام انّه سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : « ان فضل الماشي خلفها على الماشي أمامها كفضل المكتوبة على التطوع » (٨).

قوله : ( وتربيعها والبدأة بمقدم السّرير الأيمن ، ثم يدور من ورائها إلى الأيسر ).

__________________

(١) الخلاف ١ : ١٧١ مسألة ٩٦ كتاب الجنائز.

(٢) المعتبر ١ : ٢٦٢.

(٣) التذكرة ١ : ٣٨.

(٤) الفقيه ١ : ٩٩ حديث ٤٦٠ وفيه : ( المؤمن في قبره ... ) ، الكافي ٣ : ١٧٣ حديث ، التهذيب ١ : ٤٥٥ حديث ١٤٨٢ وليس فيهما ( في قبره أن ).

(٥) زيادة من « ح » وهي مطابقة لما في الكافي ٣ : ١٧٣ حديث ٥ ، التهذيب ١ : ٤٥٥ حديث ١٤٨٥ ، وفي الفقيه ١ : ٩٩ حديث ٤٥٥ من دونها.

(٦) القاموس ٢ : ١٧٠ مادة ( جنز ).

(٧) الصحاح ٣ : ٨٧٠ مادة ( جنز ).

(٨) دعائم الإسلام ١ : ٢٣٤.

٤١٥

وقول المشاهد للجنازة : الحمد لله الذي لم يجعلني من السواد المخترم

______________________________________________________

التّربيع : حمل الجنازة من جوانبها الأربعة بأربعة رجال ، وهو أولى من الحمل بين العمودين عند جميع علمائنا ، عن الباقر عليه‌السلام : « السّنة أن يحمل السّرير من جوانبه الأربعة ، وما كان بعد ذلك من حمل فهو تطوّع » (١).

وأفضله التّناوب ليشترك الجميع في الأجر ، ولقول الصّادق عليه‌السلام لإسحاق بن عمّار : « إذا حملت جوانب سرير الميّت خرجت من الذّنوب كما ولدتك أمّك » (٢) وأفضله أن يكون على الهيئة الّتي ذكرها المصنّف ، وهي البدأة بمقدم السّرير الأيمن عند رأس الميّت ، ثم يحمل من عند رجليه ، ثم يدور من ورائها إلى الأيسر من عند رجليه ، ثم من عند رأسه دور الرحى ، رواه العلاء عن الصّادق عليه‌السلام (٣) ، والفضل بن يونس عن الكاظم عليه‌السلام (٤).

وقال الشّيخ في الخلاف : يبدأ بيسرة الجنازة ، ويأخذها بيمينه ، ويتركها على عاتقه ويمشي إلى رجليها ، ويدور دور الرحى ، إلى أن يرجع إلى يمنة الجنازة فيأخذ ميامن الجنازة بمياسره ، واستدلّ على ذلك بإجماع الفرقة (٥) ، مع أنّه قال في النّهاية (٦) والمبسوط بالأوّل (٧) ، وهو الأصحّ.

قوله : ( وقول المشاهد للجنازة : الحمد لله الّذي لم يجعلني من السّواد المخترم ).

روي قول ذلك عن علي بن الحسين عليه‌السلام (٨) ، وعن الباقر عليه‌السلام (٩) ، والسّواد : الشّخص ، ومن النّاس عامّتهم ، كذا قال في القاموس (١٠)

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٦٨ حديث ٢ ، التهذيب ١ : ٤٥٣ حديث ١٤٧٦.

(٢) الفقيه ١ : ١٠٠ حديث ٤٦٣.

(٣) الكافي ٣ : ١٦٩ حديث ٤ ، التهذيب ١ : ٤٥٣ حديث ١٤٧٤ ، الاستبصار ١ : ٢١٦ حديث ٧٦٣.

(٤) الكافي ٣ : ١٦٨ حديث ٣ ، التهذيب ١ : ٤٥٢ حديث ١٤٧٣ وفيه عن المفضل.

(٥) الخلاف ١ : ١٦٨ مسألة ٦٦ كتاب الجنائز.

(٦) النهاية : ٣٧.

(٧) المبسوط ١ : ١٨٣.

(٨) الكافي ٣ : ١٦٧ حديث ١ ، التهذيب ١ : ٤٥٢ حديث ١٤٧٢.

(٩) الكافي ٣ : ١٦٧ حديث ٢.

(١٠) القاموس ١ : ٣٠٤ ( سود ).

٤١٦

وطهارة المصلّي.

ويجوز التيمم مع الماء ،

______________________________________________________

ويجوز الحمل على كلّ منهما على إرادة الجنس في الأوّل ، والمخترم ـ بالخاء المعجمة والراء ـ : الهالك ، والمعنى : الحمد لله الّذي لم يجعلني من الهالكين.

ولا تنافي بين هذا وبين حبّ لقاء الله ، لأن المراد بذلك حال الاحتضار ، لما ورد عن النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انّه قال : « من أحبّ لقاء الله أحب الله لقاءه ، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه » فقيل له صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنا لنكره الموت ، فقال : « ليس ذلك ، ولكن المؤمن إذا حضره الموت بشر برضوان الله وكرامته ، فليس شي‌ء أحبّ إليه ممّا أمامه ، فأحب لقاء الله وأحبّ الله لقاءه ، وإن الكافر إذا حضر بشر بعذاب الله ، فليس شي‌ء أكره إليه ممّا أمامه كره لقاء الله ، فكره الله لقاءه » (١) ، وبقية عمر المؤمن نفيسة لا ثمن لها ، كما في بعض الأخبار.

ويمكن أن يقال : حب لقاء الله لا تنافيه كراهة الموت بوجه ، لأن حبّ لقائه سبحانه يقتضي كمال الاستعداد

له ، وإنّما يكون ذلك بالبقاء في دار التّكليف ، وأيضا فإنّ حب لقائه سبحانه لا تنافيه كراهة ما أمامه من الشّدائد والأهوال ، فحمد الله على البقاء من جهة أنّه متضمّن للخلاص من تلك الشّدائد.

قوله : ( وطهارة المصلي ويجوز التيمّم مع الماء ).

لا تشترط طهارة المصلّي من الحدث إجماعا ، فيصح من الجنب والحائض ، والطّهارة أفضل قطعا ، ويجوز التيمّم مع وجود الماء على أصح القولين (٢) ، وان لم يخف الفوات ، لرواية ضعيفة تعضدها الشّهرة (٣) ، ويستحب لكل من الجنب والحائض كغيرهما ، والظاهر انّه لا بدلية في هذا التيمّم لشرعيته مع إمكان المائية.

وهل تشترط الطّهارة من الخبث؟ تردد فيه في الذّكرى قال : ولم أقف في هذا‌

__________________

(١) صحيح البخاري ٨ : ١٣٢ ، صحيح مسلم ٤ : ٢٠٦٥ حديث ٢٦٨٤ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٤٢٥ حديث ٤٢٦٤ ، سنن النسائي ٤ : ٩ ، مسند أحمد ٢ : ٤٢٠ ورد فيه صدر الحديث.

(٢) قال بالجواز مطلقا المفيد في المقنعة : ٣٨ ، والشيخ في الخلاف ١ : ١٦٩ مسألة ٨٠ كتاب الجنائز ، والمحقق في الشرائع ١ : ٥٠ ، وقيد الشيخ الجواز بخوف الفوت كما في التهذيب ٣ : ٢٠٣.

(٣) الكافي ٣ : ١٧٨ حديث ٥ ، الفقيه ١ : ١٠٧ ذيل حديث ٤٩٥ ، التهذيب ٣ : ٢٠٣ حديث ٤٧٧.

٤١٧

ويجب تقديم الغسل والتكفين على الصلاة ، فان لم يكن له كفن طرح في القبر ثم صلّي عليه بعد تغسيله وستر عورته ودفنه ، ثم يقف الإمام وراء الجنازة مستقبل القبلة ،

______________________________________________________

على نص ولا فتوى (١).

قلت : تجويز الصّلاة للحائض من غير تقييد ، مع عدم انفكاكها عن دم الحيض غالبا ، يقتضي عدم الاشتراط ، وتعليل الصّادق عليه‌السلام ذلك بأنّه لا ركوع فيها ولا سجود يدلّ عليه (٢) ولعلّ عدم الاشتراط أظهر.

قوله : ( ويجب تقديم الغسل والتكفين على الصّلاة ).

لا يخفى أنّ هذا حيث تجب الثلاثة ، ولو أخل بالترتيب عامدا أعاد ما يحصل معه قطعا ، وناسيا فيه تردد ، وجاهل الحكم عامد.

قوله : ( فان لم يكن له كفن طرح في القبر ، ثم صلّي عليه بعد تغسيله وستر عورته ، ودفن ).

هذا إذا لم يكن ستره بنحو ثوب والصّلاة عليه خارجا ، فإن أمكن وجب مقدّما على الدّفن ، ولا يرد ما قيل : من أنّ قوله : ( ودفن ) لا فائدة فيه ، لأن فائدته الإيذان بوجوب تقديم ذلك على الدّفن أيضا ، لما رواه عمّار عن الصّادق عليه‌السلام في ميت وجده قوم عريانا لفظه البحر وليس معهم فضل ثوب يكفنونه به قال : « يحفر له ، ويوضع في لحده ، وتستر عورته باللبن والحجر ، ثم يصلّى عليه ، ثم يدفن » (٣) ، ومقتضى إطلاق الأمر بالستر وجوبه ، وإن لم يكن ثم ناظر ، وتباعد المصلّي بحيث لا يرى.

قوله : ( ثم يقف الامام وراء الجنازة ).

لا ريب أنّه لا يصحّ أن يقف قدام الجنازة ، ولا أن يجعلها عن أحد جانبيه ، بل قدامه ، تأسيا بالنّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والأئمة عليهم‌السلام ، لكن هل يشترط أن يكون محاذيا لها بحيث يكون قدام موقفه ، حتّى لو وقف وراءها باعتبار السمت ، ولم‌

__________________

(١) الذكرى : ٦١.

(٢) الكافي ٣ : ١٧٩ حديث ٥ ، التهذيب ٣ : ٢٠٤ حديث ٤٨٠.

(٣) الكافي ٣ : ٢١٤ حديث ٤ ، الفقيه ١ : ١٠٤ حديث ٤٨٢ ، التهذيب ٣ : ٣٢٧ حديث ١٠٢٢.

٤١٨

ورأس الميت على يمينه ، غير متباعد عنها كثيرا وجوبا في الجميع.

ويستحب وقوفه عند وسط الرجل وصدر المرأة ،

______________________________________________________

يكن محاذيا لها ، ولا لشي‌ء منها لم يصح؟

لا أعلم الآن تصريحا لأحد من معتبري المتقدّمين بنفي ولا إثبات ، وإن صرّح بالاشتراط بعض المتأخّرين (١) ، فإن قلنا به ، فاشتراطه بالنّسبة إلى غير المأموم ، لأن جانبي الصّف يخرجان عن المحاذاة.

قوله : ( ورأس الميّت عن يمينه ).

ويجب مع ذلك أن يكون مستلقيا ، بحيث لو اضطجع على يمينه لكان بإزاء القبلة للتّأسي ، ولأمر الصّادق عليه‌السلام بإعادة الصّلاة على من بان مقلوبا بعد الفراغ منها رجلاه الى موضع رأسه ، ما لم يدفن (٢).

قوله : ( غير متباعد عنها كثيرا وجوبا في الجميع ).

لا تحديد لهذا التباعد سوى ما يقتضيه العرف ، وفي الذّكرى لا يجوز التباعد بمائتي ذراع (٣) ، والحق أن المرجع ما قلناه. وكذا القول في الارتفاع والانخفاض.

ويستحب أن يكون بين الامام والجنازة شي‌ء يسير ، ذكره الأصحاب (٤).

قوله : ( ويستحب وقوفه عند وسط الرّجل ، وصدر المرأة ).

لقول الصّادق عليه‌السلام : « قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : من صلّى على امرأة فلا يقم في وسطها ، ويكون ممّا يلي صدرها ، وإذا صلّى على الرّجل فليقم في وسطه » (٥) ، ولأنّه أبعد عن محارمها. وقال الشّيخ في الخلاف : السّنة أن يقف عند رأس الرّجل وصدر المرأة (٦) ، والمشهور الأوّل. ولا يبعد أن يقال : إن الخنثى كالمرأة تباعدا عن موضع الشّهوة.

__________________

(١) منهم : المحقق في الشرائع ١ : ١٠٦ ، والعلامة في التحرير ١ : ١٩ ، والشهيد في البيان : ٣٠.

(٢) الكافي ٣ : ١٧٤ حديث ٢ ، التهذيب ٣ : ٣٢٢ حديث ١٠٠٤.

(٣) الذكرى : ٦١.

(٤) منهم : الشيخ في المبسوط ١ : ١٨٤ ، وابن البراج في المهذب ١ : ١٣٠ ، وابن إدريس في السرائر : ٨١.

(٥) الكافي ٣ : ١٧٦ حديث ١ ، التهذيب ٣ : ١٩٠ حديث ٤٣٣.

(٦) الخلاف ١ : ١٧١ مسألة ٩٧ كتاب الجنائز.

٤١٩

وجعل الرجل مما يلي الامام ان اتفقا ، يحاذي بصدرها وسطه ، فان كان عبدا وسّط بينهما ، فان جامعهم خنثى أخرت عن المرأة ، فإن كان معهم صبي له أقل من ست أخر الى ما يلي القبلة وإلاّ جعل بعد الرجل ،

______________________________________________________

قوله : ( يحاذي بصدرها وسطه ).

ليقف الامام موقف الفضيلة من كلّ منهما.

قوله : ( فان كان عبدا وسّط بينهما ).

مرجع الضّمير الّذي في ( كان ) المعدود اسما لها ليكون ( عبدا ) هو الخبر ، لا يخلو من خفاء وتكلف ، تقديره : فان كان الحاضر معهما عبدا إلى آخره ، ولو رفعه على أن كان تامّة ، أو محذوفة الخبر لكان أولى.

قوله : ( فان جامعهم خنثى أخرت عن المرأة ).

هذا لا يستقيم ، بل يستحبّ تقديمها على المرأة ، وبه صرّح المصنّف في التّذكرة (١) وغيرها (٢) ، ويمكن حمل التّأخير هنا على التّأخير إلى جهة الامام ، وهو بعيد.

قوله : ( فان كان معهم صبي له أقل من ست أخّر الى ما يلي القبلة ).

هذا هو الأشهر ، لأن الصّلاة عليه مستحبّة ، ومراعاة الواجب أولى ، وأطلق ابنا بابويه تقديم الصّبي إلى الامام (٣) ، وتشهد له رواية عمّار بن ياسر (٤) ، ومرسلة ابن بكير (٥) وأطلق في النّهاية تأخيره (٦) ، والفتوى على الأوّل.

قوله : ( وإلاّ جعل بعد الرّجل ).

معناه وإن لم يكن له أقل من ست ، بأن كان له أكثر جعل بعد الرّجل وقبل المرأة.

__________________

(١) التذكرة ١ : ٥٠.

(٢) المنتهى ١ : ٤٥٧.

(٣) ذكره السيد العاملي في مفتاح الكرامة ١ : ٤٧٥.

(٤) سنن ابي داود ٣ : ٢٠٨ حديث ٣١٩٣ ( وفيه : عن عمار مولى الحرث بن نوفل ) ، سنن النسائي ٤ : ٧١ ( وفيه : عن عمار ).

(٥) الكافي ٣ : ١٧٥ حديث ٥ ، التهذيب ٣ : ٣٢٣ حديث ١٠٠٧ ، الاستبصار ١ : ٤٧٢ حديث ١٨٢٤.

(٦) النهاية : ١٤٤.

٤٢٠